الحركة الطلابية PDF
À propos / Télécharger Lire le document
Nom original: الحركة الطلابية.pdf
Ce fichier au format PDF 1.5 a été envoyé sur Fichier-PDF le 31/12/2016 à 10:34, depuis l'adresse IP 197.1.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 2124 fois.
Taille du document: 181 Ko (36 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
د.ﻋﺻﻣت ﺳﯾف اﻟدوﻟﺔ .
اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ .
دراﺳﺔ ﻓﻛرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﺑﻣﻧﺎﺳﺑﺔ ﯾوم اﻟطﻼب اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ .
ﻣﺟﻠﺔ اﻟﺷورى ـ اﻟﻌدد اﻷول . 1974
اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓرﺿت ذاﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾد اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻣﻧذ
ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺣرب اﻷوروﺑﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ..ﻟم ﯾﻌد أﺣد ﯾﺳﺗطﯾﻊ إﻧﻛﺎر وﺟودھﺎ
ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ..اﻻ أن اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺑوﺟودھﺎ ،أي اﻻﻋﺗراف ﺑﺎﻟﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ ،ﻟم ﯾﻛن ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻣطﺎف ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ ﻣﺎ ﺗﺛﯾره ﻣن أﺳﺋﻠﺔ وﻣﺎ
ﺗﺳﺗدﻋﯾﮫ ﻣن أﺟوﺑﺔ ..ﻛﺎن اﻻﻋﺗراف ﺑﮭﺎ ﺑداﯾﺔ ﻟﻣواﺟﮭﺔ ﺗﻠك اﻷﺳﺋﻠﺔ
ﻣواﺟﮭﺔ ﺟدﯾﺔ ،وﻣﺣﺎوﻟﺔ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ إﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ..وﻣن اﻟطﺑﯾﻌﻲ
أن ﯾﻛون اﺗﺳﺎع ﻧطﺎق اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطرﺣﮭﺎ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﻋﻣق
اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻛﺎن ﻣواﻛﺑﺎ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺎ ﻟﻠﻧﻣو اﻟﻣطرد ﻟﻠﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﻋﻣق
ﺗﺄﺛﯾرھﺎ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .وﻟﻘد ﺗﻧﺎﻣت اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم
ﺣﺗﻰ ﻛﺎدت أن ﺗﺗﺣول اﻟﻰ ظﺎھرة ﺛورﯾﺔ ﻓﺄﺻﺑﺣت اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطرﺣﮭﺎ
ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻛر واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ھﻲ ذات اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطرﺣﮭﺎ اﻟﺣرﻛﺎت اﻟﺛورﯾﺔ .
ﻣن أي ﻣﻧطﻠق اﻟﻰ أي ﻏﺎﯾﺔ ،وﻣن ھﻲ ﻗوى اﻟﺛورة ،ﻣن ھﻲ اﻟﻘوى
اﻟﻣﺿﺎدة ...اﻟﻌﻧف أو اﻟﺣوار اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ ؟.
1ـ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ اﻧﺗﺻﺎر ﻟﻼﻧﺳﺎن ﺿد اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ :
وﺗﻠك أﺳﺋﻠﺔ ﻻ ﺗﺟﯾب ﻋﻠﯾﮭﺎ اﺟﺗﮭﺎدات ﻓردﯾﺔ ،ﺑل اﻟﻣرﺟﻊ ﻓﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ
ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﻰ اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﺗﻌﻛس اﻟﻧﺿﺎل اﻟﺟﻣﺎھﯾري ،وﺗﻘود ﺧطﺎ
اﻟﻣﻧﺎﺿﻠﯾن ﻓﯾﮫ ..وھﻛذا ﻓرﺿت اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻛل اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎت
اﻟﻣﻌﺎﺻرة أن ﺗﻔرد ﻟﮭﺎ ﻣﻛﺎﻧﺎ ﻓﯾﮭﺎ ﻟﺗﺣدد ﻣوﻗﻔﮭﺎ ﻣن ظﺎھرة ﻧﺎﻣﯾﺔ
وﻣﺗطورة ﺛورﯾﺎ ..
وﻓﻲ داﺧل اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ذاﺗﮭﺎ ،ﺗﺗردد أﺳﺋﻠﺔ ﻣﺷﺎﺑﮭﺔ ﯾدور ﺣوﻟﮭﺎ
ﺣوار ﻋﻧﯾف ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن اﻟطﻼب أﻧﻔﺳﮭم ،ﻛﻧوع ﻣن اﻟﺟدل اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟذي
ﯾﺳﺗﮭدف اﺳﺗﻛﻣﺎل وﺗوﺣﯾد وﻋﻲ اﻟطﻼب ﻋﻠﻰ ﺣﻘﯾﻘﺔ ﺣرﻛﺗﮭم ،وأﺑﻌﺎدھﺎ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻋﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑﻐﯾرھﺎ ﻣن اﻟﺣرﻛﺎت اﻟﺟﻣﺎھﯾرﯾﺔ ..وﻣن ﺧﻼل
اﻟﺣوار اﻟﻔﻛري واﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﺗﺟﮫ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﺑﻣﻌدل
ﺳرﻋﺔ ﻣﺗزاﯾد اﻟﻰ ﻗﻣﺔ ﻧﺿﺟﮭﺎ ،أي اﻟﻰ ان ﺗﻛون ﻣﻔﮭوﻣﺔ ﻓﮭﻣﺎ ﺻﺣﯾﺣﺎ
ﻣن داﺧﻠﮭﺎ وﻣن ﺧﺎرﺟﮭﺎ ..وﻻ ﯾﺗم ھذا اﻟﻧﺿﺞ ﺑدون ﺻراع ..ﻓﺎﻟﺟدﯾد
ﯾﻧﺑت داﺋﻣﺎ ﻣن ﻗﻠب اﻟﻘدﯾم ..وﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﺣﺎول اﻟﻘدﯾم أن ﯾﻣد ﻓﻲ ﻋﻣره
ﺑﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺟدﯾد اﻟﻧﺎﺷﺊ ،ﯾﺣﺎول اﻟﺟدﯾد دﻓن رﻛﺎم اﻟﻘدﯾم وﻛﺳر ﻗﯾوده
ﻟﯾﻧﻣو ﻧﻣوا ﺣرا ﺑدون ﻋﺎﺋق ..
وﻟﻘد ﻧﺷﺄت اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﻓرﺿت وﺟودھﺎ وأﺛﺎرت أﺳﺋﻠﺗﮭﺎ ﻓﻲ
ﻋﺻر ﻛﺎد ﯾﺻل اﻟﻰ ﺣد اﻟرﻛود اﻟﻔﻛري ..ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﺗﺻل اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻰ ﺣد
اﻟﺗﺳﻠﯾم اﻟﻐﺑﻲ ﺑﺻﺣﺗﮭﺎ ،ﻻ ﺗﺛﯾر ﺑﯾن اﻟﻧﺎس ﺗﻠك اﻟﻣﻌﺎرك اﻟﺧﻼﻗﺔ اﻟﺗﻲ
ﺗﺳﮭم ﻓﻲ ﺗﺣرﯾك طﺎﻗﺔ اﻟﺗﻘدم ..ﻛذﻟك ﻧﺷﺄت اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻟﺗواﺟﮫ
ﻣﺟﺗﻣﻌﺎ إﻧﺳﺎﻧﯾﺎ ﯾﺟﺗر أﻓﻛﺎر اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر وﻣﺎ ﻗﺑﻠﮫ ﻣن اﻟﻘرون ،
وﯾﻛﺎد ﯾﺳﻠم ﺑﺄن طﺎﻗﺔ اﻟﻔﻛر اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻗد ﺗوﻗﻔت ﻋن اﻹﺑداع ،وﻟم ﯾﻌد
أﻣﺎﻣﮫ إﻻ أن ﯾﺧﺗﺎر ﺑﯾن ﻣﺎ ھو ﻣوروث ﻣن اﻟﺳﻠف اﻟﻌﺑﻘري " ،إﻣﺎ أن
ﺗﻛون ﻣﺛﺎﻟﯾﺎ وإﻣﺎ أن ﺗﻛون ﻣﺎدﯾﺎ " .
ذﻟك ھو ﺷﻌﺎر اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن اﻟذي ﯾرﻣز اﻟﻰ ﺗرﻛﺗﮫ اﻟﻐﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ورﺛﮭﺎ
ﻋﻣن ﺳﺑﻘﮫ ،وھو ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﮫ ﻋﻼﻣﺔ إﻓﻼﺳﮫ وﻋﻘﻣﮫ اﻟﻔﻛري ..وﻟﻘد
ﻧﺷﺄت اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﻣﺎ ﯾزال اﻟﺷﻌﺎر ﻣرﻓوﻋﺎ ﻛﺄﻧﮫ ﻧﺻب ﺗذﻛﺎري
ﻟﻣﺗوﻓﻰ ﻋزﯾز ،وﻣﺗرددا ﺑﺑﻐﺎوﯾﺎ اﻟﻰ ﺣد ﯾﺛﯾر اﻟﻣﻠل ..وﻋﻧدﻣﺎ رﻓﺿت
اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ أن ﺗﺧﺗﺎر أﺳﻣوھﺎ ﺣرﻛﺔ راﻓﺿﺔ وأداﻧﮭﺎ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾون ﻛﻣﺎ
أداﻧﮭﺎ اﻟﻣﺎدﯾون ..أداﻧﮭﺎ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾون ﻷﻧﮭﺎ رﻓﺿت اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﻣﻊ اﻧﮭﺎ رﻓﺿت
اﻟﻣﺎدﯾﺔ أﯾﺿﺎ ،واﺗﮭم ﻛل ﻣﻧﮭﻣﺎ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﺑﻣﺎ ھو ﻣن ﻣﺻﺎدر
ﻗوﺗﮭﺎ ،وﻧﻌﻧﻲ ﺑﮫ " اﻟﺷﺑﺎﺑﯾﺔ " ..
وﺗﺟﺎھل اﻟطرﻓﺎن ﻋﺎﻣدﯾن أن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ،ﻣن ﺣﯾث ھﻲ ﻗوة
راﻓﺿﺔ ،ﻻ ﺗﻘف ﻣوﻗﻔﺎ ﺳﻠﺑﯾﺎ ﻣن اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطرﺣﮭﺎ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ
واﻟﻣﺎدﯾﺔ ،وﻟﻛﻧﮭﺎ ﺗﺗﺣدى اﻟﻘﮭر اﻟﻔﻛري وﺗرﻓض أن ﺗﻣﻠﻰ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﻘوﻻت
ﻧﮭﺎﺋﯾﺔ ..إﻧﮭﺎ ﻻ ﺗرﻓض اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺑﻛل ﻣﺎ ﺗﺗﺿﻣﻧﮫ
ﺗﻠك اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻣن ﺗراث ﻓﻛري وﺧﺑرات ﻣﺗراﻛﻣﺔ ،إﻧﻣﺎ ﺗرﻓض اﻟﻧزوع
اﻟﺗﻘﻠﯾدي اﻟﻰ ﻓرض اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل .ﺗرﻓض ﻗدﺳﯾﺔ ﻋﺗﯾﻘﺔ
أﻓﺿﺗﮭﺎ ﻣرﺣﻠﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﻣﺎذج ﺑﺷرﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﻓﻲ أﯾﺎﻣﮭﺎ
ﻣﻣﺗﺎزة ﻣﺛل :ﻓوﻟﺗﯾر وروﺳو وﻣﺎرﻛس واﻧﺟﻠز ..
إﻧﮭﺎ إذ ﺗرﻓض أن ﺗﺧﺗﺎر ﺑﯾن اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ،إﻧﻣﺎ ﺗرﻓض ﺣﺻر
اﺧﺗﯾﺎرھﺎ ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ وﻣﺎ ﯾﻣﺛﻠﮫ ھذا اﻟﺣﺻر ﻣن ﺟﺑرﯾﺔ ﻓﻛرﯾﺔ ﻣﺳﺗﺑدة ..
وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﺣرﻛﺔ ﺷﺑﺎﺑﯾﺔ ﻓﺎن ﻧﻘطﺔ اﻧطﻼﻗﮭﺎ اﻟﻔﻛري
واﻟﺣرﻛﻲ ھﻲ اﺣﺗﯾﺎﺟﺎت اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ،ﺗرﯾد أن ﺗﺣل ﻣﺷﻛﻼﺗﮫ ﻣﺳﺗﻌﯾﻧﺔ
ﺑﺧﺑرة اﻟﻣﺎﺿﻲ .
ھذا ﻣﻔﮭوم ﻛﻣوﻗف ﺻﺣﯾﺢ ،ﻷن اﻟﺷﺑﺎب ھم أﺻﺣﺎب اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ،
اﻟﻣﺳؤوﻟون ﻋن ﺣل ﻣﺷﻛﻼﺗﮫ اﻟﻣﺗوﻗﻌﺔ ..وھو اﺧﺗﯾﺎر ﺳﻠﯾم ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻷن
اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ھو اﻟﻣﺟﺎل اﻟﻣﻔﺗوح ﻟﻺﺑداع اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ .أﻣﺎ اﻟﻣﺎﺿﻲ ،وﻣﺎ ھو
واﻗﻊ ﻓﻌﻼ ،ﻓﻐﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻺﻟﻐﺎء .اﺗﺳﺎﻗﺎ ﻣﻊ ھذا اﻟﻣوﻗف ﻛﺎن ﻻ ﺑد ﻟﻠﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ أن ﺗرﻓض ﻣﺣﺎوﻻت ﻓرض اﻟﻣﺎﺿﻲ وﺧﺑراﺗﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل
وﺗﺣوﯾﻠﮫ إﻟﻰ اﻣﺗداد ﻓﻌﻠﻲ ﻣﺗﻛرر ﻟﻠﺧﺑرات اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ،ﯾﺧﺿﻊ ﻟذات
اﻟﻣﻧطﻠﻘﺎت وﯾﺳﺗﮭدف ذات اﻟﻐﺎﯾﺎت وﯾﻠﺗزم ذات اﻷﺳﺎﻟﯾب اﻟﺗﻲ ﺟرﺑﮭﺎ
اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾون .واﻟواﻗﻊ أن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛﺎﻧت أﻣﺎم ﺧﯾﺎر ﺣﻘﯾﻘﻲ ﻛﺎﻣن
وراء ﻣﺎ ھو ﻣﻌروض ﻋﻠﯾﮭﺎ ..اﻹﺣراج اﻟﺻوري اﻟذي ﯾﻘول " :إﻣﺎ أن
ﺗﻛون ﻣﺎدﯾﺎ أو ﺗﻛون ﻣﺛﺎﻟﯾﺎ " ﯾﺧﻔﻲ وراءه " :إﻣﺎ أن ﺗﺧﺗﺎر اﻟﻘﯾود أو
اﻟﺣرﯾﺔ " ..وﻗد اﺧﺗﺎرت اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ اﻟﺣرﯾﺔ ﺑرﻓض اﻟﻌﺑودﯾﺔ
اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﻣﻘوﻻت ﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﻛﺎﻧت ﯾوﻣﺎ ﺛورﯾﺔ وﯾراد ﻟﮭﺎ أن ﺗظل ﺛورﯾﺔ اﻟﻰ
اﻷﺑد ..ﻛﺄن اﻟﺧﻠود ﻣﻌﻘود ﻷي ﺷﻲء ﻓﻲ ھذا اﻟوﺟود ..واﻟﺧﻠود ﻛﻠﻣﺔ
ﻣﺗطور ،ﺣﺗﻰ اﻟﺑﺷر وأﻓﻛﺎرھم ..
ّ
ﻓﺎرﻏﺔ ،ﻓﻛل ﺷﻲء ﻣﺗﻐﯾر
ھذا اﻟﻣوﻗف اﻟطﻼﺑﻲ اﻟﺗﺣرري ھو أﯾﺿﺎ ﻣوﻗف ﺗﻘدﻣﻲ ﻷﻧﮫ ﻣﻧﺣﺎز اﻟﻰ
اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﺿد ﻣوﻗف رﺟﻌﻲ ﻣﻧﺣﺎز اﻟﻰ اﻟﻣﺎﺿﻲ ﻣﮭﻣﺎ رﻓﻊ ﻣن ﺷﻌﺎرات
ﺗﻘدﻣﯾﺔ ..وﻟﯾس ﻓﻲ ھذا اﻟﻣوﻗف اﻟطﻼﺑﻲ اﻟﺗﻘدﻣﻲ ﻣﺎ ﯾﺑرر ﺗﻠك اﻻﺗﮭﺎﻣﺎت
اﻟﺳﺧﯾﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺎول أن ﺗﻠﺻق ﺑﺎﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ إﻧﻛﺎر اﺗﺻﺎل ﺳﻠﺳﻠﺔ
اﻟﺗطور اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ..إذ أن ﻋدم ﻗﺑول إﺧﺿﺎع اﻟﺗطور اﻟﻣﻘﺑل ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ
اﻟﻣﺎﺿﯾﺔ ،ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﻋﻠﻰ أي وﺟﮫ إﻧﻛﺎر ﻗﯾﻣﺔ اﻟﺗﺟرﺑﺔ وﺿرورة اﻻﺳﺗﻔﺎدة
ﻣﻧﮭﺎ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ذاﺗﮫ .إن ھذا ﯾﻌرﻓﮫ ﺗﻣﺎﻣﺎ ،أو ﻻ ﺑد أن ﯾﻌرﻓﮫ ،
ﻛل اﻟذﯾن ﯾدﯾﻧون اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻣن ﻣﻧطﻠﻘﺎت ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ أو ﻣﺎدﯾﺔ ..ﻓﻘد
ﻛﺎﻧت ﺗﻠك اﻟﻣﻧطﻠﻘﺎت ﯾوﻣﺎ رﻓﺿﺎ ﻟﻣﺎ ﻗﺑﻠﮭﺎ دون أن ﺗﻛون ﻗطﻌﺎ ﻟﺳﻠﺳﻠﺔ
اﻟﺗطور اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ..ﻻ أﺣد ﯾﺑدأ ﻣن اﻟﺻﻔر ،وﻻ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ..
ﻟﻣﺎذا إذن ھذا اﻟﺗﺣﺎﻣل اﻟذي ﯾدﯾن ﺑﮫ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾون واﻟﻣﺎدﯾون ﺟﻣﯾﻌﺎ اﻟﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ ؟
ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون اﻟﺳﺑب ھو ﺟﮭل اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﯾن واﻟﻣﺎدﯾﯾن ﻣﺎ ﺗﻣﺛﻠﮫ اﻟﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻣن دﻓﻊ ﺗﻘدﻣﻲ ،ﻷﻧﮭم ﺣﺗﻰ ﻣن ﺗﺎرﯾﺦ ﻓﻠﺳﻔﺎﺗﮭم ،ﯾﻌرﻓون أن
ﺗﺟﻣﯾد اﻟواﻗﻊ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو إﺿﻔﺎء اﻟﻘدﺳﯾﺔ ﻋﻠﯾﮫ ھو ﻣوﻗف رﺟﻌﻲ
ﻣﺣﺎﻓظ ..أﻟم ﯾﺑدأ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾون ﺑرﻓض اﻟﻔﻛر اﻟﻣﺎدي ؟ ..أﻟم ﯾﺑدأ اﻟﻣﺎدﯾون
ﺑرﻓض اﻟﻔﻛر اﻟﻣﺛﺎﻟﻲ ؟..أﻟم ﯾﺑدأ ﻛل ﻣﻧﮭم ﻣﺳﯾراﺗﮫ ﻓﻲ اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
ﺑرﻓض ﻣﺎ ﺻﺎﻏﮫ اﻵﺧر ﻣن ﻓﻠﺳﻔﺎت اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ؟..
وﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون اﻟﺳﺑب ھو ﺗﻠك اﻻﺗﮭﺎﻣﺎت اﻟﺳﺧﯾﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺎول أن
ﺗﻌﺑر ﻋن إﺷﻔﺎق زاﺋف وﻣﻧﺎﻓق ﻋﻠﻰ اﻟﺷﺑﺎب وﻣﺳﺗﻘﺑﻠﮭم ..ﺗﻠك اﻻﺗﮭﺎﻣﺎت
اﻟﺗﻲ ﺗﺗرﺻد ﻛل ﺗﻐﯾﯾر ﻓﻲ أزﯾﺎء اﻟﺷﺑﺎب وزﯾﻧﺗﮭم وأﺳﻠوﺑﮭم ﻓﻲ اﻟﻣﺧﺎطﺑﺔ
واﻟﺳﻠوك ،اﻟﺦ ..وﺗﺣﺗﺞ ﻋﻠﯾﮫ ﺑﻘﯾم ﯾراد ﻟﮭﺎ أن ﺗﻌﯾش أﻛﺛر ﻣﻣﺎ ﺗﺳﺗﺣق
اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ..ﻛﺄن اﻟذي ﯾطﻠق ﺷﻌره أﻗل رﺟوﻟﺔ ﻣن اﻟذي ﯾﺟﻠس ﺳﺎﻋﺎت
ﻟدى " اﻟﺣﻼق " ﯾﻘﺻﻘص ﺷﻌره وﯾﻣﺷطﮫ " وﯾﺳﺑﺳﺑﮫ " وﯾﻌطره
وﯾﺗﺄﻛد ﻣن " ﺟﻣﺎﻟﮫ " ﺑﻣرآة ﻣن أﻣﺎﻣﮫ وﻣرآة ﻣن ﺧﻠﻔﮫ ..أو ﻛﺄن
اﻟرﺟوﻟﺔ ﺷرف ﯾﻘﺎﺑل ﻋﺎر اﻷﻧوﺛﺔ ..وﯾﻘﺣﻣون اﻟدﯾن ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻧﺎﻓﻘون ﺑﮫ
أﻧﻔﺳﮭم وﯾﻧﺳون إن ﻣﺣﻣدا ) ﺻﻠﻌم ( أﻋظم اﻟﺛﺎﺋرﯾن ،ﻛﺎن ﯾطﻠق ﺷﻌره
وﯾﻔرﻗﮫ وﯾظﻔره أﯾﺿﺎ ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻔﻌل اﻟﻌرب ﻓﻲ أﯾﺎﻣﮫ ..وان اﻟﻣﺳﯾﺢ ﻛﺎن
ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﻗوﻣﮫ ..وأن اﻟﺛﺎﺋرﯾن ﺣﻘﺎ ﻣن أﻣﺛﺎل اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ وﺟﯾﻔﺎرا ﻻ ﯾﺑددون
طﺎﻗﺎﺗﮭم اﻧﺗﺑﺎھﺎ أو ﻋراﻛﺎ ﺣول ﻣﺎ ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗﻛون ﻋﻠﯾﮫ أزﯾﺎؤھم ،ﺑل
ﯾطوروﻧﮭﺎ ﺛورة ..
ﯾﻌﯾﺷون ﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﮭم وھم ّ
إن ﺗﻠك اﻻﺗﮭﺎﻣﺎت اﻟﺗﺎﻓﮭﺔ ھﻲ آﺧر ﻣﺣﺎوﻻت اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﯾن ﻹداﻧﺔ اﻟﺣرﻛﺔ
اﻟﺷﺑﺎﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ..وھﻲ ـ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﺎﻓﮭﺔ ـ ﺗﻛﺷف ﻋن ﻋﻣق اﻟﻣﺄزق اﻟذي
وﺿﻊ اﻟﺷﺑﺎب ﻓﯾﮫ أﺻﺣﺎﺑﮭﺎ ..وﺗﺷﯾر ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﮫ اﻟﻰ أن ﺛﻣﺔ أﺳﺑﺎﺑﺎ
أﻛﺛر ﺟدﯾﺔ ﯾﺣﺎول اﻟﻣﮭزوﻣون إﺧﻔﺎءھﺎ ..
واﻟواﻗﻊ أن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﺿﻌت اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﯾن واﻟﻣﺎدﯾﯾن ﻣﻌﺎ ﻓﻲ ﻣﺄزق
ﺣرج ..وﻋﻠﻰ ﻣﺣك اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﻔﺗت واﻧﻛﺷﻔت
إﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎت وﻧظرﯾﺎت ﻛﺎن أﺻﺣﺎﺑﮭﺎ ﯾظﻧون أﻧﮭﺎ أﻛﺛر ﺻﻼﺑﺔ ﻣن أي
ﺗﺟرﺑﺔ ..
ان " ﻣﺗﺎﺟر" اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎت اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻣﮭ ّددة ﺑﺎﻹﻓﻼس
ﺑﻔﻌل ﻣﻘﺎطﻌﺔ اﻟﺷﺑﺎب ﻟﻣﻧﺗﺟﺎﺗﮭﺎ اﻟﻌﺗﯾﻘﺔ ،واﻟﺗﺟﺎر ﯾﻧﺎﻓس ﺑﻌﺿﮭم ﺑﻌﺿﺎ
وﻟﻛﻧﮭم ﯾﻘﻔون ﺻﻔﺎ واﺣدا ﺿد ﻣﻘﺎطﻌﺔ اﻟﻣﺳﺗﮭﻠﻛﯾن ..
ھﻛذا ﯾﻘف اﻟﻣﺛﺎﻟﯾون واﻟﻣﺎدﯾون ﻣوﻗﻔﺎ ﻣﻌﺎدﯾﺎ واﺣدا ﺿد اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﻘود ـ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ـ ﺣرﻛﺔ رﻓض ﺑﺿﺎﻋﺗﮭم اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺔ
اﻟﺑﺎﺋرة ..
ھل ﺑﺎرت ھذه اﻻﯾدوﻟوﺟﯾﺎ ﻷن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺷﺑﺎﺑﯾﺔ ﺑﻘﯾﺎدة اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ
ﺗﻘﺎطﻌﮭﺎ ،أم أن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺷﺑﺎﺑﯾﺔ ﺑﻘﯾﺎدة اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﺗﻘﺎطﻌﮭﺎ ﻷﻧﮭﺎ
إﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎ ﺑﺎﺋرة ؟..
ھذا ھو اﻟﺳؤال ..ھل اﻟﺑوار اﻟﻔﻛري ﻣﺗﺣﻘق ﻣوﺿوﻋﯾﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﯾرﻓﺿﮫ
اﻟﺷﺑﺎب ،أم أن اﻟرﻓض ﻣوﻗف ذاﺗﻲ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﺷﺑﺎب ﻻ ﯾﺳﺗﻧد اﻟﻰ
ﻣﺑررات ﻣوﺿوﻋﯾﺔ ؟
اﻟﺳؤال ﺻﻌب وﻣﻌﻘد ﺑرﻏم ﺑﺳﺎطﺔ ﺻﯾﺎﻏﺗﮫ ..واﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﮫ إﺟﺎﺑﺔ
واﻓﯾﺔ أﻛﺛر ﺻﻌوﺑﺔ وﺗﻌﻘﯾدا ..وذﻟك ﻷﻧﮫ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻟﺑﺳﺎطﺔ اﻟظﺎھرة ﻓﻲ
اﻟﺳؤال ﻓﺎن أﯾﺔ إﺟﺎﺑﺔ واﻓﯾﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻻ ﺑد أن ﺗﺷﻣل اﻷﺳس اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ
واﻟﻘواﻧﯾن اﻟﻣﻧﮭﺟﯾﺔ واﻟﻣﺿﺎﻣﯾن اﻟﻧظرﯾﺔ واﻟﻣﻧﺟزات اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ﻟﻠﻣدارس
اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﻣﺗﻌددة ﺛم ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻛل ھذا ﺑﻣﺎ ﺗﻣﺛﻠﮫ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ
ﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﺣدة وﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻛﻠﮫ ..وھﻲ إﺟﺎﺑﺔ ﻻ
ﺗوﻓﻲ ﺑﮭﺎ إﻻ دراﺳﺎت ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺟﻠدات ﻋدﯾدة ..
ﻻ ﺑد إذن أن ﻧﺧﺗﺎر ﻣن ﺑﯾن ﻛل اﻷﺳﺋﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗطرﺣﮭﺎ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ
ﻋﻠﻰ اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎت اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ ﺳؤاﻻ واﺣدا ،ﻧطرﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﻧظرﯾﺔ
ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ واﺣدة ..ﺛم ﻋﻠﻰ ﻧظرﯾﺔ ﻣﺎدﯾﺔ واﺣدة ..ﻟﻧرى ﻛﯾف ﺗﺟﯾب ﻛل
واﺣدة ﻋﻠﯾﮫ ،وﻧﻛﺗﺷف ﻛم ھﻲ ﺑﺎﻟﯾﺔ ﺗﻠك اﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ ..
وﻟﻛﻲ ﻧﻘﻔل ﺑﺎب اﻟﻣﻐﺎﻟطﺎت اﻟذي ﯾﻔﺗﺣﮫ اﻟﺣوار ﺣول اﻟﻔرﻋﯾﺎت واﻟﺗﻔﺎﺻﯾل
ﻓﺈﻧﻧﺎ ﻧﺧﺗﺎر ﺳؤاﻻ أﺳﺎﺳﯾﺎ وﻧطرﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﻧظرﯾﺔ ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ أﺳﺎﺳﯾﺔ ﺛم ﻧطرﺣﮫ
ﻋﻠﻰ ﻧظرﯾﺔ ﻣﺎدﯾﺔ أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻧﻛﺷف أوﻻ ﻋن اﻟﺳﺑب اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻌداء
اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﯾن واﻟﻣﺎدﯾﯾن ﻟﻠﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ،وﻧﻌرف ﺛﺎﻧﯾﺎ اﻟﻌﯾب اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻓﻲ
اﻟﻣوﻗف اﻟﻣﺛﺎﻟﻲ واﻟﻣوﻗف اﻟﻣﺎدي ﻛﻠﯾﮭﻣﺎ ..
أﻣﺎ اﻟﺳؤال اﻟذي ﻧﺧﺗﺎره ﻓﮭو :ﻟﻣﺎذا اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ؟ ﻟﻣﺎذا وﺟدت
ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ؟
* أﻣﺎ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﻧطرح ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﺳؤال ﻓﮭﻲ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ .
* وأﻣﺎ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﻧطرﺣﮫ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﮭﻲ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ .
ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر ﻧرﯾد أن ﻧﻌرف ھل ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ أو اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ أن ﺗﻔﺳر
ظﺎھرة اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ..؟ ﻓﺈذا وﺟدﻧﺎ أن أﯾﺎ ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻋﺎﺟزة ﻋن ﻣﺟرد
ﻓﮭم ظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ ﻓﺳﻧﻌرف أن اﻟظﺎھرة ذاﺗﮭﺎ ﻗد
أﺻﺑﺣت دﻟﯾﻼ ظﺎھرا ﻋﻠﻰ ﻓﺷل ﻛل ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻓﻲ أن ﺗﻛون دﻟﯾﻼ ﻟﻔﮭم
اﻟظواھر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ..وان ھذا اﻟﻔﺷل اﻟذي ﯾﮭدد ﺑﻛﺷف إﻓﻼس
اﻟﻧظرﯾﺗﯾن ھو اﻟذي ﯾﺧﺷﺎه اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾون واﻟﻣﺎرﻛﺳﯾون ﻣﻌﺎ ،ﻓﯾدﯾﻧون
اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﯾﺣﺎوﻟون ﺗﺷوﯾﮫ ﺳﯾرﺗﮭﺎ أو إﯾﻘﺎﻓﮭﺎ ..إﻧﮭم ﻓﻲ ﻣوﻗف
دﻓﺎع ﻋن أﺑﻧﯾﺔ ﻓﻛرﯾﺔ ظﻠوا ﻋﺷرات اﻟﺳﻧﯾن ﯾﻘﯾﻣوﻧﮭﺎ وﯾﺷﯾدون
ﺑﺻﻼﺑﺗﮭﺎ ،وھﺎھم ﯾرون أﻧﮭﺎ ﻣﮭ ّددة ﺑﺄن ﺗﻧﮭﺎر ..
2ـ وﻟﻛن ﻣﺎھﻲ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ؟
إن اﻹﺟﺎﺑﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺳؤال ﻻزﻣﺔ ﻗﺑل أن ﻧدﺧل ﻓﻲ أي ﺣوار
ﺣول ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ،ذﻟك ﻷﻧﮫ ﯾﻠزم ﻟﻛل ﺣوار أن ﯾﺳﺗﻌﻣل ﻟﻐﺔ
ﻣﺣددة اﻟدﻻﻟﺔ ..وﻻ ﺟدوى ﻣن ﺣوار ﯾدور اﻟﺣدﯾث ﻓﯾﮫ ﻋن اﻟﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ ـ ﻣﺛﻼ ـ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﻛون ﻟﮭذا اﻻﺳم دﻻﻟﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ذھن ﻛل ﻣﺣﺎور
..ﺑل إﻧﮭﺎ إﺟﺎﺑﺔ ﻻزﻣﺔ أﯾﺿﺎ ﻟﻘطﻊ اﻟطرﯾق اﻟﻣؤدﯾﺔ اﻟﻰ اﻟﻣﻐﺎﻟطﺎت
اﻟﻔﻛرﯾﺔ ،ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺣدّ د ﻛل ﺻﺎﺣب ﻧظرﯾﺔ ﻣﺎھﯾﺔ اﻟظﺎھرة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻋﻠﻰ
اﻟوﺟﮫ اﻟذي ﯾﺳﻣﺢ ﻟﮫ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﺑﺄن ﯾﻧﻘدھﺎ ..وﺑﻌدﻣﺎ ﯾﻔرﺿﮭﺎ ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻛﻣﺎ
ﯾرﯾدھﺎ ﯾﻧﻘدھﺎ ﻛﯾﻔﻣﺎ ﯾرﯾد ..اﻧﮫ ﺗﻛﺗﯾك ﻓﻲ اﻟﺣوار ﯾﺗﻘﻧﮫ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾون
واﻟﻣﺎرﻛﺳﯾون ﺟﻣﯾﻌﺎ ..ﻓﺎﻟﻠﯾﺑراﻟﯾون ﻣﺛﻼ ﯾﺑدأون ﺑﺗﻌرﯾف اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ
ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻧظرﯾﺔ ﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ،وأﻧﮫ ﻻ ﺗوﺟد اﺷﺗراﻛﯾﺔ إﻻ ﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾون
..وﯾﺣﺗﺟون ـ ﻓﻲ ھذه اﻟﺟزﺋﯾﺔ ﻓﻘط ـ ﺑﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾون ﻣن ان
اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ھﻲ اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ اﻟوﺣﯾدة ..وﻻ ﯾﻛون ﻛل ھذا ﻣن
ﺟﺎﻧب اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﯾن ﺗﺳﻠﯾﻣﺎ ﺑﺻﺣﺔ ﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾون ،ﺑل ﺗﻣﮭﯾدا ﻟﻧﻘد
اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﺗﻧﻘد ﺑﮫ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ .
وإذ ﺑﺎﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ اﻟﺗﻲ ھﻲ أرﻗﻰ ﻧظﺎم ﻟﺗوظﯾف اﻟﻣوارد اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﺑﺷرﯾﺔ
ﻹﺷﺑﺎع اﻟﺣﺎﺟﺎت اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ اﻟﻣﺗزاﯾدة أﺑدا طﺑﻘﺎ ﻟﺧطﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ
ﺷﺎﻣﻠﺔ ..ﺗﺻﺑﺢ ﻋﻧد اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﯾن ﻣﺟرد ﻧظﺎم ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻹﻟﺣﺎد ﻣﺛﻼ .
ﻛذﻟك ﯾﻔﻌل اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾون ﺑﺎﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻣﺛﻼ آﺧر ..ﻓﺎﻟﻘوﻣﯾﺔ ﺣرﻛﺔ ﺑورﺟوازﯾﺔ
اﺧﺗرﻋﮭﺎ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾون ﻟﻠﺳﯾطرة ﻋﻠﻰ اﻟﺳوق اﻟﻘوﻣﻲ ..ﯾﺣﺗﺟون ـ ﻓﻲ
ھذه اﻟﺟزﺋﯾﺔ ﻓﻘط ـ ﺑﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾون ﻣن ﺿرورة اﻟوﺣدة اﻟﻘوﻣﯾﺔ ..
وﻻ ﯾﻛون ﻛل ھذا ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﯾن ﺗﺳﻠﯾﻣﺎ ﺑﺻﺣﺔ ﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ
اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾون ﺑل ﺗﻣﮭﯾدا ﻟﻧﻘد اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﺗﻧﻘد ﺑﮫ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ..
وإذ ﺑﺎﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ھﻲ اﻧﺗﻣﺎء اﻟﻰ أﻣﺔ ﯾﺣدد ﻟﻠﻣﻧﺗﻣﯾن اﻟﺳﺎﺣﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
اﻟواﻗﻌﯾﺔ ﻟﻧﺿﺎﻟﮭم ﻣن أﺟل اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ..ﺗﺻﺑﺢ ﻋﻧد اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﯾن ﺣرﻛﺔ
ﺑورﺟوازﯾﺔ ﻣﻧﺎھﺿﺔ ﻟﻼﺷﺗراﻛﯾﺔ ..وھﻛذا ﯾﻔﻌﻠون ﺟﻣﯾﻌﺎ ﺑﺎﻟﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ ..ﯾﻌرّ ﻓﮭﺎ ﻛل ﻣﻧﮭم أوﻻ ﻋﻠﻰ اﻟوﺟﮫ اﻟذي ﯾﻣﻛﻧﮫ ﻣن إداﻧﺗﮭﺎ ﺛﺎﻧﯾﺎ
..وﺗﺻﺑﺢ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﻣﻐﺎﻟطﺎت ﺳﻔﺳطﺎﺋﯾﺔ ..ﻻ ﺑد ﻣن إﺣﺑﺎط ھذا
اﻟﺗﻛﺗﯾك اﻟﺳﻔﺳطﺎﺋﻲ إذا ﻛﻧﺎ ﻧرﯾد أن ﻧﺻل اﻟﻰ ﻓﮭم ﺻﺣﯾﺢ ﻟﻠﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ ..ووﺳﯾﻠﺔ ھذا أن ﻧﺣدد ﻣن اﻵن ﻣﺎ ﻧﻌﻧﯾﮫ ﺑﺎﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ
ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ..
3ـ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﺟزء ﻣن اﻟﺷﻌب ..
اﻟطﻼب ھم ﺟزء ﻣن اﻟﺷﻌب ﻓﻲ أي ﻣﺟﺗﻣﻊ ..ﺟزء ﻣﺷﻐول ﺟزﺋﯾﺎ أو ﻛﻠﯾﺎ
ﺑﺗﺣﺻﯾل اﻟﻣﻌرﻓﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺎھد اﻟﺗﻌﻠﯾم ..إﻧﮭم ﻋﻠﻰ ھذا اﻟوﺟﮫ ﻻ ﯾﻛوﻧون
ظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺗﻣﯾزة ..ﻓﻣﻧذ أن وﺟد اﻟﺑﺷر ،وﺟد اﻟﻣﻌﻠﻣون وطﻼب
اﻟﻌﻠم ..وﻛل ﺷﺧص ﺗﻌﻠم وﯾﺗﻌﻠم ﺷﯾﺋﺎ ﻣن ﻏﯾره ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎھد أو اﻟﻣﻌﺎﻣل
أو اﻟﻣﺻﺎﻧﻊ أو اﻟﻣزارع وﻻ ﯾﻛف اﻟﻧﺎس ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن ﻋن إﻧﻣﺎء ﻣﻌرﻓﺗﮭم
وﻟو ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﺟرﺑﺔ ..أﻣﺎ ﻛون اﻟطﻼب ﯾﺗﻠﻘون اﻟﻌﻠم ﻓﻲ ﻣﻌﺎھد ﻣﻌدة
ﻟﮭذا ﻓﮭو ﻻ ﯾﻣﯾزھم داﺧل ﻣﺟﺗﻣﻌﮭم ﺑﺷﺊ ﯾﺻل اﻟﻰ ﺣد أن ﯾﻛوﻧوا ظﺎھرة
اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ..إﻧﮭم ﯾﺳﯾرون ﻓﻲ اﻟدروب اﻟﺗﻲ ﺷﻘﮭﺎ ﻣﺟﺗﻣﻌﮭم ﻣن ﻗﺑل ﻋﻠﻰ
ذات اﻟﻣراﺣل اﻟﺗﻲ وﺿﻌت ﻟﮭم ،وﯾﺗﻠﻘون اﻟﻌﻠوم اﻟﻣﻘررة ﻋﻠﯾﮭم ،
وﯾﺟﺗﺎزون ﻣﻌﺎھدھم ﺑﺎﻟﺷروط اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﯾﮭم ..إﻧﮭم ﻓﻲ ﻛل ھذا
ﺟزء ﻏﯾر ﻣﻌزول أو ﻣﻧﻌزل أو ﻣﻣﺗﺎز أو ﻣﺗﻣﯾز ﻣن ﻣﺟﺗﻣﻌﮭم أﯾﺎ ﻛﺎن
ﻧوع اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ ھذا اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ..إﻧﮭم ﺟزء ﻣن ظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ
ھﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﮭم ذاﺗﮫ ..
ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎم ﻟرؤﯾﺔ اﻟطﻼب ﯾﺻﺑﺢ ﻛل ﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻣن أﻧﮭم ﺟزء
ﻻ ﯾﺗﺟزأ ﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﯾؤﺛرون ﻓﯾﮫ وﯾﺗﺄﺛرون ﺑﮫ ،وﺗﺣﻛم اﺗﺟﺎھﺎﺗﮭم
اﻟﻔﻛرﯾﺔ واﻟﺣرﻛﯾﺔ ذات اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم اﻻﺗﺟﺎھﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ واﻟﺣرﻛﯾﺔ
وﯾﻛذب ﻛل ﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻣن أن ﻋﻠﻰ اﻟطﻼب أن
ّ
ﻟﻛل اﻟﻧﺎس ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ..
ﯾﺣﺻّ ﻧوا أﻧﻔﺳﮭم ﺿد اﻟﻣؤﺛرات اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺧﺎرج ﻣﻌﺎھدھم ،وأن ﯾﻠﺗﻔﺗوا
ﻟدروﺳﮭم ..وﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎم ﻻ ﯾﻛون ﻏرﯾﺑﺎ أن ﯾﺗﺣرك اﻟطﻼب
ﺿﻣن أﯾﺔ ﺣرﻛﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ..ﻟم ﯾﻛن ﻏرﯾﺑﺎ ﻣﺛﻼ أن ﯾﺷﺗرك اﻟطﻼب ﻣﻊ
ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻣواطﻧﯾن ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك اﻟﺗﺣرر وﻛﻘواﻋد ﻟﻸﺣزاب اﻟﺗﻲ ﺗﺧوض
اﻟﺻراع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﮭم ..ذﻟك ﻷﻧﮭم ﺟزء ﻣن اﻟﺷﻌب ﻻ
ﯾﻌزﻟﮭم ﻋﻧﮫ وﻋن ﻗﺿﺎﯾﺎه أﻧﮭم ﯾﺗﻠﻘون اﻟﻌﻠم ﻓﺗرة ﻣن اﻟﻔﺗرات ﻓﻲ ﻣﻌﺎھد
ﻣﻌدة ﻟﻠﺗﻌﻠﯾم ..إن ھذا ﻻ ﯾﻠﻐﻲ رواﺑطﮭم اﻷﺳرﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟوطﻧﯾﺔ
..
ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر إﻧﮭم ـ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎم ـ ﻣواطﻧون ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ..ﻟﮭم
ﺣﻘوق اﻟﻣواطﻧﯾن وﻋﻠﯾﮭم ﻣﺳؤوﻟﯾﺎﺗﮭم ،ﻻ ﯾﺣرﻣﮭم ﻣن ﺣﻘوﻗﮭم وﻻ
ﯾﻌﻔﯾﮭم ﻣن ﻣﺳؤوﻟﯾﺎﺗﮭم أﻧﮭم طﻼب ﻋﻠم وﻟﯾﺳو ﻋﻠﻣﺎء أو ﻋﺎﻣﻠﯾن ..
وﻟﻛﻧﺎ ـ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎم ﻣن اﻟرؤﯾﺔ ـ ﻻ ﻧﻛون أﻣﺎم ظﺎھرة طﻼﺑﯾﺔ
..ﻧﻌﻧﻲ أن اﻟطﻼب اﻟذﯾن ﯾﺗﺣرﻛون ،وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﺣرﻛون ﻣﻊ ﻏﯾرھم ﻓﻲ
ﻣﺟﺗﻣﻌﮭم ،إﻧﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠون ھذا ﻛﻣواطﻧﯾن ﻻ ﻛطﻼب ..ﻓﺎﻟظﺎھرة ھﻧﺎ ظﺎھرة
اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﺗﺿم اﻟطﻼب وﻏﯾر اﻟطﻼب ،ﻓﮭﻲ إذن ﻟﯾﺳت ظﺎھرة
طﻼﺑﯾﺔ ..إﻧﻣﺎ ﺗﻛون ظﺎھرة طﻼﺑﯾﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻛون ﻣﻘﺻورة ﺗﻛوﯾﻧﺎ وﺣرﻛﺔ
ﻋﻠﻰ اﻟطﻼب ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎﻧت ﻣؤﺛرة وﻣﺗﺄﺛرة وﻣﺗﻔﺎﻋﻠﺔ ﻣﻊ ظواھر
اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أﺧرى ..
وﯾﺻﺢ اﻟﻘول ذاﺗﮫ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ اﻟطﻼب اﻟذﯾن ﯾﺳﺎھﻣون ،وﻋﻧدﻣﺎ
ﯾﺳﺎھﻣون ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺷﺑﺎﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم أو ﻓﻲ أي ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﺣدة ..
أﻧﮭم ﻋﻧدﺋذ ﺟزء ﻣن ﺣرﻛﺔ أﻋم ﺗﺷﻣﻠﮭم ..وﻧﻛون ﻋﻧدﺋذ أﻣﺎم ظﺎھرة
ﺷﺑﺎﺑﯾﺔ وﻟﯾس أﻣﺎم ظﺎھرة طﻼﺑﯾﺔ ..وﯾﺻﺢ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ اﻟطﻼب ـ
اﻟﺷﺑﺎب ـ ﻛل ﻣﺎ ﯾﺻﺢ ﺗﻔﺳﯾرا ﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺷﺑﺎب ﺳواء ﻛﺎﻧوا طﻼﺑﺎ أو ﻟم
ﯾﻛوﻧوا ..وﻟﻛﻧﮫ إن ﻛﺎن ﺻﺣﯾﺣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ اﻟﺷﺑﺎب ﻋﺎﻣﺔ ﻻ ﯾﻛﻔﻲ
ﻟﺗﻔﺳﯾر ﺣرﻛﺔ اﻟطﻼب دون ﻏﯾرھم ﻣن اﻟﺷﺑﺎب ..أﻋﻧﻲ ﻣﺎ ﯾﻛون
ﻣﻘﺻورا ﻋﻠﯾﮭم ﻻ ﯾﺷﺎرﻛﮭم ﻓﯾﮫ ﺷﺑﺎب اﻟﻌﻣﺎل واﻟﻔﻼﺣﯾن ﻣﺛﻼ ..اﻟﻧظرة
اﻟﺷﺑﺎﺑﯾﺔ اﻟﻰ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ھﻲ أﯾﺿﺎ ﻧظرة ﻋﺎﻣﺔ ..ﻋﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ
اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﺗﻔﺳر اﻟﻘدر اﻟﻣﺷﺗرك ﺑﯾن اﻟﺷﺑﺎب ﺟﻣﯾﻌﺎ ،وﻟﻛن ﻻ
ﺗﻔﺳر اﻟﻘدر اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻟطﻼب ﻓﻛرا أو ﺣرﻛﺔ ..
اﻻﻧﺗﺑﺎه اﻟﻰ أﻧﻧﺎ ﻋﻠﻰ ھذﯾن اﻟﻣﺳﺗوﯾﯾن اﻟﻌﺎﻣﯾن ،اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﺷﺑﺎﺑﻲ ،
ﻻ ﻧﻛون أﻣﺎم ظﺎھرة طﻼﺑﯾﺔ ،ﯾﻔﯾدﻧﺎ ﻓﻲ ﺗﺟﻧب ﺧطﺄ اﻟﺧﻠط ﺑﯾن اﻟﻌﺎم
واﻟﺧﺎص ،أو ﺗوھم اﻟﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ..اﻟﻌﺎم أﺷﻣل ﻣن اﻟﺧﺎص ،
وﯾﺗﺿﻣﻧﮫ وﻟﻛن ﻻ ﯾﻠﻐﯾﮫ ..وﻣن ھﻧﺎ ،ﻓﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﻣن اﻟﺧطﺄ رﻓض
اﻟﺗﻔﺳﯾرات اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ،ﺗﻠك اﻟﺗﻔﺳﯾرات اﻟﺗﻲ ﺗﺻﺢ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ
اﻟﻰ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﺎﻣﺔ أو اﻟﺷﺑﺎب ﻋﺎﻣﺔ ،ﻣن اﻟﺧطﺄ أﯾﺿﺎ اﻻﻛﺗﻔﺎء ﺑﺗﻠك
اﻟﺗﻔﺳﯾرات ﻓﻲ ﺧﺻوص ﻣﺎ ﯾﻣﯾز اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ..
وھﻲ ﻻ ﺗﻛون ظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ طﻼﺑﯾﺔ إﻻ ﺑﻣﺎ ﯾﻣﯾزھﺎ وﻓﻲ ﺣدوده ..
ھل ﺛﻣﺔ ﻣﺎ ﯾﻣﯾز اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ؟
ﻟو ﻟم ﯾﻛن ﺛﻣﺔ ﻣﺎ ﯾﻣﯾز ﺷﺑﺎب اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت ﻛطﻼب ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
أو اﻟﺷﺑﺎﺑﯾﺔ اﻟﻰ " ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ " ﻟﻣﺎ ﻛﺎن ﺛﻣﺔ ﻣﺣل ﻟﻠﺧﻼف اﻟذي ﯾدور
ﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ..
إن اﻟﺗﺻدي ﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ واﺗﺧﺎذ ﻣوﻗف ﻣﻧﮭﺎ ،ﻣﻌﮭﺎ أو
ﺿدھﺎ ،ﯾﻌﻧﻲ وﯾﻔﺗرض أن ھﻧﺎك ظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺗﻣﯾزة ﺑﺄﻧﮭﺎ طﻼﺑﯾﺔ
ﻣوﺟودة ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ وﺗﺣﺗﺎج اﻟﻰ ﺗﻔﺳﯾر ..ﻓﻣﺎ اﻟذي ﯾﻣﯾزھﺎ ؟
ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﺄن ﻣﺎ ﯾﻣﯾزھﺎ ﯾﻘﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻔﻛري ،إذ ﻟﯾس ھﻧﺎك
ﻓﻠﺳﻔﺔ طﻼﺑﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭم وﻣﻘﺻورة ﻋﻠﯾﮭم ..وﻻ ﯾﻣﻛن ان ﯾﻛون
ﻟﻠطﻼب ﻓﻠﺳﻔﺔ طﻼﺑﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭم وﻣﻘﺻورة ﻋﻠﯾﮭم ..ذﻟك ﻷن اﻟﻣﻌرﻓﺔ
اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ أو ﻏﯾر اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ ذات طﺎﺑﻊ إﻧﺳﺎﻧﻲ ﺷﺎﻣل ،ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻧﮭﺎ ﻏﯾر
ﻣﻘﺻورة ﻋﻠﻰ أﺣد ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎن اﻟذﯾن ﯾﺑدﻋوﻧﮭﺎ أﻓرادا ﻣﻣﺗﺎزون ﻓﻛرﯾﺎ ..
اﻟﻔﻛر اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ﻣطروح ﻋﻠﻰ اﻟﻛﺎﻓﺔ وﯾدﻋو اﻟﻛﺎﻓﺔ اﻟﻰ اﻻﻧﺗﻣﺎء إﻟﯾﮫ ﺣﺗﻰ
ﻟو ﻟم ﯾﻧﺗم إﻟﯾﮫ إﻻ ﺟﻣﺎﻋﺎت ﻣﻔرزة ..ﻟم ﺗﻌد اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ وﻛل أﻧواع اﻟﻣﻌرﻓﺔ
اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣﻘﺻورة ﻋﻠﻰ طﺎﺋﻔﺔ ﺑﻌﯾﻧﮭﺎ ﻛﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺳﺣر ﻣﻘﺻورا ﻋﻠﻰ
اﻟﻛﮭﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﮭود اﻟﻘﺑﻠﯾﺔ اﻟﻣﺗﺧﻠﻔﺔ ..
إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻻ ﺗﺟد ﻣﺎ ﯾﻣﯾزھﺎ ﻓﻛرﯾﺎ ،ﻓﻘد ﺗﻛون ـ ﻛﺣرﻛﺔ ـ
ﻣؤﺷرا ﻟﺻﻌود ﻓﻠﺳﻔﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻣﺗﻣﯾزة ..وﺳﻧرى ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﻣدى ﺻﺣﺔ
ھذا اﻟﻔرض ،ﻓﻘط ﻣﺎ ﯾﺷﻐﻠﻧﺎ اﻵن ﺗﺣدﯾد اﻟﺧﺎﺻﯾﺔ أو اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﺗﻲ
ﺣوﻟت ﺗﺣرك اﻟطﻼب ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﮭم اﻟﻰ " ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ " ..وﻗد ﻋرﻓﻧﺎ
أن ﻟﯾس ﺛﻣﺔ ﻓﻠﺳﻔﺔ أو ﻓﻛر طﻼﺑﻲ ﺧﺎص ﺑﮭم ﻣﻘﺻور ﻋﻠﯾﮭم ،ﻓﻼ ﯾﻧﺑﻐﻲ
إﻻ ان ﻧﺑﺣث ﻋﻣﺎ ﯾﻣﯾزھم ﻓﻲ ﺣرﻛﺗﮭم ذاﺗﮭﺎ ..
وﺳﻧﺟد أﻧﮫ ھﻧﺎ ـ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺗﺣدﯾد ـ ﻧﺗﻌرف ﻋﻠﻰ ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ﻣﺗﻣﯾزة
ﻋن ﺣرﻛﺔ اﻟﺷﺑﺎب وان ﻛﺎﻧت ﻣﻧﮭﺎ ،وﻣﺗﻣﯾزة ﻋن ﺣرﻛﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وان
ﻛﺎﻧت ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﮫ ..أي ﻧﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﺧﺎص ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻌﺎم ..وﻣﺻدر
ﻣﻌرﻓﺗﻧﺎ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون إﻻ اﻟواﻗﻊ اﻟذي ﯾﺧﺗﻠف اﻟﻧﺎس ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾره
وﻟﻛن ﻻ ﯾﻧﻛر أﺣد وﺟوده ..اﻧﮫ ذﻟك اﻟواﻗﻊ اﻟذي ﻓرض ذاﺗﮫ ﻋﻠﻰ ﺣرﻛﺔ
اﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻷوروﺑﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ..
اﻟظﺎھرة ﻣﺣل اﻟدراﺳﺔ ھﻲ أن اﻟطﻼب ﯾﺗﺣرﻛون ﻣﻌﺎ ﻛﻘوة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
ﻣﻔرزة وﻣﻘﺻورة ﻋﻠﯾﮭم ..إﻧﮭم ﯾﺣﺎوﻟون أن ﯾﻠﻌﺑوا دورا ﺳﻠﻣﯾﺎ أو
ﺛورﯾﺎ ﻓﻲ ﺗطوﯾر ﻣﺟﺗﻣﻌﮭم ﻻ ﺑﺻﻔﺗﮭم اﻣﺗداد ﻓﻲ داﺧل اﻟﻣﻌﺎھد اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ
ﻟﻘوى اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺧﺎرﺟﯾﺔ ،وﻟﻛن ﺑﺻﻔﺗﮭم ﻗوة ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﺑذاﺗﮭﺎ ﻣوازﯾﺔ
ﻟﻠﻘوى اﻷﺧرى ..وﯾﻧﺗﻣﻲ اﻟﻰ اﻟطﻼب طﻼب ﺟدد ،وﯾﺧرج ﻣن ﺻﻔوﻓﮭم
اﻟﺧرﯾﺟون ،وﻟﻛن ﺗﺑﻘﻰ ﺗﻠك اﻟﻛﺗﻠﺔ اﻟﺑﺷرﯾﺔ اﻟﻣﻣﯾزة ﺑﺄﻧﮭﺎ " طﻼب " ،
ﻣﺗﺻدﯾﺔ ﻟدور اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺗﻘوم ﺑﮫ ﺑدون ﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﺣرﻛﺔ اﻟﻘوى
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻷﺧرى ..ان ھذا اﻻﻟﺗﺣﺎم اﻟﻣﺳﺗﻘل ﻓﻲ ﻗوة ﻧﺷﯾطﺔ واﺣدة
ھو اﻟذي ﺣول ﻧﺷﺎط اﻟطﻼب ﻛﺄﻓراد وﻣواطﻧﯾن اﻟﻰ ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ﻛﻘوة
اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ..أي ﺣوﻟﮭم اﻟﻰ ظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ..
وﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن اﻟظﺎھرة ﻗد ﻧﺷﺄت أوﻻ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ
اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ،إﻻ أﻧﮭﺎ ﺗﺗﺑﻠور ﻛظﺎھرة وﺗﺳﺗﻘر ﻛﻘوة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ واﻟﻣﺗﺧﻠﻔﺔ ..ﻓﻔﻲ ھذه اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﺧﺎص
أﺻﺑﺣت ﻛل اﻟﻘوى اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﻘﯾم وزﻧﺎ وﺗﺣﺳب ﺣﺳﺎﺑﺎ ﺟﺎدا ﻟﻠﺣرﻛﺎت
اﻟطﻼﺑﯾﺔ ..
وﻓﻲ ھذه اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﺗؤدي اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ دورا ﺗﻘدﻣﯾﺎ ﺧﻼﻗﺎ ..
وﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻛل اﻟﻌﻧف اﻟﺛوري اﻟذي ﻗﺎﻣت ﺑﮫ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ
واﻟﯾﺎﺑﺎن ـ ﻣﺛﻼ ـ ﻓﺎن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻟم ﺗﻔﺟر ﺛورة وﺗﻘودھﺎ وﺗﻧﺟزھﺎ
إﻻ ﻓﻲ اﻟﺻﯾن اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ ..وﻣﺎ ﺗزال اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ـ
ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﺗﻣزﻗﮭﺎ ﺑﯾن اﻟدول اﻟﻣﺗﻌددة ـ ﺗﻣﺛل ﻗوة طﻠﯾﻌﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك
اﻟﺗﺣرر واﻟوﺣدة واﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ..وﺑﯾﻧﻣﺎ ﺗﺗﻌﺛر اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺷﺑﺎك
اﻟﺗﺿﻠﯾل اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ ﻛﺎﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة
اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ،وﯾﺗﻣﻛن اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾون ﻣن ﺗﺧرﯾﺑﮭﺎ داﺧﻠﯾﺎ وإﻓﺳﺎد اﺗﺟﺎھﺎﺗﮭﺎ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺗﺣوﯾل ﻣﻌظﻣﮭﺎ اﻟﻰ ﻗوة رﻓض ﺳﻠﺑﻲ ،ﺗﺗﺻدى اﻟﺣرﻛﺎت
اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ ﻟدور اﻟﺑﻧﺎء اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﺟﺎد ﻣﺑﺗدﺋﺔ ﻣن
ﻣﺑدأ اﻟرﻓض ذاﺗﮫ وﻟﻛن ﻏﯾر ﻣﺗوﻗﻔﺔ ﻋﻧده ..وﯾرﺟﻊ ھذا اﻻﺧﺗﻼف اﻟﻰ
اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾن اﻟظواھر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﺣدة ..ﻓﻣن
ﻧﺎﺣﯾﺔ ،ﻻ ﺗﻛون اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ
إﻻ واﺣدة ﻣن ﻗوى اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻧﺷﯾطﺔ وﻗد ﻻ ﺗﻛون أﻛﺛرھﺎ ﻣﻘدرة ﻋﻠﻰ
اﻟﻧﺷﺎط ،ﺑﯾﻧﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ ﺣﯾث اﻟﺗﺧﻠف اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ ﯾﺷﻣل ﺣرﻛﺔ
اﻟﺟﻣﺎھﯾر اﻟﻌرﯾﺿﺔ ،ﺗﺑرز اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛواﺣدة ﻣن أﻗوى وأﻧﺷط
اﻟﻘوى اﻟﻣﺣدودة اﻟﻣﻧﺎﺿﻠﺔ ﻣن أﺟل اﻟﺗﻘدم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ..وﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ
أﺧرى ﻓﻔﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ ﺣﯾث ﺣُ ﻠت أﻏﻠب اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﻘوﻣﯾﺔ
وﻣﺷﻛﻼت اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ وأﺻﺑﺢ اﻟﺻراع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾدور ﺣول
ﺗوزﯾﻊ اﻹﻧﺗﺎج اﻻﺳﺗﮭﻼﻛﻲ ﺑﺻﻔﺔ أﺳﺎﺳﯾﺔ ،وﺣﯾث اﻟﻘوى اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ
ﻋﺎﺗﯾﺔ ،ﯾﺳﮭل ﺗﻣﯾﯾﻊ أو ﺗﺧرﯾب اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ودﻓﻌﮭﺎ اﻟﻰ ﻣﺳﺎﻟك
ﻣﻧﺣرﻓﺔ .أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ ﺣﯾث ﻣﺷﻛﻼت اﻟﺗﺣرر اﻟﻘوﻣﻲ
واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻣﺷﻛﻼت ﻣﻠﺣﺔ وﺣﺎدة ،وﺣﯾث اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣﺎ ﺗزال
ﺿﻌﯾﻔﺔ اﻟﺟذور ،ﺗﺗﻌرف اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﺑﺳﮭوﻟﺔ ووﺿوح ﻋﻠﻰ
ﻣﺷﻛﻼت ﻣﺟﺗﻣﻌﮭﺎ وﺗﻛون أﻣﻧﻊ ﻣن أن ﺗﻧﺎﻟﮭﺎ اﻟﻘوى اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﺑﺎﻟﺗﺧرﯾب
..
ﻟﮭذا ﻛﻠﮫ ﻧﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﺿﺣﺔ اﻟﻣﻌﺎﻟم
واﻟﺣرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟدول اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ ..وﻧﺗﻌرف ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﺧﺗﻠطﺔ ﺑظواھر أﺧرى ﻓﻲ
اﻟدول اﻟﻣﺗﻘدﻣﺔ وﻟﻛﻧﮭﺎ ـ ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن ـ ﻣوﺟودة ..ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺗﯾن ،وﻓﻲ
ﻛل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﺗﺑرز اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛﻘوى ﻣﻘﺻورة ـ ﺑﺷرﯾﺎ
ـ ﻋﻠﻰ اﻟطﻼب ،وﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ـ ﺣرﻛﯾﺎ ـ ﻋن اﻟﻘوى اﻷﺧرى ..ﻓﻲ ﻛل
اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ـ وﺑﻌد اﻟﺣرب اﻷوروﺑﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺑوﺟﮫ ﺧﺎص ـ ﻟم ﺗﻌد ﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼب وﻣﺳﺎھﻣﺗﮭم ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎط اﻟﻘوﻣﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣﺗوﻗﻔﺔ أو ﺗﺎﺑﻌﺔ
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺻدره اﻷﺣزاب اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣن ﺗﻌﻠﯾﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﻗواﻋدھﺎ ،وﻻ
ﻣﺗوﻗﻔﺔ وﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﺣرﻛﺔ ﻗوى اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أﺧرى ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﮭﺎ ﻛل طﺎﻟب ﻋﻠﻰ
ﺣدة ..
ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ـ إذن ـ ﯾﺛور اﻟطﻠﺑﺔ وﻟو ﻣﻧﻔردﯾن وﯾﺗﺻدون
ﻟﻘﯾﺎدة ﺷﻌوﺑﮭم اﻟﻰ ﻣﺎ ﯾرﯾدون ،وﻻ ﯾﻛﻔون ﻋن اﻟﺣرﻛﺔ ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛف
ﻋﻧﮭﺎ اﻟﻧﺎس ﺟﻣﯾﻌﺎ ..ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻵن ھﻧﺎك ﺣرﻛﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
ﻧﺷﯾطﺔ وھﻲ ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ،وﻣﻊ ذﻟك ﻓﻠﯾس ﻣﺻدر ﻧﻣوھﺎ ﻛﻘوة وﻻ
ﻣﺟﺎل ﻧﺷﺎطﮭﺎ ﻛﺣرﻛﺔ ھو ﺗﻠﻘﻲ اﻟﻌﻠم ..ﺑل اﻟﺗﺻدي ﻟﻣﺷﻛﻼت اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
واﻟﻌﻣل ﻋﻠﻰ ﺣﻠﮭﺎ ..
ﻓﻛﯾف ﻧﻔﺳر ھذه اﻟظﺎھرة ؟
ﻗﺑل أن ﻧﺧﺗﺑر اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎت اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻓﻲ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ھذا
اﻟﺳؤال ،ﻧرﯾد أن ﻧﺿﻊ ﺣدﯾن ﻟﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎه ﻋن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛظﺎھرة
اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ..
اﻟﺣد اﻷول :
ھو اﻟﺣد اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ .
إن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﺑرز وﺗﺗﺿﺢ وﺗؤﺛر ،أو ﺗﺑﻘﻰ
ﻛﺎﻣﻧﺔ ،ﺗﺑﻌﺎ ﻟﺗواﻓر أو ﻋدم ﺗواﻓر اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺗﻣﻊ ..ﻓﻔﻲ
ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻻ ﺗﻔرض اﻟدﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ ﻓﯾﮫ ﻗﯾودا ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻔﺎﻋل اﻟﺣر ﺑﯾن اﻟﻧﺎس
ﺗﻧﺷﺄ اﻟظواھر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺗﻧﻣو طﺑﻘﺎ ﻟﻠﻘواﻧﯾن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم
اﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وﺑﻘدر ﺣﺎﺟﺔ ھذا اﻟﺗطور ﻟﻠظﺎھرة ذاﺗﮭﺎ ..وﻟﻛن
اﻟدﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ ﻓﻲ أي ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺗﻌوق ﺣرﻛﺔ اﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وﺗﺣﺎول
ﺷل ﻗواﻧﯾﻧﮫ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﻣﺎ ﺗﻔرﺿﮫ ﻣن ﻗواﻧﯾن وﺿﻌﯾﺔ ..ﻓﻼ ﺗﻛون
اﻟظواھر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﺿﺣﺔ اﻟوﺟود واﻟﺣرﻛﺔ ..
إﻻ أن اﻟدﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ إذ ﺗﺣﺎول ﺑﺎﻟﻘوة اﻟوﺿﻌﯾﺔ ﺗﻌطﯾل اﻟﻘواﻧﯾن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
ﺗﻔﺷل .ﻷن اﻟﻘواﻧﯾن اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ذات ﺣﺗﻣﯾﺔ ﺗﺣول دون ﺗﻌطﯾﻠﮭﺎ ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ
وان ﻛﺎن ﯾﻣﻛن ﻟﻼﺳﺗﺑداد اﻟوﺿﻌﻲ ﺗﻌوﯾق ﺣرﻛﺗﮭﺎ ..وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت
اﻟدﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ ﺗﺟﺳﯾدا ﻟﻠﺟﮭل اﻟﻣطﺑق ﺑﻘواﻧﯾن اﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻓﺎن
ﻏﺑﺎء اﻟﻣﺳﺗﺑدﯾن ﯾﺣول ﻋﺎدة دون ﻣﻌرﻓﺗﮭم أﯾن وﻛﯾف ﺗﻌ ّﺑر اﻟظﺎھرة اﻟﺗﻲ
ظﻧوا أﻧﮭﺎ أﻟﻐﯾت ﻋن وﺟودھﺎ ..وﺗﻛون ﺗﻠك ھﻲ اﻟﺛﻐرة اﻟﻘﺎﺗﻠﺔ ﻓﻲ
ﻣوﻗﻔﮭم اﻟﻐﺑﻲ ..إذ ﻻ ﺗﻠﺑث اﻟظﺎھرة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ان ﺗﻌ ّﺑر ﻋن ﺣﺗﻣﯾﺔ
وﺟودھﺎ ﺑﺄﺳﺎﻟﯾب ﻣﺗﻌددة ﻣﺗﺑﻌﺔ ﻓﻲ ذﻟك اﻟﺛﻐرات اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﻛون ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم
اﻟوﺿﻌﻲ ..ﻓﻲ ﻣﺛل ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻗد ﻻ ﻧﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ
ظﺎھرة ﻓﻲ ﺻﺑﻐﺗﮭﺎ اﻷﺻﯾﻠﺔ ﻛﺣرﻛﺔ ﺟﻣﺎھﯾرﯾﺔ ﺗﻧﺎﺿل ﻣن اﺟل اﻟﺗطور ،
ﺑل ﻧﺗﻌرف ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﻌﺑرة ﻋن وﺟودھﺎ وﻓﺎﻋﻠﯾﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻧﺷﺎطﺎت اﻟﺛﻘﺎﻓﯾﺔ أو
اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ أو ﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟﻣواﻗف اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ واﻟﺗﮭﻛﻣﯾﺔ ..وﻟﻠطﻼب ﺑوﺟﮫ
ﺧﺎص آﻻف اﻷﺳﺎﻟﯾب ﻟﻠﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﺣرﻛﺗﮭم ..ﻛل ھذا اﻟﻰ ﺣﯾن ..ﻓﻣن
ﺣﯾن اﻟﻰ آﺧر ،وﻓﻲ أول ﻓرﺻﺔ ﺗﺗﺎح ﻟﮭﺎ ،ﺗﺑرز ﻛﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ
وﻧﺷﯾطﺔ ﻓﻲ ﻣﯾداﻧﮭﺎ اﻷﺻﯾل ،اﻟﻰ أن ﺗُﺿرب ،ﻓﺗﺗﺟﮫ اﻟﻰ ﻣﺳﺎﻟك ﺧﻔﯾﺔ
ﺣﺗﻰ ﺗﺣﯾن ﻓرﺻﺔ أﺧرى ،وھﻛذا ..
ﻓﻌﻧدﻣﺎ ﻧﻔﺗﻘد ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ظﺎھرة ،أو ﻧﺟد ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ راﻛدة ﻓﻲ
ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻣﺎ ،أو ﻧرى اﻟطﻼب ﻣﺷﻐوﻟﯾن ﻓﻲ أوﺟﮫ ﻣن اﻟﻧﺷﺎط " اﻟﺑريء "
،ﯾﻛون ﻣن اﻟﺧطﺄ اﻟظن ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻏﯾر ﻣوﺟودة أو أﻧﮭﺎ ﻟن ﺗﻌود اﻟﻰ ﻓرض
ﺗﺄﺛﯾرھﺎ ﻛﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ..ﻛﻣﺎ أﻧﮫ ﻣن اﻟﺧطﺄ داﺋﻣﺎ ﺗوھم إﻣﻛﺎن ﺳﺣق
اﻟظواھر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وإﻟﻐﺎءھﺎ ﺑﺎﻟﻘوة اﻟوﺿﻌﯾﺔ ..
إن أﺷﻛﺎﻻ ﻣﺗﻌددة ﻣن اﻟﺻراع ﺗدور ﻋﻠﻧﺎ او ﺧﻔﯾﺔ ﺑﯾن اﻟظواھر
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﺣرﻛﺗﮭﺎ إﻻ ﻟﻘواﻧﯾﻧﮭﺎ اﻟﺣﺗﻣﯾﺔ وﺑﯾن اﻟﻘﯾود
اﻟﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﺑﺎﻟﻘواﻧﯾن اﻟوﺿﻌﯾﺔ ..وﻻ ﺑد ﻣن أن ﺗﻧﺗﺻر اﻟظواھر
اﻟﺗﻘدﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ..ﻷن اﻟﺗطور اﻟﺗﻘدﻣﻲ ﺣﺗﻣﻲ ،ﻗد ﯾﻌوﻗﮫ اﻻﺳﺗﺑداد ،
وﻟﻛﻧﮫ ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻠﻐﯾﮫ ..
اﻟﺣد اﻟﺛﺎﻧﻲ :
ھو أﻧﻧﺎ ﻧﺗﺣدث ﻋن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻻ ﻧﺗﺣدث ﻋن
اﻟﻣواﻗف اﻟﻔردﯾﺔ ﻟواﺣد أو أﻛﺛر ﻣن اﻟطﻼب ..ﻓﻔﻲ ﻛل اﻟظواھر
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﯾﺗطﻠب اﻻﻧﺗﻣﺎء إﻟﯾﮭﺎ واﻻﻟﺗزام ﺑﺣرﻛﺗﮭﺎ ﺣدا أدﻧﻰ ﻣن اﻟوﻋﻲ
..اﻟوﻋﻲ ﺑﺎﻟظﺎھرة ذاﺗﮭﺎ وﺑﻌﻼﻗﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟواﻗﻊ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ..ﻟﮭذا ﻻ ﯾﻘدح
ﻓﻲ وﺟود اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ أن أﻓرادا ﻣن اﻟطﻼب
ﯾﻘﻔون ﻣن ﺣرﻛﺗﮭﺎ ﻣوﻗﻔﺎ ﺳﻠﺑﯾﺎ أو ﻣﻌﺎدﯾﺎ ،إﻣﺎ ﻟﻌﺟز ﻓﻲ اﻟوﻋﻲ أو ﻟﻌﺟز
ﻋن اﻟﺣرﻛﺔ وإﻣﺎ اﻧﻔﻼﺗﺎ اﻧﺗﮭﺎزﯾﺎ ﯾﻧﺣﺎزون ﺑﮫ إﻟﻰ ﻗوى أﺧرى ﻣوازﯾﺔ أو
ﻣﻌﺎدﯾﺔ ﻟﻠﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ..
اﻟﻌﺑرة ھﻧﺎ ﻟﯾس ﺑﺎﻟﻣواﻗف اﻟﻔردﯾﺔ ،وﻟﻛن ﺑﻣواﻗف اﻟﻛﺗﻠﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ
اﻟﻧﺷﯾطﺔ ..
إذن ،ﻓﺎن اﻧﺗﻘﺎء أﻣﺛﻠﺔ ﻣﺣدودة ﻣن ھذا اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ أو ذاك ،ﻣن ﻣوﻗف ھذا
اﻟطﺎﻟب أو ذاك ،ﻻ ﯾﻧﺎل ﻣﻣﺎ ھو ﻣﺳﻠم ﺑﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ ﻣن أن
ﺛﻣﺔ ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ﻧﺷﯾطﺔ ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﻌﺎﺻرة ،ﺳواء ﻛﺎن
ﻧﺷﺎطﮭﺎ ﻋﻠﻧﯾﺎ أو ﺳرﯾﺎ ..وذﻟك ﻣﺎ ﻧرﯾد أن ﻧﺧﺗﺑر ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾره اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ
ﻛﻧﻣوذج ﻟﻠﻧظرﯾﺎت اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ،واﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻛﻧﻣوذج ﻟﻠﻧظرﯾﺎت اﻟﻣﺎدﯾﺔ ..
4ـ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﻣوﻗف اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ :
ان اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﻣﺛل ﻓﺿﯾﺣﺔ ﻟﻠﻔﻛر اﻟﻠﯾﺑراﻟﻲ ..
وﻻ ﯾرى اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾون ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ إﻻ دﻟﯾﻼ ﻋﻠﻰ اﻧﺣطﺎط اﻷﺟﯾﺎل
اﻟﺟدﯾدة وﻧﻘﺻﺎ ﻓﻲ اﻟﺗرﺑﯾﺔ اﻟﻣﻧزﻟﯾﺔ وﻓﺳﺎدا وﺷذوذا ...اﻟﺦ ..ذﻟك أن
اﻟﻔﻛر اﻟﻠﯾﺑراﻟﻲ ﻗﺎﺋم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن اﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣﺣﻛوم " ﺑﻘﺎﻧون
طﺑﯾﻌﻲ " ﻣؤداه أن ﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺗﺗﺣﻘق ﺣﺗﻣﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻛل
ﻓرد ﺗﺣﻘﯾق ﻣﺻﻠﺣﺗﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ .
وﻣن ھﻧﺎ ﻓﺎن إطﻼق اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ اﻟﺣرة ﺑﯾن اﻟﺑﺷر ،أي ﺑدون ﺗﻧظﯾم
اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ھو اﻟﻧظﺎم اﻷﻣﺛل اﻟذي ﯾﺳﻣﺢ ﻟﻛل ﻓرد ﺑﺄن ﯾﺣﻘق ﻣﺻﺎﻟﺣﮫ
اﻟﻔردﯾﺔ ﺑدون ﻗﯾود ..وﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ اﻟﺣرة ﯾﺣﺻل ﻛل ﻓرد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ
ﯾﺳﺗﺣﻘﮫ ﻓﻌﻼ ..و" ﻛل واﺣد وﺷطﺎرﺗﮫ " ..ﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس أﻗﺎﻣت
اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ ﻧظﺎﻣﮭﺎ اﻻﻗﺗﺻﺎدي " اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ " ،وﻋﻠﻰ ھذا اﻷﺳﺎس ﺗﻘﯾس
اﻟظواھر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺗﻘ ّﯾﻣﮭﺎ وﺗﺄﺧذ ﻣﻧﮭﺎ ﻣوﻗﻔﺎ ﻣﻌﺎدﯾﺎ أو ﻣﺻﺎﻟﺣﺎ ..
ﻓﺎﻟطﻼب ـ ﻓﻲ ﻣﻧطق اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﯾن ـ ﯾﺗﻧﺎﻓﺳون ﻓﻲ ﻣﯾداﻧﮭم ﻋﻠﻰ اﻟﺳﺑق
اﻟﻌﻠﻣﻲ ..وﻋﻠﻰ ﻛل طﺎﻟب أن ﯾﻔﮭم أﻻ ﺷﺄن ﻟﮫ إﻻ ﺑﺄن ﯾﺣﺎول اﻟﺗﻔوق
ﻋﻠﻰ ﻏﯾره ﻣن اﻟطﻼب ،وﻣﻘﯾﺎس ﺗﻔوﻗﮫ أن ﯾﺣﺻل ﻋﻠﻰ أﻛﺑر ﻗدر ﻣن
اﻟدرﺟﺎت ﻓﻲ اﺧﺗﺑﺎرات ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻌﺎم " ﺗﻣﺛل اﻟدرﺟﺎت ھﻧﺎ اﻟرﺑﺢ اﻟذي
ﯾﺗﻧﺎﻓس ﻋﻠﯾﮫ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾون ﻓﻲ اﻟﺳوق اﻻﻗﺗﺻﺎدي " ..أﻣﺎ ﻛﯾف ﯾﺣﺻل
ﻋﻠﻰ اﻟدرﺟﺎت ﻓﻼ ﯾﮭم اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﯾن ﺣﺗﻰ ﻟو ﻟم ﯾﻔﮭم ﺷﯾﺋﺎ و " ﺻم " اﻟﻛﺗب
اﻟﻣﻘررة ،ﻓﺎﻟﻌﺑرة ﺑﺎﻟدرﺟﺎت ﻻ ﺑﺎﻟﻣﻌرﻓﺔ ..
أﻣﺎ إذا ﻟم ﯾﺣﺻل ﻋﻠﻰ اﻟدرﺟﺎت ﻷﻧﮫ أﻓﻘر ﻣن أن ﯾﺷﺗري اﻟﻛﺗب ﻣﺛﻼ ،أو
أن ظروﻓﮫ اﻟﻌﺎﺋﻠﯾﺔ اﻟﻣزدﺣﻣﺔ ﻓﻲ ﺣﺟرة واﺣدة ﻻ ﺗﺳﻣﺢ ﻟﮫ ﺑﺎﻻﺳﺗذﻛﺎر
اﻟطوﯾل ،أو ﻷن ﻣظﮭره ﻻ ﯾﻘرﺑﮫ ﻣن اﻷﺳﺎﺗذة ،أو ﻷﻧﮫ ﻻ ﺑد أن ﯾﻌﻣل
ﻓﻲ ﻏﯾر أوﻗﺎت اﻟدراﺳﺔ ﻟﯾﻌول ﻧﻔﺳﮫ أو أھﻠﮫ ..اﻟﺦ ..ﻛل ھذه ﻣن "
ﺷؤوﻧﮫ اﻟﺧﺎﺻﺔ " ﻓﻼ ﺗﮭم اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﯾن ﻓﻲ ﺷﺊ ﺣﺗﻰ ﻟو ﻛﺎﻧت ﻣﻌوﻗﺎت ﻓﻲ
طرﯾق ذھﻧﯾﺎت ﻋﺑﻘرﯾﺔ ..ذﻟك أن اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﯾن ﻻ ﯾﻔﮭﻣون إﻻ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ
اﻟﻔردﯾﺔ واﻟﻧﺟﺎح اﻟﻔردي واﻟﻣﻧﺎﻓﺳﺔ اﻟﻔردﯾﺔ واﻟرﺳوب اﻟﻔردي " ..وﻛل
واﺣد ذﻧﺑﮫ ﻋﻠﻰ ﺟﻧﺑﮫ " ..ﻟﮭذا ﯾﻧدھش اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾون ﻣن ظواھر " آﺧر
اﻟزﻣن " :اھﺗﻣﺎم اﻷﻓراد ﺑﺎﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑدﻻ ﻣن اھﺗﻣﺎﻣﮭم ﺑﺎﻟﺗﻔوق
اﻟﻔردي ..اھﺗﻣﺎم اﻷﻓراد ﺑﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻐﯾر ﺑدﻻ ﻣن اﻧﺗﮭﺎز ﻓرﺻﺔ ﺗﺧﻠف
اﻟﻐﯾر ﻟﺳﺑﻘﮫ أو ﺳﺣﻘﮫ ..ﯾﻧدھﺷون ﻣن اﻻھﺗﻣﺎم ﺑﺎﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وﻣﺷﻛﻼﺗﮫ
ﺳواء ﻛﺎن اﻟﻣﮭﺗﻣون طﻼﺑﺎ أو ﻏﯾر طﻼب ..وﺗزﯾد دھﺷﺗﮭم ﻋﻧدﻣﺎ ﯾرون
" اﻷوﻻد " أو " اﻟﻌﯾﺎل " ﯾﺑذﻟون ﺟﮭدھم ،وﻓﻲ ﺑﻌض اﻷوﻗﺎت دﻣﺎءھم
،ﻣن أﺟل ﻗﺿﺎﯾﺎ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ " ﻏﯾر ﻣﻘررة ﻋﻠﯾﮭم " ..اﻧﮫ ﻋﻧدھم "
ﺧﺳﺎرة " ﻛﺑﯾرة ،ﻓﺎن اﻟواﻟدﯾن ﯾﻧﻔﻘون ﻋﻠﻰ أوﻻدھم ﻟﯾﺗﻌﻠﻣوا ﻻ ﻟﯾﮭﺗﻣوا
ﺑﻣﺟﺗﻣﻌﮭم وﯾﺷﺎرﻛوا ﻓﻲ ﺗطوﯾره ..ﯾﺎ " ﺧﺳﺎرة " اﻷﻣوال اﻟﺗﻲ ﯾﻧﻔﻘﮭﺎ
اﻵﺑﺎء دون ﻋﺎﺋد ..اﻧﮫ ﻓﺳﺎد ..ﻣﺟرد ﻓﺳﺎد ..واﻷﺟﯾﺎل اﻟﺟدﯾدة ﻛﻠﮭﺎ
ﻓﺎﺳدة ..ﻓﺎﻟﻣﺳؤوﻟون ـ ﺑدون ﺷك ـ ھم أوﻻﺋك اﻟذﯾن ﺳ ّﻣﻣوا ﻋﻘول
اﻟﺷﺑﺎب ﺑﺎﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﺳﺗوردة وﻋﻠﻣوھم ذﻟك اﻟﻛﻼم اﻟﻔﺎرغ ﻋن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ
واﻟﺗطور واﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ..اﻟﺦ ..
ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻧظرﻛم ﻓﺳﺎدا ﻓﻲ ﺟﯾل
ﻛﺎﻣل ،ﻓﻠﻣﺎذا ﯾﻔﺳد ﺟﯾل ﻛﺎﻣل ؟
ﻣﺎ ھﻲ أﺳﺑﺎب رﻓض اﻟطﻼب ﻟﻠﻣواﻗف اﻟﻔردﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﯾدون ﺑﮭﺎ
واھﺗﻣﺎﻣﮭم ﺑﻘﺿﺎﯾﺎ ﻣﺟﺗﻣﻌﮭم ..؟
إﻧﻛم ﻗﺑل أن ﺗﺟﯾﺑوا ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺳؤال ﻻ ﯾﺣق ﻟﻛم أن ﺗدﯾﻧوا ﺣرﻛﺔ
اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﺟري ﺗﺣت أﻧوﻓﻛم ﺑرﻏم ﻛل ﻣواﻋظﻛم اﻟﻣﻧﺎﻓﻘﺔ ..
واﻟﻠﯾﺑراﻟﯾون ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻌون اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻷن ﻧظرﯾﺗﮭم اﻟﻔردﯾﺔ ﻻ ﺗﺳﺗطﯾﻊ أن
ﺗﻔﺳر اﻟظواھر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺟﻣﺎﻋﯾﺔ ..إذا رأوا اﻟطﻼب ﯾﺗﻧﺎﻓﺳون ﻋﻠﻰ
اﻟﺗﻔوق اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭم وﻟﻛﻧﮭم ﯾﺗﺣرﻛون ﻣﻌﺎ ﻣن أﺟل اﻟﻘﺿﺎﯾﺎ
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﯾﻔﮭﻣون اﻷوﻟﻰ وﻻ ﯾﻔﮭﻣون اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ..إﻧﮭم ﯾﻧدھﺷون ﻣﻧﮭﺎ
وﯾﺳﺑون وﯾﺷﺗﻣون وﺗﺟري اﻟظواھر ﻋﻠﻰ ﻗواﻧﯾﻧﮭﺎ ﻏﯾر ﻋﺎﺑﺋﺔ ﺑﺻﯾﺎح
اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﯾن ،وﻣﻌﻠﻧﺔ ﻓﻲ اﻟوﻗت ذاﺗﮫ إﻓﻼس اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ ..
5ـ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﻣوﻗف اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ :
ﺛم ﻧﺄﺗﻲ اﻟﻰ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ..وﻟﻘد ﻓﺗﻛت اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ
وﺷﺗت ﺻﻔوف ﻣﻔﻛرﯾﮭﺎ ،وأﺷﻌﻠت اﻟﻣﻌﺎرك اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭم ﺣول
ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛظواھر اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﺣول اﻟﻣوﻗف ﻣﻧﮭﺎ ..وھو
أﻣر ﻋﺎدي ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﯾن ..ﻧﻌﻧﻲ أن ﻓﻲ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ذاﺗﮭﺎ ﻣﺎ
ﯾﻔﺳر وﯾﺑرر ﺗﻠك " اﻟظﺎھرة " اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ " :اﻧﺷﻘﺎق اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﯾن
وإداﻧﺔ ﺑﻌﺿﮭم اﻟﺑﻌض اﻵﺧر ﺑﺎﻻرﺗداد واﻻﻧﺣراف ..ﺛم ﻣزﯾد ﻣن
اﻻﻧﺷﻘﺎق ..اﻟﺦ ..وﻟﯾس ھذا اﻟﻣوﻗﻊ اﻟذي ﻧﻛﺷف ﻓﯾﮫ ﻋن ﺟرﺛوﻣﺔ
اﻻﻧﺷﻘﺎق اﻟﻛﺎﻣﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ذاﺗﮭﺎ ،واﻟﺗﻲ ﺗﻣزق ﺻﻔوﻓﮭم
ﻛل ﯾوم ..وﻟﺳﻧﺎ ﺣﻛﺎﻣﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾن اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﯾن ﻟﻧﻘول ﻣن ﻣﻧﮭم اﻟﻣﻧﺣرف
وﻣن اﻟﻣﺳﺗﻘﯾم ..إﻧﻣﺎ ﻧﺣن ﻧﺿﻊ ﻧظرﯾﺗﮭم ﻋﻠﻰ ﻣﺣك ظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
ﻟﻧرى اﻟﻰ إي ﻣدى ﺗﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻧظرﯾﺔ أن ﺗﻔﺳرھﺎ وأن ﺗﻛون ـ ﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ـ
دﻟﯾﻼ ﻻﺗﺧﺎذ ﻣوﻗف ﻣﻧﮭﺎ ..
ﺗﻘوم اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس أن أﺳﻠوب اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻣﺎدﯾﺔ ھو اﻟذي ﯾﺣدد
اﻟوﻋﻲ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺣﺗﻣﺎ ..وأن ﻛل ﻓرد ﯾﺄﺧذ ﻣن اﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
اﻟﻣوﻗف اﻟذي ﯾﺗﻔق ﻣﻊ ﻣوﻗﻌﮫ ﻣن ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج ..وطﺑﻘﺎ ﻟﮭذا أﻗﺎﻣت
اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﺻرح اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺷﮭﯾرة ..ﻧظرﯾﺔ اﻟطﺑﻘﺎت واﻟﺻراع اﻟطﺑﻘﯾﺔ
..وأﻓرزت اﻟﻘوى اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت " ﻏﯾر اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ " اﻟﻰ
طﺑﻘﺗﯾن إﺣداھﻣﺎ ﺗﻣﻠك أدوات اﻻﻧﺗﮭﺎج ﻣﻠﻛﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،واﻷﺧرى ﺗﻌﻣل
ﻋﻠﻰ أدوات اﻹﻧﺗﺎج وﻻ ﺗﻣﻠﻛﮭﺎ ﺑل ﺗﺑﯾﻊ ﻗوة ﻋﻣﻠﮭﺎ ﻟﻣن ﯾﻣﻠﻛﮭﺎ ..وأﻟزﻣت
ﻛل واﺣد اﻻﻧﺗﻣﺎء اﻟﻰ طﺑﻘﺗﮫ ..وإﻻ ﻓﮭو " ﺧﺎﺋن " ..وﻟﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻧﺎس
ﯾﻌﻛﺳون ﻣﺎ ﯾدور ﻓﻲ أﺳﻠوب اﻹﻧﺗﺎج ﻓﺎن اﻟﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾن أدوات اﻹﻧﺗﺎج
وﻋﻼﻗﺎﺗﮫ ﺗﻧﻌﻛس ﻋﻠﻰ ﻣواﻗف اﻟﻧﺎس ﻓﻲ ﺷﻛل ﺗﻧﺎﻗض طﺑﻘﻲ ..وﻟﻣﺎ ﻛﺎن
اﻟﺗﻧﺎﻗض ﻻ ﺑد أن ﯾﺣل ﻣن ﺧﻼل اﻟﺻراع ﻓﺎﻧﮫ ﻻ ﺑد ﻣن اﻟﺻراع اﻟطﺑﻘﻲ
اﻟﻰ أن ﯾﺣل طﻔرة ﺑﺎﻟﺛورة ...اﻟﺦ .
ﻛل ھذا ﺟﻣﯾل وﻣﺣﻛم اﻟﺻﯾﺎﻏﺔ ﻟدرﺟﺔ ﺗﺳﺗﮭوي اﻟﺷﺑﺎب ﺧﺎﺻﺔ وﯾﻔرح
ﺑﮭﺎ اﻟذﯾن ﯾرﯾدون أن ﯾﻘﺎل أن ﻋﻧدھم ﻧظرﯾﺔ ..وﻟﻛن ﻣﺎ رأﯾﻛم دام ﻓﺿﻠﻛم
ﻓﻲ أن ﺛﻣﺔ ظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﯾﻘﺎل ﻟﮭﺎ " اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ " ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﮭﺎ
طﻼب اﻟﻌﻠم ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎھد اﻟﻰ ﺣد اﻟﺗﺻدي ﻟﻘﯾﺎدة اﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،وﻣﻊ
ذﻟك ﻓﺎن أﯾﺎ ﻣن اﻟﻣﻧﺗﻣﯾن إﻟﯾﮭﺎ اﻟﻧﺷﯾطﯾن ﻓﯾﮭﺎ ﻻ ﯾﻣﻠك أدوات إﻧﺗﺎج
وﻟﯾس طرﻓﺎ ﻓﻲ أي ﻋﻼﻗﺔ إﻧﺗﺎج ..ﻟﺳﺑب ﺑﺳﯾط ،أﻧﮭم ﻣﺎ زاﻟوا ﯾﻌدون
أﻧﻔﺳﮭم ﻟﻠﻌﻣل وﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أي واﺣد ﻣﻧﮭم أن ﯾﻌرف ﻣﻘدﻣﺎ ﻓﻲ أي ﻣﻛﺎن
ﺳﯾﻌﻣل .وھل ﺳﯾﻛون ﻣﺎﻟﻛﺎ أو ﻋﺎﻣﻼ ؟ وﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ھذا ﻓﺈﻧﮭم ﻻ
ﯾﻧﺗظرون اﻟﻰ أن ﺗﺗﺣدد ﻣواﻗﻌﮭم ﻣن ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج ﻟﺗﺗﺣدد ﻣواﻗﻌﮭم
اﻟطﺑﻘﯾﺔ ،ﺑل ﯾﺗﺻدون ﻟﺣل ﻣﺷﻛﻼت اﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وھم ﻣﺎ ﯾزاﻟون
طﻼﺑﺎ ؟
ﻣﺎ اﻟذي اﻧﻌﻛس ﻓﻲ رؤوﺳﮭم ﻓرﻛﺑوھﺎ وأﺻﺑﺣوا ﺛﺎﺋرﯾن ؟ ﻛﯾف اﺧﺗﺎروا
ﻷﻧﻔﺳﮭم دورا اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ وﺳﯾﺎﺳﯾﺎ وﺣرﻛﯾﺎ ﻣن ﻗﺑل أن ﺗﺧﺗﺎره ﻟﮭم
ﻣواﻗﻌﮭم ﻣن أﺳﻠوب إﻧﺗﺎج اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻣﺎدﯾﺔ ؟
إن اﻷطﻔﺎل واﻟﺷﯾوخ واﻟﻌﺟزة وﻛﺛﯾرا ﻣن اﻟﻧﺳﺎء أوﻻﺋك اﻟذﯾن ﻻ ﯾﻌﻣﻠون
ﻓﻼ ﻣوﻗﻊ ﻟﮭم ﻣن ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج ،ﻣﺛﻠﮭم ﻓﻲ ھذا ﻣﺛل اﻟطﻼب ،
ﯾﻧﺗظرون إﺟﺎﺑﺗﻛم ﻟﯾﻌرﻓوا ھم أﯾﺿﺎ ﻛﯾف ﯾﺣددون ﻣواﻗﻔﮭم ﻣن ﻣﺷﻛﻼت
ﻣﺟﺗﻣﻌﮭم ﻣﻊ أﻧﮭم ﻻ ﯾﻌﻣﻠون .
ﻻ ﻧﺑﺎﻟﻎ إذا ﻗﻠﻧﺎ أن اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻟم ﺗﻘﺎﺑل ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺧﮭﺎ اﻟطوﯾل ﺗﺣدﯾﺎ ﻣﺛل
ھذا اﻟﺳؤال اﻟذي طرﺣﺗﮫ ﻋﻠﯾﮭﺎ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ..وﯾزﯾد ﻣن ﻣﻘدرﺗﮫ
ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺣدي وﺧطورة اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﮫ أن ﻛﺛﯾرا ﻣن أﻧﺷط اﻟﻌﻧﺎﺻر ﻓﻲ
اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﯾرﻓﻌون ﻋﻠﻰ ﻣواﻗﻔﮭم ﺷﻌﺎرات ﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ وﯾﺗداوﻟون
ﺗﻌﺑﯾرات ﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ..ﻓﮭم ﻓﻲ داﺧل اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﯾواﺟﮭون ﻓﻲ
اﻟوﻗت ذاﺗﮫ ﺗﺣدﯾﮭﺎ ﻟﻣﺎ ﯾﻧﺳﺑوﻧﮫ اﻟﻰ أﻧﻔﺳﮭم ،أو ﯾﻧﺳﺑون أﻧﻔﺳﮭم إﻟﯾﮫ
ﻣن ﻓﻛر ﻣﺎرﻛﺳﻲ ..أﻣﺎ وﺟﮫ اﻟﺧطورة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ ھؤﻻء ﺑﺎﻟذات
ﻓﻣرﺟﻌﮫ اﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎه ﻣن إن اﻟطﻼب ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎم ﯾﻧﺗﻣون اﻟﻰ
ﻣﺟﺗﻣﻌﮭم وﻗد ﯾﻛون ﻣن ﺑﯾﻧﮭم ﻣن ﯾﻧﺗﻣﻲ ﻓﻛرا أو ﺣرﻛﺔ اﻟﻰ ﻗوى
اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺧﺎرج اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ " ،أﺣزاب ﻣﺛﻼ " ،وﻟﻛﻧﮭم ﻋﻠﻰ
اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺧﺎص ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ﻣﺗﻣﯾزة وﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ..ﻣن ھﻧﺎ ﯾواﺟﮫ اﻟذﯾن
ﯾﻧﺷطون ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﺗﺣت ﻻﻓﺗﺎت ﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﺳؤاﻻ ﺧطﯾرا :
ھل اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﺳﺎﺣﺔ ﯾﻧﺷطون ﻓﯾﮭﺎ ﻟﺣﺳﺎب ﻗوى ﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻋﻧﮭﺎ ،
أم أﻧﮭم ﺟزء ﻣﻧﮭﺎ ﯾﻠﺗزﻣون ﺧططﮭﺎ وأھداﻓﮭﺎ ؟
اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺳؤال ﻣﺗوﻗﻔﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ
ﺗﺑرر وﺗﻔﺳر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ أم ﻻ :ﻓﺎن ﻛﺎﻧت ﺗﺑررھﺎ وﺗﻔﺳرھﺎ ﯾﺳﻘط
اﻟﺳؤال ،إذ ﻻ ﯾﻛون ﺛﻣﺔ ﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾن أن ﯾﻛون اﻟطﺎﻟب ﻣﺎرﻛﺳﯾﺎ وﻣﻧﺗﻣﯾﺎ
اﻟﻰ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﺑدﻻ ﻣن اﻟﺣزب اﻟﺷﯾوﻋﻲ ﻣﺛﻼ ..وان ﻛﺎﻧت ﻻ
ﺗﺑررھﺎ وﻻ ﺗﻔﺳرھﺎ ،ﻓﻼ ﻧﻘول إﻻ أﻧﮫ ﻋﻠﻰ ﻛل طﺎﻟب أن ﯾﻠﻘﯾﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺳﮫ
وﯾﺗﺄﻣﻠﮫ وﯾﺣﺎول اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻟﯾﺑﻘﻰ ﻣﺳﻠﻛﮫ ﻓﻲ ﺣرﻛﺗﮫ ﺗﺟﺳﯾدا أﻣﯾﻧﺎ
ﻟﻔﻛره .
اذا ﺗﺟﺎوزﻧﺎ ﻣﺎ ﯾﻘوﻟﮫ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾون )اﻟﻣرﺗدون( اﻟذﯾن اﻧﺣﺎزوا اﻟﻰ اﻟﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ وأداﻧوا ﻋﺟز اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻋن ﺗﻔﺳﯾرھﺎ ،ﻓﺎن ﻟﻠﻣﺎرﻛﺳﯾﯾن
اﺟﺗﮭﺎدات ﻛﺛﯾرة ﻓﻲ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﺑرﯾر وﺗﻔﺳﯾر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ..
* اﻻﺟﺗﮭﺎد اﻷول :
ﯾﻠوذ ﺑﻣﺎ ھو ﻋﺎم وﯾﺗﺟﺎھل ﻣﺎ ھو ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ .
ﻓﺎﻟطﻼب ﻋﻧده ﺟزء ﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻣﺗداد ﻟﮫ داﺧل ﻣﻌﺎھد اﻟﺗﻌﻠﯾم ،وھم
ھﻧﺎك ﻻ ﯾﻔﻌﻠون ـ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ اﻟدراﺳﺔ ـ إﻻ ﻣﻣﺎرﺳﺔ اﻟﺻراع اﻟطﺑﻘﻲ
ﻛﻣﺎ ھو واﻗﻊ ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﮭم .ﻓﺎﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ أو ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ " ﺑﺎﻟﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ " ھﻲ اﻟطﺑﻘﺎت ﻓﻲ ﺻراﻋﮭﺎ اﻟطﺑﻘﻲ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻣن
ﺳﺎﺣﺎت اﻟﺻراع ،وﯾدﻟﻠون ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ ھذا اﻟﺗﻔﺳﯾر ﺑﻛل ﻣﺎ ﻧﻌرﻓﮫ ﻣن أن
اﻟطﻼب ﻟﯾﺳوا ﻏرﺑﺎء ﻋن ﻣﺟﺗﻣﻌﮭم وأﻧﮭم ﺟزء ﻣﻧﮫ وأﻧﮭم ﯾﺧﺿﻌون
ﻣﻌﮫ ﻟﻘواﻧﯾن ﺣرﻛﺗﮫ وﯾﺧوﺿون ﺻراﻋﺎﺗﮫ وﯾﺣددون ﻣواﻗﻔﮭم اﻟطﺑﻘﯾﺔ
ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻠﺗﻧﺎﻗض اﻟﻘﺎﺋم ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ذاﺗﮫ ..اﻟﺦ ..ﻓﺈذا ﻗﯾل ﻟﮭم أن ھذا
اﻟﺗﻔﺳﯾر ﯾﻠﻐﻲ اﻟظﺎھرة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ذاﺗﮭﺎ ،إذ أﻧﮫ ﻗد ﯾﺻﻠﺢ ﺗﻔﺳﯾرا
ﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻧﺎس ﺟﻣﯾﻌﺎ ﺳواء ﻛﺎﻧوا طﻼﺑﺎ أو ﻏﯾر طﻼب ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﮭو ﻻ
ﯾﻔﺳر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛظﺎھرة .أﻟﯾس اﻟﺧﺎص ﯾﺳﺗﺣق ﻓﮭﻣﺎ ﺧﺎﺻﺎ ﺣﺗﻰ
ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻌﺎم ؟ إذا ﻗﯾل ﻟﮭم ھذا ﺗﻘدم اﻟرد اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻟﻠرد .
* اﻻﺟﺗﮭﺎد اﻟﺛﺎﻧﻲ :
ﯾﻘول أن ﺗﻠك اﻟظﺎھرة اﻟﻣﺳﻣﺎة ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ﻟﯾﺳت ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ اﻻ ﺗﺟﻣﻌﺎ
ﺟﺑﮭوﯾﺎ ﺑﯾن ﻗوى ﻻ ﺗﺗﻔق ﻣواﻗﻔﮭﺎ اﻟطﺑﻘﯾﺔ أﺻﻼ ..ان ﻛل طﺎﻟب ﯾﻧﺗﻣﻲ
اﻟﻰ طﺑﻘﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﯾﺻﺎرع ﻣﻊ طﺑﻘﺔ ﺿد اﻟطﺑﻘﺔ اﻷﺧرى ،وھو ﻻ
ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻔﻌل ﻏﯾر ھذا ..وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻠﺗﻘﻲ اﻟطرﻓﺎن ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺎت اﻟﻣﻌﺎھد
اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﯾوﺣدان ﺟﮭودھﻣﺎ ﻣﻌﺎ ﻟﻣواﺟﮭﺔ ﻗوة ﺛﺎﻟﺛﺔ ﺗﻣﺛل ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﯾﮭﻣﺎ
ﻋدوا ﻣﺷﺗرﻛﺎ .ﻋﻧدﺋذ ﯾﺗﺣرك اﻟطﻠﺑﺔ ﺣرﻛﺔ ﻣوﺣدة ﻣﻊ ﺑﻘﺎء اﻟﺗﻧﺎﻗض
واﻟﺻراع ﺑﯾﻧﮭﻣﺎ ﻗﺎﺋﻣﺎ طﺑﻘﺎ ﻟﻘﺎﻧون اﻟﺻراع ﻣن ﺧﻼل اﻟوﺣدة .وﺗﻛون
ﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﺎ ﻧﺳﻣﯾﮫ ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ أﻧﮫ ﺗﺣﺎﻟف ﻣرﺣﻠﻲ ﺑﯾن ﺷراﺋﺢ طﻼﺑﯾﺔ
ﻣﻧﺗﻣﯾﺔ اﻟﻰ ﻗوى اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﺗﺣﺎﻟﻔﺔ ﻣرﺣﻠﯾﺎ ﻓﻲ ﺟﺑﮭﺔ .وﻟﮭذا ـ ھﻛذا
ﯾﻘول اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾون ـ ان ﻧﺟﺎح اﻟﺟﺑﮭﺔ ﻓﻲ ﺻراﻋﮭﺎ ﺿد اﻟﻌدو اﻟرﺋﯾﺳﻲ
ﻣرھون ﺑﺄن ﺗﺗوﻟﻰ ﻗﯾﺎدﺗﮭﺎ أﻛﺛر اﻟﻌﻧﺎﺻر ﺛورﯾﺔ ،وأﻛﺛر اﻟﻌﻧﺎﺻر ﺛورﯾﺔ
ھﻲ اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣﻧﺗﻣﯾﺔ اﻟﻰ أﻛﺛر اﻟطﺑﻘﺎت ﺛورﯾﺔ ) اﻟﺑروﻟﯾﺗﺎرﯾﺎ ( اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ
ﺑﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ اﻟﻠﯾﻧﯾﻧﯾﺔ ،وﯾﻛون اﻟﻣوﻗف " اﻟﻌﻠﻣﻲ " اﻟﺻﺣﯾﺢ أوﻻ
أن ﻣن ﺣق اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﯾن أن ﯾﻘودوا اﻟﻧﺷﺎط اﻟﺟﺑﮭوي اﻟﻣﺳﻣﻰ ﺣرﻛﺔ
طﻼﺑﯾﺔ ،وﺛﺎﻧﯾﺎ أﻧﮭم اذا ﻟم ﯾﻘودوھﺎ ﻓﮭﻲ ﺣرﻛﺔ ﻓﺎﺷﻠﺔ .
طﯾب .ﺳؤال آﺧر ﺗﻛﻣﯾﻠﻲ .ﻣﺎ ھو ﻣﺿﻣون اﻟﺻراع اﻟطﺑﻘﻲ اﻟذي
ﯾﺧوﺿﮫ اﻟطﻼب ﻓﻲ ﺟﺑﮭﺗﮭم اﻟﻣﺳﻣﺎة ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ؟ وﻣﺎ ھﻲ اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ
اﻟﺧﺎﺻﺔ اﻟﺗﻲ ﺣددت ﻟﻛل ﻣﻧﮭم طﺑﻘﺗﮫ ﻓﺎﻧﺗﻣﻰ إﻟﯾﮭﺎ ؟ إن أﺣدا ﻣﻧﮭم ﻟﯾس
ﻋﺎﻣﻼ وﻻ ﻣﺎﻟﻛﺎ ﻷدوات اﻹﻧﺗﺎج .إﻧﮭم ﺑﻌد ﻟﯾﺳوا أطراﻓﺎ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت إﻧﺗﺎج
.وﻋﻠﻰ ﺣﺳب اﻟﻣوﻗﻊ ﻣن ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج ﯾﺗﺣدد اﻻﻧﺗﻣﺎء اﻟطﺑﻘﻲ .ھﻛذا
ﺗﻘول اﻟﻧظرﯾﺔ ..وﻋﻠﻰ ﺣﺳب اﻟﺗﻧﺎﻗض ﻓﻲ أﺳﻠوب اﻹﻧﺗﺎج ﯾﺗﺣدد اﻟﺻراع
اﻟطﺑﻘﻲ ..ھﻛذا ﺗﻘول اﻟﻧظرﯾﺔ ..ﻓﺄﯾن اﻟطﻼب ﻣن ﻛل ھذا ؟ وﻛﯾف
ﯾﻛوﻧون ﻣﻧﺗﻣﯾن طﺑﻘﯾﺎ ﺑدون ﻋﻼﻗﺎت إﻧﺗﺎج ،وﻣﺗﺻﺎرﻋﯾن طﺑﻘﯾﺎ ﺑدون
ﻣﺻﺎﻟﺢ اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ؟
ﯾﺻدم ھذا اﻟﺳؤال ﻛﺛﯾرا ﻣن اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﯾن ﻓﯾﻔﻘدھم ھدوءھم وﺗﺗﺣول
إﺟﺎﺑﺎﺗﮭم اﻟﻰ ﻣﺷﺎﺣﻧﺎت وﺳﺑﺎب ،ذﻟك أن ﻣﺛل ھذا اﻟﺳؤال ﻗد وﺟﮫ إﻟﯾﮭم
ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ اﻟﻣﺛﻘﻔﯾن ) ﻣن ﻏﯾر اﻟﻌﻣﺎل ( اﻟذﯾن ﻗﺎدوا اﻟﺛورات اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ
ﻣﻊ أﻧﮭم ﺑورﺟوازﯾون ،أو أﻧﮭم ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﺑورﺟوازﯾون ﺻﻐﺎر ـ
ﺑﺎﻟﻣﻘﯾﺎس اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ ـ ﻣﺛل ﻣﺎرﻛس واﻧﺟﻠز وﺑﻠﯾﺧﺎﻧوف وﻟﯾﻧﯾن
وﺗروﺗﺳﻛﻲ وﻣﺎوﺗﺳﻲ ﺗوﻧﻎ وﻛﺎﺳﺗروا وﺟﯾﻔﺎرا ..اﻟﺦ ..وﻛﺎن اﻟرد داﺋﻣﺎ
أن ھؤﻻء اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن اﻟﻘﺎﻋدة .
إﻧﮭم ﻣﺛﻘﻔون ﺧﺎﻧوا طﺑﻘﺗﮭم واﻧظﻣوا اﻟﻰ اﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ .وﻷﻧﮭم اﺳﺗﺛﻧﺎء
ﻓﻼ ﯾﺟوز اﻻﺣﺗﺟﺎج ﺑﮭم ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ اﻟﻘﺎﻋدة .واﻟﻘﺎﻋدة أن ﻛل واﺣد
ﯾﻧﺗﻣﻲ طﺑﻘﯾﺎ ﺣﺳب ﻣوﻗﻌﮫ ﻣن ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج .ﺛم ﺗﺄﺗﻲ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ
اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﻣﻲ ـ ﻣﺎرﻛﺳﯾﺎ ـ اﻟﻰ اﻟﺑورﺟوازﯾﺔ اﻟﺻﻐﯾرة ﻓﺗﺧون ﺟﻣﻠﺔ ﻣوﻗﻌﮭﺎ
اﻟطﺑﻘﻲ ) اﻟﺗﺎﺑﻊ ﻣﺎرﻛﺳﯾﺎ ﻟﻠﺑورﺟوازﯾﺔ اﻟﻛﺑﯾرة ( وﺗﺗﺻدى ﻟدور ﻗﯾﺎدي
وأﺻﯾل وﺗﻘدﻣﻲ وﻣﻌﺎد ﻓﻲ أﻏﻠب اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻰ اﻟﻧظﺎم اﻟﺑورﺟوازي ..
ﻣﻼﯾﯾن اﻟطﻼب ﯾﻘﻔون ھذا اﻟﻣوﻗف ،ﻓﮭل ھم اﺳﺗﺛﻧﺎء أﯾﺿﺎ ؟
إﻧﮭم ان ﯾﻛوﻧوا اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن ﻗﺎﻋدة ﻓﺎن ﻗﯾﺎس ﺣرﻛﺔ اﻟطﻼب وﻧﺷﺎطﮭم
اﻟﻰ ﺣرﻛﺔ اﻟﻌﻣﺎل وﻧﺷﺎطﮭم ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ،ﯾﺟﻌل ﻣن
اﻻﺳﺗﺛﻧﺎء ﻗﺎﻋدة وﻣن اﻟﻘﺎﻋدة اﺳﺗﺛﻧﺎء ..أي ﻻ ﺗﺻﺢ ﺑﮫ اﻟﻧظرﯾﺔ إﻻ ﻟﻣﺎ
ﯾﻌد اﺳﺗﺛﻧﺎء ﻣن اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﺗﺣﻛم اﻟﺻراع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﺗﺣدد ﻗواه ﻓﻲ
اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ..
ﺛم اﻧﮫ إذا ﻛﺎﻧت اﻟﻧظرﯾﺔ ـ أﯾﺔ ﻧظرﯾﺔ ـ ﺗﺑﻠﻎ ﻣن ) اﻟﻔﺿﻔﺿﺔ ( وﻋدم
اﻹﺣﻛﺎم ﻣﺎ ﯾﺳﻣﺢ ﺑﺎن ﺗرد ﻋﻠﯾﮭﺎ اﺳﺗﺛﻧﺎءات ﺑﻣﺛل ھذه اﻟﺿﺧﺎﻣﺔ ﻓﻲ
اﻟﻘوى واﻟﻔﺎﻋﻠﯾﺔ ﻓﻲ اﻷﺛر ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﻔﻘد ﻗﯾﻣﺗﮭﺎ ﻛﻧظرﯾﺔ ﻧﺿﺎﻟﯾﺔ .اذ أن
ﻓﺎﺋدة اﻟﻧظرﯾﺔ أن ﺗﻛون ﺿﺎﺑطﺎ ﻟﻔرز اﻟﻘوى واﻟﻘوى اﻟﻣﺿﺎدة ودﻟﯾﻼ
ﻻﺗﺧﺎذ اﻟﻣواﻗف اﻟﻧﺿﺎﻟﯾﺔ .ﻓﺈذا ﻛﺎﻧت ) ﺿﺎﺑطﺎ ( ﺳﺎﺋﺑﺎ ﺗﺧﺗﻠط ﺗﺣت أﻧﻔﮫ
اﻟﻘوى ﻓﻼ ﯾﻌرف ﻣن ﻣﻌﮫ وﻣن ﺿده ،اﺿطرﺑت ﺣرﻛﺗﮫ ﻓﺗﺣوﻟت اﻟﻰ
ﻣﻣﺎرﺳﺔ ﺑرﺟﻣﺎﺗﯾﺔ ،ﻻ ﺑد إذن ﻣن اﺟﺗﮭﺎد ﺛﺎﻟث ..
* اﻻﺟﺗﮭﺎد اﻟﺛﺎﻟث :
أن اﻟطﻼب ﻻ ﯾﻧﺗﻣون ﻣﺑﺎﺷرة اﻟﻰ أﯾﺔ طﺑﻘﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺣﻛم أن ﻣواﻗﻌﮭم
ﻣن ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج ﻏﯾر ﻣﺣددة ،وﻟﻛﻧﮭم ﯾﻧﺗﻣون ﺑﺎﻟﺗﺑﻌﯾﺔ اﻟﻰ اﻟطﺑﻘﺎت
اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﮭﺎ آﺑﺎؤھم .أو أن اﻟطﻼب ﯾﺣددون ﻣواﻗﻔﮭم اﻟﻧﺿﺎﻟﯾﺔ ﺗﺑﻌﺎ
" ﻟﻣﻧﺎﺑﻌﮭم " اﻟطﺑﻘﯾﺔ ..
ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺻل اﻻﺟﺗﮭﺎد اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ اﻟﻰ أن
ﯾﺻﺑﺢ اﻟﻣوﻗف اﻟطﺑﻘﻲ " ﻣﯾراﺛﺎ " ﯾﻛون ﻗد أﻋﻠن ﻋن إﻓﻼس اﻟﻧظرﯾﺔ ﻓﻲ
اﻟﺗﻔﺳﯾر واﻟﺗﺑرﯾر ..ذﻟك ﻷﻧﮫ ﻣﺟرد اﻟﺗﺳﻠﯾم ﺑﺄن ﻋﻼﻗﺔ اﻷﺑوة أو اﻟﺑﻧوة
ذات اﺛر ﻣﺑﺎﺷر ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﻣوﻗف ﻣن اﻟﺻراع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﺣﯾث ﯾﻧﺣﺎز
ﻛل واﺣد اﻟﻰ طﺑﻘﺔ آﺑﯾﮫ ﯾﮭدم ﻧظرﯾﺔ اﻟطﺑﻘﺎت واﻟﺻراع اﻟطﺑﻘﻲ ﻣن
أﺳﺎﺳﮭﺎ .ﻻ ﯾﻣﻛن اﻟﻘول ﺑﻌد ھذا أن ﻣوﻗف ﻛل واﺣد ﻣن اﻟﺻراع اﻟطﺑﻘﻲ
ﯾﺗﺣدد طﺑﻘﺎ ﻟﻣوﻗﻌﮫ ﻣن ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج ..
ﻓﺈذا ﻻﺣظﻧﺎ أن طﻼب اﻟﺟﺎﻣﻌﺎت واﻟﻣﻌﺎھد اﻟﻌﻠﯾﺎ ﯾﻌﻣﻠون ﺑﻣﺳﺎﻋدة آﺑﺎﺋﮭم
ﻋﻠﻰ أن ﯾﻛوﻧوا ﺻﺎﻟﺣﯾن ﻵداء وظﺎﺋف اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﯾس ﻣن ﺑﯾﻧﮭﺎ اﻟﻌﻣل
ﻋﻠﻰ أدوات اﻹﻧﺗﺎج ﻛﻌﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﻣﺻﺎﻧﻊ ،ﻓﺎن ھذا اﻟﻧزوع " اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ "
ﻟﻺﻓﻼت ﻣن اﻟﻣواﻗﻊ اﻟطﺑﻘﯾﺔ ﻟﻶﺑﺎء ) إن ﻛﺎﻧوا ﻋﻣﺎﻻ ( ﯾدﺣض ﻛل أوھﺎم
اﻟﻣﯾراث اﻟطﺑﻘﻲ .ﻻ ﯾوﺟد ﻋﺎﻣل أو ﻓﻼح واﺣد اﻗﺗطﻊ ﻣن ﻗوﺗﮫ ﻣﺎ ﯾﻧﻔﻘﮫ
ﻟﻠوﺻول ﺑوﻟده اﻟﻰ ﻣراﺣل اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﺟﺎﻣﻌﻲ ﻟﯾﻌود ﺑﻌد اﻟﺗﺧرج ﻓﯾﺷﻐل
ﻣﻛﺎن واﻟده ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت اﻹﻧﺗﺎج وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣوﻗﻌﮫ ﻣن طﺑﻘﺗﮫ .ﻧرﺟو أن
ﯾﺗﺄﻣل أﺑﻧﺎء اﻟﻔﻼﺣﯾن واﻟﻌﻣﺎل ﻣن طﻼب اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ ھذا اﻟذي ﻗﻠﻧﺎه .ان
ﺷﻘﺎء اﻵﺑﺎء واﻷﻣﮭﺎت ﻻ ﯾﻧﺳﻰ وﻟﻛن اﺛره ﻋﻠﻰ اﻷﺑﻧﺎء ﯾﺧﺗﻠف ،ﻓﻛﻣﺎ
ﯾﻛون ﻣﺣرﺿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺛورة اﻟﺗﻘدﻣﯾﺔ ،ﯾﻛون ﻣﺑررا ﻟﻼﻧﺗﮭﺎزﯾﺔ ﻟﺗﻌوﯾض
أﯾﺎم اﻟﻣذﻟﺔ واﻟﻔﻘر ..
ﺛم ﻧﻌود ﻟﻌرض ھذا اﻻﺟﺗﮭﺎد اﻟﻣﺗﮭﺎﻓت ﻋﻠﻰ ﻣﺣك ﻣﺿﻣون اﻟﺻراع
اﻟطﺑﻘﻲ .ﻟو أن اﻟﻣواﻗف اﻟطﺑﻘﯾﺔ ﺗورث ﻣن اﻵﺑﺎء اﻟﻰ اﻷﺑﻧﺎء ،وﻟو أن
اﻟطﻼب اﻣﺗداد ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎھد اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻠطﺑﻘﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗﻣﻲ إﻟﯾﮭﺎ آﺑﺎؤھم ﻟﻛﺎن
اﻟطﻼب ﻣن أﺑﻧﺎء اﻟﻌﻣﺎل اﻣﺗدادا ﻟﻠطﺑﻘﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﯾﻧﺎﺿﻠون ﻓﻲ ﻣﻌﺎھدھم ﻣن
اﺟل زﯾﺎدة اﻷﺟور ﻓﻲ اﻟﻣﺻﺎﻧﻊ وﺗﻘﻠﯾل ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻣل ...اﻟﺦ ..وﻟﻛﺎن
اﻟطﻼب ﻣن أﺑﻧﺎء اﻟﻔﻼﺣﯾن اﻣﺗدادا ﻟطﺑﻘﺔ اﻟﻔﻼﺣﯾن ﯾﻧﺎﺿﻠون ﻓﻲ ﻣﻌﺎھدھم
ﻣن أﺟل اﻹﺻﻼح اﻟزراﻋﻲ واﻟﺟﻣﻌﯾﺎت اﻟﺗﻌﺎوﻧﯾﺔ وﺗوزﯾﻊ اﻟﺳﻣﺎد ...اﻟﺦ
..وﻟﻛﺎن اﻟطﻼب ﻣن أﺑﻧﺎء اﻟﻣﮭﻧﯾﯾن واﻟﻣوظﻔﯾن ) ﻻ ﺷﻲء ( ﻷن آﺑﺎءھم
ﻻ ﯾﻧﺗﻣون اﻟﻰ طﺑﻘﺔ ﺑل ﯾﺧدﻣون طﺑﻘﺎت أﺧرى ..اﻟﺦ ..
ﻟو ﺻﺢ ھذا ـ وھو ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ ـ ﻟﻛﺎن ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﻔﺳر ظﺎھرة اﻟﺻراع
ﺑﯾن اﻟطﻼب وﻟﯾس ظﺎھرة اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ .أي ﻷﻟﻐﯾﻧﺎ اﻟظﺎھرة
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻋن طرﯾق ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺗﻔﺳﯾرھﺎ ..
واﻟواﻗﻊ أن ھذا ھو ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾون .إﻧﮭم ﻋﻠﻰ أي وﺟﮫ ﻓﺳروا
اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ،أﻟﻐوھﺎ وﺗﺣدﺛوا ﻋن ﺷﻲء آﺧر ..وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟظﺎھرة
واﻗﻌﺎ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ﻣﻠﻣوﺳﺎ ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻺﻟﻐﺎء ،ﻓﺎن اﻻﺟﺗﮭﺎدات اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ
ﻛﻠﮭﺎ ﺗﻧﺗﮭﻲ ـ ﻓﻲ ﺟورھﺎ ـ اﻟﻰ ﻣﺣﺎوﻟﺔ اﺳﺗﺑﻌﺎدھﺎ ﺑدﻻ ﻣن ﺗﻔﺳﯾرھﺎ .ﻟﮭذا
ﯾﻛون أﻛﺛر اﻟﻣواﻗف اﺗﺳﺎﻗﺎ ﻣﻊ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ھو ﻣﺎ ﯾﻘول ﺑﮫ ﺑﻌض
اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﯾن ﻣن أن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻟﯾﺳت إﻻ اﺧﺗراﻋﺎ ﺟدﯾدا ﻣن
اﺧﺗراﻋﺎت اﻟﺑورﺟوازﯾﺔ ﺗرﯾد ﺑﮭﺎ أن ﺗطﻣس ﻣﻌﺎﻟم اﻟﻔرز اﻟطﺑﻘﻲ ،وأن
ﺗﺟﮭض أو ﺗﻣﯾﻊ اﻟﺻراع اﻟطﺑﻘﻲ ﻋن طرﯾق ﺗﺿﻠﯾل اﻟﺷﺑﺎب ودﻓﻌﮭم اﻟﻰ
ﻣواﻗف ﻏﯾر ﻋﻠﻣﯾﺔ ..وھﻧﺎ ﯾﻠﺗﻘﻲ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾون ﻣﻊ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾون ﻓﻲ
إداﻧﺗﮭم ﻟظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﻠﻌب ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت دورا ﺗﻘدﻣﯾﺎ ..ھذا ﻷن
اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻛﻠﺗﯾﮭﻣﺎ ﻋﺎﺟزﺗﺎن ﻋن ﺗﻔﺳﯾر اﻟظﺎھرة ..
وﺑﻌد ،ﻓﮭل ﻟﻠﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺗﻔﺳﯾر آﺧر ؟
ﻧﻌم ..
6ـ ﺗﻔﺳﯾر ظﺎھرة اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ :
ﻗﺑل أن ﻧﺟﺗﮭد ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر ظﺎھرة اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﯾﺟب أن ﻧﻌرف ﺑﺄن ﺛﻣﺔ
ﺗﻔﺳﯾرا ﻋﻠﻣﯾﺎ ﻟﮭﺎ ،ﺳواء ﻛﺎن اﺟﺗﮭﺎدﻧﺎ ﺻﺣﯾﺣﺎ أو ﻏﯾر ﺻﺣﯾﺢ .ذﻟك
ﻷن اﻟظواھر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻣﻌطﯾﺎت ﻣوﺿوﻋﯾﺔ .إﻧﻛﺎرھﺎ ﻻ ﯾﺟدي ﺷﯾﺋﺎ ،
أﻣﺎ ﺗﻔﺳﯾرھﺎ ﻓﻘد ﯾﺻﯾب وﻗد ﯾﺧﯾب ﺗﺑﻌﺎ ﻟﺻﺣﺔ اﻟﻣﻧﮭﺞ اﻟذي ُﯾﺳﺗﻌﻣل ﻓﻲ
ھذا اﻟﺗﻔﺳﯾر وﻟﺻﺣﺔ اﺳﺗﻌﻣﺎﻟﮫ ،ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ ﺻﺣﺔ ﻣﻌرﻓﺔ اﻟواﻗﻊ
اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ذاﺗﮫ .أﻣﺎ إداﻧﺗﮭﺎ أو ﻗﺑوﻟﮭﺎ ﻓﮭو ﻣوﻗف ﺗﺎل ﻟﺗﻔﺳﯾرھﺎ .ﻟﮭذا
ﯾﻛون ﻣن اﻟﺧطﺄ اﻟﻔﺎﺣش إﻧﻛﺎر ظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﻔﮭﻣﮭﺎ ..
ان اﻟﻌﯾب ھﻧﺎ ﻓﻲ ﻧظرﯾﺗﻧﺎ اﻟﺗﻲ ﻧﺗﺧذھﺎ دﻟﯾﻼ ﻟﻠﻔﮭم وﻟﯾس ﻓﻲ اﻟظﺎھرة
ذاﺗﮭﺎ ..وأﻛﺛر ﻣن ھذا ﺧطﺄ أن ﻧﻧﻛر ظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻻ ﺗﻌﺟﺑﻧﺎ ..ان
ھذا ھروب ﻣن ﻣواﺟﮭﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ وظواھره ،وﻛﻠﮭﺎ ﻣواﻗف ﻏﯾر ﻋﻠﻣﯾﺔ ،
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻣواﻗف ﻓﺎﺷﻠﺔ ..ﯾﻧﻛر ﻣن ﯾﻧﻛر ،وﯾدﯾن ﻣن ﯾدﯾن ،وﯾﮭرب ﻣن
ﯾﮭرب ،وﺗﺑﻘﻰ اﻟظﺎھرة ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻣؤدﯾﺔ دورھﺎ ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ..
إذن ﻓﺎن ﻓﺷل ﻣﺣﺎوﻻت ﻓﮭم اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺿوء ﻧظرﯾﺔ ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ
ﻧﻣوذﺟﯾﺔ ) اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ ( وﻧظرﯾﺔ ﻣﺎدﯾﺔ ﻧﻣوذﺟﯾﺔ ) اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ( ،ﯾﺟب أن
ﯾﻛون ﻣﺣرّ ﺿﺎ ﻋﻠﻰ ﻣزﯾد ﻣن اﻟﺑﺣث اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻟﻔﮭم اﻟظﺎھرة ،واﻏﻧﺎء
ﻣﻌرﻓﺗﻧﺎ ﺑﻣﺎ ﺗﻔرزه ﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﻧﺎ ﻣن ظواھر ﺑدﻻ ﻣن اﻟﺗﻌﺻب اﻟﺟﺎھل
ﻟﻧظرﯾﺎت ﻓﺎﺷﻠﺔ ..
وﻗد ﯾﻛون اﻟﻣدﺧل اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻷﯾﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﺟدﯾدة ﻟﺗﻔﺳﯾر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ
ﻛظﺎھرة اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ھو ﻣﻌرﻓﺔ ﻟﻣﺎذا ﻓﺷﻠت اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎت اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ،
واﺧﺗرﻧﺎ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻛﻧﻣوذج طرﯾق ﻻﻛﺗﺷﺎف اﻟﻘﺻور اﻟﻔﻛري أن ﻧﮭﺗدي
اﻟﻰ اﻟﻔﻛرة اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺳﯾر ﻣﺎ ﻧرﯾد ﺗﻔﺳﯾره ..
وﻟﻘد ﻗﻠﻧﺎ ﻣن ﻗﺑل أﻧﻧﺎ ﻗد اﺧﺗرﻧﺎ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ ﻛﻧﻣوذج ﻟﻼﯾدوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ،
واﺧﺗرﻧﺎ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻛﻧﻣوذج ﻟﻼﯾدوﻟوﺟﯾﺎ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ،وﻣﻌﻧﻰ ھذا أن اﻟﻌﯾب
ﻓﻲ ﻛل ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻗد ﯾﻛون ﻓﻲ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ وﻟﯾس ﻓﻲ ﻛل أو ﺑﻌض
اﻟﻣﻘوﻻت اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺿﻣﻧﮭﺎ اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ .ﻓﻠﻛل ﻧظرﯾﺔ ﻣﻧﮭﻣﺎ
ﻣﻘوﻻت ﻣرﻛﺑﺔ وﻟﯾس ﻣن اﻟﻼزم ـ ﻋﻠﻣﯾﺎ ـ أن ﺗﻛون ﺧﺎطﺋﺗﯾن ﻓﻲ ﻛل
ﻣﻘوﻻﺗﮭﻣﺎ .وﻓﻲ ﺧﺻوﺻﯾﺔ دراﺳﺗﻧﺎ ﻧﻌﺗﻘد أن ﻗﺻور ﻛل ﻣﻧﮭﻣﺎ راﺟﻊ
اﻟﻰ أﺻوﻟﮭﻣﺎ اﻟﻔﻠﺳﻔﯾﺔ اﻟﺧﺎطﺋﺔ .
ﻓﺎﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﺗرﺟﻊ اﻟﺣرﻛﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻰ ﻓﻛرة ﺧﺎرج اﻹﻧﺳﺎن ﺗﺳﻣﯾﮭﺎ
اﻟﻘﺎﻧون اﻟطﺑﯾﻌﻲ ،وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺣﺎول أن ﺗﻔﺳر ﺣرﻛﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﺗرﺟﻊ إﻟﯾﮫ
،وﻟﻛن ﺗطرﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﻗوة ﺧﺎرﺟﺔ ﻟﺗﻔﺳر ﻟﮭﺎ ﺣرﻛﺗﮫ ..
واﻟﻣﺎدﯾﺔ ﺗرﺟﻊ اﻟﺣرﻛﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﻰ واﻗﻊ ﻣﺎدي ﺧﺎرج اﻹﻧﺳﺎن ﺗﺳﻣﯾﮫ
أدوات اﻹﻧﺗﺎج ،وﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺣﺎول أن ﺗﻔﺳر ﺣرﻛﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﺗرﺟﻊ إﻟﯾﮫ ،
وﻟﻛن ﺗطرﺣﮫ ﻋﻠﻰ ﻗوة ﺧﺎرﺟﺔ ﻟﺗﻔﺳر ﻟﮭﺎ ﺣرﻛﺗﮫ ..
أﻣﺎ ﻟﻣﺎذا اﺧﺗﺎرت ﻛل ﻣﻧﮭﻣﺎ اﻟﻔﻛرة أو اﻟﻣﺎدة ﻟﺗﻔرﺿﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﺎن
ھذا ﯾرﺟﻊ اﻟﻰ ﻣﻧطﻠﻘﺎﺗﮭﺎ اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ ..إذ ﻛل ﻣن اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ
ﻧظرﯾﺔ ﻗﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﺳس ﻓﻠﺳﻔﯾﺔ ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ ..
ﻓﻔﻲ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﯾﻛون اﻟﻔﻛر ھو اﻟﻘﺎﺋد اﻟﻣﺣرك اﻟذي ﯾﺗﺣﻛم ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ اﻟﺗطور
ﻷن اﻟﻔﻛر ﻗد وﺟد ﻗﺑل اﻟﻣﺎدة ..وﻓﻲ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﺗﻛون اﻟﻣﺎدة ھﻲ اﻟﻘﺎﺋد
اﻟﻣﺣرك اﻟذي ﯾﺗﺣﻛم ﻓﻲ ﺣرﻛﺔ اﻟﺗطور ﻷن اﻟﻣﺎدة ﻗد وﺟدت ﻗﺑل اﻟﻔﻛر ..
ﻣن ھو اﻟذي وﺟد أوﻻ ؟ ..ھذا ھو اﻟﺳؤال اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﻲ اﻟذي ﯾﺗﻧﺎزع
اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﯾﮫ ﻛل ﻣن اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﯾن واﻟﻣﺎدﯾﯾن ،وﯾدﻋﻲ ﻛل ﻣﻧﮭم أﻧﮫ أﺻﺢ
إﺟﺎﺑﺔ .وﻟﻛن أﺣدا ﻣﻧﮭم ﻻ ﯾﺳﺗطﯾﻊ أن ﯾﻘدم دﻟﯾﻼ ﻋﻠﻣﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ
إﺟﺎﺑﺗﮫ ،وﻻ دﻟﯾﻼ ﻋﻠﻣﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﺧطﺄ اﻟرأي اﻵﺧر ..ﻷن اﻟدﻟﯾل اﻟﻌﻠﻣﻲ
اﻟذي ﯾﺧﺿﻊ ﻟﻠﺗﺟرﺑﺔ واﻻﺧﺗﺑﺎر ﻻ ﯾر ّد ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻘوﻻت اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ ..
وﻷن اﻟﻔﻛر وﺟد أوﻻ أﺻﺑﺢ ھو اﻟﻘﺎﺋد ﻓﻲ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ،وﻷن اﻟﻣﺎدة وﺟدت
أوﻻ أﺻﺑﺣت ھﻲ اﻟﻘﺎﺋدة ﻓﻲ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ..وﺗﺣول اﻟزﻋم اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﻲ
ﺑﺄوﻟوﯾﺔ اﻟوﺟود اﻟﻰ ﻓرض ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﻲ أﯾﺿﺎ ﻟﻘﯾﺎدة اﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ..
أﻣﺎ اﻹﻧﺳﺎن ﻓﮭو ﻓﻲ اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﻛﻠﯾﮭﻣﺎ ﻣﻘود داﺋﻣﺎ ،ﺧﺎﺿﻌﺎ داﺋﻣﺎ
ﻟﻣﺎ ﯾﻘوده ﺳواه ﻛﺎن ﻓﻛرة أو ﻣﺎدة ..
ﻟﮭذا ﺗﻣﺛل اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﻛﻼھﻣﺎ ﺟﺑرﯾﺔ ﻋﺎﺗﯾﺔ ﺗﻔرض ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺳﺎن
ﻣﺻﯾره ﺳواء أراده أم ﻟم ﯾرده ،وﺗﺣﯾﻠﮫ اﻟﻰ ﺷﻲء ﻻ إرادة ﻟﮫ وﻻ ﺣرﯾﺔ
..
ھذه اﻟﺟﺑرﯾﺔ ﻧﺷﺄت ﻓﻲ أوروﺑﺎ وﺳﺎدت ﻓﻛرھﺎ ﻛﻠﮫ ،وﻋﻠﯾﮭﺎ ﻗﺎﻣت ﻛل
اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻷوروﺑﯾﺔ ،ﻛﻣﺎ ﻗﺎم ﺳرح اﻟﺣﺿﺎرة اﻷوروﺑﯾﺔ ..ﻓﮭﻧﺎك ﺳواء
ﻛﺎﻧوا ﻣﺎرﻛﺳﯾﯾن ) ﻣﺎدﯾﯾن ( أو ﻟﯾﺑراﻟﯾﯾن ) ﻣﺛﺎﻟﯾﯾن ( ،ﯾﺗﺣدﺛون ﻋن
اﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ وﻗواﻧﯾﻧﮫ وﺗﺎرﯾﺧﮫ وﻣﺻﯾره وھم ﯾﻌﻧون ) اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ (
..واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻧدھم ﻟﯾس ﺟﻣﻌﺎ ﻣن اﻟﺑﺷر ﯾﻌﯾﺷون ﻓﻲ ظروف ﻣﺷﺗرﻛﺔ ،
وﻟﻛن ﺷﻲء ﻏﯾر اﻟﻧﺎس اﻟذﯾن ﯾﻌﯾﺷوﻧﮫ ..
ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ،ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ،ﻻ ﺷﻲء ﻣﺛﺎﻟﯾﺎ وﻣﺎدﯾﺎ ،وﻋﻠﯾﮫ أن ﯾﻧدﻓﻊ ﻣﻊ
ﺣرﻛﺔ ﻣﺟﺗﻣﻌﮫ ) اﻟﻘطﯾﻊ ( ﻛﻣﺎ ﺗﺣرﻛﮫ اﻷﻓﻛﺎر اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ أو أدوات اﻹﻧﺗﺎج .
ان ﻛل ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻓﻠﺳﻔﺔ ﻏﯾر إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻓﻲ ﺟوھرھﺎ ،وﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ ﻏﯾر ﻋﻠﻣﯾﺔ
ﻓﯾﻣﺎ ﺗزﻋﻣﮫ ﻣن ﺗﺑﻌﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن ﻟﻠﻣﺎدة أو ﻟﻠﻔﻛر ..وﻛل ﻣﻧﮭﻣﺎ ﻓﻠﺳﻔﺔ
ﻋﺑودﯾﺔ ..ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻠﯾﺑراﻟﻲ ﻋﺑد ﻟﻠﻣﻧﺎﻓﺳﺔ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗرﺣم .
إن ﺳﻘط ھﻠك .واﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ ﻋﺑد ﻟﻸدوات اﻹﻧﺗﺎج
اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻌﻘل .
ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر إن اﻟﺑﺷر ﻓﻲ اﻟﺣﺿﺎرة اﻷوروﺑﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﺳس ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ أو
ﻣﺎدﯾﺔ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﻗطﻊ ﻏﯾﺎر ﻟﻣﺎﻛﯾﻧﺎت ﺿﺧﻣﺔ اﺳﻣﮭﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ،إﻣﺎ أن
ﺗﺗﺳق ﺣرﻛﺗﮭﺎ ﻣﻊ ﺣرﻛﺔ اﻟﻣﺎﻛﯾﻧﺔ ،وإﻣﺎ أن ُﺗﻠﻔظ أو ﺗﺳﺣق أو ُﺗﺳﺗﺑدل
..
ﻏﯾر أن اﻹﻧﺳﺎن ﻻ ﯾﻘﮭر اﻟﻰ اﻷﺑد ،وھو ﯾﺗﻌﻠم ﺟﯾدا ﻣن ﺧﺑرﺗﮫ ﻛﯾف
ﯾﺛور ﺿد ﻗﺎھرﯾﮫ ..وإذ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن ﯾرى ﺑﻌﯾﻧﮫ وﯾﻠﻣس ﻓﻲ ﺷواء ﺟﺳده
ﻛﯾف أھﻠﻛت ﺗﻠك اﻟﻔﻠﺳﻔﺎت اﻟﺟﺑرﯾﺔ وﺣﺿﺎرﺗﮭﺎ ﻣﻼﯾﯾن ﻣن اﻟﺑﺷر ،ﻓﻲ
اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرات أوﻻ ،ﺛم ﻓﻲ ﺣرﺑﯾن ﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺗﯾن ﻓﻲ رﺑﻊ ﻗرن ،وﺑدأ اﻟﺗﺳﺎؤل
ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻷوروﺑﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ :ھل اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟطرﯾق اﻟﺻﺣﯾﺢ ؟
وﻛﺎن اﻟواﻗﻊ ﻏﯾر اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟذي ﺗﻌﯾﺷﮫ اﻟﺷﻌوب إﺟﺎﺑﺔ ﺣﯾﺔ .
إن ﻓﻲ اﻟﻣﺳﯾرة اﻟﺣﺿﺎرﯾﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﺧطﺄ ﻻ ﯾﻣﻛن ﺗﺟﺎھﻠﮫ ..ان ﺿﺣﺎﯾﺎ
اﻟﺟﺑرﯾﺔ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻻ ﯾﻣﻛن أن ﯾذھﺑوا ھدرا ..وﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى
اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﮫ ﻛﺎن ﻻ ﺑد ﻣن ﺣرﻛﺔ ﺗﻣرد إﻧﺳﺎﻧﻲ ﺿد اﻻﺳﺗﮭﺎﻧﺔ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن
وإرادﺗﮫ ..ﻛﺎن ﻻ ﺑد ﻣن ﺛورة ﺗﺣررﯾﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺿد اﻟﺟﺑرﯾﺔ ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﻛﺎﻧت
أو ﻣﺎدﯾﺔ ..
وﻗد ﺑدأ اﻟﺗﻣرّ د ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻔﻛري ﺑﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻟم ﺗﻧﺟﺢ ﻣن اﻟوﺟودﯾﺔ .
ﻓﺎﻟوﺟودﯾﺔ ﻟم ﺗﻛن إﻻ رد اﻟﻔﻌل اﻟﻣﺗطرف ﻓﻲ اﻟﺣرﯾﺔ ﻟﻠﺟﺑرﯾﺔ اﻟﻣﺗطرﻓﺔ .
إﻧﮭﺎ ﺗرﻛﯾز ﻗوي ﻋﻠﻰ اﻟﻔرد وﺗﺟﺎھل ﻛﺎﻣل ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ .وﻛﺄي رد ﻓﻌل ﻟم
ﺗﺻل اﻟﻰ ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﺑﺄن ﺗﻛون ﻓﻌﻼ ﺑدﯾﻼ وان ﻛﺎﻧت ﻗد ﺣرﻛت رﯾﺎح اﻟﺗﻣرد
ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻛﻠﮫ ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ وﻓﻲ أوﺳﺎط اﻟﺷﺑﺎب ﺧﺎﺻﺔ اﻟﻰ
أن ﻛﺎدت ﺗﻛون دﻋوة ﻓوﺿوﯾﺔ ..وﻣﺎ ﯾزال ﺳﺎرﺗر ﯾرﻣﻣﮭﺎ وﯾﺣﺎول
ﺗﺣرﯾرھﺎ ﻣن ﺳﻣﺎت رد اﻟﻔﻌل ..
أﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺑﺷري ﻓﻛﺎن ﻻ ﺑد ﻟﻠﺗﻣرد ﻣن أن ﯾﺄﺗﻲ ﻣن ﺟﺎﻧب أﻛﺛر
اﻟﻘطﺎﻋﺎت اﻟﺑﺷرﯾﺔ ﺗﺣررا ﻣن ﻋﺑودﯾﺔ اﻟﺣﺿﺎرة اﻷوروﺑﯾﺔ .ان اﻵﺑﺎء
واﻷﻣﮭﺎت واﻹﺧوة اﻟﻛﺑﺎر واﻗﻌون ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ ﻓﻲ ﻗﺑﺿﺔ اﻟﻧظم " اﻟﺟﺑرﯾﺔ "
ﻛﻘﺎدة أو ﻣوظﻔﯾن أو ﻋﺎﻣﻠﯾن ..إﻧﮭم ﻣرﺑوطون اﻟﻰ اﻟﻌﺟﻠﺔ اﻟداﺋرة ﻣن
أﻣﻌﺎﺋﮭم ﻓﺑرزت ﺣرﻛﺔ اﻟﺗﻣرّ د ﻓﻲ أﻛﺛر ﻗطﺎﻋﺎت اﻟﺷﻌوب اﺳﺗﻘﻼﻻ ﻋن
ﻣﺻﺎدر اﻟﻘﮭر وھم اﻟطﻠﺑﺔ ..وھﻛذا ﻧﺷﺄت اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ طﻼﺋﻊ ﺛورة
ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ﺗرﻓض أوﻻ ﺻﻧﻊ اﻟﺣﯾﺎة اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﻘﯾم وزﻧﺎ ﻟﺣرﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن
وإرادﺗﮫ وﺗﺣﯾﻠﮫ ﺷﯾﺋﺎ ﺗﺗﺣﻛم ﻓﯾﮫ اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ أو اﻟﻣﺎدﯾﺔ .ﺛم ﺗﺣﺎول أن
ﺗﺻوغ اﻟﺣﯾﺎة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻣﺳﺗﻔﯾدة ﺑﺧﺑرة اﻟﻣﺎﺿﻲ وﻟﻛن ﺑﺷرط
أﺳﺎﺳﻲ ھو اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﺣرﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎن وإرادﺗﮫ ﻓﻲ اﻻﺧﺗﯾﺎر واﻟﺑﻧﺎء ..
ﻟﮭذا ﻻ ﯾﻛون ﻏرﯾﺑﺎ أن ﻧرى اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻧﺷﯾطﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺗﻣﻊ
ﺗﻘرﯾﺑﺎ ﺣﯾث ﯾﻣﻛن أن ﺗﻧﺷط ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن ﻧوع اﻟﻧظﺎم اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو
اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﻘﺎﺋم ﻓﻲ ﺗﻠك اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ..ذﻟك ﻷن ﻛل ﺗﻠك اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﺗﻣﺛل ـ
ﺑدرﺟﺎت ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ ـ ﺗﺟﺳﯾدا ﻟﺣﺿﺎرة ﻏﯾر إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ أول ﻣﻣﯾزاﺗﮭﺎ ﺗﺟﺎھل
اﻹﻧﺳﺎن وإرادﺗﮫ ..وﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺻر ﻗﯾود ﻣﻔروﺿﺔ ﻋﻠﻰ
اﻹﻧﺳﺎن وان اﺧﺗﻠﻔت أﺷﻛﺎﻟﮭﺎ ..
ھﻛذا ﺗﻧﺗﺻر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن ﻟﻺﻧﺳﺎن ﺿد اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ
.ﻓﮭل اﻻﻧﺗﺻﺎر ﻟﻺﻧﺳﺎن ﺿدھﻣﺎ ﻣوﻗف ﺻﺣﯾﺢ ﻋﻠﻣﯾﺎ ؟
7ـ ﻧﻌم ..اﻧﺗﺻﺎر ﻟﻼﻧﺳﺎن ..
ﻟو ﺗﺟﺎھﻠﻧﺎ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ اﻟﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﯾﺔ وﻛﻔﻔﻧﺎ ﻋن اﻻﺧﺗﻼف ﻋﻠﻰ ﻣﺎ
اﻟذي وﺟد أوﻻ ،اﻟﻔﻛر أو اﻟﻣﺎدة ،ﻟوﺟدﻧﺎ أوﻻ ـ أن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﻗد ﻧﺷﺄت
ﻷول ﻣرة ﺑوﺟود اﻹﻧﺳﺎن وذﻟك ﺑﻌد ﻣﻼﯾﯾن ﻣﻼﯾﯾن اﻟﺳﻧﯾن ﻣن ﺑداﯾﺔ
اﻟوﺟود اﻟذي ﯾﺑﺣﺛون ﻓﻲ ﻛﯾف وﺟد .وﻟوﺟدﻧﺎ ﺛﺎﻧﯾﺎ ـ أﻧﮫ ﻣﻧذ أن وﺟد
اﻹﻧﺳﺎن واﺟﮫ ظروﻓﮫ اﻟﻣﺎدﯾﺔ .ووﺟدﻧﺎ ﺛﺎﻟﺛﺎ ـ أﻧﮫ ﯾﻘوم ﻣﻧذ أن وﺟد
ﺑﺗطوﯾﻊ وﺗطوﯾر ھذه اﻟظروف اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻟﺗﺷﺑﻊ ﺣﺎﺟﺗﮫ اﻟﻣﺗﺟددة أﺑدا .
ووﺟدﻧﺎ راﺑﻌﺎ ـ أﻧﮫ ﻣن ﺧﻼل ھذه اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺟدﻟﯾﺔ ﺑﯾن اﻹﻧﺳﺎن وظروﻓﮫ
وطور ﻣﺟﺗﻣﻌﺎﺗﮫ .وﻟوﺟدﻧﺎ ﺧﺎﻣﺳﺎ ـ أﻧﮫ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﺗﺄﺛﯾر
ّ
ﺻﻧﻊ ﺗﻘدﻣﮫ
اﻟﻣﺗﺑﺎدل ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ظروﻓﮫ ﯾﺗوﻟﻰ ھو اﺧﺗﯾﺎر ﻣﺳﺗﻘﺑﻠﮫ وﺗﺣﻘﯾﻘﮫ ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ
.ﻓﺎﻹﻧﺳﺎن ﻣﻧذ وﺟوده ھو ﻗﺎﺋد ﺣرﻛﺔ اﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﻻ اﻟﻔﻛرة
اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ وﻻ اﻟظروف اﻟﻣﺎدﯾﺔ .
ﺗﻠك ھﻲ ﺧﻼﺻﺔ ﺗﺎرﯾﺦ اﻹﻧﺳﺎن ﺑﺑﺳﺎطﺔ .اﻧﮫ اﻹﻧﺳﺎن اﻟﺧﻼق اﻟذي
ﯾﻣﺎرس ﻗﯾﺎدﺗﮫ ﻟﻠظروف اﻟﻣﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﻛل ﻣﺣﺎوﻻت
إﺧﺿﺎﻋﮫ ﻟﻣﺎ ھو ﻓوﻗﮫ أو ﻟﻣﺎ ھو ﺗﺣﺗﮫ ..وﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺗﻣرد اﻹﻧﺳﺎن ﻋﻠﻰ
ﻣﺣﺎوﻻت إﺧﺿﺎﻋﮫ ﻓﺎﻧﮫ ﯾﺿﻊ ﻗدﻣﮫ ﻋﻠﻰ أول طرﯾق ﺻﺣﯾﺢ ﯾﺻﺣﺢ ﺑﮫ
ﻣﺳﯾرة ﺧﺎطﺋﺔ .وإذا ﻛﺎﻧت اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ ھﻲ أول ﺗﻣرد أﻧﺳﺎﻧﻲ ﺿد
اﻟﺟﺑرﯾﺔ ﻓﺄﻧﮭم طﻼﺋﻊ اﻟﺛورة اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ اﻟﻛﺑرى اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﺎج إﻟﯾﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ
ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺻر ﻏﯾر اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ ..وﻏدا وﺑﻌد ﻏد ﺳﯾﻧظم إﻟﯾﮭم ﻛل
اﻟﻣﻘﮭورﯾن .وﻟن ﯾﺧدﻋﻧﺎ ﻋن رؤﯾﺔ ھذا اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ أن اﻟﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻣﺎ ﺗزال ﻧﺎﺷﺋﺔ ﺗﺗﻌﺛر ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻔﻛري ..ﻓﻐدا أو
ﺑﻌد ﻏد ﺳﺗﺗﺿﺢ وﺗﻛﺳب ﻛل أﺑﻌﺎدھﺎ اﻟﻔﻛرﯾﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ..واﻟطﻼب ﺑﻌد
ﻟﯾﺳوا ﺳوى طﻼﺋﻊ ،وﻣن ھﻧﺎ ﻓﺎن إﻧﺿﺎج اﻟﺛورة ﻟﯾس واﺟﺑﺎ ﻋﻠﻰ
اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﺣدھﺎ ،ﺑل ھﻲ واﺟب ﻋﻠﻰ ﻛل اﻟذﯾن ﯾﺗطﻠﻌون اﻟﻰ
ﻣﺳﺗﻘﺑل أﻧﺳﺎﻧﻲ ﯾﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻘدم اﻟﻣﺎدي وﯾﺿﯾف إﻟﯾﮫ إﻧﺳﺎﻧﯾﺗﮫ ﻟﯾﻛون
اﻟﺗﻘدم اﻟﻣﺎدي ﻓﻲ ﺧدﻣﺔ اﻹﻧﺳﺎن وﻟﯾس اﻹﻧﺳﺎن ﻓﻲ ﺧدﻣﺗﮫ ..
وﻟﻌل أول واﺟب ﻋﻠﻰ ﻏﯾر اﻟﻣﻧﺗﻣﯾن إﻟﻰ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ أن ﯾرﻓﻌوا
أﯾدﯾﮭم ﻋﻧﮭﺎ .أن ﯾﺗرﻛوھﺎ ﺗﺗﻔﺎﻋل وﺗﻧﺿﺞ وﺗؤدي دورھﺎ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻣن
ﺧﻼل ﺗﺄﺛﯾرھﺎ اﻟﺣر ﻓﻲ ﻣﺟﺗﻣﻌﮭﺎ .إﻧﮭم إن ﯾﻛﺑﺗوھﺎ ﻻ ﯾﻠﻐوھﺎ وﻟﻛن
ﯾﻌطﻠوا ﻧﺿوﺟﮭﺎ ،ﻓﮭﻲ ـ أرادوا أم ﻟم ﯾرﯾدوا ـ واﺻﻠﺔ اﻟﻰ ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ
اﻟﺗﻘدﻣﯾﺔ .
ﺛم ﯾﺑﻘﻰ اﻟﻣﻌول ﻋﻠﯾﮫ ﻓﻲ ﻧﺿﺞ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﻣﻌدل ﺳرﻋﺔ ھذا
اﻟﻧﺿﺞ ﻋﻠﻰ اﻟطﻼب أﻧﻔﺳﮭم .ﻓﺣﺗﻰ اﻟظواھر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻻ ﺗﻧﺿﺞ ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ
،ﺑل ﻻ ﺑد ﻣن ﺟﮭد ﺑﺷري ﻹﻧﺿﺎﺟﮭﺎ ..
ﻋﻠﯾﮭم أوﻻ أن ﯾﺣﺗﻔظوا ﺑﺣرﻛﺗﮭم وأن ﯾﺣﺎﻓظوا ﻋﻠﯾﮭﺎ .إن ھذا أول
ﺷروط ﺗطوﯾرھﺎ ،إذ أن اﻟوﺟود ﺷرط أول ﻟﻠﺗطور ..إن اﻟﺗزاﻣﮭم
ﺑﺎﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ ﺣرﻛﺗﮭم ﻣﻊ اﺧﺗﻼﻓﮭم ﻓﻛرﯾﺎ ﺳﯾﻣﻠﻲ ﻋﻠﯾﮭم ﻗﺑول اﻟﺣوار
اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ ﻓﯾﻣﺎ ﺑﯾﻧﮭم ﺑﻘﺻد ﺗﺟﺎوز اﻟﺧﻼف اﻟﻰ اﻟوﺣدة اﻟﻔﻛرﯾﺔ .
إن أﯾﺔ ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻹﻣﻼء ﻓﻛر ﺑﻌﯾﻧﮫ ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ھو ﺗﺧرﯾب ﻟﮭﺎ
ﻣن اﻟداﺧل ،ﻟن ﺗﻛون ﻟﮫ ﻧﺗﯾﺟﺔ إﻻ ﺗﻣﻛﯾن أﻋداء اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻣن
ﺗﻣزﯾﻘﮭﺎ .ان اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ وﻣزﯾد ﻣن اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﻓﻲ إطﺎر وﺣدة اﻟﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ ھو ﻣﺻدر ﻗوﺗﮭﺎ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻔﺗك ﺑﮭﺎ .وﻟﯾس ﻟﻠطﻼب
ﻋذر ﻓﻲ رﻓض اﻟﺣوار اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ .
إﻧﮭم ..ﺑﻌد دور اﻹﻋداد اﻟﻌﻠﻣﻲ واﻟﻔﻛري أﯾﺿﺎ ،ﻓﺎن ﻛل اﻷﻓﻛﺎر
ﻣﻌروﺿﺔ ﻋﻠﯾﮭم ﻟﯾدرﺳوھﺎ وھم ﺑﻌد ﻓﻲ أول ﻣراﺣل اﻟﺣﯾﺎة اﻟطوﯾﻠﺔ ،
ﻓﻌﻠﯾﮭم أن ﯾﺗوﻗﻌوا ﺛراء ﻣﺗﻼﺣﻘﺎ ﻓﻲ ﻣﻌرﻓﺗﮭم ﻣن ﺧﻼل اﻟدراﺳﺔ أو
اﻟﺗﺟرﺑﺔ ..
ان اﻟﺗﻌﺻب اﻟﻔﻛري ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻟﯾس إﻻ ﺗﻣردا ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ ذاﺗﮭﺎ ،وھو ﺗﻣرد ﻋﻘﯾم ،إذ ﺳﺗﻠﻔظ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗﻣردﯾن
ﻟﺗﺑﻘﻰ ھﻲ ..
8ـ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﺗﺟرﺑﺔ اﻷﺟﯾﺎل :
ﺛم إن ﻋﻠﻰ اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ أن ﺗﺳﺗﻔﯾد ﻣن ﺗﺟﺎرب اﻷﺟﯾﺎل اﻟﺗﻲ ﺳﺑﻘﺗﮭﺎ
..إﻧﮭﺎ ﺗﺟرﺑﺔ ﺛورﯾﺔ ﺟدﯾدة ..ﺗﺑدأ راﻓﺿﺔ وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎن ﺗﺑﻘﻰ ﻛﻣﺎ
ھﻲ ..ﻻ اﻧﻘطﺎﻋﺎ ﻓﻲ ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﺗطور اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ..وﻟﻛن ﻣرﺣﻠﺔ ﺟدﯾدة
أﻛﺛر ﺗﻘدﻣﯾﺔ ..واﻟﻌﺑرة ﻓﻲ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﺑﻣﻘدرﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻔﺎدة ﻣن اﻟﺗراث
ﺣﺗﻰ اﻟذي ﺗرﻓﺿﮫ ..
إن اﻟﻣواﻋظ ھﻧﺎ ﻻ ﺗﻧﻔﻊ أﺣدا .ﻓﻠﺳﻧﺎ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﻘول ﻟﻠﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ
ﻋﻠﯾﻛم ﺑﻛذا ..ھذه وﺻﺎﯾﺔ ﻣﻔروﺿﺔ ﻋن ﺟﮭل .ﻓﺎن اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ
ھﻲ طﻼﺋﻊ ﻣﺗﻣردة ﺿد اﻟوﺻﺎﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺷر ﺑﺎﻟذات .وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺎﻧﻧﺎ
ﻧﺳﺗﻣر ﻓﻲ اﻟﺣدﯾث ﻋﻣﺎ ﻧراه ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ ﻟﻠﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﯾﺗﻔق ﻣﻊ ﻧﺷﺄﺗﮭﺎ ،
وﻣﺳﯾرﺗﮭﺎ .اﻧﮫ ﺗوﻗﻊ أﻛﺛر ﻣﻧﮫ دﻋوة .ان ﺻﺢ ﻓﻘد ﻛﺳﺑت اﻟﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ زﻣﻧﺎ ﻛﺎن ﯾﻣﻛن أن ﺗﺑدده ﻓﻲ اﻟﺗﺟرﺑﺔ اﻟﻰ أن ﺗﮭﺗدي إﻟﯾﮫ ..وان
ﻟم ﯾﺻﺢ ﻓﺎﻧﮫ رأي ﯾﺣﻣل أﻣﻼ ﻻ ﺗﺻﯾب اﻟﺧﯾﺑﺔ إﻻ ﺻﺎﺣﺑﮫ وﻻ ﺗﻌوق
اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻋن ﺷﺊ ..
9ـ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ واﻟﺣوار اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ :
ﺳﺗﻧﺟﺢ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ إذا اﺳﺗطﺎﻋت ﻋن طرﯾق اﻟﺣوار اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ أن
ﺗﻧﺗﮭﻲ اﻟﻰ وﺣدة ﻓﻛرﯾﺔ ،ﻟﯾﺳت أﯾﺔ وﺣدة ﻓﻛرﯾﺔ ،ﺑل وﺣدة ﻓﻛرﯾﺔ ذات
ﻣﻌﺎﻟم ﺗﺗﻔق ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ذاﺗﮭﺎ .وﻗد رأﯾﻧﺎ ﻛﯾف أن
اﻹﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎت اﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ واﻟﻣﺎدﯾﺔ ﻗد ﻓﺷﻠت ﻓﻲ ﺗﻔﺳﯾر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ..
ﻓﻠﺳﻧﺎ ﻧﻌرف ﻛﯾف ﯾﻣﻛن أن ﺗﺗم اﻟوﺣدة اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﺑﯾن اﻟطﻼب ﻓﻲ ﺣرﻛﺗﮭم
إذا ظﻠوا ﻣﺗرددﯾن ﺑﯾن ھذا اﻟﺛﻧﺎﺋﻲ اﻟﻣﺧرب " :إﻣﺎ أن ﺗﻛون ﻣﺎدﯾﺎ وإﻣﺎ
أن ﺗﻛون ﻣﺛﺎﻟﯾﺎ " .أﻧﮭم إن ﻗﺑﻠوا واﺣدة ﯾﻛوﻧوا ﻗد أﻧﻛروا أﻧﻔﺳﮭم
ﻛﺣرﻛﺔ .
" اﻟﻔﻠﺳﻔﺔ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ " اﻟﺗﻲ ﺗﺑدأ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن ﻣﻧطﻠﻘﺎ وﺗﻧﺗﮭﻲ ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن ﻏﺎﯾﺔ
ھﻲ إذن اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻔق ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺔ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ..ﺑل ان اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ
ذاﺗﮭﺎ ﻟﯾﺳت إﻻ ﻣﻣﺛﻼ ﻟﮭﺎ ..ﻟﮭذا ﺳﺗﺗﺣﻘق اﻟوﺣدة اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ إذا اﺳﺗطﺎﻋت ﻋن طرﯾق اﻟﺣوار اﻟدﯾﻣﻘراطﻲ أن ﺗرﻓض اﻟﻣﺎدﯾﺔ
واﻟﻣﺛﺎﻟﯾﺔ ﻛﻠﺗﯾﮭﻣﺎ وﺗﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﻓﻠﺳﻔﺔ إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ..
* ھذا ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ .
* أﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﻣﻧﺎھﺞ اﻟﺗطور ﻓﻼ ﻣﺣﯾص ﻟﻠﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻣن ان
ﺗﮭﺗدي اﻟﻰ " اﻟﺟدل " ﻗﺎﻧوﻧﺎ ﻟﻠﺗطور ﺗﻛﺗﺷﻔﮫ وﺗﻌﺗرف ﺑﮫ وﺗﺳﺗﺧدﻣﮫ ﻓﻲ
ﺣرﻛﺗﮭﺎ .ذﻟك ﻻن اﻟﺟدل وﺣده ھو اﻟذي ﯾﻔﺳر ﺣرﻛﺗﮭﺎ اﻟﻣﺗطورة
اﻟﻣطورة ..وﻛل ﻗﺎﻧون ﻣﯾﻛﺎﻧﯾﻛﻲ أو ﻣﯾﺗﺎﻓﯾزﯾﻘﻲ ﺳﯾﻌﺟز ﻋن ﺗﻔﺳﯾر
ﺣرﻛﺗﮭﺎ وﺗطورھﺎ اﻟذي ﯾﺧﻠق ﻛل ﯾوم ﺟدﯾدا ،وﯾﺣل اﻟﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺎت ﻓﻲ
اﻟواﻗﻊ .واﻟﺟدل ھو اﻟﺗﺄﺛﯾر اﻟﻣﺗﺑﺎدل واﻟﺣرﻛﺔ واﻟﺗﻐﯾر واﻟﺻراع ﺑﯾن
اﻟﻣﺗﻧﺎﻗﺿﺎت .ﺛم ﯾﺑﻘﻰ ﻋﻠﯾﮭﺎ أن ﺗﺣدد ﻣن ﺑﯾن ﻛل اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﻣؤﺛرة
اﻟﻣﺗﺄﺛرة اﻟﻣﺗﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ذﻟك اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻘﺎﺋد ﻟﺣرﻛﺔ اﻟﺗطور ..
ﻋﻧدﺋذ ﺳﺗﮭﺗدي ﺑﻔﻠﺳﻔﺗﮭﺎ اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻟﺗﺧﺗﺎر اﻹﻧﺳﺎن ﻗﺎﺋدا ﻟﻠﺗطور
اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ..ﻋﻧدﺋذ ﺗﻛون ﻣﺗﺳﻘﺔ ﻣﻊ ذاﺗﮭﺎ ﻛﺣرﻛﺔ ﻻ ﯾﺗﻧﺎﻗض وﺟودھﺎ
ﻣﻊ ﻓﻛرھﺎ ﻓﺗﺗﺳق ﺣرﻛﺗﮭﺎ وﺗﺻﺑﺢ أﻛﺛر ﻓﺎﻋﻠﯾﺔ ..
* أﻣﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻧظرﯾﺔ ،أي اﻟﺣﻠول اﻟﻔﻛرﯾﺔ ﻟﻠﻣﺷﻛﻼت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ
،ﻓﺎن ﻛل ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺗﻣﻊ ﺳﺗواﺟﮫ ﻣﺷﻛﻼت ﻣﺟﺗﻣﻌﮭﺎ ﻛﻣﺎ
ﯾطرﺣﮭﺎ اﻟواﻗﻊ وﺑدون ﺗزﯾﯾف ..ﻏﯾر أﻧﮭﺎ ـ ﻟﻛﻲ ﺗﻘوم ﺑدورھﺎ اﻟطﻠﯾﻌﻲ ـ
ﻻ ﺑد ﻟﮭﺎ ﻣن أن ﺗﺣﺗﻔظ ﻓﻲ ﻛل اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت ﺑﺳﻣﺗﮭﺎ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ وھﻲ أﻧﮭﺎ
ﺣرﻛﺔ ﺗﺣررﯾﺔ ..
اﻟﺗﺣرر ﻣن اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر ،اﻟﺗﺣرر ﻣن اﻟﻘﮭر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ ،اﻟﺗﺣرر ﻣن اﻟﻘﮭر
اﻻﻗﺗﺻﺎدي ،ﺗﻠك أھداف ﻻ ﺗﻣﻠك اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ أن ﺗﺗﺟﺎھﻠﮭﺎ أو أن
ﺗﻧﻛص ﻋن اﻟﻧﺿﺎل ﻣن أﺟﻠﮭﺎ وإﻻ أﻧﻛرت وﺟودھﺎ وﺷوھت ﻣﺳﯾرﺗﮭﺎ ..
إن ﻛل ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ﻻ ﺑد ﻟﮭﺎ ﻣن أن ﺗﻛون ﺗﺣررﯾﺔ اﺷﺗراﻛﯾﺔ ﺳواء
وﻋت ھذا أو ﻟم ﺗﻌﮫ ..ﻓﺎﻟﺣرﯾﺔ واﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ )ﻧظﺎم اﻟﺗﺣرر ﻣن اﻟﻘﮭر
اﻻﻗﺗﺻﺎدي واﻻﺳﺗﻐﻼل( ھدﻓﺎن ﻣﺗﺻﻼن ﺑﺟوھر اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ذاﺗﮭﺎ ..
ﻗد ﻻ ﯾدرﻛﮫ ﺑﻌض اﻟطﻠﺑﺔ وﻟﻛﻧﮭم ﻋﺎﺟﻼ أو آﺟﻼ ﺳﯾدرﻛوﻧﮫ ..ان ﻟم
ﯾدرﻛوه ﻓﻛرﯾﺎ ﻓﺳﯾدرﻛوﻧﮫ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻣﻣﺎرﺳﺔ ..وﻟم ﯾﻛن ﻋﺑﺛﺎ أن ﺗﻧﺷﺄ
اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ اﺑﺗداء ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ..اذ ﻣن ھم اﻟطﻠﺑﺔ
ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ..؟
أﻧﮭم أوﻟﺋك اﻟﺑﺷر اﻟﻧﺎﺷﺋون اﻟذﯾن ﯾﻌدون ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎھد اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﯾﺻﺑﺣوا
ﺑﻌد ﺗﺧرﺟﮭم " ﺧدﻣﺎ " ﻟﻠرأﺳﻣﺎﻟﯾﯾن ..ﯾﺑﯾﻌون طﺎﻗﺎﺗﮭم اﻟﻔﻛرﯾﺔ
وﻛﻔﺎءاﺗﮭم اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻟﻣن ﯾدﻓﻊ اﻟﺛﻣن ﻓﻲ ﺳوق اﻟﺑﺷر اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺣﻛم ﻓﯾﮭﺎ
أﺻﺣﺎب اﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ..وﯾﺑذﻟون طﺎﻗﺎﺗﮭم إرﺿﺎء ﻟﺳﺎدﺗﮭم
ﺧوﻓﺎ ﻣن ﻓﺻﻠﮭم ..وﻻ ﯾﺗﻘدﻣون إﻻ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾﺣوزون رﺿﺎ ھؤﻻء
اﻟﺳﺎدة ،وھم ﻻ ﯾﺣوزون رﺿﺎھم إﻻ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﯾوﻓرون ﻟﮭم ﻣن " رﺑﺢ "
ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب إﺧوﺗﮭم وآﺑﺎﺋﮭم وأﻣﮭﺎﺗﮭم اﻟﻌﺎﻣﻠﯾن أو اﻟﻣﺳﺗﮭﻠﻛﯾن ..وﻟﻘد
ﻛﺎن ﻣن اﻟﻌﺑث وﺳﯾﺑﻘﻰ ﻣن اﻟﻌﺑث أن ﯾﻘﺎل ﻟﻠﺟﯾل اﻟطﻼﺑﻲ اﻟﻧﺎﺷﺊ اﻧﺗﺑﮫ
اﻟﻰ دروﺳك وﺗﻔوق ﻟﺗﺣﺻل ﻋﻠﻰ وظﯾﻔﺔ ﻟدى " ﺷرﻛﺔ ﻓﻼن " ..اﻧﮫ
ﯾﺑﺎع ﻣﻘدﻣﺎ ،وﻗد ﯾدﻓﻊ اﻟﻣﺷﺗرون اﻟﻌرﺑون ﻋﻧدﻣﺎ ﺗوﻓد اﻟﺷرﻛﺎت
واﻟﻣؤﺳﺳﺎت اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟطﻼب ﻓﻲ ﺑﻌﺛﺎت ﺑﻌﻘود ﺗﻠزﻣﮭم ﺑﺄن ﯾﻌﻣﻠوا
ﻟدﯾﮭﺎ ﺳﻧﯾن ﻣﺣدودة ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل اﻟﻌرﺑون اﻟذي دﻓﻊ ..
إن اﻟﻣﻌﺎھد اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﯾﺳت أﻛﺛر ﻣن ﻣﻌﺎﻟف
ﯾرﺑﻰ ﻓﯾﮭﺎ اﻟﺑﺷر وﯾﺳﻣﻧون وﯾﮭﺟﻧون وﯾدرﺑون ﻟﯾﺻﻠﺣوا ﻟرﻛوب
اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﯾن أو ﻟﺟر ﻋرﺑﺎﺗﮭم ..وﻟﻘد ﻛﺎﻧت اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ وﻣﺎ ﺗزال
ﻋﻠﻰ ﺣق ﻓﻲ أن ﺗرﻓض ﻋﻧﺎء اﻟﺗﻌﻠﯾم ﻟﻣﺟرد أن ﯾﺻﺑﺢ اﻟطﻼب ﻋﺑﯾدا
ﻟﻠرأﺳﻣﺎﻟﯾﯾن ..وﻟﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺗﻌﻠﯾم ﺿرورة إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﻟﻠرﻗﻲ ﻓﺎن اﻟطﻼب ﻻ
ﯾﺳﺗطﯾﻌون أن ﯾرﻓﺿوا اﻟﻌﻠم وﻟو ﻛﺎﻧوا ﯾﻌرﻓون أن اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ ﺗﺟﮭزھم
ﻟﺧدﻣﺗﮭﺎ ! ..وھﻛذا ﻛﺎن رﻓض اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ﺟﻣﻠﺔ وﺗﻔﺻﯾﻼ ﺑﻛل ﻣﺎ
ﻓﯾﮫ وﻣن ﻓﯾﮫ ﻣن ﻗﮭر ﻣن ﺟﺎﻧب اﻟﺳﺎدة وﻣن ﻣﻧﺎﻓﺳﺔ ﺑﯾن اﻟﻌﺑﯾد ،ھو
اﻟﺣل اﻟذي اﺧﺗﺎرﺗﮫ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ..واﻟﺗﻲ ﯾﺟب أن ﺗﺗﻣﺳك ﺑﮫ داﺋﻣﺎ
ﻟﺗؤدي دورھﺎ اﻟﻌظﯾم ..
ھل اﺧﺗﺎرت اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ اﻟﻧظﺎم اﻻﺷﺗراﻛﻲ ﺑدﯾﻼ ﻋن اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ
اﻟﺗﻲ رﻓﺿﺗﮭﺎ ؟ ﻻ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﻘول أﻧﮭﺎ ﻓﻌﻠت ھذا ﻓﻲ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣرﻛﺎت
اﻟطﻼﺑﯾﺔ ..ﺑل ﻛﺛﯾر ﻣﻧﮭﺎ رﻓﺿت وﻣﺎ ﺗزال ﻋﻧد ﻣرﺣﻠﺔ اﻟرﻓض وﻟﻛن
ﻛﺛﯾر ﻣﻧﮭﺎ اﺧﺗﺎرت اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ..
وﯾرﺟﻊ ھذا اﻟﻣوﻗف اﻟﻣﺗردد أو اﻟذي ﻟم ﯾﻧﺿﺞ ﺑﻌد ،اﻟﻰ اﻟﺧﻠط اﻟذي
ﯾؤﻛده اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾون ﺑﯾن اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ وﺑﯾن اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ..وﻗد ﻋرﻓﻧﺎ ﻣن
ﻗﺑل ﻛﯾف ﯾﻧظم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾون اﻟﻰ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﯾن ﻓﻲ ﺗﺄﻛﯾد اﻟﺧﻠط ﺑﯾن
اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ واﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ..
وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻧظرﯾﺔ ﻣﺎدﯾﺔ ﺟﺑرﯾﺔ ،ﻓﺎن اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ
اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﺗﺻد اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ھﻲ ﺗﺣررﯾﺔ دﯾﻣﻘراطﯾﺔ أﺻﻼ
ﻋن ﺗﺑﻧﯾﮭﺎ ﺧوﻓﺎ ﻣن أن ﺗﻛون اﻟدﻋوة اﻟﻰ اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ﻣدﺧل إﻏراء
ﻟﻠوﻗوع ﻓﻲ ﻣواطن اﻟدﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ ﺗﻔﻘد اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ
اﻟﺣرﻛﺔ ﻛﻣﺎ ھﻲ ﻋﺎدﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ..
وﻟﻛن اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ﻟﯾﺳت ھﻲ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ .ﻟﻘد ﻛﺎن ﻟﻣﺎرﻛس ﻓﺿل ﻓﺿﺢ
اﻟﻧظﺎم اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ وﺑﯾﺎن ﻣﺎ ﻓﯾﮫ ﻣن ﻋﺑودﯾﺔ ..وﻟﻛن ﻟﯾس ﻓﻲ ﻛل اﻟﺗراث
اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ ﻣﻧذ ﻣﺎرﻛس ﺣﺗﻰ ﻟﯾﻧﯾن ﻛﻠﻣﺔ واﺣدة ﺗﺑﯾن ﻣﺎھﯾﺔ اﻟﻧظﺎم
اﻻﺷﺗراﻛﻲ اﻟذي ﯾﻘوم ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ ﺑﻌد إﻟﻐﺎء اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻷدوات
اﻹﻧﺗﺎج ..إن ھذا اﻹﻟﻐﺎء ھو ﻣﺎ ﺗﻌرﻓﮫ اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ،وھو إﺟراء ﺳﻠﺑﻲ ..
وﻗد ﻛﺎن ھذا اﻟﻘﺻور اﻟﻧظري ﻣﺣل ﻣﻼﺣظﺔ ﻟﯾﻧﯾن ﺑﻌد ﻗﯾﺎم اﻟﺛورة
اﻟﺑﻠﺷﯾﻔﯾﺔ ﺳﻧﺔ .. 1917وﻓﺷﻠت اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق ﻟﻣﺎ ﺳﻣﻲ
ﺷﯾوﻋﯾﺔ اﻟﻐرب ،وﺗراﺟﻊ ﻟﯾﻧﯾن ﻋن اﻟﻧظرﯾﺔ ،ﻓدﺧل اﻻﺗﺣﺎد اﻟﺳوﻓﯾﺎﺗﻲ
ﻣرﺣﻠﺔ ﺑﻧﺎء اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ﺑﻣﻧﮭﺞ ﺗﺟرﯾﺑﻲ ،ﺛم اﺳﺗﻘرت اﻟﺗﺟرﺑﺔ ﻋﻠﻰ ﻗواﻋد
،وﻋرف اﻟﻌﺎﻟم ﻣﺎ ھو اﻟﻧظﺎم اﻻﺷﺗراﻛﻲ ..
وﺑﻌد ان ﻛﺎن ﻣﺎرﻛس واﻧﺟﻠز ﯾﻠﻌﻧﺎن اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ واﻻﺷﺗراﻛﯾﯾن ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرھم
ﺑورﺟوازﯾﯾن ﻣﺿﻠﻠﯾن ،وﯾرﻓﻌﺎن ﺷﻌﺎر اﻟﺷﯾوﻋﯾﺔ ،ﺗراﺟﻊ اﻟﻔﻛر
اﻟﻣﺎرﻛﺳﻲ وﻗﺑل اﻟﻧظﺎم اﻻﺷﺗراﻛﻲ ﺗﺣت إﻟﺣﺎح ﺿرورات اﻟﺗﻘدم وﻗﺎل ﻋﻧﮫ
اﻧﮫ ﻣرﺣﻠﺔ اﻧﺗﻘﺎﻟﯾﺔ ..وﻣﺎ ﯾزال ﻣﻧذ ﺳﺗﯾن ﻋﺎﻣﺎ ﻣرﺣﻠﺔ اﻧﺗﻘﺎﻟﯾﺔ ..
ﻟﯾس اﻟﻌﯾب إذن ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻻﺷﺗراﻛﻲ إﻧﻣﺎ اﻟﻌﯾب ﻓﯾﮫ ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﻠﺻق
ﺑﺎﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ ،واﻟﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ وﺣدھﺎ ،وھو ﻣﺎ ﯾرﯾده اﻟﻣﺎرﻛﺳﯾون
واﻟﻠﯾﺑراﻟﯾون ﻣﻌﺎ ،اﻧﮫ ﯾﺣﻣل ﻣﻌﮫ ﺟرﺛوﻣﺔ اﻟﻣﺎدﯾﺔ ) اﻟﺟﺑرﯾﺔ ( ﻓﺗﺻﺑﺢ
اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ﻣﻘﺗرﻧﺔ ﺑﺎﻟدﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ ..وﻛل أﻋداء اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ وﺧﺎﺻﺔ
اﻟرأﺳﻣﺎﻟﯾﯾن ﻻ ﯾرﯾدون إﻻ ﺗﺄﻛﯾد ھذه اﻟﺗﮭﻣﺔ ﻏﯾر اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ..وﯾﻧﺎﺿل
اﻻﺷﺗراﻛﯾون اﻟدﯾﻣﻘراطﯾون ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن ﺿد ھذه اﻟدﻋوة اﻟﺗﻲ ﺗﺣﺎﻟف
ﻋﻠﯾﮭﺎ أﻋداء اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ﻣن ﻣﺎرﻛﺳﯾﯾن وﻟﯾﺑراﻟﯾﯾن ..
ﺑﻣﺟرد اﻟﺗﺣرر ﻣن اﻟﻣﺎدﯾﺔ ﺗﺻﺑﺢ اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ أﻛﺛر اﻟﻧظم ﺣرﯾﺔ
ودﯾﻣﻘراطﯾﺔ ..إﻧﮭﺎ إذ ﺗﺣرر اﻹﻧﺳﺎن ﻣن اﻟﻘﮭر اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﺗﺿﯾف اﻟﻰ
اﻟﺣرﯾﺔ اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﻛﻣﻠﮭﺎ وﯾﻌطﯾﮭﺎ ﻣﺿﻣوﻧﮭﺎ اﻻﯾﺟﺎﺑﻲ ﻓﻼ ﺗﺑﻘﻰ ﺣرﯾﺔ
ﺷﻛﻠﯾﺔ ﻛﻣﺎ ﯾرﯾد اﻟﻠﯾﺑراﻟﯾون ..
وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﺣرﻛﺔ ﺗﺣررﯾﺔ ﻓﻲ ﺟوھرھﺎ ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻟن ﺗﺧذل
ﺟوھرھﺎ وﺗﺧﺗﺎر اﻟدﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ ﺳواء ﻛﺎﻧت دﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ رأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ )ﻓﺎﺷﯾﺔ(
أو دﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ اﺷﺗراﻛﯾﺔ )ﻣﺎرﻛﺳﯾﺔ( ..وھﻛذا ﺗﺣدد ﻟﻠﺣرﻛﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻧظﺎم
اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﯾﺗﻔق ﻣﻊ ﺟوھرھﺎ اﻟﺗﺣرري ﺳﯾﺎﺳﯾﺎ واﻗﺗﺻﺎدﯾﺎ وھو اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ
اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ..
وﻟﺳﻧﺎ ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﺣدد اﻟﻣﺷﻛﻼت اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺻﺎدف أو ﻗد
ﺗﺻﺎدف اﻟﺣرﻛﺎت اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺗﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﺣدة ..ﻓﻔﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت
اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرة ﻣﺛﻼ ﻻ ﺗﺗﺳق اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺗﮭﺎ إﻻ إذا ﻛﺎﻧت طﻠﯾﻌﺔ
ﺛورﯾﺔ ﺿد اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر واﻟﺗﺑﻌﯾﺔ ..وﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت اﻟﻣﺗﺧﻠﻔﺔ ﺗﺗﺳق
ﺣرﻛﺗﮭﺎ ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺗﮭﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻘود اﻟﻧﺿﺎل ﻣن أﺟل اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ وﺗﻘف ﺑﺻﻼﺑﺔ
ﺿد اﻻﻧﺣراف واﻟﺗﺑذﯾر واﻟﻣظﮭرﯾﺔ اﻻﺳﺗﮭﻼﻛﯾﺔ وھﻛذا ..
ﻗﯾﺎﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﻛل ﻣﺎ ﺳﺑق ﻧﺳﺗطﯾﻊ أن ﻧﻘول أن اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟوطن
اﻟﻌرﺑﻲ ﺳﺗﻛون ﺗﺎﺋﮭﺔ وﻓﺎﺷﻠﺔ أﯾﺿﺎ إذا ﻟم ﺗﻛن ﺣرﻛﺔ ﻣوﺣدة ﻗوﻣﯾﺎ ..
ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ﻋرﺑﯾﺔ واﺣدة ..إذ ﻣﺎ ھو اﻷﺛر اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﻣوﻗف اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ
اﻟذي ﺗﻣﺛﻠﮫ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ ؟ ..ﻧﻌﻧﻲ اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﯾد أن
ﺗﻛون ﻣﺗﺳﻘﺔ ﻣﻊ ذاﺗﮭﺎ ﻣﻧﺿﺑطﺔ ﻣﻊ ﻣﺑررات وﺟودھﺎ ..اﻧﮫ ﯾﺗﺣدد ﻓﻲ
ﺳؤال أول ﯾطرﺣﮫ اﻟطﻼب ﻋﻠﻰ ﺣرﻛﺗﮭم ..
ﻣﺎ داﻣت اﻟﻌﺑرة ﻓﻲ ﻗﯾﺎدة اﻟﺗطور ﺑﺎﻹﻧﺳﺎن ،ﻓﻣن ﻧﺣن ؟ ﻣﺎ ھو ﺣﺟﻣﻧﺎ ..
ﻋﻠﻰ أي ارض ﻧﻘﯾم ،ﻣﺎ ھﻲ ﻣﺳﺎﺣﺔ ﺣرﻛﺗﻧﺎ ،ﻣﺎ ھﻲ ﻣدى ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻧﺎ ،
ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر ﻣﺎ ھو ﻣﺟﺗﻣﻌﻧﺎ ؟ ..ﻋﻧدﺋذ ﺳﺗﺟد اﻟﺣرﻛﺔ اﻟطﻼﺑﯾﺔ وھﻲ ﺗﺣﺎول
أن ﺗﺟﯾب ﻋﻠﻰ ھذا اﻟﺳؤال اﻷول ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ أﻧﮭﺎ أﻣﺎم ﺧﯾﺎر ﻏﯾر
ﻣﻌروض ﻋﻠﻰ أي ﺣرﻛﺔ طﻼﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ،ﻣﺎ ﻋدا أﻟﻣﺎﻧﯾﺎ وﻛورﯾﺎ
وﻓﯾﺗﻧﺎم ..إﻣﺎ أن ﺗﺧﺗﺎر ﻣﺟﺗﻣﻌﮭﺎ ﻛﻣﺎ ﺣدده اﻟﺗطور اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ،
أو ﺗﺧﺗﺎر ﻣﺟﺗﻣﻌﮭﺎ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟﻣﻔروض ..إﻣﺎ أن ﺗﺧﺗﺎر اﻟدوﻟﺔ أو ﺗﺧﺗﺎر
اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ..إﻣﺎ إن ﺗﺧﺗﺎر اﻟﻘوﻣﯾﺔ أو ﺗﺧﺗﺎر اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ..وﻟﻣﺎ ﻛﺎﻧت
اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﻣﻔروﺿﺔ ﺑﺎﻟﺑطش اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري واﻟﻘﮭر اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻻﺳﺗﻐﻼل
اﻻﻗﺗﺻﺎدي ﻋﻠﻰ اﻟﺟﻣﺎھﯾر اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،ﻓﺎن اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﺗﺣررﯾﺔ ﻟﻠﺣرﻛﺔ
اﻟطﻼﺑﯾﺔ ـ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ـ ﺳﺗﺣدد ﻟﮭﺎ ﻣﺎ ﺗﺧﺗﺎر ،
وﺳﺗﺧﺗﺎر ﻣﺟﺗﻣﻌﮭﺎ اﻟﻘوﻣﻲ ﻣﺗﺣررا ﻣن اﻟﺗﺟزﺋﺔ اﻟﺗﻲ ﺻﻧﻌﮭﺎ
اﻟﻣﺳﺗﻌﻣرون ..
ﻋﻧدﺋذ ﺳﺗﻛون ﻗد اﺧﺗﺎرت ـ ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ـ اﻟﺣرﯾﺔ واﻟوﺣدة
واﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ ،وأﺻﺑﺢ ھدﻓﮭﺎ اﻟذي ﯾﺗﻔق ﻣﻊ طﺑﯾﻌﺗﮭﺎ ﻛطﻠﯾﻌﺔ ﺛورﯾﺔ
إﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ھو إﻗﺎﻣﺔ دوﻟﺔ اﻟوﺣدة اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ .
*
Documents récents du même auteur
خيول الظلام 21 novembre 2018
الخطاب العربي المعاصر 1er avril 2018
الفتنة ـ هشام جعيط 1er avril 2018
جمال عبد الناصر دراسة في اقواله 31 juillet 2017
الاسلام بين العروبة والقومية 31 juillet 2017
مشروع دراسة عن دولة العرب 26 juillet 2017
الاصل في حرية التعبير 9 juillet 2017
من أجل النصر .. دروس من الهزيمة 3 juin 2017
الصهيونية في العقل العربي 3 juin 2017
المحدّدات الموضوعية لدور مصر 2 juin 2017
المحددات الموضوعية لدور مصر 1er juin 2017
يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو 21 avril 2017
الحياد المستحيل 1er avril 2017
الحقيقة الوحيدة في حرب الخليج 31 mars 2017
اعلان الحرب العالمية الثالثة 22 mars 2017
مقياس الخطر من الوجود الاجنبي 22 mars 2017
الديمقراطية والوحدة العربية 19 mars 2017
الارادة الوطنية 12 mars 2017
الصعـــــود الــــــى القمة 12 mars 2017
أرض الوطن بين الحرب والسلام 15 février 2017