القدس العدد 162 PDF
À propos / Télécharger Lire le document
Nom original: القدس العدد 162.pdf
Ce fichier au format PDF 1.5 a été envoyé sur Fichier-PDF le 02/03/2015 à 00:01, depuis l'adresse IP 41.226.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 475 fois.
Taille du document: 1.3 Mo (11 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
ﺻﺤﯿﺢ أن ھﻨﺎك ﺳﻤﺎت ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻦ ﻛﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ،وأن
ھﻨﺎك ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻦ ﻛﻞ اﻷﻣﻢ ،ﻷن وﺣﺪة اﻟﺘﻜﻮﯾﻦ
اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،أي اﻻﻧﺴﺎن ،ذو ﺧﺼﺎﺋﺺ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻦ ﻛﻞ
اﻷﻣﻢ وﻣﻤﯿﺰة ﻟﮫ ﻛﻨﻮع ،وﻷن اﻷﻣﻢ ﺗﺸﺘﺮك ﻓﻲ أﻧﮭﺎ ذات
ﺗﻜﻮﯾﻦ ﻗﻮﻣﻲ ،وﻷن اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﺟﻤﯿﻌﺎ ﺗﻌﯿﺶ ﻋﻠﻰ ﻛﺮة
ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ،وﺗﻮاﺟﮫ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﺑﻌﺾ اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ..
وھﺬا ﯾﻌﻨﻲ داﺋﻤﺎ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻟﻤﻀﺎﻣﯿﻦ اﻻﺷﺘﺮاﻛﯿﺔ ﯾﺨﺘﻠﻒ
وﯾﺘﻤﯿﺰ ﺗﺒﻌﺎ ﻻﺧﺘﻼف وﺗﻤﺎﯾﺰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت واﻷﻣﻢ ..وﻣﮭﻤﺎ ﯾﻜﻦ
ھﺬا اﻟﻘﺪر ﻛﺒﯿﺮا او ﺻﻐﯿﺮا ﺑﯿﻦ اﻟﻨﻈﺮﯾﺎت اﻻﺷﺘﺮاﻛﯿﺔ ،ﻓﺎﻧﮫ
ﯾﻤﯿﺰھﺎ ﻓﮭﻲ ﻣﺘﻌﺪدة ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻤﯿﺰ اﻷﻣﻢ ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﮭﺎ ـ
ﻛﻠﮭﺎ ـ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت اﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ﻗﻮﻣﯿﺔ ..
اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺷﻌﺒﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺪن اﻟﺠﻨﻮب ...
ھﯿﺒﺔ اﻟﺪوﻟﺔ . ( 1 ) !! ..
ﻟﻌﻞ اﻟﻜﺜﯿﺮﯾﻦ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻧﺴﻮا أن اﻟﺜﻮرة اﻟﺘﻲ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﯾﻮم 17دﯾﺴﻤﺒﺮ ﺑﺴﯿﺪي ﺑﻮزﯾﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺴﺒﺐ رﻓﺾ اﻟﻐﺒﻦ ،
وﻗﻄﻊ اﻷرزاق ورﻓﻊ اﻟﺘﺤﺪّي ،ﺣﯿﻨﻤﺎ رﻓﺾ اﻟﺸﮭﯿﺪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﻮﻋﺰﯾﺰي ﺳﯿﺎﺳﺔ اﻟﺤﺼﺎر واﻟﺘﺠﻮﯾﻊ ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺬي
ﺣﻮّل اﻟﺤﺎدﺛﺔ اﻟﻤﺆﻟﻤﺔ اﻟﻰ ﻓﻌﻞ ﺛﻮري ﻏﯿﺮ اﻷﺣﺪاث ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺄﻛﻤﻠﮫ ..
وﻟﻌﻞ ھﺆﻻء اﯾﻀﺎ ،وﻋﻠﻰ رأﺳﮭﻢ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻮن اﻟﺠﺪد ،اﻟﺬﯾﻦ ﺑﺎﺷﺮوا ﻣﮭﺎﻣﮭﻢ ﺑﺎﻟﺮﺻﺎص واﻷﺳﺎﻟﯿﺐ اﻷﻣﻨﯿﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ،
ﻗﺪ ﻧﺴﻮا أﯾﻀﺎ أن أوّل ﺷﻌﺎرات اﻟﺜﻮرة ﻛﺎن ﻓﻲ ﺳﯿﺎق اﻟﺮّد ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﻼﺷﻌـﺒﯿﺔ ﺣﯿﻦ رﻓﻌﺖ اﻟﺠﻤﺎھﯿﺮ اﻟﺜﺎﺋﺮة
ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﺷﻌﺎرھﺎ اﻟﻤﺰﻟﺰل ﻓﻲ وﺟﮫ اﻟﻌﺼﺎﺑﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ وھﻮ " :اﻟﺘﺸﻐـﯿﻞ اﺳﺘﺤﻘﺎق ﯾﺎ ﻋﺼﺎﺑﺔ اﻟﺴﺮاق " ..ذﻟﻚ
اﻟﺸﻌﺎر اﻟﺬي اﻧﻄﻠﻖ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﯿﺮة اﻷوﻟﻰ ﺑﺴﯿﺪي ﺑﻮزﯾﺪ ،ﺛﻢ اﻧﺘﺸﺮ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺴﺎﺣﺎت ﻟﯿﺼﺒﺢ اﻟﺸﻌﺎر اﻟﺮﻣﺰ ﻷھﺪاف
اﻟﺜﻮرة ،وﺑﻘﻲ ﻛﺬﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻮّل اﻟﻰ ﻣﻌـﯿﺎر ﻻ ﯾﺨﻄﺊ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﻋﻠﻰ آداء اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻟﻤﺘﻼﺣﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻓﺸﻠﺖ ﻓﻲ ﺧﻠﻖ
اﻟﺜﺮوة وﺗﻨﻤﯿﺘﮭﺎ ﻟﺘﻮﻓﯿﺮ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ وھﻲ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﺤﻘﻖ اﻻ ﺑﻀﻤﺎن ﺣﻖ اﻟﺸﻐﻞ وﺗﻮﻓﯿﺮ ﻣﻮارد اﻟﺮزق
ﻟﻜﻞ ﻣﺴﺘﺤﻘﯿﮫ ...
وﻟﻌﻞ اﻟﻜﺜﯿﺮﯾﻦ اﻟﯿﻮم ﯾﺴﺘﻐـﺮﺑﻮن ﻛﯿﻒ دﺷﻨﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻋﮭﺪھﺎ ﺑﺎﻟﺮﺻﺎص واﻟﻘﺘﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﺜﺎﺋﺮة ،
ردّا ﻋﻠﻰ اﻻﺟﺮاءات اﻟﺘﻌﺴﻔﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ ﯾﻘﻌﻮن ﺗﺤﺖ ﻃﺎﺋﻠﺔ اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺟﺎﻧﺐ وھﻢ
ﯾﺘﻨﻘﻠﻮن ﻃﻠﺒﺎ ﻟﻠﺮزق اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﺘﻮﻓﺮ ﻓﻲ وﻃﻨﮭﻢ ،ﻓﺰادت ﺗﻠﻚ اﻷﺗﺎوات ﺗﻌﻤﯿﻘﺎ ﻟﺸﻌﻮرھﻢ ﺑﺎﻟﻐﺮﺑﺔ واﻟﺤﺼﺎر ﻓﻲ ﻧﻔﺲ
اﻟﻮﻗﺖ ..وﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎذا ﻧﺴﺘﻐـﺮب أن ﺗﻔﻌﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ذﻟﻚ ..؟ ﻓﮭﻞ ھﻲ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺛﻮرﯾﺔ ،ﺗﻨﺒﻊ ﻣﻨﻄﻠﻘﺎﺗﮭﺎ ﻣﻦ رﺣﻢ
اﻟﺜﻮرة ﻟﻜﻲ ﯾﻜﻮن اﻋﻀﺎؤھﺎ ﺣﺎﻣﻠﯿﻦ ﻟﮭﻤﻮم اﻟﻨﺎس اﻟﻀﻌﻔﺎء ..؟
وھﻞ ﺳﺘﻜﻮن ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻟﺮّش اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ؟ وﻟﻤﺎذا ﻧﺴﺘﻐـﺮب أﺳﻠﻮﺑﮭﺎ اﻟﻌﻨﯿﻒ ﻓﻲ اﻟﺮّد ﻋﻠﻰ اﺣﺘﺠﺎﺟﺎت اﻟﻨﺎس
؟ اﻟﯿﺲ رﺋﯿﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ھﻮ وزﯾﺮ اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ اﻟﺬي ﻗﺎم ﺑﺎﻟﺘﻨﻜﯿﻞ ﺑﺜﻮار اﻟﻘﺼﺒﺔ 3؟ أﻟﯿﺲ رﺋﯿﺲ اﻟﺪوﻟﺔ ورﺋﯿﺲ اﻟﺤﺰب
اﻟﺤﺎﻛﻢ ﻗﺒﻞ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ھﻮ ﺻﺎﺣﺐ ﻧﻈﺮﯾﺔ ھﯿﺒﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﻌـﻨﯿﮫ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻧﻲ ؟؟
ﻓﻌﻦ اي ھﯿﺒﺔ ﯾﺘﻜﻠﻤﻮن ؟
ﻟﻤﺎذا ﻻ ﯾﺘﻜﻠﻤﻮن ﻋﻦ ھﯿﺒﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﯾﺬھﺐ اﻟﺮﺋﯿﺲ إﻟﻰ إﺛﯿﻮﺑﯿﺎ وﯾﺴﺘﻘﺒﻠﮫ وزﯾﺮ اﻟﺴﯿﺎﺣﺔ اﻻﺛﯿﻮﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻄﺎر ؟؟
وﻟﻤﺎذا ﻻ ﯾﻔﻌّـﻠﻮن ھﯿﺒﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺜﺮوات اﻟﻤﻨﮭﻮﺑﺔ ..؟؟ وﻟﻤﺎذا ﻻ ﯾﺘﻜﻠﻤﻮن ﻋﻦ اﻟﮭﯿﺒﺔ ﻓﻲ ﻓﺮض اﻟﻨﻈﺎم ﻋﻠﻰ
اﻟﻠﺼﻮص اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﯿﺜﻮن ﻓﻲ اﻷرض ﻓﺴﺎدا ،ﺳﺮﻗﺔ وﺗﮭﺮﯾﺒﺎ ،واﺣﺘﻜﺎرا وﻣﻀﺎرﺑﺔ ﻓﻲ اﻻﺳﻮاق ﺣﺘﻰ ﺻﺎر اﻟﻤﻮاﻃﻦ
ﻣﮭﺪّدا ﻓﻲ ﻋﯿﺸﮫ ،وﺑﻘﺎﺋﮫ ﻋﻠﻰ ﻗـﯿﺪ اﻟﺤﯿﺎة ﺑﺴﺒﺐ ﻏﻼء اﻷﺳﻌﺎر ..؟
أم أن ھﯿﺒﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﻻ ﺗﻘﻮم اﻻ ﺑﺎﻟﻌﺼﺎ اﻟﻐﻠﯿﻈﺔ واﻟﯿﺪ اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻄﺎل إﻻ اﻟﻤﺴﺘﻀﻌـﻔـﯿـﻦ واﻟﻤﮭﻤﺸﯿﻦ ..؟
ﯾﻘﻮﻟﻮن أن ھﺬه اﻹﺟﺮاءات اﺗﺨﺬﺗﮭﺎ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻤﻨﺘﮭـﯿﺔ ﻣﮭﺎﻣﮭﺎ ..ﻟﻜﻦ ﻟﻤﺎذا ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻣﻊ ﻣﻮاﻃﻨﯿﮭﺎ
ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ ـ وﻗﺪ اﻧﺪﻟﻌﺖ اﻷﺣﺪاث ﻓﻲ ﻋﮭﺪھﺎ ـ وﻻ ﺗﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﮭﻢ ﺑﻌـﻘﻠﯿﺔ اﻟﺤﻮار ،وﻣﻌﺎﻟﺠﺔ اﻷزﻣﺎت ﺑﻤﺠﺎﺑﮭﺔ اﻟﻤﺸﻜﻞ
اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻋﻮض اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﻣﺒﺮرات ﻟﺘﺒﺮﯾﺮ اﻟﻘﺘﻞ ،وﻗﺪ ﻛﺎن أوﻟﻰ ﺑﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ أن ﺗﺘﺮاﺟﻊ ﻋﻦ ﻓﺮض اﻹﺗﺎوة اﻟﻤﺠﺤﻔﺔ
ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﯾﺔ اﻷﺣﺪاث ..
اﻵن ﺗﺮاﺟﻌﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻌﻼ ﻋﻠﻰ إﻗﺮار اﻟﻀﺮﯾﺒﺔ ،وﻟﻜﻦ ھﻞ ﺳﺘﻘﺪر ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﮭﺔ ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﻐﺎﺋﺒﺔ ﻣﻨﺬ
ﻋﻘﻮد ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﮭﺎت اﻟﻤﺤﺮوﻣﺔ ؟
وھﻞ ﺳﺘﻐـﯿّـﺮ ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﺮوﯾﻜﺎ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﺗﻠﻚ اﻻﺳﺎﻟﯿﺐ اﻟﻤﺴﺘـﻨﺴﺨﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﺎت اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﻊ
اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت وﻣﺤﺎﻛﻤﺔ اﻟﻤﺤﺘﺠﯿﻦ وﺗﺮھـﯿـﺒﮭﻢ ..؟
ﻧﺄﻣﻞ ذﻟﻚ !! ..
* ﯾﺪھﻦ ﻣﻦ ﻗﺎرورة ﻓﺎرﻏﺔ !!..
* ﯾﺒﻨﻲ ﻗﺼﺮا وﯾﮭﺪم ﻣﺼﺮا ..
ھﺮب اﺛﻨﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺎﻧﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺑﻮاﺳﻄﺔ ﺳﯿﺎرة
..وﻛﺎن أﺣﺪھﻤﺎ ﯾﺴﻮق واﻟﺜﺎﻧﻲ ﺟﺎﻟﺲ ﺑﺠﺎﻧﺒﮫ ..وﻟﻤﺎ
اﻗﺘﺮﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺰل ﻗﺎل اﻟﻤﺮاﻓﻖ ﻟﺰﻣﯿﻠﮫ :در ﻋﻠﻰ اﻟﯿﻤﯿﻦ
ﻣﻦ ھﻨﺎ ..
ﻓﺄﺟﺎﺑﮫ :در أﻧﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﯿﻤﯿﻦ ،أﻧﺎ ﻣﺸﻐﻮل ﺑﺎﻟﺴﯿﺎﻗﺔ
!! ..
ﺗﻘﺪﻣﻮا
ﺗﻘﺪﻣﻮا
ﻛﻞ ﺳﻤﺎء ﻓﻮﻗﻜﻢ ﺟﮭﻨﻢ
وﻛﻞ ارض ﺗﺤﺘﻜﻢ ﺟﮭﻨﻢ
ﺗﻘﺪﻣﻮا
ﯾﻤﻮت ﻣﻨﺎ اﻟﻄﻔﻞ واﻟﺸﯿﺦ
وﻻ ﯾﺴﺘﺴﻠﻢ
وﺗﺴﻘﻂ اﻻم ﻋﻠﻰ اﺑﻨﺎﺋﮭﺎ اﻟﻘﺘﻠﻰ
وﻻ ﺗﺴﺘﺴﻠﻢ
ﺗﻘﺪﻣﻮا
ﺗﻘﺪﻣﻮا
ﺑﻨﺎﻗﻼت ﺟﻨﺪﻛﻢ
وراﺟﻤﺎت ﺣﻘﺪﻛﻢ
وھﺪدوا
وﺷﺮدوا
وﯾﺘﻤﻮا
وھﺪﻣﻮا
ﻟﻦ ﺗﻜﺴﺮوا اﻋﻤﺎﻗﻨﺎ
ﻟﻦ ﺗﮭﺰﻣﻮا اﺷﻮاﻗﻨﺎ
ﻧﺤﻦ اﻟﻘﻀﺎء اﻟﻤﺒﺮم
) ﺳﻤﯿﺢ اﻟﻘﺎﺳﻢ ( .
ﻏﻀﺐ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب :
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺸﺮارة اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ أﺷﻌﻠﺖ اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﻣﺪن اﻟﺠﻨﻮب
اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﺘﻮﻧﺲ ﺗﻌﻮد إﻟﻰ رﻓﻀﮭﻢ ﻟﺮﺳﻮم ﻣﺎﻟﯿﺔ ﻓﺮﺿﺘﮭﺎ
اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻐﺎدري اﻟﺒﻼد ﺑﺎﺗﺠﺎه ﻟﯿﺒﯿﺎ ،اﻟﺘﻲ ﻓﺮﺿﺖ
ﺑﺪورھﺎ رﺳﻮﻣﺎ ﻣﻀﺎﻋﻔﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﯿﻦ .وﻗﺪ أﻋﺎدت ﺗﻠﻚ
اﻟﺸﺮارة ﻷذھﺎن اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﯿﻦ ﺷﺮارة اﻧﺪﻻع اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ 14
ﯾﻨﺎﯾﺮ 2011اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت ﺑﻌﺪ أن أﻗﺪم اﻟﺒﺎﺋﻊ اﻟﻤﺘﺠﻮّل
ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺒﻮﻋﺰﯾﺰي ﻋﻠﻰ ﺣﺮق ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻲ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺳﯿﺪي ﺑﻮزﯾﺪ
“اﻟﻤﺤﺮوﻣﺔ“ اﺣﺘﺠﺎﺟﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻌﮫ ﻣﻦ ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻣﮭﻨﺘﮫ .
وﯾُﺮﺟﻊ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﻮن واﻟﺨﺒﺮاء اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻘﻮدھﺎ أھﺎﻟﻲ
اﻟﺠﻨﻮب إﻟﻰ ”اﻧﻌﺪام اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ وﺗﻮﺳﻊ رﻗﻌﺔ اﻟﻔﻘﺮ وﺗﺪھﻮر
اﻟﻤﻘﺪرة اﻟﺸﺮاﺋﯿﺔ واﻧﺘﺸﺎر اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻣﻤﺎ ھﯿﺄ أرﺿﯿﺔ
ﻟﻠﺘﮭﻤﯿﺶ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻗﺎدت إﻟﻰ اﻻﺣﺘﻘﺎن واﻟﻐﻀﺐ اﻟﺸﻌﺒﻲ
ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺒﺎدر ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻷرﺑﻊ
اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ إﻟﻰ ﺗﻘﺪﯾﻢ ﺣﻠﻮل ﻣﺠﺪﯾﺔ ﻟﻠﻤﻌﻀﻼت اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ
واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﮭﺎ اﻷھﺎﻟﻲ” ...وﯾﻄﺎﻟﺐ أھﺎﻟﻲ
ﻛﻞ ﻣﻦ ﻣﺤﺎﻓﻈﺘﻲ ﻣﺪﻧﯿﻦ وﺗﻄﺎوﯾﻦ ﺑﺈﻟﻐﺎء اﻟﺮﺳﻮم اﻟﺠﺒﺎﺋﯿﺔ
واﻟﺴﻤﺎح ﺑﻌﻮدة اﻟﺘﺠﺎرة ﻣﻊ ﻟﯿﺒﯿﺎ وﺗﻮﻧﺲ ،وﺑﺤﻖ اﻟﺠﮭﺘﯿﻦ
ﻓﻲ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﻤﺴﺘﺪاﻣﺔ واﻟﺸﺎﻣﻠﺔ واﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﺘﺸﻐﯿﻞ
وﺑﺘﺤﺴﯿﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﻌﯿﺸﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺪھﻮرت إﻟﻰ أدﻧﻰ
اﻟﻤﺴﺘﻮﯾﺎت ﺟﺮاء اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻤﺸﻂ ﻟﻸﺳﻌﺎر ..وﻗﺪ دﻓﻌﺖ
ﺧﻄﻮرة اﻷﺣﺪاث وﺗﺼﺎﻋﺪ ﻣﻨﺴﻮب اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت ،ﺑﺎﻟﺨﺒﺮاء
إﻟﻰ اﻟﺘﺤﺬﯾﺮ واﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﻀﺮورة اﻹﺳﺮاع ﺑﺎﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ
ﻃﺮﯾﻘﺔ ﻟﺘﻨﻔﯿﺲ اﻻﺣﺘﻘﺎن وﺗﻄﻮﯾﻖ اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﻻ ﯾﺴﺘﺒﻌﺪ أن
ﺗﺘﺴﻊ رﻗﻌـﺘﮭﺎ ﻟﺘﺸﻤﻞ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺠﮭﺎت اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ
”اﻟﻤﺤﺮوﻣﺔ“ ،ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﻤﺤﺘﺠﯿﻦ أﻛّﺪوا أن ﻣﻈﺎھﺮاﺗﮭﻢ
ﺳﺘﺘﻮاﺻﻞ إﻟﻰ أن ﺗﺘﺤﻘﻖ وﻋﻮد اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﻦ وﺗﻨﺘﺒﮫ
اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إﻟﻰ ﺣﺴﺎﺳﯿﺔ اﻟﻤﻠﻒ وأھﻤﯿﺔ ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﮫ ﺑﺎﻟﺴﺮﻋﺔ
اﻟﻘﺼﻮى ...
وﺗﻈﮭﺮ اﻟﺒﯿﺎﻧﺎت اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ وﺑﯿﺎﻧﺎت ﻣﻨﻈﻤﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
اﻟﻤﺪﻧﻲ أن ﻣﺆﺷﺮات اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب ھﻲ اﻷﺷﺪ
اﻧﺨﻔﺎﺿﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ،ﻓﻨﺴﺒﺔ اﻟﻔﻘﺮ ﺗﺘﺠﺎوز 60ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ
وﺗﺘﺠﺎوز 70ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺮى وﻓﻲ اﻷرﯾﺎف اﻟﺼﺤﺮاوﯾﺔ.
ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ ﻓﺘﺮة ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺜﻮرة ﻛﺎﻧﺖ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻔﻘﺮ ﻓﻲ
اﻟﺠﻨﻮب ﺗﺘﺮاوح ﻓﻲ ﺣﺪود 30ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ وﻧﺴﺒﺔ اﻟﻔﻘﺮاء ،ﻣﻦ
ﻣﺠﻤﻮع ﻓﻘﺮاء اﻟﺒﻼد ،ﺗﻨﺎھﺰ 33ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ،ﻟﻜﻦ اﻷزﻣﺔ
اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺼﻒ ﺑﺎﻟﺒﻼد ﻣﻨﺪ أرﺑﻊ
ﺳﻨﻮات ،وﺳﻌﺖ رﻗﻌﺔ اﻟﻔﻘﺮ ﺑﻨﺴﺒﺔ 30ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﻟﯿﻈﮭﺮ
ﻓﻘﺮاء ﺟﺪد ﻗﺎدﻣﻮن ﻣﻦ ﻓﺌﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﺜﻞ اﻷﺟﺮاء وﺻﻐﺎر
اﻟﻤﻮﻇﻔﯿﻦ وﺻﻐﺎر اﻟﻔﻼﺣﯿﻦ واﻟﺘﺠﺎر اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﺣﺪا
ﺑﺎﻟﻤﺤﻠﻠﯿﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﯿﻦ إﻟﻰ وﺻﻒ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت ﺑﺄﻧﮭﺎ
”اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ اﻟﻔﻘﺮاء اﻟﺠﺪد ﺑﺎﻟﺠﻨﻮب” .
وﻓﻲ ﻇﻞ ﻏﯿﺎب ﺑﺮاﻣﺞ ﺗﻨﻤﻮﯾﺔ وﻣﺸﺎرﯾﻊ اﺳﺘﺜﻤﺎرﯾﺔ ﺗﻮﻓﺮ
ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﺸﻐﻞ ﺗﺴﺠﻞ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب ﻧﺴﺒﺎ ﻣﺮﺗﻔﻌﺔ
ﺣﯿﺚ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ 83ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ وأﻏﻠﺐ اﻟﻌﺎﻃﻠﯿﻦ ﻣﻦ ﺣﻤﻠﺔ
اﻟﺸﮭﺎدات اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ اﻟﻌﻠﯿﺎ ...
وأﻣﺎم اﻧﺴﺪاد آﻓﺎق اﻟﺘﺸﻐﯿﻞ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﯾﺪﻓﻊ اﻟﺒﺤﺚ ﻋﻤﺎ
ﯾﺴﺪ اﻟﺮﻣﻖ ﺑﺎﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻃﻠﯿﻦ إﻟﻰ اﻣﺘﮭﺎن ﺗﺠﺎرة
اﻟﺘﮭﺮﯾﺐ ﻣﻊ ﻟﯿﺒﯿﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره اﻟﺤﻞ اﻟﻮﺣﯿﺪ ﻟﻼﺳﺘﺮزاق
وﺗﺤﺴﯿﻦ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻌﯿﺶ ،ﻓﻲ ﺟﮭﺔ ﻻ ﯾﻌﯿﺶ ﻓﻘﺮاؤھﺎ إﻻ
ﻋﻠﻰ دﺧﻞ ﺷﮭﺮي ﻟﻸﺳﺮة اﻟﻮاﺣﺪة ﻻ ﯾﺘﺠﺎوز 250دﯾﻨﺎرا
أي ﺣﻮاﻟﻲ 180دوﻻرا.
وﯾﻌﺪ ﻧﻘﺺ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﺔ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ إﺣﺪى أھﻢ ﻣﻌﻀﻼت
ﺗﺪﻧّﻲ ﻣﺆﺷﺮات اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ ﺣﯿﺚ ﻻ ﯾﺘﻮﻓﺮ ﺳﻮى ﻃﺒﯿﺐ واﺣﺪ
ﻟﻜﻞ 1.594 3.002ﺳﺎﻛﻦ ﻓﯿﻤﺎ ﻻ ﯾﺘﻮﻓﺮ ﺳﻮى ﻣﺮﻛﺰ
ﺻﺤﺔ أﺳﺎﺳﯿﺔ واﺣﺪ 4.309 5.543ﺳﺎﻛﻦ.
وأﻇﮭﺮت دراﺳﺎت ﻣﯿﺪاﻧﯿﺔ أﺟﺮﺗﮭﺎ ﻣﺆﺳﺴﺎت إﻗﻠﯿﻤﯿﺔ
ودوﻟﯿﺔ أن ﻋﯿﺶ أھﺎﻟﻲ اﻟﺠﻨﻮب ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺷﺪﯾﺪ اﻻرﺗﺒﺎط
ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺘﺠﺎرﯾﺔ ﻣﻊ اﻟﺠﺎرة ﻟﯿﺒﯿﺎ ﻣﺸﺪدة ﻋﻠﻰ أن ذﻟﻚ
اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﯾﺴﺎﻋﺪ ﻛﺜﯿﺮا ﻓﻲ ﺗﻨﻔﯿﺲ اﻻﺣﺘﻘﺎن
اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺘﺨﻔﯿﻒ ﻣﻦ اﻟﻀﻐﻮﻃﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ .ﻓﻔﻲ
ﯾﻨﺎﯾﺮ 2013ﻗﺎل اﻟﺒﻨﻚ اﻟﺪوﻟﻲ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﯾﺮ ﻟﮫ ”إن اﻟﺘﮭﺮﯾﺐ
واﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻤﻮازﯾﺔ ﯾﻤﺜﻼن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 50ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﻣﻦ
اﻟﻤﺒﺎدﻻت اﻟﺘﺠﺎرﯾﺔ ﻣﻊ ﻟﯿﺒﯿﺎ“ ﻣﻼﺣﻈﺎ أن ”ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ
اﻟﻨﺸﺎط ﯾﻀﻄﻠﻊ ﺑﺪور اﻗﺘﺼﺎدي واﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ
اﻟﺤﺪودﯾﺔ ﺣﯿﺚ ﺗﻌﺪ اﻟﺘﺠﺎرة ﻏﯿﺮ اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﻣﻦ اﻷﻧﺸﻄﺔ
اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ اﻟﻤﮭﻤﺔ”.
ﺗﺴﺎور ،اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ،ﻣﺨﺎوف ﻣﻦ أن ﺗﺘﻮﺳﻊ داﺋﺮة
اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺸﮭﺪھﺎ ﻣﺪن اﻟﺠﻨﻮب اﻟﺸﺮﻗﻲ ﻟﺘﺸﻤﻞ
ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟﺠﮭﺎت “اﻟﻤﺤﺮوﻣﺔ“ اﻷﺧﺮى ﻣﺜﻞ ﻗﻔﺼﺔ
واﻟﻘﺼﺮﯾﻦ وﺳﯿﺪي ﺑﻮزﯾﺪ وﺳﻠﯿﺎﻧﺔ ﺧﺎﺻﺔ وأﻧﮭﺎ ﺗﺘﻘﺎﺳﻢ
ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﮭﺎ ﻧﻔﺲ اﻻﺣﺘﻘﺎن ﻓﻲ ﻇﻞ ﻏﯿﺎب أي ﺑﺮاﻣﺞ
اﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺗﺨﻔﻒ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺗﺮ وﺗﻔﺘﺢ آﻓﺎق ﺟﺪﯾﺪة
أﻣﺎم ﻓﺌﺎت ھﺸﺔ ﺗﺸﻌﺮ ﺑﻼﻣﺒﺎﻻة اﻟﺴﻠﻄﺎت ) .اﻟﻌﺮب (
ھﺬي ھـﻲّ ..ﺟﯿﺖ
ﻧﻠﻌـﺐ ﺣﺼﻠﺖ !! ..
ﻓﻲ ﺻﺒﺎح ﯾﻮم اﻟﺨﻤﯿﺲ 21أﻛﺘﻮﺑﺮ دﻋﯿﻨﺎ إﻟﻰ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﻓﻲ
اﻟﻔﺎﻟﻮﺟﺎ .وﻛﺎن اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﻟﻘﻮاد اﻟﻜﺘﺎﺋﺐ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ
اﻟﻤﺤﺎﺻﺮة وأرﻛﺎن ﺣﺮﺑﮭﺎ .وﻛﺎﻧﺖ ھﺬه اﻟﻜﺘﺎﺋﺐ ﺛﻼﺛﺎ،
ھﻲ اﻟﻜﺘﯿﺒﺔ اﻷوﻟﻰ واﻟﻜﺘﯿﺒﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ،وﻛﺘﯿﺒﺘﻨﺎ اﻟﻜﺘﯿﺒﺔ
اﻟﺴﺎدﺳﺔ .
ورأس اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻷﻣﯿﺮاﻻي اﻟﺴﯿﺪ ﻃﮫ ﻗﺎﺋﺪ اﻟﻜﺘﯿﺒﺔ اﻷوﻟﻰ
.وﻗﺎل ﻟﻨﺎ اﻟﺴﯿﺪ ﻃﮫ اﻧﮫ ﺗﻠﻘﻰ ﻣﻦ رﯾﺎﺳﺔ اﻟﻘﻮات أﻣﺮاً
اﻧﺬارﯾﺎً ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻼﻧﺴﺤﺎب ﻋﻠﻰ ان ﯾﺮﺗﺐ أﻣﺮه ﻟﺒﺪء
اﻻﻧﺴﺤﺎب ﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﺴﺎدﺳﺔ واﻟﻨﺼﻒ ﺑﻌﺪ ان ﯾﺘﻠﻘﻰ
أﻣﺮاً ﺗﺄﻛﯿﺪﯾﺎً ﺑﺎﻟﺒﺪء ﻓﯿﮫ .
وﻛﺎن ﻣﻦ رأﯾﻲ ان ھﺬا ﺧﯿﺮ ﻣﺎ ﻧﺼﻨﻌﮫ .ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺎ ﺛﻼث
ﻛﺘﺎﺋﺐ ھﻲ ﺛﻠﺚ اﻟﺠﯿﺶ اﻟﻤﺼﺮي ،ﻓﮭﻞ ﯾﻌﻘﻞ ان ﯾﺒﻘﻰ ﺛﻠﺚ
اﻟﺠﯿﺶ اﻟﻤﺼﺮي ﻣﺴﺘﺴﻠﻤﺎً ﻟﻠﺤﺼﺎر ﻓﻲ ﻣﻮاﻗﻊ ﺳﺪت
ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ اﻟﺸﺮق وﻣﻦ اﻟﻐﺮب .
ھﺬا ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ .وﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ أﺧﺮى ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ أرى ان
ﺑﻘﺎءﻧﺎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺨﻄﺮ ﻟﻢ ﯾﻌﺪ ﻟﮫ ﻏﺮض .ﻟﻘﺪ ﻛﻨﺎ ھﻨﺎ ﻟﻜﻲ
ﻧﻔﺼﻞ اﻟﻨﻘﺐ اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻋﻦ اﻟﺸﻤﺎل .وﻟﻘﺪ اﺗﺼﻞ اﻟﻨﻘﺐ
اﻟﺠﻨﻮﺑﻲ ﻣﻊ اﻟﺸﻤﺎل ،ﻓﻠﻤﺎذا ﺑﻘﺎؤﻧﺎ .
وﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ،ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ اﺷﻌﺮ ان اﻧﺴﺤﺎب ﺛﻼث
ﻛﺘﺎﺋﺐ إﻟﻰ اﻟﺨﻠﯿﻞ ﺳﻮف ﯾﺮﻏﻢ اﻟﻌﺪو ﻋﻠﻰ ﺗﻮزﯾﻊ ﻗﻮاﺗﮫ
ﺑﯿﻨﮭﺎ وﺑﯿﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺠﯿﺶ اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺎﺣﻞ .
وﺑﺪا ان ﻛﻞ ﻣﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﻣﻘﺘﻨﻊ ﺑﮭﺬا اﻟﺮأي إﻻ رﺋﯿﺴﮫ
اﻷﻣﯿﺮاﻻي اﻟﺴﯿﺪ ﻃﮫ .وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﻠﻢ ﯾﺴﻌﮫ إﻻ ان ﯾﻨﺰل
ﻋﻠﻰ اﻹﺟﻤﺎع وﯾﻠﺘﻔﺖ إﻟﻲّ ﻟﯿﻜﻠﻔﻨﻲ ﺑﻮﺿﻊ اﻟﺨﻄﺔ اﻟﻤﻔﺼﻠﺔ
ﻟﻼﻧﺴﺤﺎب ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺠﺎﻧﺒﻲ اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﻨﺘﮫ إﻟﯿﮫ
اﻟﻌﺪو واﻟﺬي ﺑﻌﺜﻨﺎ اﻟﺠﺮﺣﻰ ﻣﻨﮫ إﻟﻰ ﺑﯿﺖ ﺟﺒﺮﯾﻦ .
واﻧﺘﺤﯿﺖ رﻛﻨﺎً ﻣﻦ ﻗﺎﻋﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎع ارﺗﺐ اﻟﺨﻄﺔ ،وﻟﻢ ﯾﻘﺪر
ﻟﻲ ان أﺗﻢ وﺿﻌﮭﺎ ،ﻓﻤﺎ ﻟﺒﺚ اﻟﺴﯿﺪ ﻃﮫ ان ﺗﻠﻘﻰ أﻣﺮاً ﺛﺎﻧﯿﺎً
ﻣﻦ رﯾﺎﺳﺔ اﻟﻘﻮات ﯾﻘﻮل " :ﯾﻠﻐﻲ اﻷﻣﺮ اﻟﺴﺎﺑﻖ
ﺑﺎﻻﻧﺴﺤﺎب ،ﺣﺎﻓﻈﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻗﻌﻜﻢ .أﻣﺮ إﯾﻘﺎف اﻟﻘﺘﺎل
ﺻﺎدر ﻟﻤﺼﻠﺤﺘﻨﺎ " .
وﻛﺎن إﯾﻘﺎف اﻟﻨﺎر ﻃﺒﻘﺎً ﻟﻘﺮار ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ ﯾﺒﺪأ ﻓﻲ
اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻣﻦ ﺑﻌﺪ ﻇﮭﺮ ﯾﻮم اﻟﺠﻤﻌﺔ 22اﻛﺘﻮﺑﺮ .
وأوﻗﻔﻨﺎ اﻟﻀﺮب ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻋﺪ اﻟﻤﺤﺪد وﻟﻜﻦ اﻟﻌﺪو ﻟﻢ ﯾﻮﻗﻒ
ﺿﺮﺑﮫ وﻻ أوﻗﻒ ﻗﻮاﺗﮫ ﻋﻦ اﺣﺘﻼل اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﺘﻜﻤﻞ
ﻣﻨﮭﺎ ﺣﺼﺎرﻧﺎ .وﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻗﻠﺒﻲ أﺗﻤﻨﻰ ان ﯾﺮﻛﺰ اﻟﻌﺪو
ﺟﮭﺪه ﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻖ اﻹﺳﻔﻠﺖ اﻟﺮﺋﯿﺴﻲ وﯾﻨﺴﻰ اﻟﻄﺮﯾﻖ
اﻟﺠﺎﻧﺒﻲ إﻟﻰ ﺑﯿﺖ ﺟﺒﺮﯾﻦ ،ﺣﺘﻰ ﯾﻈﻞ ﻣﻨﻔﺬاً ﻣﻔﺘﻮﺣﺎً أﻣﺎﻣﻨﺎ.
وﻓﻲ اﻟﺴﺎﻋﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻋﻨﺪ اﻟﻈﮭﺮ ﺗﻠﻘﻰ اﻟﺴﯿﺪ ﻃﮫ أﻣﺮاً
ﺟﺪﯾﺪاً ﻣﻦ رﯾﺎﺳﺔ اﻟﻘﻮات ﺑﺎﻻﻧﺴﺤﺎب إﻟﻰ اﻟﺨﻠﯿﻞ .
وﻟﻜﻦ واأﺳﻔﺎه .ﻓﺈن اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ أﻓﻠﺘﺖ .ان ﻃﻮل
اﻟﺘﺮدد ﺟﻌﻞ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻤﻜﻨﺎً ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻣﺴﺘﺤﯿﻼً ﺗﻤﺎم
اﻻﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﯿﻮم .ﻟﻘﺪ ﻗﻄﻊ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺨﻠﻔﻲ اﻟﺬي ﻛﻨﺎ
ﻧﻌﺘﻤﺪ ﻋﻠﯿﮫ .
ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﻤﻜﻨﺎً ان ﻧﻨﺴﺤﺐ ﻓﻲ ﺳﻼم ﻣﻨﺬ ﺳﺎﻋﺎت ،وﻟﻜﻦ
اﻟﻮﺿﻊ اﻵن ﯾﺤﺘﻢ ﻋﻠﯿﻨﺎ ان ﻧﺨﺘﺮق ﺣﺼﺎر اﻟﻌﺪو ،وﻧﻘﺘﺤﻢ
ﺧﻄﻮﻃﮫ وﻧﺤﻦ ﻧﺤﻤﻞ ﺳﻼﺣﻨﺎ وﻣﺪاﻓﻌﻨﺎ ،وﻧﺘﺤﺮك ﻋﻠﻰ
اﻟﻄﺮﯾﻖ .
واﺿﻄﺮرت ﻋﻨﺪ اﻟﻈﮭﺮ ،وﻗﺪ اﺳﺘﺒﺎن اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻣﻦ ﻛﻞ
ﻧﻮاﺣﯿﮫ ،ان أﺻﺪر أﻣﺮاً ﺑﺘﺨﻔﯿﺾ اﻟﻤﺆن اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ ﻟﻠﻀﺒﺎط
واﻟﺠﻨﻮد إﻟﻰ رﺑﻊ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﯿﮫ .
ﯾﺠﺐ ان ﻧﺮﺗﺐ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻟﻠﻤﺠﮭﻮل اﻟﻐﺎﻣﺾ اﻟﺬي ﯾﺤﯿﻂ ﺑﻨﺎ .
وﻗﻀﯿﻨﺎ ﻟﯿﻠﺔ ﻋﺠﯿﺒﺔ ﺗﺤﺖ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﻣﺜﯿﺮة ﻣﻦ ﺣﺮب
اﻷﻋﺼﺎب .ﻃﺎرت ﻃﺎﺋﺮات اﻟﻌﺪو ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻗﻌﻨﺎ ﺗﻠﻘﻲ
اﻟﻤﻨﺸﻮرات .وأﻣﺴﻜﺖ أﺣﺪھﺎ أﻗﺮأه ..ﻛﺎن ﺑﯿﺎﻧﺎً ﻣﻮﺟﮭ ًﺎ
إﻟﯿﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟﺘﺎﻟﻲ :
" أﯾﮭﺎ اﻟﻀﺒﺎط واﻟﺼﻒ واﻟﻌﺴﺎﻛﺮ ﺑﺎﻟﻠﻮاءﯾﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ
واﻟﺮاﺑﻊ " .
وﻣﻀﯿﺖ أﻗﺮأ اﻟﻤﻨﺸﻮر ﺣﺘﻰ أﺧﺮه ...ودﻣﻲ ﯾﻐﻠﻲ .ﻛﺎن
ﻧﺼﮫ ﻛﻤﺎ ﯾﻠﻲ :
" أﯾﮭﺎ اﻟﻀﺒﺎط واﻟﺼﻒ واﻟﻌﺴﺎﻛﺮ ﺑﺎﻟﻠﻮاءﯾﻦ اﻟﺜﺎﻧﻲ
واﻟﺮاﺑﻊ .ھﻞ ﺗﻌﻠﻤﻮن اﻧﻜﻢ ﻣﺤﺎﻃﻮن اﻵن .اﻟﻠﻮاء اﻟﺜﺎﻧﻲ
ﻣﺤﺎط وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻠﻮاء اﻟﺮاﺑﻊ .وﻻ ﺗﻮﺟﺪ أي وﺳﯿﻠﺔ ﻟﻼﺗﺼﺎل
ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ وﻻ ﻣﻔﺮ ﻣﻦ اﻹﺣﺎﻃﺔ .ھﻞ ﺗﻌﺮﻓﻮن ﻣﺎ ﻣﻌﻨﻰ
اﻹﺣﺎﻃﺔ .ان اﻹﺣﺎﻃﺔ ﻣﻌﻨﺎھﺎ اﻟﻔﻨﺎء واﻟﻤﻮت وإﻧﻜﻢ
ﻟﺘﺸﻌﺮون ﺑﺬﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺮﯾﺐ ،وﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ
ﻗﻮادﻛﻢ ان ﯾﺒﺮوا ﺑﻮﻋﻮدھﻢ اﻟﻜﺎذﺑﺔ ﻗﺎﺋﻠﯿﻦ إن اﻟﻨﺠﺪات ﻣﻦ
اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻤﮭﻤﺎت واﻟﻮﻗﻮد ﺳﺘﺼﻠﻜﻢ ﻗﺮﯾﺒﺎً .ﻛﻼ .اﺣﺘﻠﺖ
اﻟﻘﻮات اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ ﺑﺌﺮ اﻟﺴﺒﻊ ﺑﻌﺪﻣﺎ دﻗﺖ ﻗﻮاﺗﻜﻢ دﻗ ًﺎ
وﺳﺤﻘﺘﮭﺎ ﺳﺤﻘﺎً ﺗﺎﻣﺎً .وإذا اﺗﻜﻠﺘﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﺪات اﻟﺘﻲ
ﺳﯿﺒﻌﺜﮭﺎ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﷲ ،ﻓﺎﻋﻠﻤﻮا اﻧﮫ ﻻ ﯾﻨﻮي إﻻ ﻃﺮد
ﻗﻮاﺗﻜﻢ ﻣﻦ ﻗﻮاﻋﺪھﺎ ﻓﻲ ﺑﯿﺖ ﻟﺤﻢ واﻟﺨﻠﯿﻞ .ﻓﺈﻧﻜﻢ ﺗﺮون
اﻵن ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺒﻼد ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﺪﻋﺎﯾﺔ اﻟﻜﺎذﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺘﻢ
ﺗﺼﺪﻗﻮﻧﮭﺎ ﻗﺒﻞ ﻣﺎ أرﺳﻠﺘﻢ ﻣﻦ ﻣﺼﺮ .وﺻﻒ ﻗﻮادﻛﻢ
وﺳﺎﺳﺘﻜﻢ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ﺑﺄﻧﮭﺎ ﺳﮭﻠﺔ .ووﻋﺪوﻛﻢ
ﺑﺎﻟﻐﻨﺎﺋﻢ واﻟﺘﻤﺘﻊ .أﯾﻦ اﻟﻐﻨﺎﺋﻢ .وأﯾﻦ اﻟﺘﻤﺘﻊ .ﻓﻠﻦ ﺗﺠﺪوا
ھﻨﺎ إﻻ اﻟﻤﺼﺎﺋﺐ وﻟﻢ ﺗﻼﻗﻮا إﻻ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ اﻟﻔﺎدﺣﺔ .وﻟﻦ
ﺗﻼﻗﻮا ﻏﯿﺮ ھﺬا ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ .وﻗﺪ ﺷﺎھﺪت ﻋﯿﻮﻧﻜﻢ ان
اﻟﯿﮭﻮد ﯾﻌﺮﻓﻮن اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ وﻃﻨﮭﻢ وأراﺿﯿﮭﻢ وﯾﺤﺴﻨﻮن
اﻟﺘﺤﺎرب ،ﻓﺈﻧﮭﻢ ﻟﻢ ﯾﺤﺘﻠﻮا ﺑﻼداً ﻏﺮﯾﺒﺔ وﻟﻢ ﯾﻔﺘﻜﺮوا ـ وﻻ
ﯾﻔﺘﻜﺮون ـ ﻓﻲ اﺣﺘﻼل أي ﺑﻼد ﻟﯿﺴﺖ ﻟﮭﻢ .
وإذا ﺗﻄﻠﻌﺘﻢ ﺑﺎﻟﺨﺮﯾﻄﺔ ﺗﺒﯿﻦ ﻟﻜﻢ ان اﻟﺠﯿﻮش اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ
ﺗﺤﯿﻄﻜﻢ إﺣﺎﻃﺔ اﻟﺴﻮار ﺑﺎﻟﻤﻌﺼﻢ .
" وﻋﻠﯿﻜﻢ ان ﺗﺨﺘﺎروا :إذا أردﺗﻢ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة
ﻓﺎﺳﺘﺴﻠﻤﻮا وﺳﺘﻌﻮدون ﺳﺎﻟﻤﯿﻦ إﻟﻰ ﺑﻼدﻛﻢ ،واﻋﻠﻤﻮا ان
ﻛﺬب ﻣﻦ ﻗﺎل ﺑﺄﻧﻨﺎ ﻧﻘﺘﻞ اﻷﺳﺮة ﻓﮭﺬه أﻗﺒﺢ دﻋﺎﯾﺔ
اﺧﺘﺮﻋﮭﺎ ﻗﻮادﻛﻢ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻨﺘﻈﺮون اﻷوﺳﺎم واﻟﻨﯿﺎﺷﯿﻦ ،
وﻻ ﯾﻜﺘﺮﺛﻮن ﺑﻤﻮت اﻟﻤﺌﺎت واﻷﻟﻮف ﻣﻦ ﺟﻨﻮدھﻢ .
ھﻞ ﻟﮭﻢ اﻟﻨﯿﺎﺷﯿﻦ وﻟﻜﻢ اﻟﻔﻨﺎء " .
ﻟﻘﺪ أﻣﺮ اﻟﻠﻮاء أﺣﻤﺪ ﺑﻚ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﻤﻮﻟﻮي اﻟﺠﻨﻮد
اﻟﻤﺤﺎﻃﯿﻦ ﻓﻲ ﺑﯿﺖ ﻋﻔﺎ وﻓﻲ ﻋﺮاق اﻟﺴﻮﯾﺪان ،ﺑﺎﻟﻘﺘﺎل
ﺣﺘﻰ اﻟﻤﻮت .وﻟﻜﻦ أﯾﻦ ﺳﻌﺎدة ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻌﺰة اﻵن .اﻧﮫ
وﻟﻰ دﺑﺮه ﺗﻮﻟﯿﺔ اﻟﺠﺒﺎن ﺑﻌﺪﻣﺎ أﺳﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺿﺒﺎط رﺋﺎﺳﺘﮫ .
وأﯾﻦ ﻗﺎﺋﺪ ﺑﺌﺮ اﻟﺴﺒﻊ .ﻟﻘﺪ ﺗﺮك ﺟﻨﻮده ﻣﻨﮭﺰﻣﯿﻦ وھﺮب .
ﻓﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻘﺎﻃﻊ وﺛﺒﺖ اﻟﺠﯿﺶ .ﻛﺎن اﻟﻘﺎﺋﺪ أوﻟﻰ اﻟﮭﺎرﺑﯿﻦ
.وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ اﻟﺤﻠﯿﻘﺎت وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻟﺘﻲ اﺣﺘﻠﺘﮭﺎ
ﻗﻮاﺗﻨﺎ .
" اﻓﺘﻜﺮوا ﻗﺒﻞ اﻟﻤﻮت أﺻﻐﻮا إﻟﻰ إﺧﻮاﻧﻜﻢ اﻷﺳﺮة
ﯾﺪﻋﻮﻧﻜﻢ ﻟﻼﺳﺘﺴﻼم .اﻧﺠﻮا أﻧﻔﺴﻜﻢ ﺑﺄﻧﻔﺴﻜﻢ واﺳﺘﺴﻠﻤﻮا
ﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﺤﻀﺮ وﺑﯿﺪه ھﺬا اﻟﻤﻨﺸﻮر ﺳﺘﺆﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﮫ وﯾﻌﻮد
ﺳﺎﻟﻤﺎً إﻟﻰ ﺑﯿﺘﮫ " .
" أﯾﮭﺎ اﻟﻀﺒﺎط ،اﻋﻠﻤﻮا إﻧﻨﺎ ﺳﻨﺤﺘﺮم ﺣﻘﻮق ﻣﻨﺪوﺑﻜﻢ
اﻟﺬي ﯾﺘﻘﺪم ﺣﺎﻣﻞ اﻟﺮاﯾﺔ اﻟﺒﯿﻀﺎء ﻟﺘﺠﺮي ﻣﻌﮫ
اﻟﻤﻔﺎوﺿﺎت .وﺛﻘﻮا ﺑﺎﺣﺘﺮام ﺣﻘﻮﻗﻜﻢ اﻟﻌﺴﻜﺮﯾﺔ ﻓﻲ أدﯾﺎرﻧﺎ
.أﻋﻠﻤﺘﻢ .أﻧﺬرﺗﻢ " .
ﻟﻤﺎذا ﯾﺠﺘﻤﻊ ﺟﻮن ﻣﺎﻛﺎﯾﻦ ﺑﺄﻋﻀﺎء اﻟﺘﺮوﯾﻜﺎ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ..؟
ﻛﯿﻒ ﻧﺤﻘﻖ ھﺪﻓﻨﺎ ؟ ﯾﺠﺐ ﺗﻌﺒﺌﺔ ﺟﮭﻮد اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻛﻠﮭﺎ ﺳﯿﺎﺳﯿﺎً وﻋﺴﻜﺮﯾ ًﺎ
وﻣﻌـﻨﻮﯾﺎً ؛ ﻷن اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ھﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ..ﻣﺎذا ﻧﻌﻤﻞ اﻵن ؟ ﻧﺤﻦ
ﻧﺪاﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻧﺤﻦ ﻧﺪاﻓﻊ ﻋﻦ اﻷرض اﻟﻌـﺮﺑﯿﺔ ،وﻧﺤﻦ ﻧﺪاﻓﻊ
ﻋﻦ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻧﺤﻦ ﻧﺪاﻓﻊ ﻋﻦ اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻌﺮﺑﻲ ...
أﺗَﻠَﻤَّﺲُ أﺣﻮاﻟﻲ …
ﻻ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻟﺪيّ
ﺷﻜﻠﻲ ﻣﻘﺒﻮلٌ ...
أﺑﺪو ﺑﺎﻟﺸﻌﺮ اﻷﺑﯿﺾ ﺟﺬاﺑﺎً
ﻧﻈّﺎراﺗﻲ ﻣﺘﻘﻨﺔٌ
وﺣﺮارةُ ﺟﺴﻤﻲ ﺳﺒﻊٌ وﺛﻼﺛﻮنَ ﺗﻤﺎﻣﺎً
وﻗﻤﯿﺼﻲ ﻣﻜﻮيٌ وﺣﺬاﺋﻲ ﻻ ﯾﺆﻟﻤﻨﻲ
ﻻ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻟﺪي ..
ﻛَﻔّﺎَي ﺑﻼ ﻗَﯿْﺪٍ ..
وﻟِﺴﺎﻧﻲ ﻟﻢ ﯾُﺴﻜَﺖْ ﺑﻌﺪ
ﻟﻢ ﯾﺼﺪر ﺿﺪي ﺣٌﻜْﻢٌ ﺣﺘﻰ اﻵن
وﻟﻢ أُﻃﺮَدْ ﻣِﻦ ﻋﻤﻠﻲ
ﻣﺴﻤﻮحٌ ﻟﻲ ﺑﺰﯾﺎرة ﻣَﻦ ﺳَﺠَﻨﻮھﻢْ ﻣِﻦ أھﻠﻲ
وزﯾﺎرةِ ﺑﻌﺾِ ﻣﻘﺎﺑﺮھﻢْ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان
ﻻ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻟﺪي ..
ﻻ ﯾﺪھﺸﻨﻲ أن ﺻﺪﯾﻘﻲ أَﻧْﺒَﺖَ ﻗَﺮْﻧﺎً ﻓﻲ رأﺳﮫ
وأُﺣِﺐُّ ﺑَﺮاﻋَﺘَﮫُ ﻓﻲ إﺧﻔﺎء اﻟﺬﯾﻞ اﻟﻮاﺿﺢِ ﺗﺤﺖ
ﻣﻼﺑِﺴِﮫِ
وھﺪوءُ ﻣﺨﺎﻟِﺒِﮫِ ﯾُﻌﺠﺒﻨﻲ ..
ﻗﺪ ﯾﻔﺘﻚ ﺑﻲ ،ﻟﻜﻨﻲ ﺳﻮف أﺳﺎﻣﺤﮫُ
ﻓﮭﻮ ﺻﺪﯾﻘﻲ
وﻟﮫ أن ﯾﺆذﯾﻨﻲ أﺣﯿﺎﻧﺎً
ﻻ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻟﺪي ..
ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺘﺠﺬّر :وﺟﺪت ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺘﻲ
ﯾﻔﯿﺾ ﺑﮭﺎ اﻟﻮﺟﺪان اﻟﺠﻤﻌﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻃﺮﯾﻘﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ
ﻋﻦ ﻧﻔﺴﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﯿﺪﯾﻦ اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻨﻈﺮي واﻟﺴﯿﺎﺳﻲ
اﻟﺤﺮﻛﻲ .ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺼﻌﯿﺪ اﻟﻔﻜﺮي اھﺘﻤﺖ ﻛﻮﻛﺒﺔ ﻣﻦ رﺟﺎﻻت
اﻟﻔﻜﺮ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﺎﯾﺎ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﮭﺎ
ﻗﻀﺎﯾﺎ اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ،وﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ،واﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ.
وﻛﺎن اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﮭﻮّﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ داﻓﻌﺎً ﻗﻮﯾﺎً ﻹﻧﺸﺎء اﻷﺣﺰاب واﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ
واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ واﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت اﻟﺼﺤﺎﻓﯿﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ
ذات اﻻھﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ.
وﺗﺠﻠّﺖ ﻗﻮّة اﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ أﻛﺜﺮ ﻣﺎ
ﺗﺠﻠّﺖ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﺪّي ﻟﻜﻞ ﻣﺤﺎوﻻت اﻟﻨﯿﻞ ﻣﻦ ھﻮﯾّﺔ اﻟﺒﻼد
وﻃﻤﺲ ﻣﻘﻮﻣﺎﺗﮭﺎ اﻟﻠﻐﻮﯾﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ واﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ،وھﻲ
اﻟﻤﺤﺎوﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺼﺪرت اﻷﺟﻨﺪة اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﯾﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ،
وﻟﻜﻨﮭﺎ ﺟﻮﺑﮭﺖ ﺑﻤﻘﺎوﻣﺔ ودﻓﺎع ﻣﺴﺘﻤﯿﺘﯿﻦ أدّﯾﺎ إﻟﻰ إﻓﺸﺎﻟﮭﺎ
ﻓﻲ اﻟﻨﮭﺎﯾﺔ.
وﺣﯿﺜﻤﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻟﺨﻄﺮ اﻟﻐﺰو اﻷﺟﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ
ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮ وﻓﻲ ﺳﻮرﯾﺔ ﻛﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻛﺎن
اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﻮن ﯾﺴﺎرﻋﻮن إﻟﻰ ﻧﺼﺮة أﺷﻘﺎﺋﮭﻢ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ ﺗﻠﻚ
اﻷﻗﻄﺎر .وﺗﻌﻮد اﻟﺘﻌﺒﯿﺮات اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ﻋﻦ اﻻھﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ إﻟﻰ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ﻓﻘﺪ أﺳﺲ اﻟﺮاﺣﻞ ﯾﻮﺳﻒ
اﻟﺮوﯾﺴﻲ ﻓﻲ ﺑﺮﻟﯿﻦ ﺳﻨﺔ 1945ﻗﺒﻞ إﻧﺸﺎﺋﮫ ﻣﻜﺘﺐ اﻟﻤﻐﺮب
اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ دﻣﺸﻖ ﺟﺮﯾﺪة ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ أﺳﺒﻮﻋﯿﺔ
ﺗﺤﻤﻞ اﺳﻢ -اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ -وﻛﺎﻧﺖ أول ﺟﺮﯾﺪة ﺗﻌﺒﺮ
ﺑﺸﻜﻞ واﺿﺢ ﻋﻦ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ،إذ ﻗﺎل
ﻣﺆﺳﺴﮭﺎ ﻓﻲ اﻓﺘﺘﺎﺣﯿﺔ اﻟﻌﺪد اﻷول " :ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺒﻼد
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺠﺰء اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻣﻨﮭﺎ ﺗﺠﺘﺎز ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ
أﺻﻌﺐ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﺎرﯾﺨﮭﺎ ﻓﻘﺪ ﻓﺮض اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮون اﻟﻈﺎﻟﻤﻮن
ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻟﺠﺰء أن ﯾﻌﯿﺶ ﻣﻨﻌﺰﻻً ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﻨﻔﺼﻼً ﻋﻦ
ﺑﻘﯿﺔ أﺟﺰاء اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻘﯿﺪاً ﻋﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ ،ﻣﻘﻀﯿﺎً ﻋﻠﯿﮫ
ﺑﺎﻟﺼﻤﺖ وﻋﺪم إﺑﺪاء رأﯾﮫ ﻓﻲ ﺗﻘﺮﯾﺮ ﻣﺼﯿﺮه ﻣﻦ ھﺬه
اﻷﺣﺪاث اﻟﻜﺒﺮى واﻻﻧﻘﻼﺑﺎت اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ اﻟﺠﺎرﯾﺔ اﻟﯿﻮم ﻣﻘﯿﻤﯿﻦ
ﺑﺪﻻً ﻣﻦ ﺻﻮت اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻨﺎﻗﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻈﺎﻟﻢ اﻟﻤﻔﺮوض
ﻋﻠﯿﮫ ﺑﺎﻟﻘﻮة اﻟﻘﺎھﺮة أﺑﻮاﻗﺎً ﻟﺪﻋﺎﯾﺘﮭﻢ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﯾﺔ
اﻷﺛﯿﻤﺔ).. (1
وﺗﻌﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺼﺤﻔﯿﺔ أول ﻣﻤﺎرﺳﺔ واﻋﯿﺔ ﻟﻠﻔﻜﺮ
اﻟﻘﻮﻣﻲ ،وأول ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﺟﺎدة ﻟﻨﺸﺮ ھﺬا اﻟﻔﻜﺮ ،وﻟﺘﺤﻮﯾﻠﮫ إﻟﻰ
ﺗﯿﺎر ﺳﯿﺎﺳﻲ ﺷﻌﺒﻲ ﯾﻨﺨﺮط ﻓﯿﮫ اﻟﻌﻤﺎل وﺳﺎﺋﺮ اﻟﻔﺌﺎت
اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻷﺧﺮى ،وھﻮ ﻣﺎ ذھﺐ إﻟﯿﮫ اﻟﺮوﯾﺴﻲ ﺑﻘﻮﻟﮫ " :
اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ وﺣﺪة اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ ﻣﻦ
ﺧﻠﯿﺞ اﻟﻌﺠﻢ إﻟﻰ اﻟﻤﺤﯿﻂ اﻷﻃﻠﺴﻲ ،وإﯾﺠﺎد اﻟﺘﻌﺎرف وإﺣﻜﺎم
أواﺻﺮ اﻷﺧﻮة ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ واﻟﻤﺸﺎرﻗﺔ ،واﻟﺘﻌﺮﯾﻒ
ﺑﺎﻟﻤﺸﺮق ﻟﺪى اﻟﻤﻐﺮب وﺑﺎﻟﻤﻐﺮب ﻟﺪى اﻟﻤﺸﺮق .
ﻓﻲ إﺣﺪى ﻣﺤﺎﺿﺮاﺗﮫ اﻟﺘﻲ أﻟﻘﺎھﺎ ﻋﺎم 1947ﻗﺎل اﻟﺮوﯾﺴﻲ
" :أﻧﺘﻢ أﯾﮭﺎ اﻟﻘﻮﻣﯿﻮن اﻟﻌﺮب ﯾﺪﻋﻮﻛﻢ اﻟﻮاﺟﺐ اﻟﻘﻮﻣﻲ
.....
ﻟﻤﺸﺎﻃﺮﺗﻨﺎ ﻋﺐء ھﺬه اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺎت اﻟﺜﻘﯿﻠﺔ ﻷن اﻷﺟﯿﺎل
اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﺳﻮف ﻻ ﺗﻔﺮق ﺑﯿﻦ ﻣﻐﺮب وﻣﺸﺮق ﻓﻲ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ
ﻣﺼﯿﺮ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ " .وﻇﻞ اﻟﺮوﯾﺴﻲ ﻻﺟﺌﺎً ﻟﻮﺟﻮد ﺣﻜﻢ
اﻹﻋﺪام اﻟﺬي ﻛﺎن ﻗﺎﺑﻼً ﻟﻠﺘﻨﻔﯿﺬ -ﻣﻦ ﻃﺮف اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﯿﻦ -
أﯾﻨﻤﺎ وﺟﺪ ،إﻻ أن اﻷﻗﻼم واﻷﻟﺴﻦ ﺗﺤﺮﻛﺖ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ
ﻣﺆﻛﺪة ﻋﻠﻰ ﻋﺮوﺑﺔ ﺗﻮﻧﺲ وﻣﺸﺪدة ﻋﻠﻰ اﻧﺘﻤﺎﺋﮭﺎ
اﻟﻘﻮﻣﻲ) ، (2وﻟﻜﻨﮫ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﻨﺎﻗﺾ ﻟﻺﺳﻼﻣﻲ ،وﻣﻦ ذﻟﻚ
ﻣﺎ ﻛﺘﺒﮫ :
* ﻋﻠﻲ اﻟﺒﻠﮭﻮان ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ ) ﻧﺤﻦ أﻣﺔ ( ﻋﺎم " : 1954
اﻟﺠﺰاﺋﺮ وﺗﻮﻧﺲ واﻟﻤﻐﺮب ﺛﻼﺛﺔ أﻗﻄﺎر ،وﺛﻼﺛﺔ أﻣﻢ ﻛﻮّﻧﺘﮭﺎ
اﻷﺟﯿﺎل اﻟﻤﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ﻣﻨﺬ ﻗﺮون ،وﺻﺒﻐﺘﮭﺎ ﺻﺒﻐﺔ واﺣﺪة ﻓﻲ
أﻣﺔ ﻣﺘﻮﺣﺪة ،ﻣﺎ ھﻲ إﻻ ﺟﺰء ﻣﻦ أﻣﺔ اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﺑﻮﺣﺪة أﻗﻄﺎرھﺎ وﺗﻀﺎﻣﻨﮭﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،وﺗﻨﺒّﮭﺖ ﻟﺘﺎرﯾﺨﮭﺎ
اﻟﻤﺎﺟﺪ وﺗﻘﺪّﻣﺖ ﻟﻠﻘﯿﺎم ﺑﺮﺳﺎﻟﺘﮭﺎ اﻟﺨﺎﻟﺪة ،رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻌﺮوﺑﺔ
واﻹﺳﻼم إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻤﺎ اﺣﺘﻮت ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ أﺧﻮة ﺑﺸﺮﯾﺔ
وﻣﺴﺎواة إﻧﺴﺎﻧﯿﺔ وﻣﻘﺎوﻣﺔ ..ﻧﺮاھﺎ اﻛﺘﻤﻞ وﻋﯿﮭﺎ
اﻟﻘﻮﻣﻲ...".
* اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﺤﺒﯿﺐ ﺛﺎﻣﺮ ،ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻤﻨﺸﻮر ﻓﻲ اﻟﻘﺎھﺮة
)ھﺬه ﺗﻮﻧﺲ( ،ﺗﻌﺪ ﺗﻮﻧﺲ أﻛﺜﺮ ﺑﻠﺪان اﻟﻤﻐﺮب اﺳﺘﻌﺮاﺑﺎً ﺑﻌﺪ
ھﺠﺮة ﺑﻨﻲ ھﻼل إﻟﯿﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ ،وﻟﻢ ﯾﺒﻖ
أﺛﺮ ﻟﻠﻌﻨﺼﺮ اﻟﺒﺮﺑﺮي اﻷﺻﻠﻲ وﻻ ﻟﻠﻘﺮﻃﺎﺟﻨﻲ واﻟﺮوﻣﺎن
اﻟﺬﯾﻦ اﺣﺘﻠﻮا اﻟﺒﻼد ﻗﺮوﻧﺎً ﻣﺘﻮاﻟﯿﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﻌﺮب ..ﻛﻤﺎ اﻣّﺤﻰ
أﺛﺮ اﻷﺗﺮاك ﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ وﻗﺪ ﺗﻐﻠﺐ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ ھﺬه
اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ واﺑﺘﻠﻌﮭﺎ . " ..
ھﺬه أﻣﺜﻠﺔ ﻣﻦ ﻛﺘﺎﺑﺎت وﻣﻮاﻗﻒ ﻇﮭﺮت ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻤﻤﺘﺪة
ﻣﻦ 1945إﻟﻰ 1955ﺗﺆﻛﺪ ﺑﺮوز ﺗﯿﺎر ﻗﻮﻣﻲ ﻋﺮﺑﻲ ﻣﻦ
رﺣﻢ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ وﺑﯿﻦ رﻣﻮزھﺎ اﻟﺒﺎرزﯾﻦ) . ( 3
إن اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﻞ ﻓﻲ ﻛﻞ أﻗﻄﺎر اﻟﻤﻐﺮب
اﻟﻌﺮﺑﻲ ھﻮ إﺷﻜﺎﻟﯿﺔ ذات ﺧﺼﻮﺻﯿﺔ ﻣﻨﺬ ﻓﺠﺮ اﻟﻨﮭﻀﺔ
وﻣﺮدّھﺎ ﯾﺮﺟﻊ ﻟﻄﺒﯿﻌﺘﮭﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ واﻟﺴﻮﺳﯿﻮﻟﻮﺟﯿﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ
اﻛﺘﺴﺒﺖ ﻃﺎﺑﻌﺎً ﺳﯿﺎﺳﯿﺎً ﻻ ﯾﺨﻠﻮ ﻣﻦ ﻣﻨﻈﻮر ﺛﻘﺎﻓﻲ
وﺣﻀﺎري .ﻓﻘﺪ ﻣﺮت اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ ﺑﻤﺮﺣﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﻤﻮن
واﻟﺘﺮاﻛﻢ ﺑﯿﻦ اﻷﺻﺎﻟﺔ اﻟﺤﻀﺎرﯾﺔ واﻻﻧﺒﻌﺎث اﻹﺳﻼﻣﻲ ،
وﻗﺪ ﺑﺮزت ﻣﻈﺎھﺮ ﺗﺠﺬر اﻟﻌﺮوﺑﺔ واﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ
ﺗﻮﻧﺲ ﺗﺎرﯾﺨﯿﺎً ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻈﺎھﺮ ﻋﺪّة ﺳﻨﺘﻨﺎوﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﯿﻞ
،وھﻲ ): (4
1رﻓﺾ اﻟﻔﺮﻧﺴﺔ واﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﯿﺔ . 2اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﮭﻮﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐاﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل :
اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺰﯾﺘﻮﻧﯿﺔ. اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﯿﻮﺳﯿﻔﯿﺔ ...وﻣﻨﺎھﻀﺔ ﺑﻮرﻗﯿﺒﺔ . اﻟﺪورﯾﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ ودورھﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﮭﻮﯾﺔ 3اﻟﺤﻀﻮر اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك اﻷﻣﺔ :* ﻣﻌﺮﻛﺔ اﻻﺳﺘﻘﻼل * ﻧﺼﺮة ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ * ﻧﺼﺮة ﺳﻮرﯾﺔ
واﻟﻌﺮاق .
.
اﻟﮭﻮاﻣﺶ :
)(1وﻋﻲ اﻟﮭﻮﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ ،ﻧﻘﻼ ﻋﻦ اﻟﻤﻮﻗﻒ ،اﻟﻌﺪد ، 56ص.6
) (2اﻟﻤﻮﻗﻒ ،اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ.
)(3ﻋﻠﻲ ﺑﻦ ﺳﻌﯿﺪ ،أي ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﻠﺘﯿﺎر اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ؟ ﻣﺠﻠﺔ أﻗﻼم ،اﻟﻌﺪد ،10اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ،ﺷﺒﺎط /
ﻓﺒﺮاﯾﺮ .2004
) (4اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻘﻮﻣﻲ واﻷﺣﺰاب اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ص.207
ﺣﯿﻦ اﻟﺒﺤﺚ اﻟﺘﺎرﯾﺨﻲ ﻓﻲ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ ،
ﻧﻜﺘﺸﻒ أن اﻟﺪﯾﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﻜﻞ ﻗﯿﻤﮫ وﺗﺸﺮﯾﻌﺎﺗﮫ ،ﻟﻢ
ﯾﺤﺪد ﺷﻜﻼ ﻣﺤﺪدا ﻟﻠﺪوﻟﺔ واﻟﺴﻠﻄﺔ ،وإﻧﻤﺎ ﺣﺪد ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ
ﻣﻦ اﻟﻘﯿﻢ واﻟﻤﺒﺎدئ اﻟﺪﺳﺘﻮرﯾﺔ واﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﯾﻨﺒﻐﻲ أن
ﺗﺴﻮد وﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ
ﺷﻜﻠﮭﺎ وﻣﺴﻤﺎھﺎ ..ﻓﺎﻟﺪوﻟﺔ ﺿﺮورة ﻣﻦ ﺿﺮورات
اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ ،إذ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺎت وﻣﮭﺎم ﻛﺒﺮى
ﻓﻲ ﻣﺴﯿﺮة اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﻟﻜﻦ اﻹﺳﻼم ﻟﻢ ﯾﺤﺪد ﺷﻜﻼ ﺧﺎﺻﺎ
ﻟﻠﺪوﻟﺔ ..وﻟﻌﻞ ﻓﻲ إﺷﺎرة اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲ اﺑﻦ أﺑﻲ ﻃﺎﻟﺐ إﻟﻰ
أﻧﮫ ) ﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﻨﺎس ﻣﻦ أﻣﯿﺮ ﺑﺮأ وﻓﺎﺟﺮ ( ﺗﺄﻛﯿﺪ ﻋﻠﻰ ھﺬه
اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ " ..ﻓﻘﺪ ﺗﻌﺎﻣﻞ اﻹﻣﺎم ﻋﻠﻲ
ﻣﻊ اﻟﺪوﻟﺔ ﻛﻀﺮورة ،أﻣﺎ ﻣﻨﺸﺄ ﺿﺮورﺗﮭﺎ ﻓﮭﻮ اﻻﻧﺘﻈﺎم
واﻟﻨﻈﺎم اﻟﻌﺎم ،اﻷﻣﻦ واﻟﻔﻲء ،أي اﻹﻧﺴﺎن واﻟﻌﻤﺮان ،
ﺑﻤﺎ ﯾﻘﺘﻀﻲ ذﻟﻚ ﻣﻦ إﻃﻼق ﺣﺮﯾﺔ اﻟﺘﻤﻠﻚ اﻟﻤﻀﺒﻮﻃﺔ
ﺑﺎﻟﺸﺮﯾﻌﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺘﻔﺎﻗﻢ اﻟﻔﻮارق اﻟﻄﺒﻘﯿﺔ ،وﯾﺴﺘﻮﻟﻲ
اﻟﺠﻮر ﻋﻠﻰ اﻷﻏﻠﺒﯿﺔ اﻟﺴﺎﺣﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ،ﻓﺘﻌﻢ اﻟﻔﻮﺿﻰ
،وﯾﺨﺮج اﻟﺠﯿﺎع ﺷﺎھﺮﯾﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﺳﯿﻮﻓﮭﻢ ..إذن
ﻓﺎﻟﺪوﻟﺔ ﺿﺮورة اﺟﺘﻤﺎع ،ﯾﻘﺘﻀﯿﮭﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎع وﯾﺒﻨﯿﮭﺎ ،ﻻ
ﺗﺒﻨﯿﮫ ،وإن ﻛﺎﻧﺖ ﺑﻌﺪ أن ﯾﺒﻨﯿﮭﺎ ﺗﻌﻮد ﻟﺘﺴﮭﻢ ﻓﻲ إﻋﺎدة
ﺑﻨﺎﺋﮫ وﺗﺠﺪﯾﺪه ،ﯾﺠﺪدھﺎ وﯾﺘﺠﺪد ﺑﮭﺎ ،وﺗﺠﺪده وﺗﺠﺪد ﺑﮫ
..واﻟﻀﺮورة ﻓﻲ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺴﻠﻮك إﻧﻤﺎ ﺗﻘﺪر ﺑﻈﺮوﻓﮭﺎ
وﻣﻘﺎدﯾﺮھﺎ ،ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻈﺮوف ﻣﺘﻐﯿﺮة ،أي ﺗﻐﯿﺮ وﻋﻲ
اﻻﺟﺘﻤﺎع ﻟﺬاﺗﮫ وﻋﻼﺋﻘﮫ ،وﺗﻐﯿﺮ وﻋﻲ اﻟﻔﺮد ﻟﻤﻮﻗﻌﮫ ﻓﻲ
اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻣﺴﺆوﻟﯿﺎﺗﮫ وﺣﻘﻮﻗﮫ وواﺟﺒﺎﺗﮫ ،وﺗﺒﻌﺎ ﻟﺬﻟﻚ
ﺗﻐﯿﺮت اﻷدوار ،ﻓﻼ ﺑﺪ أن ﺗﺘﻐﯿﺮ اﻟﺪوﻟﺔ ﺷﻜﻼ ،وأداءا ،
ودورا ،وﻣﺼﺪر ﺷﺮﯾﻌﺘﮫ،وآﻟﯿﺎت ﺗﺤﻘﯿﻖ ،ﻃﺒﻘﺎ
..
ﻟﻠﺘﻐﯿﺮات اﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﻓﻲ ﺑﻨﯿﺎن اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ "
ﻓﺎﻟﻤﮭﻢ ﻓﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ،ﻟﯿﺲ ﺷﻜﻠﮭﺎ ،وإﻧﻤﺎ اﻟﻘﯿﻢ
اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﻀﻨﮭﺎ ،واﻟﻤﺒﺎدئ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ
ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﻔﯿﺬھﺎ وﺗﺤﻘﯿﻘﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ..
ﻓﺎﻟﻤﻄﻠﻮب دﯾﻨﯿﺎ أن ﺗﻠﺘﺰم ﻣﺆﺳﺴﺔ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻘﯿﻢ وﻣﺒﺎدئ
ووﻇﺎﺋﻒ ،وﺷﻜﻞ اﻟﺪوﻟﺔ وﻣﺴﻤﯿﺎﺗﮭﺎ اﻟﻤﺘﻌﺪدة ،ھﻲ
ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻈﺮوف اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن وﺗﺤﻮﻻت اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ،
وﻣﺎ ھﻮ اﻹﻃﺎر اﻷﻧﺴﺐ ﻟﻠﻮﻓﺎء ﺑﺘﻠﻚ اﻟﻘﯿﻢ واﻟﻤﺒﺎدئ
اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ..ﻓـ ) ﻻ وﺻﻔﺔ دﯾﻨﯿﺔ ﻣﻠﺰﻣﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ،
وﻃﺎﻟﻤﺎ أن ﺷﺄن اﻟﺪﯾﻦ ،ﺑﻤﺎ ھﻮ ﻣﻌﺮﻓﺔ وﺳﻠﻮك وﺛﻘﺎﻓﺔ
وﻗﯿﻢ وﻋﻼﺋﻖ وﺗﻘﻮى ،ھﻮ أداء اﻟﺪوﻟﺔ ،أي ﻋﺪاﻟﺘﮭﺎ ،
وﻃﺎﻟﻤﺎ أن اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻣﻦ دون ﺣﺮﯾﺔ ھﻲ ﺟﻮر آﺧﺮ ،
ﻓﺎﻟﻤﺴﺘﺒﺪ اﻟﻌﺎدل ﺗﻠﻔﯿﻖ ﺑﯿﻦ ﻣﻔﮭﻮﻣﯿﻦ ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﯿﻦ ﻻ
ﯾﺠﺘﻤﻌﺎن أﺑﺪا وﻻ ﯾﺮﺗﻔﻌﺎن ،أي إﻣﺎ ﻣﺴﺘﺒﺪ وإﻣﺎ ﻋﺎدل ،
وﻃﺎﻟﻤﺎ أن اﻟﺤﺮﯾﺔ ﻣﻦ دون ﻋﺪاﻟﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﺣﺮﯾﺔ ،ﺑﻞ
ﻓﻮﺿﻰ ﺣﺎﺿﻨﺔ ﻟﺘﻮاﺋﻢ أو ﺿﺮاﺋﺮ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺒﺪادات
اﻟﻤﺪﻣﺮة ،ﻓﺈن اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﻻ ﺑﻤﻌﻨﺎھﺎ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ
اﻟﺼﺮف وﺣﺪه ،ﺑﻞ وﺑﻤﺪﻟﻮﻟﮭﺎ اﻟﻮاﺳﻊ ،اﻟﺬي ﯾﻤﺘﺪ إﻟﻰ
اﻟﺸﺄن اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺮﻋﺎﺋﻲ واﻟﺘﻨﻤﻮي اﻟﺸﺎﻣﻞ ،ھﻲ
اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ اﻟﺤﺮﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﺪاﻟﺔ ﻓﻲ ﺑﻨﯿﺔ ﻣﺪﻧﯿﺔ ،
ﻛﻤﻔﮭﻮﻣﯿﻦ ﻣﺘﺸﺎﻃﺮﯾﻦ ﺗﻌﺮﯾﻔﺎ وﺗﺤﻘﯿﻘﺎ ،إﻟﻰ ﺣﺪ دﺧﻮل
ﻛﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻵﺧﺮ ( ..
ﻣﺪﻧﯿﺔ اﻟﺤﻘﻞ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ :
ﻓﺎﻟﺠﻮھﺮ أن ﺗﻜﻮن اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺴﺆوﻟﯿﮭﺎ وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﮭﺎ
،ﻧﺘﺎج اﻟﺤﺮﯾﺔ واﻟﺸﻮرى واﻟﻌﻘﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻤﺴﺘﻨﺪ
إﻟﻰ ﺣﺮﯾﺔ اﻻﺧﺘﯿﺎر ورﺿﺎ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ..ﻓﺎﻟﺪوﻟﺔ ﻟﯿﺴﺖ
ﺧﺎرﺟﺔ ﻋﻦ ﻗﯿﻢ اﻹﺳﻼم اﻟﻜﺒﺮى ﻛﺎﻟﻌﺪاﻟﺔ واﻟﺤﺮﯾﺔ
واﻟﻤﺴﺎواة ،ﺑﻞ ھﻲ ﺗﺠﺴﯿﺪ ﻟﮭﻤﺎ ..واﻧﺤﺮاف اﻟﺪوﻟﺔ
ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ ﻣﺪﯾﺪة ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻋﻦ
ھﺬه اﻟﻘﯿﻢ ،ﻻ ﯾﺸﺮع ﻟﻠﺪوﻟﺔ اﻻﺳﺘﺒﺪادﯾﺔ ،وﻻ ﯾﺆﺳﺲ
ﻟﻠﻨﻤﻮذج اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﻲ اﻟﺬي ﻻ ﺻﻼت ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﻟﮫ ﺑﺎﻻﺟﺘﻤﺎع
اﻹﺳﻼﻣﻲ ..ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﺗﻤﺎﻣﺎ ..ﺣﯿﺚ أن
اﻻﻧﺤﺮاف اﻟﺘﺎرﯾﺨﻲ ،ﯾﺤﻤّﻠﻨﺎ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ﺑﺎﺗﺠﺎه
ﺗﻈﮭﯿﺮ ﻗﯿﻢ اﻹﺳﻼم اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ واﻟﺤﻜﻢ ،
وﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻘﻄﯿﻌﺔ اﻟﻤﻌﺮﻓﯿﺔ واﻟﺴﻠﻮﻛﯿﺔ ﻣﻊ ﻛﻞ أﺷﻜﺎل
اﻻﺳﺘـﺌﺜﺎر ﺑﺎﻟﻘﺮار واﻻﺳﺘﻔـﺮاد ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ ..
ﻻ اﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻔﺎﻋﻠﯿﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﯿﻦ واﻟﻤﺘﺎﺑﻌﯿﻦ ﻟﻠﺸﺄن اﻟﻌﺎم
اﻋﺘﻘﺪ أن ﺣﺎل ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻧﺪاء ﺗﻮﻧﺲ اﻟﻤﻨﺘﻈﺮة ﺳﯿﻜﻮن ﺑﮭﺬا
اﻟﻮھﻦ واﻟﻀﻌﻒ واﻟﻌﺠﺰ اﻟﻤﺒﯿﻦ .وﻟﻘﺪ اﺳﺘﻨﺪت ﺗﻠﻚ
اﻟﺮؤﯾﺔ إﻟﻰ ﺣﺠﻢ اﻟﺪﻋﺎﯾﺔ واﻟﺘﺒﺸﯿﺮ ﺑﺎﻟﻤﻮﻟﻮد اﻟﺤﺰﺑﻲ
اﻟﺬي ﺣﻤﻞ ﻣﻌﮫ ﺑﻌﺾ ﺻﻔﺎت اﻹﻋﺠﺎز اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﺸﺘﺮك
ﻣﻌﮫ ﻓﯿﮭﺎ إﻻ اﻟﺴﯿﺪ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم ،ﻓﮭﻮ اﻟﺤﺰب
اﻟﺬي ﺧﺮج ﻣﻦ اﻷﺣﺸﺎء ﻋﺎﻟﻤﺎ ﺑﻤﺒﺘﻐﺎه ﻣﺘﻜﻠّﻤﺎ وﻧﺎﻃﻘﺎ ﺑﮫ
ﻣﺎﺷﯿﺎ ﻋﻠﻰ ﻗﺪﻣﯿﮫ ﺑﺎﻟﺴﺮﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻧﻈﯿﺮ ﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ
ﻟﮫ.
اﺧﺘﯿﺮ
اﻟﺬي
اﻻﺗﺠﺎه
ﻓﻲ
اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ،
ﺣﺰب ﻗﺪّﻣﺘﮫ آﻻت اﻟﺪﻋﺎﯾﺔ ﺑﺄﻧﮫ اﻟﻤﻨﻘﺬ ﻣﻦ اﻟﻈﻼل اﻟﺬي
ﺗﺮدت ﻓﯿﮫ اﻟﺒﻼد ﻣﻨﺬ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺨﻄﺄ اﻷول اﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ
اﻓﺮار ﺑﻦ ﻋﻠﻲ أو ﺗﮭﺮﯾﺒﮫ واﻧﮭﯿﺎر ﺳﻠﻄﺎن ورﻣﻮز ﻧﻈﺎﻣﮫ
اﻟﺤﺪﯾﺪي .ﺛﻢ ﺗﺤﻮلّ ذﻟﻚ اﻟﺨﻄﺄ إﻟﻰ ﺧﻄﯿﺌﺔ ﺗﺠﻠّﺖ ﻓﻲ
ﺗﻮﻟﻲ اﻟﺘﺮوﯾﻜﺎ أﻣﺮ اﻟﻨﺎس ﻣﺘﻜﺌﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻋﯿﺔ ﻋُﺪّت
وھﻨﺔ وﺿﻌﯿﻔﺔ أو ﻣﻨﻌﺪﻣﺔ رﻏﻢ اﻟﺴﻨﺪ اﻟﻌﻈﯿﻢ اﻟﺘﻲ
اﺟﺘﺒﺎھﺎ ﺑﮫ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺘﺄﺳﯿﺴﻲ .
ﻓﻘﺪ ﺧﺎض اﻟﺤﺰب اﻟﺠﺪﯾﺪ اﻟﻤﻨﺼﻮح ﺑﮫ ﻓﻲ دﻧﯿﺎ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ
اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ اﻟﻤُﺒﺸّﺮ ﺑﺨﺒﺮة ﺳﻼﻟﺘﮫ اﻟﻤُﺠﻮّدة ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ
وﺑﺠﺪواه وﻧﺠﺎﻋﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﺘﺪاوي واﻟﻌﻼج ﻣﻦ اﻟﻌﺎھﺎت
اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﻤﺰﻣﻨﺔ واﻟﻤﺴﺘﺤﺪﺛﺔ ،ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺿﺮوﺳﺎ ﻛﺤﻤّﺎل
ﻟﻠﺘﻘﺪم واﻟﺤﺪاﺛﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﻮّق ﻧﻔﺴﮫ واﺻﻄﻔﺎھﺎ ﻧﺎﻃﻘﺎ
ﺑﺎﺳﻤﮭﺎ.
وﻛﻞ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺿﺪّ اﻟﻌﺘﻤﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﻤّﺖ ﻏﻤﺎﻣﺘﮭﺎ
ﺳﻤﺎء ﺗﺮﺷﯿﺶ ) اﺳﻢ ﺗﻮﻧﺲ اﻟﻘﺪﯾﻢ ( اﻟﻤﺸﺮﻗﺔ ﻣﺴﺘﮭﺪﻓﺔ
اﻟﻨﻤﻮذج اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻋﻠﻰ ﺣﺪّ ﻗﻮل ﻣﻨﻈّﺮﯾﮫ وزﻋﺎﻣﺎت رأﯾﮫ،
وذﻟﻚ ﺑﻌﺪ اﻧﺒﻼج اﻟﻌﮭﺪ اﻟﻨﮭﻀﺎوي إﺑﺎن ﺣﻜﻢ ﺣﺮﻛﺔ
اﻟﻨﮭﻀﺔ وﻣﻦ ﺣﺎﻟﻔﮭﺎ ،وھﻲ اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﻣﻦ ﻋﻮاﻟﻢ أﺧﺮى
ﻗﺮوﺳﻄﯿﺔ وﺳﻮداوﯾﺔ ﻣﺸﺒﻌﺔ ﺑﺒﺮاﻛﺴﯿﺲ اﻹرھﺎب
وﻣﺸﺘﻘﺎﺗﮫ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ واﻟﻌﻘﺪﯾﺔ واﻟﻤﺬھﺒﯿﺔ ﺣﺴﺐ ﻣﺎ ھﻮ
راﺳﺦ ﻓﻲ ﻣﺨﯿﺎل ﺟﻤﺎﻋﺔ اﻟﻨﺪاء وﻣﻦ واﻻھﻢ.
وﺟﺎءت ﺣﻤﻼﺗﮫ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﯿﺔ ﺑﺮﻣﺘﮭﺎ ﺗﺜﺒﯿﺘﺎ ﻟﺬﻟﻚ اﻟﺘﻤﺸﻲ
وﻧﺪاءا ووﻋﺪا ووﻋﯿﺪا وﺛﺄرا ﺑﺘﺨﻠﯿﺺ اﻟﺒﻼد ﻣﻦ اﻟﺴﻘﻢ
واﻟﮭﺰال اﻟﺬي أﺻﺎﺑﮭﺎ ﻣﻦ ﺟﺮاء ﻓﺘﺮة ﺳﻠﻄﺔ ﻗﻮم
اﻟﺘﺮوﯾﻜﺎ اﻟﻤﻐﻤﻮرﯾﻦ اﻟﺬﯾﻦ ﻻ دراﯾﺔ ﻟﮭﻢ وﻻ ﻣﻌﺮﻓﺔ
ﺑﺎﻟﺤﻜﻢ وأﺻﻮﻟﮫ وﻗﻮاﻧﯿﻨﮫ وأﻋﺮاﻓﮫ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ رﻏﻢ ﺷﻐﻔﮭﻢ
اﻟﺸﺪﯾﺪ ﺑﮫ.
ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﺮاب اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﻟﻤﺪﻧﻲ ﻋﺎﺷﺘﮭﺎ ﺗﻮﻧﺲ ﻃﯿﻠﺔ
ﻓﺘﺮة اﻟﺤﻤﻼت اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﯿﺔ اﻟﺘﺸﺮﯾﻌﯿﺔ واﻟﺮﺋﺎﺳﯿﺔ ﻗﺎﻋﺪﺗﮭﺎ
اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ھﻮ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ واﻧﺒﺜﺎﻗﺎﺗﮫ
اﻟﻌـﻨﯿﻔﺔ اﻟﺬي اﺑﺘـﻠﯿـﺖ ﺑﮫ ﺑﻼدﻧﺎ وﺣﺮﻣﺎﻧﮫ ﻣﻦ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ
..
اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺄي وﺳﯿﻠﺔ ﻛﺎﻧﺖ وﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷداة اﻷﻧﺠﻊ
اﻟﻤﺘﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺼﻮﯾﺖ اﻟﻨﺎﺟﻊ .وﻗﺪ وﺻﻞ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻘﻮم
إﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﺠﮭﺮ ﺑﺘﻘﺴﯿﻢ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﯿﻦ إﻟﻰ ﺷﻤﺎﻟﯿﯿﻦ ﺣﺪاﺛﯿﯿﻦ
ﺗﻘﺪﻣﯿﯿﻦ وﺟﻨﻮﺑﯿﯿﻦ رﺟﻌﯿﯿﻦ دﯾﻨﯿﯿﻦ ﻣﺘﺨﻠﻔﯿﻦ وإﻟﻰ ﺷﻤﺎل
ﺷﻤﻠﺘﮫ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ﺑﻌﻄﻔﮭﺎ ورﻋﺎﯾﺘﮭﺎ وﺟﻨﻮب
.
أھﻤﻠﺘﮫ وﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ھﺎﻣﺸﮭﺎ وﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺳﯿﺒﺘﮭﺎ
وھﺬا اﻟﺨﻄﺎب اﻟﻌﺪواﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻮاﺣﺪ ﺳُﻮّق ﻟﮫ
دون رﻗﯿﺐ أﺧﻼﻗﻲ أو وازع ﺳﯿﺎﺳﻲ ﯾﺰع ﻛﻼ اﻟﻔﺮﯾﻘﯿﻦ
ﻋﻦ ﻣﻨﺤﺎھﻢ اﻟﺘﻔﻜﯿﻜﻲ اﻟﺘﺪﻣﯿﺮي ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ وﻟﻨﺴﯿﺠﮫ
اﻟﻠﯿّﻦ ﺣﺘﻰ ﻟﻤﺎ ﺑﻠﻎ ﺑﮭﻢ اﻷﻣﺮ رﺳﻢ ﻧﺰواﺗﮭﻢ اﻟﺘﻘﺴﯿﻤﯿﺔ
ﻏﯿﺮ اﻟﺒﺮﯾﺌﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﺮﯾﻄﺔ اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ دوﻟﺘﯿﻦ
ﻣﻨﻘﺴﻤﺘﯿﻦ واﺣﺪة ﺷﻤﺎﻟﯿﺔ وأﺧﺮى ﺟﻨﻮﺑﯿﺔ.
ﺗﮭﺎوى ﻛﻞ ﺷﻲء ﺑﻌﺪ ﺳﻮﯾﻌﺎت ﻣﻦ ﻧﻄﻖ اﻟﺼﻨﺎدﯾﻖ
ﺑﺄﺳﺮارھﺎ ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺘﺸﺮﯾﻌﯿﺔ ﻓﻲ 26أﻛﺘﻮﺑﺮ
واﻟﺮﺋﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ 21دﯾﺴﻤﺒﺮ 2014ﻓﺘﻮﺣﺪ ھﻮى ﻗﯿﺎدﯾﻲ
اﻟﻨﻮراﻧﯿﯿﻦ اﻟﺤﺪاﺛﯿﯿﻦ ﺑﮭﯿﺎم اﻟﺰﻋﻤﺎء اﻟﻈﻼﻣﯿﯿﻦ
اﻟﺮﺟﻌﯿﯿﻦ اﻹرھﺎﺑﯿﯿﻦ.
وﺑﺪأ اﻟﺘﺒﺸﯿﺮ ﺑﺎﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ واﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ،
واﺳﺘﺤﺎل اﻻﺣﺘﺮاب اﻟﻠﺒﻮس اﻟﺬي ﻛﺎد أن ﯾﺘﺤﻮل إﻟﻰ
ﺣﺮب ﺿﺮوس ﺑﯿﻦ ﺷﺮﻛﺎء اﻷرض واﻟﻠﻐﺔ واﻟﺪﯾﻦ
واﻟﺘﺎرﯾﺦ واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻤﺼﺎھﺮة ،اﺳﺘﺤﺎل رﻏﺒﺔ ﻓﻲ
اﻟﺴﻠﻄﺔ واﻟﺤﻜﻢ وﻛﺮاﺳﯿﮫ ﺣﺘﻰ وان ﻛﺎن ذﻟﻚ ﺑﺎﻻﺷﺘﺮاك
ﻣﻊ ﻋﺪو إﯾﺪﯾﻮﻟﻮﺟﻲ ﻣﻮﺻﻮف اﻟﺘﻄﺮف اﻟﺤﺪاﺛﻲ
اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﻲ أو ﻧﻘﯿﻀﮫ اﻟﺮﺟﻌﻲ اﻟﺪﯾﻨﻲ.
وﻟﯿﺴﻤﺢ ﻟﻨﺎ ﻗﺎرﺋﻨﺎ ﺑﺄن ﻧﺴﺘﻌﯿﺮ ﻣﻦ ﻟﺴﺎن اﺑﻦ ﻣﻨﻈﻮر
اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎ داﻻ ﻛﺜﯿﻒ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﯾﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﺣﺎل
ﻃﯿﻒ ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻦ ﻃﺒﻘﺘﻨﺎ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﻤﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ
ﻧﻮاب اﻟﺸﻌﺐ وﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺧﺎرﺟﮫ وﯾﻔﺴّﺮ ﻟﻨﺎ ھﺬا اﻟﺘﮭﺎﻓﺖ
ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻔﺎﻗﺪ ﻟﻠﻤﺒﺮرات اﻟﻤﺒﺪﺋﯿﺔ إﻻ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ھﻲ
ﻣﻨﺘﺠﻌﺎ ﻣﻦ ﻣﻨﺘﺠﻌﺎت اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ واﻻﻣﺘﯿﺎزات واﻻﺳﺘﺠﺎﺑﺔ
ﻟﻠﻨﺰوات واﻟﺮﻏﺒﺎت أو ﺗﻨﻔﯿﺬ اﻷﺟﻨﺪات وﺑﯿﻊ ﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣﻦ
أﻣﻼك اﻟﺪوﻟﺔ وﺛﺮوات اﻟﺒﻼد.
ﻓﻨﺤﻦ أﻣﺎم ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻐُﻠﻤﺔ وﻣﻌﻨﻰ اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻣﺤﺪد
ﻓﻲ اﻟﻠﺴﺎن اﻟﺸﮭﻮة اﻟﻜﺒﯿﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻞ ﺣﺪّ اﻟﮭﯿﺠﺎن ﻟﺪى
اﻟﺮﺟﻞ واﻟﻤﺮأة ﺳﯿّﺎن ،ﻧﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻓﻲ ﺳﯿﺎﻗﻨﺎ ھﺬا
اﻟﻐُﻠﻤﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻈﮭﺮ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺠﻨﻮح اﻟﺠﺎﻧﺢ
ﻧﺤﻮ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻤﺼﺎﺣﺐ ﺑﺪوس اﻟﻤﺒﺎدئ واﻟﻘﯿﻢ ودي
اﻧﻄﻮﻟﻮﺟﯿﺎ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ.
وﻧﺤﻦ ﻛﺬﻟﻚ أﻣﺎم ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻐﻨﯿﻤﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﺴﺢ
اﻟﻔﻀﺎء اﻟﻌﺎم اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ واﻟﺘﻲ ﺗﻨﺪﻓﻦ ﻓﻲ
ﺗﻤﺜّﻞ ﻗـﯿﻤﺔ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ
واﻟﻔﺪاء وﺗﺤﻞّ ﻣﺤﻠﮭﺎ
اﻻﺗﺠﺎر ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء
ﻟﻠﻤﻘﺎﯾﻀﺔ واﻛﺘﺴﺎح
ﺣﻀﺮﺗﮭﺎ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻲ
ﺳﺎﻣﯿﺔ وﺛﺎﺑﺘﺔ ﺗﻔﺘﺮش اﻟﺘﻀﺤﯿﺔ
اﻟﺒﺮﻏﻤﺎﺗﯿﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﯿﺢ
ﻓﺎﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ﻟﺪﯾﮭﻢ ھﻲ وﺳﯿﻠﺔ
ﻟﺴﻮق اﻟﺪوﻟﺔ ﻻ أﻛﺜﺮ .
ﻟﻘﺪ ﺗﺠﻠﻰ ذﻟﻚ اﻟﮭﯿﺠﺎن اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ وﻣﺎ ﺻﺎﺣﺒﮫ ﻣﻦ
رﻏﺒﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﻓﻲ ﺣﺰب اﻟﻨﺪاء
اﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﺄﻏﻠﺒﯿﺔ اﻟﻤﻘﺎﻋﺪ وھﻮ أﻣﺮ ﻃﺒﯿﻌﻲ ﻣﺘﻌﺎرف ﻋﻠﯿﮫ
ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺎت اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ اﻟﻮﻟﯿﺪة وﻋﻠﻰ ﻏﺮار
ﻧﻈﯿﺮﺗﮭﺎ اﻟﻌﺮﯾﻘﺔ.
ﻟﻜﻦ اﻟﺤﺰب اﻟﻤﺠﻤّﻊ ﻣﻦ رواﻓﺪ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻛﺬﻟﻚ
ﻣﺘﻨﺎﻗﻀﺔ ﯾﺴﺎرﯾﺔ ﻛﺎﻧﺖ أو دﺳﺘﻮرﯾﺔ أو ﻧﻘﺎﺑﯿﺔ أو
ﺣﻘﻮﻗﯿﺔ ،ﺣﻮل ﺷﺨﺼﯿﺔ واﺣﺪة "زﻋﺎﻣﯿﺔ" واﻗﺘﺪاء
ﺑﺘﺠﺎرب اﻷﺳﻼف وإرﺛﮭﻢ اﻟﺤﺰﺑﻲ اﻟﺪﺳﺘﻮري اﻟﻤﺘﻌﺪد
اﻟﻤﺮاﺣﻞ وﺟﺪ ﻧﻔﺴﮫ ﯾﺄﺗﻤﺮ ﺑﺄواﻣﺮ ﻣﺆﺳﺴﮫ وﺳﯿّﺪه
وﻗﺎﺋﺪه ورﺋﯿﺴﮫ اﻟﺒﺎﺟﻲ ﻗﺎﺋﺪ اﻟﺴﺒﺴﻲ اﻟﺬي ﻓﺼّﻞ
وﻓﺼﻞ اﻟﻘﻮل ﻓﻲ رﺋﯿﺲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪ اﻟﺬي ﻻ
ﯾﻨﺒﻐﻲ أن ﯾﻜﻮن ﻧﺪاﺋﯿﺎ ﺣﺴﺐ ﻣﻌﻠﻮم اﻷﻣﻮر وﻇﺎھﺮھﺎ.
وﻣﻦ ھﻨﺎ ﺗﺤﻮّل اﻟﺤﺰب اﻟﻔﺎﺋﺰ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت إﻟﻰ
ﻣﺠﺮّد ﻃﺮف ﻣﻦ اﻷﻃﺮاف اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﻼھﺜﺔ إﻟﻰ ﻗﺼﺮ
اﻟﻀﯿﺎﻓﺔ أﯾﻦ ﺳﯿﺤﺼﻞ ﻛﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺒﺘﻐـﯿﮫ وﯾﺮﺗﻀﯿﮫ
ﻣﻦ اﻟﻜﻌﻜﺔ اﻟﺘﻲ ھﻲ ﺑﺼﺪد اﻟﺘﻮزﯾﻊ واﻟﺘﻘﺴﯿﻢ.
وﻋﻠﻰ ﻏﺮار أﻗﺮاﻧﮫ ﻣﻦ اﻷﺣﺰاب اﻷﺧﺮى وﻣﻦ ﻟﻮﺑﯿﺎت
اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﻤﺘﻐﻄﯿﺔ ﺑﺒﻌﺾ أﻃﺮاف اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺪﻧﻲ ﻣﻦ
ﺟﻤﻌﯿﺎت وﻣﻨﻈﻤﺎت اھﺘﺪى اﻟﺤﺰب اﻷﻛﺒﺮ ﺑﻤﺠﻠﺲ
ﻧﻮاب اﻟﺸﻌﺐ إﻟﻰ ﻓﮭﻢ اﻟﻠﻌﺒﺔ ﻓﺄﻟﻘﻰ ﺑﺎﻟﺴﺠﻼت اﻟﺴﯿﺮﯾﺔ
ﻟﻜﻮادره وﻣﻨﺎﺿﻠﯿﮫ إﻟﻰ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻔﺮز اﻟﻤﻨﺘﺼﺒﺔ ﺑﺴﻮق
ﻗﺼﺮ اﻟﻀﯿﺎﻓﺔ اﻟﻔﻀﺎء اﻟﺬي ﺷﮭﺪ ﻛﻮاﻟﯿﺲ وﺣﯿﺜﯿﺎت
اﻧﺘﺨﺎب أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ إدارة اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ
اﻟﺠﺪﯾﺪة ،آﻣﻼ أن ﯾﺴﺘﺠﯿﺐ اﷲ ﻟﺪﻋﺎء ﻗﯿﺎدﺗﮫ
ورﻏﺒﺎﺗﮭﺎ ﻓﯿﻈﻔﺮ اﻟﺤﺰب اﻟﻜﺒﯿﺮ ﺑﻤﺎ ﺳﯿﻈﻔﺮ ﺑﮫ ﻏﯿﺮه
ﻣﻦ اﻷﺣﺰاب وأﺻﺤﺎب اﻟﻨﻔﻮذ واﻟﻤﻘﺎﻣﺎت .
ﻏُﻠﻤﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺮزت ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﻟﺪى ﻃﺮف ﺳﯿﺎﺳﻲ ﻟﻢ
ﯾﻔﺰ ﺑﺄي ﻣﻘﻌﺪ ﻓﻲ ﻣﺠﻠﺲ ﻧﻮاب اﻟﺸﻌﺐ ﻟﻜﻨﮫ اﺳﺘﻄﺎع
واﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻏﻔﻠﺔ ﻣﻦ أﻣﺮھﻢ وﺑﻮاﺳﻄﺔ ﻗﻮّة اﻟﻠﻮﺑﯿﯿﻨﻎ
اﻟﺘﻲ ﯾﻤﺘﻠﻜﮭﺎ وﺑﻨﻔﺲ اﻷدوات اﻟﺘﻲ ﻣﻜﻨﺘﮫ ﻣﻦ اﺧﺘﺮاق
ﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﻐﻨﻮﺷﻲ اﻷوﻟﻰ واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ وﺣﻜﻮﻣﺔ اﻟﺴﺒﺴﻲ
ﺳﻨﺔ ، 2011ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻋﺸﺮ
ﺣﻘﺎﺋﺐ وزارﯾﺔ وﻣﻨﮭﺎ ﺣﻘﯿﺒﺘﯿﻦ ﺳﯿﺎدﯾﺘﯿﻦ إﻟﻰ درﺟﺔ أن
ﺑﻌﺾ اﻟﻨﺪاﺋﯿﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺤﺪر اﻟﺪﺳﺘﻮري ﺗﺴﺎءﻟﻮا ھﻞ
أن اﻟﺤﺰب اﻟﺸﯿﻮﻋﻲ ورواﻓﺪه اﻟﻤﺪﻧﯿﺔ ھﻮ ﻣﻦ ﻓﺎز ﻓﻲ
ﻓﻲ اﻟﺘﻮزﯾﻌـﯿﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻟﻠﺤﻘﺎﺋﺐ اﻟﻮزارﯾﺔ وﻓﻲ ﺻﯿﻐـﺘﮭﺎ
اﻟﻨﮭﺎﺋﯿﺔ ﻛﻤﺎ ھﻲ ﻣﻄﺮوﺣﺔ ﻟﻨﯿﻞ اﻟﺜﻘﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺠﻠﺲ ﻧﻮاب
اﻟﺸﻌﺐ .إن ھﺬا اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﺬي ﯾﺘﺼﺪر اﻟﻤﺸﮭﺪ ﺗﺤﺖ اﺳﻢ
ﻣﺴﺘﻘﻠﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻨﮫ ﯾﻐﻨﻤﻮن ﺳﯿﺎﺳﯿﺎ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ
اﻟﻜﻠﻤﺔ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ ﻓﮭﻢ ﯾﻌﺮﻓﻮن ﻣﻦ أﯾﻦ ﺗﺄﻛﻞ اﻟﻜﺘﻒ ﺣﺴﺐ
ﺗﻌﺒﯿﺮ أﺣﺪ ﻛﺒﺎر أﺣﺒﺎرھﻢ .وإن ﻣﺎ ﺗﺤﺼﻠﻮا ﻋﻠﯿﮫ ﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﺐ
وزارﯾﺔ ﯾﻮازي أو ﯾﻔﻮق ﺣﻘﺎﺋﺐ اﻟﺤﺰب أﻷﻏﻠﺒﻲ ﻧﺪاء ﺗﻮﻧﺲ
ﺻﺎﺣﺐ 86ﻣﻘﻌﺪ وﻛﺬﻟﻚ ﺣﻘﺎﺋﺐ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﮭﻀﺔ اﻟﻤﻮاﻟﯿﺔ ﻟﮫ
ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺗﯿﺐ ﺻﺎﺣﺒﺔ 69ﻣﻘﻌﺪ.
إن اﻟﻐﻨﺎﺋﻤﯿﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻻ ﺗﺘﺠﻠّﻰ ﻓﻘﻂ
ﻓﻲ ﺗﺠﻤﯿﻊ أﺣﺰاب ﺗﺘﻘﺎذف ﺑﺎﻟﻨﻌﻮت اﻷﯾﺪﯾﻮﻟﻮﺟﯿﺔ وﺑﺎﻟﻮﺻﻢ
اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺴﯿﺎﺳﻲ وإﻧﻤﺎ ﯾﺘﮭﻢ ﺑﻌﻀﮭﺎ ﺑﻌﻀﺎ ﺑﺮﻋﺎﯾﺔ
اﻹرھﺎب وﻛﺬﻟﻚ ﺑﻤﻤﺎرﺳﺘﮫ ﻓﻲ ﺻﯿﻐﺘﮫ اﻟﻤﻜﺜﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻠّﺖ
ﻓﻲ اﻏﺘﯿﺎل اﻟﺸﮭﯿﺪﯾﻦ ﺑﻠﻌﯿﺪ واﻟﺒﺮاھﻤﻲ ﻓﻜﯿﻒ ﺳﺘﺘﻌﺎﯾﺶ
أﻃﺮاف ﺗﺘﮭﻢ ﺑﻌﻀﮭﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ واﻻﻏﺘﯿﺎل واﻟﺘﺼﻔﯿﺔ
ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﯿﺔ اﻟﮭﻮﯾﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ؟ وﻛﯿﻒ ﺳﺘﻌﻤﻞ أﺣﺰاب ﺗﻨﻌﺖ
ﺑﻌﻀﮭﺎ اﻟﺒﻌﺾ ﺑﺎﻟﻔﺴﺎد اﻟﻤﺎﻟﻲ وﺑﺸﺮاء ذﻣﻢ اﻟﻨﺎﺧﺒﯿﻦ ﻓﻲ
ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻣﻮﺣﺪة؟ وھﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻘﻮل ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ
اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﻟﻤﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة أن ﺗﻨﺤﺪر إﯾﻄﯿﻘﺎ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ
وﺑﺮاﻏﻤﺎﺗﯿﺘﮭﺎ اﻟﻼﻣﺒﺪﺋﯿﺔ إﻟﻰ درﺟﺔ ﺗﻮﻟﻲ ﻣﻨﺎﺻﺐ وزارﯾﺔ
ﻣﻤﻦ ﺷﺎرك ﻓﻲ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت 26أﻛﺘﻮﺑﺮ اﻟﺘﺸﺮﯾﻌﯿﺔ اﻟﻤﻨﻘﻀﯿﺔ
وﻓﺸﻞ ﻓﻲ اﻟﻔﻮز ﺑﻤﻘﻌﺪ؟
ھﺬه أﺳﺌﻠﺔ ﺟﺪﯾﺔ ﯾﺴﺘﻮﺟﺐ ﻣﻨﺎ ﻋﻤﻠﻨﺎ اﻟﻔﻜﺮي واﻷﻛﺎدﯾﻤﻲ
إﻋﺎدة اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﯿﮭﺎ وﻛﺬﻟﻚ ﻃﺮﺣﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻔﺎﻋﻠﯿﻦ
اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﯿﻦ ﻻﺳﯿﻤﺎ ﻣﻦ ھﻢ داﺧﻞ ﻣﺠﻠﺲ ﻧﻮاب اﻟﺸﻌﺐ
ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﺣﺼﻮل اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺘﮭﻢ ﻓﻲ
ﻋﻤﻠﯿﺔ ﻗﻔﺰ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﺳﻤﺘﮭﺎ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ ﺗﺼﺪﯾﺮ اﻷزﻣﺔ
اﻟﮭﯿﻜﻠﯿﺔ ﻟﻠﺤﻜﻢ إﻟﻰ ﺑﻀﻌﺔ أﺷﮭﺮ إﻟﻰ اﻷﻣﺎم ﺑﻌﺪ أن ﺑﺎت
ﻇﺎھﺮا ﻟﻠﻌﯿﺎن أن اﻟﺘﻌﺎﯾﺶ ﺑﯿﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎﺗﮭﺎ اﻟﺤﺰﺑﯿﺔ ھﻮ ﻣﺠﺮّد
ﺷﻌﺎر ،وﺑﻌﺪ أن أﻓﺼﺢ ﻛﻞ ﻃﺮف ﻋﻦ ﻣﻘﺼﺪه اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ
اﻟﻤﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ أﻛﺒﺮ ﻗﺪر ﻣﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻜﺮاﺳﻲ
واﻟﺤﻘﺎﺋﺐ اﻟﻮزارﯾﺔ .
وﻓﻲ ﺛﻨﺎﯾﺎ ھﺬا اﻟﺼﺮاع اﻟﻤﺤﻤﻮم ﻟﻢ ﯾﻌﺪ أﺣﺪا ﯾﺘﻜﻠّﻢ ﻋﻦ
ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺤﺰب اﻟﻔﺎﺋﺰ ﺑﺄﻏﻠﺐ اﻟﻤﻘﺎﻋﺪ ﺑﻤﺠﻠﺲ ﻧﻮاب اﻟﺸﻌﺐ
وﺳﺒﻞ ﺗﻄﺒﯿﻘﮫ وﻻ ﺣﺘﻰ ﻋﻦ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ﺻﯿﻐﺘﮭﺎ
اﻻﺋﺘﻼﻓﯿﺔ وإﻧﻤﺎ ﻇﮭﺮت ﻟﻐﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻗﻮاﻣﮭﺎ ﻣﺎذا ﺳﯿﻔﻌﻞ ﻛﻞ
وزﯾﺮ ﻓﻲ وزارﺗﮫ وﻣﻤﻦ ﺳﯿﺘﺮﻛﺐ ﻃﺎﻗﻢ دﯾﻮاﻧﮫ ؟ ﻓﮭﻞ ﺗﺼﻤﺪ
ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻤﺜﻞ ھﺬه اﻟﻤﻮاﺻﻔﺎت أﻣﺎم ﻋﻮاﺻﻒ اﻷزﻣﺔ
اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ وإﻓﺮازاﺗﮭﺎ اﻟﺤﺎدة ﻣﻦ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ
واﻟﻔﻘﺮ واﻟﺘﻀﺨﻢ واﻟﻼأﻣﻦ وﺗﮭﺎوي اﻟﻌﻤﻠﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺪﯾﻨﺎر،
اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰال ﺗﺤﯿﺎھﺎ ﺗﻮﻧﺲ ..؟
Documents récents du même auteur
خيول الظلام 21 novembre 2018
الخطاب العربي المعاصر 1er avril 2018
الفتنة ـ هشام جعيط 1er avril 2018
جمال عبد الناصر دراسة في اقواله 31 juillet 2017
الاسلام بين العروبة والقومية 31 juillet 2017
مشروع دراسة عن دولة العرب 26 juillet 2017
الاصل في حرية التعبير 9 juillet 2017
من أجل النصر .. دروس من الهزيمة 3 juin 2017
الصهيونية في العقل العربي 3 juin 2017
المحدّدات الموضوعية لدور مصر 2 juin 2017
المحددات الموضوعية لدور مصر 1er juin 2017
يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو 21 avril 2017
الحياد المستحيل 1er avril 2017
الحقيقة الوحيدة في حرب الخليج 31 mars 2017
اعلان الحرب العالمية الثالثة 22 mars 2017
مقياس الخطر من الوجود الاجنبي 22 mars 2017
الديمقراطية والوحدة العربية 19 mars 2017
الارادة الوطنية 12 mars 2017
الصعـــــود الــــــى القمة 12 mars 2017
أرض الوطن بين الحرب والسلام 15 février 2017