القدس العدد 174 PDF
À propos / Télécharger Lire le document
Nom original: القدس العدد 174.pdf
Ce fichier au format PDF 1.7 a été envoyé sur Fichier-PDF le 18/07/2015 à 17:59, depuis l'adresse IP 197.3.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 607 fois.
Taille du document: 637 Ko (12 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
!!
4ﻣﺎي * 2015اﻟﻌﺪد 174
اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺑﯿﻦ دﻋﺎﺗﮭﺎ وأﻋﺪاﺋﮭﺎ . (11) ..
ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ـ ﻓﻲ ﻇﻞ ﻣﺎ ﯾﻌﯿﺸﮫ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺣﺎﻟﯿﺎ ﻣﻦ ﺻﺮاﻋﺎت دﻣﻮﯾﺔ ،وﺣﺮوب ،واﻗﺘﺘﺎل دﻣﻮي ـ ﻋﻠﻰ أن ﻛﻞ
ذﻟﻚ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻓﮭﻤﮫ ﻓﮭﻤﺎ ﺻﺤﯿﺤﺎ اﻻ ﻓﻲ اﻃﺎر اﻟﺼﺮاع اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﻟﺬي ﯾﺪور ﺑﯿﻦ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،
ﺑﺤﺜﺎ ﻋﻦ ﺣﻠﻮل ﻟﻠﻮاﻗﻊ اﻟﻤﺘﺨﻠﻒ اﻟﺬي اﻧﺤﺪرت اﻟﯿﮫ اﻷﻣﺔ ﺑﻌﺪ اﺳﺘﻔﺤﺎل ﻣﺸﺎﻛﻠﮭﺎ اﻟﻜﺒﺮى ﻓﻲ ﻇﻞ اﻻﺣﺘﻼل واﻻﺳﺘﻐـﻼل
واﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ،وﺗﺤﺖ ﺳﯿﻄﺮة اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻤﻄﻠﻖ واﻻﺳﺘﺒﺪاد اﻟﺬي ﯾﻤﺎرﺳﮫ اﻟﺤﻜﺎم ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮﺑﮭﻢ ..وﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺘﺪﺧﻞ اﻟﺨﺎرﺟﻲ
اﻟﻤﺪﻋﻮم ﻣﻦ ﺟﮭﺎت داﺧﻠﯿﺔ ﻣﺴﺘﻔﯿﺪة ﻣﻦ اﺳﺘﻤﺮار ھﺬا اﻟﻮﺿﻊ ،وﻟﻮ أدى ﺑﮭﺎ اﻷﻣﺮ اﻟﻰ اﻟﺘﻀﺤﯿﺔ ﺑﺄﺟﺰاء أﺧﺮى ﻣﻦ اﻟﻮﻃﻦ
اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺣﻔﺎﻇﺎ ﻋﻦ وﺟﻮدھﺎ واﻣﺘﯿﺎزاﺗﮭﺎ ..ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎن اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻘﻮﻣﻲ ھﻮ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺬي ﯾﻌﺘﺒﺮ اﺑﻦ ﺑﯿﺌﺘﮫ وﻃﺒﯿﻌـﺘﮫ ،وھﻮ
اﻟﻘﺎدر أن ﯾﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻻﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ أﻣﺔ ﻣﺘﻤﺎﺳﻜﺔ ،ﻗﻮﯾﺔ ،ذات ﺳﯿﺎدة ،وﻣﻜﺎﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﻔﻀﻞ ﻣﺎ ﺗﻤﻠﻜﮫ ﻣﻦ اﻣﻜﺎﻧﯿﺎت
ﻣﺎدﯾﺔ وﺑﺸﺮﯾﺔ ﺗﻤﻜﻨﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل اﻟﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻟﺮﯾﺎدﯾﺔ ..
وﻟﮭﺬا ﺗﺠﻨﺪت ﻗﻮى ﻣﺘﻌﺪدة رﻏﻢ اﺧﺘﻼف أھﺪاﻓﮭﺎ ﻟﺘﺼﻔﯿﺔ ﻛﻞ اﻟﻘﻮى اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ واﻟﻘﻮﻣﯿﺔ ﻣﺘﺤﺎﻟﻔﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﮭﺎ ﻟﻠﻮﺻﻮل اﻟﻰ
ﺗﺤﻘﯿﻖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ :اﻟﻮﻻء ،واﻟﺘﻤﻜﯿﻦ ..ﺣﯿﺚ ﺗﺘﻌﮭﺪ اﻟﺠﮭﺎت اﻟﻄﺎﻣﻌﺔ ﺑﺤﻤﺎﯾﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﺮﺟﻌﯿﺔ وﺗﻤﻜﯿﻨﮭﺎ ﻣﻦ
اﻟﺒﻘﺎء ﻋﻠﻰ رأس اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻗﻄﺮ ،ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺗﻌﮭﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﮭﺎت ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺔ واﻟﻮﻻء ،واﻗﺘﺴﺎم اﻟﻤﻨﺎﻓﻊ ..
وﻓﻲ ھﺬا اﻻﻃﺎر اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻗﻮى اﻻﺳﻼم اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل اﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻻﻗﻄﺎر ﺑﻔﻀﻞ ﻣﺎ ﺗﻤﻠﻜﮫ ﻣﻦ اﻣﻜﺎﻧﯿﺎت
ﺗﻔﻮق اﻟﺨﯿﺎل ..وھﻲ اﻟﯿﻮم ﺗﻤﻠﻚ ﻗﺪرات ﻣﺎدﯾﺔ واﻋﻼﻣﯿﺔ ﺗﻔﻮق ﻓﻲ ﺿﺨﺎﻣﺘﮭﺎ ﻗﺪرات ﺑﻌﺾ اﻟﺪول ..
ﯾﻘﻮل ﺗﻘﺮﯾﺮ اﻟﻌﺮب اﻟﺪوﻟﯿﺔ اﻟﻌﺪد ، 9825ﺑﺘﺎرﯾﺦ ، 2015 / 2 / 11وﺗﺤﺖ ﻋﻨﻮان :ﻣﺼﺎدر ﺗﻤﻮﯾﻞ اﻹﺧﻮان اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،
ﺟﻤﻌﯿﺎت وﺗﻨﻈﯿﻤﺎت ﻋﺎﺑﺮة ﻟﻠﻘﺎرات " :ﻛﺎن ﻣﻌﺮض اﻟﻘﺎھﺮة ﻟﻠﻜﺘﺎب ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﻛﺘﺎب ” اﻗﺘﺼﺎدﯾﺎت اﻹﺧﻮان ﻓﻲ ﻣﺼﺮ
واﻟﻌﺎﻟﻢ“ ،ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر واﻟﺨﺒﯿﺮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻋﺒﺪ اﻟﺨﺎﻟﻖ ﻓﺎروق ﺣﯿﺚ أﺑﺮز أن ﻋﻨﺎﺻﺮ ارﺗﻜﺎز اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ھﻮ اﻟﻤﺴﺠﺪ ،
ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻟﻠﺘﻌﻠﯿﻢ واﻟﺘﺜﻘﯿﻒ اﻟﺪﯾﻨﻲ واﻟﺘﻌﺒﺌﺔ ،وﻣﻜﺎﻧﺎ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﻮارد ﻣﻦ اﻟﺘﺒﺮﻋﺎت ،ﻣﺸﯿﺮا إﻟﻰ أن أوروﺑﺎ ﺑﮭﺎ
ﺛﻼﺛﺔ آﻻف ﻣﺮﻛﺰ ،وھﻲ ﻣﺮاﻛﺰ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ أﯾﺎ ﻛﺎن ﻏﺮﺿﮭﺎ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻌﺪد اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﺴﱡﻨﱠﺔ اﻟﻤﺘﺮددﯾﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺎﺟﺪ ﯾﺘﺮاوح
ﺑﯿﻦ 2ﻣﻠﯿﻮن أو 3.6ﻣﻠﯿﻮن ﻣﺴﻠﻢ ﻃﺒﻘﺎ ﻟﺪراﺳﺎت ﻧﺸﺮت ﺧﺎرج ﻣﺼﺮ .
وھﺬا ﯾﻔﯿﺪ أن ھﺬه اﻟﺘﻨﻈﯿﻤﺎت وھﻲ اﻹﺧﻮان واﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﺗﺘﺤﺮك وﺳﻂ ھﺬه اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ،وﯾﺼﻞ
اﻟﻤﺘﻌﺎﻃﻔﻮن ﻣﻌﮭﻢ ﻣﻦ 10إﻟﻰ 20ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ أي ﻣﺎ ﯾﻌﺎدل 150إﻟﻰ 300أﻟﻒ ﺷﺨﺺ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ،واﻟﺘﻌﺎﻃﻒ ﯾﺄﺗﻲ
ﻓﻲ دﻓﻊ أﻣﻮال اﻟﺰﻛﺎة . " ..ﺛﻢ ﯾﻀﯿﻒ اﻟﺘﻘﺮﯾﺮ ﻧﻘﻼ ﻋﻦ اﻟﻤﺼﺪر ﻧﻔﺴﮫ " :أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﺒﺮﻋﺎت ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻐﺖ 603
ﻣﻠﯿﻮن ﺟﻨﯿﮫ ﺳﻨﻮﯾﺎ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ رﺑﻊ اﻷرﺑﺎح إﺟﻤﺎﻟﯿﺎ واﻟﺘﻲ ﺗﺤﻮّل ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﻺﺧﻮان إﻟﻰ اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ ،وﺑﺬﻟﻚ ﯾﺼﻞ
إﺟﻤﺎﻟﻲ اﻷرﺑﺎح واﻟﺘﺒﺮﻋﺎت إﻟﻰ 500ﻣﻠﯿﻮن ﺟﻨﯿﮫ ﺳﻨﻮﯾﺎ .
وﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺄﻣﻮال اﻟﺰﻛﺎة ﻓﻘﺪ ﺑﻠﻐﺖ 188ﻣﻠﯿﻮن ﺟﻨﯿﮫ ﺳﻨﻮﯾﺎ ﻣﻦ داﺧﻞ ﻣﺼﺮ ،أﻣﺎ ﺧﺎرج ﻣﺼﺮ ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﻓﺒﻠﻐﺖ 125
ﻣﻠﯿﻮن ﺟﻨﯿﮫ ﺳﻨﻮﯾﺎ .
ﻓﺤﺠﻢ ﻣﻮارد ﺗﻨﻈﯿﻢ اﻹﺧﻮان ﺣﺴﺐ إﺣﺼﺎﺋﯿﺎت ﻋﺒﺪ اﻟﺨﺎﻟﻖ ﻓﺎروق ﺗﺒﻠﻎ 7ﻣﻠﯿﺎرات ﺳﻨﻮﯾﺎ ،ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺒﻠﻎ ﻣﻌﺪل إﻧﻔﺎﻗﮭﺎ 2ﻣﻠﯿﺎر
و 573ﻣﻠﯿﻮن ﺟﻨﯿﮫ !!..
وﺗﻌﻮد اﻟﺼﺤﯿﻔﺔ اﯾﻀﺎ اﻟﻰ ﺗﻘﺮﯾﺮ اﻻﻣﺮﯾﻜﻲ دوﻏﻼس ﻓﺮح ﻣﺸﯿﺮة اﻟﻰ ﻇﺎھﺮة اﻟﺒﻨﻮك اﻻﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﺸﺄھﺎ اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ
اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻼﺧﻮان اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﯿﻘﻮل " :ان اﻹﺧﻮان ﻧﺠﺤﻮا ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻣﻊ ﺑﺪاﯾﺔ ﻇﺎھﺮة اﻟﺒﻨﻮك اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ،اﻟﺘﻲ
ﻋﺮﻓﮭﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﻨﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻓﻲ ﺑﻨﺎء ھﯿﻜﻞ ﻣﺘﯿﻦ ﻣﻦ ﺷﺮﻛﺎت ” اﻷوف ﺷﻮر“ ،اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ
ﺟﺰءا ﻻ ﯾﺘﺠﺰأ ﻣﻦ ﻗﺪرﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ إﺧﻔﺎء اﻷﻣﻮال وﻧﻘﻠﮭﺎ ﺣﻮل اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﻓﮭﻲ ﺷﺮﻛﺎت ﯾﺘﻢ ﺗﺄﺳﯿﺴﮭﺎ ﻓﻲ دوﻟﺔ أﺧﺮى ﻏﯿﺮ
اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎرس ﻓﯿﮭﺎ ﻧﺸﺎﻃﮭﺎ ،وﺗﺘﻤﺘﻊ ھﺬه اﻟﺸﺮﻛﺎت ﺑﻐﻤﻮض ﻛﺒﯿﺮ ،ﯾﺠﻌﻠﮭﺎ ﺑﻌﯿﺪة ﻋﻦ اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ " ..
ﻛﻤﺎ ﯾﻌﺮض ﻣﻮﻗﻊ ﺑﻮاﺑﺔ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻻﺳﻼﻣﯿﺔ اﻻﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﺟﺎءت ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎب اﻟﻤﺬﻛﻮر ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﻋﺒﺪ اﻟﺨﺎﻟﻖ ﻓﺎروق ،
وﻣﻨﮭﺎ :
" إن ﻣﻮارد اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ ﺗﺘﺤﺪد ﻓﻲ 8ﻣﻮارد :اﺷﺘﺮاﻛﺎت اﻷﻋﻀﺎء واﻟﺘﺒﺮﻋﺎت ﻣﻦ اﻷﻓﺮاد واﻟﻤﺆﺳﺴﺎت ،وأﻣﻮال اﻟﺰﻛﺎة ،
وأرﺑﺎح اﻟﻤﺸﺮوﻋﺎت ﻓﻲ ﺧﺎرج ﻣﺼﺮ وداﺧﻠﮭﺎ ..إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﻨﺼﺮﯾﻦ ،ھﻤﺎ أﻣﻮال اﻹﻏﺎﺛﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﺪوﻟﯿﺔ ،وأﻣﻮال
اﻟﺠﮭﺎد اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ . " ...
وأﺿﺎف " :أن اﻻﺷﺘﺮاﻛﺎت اﻟﺴﻨﻮﯾﺔ ﺑﻠﻐﺖ 87ﻣﻠﯿﻮن ﺟﻨﯿﮫ ،وﺗﺼﻞ إﻟﻰ 187ﻣﻠﯿﻮن ﺟﻨﯿﮫ ﺑﻤﺘﻮﺳﻂ 141ﻣﻠﯿﻮن
ﺟﻨﯿﮫ ﺳﻨﻮﯾﺎ .
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺘﺒﺮﻋﺎت ﺑﻠﻐﺖ أﻗﻠﮭﺎ 70ﻣﻠﯿﻮن ﺟﻨﯿﮫ ...ﺑﻤﺘﻮﺳﻂ 280ﻣﻠﯿﻮن ﺟﻨﯿﮫ ﺳﻨﻮﯾﺎ ،إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ رﺑﻊ اﻷرﺑﺎح إﺟﻤﺎﻟﯿﺎ
ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﻤﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﻺﺧﻮان اﻟﺘﻲ ﺗـُﺤﻮّل ﻟﻠﺘﻨﻈﯿﻢ ،وﺑﺬﻟﻚ ﺗﺼﻞ إﺟﻤﺎﻟﻲ اﻷرﺑﺎح واﻟﺘﺒﺮﻋﺎت 500ﻣﻠﯿﻮن ﺟﻨﯿﮫ
ﺳﻨﻮﯾﺎ .
وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻷﻣﻮال اﻟﺰﻛﺎة وﻓﻘﺎ ﻟﻠﺘﻘﺪﯾﺮ ﺑﻠﻐﺖ 188ﻣﻠﯿﻮن ﺟﻨﯿﮫ ﺳﻨﻮﯾﺎ ﻣﻦ داﺧﻞ ﻣﺼﺮ ،أﻣﺎ ﺧﺎرج ﻣﺼﺮ ﻓﻲ أوروﺑﺎ
ﻓﯿﺪﻓﻌﮭﺎ ﻣﺎ ﯾﻘﺮب ﻣﻦ 200أﻟﻒ ﺷﺨﺺ ﺑﻤﺎ ﯾﺒﻠﻎ 125ﻣﻠﯿﻮن ﺟﻨﯿﮫ ﺳﻨﻮﯾﺎ ،وﻓﻲ أﻣﺮﯾﻜﺎ ﯾﺪﻓﻊ 150أﻟﻒ ﺷﺨﺺ ﺑﻤﺎ
ﯾﺒﻠﻎ 375ﻣﻠﯿﻮن دوﻻر .
وأﺷﺎر ﻓﺎروق إﻟﻰ أن إﺟﻤﺎﻟﻲ دﺧﻞ اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ ﺑﻠﻎ ﻓﻲ ﺣﺪود 6ﻣﻠﯿﺎرات و 800ﻣﻠﯿﻮن ﺟﻨﯿﮫ ﺳﻨﻮﯾﺎ ،
أي ﺣﻮاﻟﻲ 7ﻣﻠﯿﺎرات ﺟﻨﯿﮫ ﺳﻨﻮﯾﺎ . "..
ﻛﻤﺎ اﺷﺎر اﻟﺘﻘﺮﯾﺮ ﻧﻘﻼ ﻋﻦ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﻤﺎر ﻋﻠﻲ ﺣﺴﻦ اﻟﻜﺎﺗﺐ و اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻓﻲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻣﺘﺤﺪﺛﺎ ﻋﻦ اﻟﺠﻤﻌﯿﺎت
ﻗﺎﺋﻼ " :أن اﻟﺠﻤﻌﯿﺔ اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ﻷﻧﺼﺎر اﻟﺴﱡﻨﱠﺔ ﺗﻜﻔﻞ 441أﻟﻒ و 700ﯾﺘﯿﻢ وﻟﺪﯾﮭﺎ 24ﻣﺨﺒﺰ ﺗﻮزﻋﮫ ﺑﺎﻟﻤﺠﺎن،
وﺟﻤﺎﻋﺔ اﻹﺧﻮان ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﺠﻤﻌﯿﺔ ..
وﻟﻔﺖ إﻟﻰ أن اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻃﺒﻘﯿﺔ ﺑﺎﻣﺘﯿﺎز ،واﻷﻣﻮال اﻟﺘﻲ ﺟُـﻤﻌﺖ رﺳﺨﺖ ذﻟﻚ ؛ ﺣﯿﺚ ﻇﮭﺮ أﺑﺎﻃﺮة ﻟﺮﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ،ﻻﻓـﺘﺎ
إﻟﻰ أن اﻹﺧﻮان ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺴﺘﺜﻤﺮون أﯾﻀﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺸﺮ ﺣﯿﺚ ﯾﺘﺒﻨﻮن ﻃﻼﺑﺎ وﯾﺼﺮﻓﻮن ﻋﻠﯿﮭﻢ دراﺳﯿﺎ وﯾﻔﺘﺤﻮن ﻟﮭﻢ ﺑﻌﺾ
اﻟﻤﺸﺎرﯾﻊ ﻟﯿﺘﻢ اﺳﺘﻐﻼﻟﮭﻢ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ.
وأوﺿﺢ ﺣﺴﻦ أن ﻣﻦ ﯾﺘﺤﻜﻤﻮن ﻓﻲ أﻣﻮال اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﺗﺤﻮﻟﻮا إﻟﻰ رﺟﺎل اﻷﻋﻤﺎل ،وھﺬا أﻋﻄﺎھﻢ ﻗﻮة ﻣﺎﻟﯿﺔ ،وﻟﻜﻦ أﻓﻘﺪھﻢ
ﻗﻮﺗﮭﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ.
وﻗﺎل ﺣﺴﻦ إﻧﮫ ﻻ ﯾﺮى ﻓﺮﻗﺎ ﺑﯿﻦ أﻣﻮال اﻟﻔﺮد واﻟﺘﻨﻈﯿﻢ ،ﻻﻓﺘﺎ إﻟﻰ أن أﻣﻮال اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ ﻟﯿﺲ ﻟﮭﺎ ﻣﺸﺮوﻋﯿﺔ ﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺔ ،ﺑﺪﻟﯿﻞ
أﻧﮭﻢ ﻗﺮروا ﺑﻌﺪ اﻟﺜﻮرة إﻧﺸﺎء ﺟﻤﻌﯿﺔ ؛ ﻟﯿﻜﻮن ھﻨﺎك رﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﯿﮭﻢ ،ﻻﻓﺘﺎ إﻟﻰ أﻧﮫ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﻣﻘﺎرﻧﺔ أﻣﻮال اﻟﻜﻨﯿﺴﺔ ﺑﺄﻣﻮال
اﻹﺧﻮان ،وإﻧﻤﺎ ﺗﻘﺎرن ﺑﺄﻣﻮال اﻷوﻗﺎف .
ودﻋﺎ ﺣﺴﻦ إﻟﻰ أن ﯾﺘﻢ إﻋﺪاد ﻛﺘﺎب آﺧﺮ ﻋﻦ اﻗﺘﺼﺎدﯾﺎت اﻟﺴﻠﻔﯿﯿﻦ ،واﻟﻄﺮق اﻟﺼﻮﻓﯿﺔ ؛ ﻟﻠﻨﻌﺮف ﻛﯿﻒ ﺗﺤﻮل اﻟﺪﯾﻦ ﻣﻦ
اﻟﺴﻤﻮ اﻷﺧﻼﻗﻲ إﻟﻰ ﻣﺠﺮد آﻟﯿﺔ ﻟﺘﺤﺼﯿﻞ اﻟﺜﺮوة واﻟﺠﺎه واﻟﻤﻜﺎﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ . "..
ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ ﺑﻘﯿﺔ ..
ﺗﺮك اﻟﻠﺺ ﻟﻨﺎ ﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ،
ﻓﻮق اﻟﺤﺼﯿﺮ ..
ﺟﺎء ﻓﯿﮭﺎ :
* اذا ﺣﺒﺴﺖ اﻟﻘﻄﺔ اﻧﻘﻠﺒﺖ اﺳﺪا ) ﻣﺜﻞ ﺷﻌﺒﻲ ( .
* ﻣﻦ ﺟﻠﺲ ﻋﻠﻰ اﻷرض ،ﻟﻢ ﯾﺨﺶ اﻟﺴﻘﻮط ) ﻣﺜﻞ
ﺷﻌﺒﻲ ( .
ﻟﻌﻦ اﷲ اﻷﻣﯿﺮ ..
ﻟﻢ ﯾﺪع ﻟﻨﺎ ﺷﯿﺌﺎ ﻧﺴﺮﻗﺔ ،
اﻻ اﻟﺸﺨﯿــﺮ ..
) أﺣﻤﺪ ﻣﻄـــﺮ(
ﻣﻌﻘﻮل أن ﺗﺤﺮص اﻟﺪول ﻋﻠﻰ ﺟﻤﻊ اﻟﻀﺮاﺋﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﻮاﻋﯿﺪھﺎ ﻟﻠﺮﻓﻊ ﻣﻦ اﻟﻤﺪاﺧﯿﻞ ،وﺗﻐﻄﯿﺔ اﻟﻨﻔﻘﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ
..وﻟﻜﻦ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﻘﻮل أن ﯾﺘﺤﻤﻞ اﻟﺸﻐﺎﻟﻮن ﺑﻤﺨﺘﻠﻒ ﻓﺌﺎﺗﮭﻢ أﻋﺒﺎء ھﺬا اﻟﻮاﺟﺐ وﺣﺪھﻢ ،ﻓﻲ ﺣﯿﻦ ﯾﺴﺘﻤﺮ اﻟﺘﻐﺎﻓﻞ ﻋﻦ
اﺻﺤﺎب اﻟﻤﺸﺎرﯾﻊ اﻟﻜﺒﺮى ﺑﺎﺳﻢ اﻻﻋﻔﺎء ﻣﻦ اﻟﻀﺮاﺋﺐ واﻟﺘﺸﺠﯿﻊ ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ،ﻛﻤﺎ ﺗﻈﻞ ﻓﺌﺎت أﺧﺮى واﺳﻌﺔ ﻏﯿﺮ
ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ اﻟﺠﺒﺎﯾﺔ ،وﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺪوﻟﺔ أن ﺗﻀﺒﻂ ﻣﺪاﺧﯿﻠﮭﻢ اﻟﻄﺎﺋﻠﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﺸﺎﻃﮭﻢ اﻟﺨﺎص وﻣﻨﮭﻢ اﻟﻔﻨﺎﻧﯿﻦ ،
واﻟﻼﻋﺒﯿﻦ ،واﻟﻤﺪرﺑﯿﻦ واﻟﻌﺎﻣﻠﯿﻦ ﺑﺎﻟﺨﺎرج وﻏﯿﺮھﻢ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺎرﻗﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن ..
أﻛﺒﺮ ﻣﺤﻨﺔ ﺣﻠﺖ ﺑﺎﻹﺳﻼم ھﻲ ﺣﺮوب اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺸﯿﻌﺔ ،وﺗﺤﻮﯾﻞ اﻹﺳﻼم إﻟﻰ ﻣﺬاھﺐ وﻓﺮق ﺑﺎﻟﯿﺔ ،واﻧﺘﺤﺎل وﺻﻒ
»اﻟﻔﺮﻗﺔ اﻟﻨﺎﺟﯿﺔ« ﻟﻠﻔﺮق اﻟﺒﺎﺋﺴﺔ.
وأﻛﺒﺮ ﻣﺤﻨﺔ ﺣﻠﺖ ﺑﺎﻟﻌﺮب ھﻲ إﻏﻔﺎل ﻛﻮﻧﮭﻢ ﻋﺮﺑﺎ ،ﯾﻨﺘﺴﺒﻮن إﻟﻰ ﻗﻮﻣﯿﺔ ﻣﻦ ﻃﺮاز ﻓﺮﯾﺪ ،ﻗﻮﻣﯿﺔ رﺳﺎﻟﯿﺔ ،ﻻ ﺗﻌﺮف ﻣﻌﻨﻰ
اﻷﺻﻞ اﻟﻌﺮﻗﻲ ،وﻻ اﻟﻨﺴﺐ اﻟﺪﻣﻮي ،وﻻ اﻟﺘﻔﺮﻗﺔ اﻟﻌﻨﺼﺮﯾﺔ اﻟﻤﻨﻜﻮدة ،ﻓﺎﻟﻌﺮب ﻟﯿﺴﻮا ﻋﻨﺼﺮا وﻻ ﻋﺮﻗﺎ ،ﺑﻞ ھﻢ ﺗﻜﻮﯾﻦ
ﺛﻘﺎﻓﻲ وﻗﻮﻣﻲ ﺧﺎص ،وﺟﺪت ﺑﺬوره ﻗﺒﻞ اﻹﺳﻼم ،وﺑﺘﻼﻗﺢ اﻟﮭﺠﺮات اﻟﺴﻜﺎﻧﯿﺔ واﻟﺘﻔﺎﻋﻞ اﻟﻠﻐﻮي واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ،ﺛﻢ ﺟﺎء
اﻹﺳﻼم اﻟﺨﺎﺗﻢ ،وﺻﮭﺮ اﻟﻜﻞ ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻜﺔ ﻣﺘﺠﺎﻧﺴﺔ ،ﺟﻌﻠﺖ اﻟﺘﻌﺮﯾﺐ راﯾﺔ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،اﻟﺘﻲ ﻧﺴﻤﯿﮭﺎ اﻵن ﺑﺎﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،
وﺧﻠﻘﺖ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺑﺼﻮرﺗﮭﺎ اﻟﻤﺘﻜﺎﻣﻠﺔ ،وﺑﺪون ﻧﻈﺮ إﻟﻰ أﻗﻮام وﻃﻮاﺋﻒ ﻓﺮﻋﯿﺔ ،ﻇﻞ ﺑﻌﻀﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ دﯾﻦ اﻹﺳﻼم
،وإن ﺗﺤﻮل اﻹﺳﻼم إﻟﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻣﺘﺰﺟﺖ ﺑﺎﻟﻌﺮوﺑﺔ ،وﺻﺎرت ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻜﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ واﻟﻤﺴﯿﺤﯿﯿﻦ اﻟﻌﺮب ،وھﻮ ﻣﺎ
ﻋﺒﺮ ﻋﻨﮫ ﺑﺒﻼﻏﺔ ﻣﻜﺮم ﻋﺒﯿﺪ أﺷﮭﺮ ﺳﯿﺎﺳﻲ ﻣﺴﯿﺤﻲ ﻣﺼﺮي .ﻛﺎن ﻋﺒﯿﺪ ﯾﺼﻒ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ ﺟﺮﯾﺎن اﻟﻤﺎء ﻓﻲ اﻷﻧﮭﺎر
اﻟﻌﺬﺑﺔ ،ﻛﺎن ﯾﺼﻒ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﺎﻟﻘﻮل »أﻧﺎ ﻣﺴﯿﺤﻲ دﯾﻨﺎ .ﻣﺴﻠﻢ وﻃﻨﺎ « ،وﻗﺪ ﻻ ﻧﻐﻔﻞ ھﻨﺎ أدوارا ﺑﺎرزة ﻟﻤﺴﯿﺤﯿﯿﻦ ﻋﺮب
ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ وﺗﺠﺪﯾﺪ اﻟﺘﺮاث اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﻓﻲ ﻧﺸﺮ ﻓﻜﺮة اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ،وﻓﻲ اﻟﺴﻌﻲ ﻟﺨﻼﻓﺔ ووﺣﺪة ﻋﺮﺑﯿﺔ
ﺑﻌﺪ اﻧﮭﯿﺎر اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﯾﺔ اﻟﺘﺮﻛﯿﺔ اﻟﻤﺮﯾﻀﺔ ،وﻣﻦ أﻣﺜﺎل ﺟﻮرﺟﻲ زﯾﺪان وﻗﺴﻄﻨﻄﯿﻦ زرﯾﻖ وﻣﯿﺸﯿﻞ ﻋﻔﻠﻖ ،اﻟﺬﯾﻦ
ﺗﺪاﺧﻠﺖ أدوارھﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﻌﻰ ﻧﻔﺴﮫ ﻣﻊ أدوار ﻟﻜﺒﺎر اﻟﻤﻔﻜﺮﯾﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻌﺮب .وﻣﻦ أﻣﺜﺎل ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ورﺷﯿﺪ رﺿﺎ
وﺳﺎﻃﻊ اﻟﺤﺼﺮي وﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﻜﻮاﻛﺒﻲ وﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﯿﺪ ﺑﻦ ﺑﺎدﯾﺲ وﻓﺘﺤﻲ رﺿﻮان وﻋﺒﺪ اﻟﺮﺣﻤﻦ ﻋﺰام ،أول أﻣﯿﻦ
ﻋﺎم ﻟﻠﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﻓﻘﺪ اﻣﺘﺰج ﻣﻌﻨﻰ اﻹﺳﻼم اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻟﻌﺮوﺑﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة ،وﻟﻢ ﯾﻨﻈﺮ أﺑﺪا إﻟﻰ ﻋﺮق أﺣﺪھﻢ ،وﻻ
إﻟﻰ ﻃﺎﺋﻔﺘﮫ ،ﺑﻞ أن رﺟﻼ ﻣﻦ أﺻﻮل ﻏﯿﺮ ﻋﺮﺑﯿﺔ ﻛﺠﻤﺎل اﻟﺪﯾﻦ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ ،ﻛﺎن ﯾﻨﻈﺮ إﻟﯿﮫ ﻛﻤﺠﺪد إﺳﻼﻣﻲ وداﻋﯿﺔ ﻟﻮﺣﺪة
ﻋﺮﺑﯿﺔ ﺿﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ،ﻓﻲ ﻇﻞ إدراك ﻣﺘﻨﺎم ﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻌﺼﺮ وﺗﺎرﯾﺦ ﺗﻄﻮر اﻷﻣﻢ ،ﻓﺎﻹﺳﻼم اﻟﻤﺸﻔﻮع ﺑﺎﻟﺘﻌﺮﯾﺐ ﺧﺎﺻﯿﺔ
ﺗﻤﯿﺰ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﺧﺎرﺟﮭﺎ اﻣﺘﺪ اﻹﺳﻼم ،وﺷﻤﻞ أﻣﻤﺎ ﻗﻮﻣﯿﺔ أﺧﺮى ﻋﺪﯾﺪة ،وﺑﺪون أن ﯾﻌﺮﺑﮭﺎ ،ﻓﻤﻔﮭﻮم اﻷﻣﺔ
اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ـ ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺪﯾﻨﻲ ـ ﯾﺸﻤﻞ أﻣﻤﺎ ﻣﺘﻌﺪدة ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،وﺑﯿﻦ »ﺷﻌﻮب اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺗﻤﻜﻦ ـ ﺑﻞ ﺗﺠﺐ ـ
اﻟﻮﺣﺪة« ،ﻛﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﻘﻮل ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻤﯿﺪ ﺑﻦ ﺑﺎدﯾﺲ ﺗﻠﻤﯿﺬ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ ،ﻓﻲ ﺣﯿﻦ ﯾﺠﺐ اﻟﺴﻌﻲ إﻟﻰ ﺗﻀﺎﻣﻦ ﻓﻌﺎل ﺑﯿﻦ أﻣﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ
اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﻓﻲ ﺗﺠﺪﯾﺪ ﻣﻌﺎﺻﺮ ﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﻜﯿﺎن اﻟﺠﺎﻣﻊ ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،وﻓﻲ ﺻﻮرة »ﺑﺮﻟﻤﺎن إﺳﻼﻣﻲ« دﻋﺎ إﻟﯿﮫ اﻟﻜﻮاﻛﺒﻲ
ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ »أم اﻟﻘﺮى« ،وﺟﺪد اﻟﺪﻋﻮة إﻟﯿﮫ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ رﻣﺰ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻤﺒﻜﺮ »ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺜﻮرة « .
ﻛﺎن ﻓﻘﮫ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ﻣﻼزﻣﺎ ﻟﺘﺒﻠﻮر وﻧﮭﻮض ﻣﻌﻨﻰ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﺗﻘﺮﯾﺐ اﻟﻤﺬاھﺐ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،وﻓﺘﻮى اﻷزھﺮ اﻟﺴﻨﻲ
ﺑﺠﻮاز اﻟﺘﻌﺒﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬھﺐ اﻟﺸﯿﻌﻲ اﻟﺠﻌﻔﺮي ،واﻟﻨﮭﻮض اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺼﻨﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﺑﺎﻟﺬات ،وھﻮ ﻣﺎ دارت
ﻣﻌﺎرﻛﮫ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ واﻟﺘﻄﺒﯿﻘﯿﺔ ﺗﺒﺎﻋﺎ إﻟﻰ أواﺳﻂ اﻟﺴﺒﻌﯿﻨﯿﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ،ﺑﻌﺪھﺎ ﺣﺪث اﻻﻧﮭﯿﺎر اﻟﻌﻈﯿﻢ ،وذھﺐ ﻓﻘﮫ
اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ ،وﺣﻞ زﻣﺎن ﻓﻘﮫ اﻟﺘﻔﻜﯿﻚ ،وﺟﺮى اﻏﺘﯿﺎل ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺑﺴﯿﻒ ﺧﺸﺒﻲ ،ﺣﻤﻞ زورا اﺳﻢ اﻟﻮﺣﺪة
اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،واﻟﺴﻌﻲ ﻟﺨﻼﻓﺔ دﯾﻨﯿﺔ ،وﺗﻀﺨﻢ دور ﻣﺎ ﺳﻤﻮه ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺎت اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،اﻟﺘﻲ أﻏﺮت ﺑﺸﻌﺎراﺗﮭﺎ اﻟﺒﺪاﺋﯿﺔ
ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﻋﺮﺑﯿﺔ ﻣﺤﺒﻄﺔ ،ﺧﺮﺟﺖ ﺑﻌﺪ ﺣﺮب أﻛﺘﻮﺑﺮ 1973ﻣﻦ ﻧﺰال اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﺠﺎري ،وﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺳﺒﺎق اﻟﻌﺼﺮ
اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺼﻨﺎﻋﻲ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ،وﺳﺎدﺗﮭﺎ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﺑﺆس وﯾﺄس ،وﺗﻀﺨﻢ اﻟﯿﻤﯿﻦ اﻟﺪﯾﻨﻲ اﻟﻤﺘﺨﻠﻒ ﻣﺘﻐﺬﯾﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺎﻋﺮ
اﻟﺒﺆس واﻟﯿﺄس ،ﻓﻘﺪ ﺧﺎﻃﺐ ﺑﺆس اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﻛﺠﻤﻌﯿﺔ ﺧﯿﺮﯾﺔ ،وﺧﺎﻃﺐ ﯾﺄﺳﮭﺎ ﻛﺠﻤﻌﯿﺔ دﯾﻨﯿﺔ ،وﺑﺎﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﻔﻮاﺋﺾ
ﺑﺘﺮو ـ دوﻻرﯾﺔ ،ﺗﺪﻓﻘﺖ ﻛﺎﻟﺴﯿﻮل ،وﻣﻌﮭﺎ ﻟﺤﻰ ﻣﺘﺪﻟﯿﺔ ،ﻧﺸﺮت ﺗﻔﻜﯿﺮا ﺻﺤﺮاوﯾﺎ ﻋﺪﻣﯿﺎ ،ﯾﻔﺮق ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ إﻟﻰ ﻃﻮاﺋﻒ ،
وﯾﺴﺘﺒﻌﺪ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﻦ ﻛﻔﺎﻟﺔ ﺣﻖ اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ ،وﻣﻦ اﻟﺸﺮاﻛﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ واﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﺘﻲ اﺗﺼﻠﺖ ﻗﺮوﻧﺎ ،ﺛﻢ ﯾﺨﺮج
ﻏﺎﻟﺐ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﻠﺔ ،وﯾﻜﻔﺮ اﻵﺧﺮﯾﻦ ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ،وﯾﺪﻋﻲ ﻟﻨﻔﺴﮫ اﻟﻌﺼﻤﺔ اﻹﯾﻤﺎﻧﯿﺔ ،وﯾﺤﺼﺮ اﻟﺴﻠﻮك اﻹﯾﻤﺎﻧﻲ ﻓﻲ
ﻃﻘﻮس وﺟﻼﺑﯿﺐ وﻧﻘﺎب وﺣﺠﺎب وﻟﺤﻰ ،ﺛﻢ ﯾﺨﺮج ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس ﺷﺎھﺮا ﺳﯿﻔﮫ ،ﻣﺘﻨﻘﻼ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﻔﯿﺮ إﻟﻰ اﻟﺘﻔﺠﯿﺮ ،وﺗﺤﻄﯿﻢ
اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ،وإھﻼك اﻟﺤﺮث واﻟﻨﺴﻞ ،ﻣﻨﺘﮭﯿﺎ ﺑﺎﻹﺳﻼم إﻟﻰ ﺧﻼﻓﺔ ﻗﻄﻊ اﻟﺮؤوس ،وﺳﺒﻲ اﻟﻨﺴﺎء ،وﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻘﺔ
» داﻋﺶ « وأﺧﻮاﺗﮫ ،اﻟﺘﻲ ھﻲ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ اﻟﺼﺎﻓﻲ اﻟﻨﻘﻲ ﻋﻦ ﺟﻮھﺮ ﻣﻦ ﯾﺴﻤﻮن أﻧﻔﺴﮭﻢ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺎت اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﺴﻠﻔﯿﺔ
اﻟﺴﻨﯿﺔ ،ﻓﺘﻨﻈﯿﻢ »داﻋﺶ« ھﻮ أﻋﻠﻰ ﻣﺮاﺣﻞ ﺗﻄﻮر ﻣﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺎت اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،اﻟﺘﻲ ادﻋﺖ أﻧﮭﺎ ﺗﻄﻠﺐ ﺧﻼﻓﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ
ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،ﺛﻢ اﻧﺘﮭﺖ إﻟﻰ ﺗﺪﻣﯿﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،وﺗﻔﻜﯿﻚ أوﻃﺎﻧﮭﻢ ﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ،وﺗﺨﺮﯾﺐ ﺣﯿﺎﺗﮭﻢ اﻟﺘﻲ ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺳﺒﺎق اﻟﺪﻧﯿﺎ
ﻓﻲ اﻷرﺑﻌﯿﻦ ﺳﻨﺔ اﻷﺧﯿﺮة ،واﻟﻤﻌﻨﻰ ﻇﺎھﺮ ،ﻓﺎﻟﺬﯾﻦ رﻓﻌﻮا ﺷﻌﺎر »اﻟﻮﺣﺪة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ« ،اﻧﺘﮭﻮا ﻓﻲ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ إﻟﻰ إﻓﻨﺎء
اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،ودﻓﻦ ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،واﺳﺘﮭﺠﺎن اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻧﻌﺘﮭﺎ ﺑﺎﻟﻜﻔﺮ اﻟﻤﺒﯿﻦ ،وﺑﺪون أن ﯾﻘﺪﻣﻮا ﺑﺪﯾﻼ
ﻟﻨﻈﻢ اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ واﻟﻔﺴﺎد واﻻﺳﺘﺒﺪاد واﻟﺘﺨﻠﻒ واﻻﻧﺤﻄﺎط اﻟﺘﺎرﯾﺨﻲ ،ﺑﻞ ﻗﺪﻣﻮا ﻟﮭﺎ » اﻟﻘﺮﯾﻦ اﻟﻤﮭﻠﻚ « ﻻ اﻟﺒﺪﯾﻞ اﻟﻤﻨﺠﻲ ،
وﺣﻮﻟﻮا اﻟﻘﺼﺔ ﻛﻠﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﺒﺎراة ﻓﻲ اﻟﻘﺘﻞ وﺳﺒﺎق ﻓﻲ اﻟﺘﻜﻔﯿﺮ ،وﻛﺄن ﺗﻘﻮى اﻟﻤﺴﻠﻢ ﺻﺎرت ﺗﻘﺎس ﺑﻘﺪر دﻣﻮﯾﺘﮫ ،وﺗﺤﻮﯾﻞ
ﻣﻌﻨﻰ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﷲ إﻟﻰ ﻣﻌﻨﻰ وﺛﻨﻲ ،ﯾﺠﺮي اﻟﺘﻘﺮب إﻟﯿﮫ ﺑﺮؤوس اﻟﻘﺘﻠﻰ .وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ ھﻲ اﻟﺨﯿﺎﻧﺔ اﻟﻌﻈﻤﻰ
ﻟﻺﺳﻼم وﻟﻠﻌﺮوﺑﺔ ،اﻟﺨﯿﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﻓﻲ ﺷﺮاك ﻃﺎﺋﻔﯿﺔ ﺑﻐﯿﻀﺔ ،ﻻ ﺗﺪﻋﻮ إﻟﻰ اﻹﺳﻼم ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﻨﻔﺮ ﻣﻨﮫ ،وﺗﻨﻔﺬ ﺧﻄﻂ
اﻷﻋﺪاء اﻟﺴﺎﻟﻜﺔ ﻓﯿﻨﺎ ﻛﺤﺪ اﻟﺴﻜﯿﻦ ،وﺗﺤﻮل اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ إﻟﻰ أﻟﻒ أﻣﺔ ﻃﺎﺋﻔﯿﺔ ،ﺗﻨﻔﯿﺬا ﺣﺮﻓﯿﺎ ﻟﺨﻄﺔ إﺳﺮاﺋﯿﻞ اﻟﻤﻌﻠﻨﺔ،
اﻟﻤﻮﺳﻮﻣﺔ ﺑﺎﺳﻢ »ﺧﻄﺔ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ« ،واﻟﻤﻨﺸﻮرة ﻋﻠﻨﺎ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﯾﺔ ﺛﻤﺎﻧﯿﻨﯿﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ،واﻟﺪاﻋﯿﺔ ﻹﻗﺎﻣﺔ ﻣﺌﺎت
اﻟﻤﻤﺎﻟﻚ واﻹﻣﺎرات اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻘﺎض أﻗﻄﺎر اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﻤﺰﻗﺔ أﺻﻼ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺴﻤﺖ اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ »ﺳﺎﯾﻜﺲ ﺑﯿﻜﻮ« ـ ﻗﺒﻞ
ﻗﺮن ـ أﻣﺘﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ إﻟﻰ أﻗﻄﺎر ،وﺟﺎء اﻟﺪور ﺑﻌﺪ ﻣﺌﺔ ﺳﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﻤﺰﯾﻔﺔ ،وﻣﻦ ﻧﻮع »داﻋﺶ«
وإﺧﻮاﻧﮫ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺴﻢ اﻷﻗﻄﺎر إﻟﻰ أﻣﻢ ﻃﺎﺋﻔﯿﺔ ،ﺗﻨﺘﺤﻞ ﻟﮭﺎ ﺻﻔﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔ ،وﻓﻲ ﺗﻨﻔﯿﺬ ﺣﺮﻓﻲ ﻟﺴﯿﺎﺳﺔ »ﻓﺮق ﺗﺴﺪ« اﻟﺘﻲ
اﺑﺘﻜﺮﺗﮭﺎ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﯾﺔ اﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺔ ،ﯾﻮم ﻛﺎﻧﺖ ﻻ ﺗﻐﯿﺐ ﻋﻨﮭﺎ اﻟﺸﻤﺲ ،وورﺛﺘﮭﺎ اﻹﻣﺒﺮاﻃﻮرﯾﺔ اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ
ﺑﺎﻧﺪﻣﺎج اﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﻰ ﺗﺎم ﻣﻊ ﻛﯿﺎن اﻻﻏﺘﺼﺎب اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ،وﺗﺠﺪ ﺳﻨﺪھﺎ اﻟﻤﻔﻀﻞ ﻓﻲ ﺣﺮﻛﺎت اﻟﺘﻤﺰﯾﻖ اﻟﻤﺴﻤﺎة
ﺑﺎﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،وإﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﺪت ﻣﻌﮫ أﻣﺮﯾﻜﺎ ﻛﺄﻧﮭﺎ زﻋﯿﻤﺔ اﻟﺴﻨﺔ ،وﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮭﺔ ﻧﻔﻮذ ﻣﺘﻤﺪد ﻹﯾﺮان اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪم ﻧﻔﺴﮭﺎ ﻛﺰﻋﯿﻤﺔ
.
ﻟﻠﺸﯿﻌﺔ)!(
ﻧﻌﻢ ،إﻧﮫ ﻓﻘﮫ اﻟﺘﻔﻜﯿﻚ ﺗﺤﺖ ﺷﻌﺎرات إﺳﻼﻣﯿﺔ ﺗﺒﺪو ﺟﺎﻣﻌﺔ ،واﻧﻈﺮوا ﻣﻦ ﻓﻀﻠﻜﻢ إﻟﻰ أي وﻃﻦ » إﺳﻼﻣﻲ« ﻏﺰﺗﮫ ھﺬه
اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ،أو ﺟﺮﺑﺖ أن ﺗﻘﯿﻢ ﺧﻼﻓﺘﮭﺎ ﻓﯿﮫ ،ﻓﺜﻤﺔ ﺗﻨﺎﺳﺐ ﻃﺮدي ﺑﯿﻦ ﺣﻜﻢ » اﻹﺳﻼﻣﯿﯿﻦ « إﯾﺎھﻢ وﺗﻔﻜﯿﻚ اﻷوﻃﺎن،
وﻣﻦ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن إﻟﻰ اﻟﺼﻮﻣﺎل ﻓﺎﻟﺴﻮدان وﻟﯿﺒﯿﺎ واﻟﻌﺮاق وﺳﻮرﯾﺎ واﻟﯿﻤﻦ ،أﺿﻒ إﻟﻰ ذﻟﻚ » ﻓﺘﻨﺔ اﻟﺘﻔﻜﯿﻚ « اﻟﻨﺸﯿﻄﺔ ﻓﻲ
ﺑﺎﻗﻲ اﻷﻗﻄﺎر ،واﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ﻇﺎھﺮ ﻗﺎﻃﻊ ،وﺣﺘﻰ ﻣﻊ اﺳﺘﺒﻌﺎد ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻤﺆاﻣﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﺮﺑﻂ ھﺬه اﻟﺤﺮﻛﺎت ﺑﺎﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﺠﺪﯾﺪ ،
ﻓﻤﺎ ﻣﻦ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﺳﺘﺪﻋﺎء ﻣﺆاﻣﺮات ،رﺑﻤﺎ ﻷن دور ھﺬه اﻟﺤﺮﻛﺎت ھﻮ اﻟﻤﺆاﻣﺮة ﺑﺤﺪ ذاﺗﮫ ،ﻓﻘﺪ ﺟﺮى إﻧﻔﺎق اﻟﻤﻠﯿﺎرات
ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻓﻮاﺋﺾ اﻟﺒﺘﺮو ـ دوﻻر ،وﺑﮭﺪف ﻟﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻗﻀﯿﺔ اﻷﻣﺔ اﻟﺠﻮھﺮﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﮭﻮض واﻻﺳﺘﻘﻼل واﻟﺘﺼﻨﯿﻊ
واﻟﺘﻮﺣﯿﺪ واﻟﻌﺪاﻟﺔ ،وﻟﻔﺖ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﻗﻀﯿﺔ اﻷﻣﺔ اﻟﻤﺮﻛﺰﯾﺔ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ،وﺻﺮف اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ أﻋﺪاء آﺧﺮﯾﻦ ،وﻣﻦ ﻧﻮع
ﺗﻔﺠﯿﺮ اﻟﺜﺎرات اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻨﺔ واﻟﺸﯿﻌﺔ ،وﺗﻜﻔﯿﺮ اﻟﺸﯿﻌﺔ ،ورﻣﯿﮭﻢ ﺧﺎرج ﻣﻠﺔ اﻹﺳﻼم ،ووﺻﻔﮭﻢ ﺑﺎﻟﺮواﻓﺾ ،
ودﻓﻌﮭﻢ إﻟﻰ أﺣﻀﺎن إﯾﺮان اﻟﺸﯿﻌﯿﺔ ،وھﻮ ﻣﺎ اﺳﺘﻔﺎدت ﻣﻨﮫ إﯾﺮان ﻓﻲ ﺻﻌﻮدھﺎ اﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﻌﺴﻜﺮي واﻟﺼﻨﺎﻋﻲ
واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ،ورﻣﺖ ھﻲ اﻷﺧﺮى ﺑﻤﻠﯿﺎراﺗﮭﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ زﻣﻦ اﻻﻧﺤﻄﺎط اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﺧﻠﻌﺖ اﻟﺸﯿﻌﺔ اﻟﻌﺮب ﻣﻦ اﻧﺘﻤﺎﺋﮭﻢ
اﻟﻘﻮﻣﻲ ،وﺟﻌﻠﺘﮭﻢ اﺣﺘﯿﺎﻃﯿﺎ اﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎ ﺟﺎھﺰا ،ﺗﻘﯿﻢ ﺑﮫ أذرﻋﮭﺎ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻟﺘﻨﻈﯿﻤﯿﺔ اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ،وﺗﺨﻀﻊ اﻟﻌﻮاﺻﻢ
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﺗﻠﻮ اﻷﺧﺮى ،وﺗﺮد ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻔﯿﺮ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻟﻠﺸﯿﻌﺔ ﺑﺘﻜﻔﯿﺮ آﺧﺮ ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ،وﺗﻨﺰع ﻋﻦ
اﻟﺴﻨﺔ إﺳﻼﻣﮭﻢ ،وﺗﺤﯿﻲ وﺻﻔﮭﻢ اﻟﻘﺪﯾﻢ ﺑﺎﻟﻨﻮاﺻﺐ ،وﺗﻘﺪم ﻧﻔﺴﮭﺎ ﻛﻮرﯾﺜﺔ ﻵل اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻨﺒﻮي اﻟﻌﻈﺎم ،وھﻜﺬا اﻧﺘﻔﺦ
اﻟﻨﻔﻮذ اﻹﯾﺮاﻧﻲ ﺑﺘﻜﻔﯿﺮ »اﻟﺴﻠﻔﯿﯿﻦ« إﯾﺎھﻢ ﻟﻠﺸﯿﻌﺔ ،رﺑﻤﺎ اﻟﻔﺎرق ،أن اﻟﻨﻔﻮذ اﻹﯾﺮاﻧﻲ ﻛﺎن واﻋﯿﺎ ﺑﻤﺎ ﯾﻔﻌﻞ ،وﻛﺎﻧﺖ
رﺣﻠﺔ ﺻﻌﻮده » ﻗﻮﻣﯿﺔ « ﺑﺎﻣﺘﯿﺎز ،ﻓﺈﯾﺮان ﺑﻠﺪ ﻣﺘﻌﺪد اﻟﻘﻮﻣﯿﺎت ،واﻟﻔﺮس ﻓﯿﮭﺎ ﻻ ﯾﺸﻜﻠﻮن ﺳﻮى أﻗﻞ ﻣﻦ أرﺑﻌﯿﻦ ﺑﺎﻟﻤﺌﺔ
ﻣﻦ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن ،ﺑﯿﻨﻤﺎ اﻟﺸﯿﻌﺔ ﻓﻲ إﯾﺮان ھﻢ اﻟﻐﺎﻟﺒﯿﺔ اﻟﺴﺎﺣﻘﺔ ،و » اﻟﺘﺸﯿﻊ « ھﻮ اﻟﻘﺎﺳﻢ اﻟﻤﺸﺘﺮك اﻷﻋﻈﻢ ﺑﯿﻦ
اﻟﺴﻜﺎن ،وﺳﻮاء ﻛﺎﻧﻮا ﻣﻦ اﻟﻔﺮس أو اﻟﻌﺮب أو اﻟﻜﺮد أو اﻟﺒﻠﻮش أو اﻷوزﺑﻚ ،وھﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻞ » اﻟﺘﺸﯿﻊ « راﺑﻄﺔ ﻗﻮﻣﯿﺔ
إﯾﺮاﻧﯿﺔ أﻛﺜﺮ ﺻﻼﺑﺔ ،ﺛﻢ أن » اﻟﺘﺸﯿﻊ« أﺿﺎف ﻟﻄﮭﺮان ﻗﻮة ﻧﻔﻮذ ﻣﺘﻨﺎم ﻓﻲ ﺟﻮارھﺎ اﻵﺳﯿﻮي واﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻧﻘﻞ اﻟﻌﺮب
اﻟﺸﯿﻌﺔ إﻟﻰ »اﻟﺘﺎﺑﻌﯿﺔ« اﻹﯾﺮاﻧﯿﺔ ﻋﻤﻠﯿﺎ ،وﻗﺪ ﻛﺎن ﺣﻆ إﯾﺮان أﻧﮭﺎ ﻧﮭﻀﺖ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي اﻧﺤﻂ ﻓﯿﮫ اﻟﻌﺮب ،وﺳﺎدت
أوﺳﺎﻃﮭﻢ ﻧﺰﻋﺎت اﻟﺘﻔﻜﯿﻚ واﻟﺘﺨﻠﻒ ،وﺗﻔﺸﺖ ﻓﯿﮭﻢ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﺔ اﻟﻤﺴﻤﺎة ﺑﺎﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺣﻮﻟﺖ ﺳﻨﺔ رﺳﻮل اﷲ
إﻟﻰ ﺷﺮﯾﻌﺔ ﺗﻔﻜﯿﻚ ،وإﻟﻰ ﺗﻨﺎﺑﺰ ﺑﺎﻟﻤﺬاھﺐ واﻟﻔﺮق ،وإﻟﻰ » ﺑﺴﻤﻼت « و» ﺣﻮﻗﻼت « ،ﻻ ﺗﺒﻨﻲ ﻣﺼﻨﻌﺎ وﻻ ﺗﻘﯿﻢ
ﻣﺰرﻋﺔ وﻻ ﻣﺪرﺳﺔ ،ﺑﻞ ﺗﻨﺸﺮ اﻟﺘﻜﻔﯿﺮ واﻟﺘﻔﺠﯿﺮ ،وﺗﺰدھﺮ ﺑﻈﻮاھﺮ اﻟﻔﺠﻮر اﻟﻌﻘﻠﻲ واﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﻓﻲ ﻋﺼﺮ ﻣﺎ ﺳﻤﻮه
ﺑﺎﻟﺼﺤﻮة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺻﺤﻮة ﺑﻞ ﻛﺒﻮة ،ﺟﻌﻠﺖ اﻟﻌﺮب ﻓﻲ أﺳﻔﻞ اﻷﻣﻢ ،وﺣﻮﻟﺖ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ إﻟﻰ » ﻗﺼﻌﺔ «
ﯾﺘﺪاﻋﻰ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻵﻛﻠﻮن .
وﺑﺎﻟﺠﻤﻠﺔ ،ﺣﺎﻟﻨﺎ ﯾﺪل ﻋﻠﻰ ﻣﺂﻟﻨﺎ ،و» ﻓﻘﮫ اﻟﺘﻔﻜﯿﻚ « ﺣﻮل اﻹﺳﻼم إﻟﻰ ﻃﺎﺋﻔﯿﺔ وﻣﺬھﺒﯿﺔ ﻣﮭﻠﻜﺔ ،وﻻ ﺣﻞ ﺑﻐﯿﺮ ﺗﻮﺣﯿﺪ
اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﺑﻼ ﺗﻌﺼﺐ ﻣﻘﯿﺖ ﻻ ﻟﺸﯿﻌﺔ وﻻ ﻟﺴﻨﺔ وﻻ ﻟﺼﻮﻓﯿﺔ وﻻ ﻟﺴﻠﻔﯿﺔ ،وﻣﻊ رد اﻻﻋﺘﺒﺎر ﻟﻠﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ أوﻻ ..
أﻻ أﺧﺒﺮﻛﻢ ﺑﺨﯿﺮﻛﻢ ﻣﻦ ﺷﺮﻛﻢ ..؟
ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ أن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ وﻗﻒ ﻋﻠﻰ أﻧﺎس ﺟﻠﻮس ﻓﻘﺎل ) أﻻ أﺧﺒﺮﻛﻢ ﺑﺨﯿﺮﻛﻢ
ﻣﻦ ﺷﺮﻛﻢ ( ﻗﺎل :ﻓﺴﻜﺘﻮا ،ﻓﻘﺎل ذﻟﻚ ﺛﻼث ﻣﺮات ،ﻓﻘﺎل رﺟﻞ :ﺑﻠﻰ ﯾﺎ رﺳﻮل اﷲ أﺧﺒﺮﻧﺎ ﺑﺨﯿﺮﻧﺎ ﻣﻦ ﺷﺮﻧﺎ ،ﻗﺎل :
) ﺧﯿﺮﻛﻢ ﻣﻦ ﯾﺮﺟﻰ ﺧﯿﺮه وﯾﺆﻣﻦ ﺷﺮه وﺷﺮﻛﻢ ﻣﻦ ﻻ ﯾﺮﺟﻰ ﺧﯿﺮه وﻻ ﯾﺆﻣﻦ ﺷﺮه ( )(1
أﺟﻤﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﺪﻧﯿﺎ أن ﺗﺄﻟﻒ وﺗﺆﻟﻒ ،وﺗﺤﺐ وﺗُﺤﺐ ،ﻓﺈذا أﻟﻤﺖ ﺑﻚ ﺷﺪة وﺟﺪت اﻟﻘﺎﺻﻲ واﻟﺪاﻧﻲ واﻟﻘﺮﯾﺐ واﻟﻐﺮﯾﺐ
ﺣﻮﻟﻚ .....ﺣﺒﺎ ﻻ ﺗﻤﻠﻘﺎ ،وﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻻ ﻋﻄﻔﺎ ،وﻣﻮدة ﻻ ﺷﻔﻘﺔ ،وھﺬا اﻟﻤﻨﮭﺞ ھﻮ ﻣﺎ ﺣﺮص ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺳﯿﺨﮫ اﻹﺳﻼم
ﻟﯿﺠﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻧﺴﯿﺠﺎ ﻓﺮﯾﺪا راﺋﻌﺎ ،ﻓﻠﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﻌﻨﻰ اﻟﺠﺎﻣﻊ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻹﺳﻼم ،ﻓﻘﺪ اﻛﺘﺴﺒﻮا ﺑﮫ أﺧﻮة أﺻﯿﻠﺔ
ووﺟﺐ ﻋﻠﯿﮭﻢ ﺑﺬﻟﻚ ﺣﻘﻮق ﻟﺒﻌﻀﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﺑﻌﺾ ،وﻛﻠﻤﺎ ازدادت اﻟﻤﺨﺎﻟﻄﺔ وﺻﻔﺎ زادت اﻟﺤﻘﻮق ،ﻣﺜﻞ اﻟﻘﺮاﺑﺔ
واﻟﻤﺠﺎورة واﻟﻀﯿﺎﻓﺔ واﻟﺼﺤﺒﺔ واﻟﺼﺪاﻗﺔ واﻷﺧﻮة اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ ..
وﻗﺎل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ) ﺧﯿﺮ اﻟﻨﺎس أﺣﺴﻨﮭﻢ ﺧﻠﻘﺎ ( ) (3أي ﻣﻊ اﻟﺨﻠﻖ ﺑﺎﻟﺒﺸﺮ واﻟﺘﻮدد واﻟﺸﻔﻘﺔ واﻟﺤﻠﻢ ﻋﻨﮭﻢ
واﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﯿﮭﻢ وﺗﺮك اﻟﺘﻜﺒﺮ واﻻﺳﺘﻄﺎﻟﺔ وﻣﺠﺎﻧﺒﺔ اﻟﻐﻠﻈﺔ واﻟﻐﻀﺐ واﻟﺤﻘﺪ واﻟﺤﺴﺪ وأﺻﻞ ذﻟﻚ ﻏﺮﯾﺰي وﻛﻤﺎﻟﮫ ﻣﻜﺘﺴﺐ
) (4وﻗﺎل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ) ﺧﯿﺮ اﻟﻨﺎس أﻧﻔﻌﮭﻢ ﻟﻠﻨﺎس ( ) (5ﺑﺎﻹﺣﺴﺎن إﻟﯿﮭﻢ ﺑﻤﺎﻟﮫ وﺟﺎھﮫ ،ﻓﺈﻧﮭﻢ ﻋﺒﺎد اﻟﻠّﮫ
وﻋﯿﺎﻟﮫ ،وأﺣﺒﮭﻢ إﻟﯿﮫ أﻧﻔﻌﮭﻢ ﻟﻌﯿﺎﻟﮫ ،أي أﺷﺮﻓﮭﻢ ﻋﻨﺪه أﻛﺜﺮھﻢ ﻧﻔﻌﺎً ﻟﻠﻨﺎس ﺑﻨﻌﻤﺔ ﯾﺴﺪﯾﮭﺎ أو ﻧﻘﻤﺔ ﯾﺰوﯾﮭﺎ ﻋﻨﮭﻢ دﯾﻨﺎً أو
دﻧﯿﺎ ..
وﻗﺎل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ) أﺣﺐ اﻟﻌﺒﺎد إﻟﻰ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ أﻧﻔﻌﮭﻢ ﻟﻌﯿﺎﻟﮫ ( ) (6ﻗﺎل اﻟﻘﺎﺿﻲ :وﻣﺤﺒﺔ اﻟﻌﺒﺪ ﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ إرادة
ﻃﺎﻋﺘﮫ واﻻﻋﺘﻨﺎء ﺑﺘﺤﺼﯿﻞ ﻓﺮاﺋﻀﮫ ،وﻣﺤﺒﺔ اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻠﻌﺒﺪ إرادة إﻛﺮاﻣﮫ واﺳﺘﻌﻤﺎﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﻄﺎﻋﺔ وﺻﻮﻧﮫ ﻋﻦ اﻟﻤﻌﺼﯿﺔ
،وﻓﻲ اﻟﺤﺪﯾﺚ رد ﻋﻠﻰ ﻣﻦ رﻓﺾ اﻟﺪﻧﯿﺎ ﺑﺎﻟﻜﻠﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎك وﺗﺮك اﻟﻨﺎس وﺗﺨﻔﻰ ﻟﻠﻌﺒﺎدة ﻣﺤﺘﺠﺎً ﺑﺂﯾﺔ }وﻣﺎ ﺧﻠﻘﺖ اﻟﺠﻦ
واﻻﻧﺲ إﻻ ﻟﯿﻌﺒﺪون { اﻟﺬارﯾﺎت ، 56وﺧﻔﻲ ﻋﻠﯿﮫ أن أﻋﻈﻢ ﻋﺒﺎدة اﷲ ﻣﺎ ﯾﻜﻮن ﻧﻔﻌﮭﺎ ﻋﺎﺋﺪاً ﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ﻋﺒﺎده ..
وﻗﺎل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ) اﻟﻤﺆﻣﻦ ﯾﺄﻟﻒ وﯾﺆﻟﻒ ،وﻻ ﺧﯿﺮ ﻓﯿﻤﻦ ﻻ ﯾﺄﻟﻒ وﻻ ﯾﺆﻟﻒ ،وﺧﯿﺮ اﻟﻨﺎس أﻧﻔﻌﮭﻢ ﻟﻠﻨﺎس (
) (7ﻗﺎل اﻟﻤﺎوردي :ﺑﯿﻦ ﺑﮫ أن اﻹﻧﺴﺎن ﻻ ﯾﺼﻠﺢ ﺣﺎﻟﮫ إﻻ اﻷﻟﻔﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ...واﻟﻌﺮب ﺗﻘﻮل ﻣﻦ ﻗﻞ ذل (8) ..
وﻗﺎل أﺑﻮ ﺣﺎﺗﻢ :ﻻ ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺎﻗﻞ أن ﯾﻜﺎﻓﺊ اﻟﺸﺮ ﺑﻤﺜﻠﮫ ،وأن ﯾﺘﺨﺬ اﻟﻠﻌﻦ واﻟﺸﺘﻢ ﻋﻠﻰ ﻋﺪوه ﺳﻼﺣﺎ ،إذ ﻻ ﯾﺴﺘﻌﺎن
ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺪو ﺑﻤﺜﻞ إﺻﻼح اﻟﻌﯿﻮب وﺗﺤﺼﯿﻦ اﻟﻌﻮرات ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺠﺪ اﻟﻌﺪو إﻟﯿﮫ ﺳﺒﯿﻼ )(9
وﻟﮭﺬا ﻗﺎل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ) إن ﺷﺮ اﻟﻨﺎس ﻣﻨﺰﻟﺔ ﻋﻨﺪ اﷲ ﯾﻮم اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ،ﻣﻦ ﺗﺮﻛﮫ اﻟﻨﺎس اﺗﻘﺎء ﻓﺤﺸﮫ ( ) (10أي
ﻷﺟﻞ ﻗﺒﺢ ﻓﻌﻠﮫ وﻗﻮﻟﮫ ..
وﻗﺎل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﯿﮫ وﺳﻠﻢ ) ﻻ ﯾﺪﺧﻞ اﻟﺠﻨﺔ ﻣﻦ ﻻ ﯾﺄﻣﻦ ﺟﺎره ﺑﻮاﺋﻘﮫ ( ) (12أي دواھﯿﮫ ﺟﻤﻊ ﺑﺎﺋﻘﺔ اﻟﺪاھﯿﺔ ..وﻗﺪ زاد
ﻓﻲ رواﯾﺔ ،ﻗﺎﻟﻮا :وﻣﺎ ﺑﻮاﺋﻘﮫ ،ﻗﺎل :ﺷﺮه ،وذﻟﻚ ﻷﻧﮫ إذا ﻛﺎن ﻣﻀﺮاً ﻟﺠﺎره ﻛﺎن ﻛﺎﺷﻔﺎً ﻟﻌﻮرﺗﮫ ﺣﺮﯾﺼﺎً ﻋﻠﻰ إﻧﺰال
اﻟﺒﻮاﺋﻖ ﺑﮫ دل ﺣﺎﻟﮫ ﻋﻠﻰ ﻓﺴﺎد ﻋﻘﯿﺪﺗﮫ ..ﻗﺎل اﺑﻦ أﺑﻲ ﺟﻤﺮة :ﺣﻔﻆ اﻟﺠﺎر ﻣﻦ ﻛﻤﺎل اﻹﯾﻤﺎن وﻛﺎن أھﻞ اﻟﺠﺎھﻠﯿﺔ
ﯾﺤﺎﻓﻈﻮن ﻋﻠﯿﮫ ،وﯾﺤﺼﻞ اﻣﺘﺜﺎل اﻟﻮﺻﯿﺔ ﺑﮫ ﺑﺈﯾﺼﺎل ﺿﺮوب اﻹﺣﺴﺎن ﺑﻘﺪر اﻟﻄﺎﻗﺔ ﻛﮭﺪﯾﺔ وﺳﻼم وﻃﻼﻗﺔ وﺟﮫ وﺗﻔﻘﺪ
ﺣﺎل وﻣﻌﺎوﻧﺔ وﻏﯿﺮ ذﻟﻚ ،وﻛﻒ أﺳﺒﺎب اﻷذى اﻟﺤﺴﯿﺔ واﻟﻤﻌﻨﻮﯾﺔ ﻋﻨﮫ وﺗﺘﻔﺎوت ﻣﺮاﺗﺐ ذﻟﻚ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺠﺎر اﻟﺼﺎﻟﺢ
وﻏﯿﺮه )(13
اﻟﮭﻮاﻣﺶ :
) (1رواه اﻟﺘﺮﻣﺬي ــ ﻛﺘﺎب اﻟﻔﺘﻦ رﻗﻢ 2189
) (2ﻓﯿﺾ اﻟﻘﺪﯾﺮ ﻟﻠﻤﻨﺎوي 452/1ﺑﺘﺼﺮف .
) (3رواه اﻟﻄﺒﺮاﻧﻲ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ )ﺻﺤﯿﺢ( اﻧﻈﺮ ﺣﺪﯾﺚ رﻗﻢ 3287 :ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺠﺎﻣﻊ .
) (4ﻓﯿﺾ اﻟﻘﺪﯾﺮ (5) . 4651/2رواه اﻟﻘﻀﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻣﺴﻨﺪ اﻟﺸﮭﺎب ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ )ﺣﺴﻦ( اﻧﻈﺮ ﺣﺪﯾﺚ رﻗﻢ 3289 :ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺠﺎﻣﻊ .
) (6رواه ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ اﻹﻣﺎم أﺣﻤﺪ ﻓﻲ زواﺋﺪ اﻟﺰھﺪ ﻋﻦ اﻟﺤﺴﻦ ﻣﺮﺳﻼ )ﺣﺴﻦ( اﻧﻈﺮ ﺣﺪﯾﺚ رﻗﻢ 172 :ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺠﺎﻣﻊ.
) (7رواه اﻟﻀﯿﺎء ﻓﻲ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻤﺨﺘﺎرة ﻋﻦ ﺟﺎﺑﺮ )ﺣﺴﻦ( اﻧﻈﺮ ﺣﺪﯾﺚ رﻗﻢ 6662 :ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺠﺎﻣﻊ .
) (8ﻓﯿﺾ اﻟﻘﺪﯾﺮ (9) . 897 /2روﺿﺔ اﻟﻌﻘﻼء – أﺑﻲ ﺣﺎﺗﻢ ﺑﻦ ﺣﺒﺎن /ﻣﻜﺘﺒﺔ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﻤﺤﻤﺪﯾﺔ ص . 100
) (10رواه أﺑﻮ داود واﻟﺘﺮﻣﺬي ﻋﻦ ﻋﺎﺋﺸﺔ )ﺻﺤﯿﺢ( اﻧﻈﺮ ﺣﺪﯾﺚ رﻗﻢ 2095 :ﻓﻲ ﺻﺤﯿﺢ اﻟﺠﺎﻣﻊ .
) (11ﻓﯿﺾ اﻟﻘﺪﯾﺮ ( 12 ) . 356/1رواه ﻣﺴﻠﻢ ﻋﻦ أﺑﻲ ھﺮﯾﺮة ــ ﻛﺘﺎب اﻹﯾﻤﺎن رﻗﻢ . 66
) (13ﻓﯿﺾ اﻟﻘﺪﯾﺮ 457/2
د /ﺧﺎﻟﺪ ﺳﻌﺪ اﻟﻨﺠﺎر .
اﻟﻤﺴﺤﺮاﺗﻲ :
ﻓﻲ إﻃﺎر ذﻟﻚ اﻟﺼﺮاع ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺤﺮر ﻗﺎﻣﺖ ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ ﻛﺄول ﻣﺸﺮوع ﻟﻠﺜﻮرة ﻟﺤﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺪﯾﻤﻮﻗﺮاﻃﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ.
ﻧﺮﯾﺪ أن ﻧﻘﻮل أن ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻟﻢ ﯾﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ ﺟﻤﻊ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎت ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ ﻋﺎم 1953وﻟﻜﻨﮫ ﺣﺎول ان ﯾﺤﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ
اﻟﺪﯾﻤﻮﻗﺮاﻃﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ اﻟﺘﻲ رأى أﻧﮭﺎ اﻷﺳﻠﻮب اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻟﺤﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ ﻇﺮوف
اﻟﺼﺮاع ﺿﺪ ﻗﻮة اﻻﺣﺘﻼل ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺤﺮر اﻟﻮﻃﻨﻲ .وﻟﻘﺪ ﺳﺨﺮت اﻟﺜﻮرة ،وﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﺷﺨﺼﯿﺎً ،ﻛﻞ اﻻﻣﻜﺎﻧﺎت
اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﺑﺸﺮﯾﺎً وﻣﺎﻟﯿﺎً وإﻋﻼﻣﯿﺎً وﺛﻘﺎﻓﯿﺎً ﻹﻧﺠﺎح ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ .وﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻻﺻﺮار ﻋﻠﻰ اﻧﺠﺎﺣﮭﺎ ﻗﺎﻃﻊ اﻟﺪﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺛﺒﺎت
ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﺪﯾﻤﻮﻗﺮاﻃﻲ وان ﺗﺤﺪﯾﺪ ﻓﺘﺮة اﻻﻧﺘﻘﺎل ﺑﺜﻼث ﺳﻨﻮات ﻛﺎن ﯾﺮﺟﻊ إﻟﻰ اﻻﻋﺘﻘﺎد ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻣﺪة ﻛﺎﻓﯿﺔ
ﻟﻨﺠﺎح ﻣﺸﺮوع ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ .وﻟﻘﺪ ﺣﻘﻘﺖ ﺑﻘﯿﺎﻣﮭﺎ أول ﻧﺠﺎح ﺟﺰﺋﻲ ھﺎم .ھﺎم ﻷﻧﮫ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻤﺒﺪأ اﻟﺪﯾﻤﻮﻗﺮاﻃﻲ ذاﺗﮫ إذ
ﺣﺴﻤﺖ اﻟﺸﻚ ﻓﻲ إﺗﺠﺎه اﻟﺜﻮرة دﯾﻤﻮﻗﺮاﻃﯿﺎً ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﺑﺎﻟﺴﻠﻄﺔ ﯾﺜﯿﺮ اﻟﺸﻚ وان ﻛﺎن ﻻ ﯾﻄﻔﻰء اﻷﻣﻞ .إن
ﻗﯿﺎم ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ ﺣﻮّل اﻷﻣﻞ اﻟﻤﻌﻠﻖ إﻟﻰ ﻓﻌﻞ إﯾﺠﺎﺑﻲ وﺿﻌﺖ اﻟﺜﻮرة ﻋﻠﻰ أول اﻟﻄﺮﯾﻖ إﻟﻰ ﺣﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﺪﯾﻤﻮﻗﺮاﻃﯿﺔ
ﻓﻲ ﻣﺼﺮ .ھﺬا -ﻃﺒﻌﺎً -ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻷﻣﻞ اﻟﻤﻌﻠﻖ ﻋﻠﻰ ﻟﺠﻨﺔ وﺿﻊ اﻟﺪﻣﻤﺘﻮر اﻟﺘﻲ ﺷﻜﻠﺘﮭﺎ اﻟﺜﻮرة ﻣﻦ رﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧﻮن
وﻋﻠﻤﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎع وﻣﻤﺜﻠﯿﻦ ﻟﻼﺗﺠﺎھﺎت اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﺣﺘﻰ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ﻣﻨﮭﺎ ،ﺑﻘﺮار 13ﯾﻨﺎﯾﺮ 1953وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺎ ﺗﺰال ﻗﺎﺋﻤﺔ
ﺑﻤﮭﻤﺘﮭﺎ.
وﻣﻤﺎ ھﻮ ﺟﺪﯾﺮ ﺑﺎﻛﺒﺮ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺒﺎه أن ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﺜﻞ -ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻛﻤﺎ ﯾﺒﺪو ﻣﻦ أﻗﻮاﻟﮫ -ﻣﺮﺣﻠﺔ أوﻟﯿﺔ
وﺗﺤﻀﯿﺮﯾﺔ ﻟﻘﯿﺎم أﺣﺰاب ﺟﺪﯾﺪة .ﻓﻲ أول اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻗﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﺬي اﻧﻌﻘﺪ ﻓﻲ ﻣﯿﺪان اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ
ﯾﻮم 16ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ “ : 1953إن ھﺬه اﻟﺜﻮرة ﻟﻦ ﺗﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ ﻣﻜﺎﻧﮭﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﻘﻖ ھﺪﻓﮭﺎ اﻷﻛﺒﺮ وھﻮ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ
اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وأﻋﻮاﻧﮫ ﻣﻦ اﻟﺨﻮﻧﺔ اﻟﻤﺼﺮﯾﯿﻦ وﻣﮭﻤﺎ ﻃﺎل اﻷﻣﺪ ﻓﮭﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺑﺪأﻧﺎھﺎ وﻟﻦ ﻧﻌﺮف ﻓﯿﮭﺎ زﻣﺎﻧﺎً وﻻ ﻣﻜﺎﻧﺎً ﺣﺘﻰ
ﺗﺘﻄﮭﺮ اﻟﺒﻼد ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮﯾﻦ واﻟﺨﻮﻧﺔ واﻟﻤﻀﻠﻠﯿﻦ واﻟﻤﺎرﻗﯿﻦ .وﻋﻨﺪﺋﺬ ﺳﺘﺘﻌﻠﻢ اﻷﺣﺰاب أن ﺗﻨﺸﺄ ﻋﻠﻰ ﻗﻮاﻋﺪ ﺟﺪﯾﺪة
ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺼﺮ وﻟﯿﺲ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺣﻔﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس اﻟﻤﻀﻠﻠﯿﻦ “.وﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﯾﻘﻮل اﻟﺼﺤﻔﻲ اﻟﮭﻨﺪي ﻛﺎرﻧﺠﯿﺎ ﯾﻮم
10ﻣﺎرس 1957ﻧﻘﻼً ﻋﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ “ :واﺳﺘﻄﺮد اﻟﺮﺋﯿﺲ ﻓﺄﻋﺮب ﻋﻦ ﺛﻘﺘﮫ ﺑﺄن اﻟﺰﻋﻤﺎء اﻟﻮﻃﻨﯿﯿﻦ اﻟﻤﺨﻠﺼﯿﻦ
ﺳﯿﻨﺘﺨﺒﻮن وأن اﻟﺒﺮﻟﻤﺎن ﺳﺘﻘﻮم ﻓﯿﮫ ﺗﻜﺘﻼت وﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ورﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻓﯿﮫ ﻣﻌﺎرﺿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺪى اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ ﻟﻸﺣﺪاث ﻛﻤﺎ
ﺗﺒﺮز ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻃﺒﻌﺎً ﻗﻮى ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ﺟﺪﯾﺪة وﻣﻦ اﻟﻤﺤﺘﻤﻞ أن ﺗﻜﻮن ھﻨﺎك أﺣﺰاب ” .وھﻮ ﺟﺪﯾﺮ ﺑﺄﻛﺒﺮ ﻗﺪر ﻣﻦ اﻻﻧﺘﺒﺎه ﻷن
ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻟﻦ ﯾﺘﺨﻠﻰ ﻋﻦ اﻟﺘﻌﺪد اﻟﺤﺰﺑﻰ ﻛﺤﻞ ﻧﮭﺎﺋﻲ ﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﺪﯾﻤﻮﻗﺮاﻃﯿﺔ إﻻ ﺑﻌﺪ ﻗﯿﺎم اﻟﺜﻮرة ﺑﻌﺸﺮ ﺳﻨﻮات ﺗﻌﻠﻢ ﻓﯿﮭﺎ
ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ دروﺳﺎً ﻛﺎن ﺑﻌﻀﮭﺎ ﺷﺪﯾﺪ اﻟﻤﺮارة ﻛﻤﺎ ﺳﻨﺮى ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ.
ﯾﮭﻤﻨﺎ اﻵن أن ﻧﺴﺄل :ھﻞ ﻛﺎﻧﺖ ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ ﻣﺸﺮوﻋﺎً دﯾﻤﻮﻗﺮاﻃﯿﺎً ﺣﻘﺂ ؟..
ﻧﺘﺬﻛﺮ ﻣﺎ ﻗﻠﻨﺎه ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺎت ھﺬا اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻟﻨﻘﻒ ﻣﻊ اﻟﺸﻌﺐ ،أﻏﻠﺒﯿﺔ اﻟﺸﻌﺐ ،وﻧﺴﺄل ﺳﺆاﻵ اﺧﺮ .ھﻞ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻠﺒﯿﺔ
اﻟﺸﻌﺐ ،أﻏﻠﺒﯿﺔ اﻟﺸﻌﺐ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ،إزاء اﻟﻨﺸﺎط اﻟﻌﺎم واﻟﺴﯿﺎﺳﻲ واﻗﻌﺎً أوﻻ ”؟..
ﻻﺷﻚ أﻧﮫ ﻛﺎن واﻗﻌﺎً ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ أﺣﺪ إﻧﻜﺎره ﺧﺎﺻﺔ إذا اﻧﺘﺒﮫ إﻟﻰ أﻧﻨﺎ ﻧﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﺸﻌﺐ أﻏﻠﺒﯿﺘﮫ ﻣﻦ اﻟﻔﻼﺣﯿﻦ واﻟﻌﻤﺎل وﺻﻐﺎر
اﻟﺤﺮﻓﯿﯿﻦ واﻟﻤﮭﻨﯿﯿﻦ و اﻟﻨﺴﺎء و اﻟﺠﻨﻮد وأﻣﺜﺎﻟﮭﻢ .أوﻟﺌﻚ ﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﻗﺒﻞ اﻟﺜﻮرة ﺣﺘﻰ ﻧﺎﺧﺒﯿﻦ .وﻛﺎن اﻟﻨﺎﺧﺒﻮن ﻣﻨﮭﻢ
ﯾﺨﺘﺎرون ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﺮﺷﺤﻲ اﻟﺴﻠﻄﺔ أوﻣﻦ ﺗﻮﻋﺰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺎﻧﺘﺨﺎﺑﮫ .وﻋﻦ ﻃﺮﯾﻘﮭﻢ اﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺣﻜﻮﻣﺎت اﻷﻗﻠﯿﺔ أن
ﺗﺸﻜﻞ ﺑﺮﻟﻤﺎﻧﺎت ذات أﻏﻠﺒﯿﺔ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻋﻦ أﻏﻠﺒﯿﺔ اﻟﻮﻓﺪ .وﻟﻢ ﯾﻜﻮﻧﻮا ﯾﻘﺮأون اﻟﺼﺤﻒ ﻓﺈن ﻧﺴﺒﺔ اﻷﻣﯿﺔ ﻓﯿﮭﻢ ﻛﺎﻧﺖ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ
90ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ .وﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻌﻨﯿﮭﻢ ﻣﺎ ﯾﺪور ﻓﻲ ﻗﻤﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎھﺮة .وﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻊ أي ﺣﺰب ﺳﯿﺎﺳﻲ أن ﯾﻜﺴﺒﮭﻢ إﻟﻰ
ﻋﻀﻮﯾﺘﮫ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ .أو ﻋﻠﻰ اﻷﺻﺢ ﻟﻢ ﯾﮭﺘﻢ أي ﺣﺰب ﺑﺄن ﯾﻜﺴﺒﮭﻢ إﻟﻰ ﻋﻀﻮﯾﺘﮫ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ وﯾﺸﺮﻛﮭﻢ ﻓﻲ ﻧﺸﺎﻃﮫ اﻟﻤﻨﻈﻢ .
وﻟﻢ ﯾﮭﺘﻤﻮا ھﻢ ﺑﺄن ﯾﻜﻮﻧﻮا أﻋﻀﺎء ﻋﺎﻣﻠﯿﻦ ﻓﻲ أي ﺣﺰب .ﻟﻘﺪ ﻛﺎن ﺣﺰب اﻟﻮﻓﺪ ھﻮ ﺣﺰب اﻷﻏﻠﺒﯿﺔ ﺑﺪون ﻣﻨﺎزع وﻟﻜﻦ
ﺑﻤﻌﻨﻰ اﻧﮫ ﻓﻲ أﯾﺔ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺣﺮة ﻛﺎن ﯾﺤﺼﻞ ﻣﺮﺷﺤﻮه ﻋﻠﻰ أﻏﻠﺒﯿﺔ أﺻﻮات اﻟﻨﺎﺧﺒﯿﻦ .وﻟﻜﻦ ﺣﺰب اﻟﻮﻓﺪ ﻛﺘﻨﻈﯿﻢ ﻛﺎن
ﻣﺤﺪود اﻟﻌﺪد واﻟﻌﻀﻮﯾﺔ وﻛﺎن ﻗﺼﺎرى اﻧﺘﺸﺎره اﻟﺘﻨﻈﯿﻤﻲ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺴﻤﻰ ﻟﺠﺎن اﻟﻮﻓﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺎت .وﻛﺎﻧﺖ ﻋﻀﻮﯾﺘﮭﺎ
اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻣﻘﺼﻮرة ﻋﻠﻰ ﻋﺪد ﺿﺌﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﻨﻮاب واﻟﺸﯿﻮخ أو ﻣﻤﻦ ﯾﺤﻀﺮون أﻧﻔﺴﮭﻢ ﻟﯿﻜﻮﻧﻮا ﻧﻮاﺑﺎً وﺷﯿﻮﺧﺎً .وﻛﺎن
اﻣﺘﺪاده ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت ﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻣﻦ ﻃﻼب اﻟﺴﻨﯿﻦ اﻟﻨﮭﺎﺋﯿﺔ ﯾﻨﻔﺬون أواﻣﺮ ﻗﯿﺎدﺗﮫ ﺗﻤﮭﯿﺪاً ﻟﺘﻠﻘﻲ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺑﻌﺪ اﻟﺘﺨﺮج .
ﻋﻠﻰ أي ﺣﺎل ﻛﺎن ﺣﺰب اﻟﻮﻓﺪ ﺣﺎﺿﺮاً ﻓﻲ اﻟﻤﺪن ﻋﻠﻰ وﺟﮫ ﻣﺎ .أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮى واﻟﻜﻔﻮر واﻟﻌﺰب واﻟﻤﺼﺎﻧﻊ واﻟﻤﻌﺎﻣﻞ
واﻟﺤﻮاري واﻷزﻗﺔ واﻟﺼﺤﺎري ،وﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻷﻣﺎﻛﻦ اﻟﻜﺌﯿﺒﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺸﻌﺐ ،ﻓﻠﻢ ﯾﻜﻦ ﻟﺤﺰب اﻟﻮﻓﺪ وﺟﻮد ﻣﻨﻈﻢ
.ﻣﺮة واﺣﺪة ﺣﯿﻦ أﻧﺸﻲء ﺣﺰب ﻣﺼﺮ اﻟﻔﺘﺎة ) 21أﻛﺘﻮﺑﺮ ( 1933ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻔﺎﺷﺴﺘﻲ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﻤﺮاﻛﺰ واﻟﻘﺮى ﻟﺠﺎﻧﺎً
ﺣﺰﺑﯿﺔ ﺛﻢ أﻧﺤﺴﺮت اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺳﺮﯾﻌﺎً وﻟﻢ ﺗﺘﺮك أﺛﺮاً .وﻣﺮة أﺧﺮى ﻋﺮﻓﺖ اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻟﺸﻌﺒﯿﺔ ﺗﻨﻈﯿﻢ اﻷﺧﻮان اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ
ﻛﺠﻤﺎﻋﺔ دﯾﻨﯿﺔ وﻛﺎن ﺟﻞ أﻋﻀﺎﺋﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﺮﯾﻒ أﺧﻮاﻧﺎً ﻓﻲ اﻟﺪﯾﻦ وﻓﺪﯾﯿﻦ أو ﻏﯿﺮ وﻓﺪﯾﯿﻦ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت .ﻟﮭﺬا ﻟﻢ ﯾﻜﻦ
ﻏﺮﯾﺒﺎً أن ﺣﺰب اﻟﻮﻓﺪ ﻗﺪ أﻓﻠﺲ أو ﻛﺎد ﻓﻲ ﻓﺘﺮة أﻗﺼﺎﺋﮫ ﻋﻦ اﻟﺤﻜﻢ ﺑﻌﺪ 1944ﺣﺘﻰ اﺿﻄﺮ -ﺣﯿﻦ ﻋﺎد إﻟﻰ اﻟﺤﻜﻢ ـ أن
ﯾﺘﺎﺟﺮ ﻓﻲ اﻟﺮﺗﺐ واﻷﻟﻘﺎب ﻟﯿﻌﻤﺮ ﺧﺰاﻧﺘﮫ ) ﻛﺎن ﺛﻤﻦ رﺗﺒﺔ اﻟﺒﺎﺷﻮﯾﺔ 30000ﺟﻨﯿﮫ ورﺗﺒﺔ اﻟﺒﻜﻮﯾﺔ 10000ﺟﻨﯿﮫ
واﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﻃﺎﺋﻔﺔ ﻣﻦ ﺗﺠﺎر ﻣﺨﻠﻔﺎت اﻟﻘﻮات اﻻﻧﺠﻠﯿﺰﯾﺔ أن ﺗﺼﺒﺢ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺷﻮات واﻟﺒﻜﻮات .ﻣﺮﺟﻊ ذﻟﻚ إﻟﻰ أن ﺗﻠﻚ
اﻷﺣﺰاب ﺟﻤﯿﻌﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﺘﻘﺪ اﻟﻈﺎھﺮة اﻟﺠﻤﺎھﯿﺮﯾﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ واﻻﺷﺘﺮاﻛﺎت اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﯿﺶ ﻋﻠﻰ ﺗﺒﺮﻋﺎت ﻗﯿﺎداﺗﮭﺎ ﻣﻦ
اﻻﻗﻄﺎﻋﯿﯿﻦ واﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﯿﯿﻦ اﻟﻄﺎﻣﻌﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ أو ﻓﻲ ﺗﺴﺨﯿﺮ اﻟﺤﻜﻢ ﻟﻤﺼﺎﻟﺤﮭﻢ .ﺧﺎرج ﺗﻠﻚ اﻟﺪاﺋﺮة ﻛﺎن اﻟﺸﻌﺐ راﻛﺪاً.
ﺛﻢ ﺟﺎءت ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ ﺣﺠﺮاً أﻟﻘﻲ ﻓﻲ ﺑﺤﺮ اﻟﺮﻛﻮد اﻟﺸﻌﺒﻲ .واﻣﺘﻸت اﻟﻘﺮى واﻟﻜﻔﻮر واﻟﻌﺰب و اﻷﺣﯿﺎء ا اﻟﺸﻌﺒﯿﺔ،
ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﺪن ،ﺑﻤﻘﺎر ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ .ووﻗﻊ ﻛﻞ ﻣﺼﺮي ﺗﻘﺮﯾﺒﺎً ،أو ﺧﺘﻢ أو ﺑﺼﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ اﻟﻌﻀﻮﯾﺔ .وﻇﮭﺮت
ﻓﻲ اﻟﻘﺮى ﺻﻔﺎت ﯾﺘﻨﺎﻓﺲ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻨﺎس ﻏﯿﺮ اﻟﻌﻤﻮدﯾﺔ واﻟﻤﺸﯿﺨﺔ واﻟﺨﻔﺮ ﺗﻠﻚ ھﻲ ﺻﻔﺔ ” ﻋﻀﻮ ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ ”.
واﺣﺘﻔﻆ اﻷﻣﯿﻮن ﻓﻲ ﺟﯿﻮﺑﮭﻢ ﺑﻔﺨﺮ ﺷﺪﯾﺪ ،ﺑﺒﻄﺎﻗﺎت ﻋﻀﻮﯾﺔ ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ ﻗﺒﻞ أن ﯾﻌﺮﻓﻮا ﺑﻄﺎﻗﺎت إﺛﺒﺎت اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ
)اﻟﮭﻮﯾﺔ( .وﻟﻢ ﺗﺘﺮﻛﮭﻢ اﻟﺜﻮرة ﯾﻠﺘﻘﻄﻮن أﻧﻔﺎﺳﮭﻢ .ﻓﮭﻲ ﺗﺪﻋﻮھﻢ وﺗﺠﻤﻌﮭﻢ و “ ﺗﻠﻤﻠﻤﮭﻢ “ وﺗﺤﺸﺪھﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻣﻦ
أرض ﻣﺼﺮ وﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ،وﺣﺘﻰ ﺑﺪون ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ،ﻟﯿﺴﺘﻤﻌﻮا ﻓﻲ ﻓﻀﻮل وﻋﺠﺐ وإﻋﺠﺎب إﻟﻰ رﺟﺎل اﻟﺜﻮرة ﯾﺘﺤﺪﺛﻮن
إﻟﯿﮭﻢ أﺣﺎدﯾﺚ ﻃﻮﯾﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ واﻟﺤﺮﯾﺔ واﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وﻋﻦ ﻣﺼﺮ اﻟﺘﻲ ھﻲ ﻣﺼﺮھﻢ واﻟﺤﻜﻢ اﻟﺬي ھﻮ ﺣﻜﻤﮭﻢ
واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﺬي ھﻮ ﻣﺴﺘﻘﺒﻠﮭﻢ .وﺗﺸﮭﺮ أﻣﺎﻣﮭﻢ ﻋﻠﻨﺎ وﺑﺄﻗﺴﻰ اﻷﻟﻔﺎظ ﺑﺎﻟﻤﻠﻮك واﻷﻣﺮاء واﻟﺒﺎﺷﻮات واﻟﺒﺎﻛﻮات واﻟﺴﺎدة
اﻟﺬﯾﻦ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺨﻄﺮ ﺑﺒﺎل اﻟﻤﺴﺘﻤﻌﯿﻦ ﻗﻂ أﻧﮭﻢ ﻗﺎﺑﻠﻮن ﻷن ﯾﺸﮭﺮ ﺑﮭﻢ.
وﻗﺎﻣﺖ ھﯿﺌﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ ،ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﺛﻼث ﺳﻨﻮات ﺑﺪور اﻟﻤﺴﺤﺮاﺗﻲ اﻟﻠﺤﻮح ،ﺗﺼﺮخ وﺗﻐﻨﻲ وﺗﻄﺒﻞ ﻟﺘﻮﻗﻆ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ “
أﺣﻠﻰ ﻧﻮﻣﺔ “ ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﺼﺎﺋﻤﯿﻦ وﻏﯿﺮ اﻟﺼﺎﺋﻤﯿﻦ .
ھﻜﺬا ﺗﺪﻋﻢ اﻟﺮﺟﻌﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﯿﻤﻦ ...
ﯾﺎ ﺗﻮﻧﺲ اﻟﺨﻀﺮاء ..
ﻧﺰار ﻗﺒﺎﻧﻲ .
أﻧﺎ ﯾﺎ ﺻﺪﯾﻘﺔ ﻣﺘﻌﺐ ﺑﻌﺮوﺑﺘﻲ
ﻓﮭﻞ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻟﻌﻨﺔ وﻋﻘﺎب ؟
أﻣﺸﻲ ﻋﻠﻰ ورق اﻟﺨﺮﯾﻄﺔ ﺧﺎﺋﻔﺎ
ﻓﻌﻠﻰ اﻟﺨﺮﯾﻄﺔ ﻛﻠﻨﺎ أﻏﺮاب
أﺗﻜﻠﻢ اﻟﻔﺼﺤﻰ أﻣﺎم ﻋﺸﯿﺮﺗﻲ
وأﻋﯿﺪ ...ﻟﻜﻦ ﻣﺎ ھﻨﺎك ﺟﻮاب
ﻟﻮﻻ اﻟﻌﺒﺎءات اﻟﺘﻲ اﻟﺘﻔﻮا ﺑﮭﺎ
ﻣﺎ ﻛﻨﺖ أﺣﺴﺐ أﻧﮭﻢ أﻋﺮاب
ﯾﺘﻘﺎﺗﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﺑﻘﺎﯾﺎ ﺗﻤﺮة
ﻓﺨﻨﺎﺟﺮ ﻣﺮﻓﻮﻋﺔ وﺣﺮاب
ﻗﺒﻼﺗﮭﻢ ﻋﺮﺑﯿﺔ ...ﻣﻦ ذا رأى
ﻓﯿﻤﺎ رأى ﻗﺒﻼ ﻟﮭﺎ أﻧﯿﺎب
***
ﯾﺎ ﺗﻮﻧﺲ اﻟﺨﻀﺮاء ﻛﺄﺳﻲ ﻋﻠﻘﻢ
أﻋﻠﻰ اﻟﮭﺰﯾﻤﺔ ﺗﺸﺮب اﻷﻧﺨﺎب ؟
وﺧﺮﯾﻄﺔ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻓﻀﯿﺤﺔ
ﻓﺤﻮاﺟﺰ ...وﻣﺨﺎﻓﺮ ...وﻛﻼب
واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ....إﻣﺎ ﻧﻌﺠﺔ
ﻣﺬﺑﻮﺣﺔ أو ﺣﺎﻛﻢ ﻗﺼﺎب
واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﯾﺮھﻦ ﺳﯿﻔﮫ
ﻓﺤﻜﺎﯾﺔ اﻟﺸﺮف اﻟﺮﻓﯿﻊ ﺳﺮاب
واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﯾﺨﺰن ﻧﻔﻄﮫ
ﻓﻲ ﺧﺼﯿﺘﯿﮫ ...ورﺑﻚ اﻟﻮھﺎب
واﻟﻨﺎس ﻗﺒﻞ اﻟﻨﻔﻂ أو ﻣﻦ ﺑﻌﺪه
ﻣﺴﺘﻨﺰﻓﻮن ...ﻓﺴﺎدة ودواب
ﯾﺎ ﺗﻮﻧﺲ اﻟﺨﻀﺮاء ﻛﯿﻒ ﺧﻼﺻﻨﺎ ؟
ﻟﻢ ﯾﺒﻖ ﻣﻦ ﻛﺘﺐ اﻟﺴﻤﺎء ﻛﺘﺎب
ﻣﺎﺗﺖ ﺧﯿﻮل ﺑﻨﻲ أﻣﯿﺔ ﻛﻠﮭﺎ
ﺧﺠﻼ ...وﻇﻞ اﻟﺼﺮف و اﻹﻋﺮاب
ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺮاث ﺧﺮاﻓﺔ ﻛﺒﺮى ...
ﻓﻼ ﻋﻤﺮ ...وﻻ ﺧﻄﺎب
وﺑﯿﺎرق اﺑﻦ اﻟﻌﺎص ﺗﻤﺴﺢ دﻣﻌﮭﺎ
وﻋﺰﯾﺰ ﻣﺼﺮ ﺑﺎﻟﻔﺼﺎم ﻣﺼﺎب
ﻣﻦ ذا ﯾﺼﺪق أن ﻣﺼﺮ ﺗﮭﻮدت
ﻓﻤﻘﺎم ﺳﯿﺪﻧﺎ اﻟﺤﺴﯿﻦ ﯾﺒﺎب
ﻣﺎ ھﺬه ﻣﺼﺮ ...ﻓﺎن ﺻﻼﺗﮭﺎ
ﻋﺒﺮﯾﺔ ...و إﻣﺎﻣﮭﺎ ﻛﺬاب
ﻣﺎ ھﺬه ﻣﺼﺮ ...ﻓﺎن ﺳﻤﺎءھﺎ
ﺻﻐﺮت ...وان ﻧﺴﺎءھﺎ أﺳﻼب
إن ﺟﺎء ﻛﺎﻓﻮر ...ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﺣﺎﻛﻢ
ﻗﮭﺮ اﻟﺸﻌﻮب ...وﺗﺎﺟﮫ ﻗﺒﻘﺎب
***
ﺑﺤﺮﯾﺔ اﻟﻌﯿﻨﯿﻦ ...ﯾﺎ ﻗﺮﻃﺎﺟﺔ
ﺷﺎخ اﻟﺰﻣﺎن ...وأﻧﺖ ﺑﻌﺪ ﺷﺒﺎب
ھﻞ ﻟﻲ ﺑﻌﺮض اﻟﺒﺤﺮ ﻧﺼﻒ ﺟﺰﯾﺮة ؟
أم أن ﺣﺒﻲ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺳﺮاب
أﻧﺎ ﻣﺘﻌﺐ ...ودﻓﺎﺗﺮي ﺗﻌﺒﺖ ﻣﻌﻲ
ھﻞ ﻟﻠﺪﻓﺎﺗﺮ ﯾﺎ ﺗﺮى أﻋﺼﺎب ؟
ﺣﺰﻧﻲ ﺑﻨﻔﺴﺠﺔ ﯾﺒﻠﻠﮭﺎ اﻟﻨﺪى
وﺿﻔﺎف ﺟﺮﺣﻲ روﺿﺔ ﻣﻌﺸﺎب
ﻻ ﺗﻌﺪﻟﯿﻨﻲ إن ﻛﺸﻔﺖ ﻣﻮاﺟﻌﻲ
وﺟﮫ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻣﺎ ﻋﻠﯿﮫ ﻧﻘﺎب
إن اﻟﺠﻨﻮن وراء ﻧﺼﻒ ﻗﺼﺎﺋﺪي
أوﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻨﻮن ﺻﻮاب ؟!
ﻓﺘﺤﻤﻠﻲ ﻏﻀﺒﻲ اﻟﺠﻤﯿﻞ ﻓﺮﺑﻤﺎ
ﺛﺎرت ﻋﻠﻰ أﻣﺮ اﻟﺴﻤﺎء ھﻀﺎب
ﻓﺈذا ﺻﺮﺧﺖ ﺑﻮﺟﮫ ﻣﻦ أﺣﺒﺒﺘﮭﻢ
ﻓﻠﻜﻲ ﯾﻌﯿﺶ اﻟﺤﺐ و اﻷﺣﺒﺎب
و إذا ﻗﺴﻮت ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻣﺮة
ﻓﻠﻘﺪ ﺗﻀﯿﻖ ﺑﻜﺤﻠﮭﺎ اﻷھﺪاب
ﻓﻠﺮﺑﻤﺎ ﺗﺠﺪ اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ
وﯾﻀﻲء ﻓﻲ ﻗﻠﺐ اﻟﻈﻼم ﺷﮭﺎب
وﻟﻘﺪ ﺗﻄﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎل ﺣﻤﺎﻣﺔ
وﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎءة ﺗﻄﻠﻊ اﻷﻋﺸﺎب
ﻗﺮﻃﺎﺟﺔ ...ﻗﺮﻃﺎﺟﺔ ...ﻗﺮﻃﺎﺟﺔ
ھﻞ ﻟﻲ ﻟﺼﺪرك رﺟﻌﺔ و ﻣﺘﺎب ؟
ﻻ ﺗﻐﻀﺒﻲ ﻣﻨﻲ ...إذا ﻏﻠﺐ اﻟﮭﻮى
إن اﻟﮭﻮى ﻓﻲ ﻃﺒﻌﮫ ﻏﻼب
ﻓﺬﻧﻮب ﺷﻌﺮي ﻛﻠﮭﺎ ﻣﻐﻔﻮرة
واﷲ -ﺟﻞ ﺟﻼﻟﮫ – اﻟﺘﻮاب ..
ﺧﺪاع اﻟﺸﻌﻮب ﺑﺘﻮﺻﯿﻒٍ ﻣُﺰﯾّﻒ ﻟﻠﺤﺮوب .
ﺻﺒﺤﻲ ﻏﻨﺪور.
اﺧﺘﺎر اﻷوروﺑﯿﻮن اﻟﺬﯾﻦ ﻗﺎﻣﻮا ﺑﺤﻤﻼتٍ ﻋﺴﻜﺮﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﻼد اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻣﻦ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن اﻟﺤﺎدي ﻋﺸﺮ ﺣﺘّﻰ اﻟﺜﻠﺚ
اﻷﺧﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻋﺸﺮ ،اﺳﻢ " اﻟﺤﻤﻼت اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﺔ " ﻛﺘﻮﺻﯿﻒ ﻟﺤﺮوﺑﮭﻢ اﻟﺘﻮﺳّﻌﯿﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﺒﺮﯾﺮھﺎ أﻣﺎم
ﺷﻌﻮﺑﮭﻢ ﺑﺎﻻدّﻋﺎء أﻧّﮭﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﻘﺪس ،ﻣﮭﺪ اﻟﺴﯿﺪ اﻟﻤﺴﯿﺢ ﻋﻠﯿﮫ اﻟﺴﻼم .وأدرك اﻟﻌﺮب آﻧﺬاك ﺑﻄﻼن ھﺬا
اﻟﺘﺒﺮﯾﺮ اﻷوروﺑﻲ ﻓﺄﻃﻠﻘﻮا ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﺤﻤﻼت اﺳﻢ "ﺣﺮوب اﻷﻓﺮﻧﺠﺔ " ،ﺧﺎﺻّﺔً أنّ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﻋﺮﺑﯿﺔ ﻣﺴﯿﺤﯿﺔ ﻋﺪﯾﺪة ﻗﺎﺗﻠﺖ
ﺿﺪّ اﻟﻐﺎزﯾﻦ اﻷﻓﺮﻧﺞ إﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ اﻟﻌﺮب .
ھﻜﺬا أﯾﻀﺎً ﺟﺮى ﺧﺪاع ﺷﻌﻮبٍ ﻋﺪﯾﺪة ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻞ زﻣﻨﯿﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﺒﺮﯾﺮ ﺣﺮوب ﻛﺜﯿﺮة أﺧﺮى ﺟﺮت ﻋﻠﻰ ﻣﺪار
اﻟﺘﺎرﯾﺦ ،ﺣﯿﺚ اﺑﺘﺪع ﻟﮭﺎ أﺳﻤﺎء وﺻﻔﺎت ﻻ ﺗُﻌﺒّﺮ ﻋﻦ ﺣﻘﯿﻘﺔ أھﺪاف ھﺬه اﻟﺤﺮوب .أﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺣﺮب إدارة ﺑﻮش ﻋﻠﻰ
اﻟﻌﺮاق ﺗﺤﺖ اﺳﻢ " اﻟﺤﺮب ﻋﻠﻰ اﻹرھﺎب "؟! ﺛﻢّ أﻟﻢ ﯾُﺸﻮّه اﻷوروﺑﯿﻮن ﻣﻌﻨﻰ ﻛﻠﻤﺔ " اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر" ﻓﺎﺳﺘﺨﺪﻣﻮھﺎ ﻟﺘﺒﺮﯾﺮ
اﺣﺘﻼﻟﮭﻢ ﻟﺒﻠﺪان ﻋﺪﯾﺪة ﻓﻲ آﺳﯿﺎ وإﻓﺮﯾﻘﯿﺎ ؟ ! وأﻟﻢ ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ أﯾﻀﺎً اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﯿﺔ ﺑﺎﺳﺘﻐﻼل اﺳﻢ "إﺳﺮاﺋﯿﻞ" ﻟﺘﺒﺮﯾﺮ
ﻣﺸﺮوﻋﮭﺎ اﻹﺳﺘﯿﻄﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ أرض ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ؟!.
وﻟﻌﻞّ أﺧﻄﺮ اﻟﺘﻮﺻﯿﻔﺎت ﻟﻠﺤﺮوب واﻟﺼﺮاﻋﺎت ﯾﺤﺪث ﺣﯿﻨﻤﺎ ﯾﺤﺼﻞ اﺳﺘﻐﻼل أﺳﻤﺎء دﯾﻨﯿﺔ وﻣﺬھﺒﯿﺔ ﻟﻮﺻﻒ ﺣﺮوب
وﻧﺰاﻋﺎت ھﻲ ﺑﻮاﻗﻌﮭﺎ وأھﺪاﻓﮭﺎ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ﻣﺤﻀﺔ ،وھﺬا ﻣﺎ ﯾﺠﺮي ﻋﺎدةً ﻓﻲ اﻟﺤﺮوب اﻷھﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﺴﺨّﺮ ﻓﯿﮭﺎ ﻛﻞ
اﻷﺳﻠﺤﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﺳﻼح اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ .ﻓﺎﻟﺤﺮب اﻷھﻠﯿﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأت ﻓﻲ اﻟﻌﺎم 1975ﺑﺴﺒﺐ ﺧﻼف ﺑﯿﻦ
اﻟﻘﻮى اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿﺔ ﺣﻮل ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ اﻟﻤﺴﻠّﺢ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن ﺗﺤﻮّﻟﺖ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ إﻟﻰ "ﺣﺮب ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ
واﻟﻤﺴﯿﺤﯿﯿﻦ"!!.
وﻟﻨﺘﺨﯿّﻞ ﻟﻮ ﺟﺮى اﻋﺘﺒﺎر اﻟﺼﺮاﻋﺎت واﻟﺤﺮوب اﻟﺘﻲ ﺣﺼﻠﺖ ﺑﯿﻦ اﻟﮭﻨﺪ وﺑﺎﻛﺴﺘﺎن أﻧّﮭﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ واﻟﮭﻨﺪوس
ﺗﺴﺘﻮﺟﺐ اﻟﺼﺮاﻋﺎت ﺑﯿﻦ اﻟﻄﺮﻓﯿﻦ ﺣﯿﺜﻤﺎ ﯾﺘﻮاﺟﺪان ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ! أو ﻟﻮ ﺗﻢّ ﺗﻮﺻﯿﻒ اﻟﺤﺮب ﺑﯿﻦ اﻹﻧﺠﻠﯿﺰ واﻷﯾﺮﻟﻨﺪﯾﯿﻦ
اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﯿﻦ ﺑﺄﻧّﮭﺎ ﺣﺮب ﺑﯿﻦ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﯿﻚ واﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ ﺗﻔﺮض اﻟﺼﺮاع ﺑﯿﻦ اﻟﻄﺎﺋﻔﺘﯿﻦ ﻓﻲ ﻛﻞّ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻤﺴﯿﺤﻲ !!.
ﻃﺒﻌﺎً ﻣﺎ ﻛﺎن ﻏﺎﺋﺒﺎً ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺼﺮاﻋﺎت اﻟﻤﺸﺎر إﻟﯿﮭﺎ ھﻮ وﺟﻮد " اﻟﻄﺮف اﻟﺜﺎﻟﺚ " ،اﻟﺬي ﯾﻜﻮن ﻟﮫ ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻓﻲ
ﺗﺼﻌﯿﺪ وﺗﻮﺳﯿﻊ داﺋﺮة اﻟﺼﺮاﻋﺎت وﺗﺄﺟﯿﺞ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻻﻧﻘﺴﺎﻣﯿﺔ ﺑﺸﺄﻧﮭﺎ ،وھﻮ اﻟﻤﻮﺟﻮد ﻟﻸﺳﻒ ﺣﺎﻟﯿﺎً ﻓﻲ ﻛﻞّ اﻟﺼﺮاﻋﺎت
واﻟﺤﺮوب اﻟﻤﺤﻠّﯿﺔ اﻟﺠﺎرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ .وھﺬا " اﻟﻄﺮف اﻟﺜﺎﻟﺚ" اﻟﺤﺎﺿﺮ ﻓﻲ اﻷزﻣﺎت اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ھﻮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ
اﻟﺠﮭﺎت اﻹﻗﻠﯿﻤﯿﺔ واﻟﺪوﻟﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﺘﺒﺎﯾﻦ ﻣﺼﺎﻟﺤﮭﺎ ،ﻟﻜﻨّﮭﺎ ﺗﺘّﻔﻖ ﻋﻠﻰ ھﺪف ﺟﻌﻞ اﻷزﻣﺎت اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺗﺄﺧﺬ أﺑﻌﺎداً ﻃﺎﺋﻔﯿﺔ
وﻣﺬھﺒﯿﺔ وإﺛﻨﯿﺔ .ﻓﺼﺤﯿﺢٌ أنّ ھﻨﺎك ﺧﻼﻓﺎتٍ ﻋﺪﯾﺪة ﺑﯿﻦ إﯾﺮان وﺑﻌﺾ دول اﻟﺨﻠﯿﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻟﻜﻦ ﻣﺎ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
واﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻣﻦ ﺗﻮﺻﯿﻒ ھﺬه اﻟﺨﻼﻓﺎت ﺑﺄﺳﻤﺎء ﻣﺬھﺒﯿﺔ أو ﻗﻮﻣﯿﺔ ؟! وﻟﻤﺎذا ﯾﺤﺮص اﻟﺒﻌﺾ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮل إنّ اﻟﺼﺮاع ﻣﻊ
"إﺳﺮاﺋﯿﻞ " ﻟﯿﺲ ﺑﺼﺮاعٍ دﯾﻨﻲ ﺑﯿﻨﻤﺎ ﯾﺘﻢّ اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺘﻮﺻﯿﻔﺎت اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ واﻟﻤﺬھﺒﯿﺔ ﻓﻲ ﺻﺮاﻋﺎتٍ ﻣﻊ أﻃﺮاف أﺧﺮى؟!.
وﯾﺴﻌﻰ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻌﺮب واﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻟﻨﺰع اﻟﺼﻔﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻋﻦ ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻄﺮّف واﻹرھﺎب ،ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻻ ﯾﺠﺪون
ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ ﺗﻌﻤﯿﻢ اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﺔ أواﻟﻤﺬھﺒﯿﺔ ﻋﻠﻰ أي ﺧﻼف ﻣﻊ ﻓﺮﯾﻖ ﺳﯿﺎﺳﻲ ﻣﺤﻠّﻲ أو ﺑﻠﺪ ﻋﺮﺑﻲ أو إﺳﻼﻣﻲ
ﻣﺠﺎور.
إنّ اﻟﻤﺨﺎﻃﺮ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺣﺎﻟﯿﺎً ھﻲ ﻟﯿﺴﺖ ﻋﻠﻰ أﺗﺒﺎع ھﺬا اﻟﺪﯾﻦ أو ذاك اﻟﻤﺬھﺐ ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ھﻲ أﺧﻄﺎر ﻣﺤﺪﻗﺔ ﺑﺤﻖّ اﻷوﻃﺎن
ﻛﻠّﮭﺎ ،ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺸﻌﻮب واﻟﺤﻜﻮﻣﺎت واﻟﻤﻜﻮّﻧﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﯿﮭﺎ .ﻓﻀﺤﺎﯾﺎ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺴﻠّﺢ اﻟﺠﺎري اﻵن ﻋﺮﺑﯿﺎً ،ﻣﻦ أيﱢ
ﺟﮭﺔٍ ﻛﺎن ﻣﺼﺪر ھﺬا اﻟﻌﻨﻒ ،ھﻢ ﻣﻦ أوﻃﺎن وﻣﻨﺎﻃﻖ وأدﯾﺎن وﻣﺬاھﺐ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ .
إنّ ﺗﻨﻈﯿﻢ "داﻋﺶ" ﻣﺜﻼً ،ﯾﻨﺘﻌﺶ وﯾﺴﺘﻔﯿﺪ ﻣﻦ ھﺬ اﻟﺘﻮﺻﯿﻔﺎت اﻟﻤﺬھﺒﯿﺔ ﻟﺼﺮاﻋﺎت ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ﻣﺤﻠّﯿﺔ أو إﻗﻠﯿﻤﯿﺔ ،ﺣﺘّﻰ
ﻣﻦ ﻗِﺒَﻞ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﯾﺘﺤﺪّﺛﻮن ﺿﺪّه ﺷﻜﻼً وﯾﺪﻋﻤﻮن ﺿﻤﻨﺎً ـ وﻟﻮ ﻋﻦ ﻏﯿﺮ ﻗﺼﺪ -ﻣﺒﺮّرات وﺟﻮده ﺣﯿﻨﻤﺎ ﯾﺘّﺠﮭﻮن ﺑﺤﺪﯾﺜﮭﻢ
إﻟﻰ "ﻋﺪوّھﻢ" اﻵﺧﺮ ،وھﻮ ھﻨﺎ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻣﻦ ﻃﺎﺋﻔﺔ أﺧﺮى أو ﻣﺬھﺐ آﺧﺮ أو ﻣﻦ دوﻟﺔ أﺧﺮى .ﻓﻜﺜﯿﺮٌ ﻣﻤّﻦ ﯾﻈﮭﺮون اﻵن
ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻀﺎﺋﯿﺎت اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﯾﺒﺪأون ﺣﺪﯾﺜﮭﻢ ﺿﺪّ "داﻋﺶ" ،ﻟﻜﻨّﮭﻢ ﻓﻮراً ﯾﻨﺘﻘﻠﻮن إﻟﻰ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ " اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﺔ
واﻟﻤﺬھﺒﯿﺔ " ،وﻋﻦ وﺟﻮد " اﻟﺨﻄﺮ اﻵﺧﺮ" ﻓﻲ داﺧﻞ اﻟﻮﻃﻦ أو ﻣﻦ دوﻟﺔ ﻣﺠﺎورة ،ﻣﻤّﺎ ﯾﺴﺎھﻢ ﻓﻲ إﻋﻄﺎء اﻷﻋﺬار
ﻟﻮﺟﻮد " داﻋﺶ" وﻟﻤﻤﺎرﺳﺎﺗﮭﺎ ﺑﺎﺳﻢ اﻹﺳﻼم ،اﻟﺬي ھﻮ ﻛﺪﯾﻦ ﺑﺮا ٌء ﻣﻦ ﻓﻜﺮ ھﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت وأﺳﺎﻟﯿﺒﮭﺎ .
ن ھﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻷﺣﺎدﯾﺚ اﻟﻄﺎﺋﻔﯿﺔ واﻟﻤﺬھﺒﯿﺔ ﯾﺰﯾﺪ اﻵن اﻟﺸﺮوخ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ واﻟﻮﻃﻨﯿﺔ وﻻ ﯾﺒﻨﻲ ﺳﺪوداً ﻣﻨﯿﻌﺔ أﻣﺎم
ﻃﺒﻌﺎً ،ﻓﺈ ّ
ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻄﺮّف ،ﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ،ﯾﺮﻓﺪھﺎ ﺑﻤﺰﯾﺪٍ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﯾّﺪﯾﻦ .ﻓﺎﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ ﻣﻊ ﺟﻤﺎﻋﺎت " اﻟﺘﻄﺮّف اﻟﻌﻨﻔﻲ " ﺗﺤﺘﺎج
اﻵن إﻟﻰ وﻗﻒ ﻛﻞ اﻟﺼﺮاﻋﺎت واﻟﺨﻼﻓﺎت داﺧﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،وإﻟﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ أﻗﺼﻰ
درﺟﺎت اﻟﺘﻮاﻓﻖ اﻟﻮﻃﻨﻲ واﻟﺪﯾﻨﻲ ﺣﺘّﻰ ﯾﻤﻜﻦ ﻣﺤﺎﺻﺮة ھﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت وﺗﺠﻔﯿﻒ ﻛﻞ ﻣﻨﺎﺑﻊ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﻤﺎدي واﻟﺒﺸﺮي ﻟﮭﺎ .
ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ ،ﻣﺎ زال اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻵراء ﯾُﺤﻤّﻞ اﻹﺳﻼم ﻛﺪﯾﻦ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ وﺟﻮد ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻄﺮّف اﻟﻌﻨﻔﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ
ﺑﺄﺳﻤﺎء ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ؛ ﻣﻨﮭﺎ " اﻟﻘﺎﻋﺪة " اﻟﻤﻨﺘﺸﺮة ﻋﺎﻟﻤﯿﺎً ،و" ﺑﻮﻛﻮ ﺣﺮام " ﻓﻲ ﻧﯿﺠﯿﺮﯾﺎ ،وﺣﺮﻛﺔ " اﻟﺸﺒﺎب " ﻓﻲ
اﻟﺼﻮﻣﺎل ،وﺻﻮﻻً اﻵن إﻟﻰ ﺟﻤﺎﻋﺎت "داﻋﺶ" ،وﻏﯿﺮھﺎ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺗﺤﺖ راﯾﺎت " إﺳﻼﻣﯿﺔ " ﻓﻲ آﺳﯿﺎ
وإﻓﺮﯾﻘﯿﺎ ،وﺑﻌﻀﮭﺎ ﯾﺘﺤﺮّك ﻓﻲ ﻧﻄﺎق ﻣﺤﻠّﻲ ﻓﻘﻂ ،ﻟﻜﻦ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ﻟﮫ اﻣﺘﺪادات دوﻟﯿﺔ ﺗﺼﻞ إﻟﻰ أﻣﺎﻛﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ "
اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ" ،وﻓﻲ اﻟﻘﺎرّﺗﯿﻦ اﻷوروﺑﯿﺔ واﻷﻣﯿﺮﻛﯿﺔ .
إذن ،ﺧﻄﺮ ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻄﺮّف اﻟﻌﻨﻔﻲ ﺑﺄﺳﻤﺎء "إﺳﻼﻣﯿﺔ" ﻣﻮﺟﻮدٌ ﻓﻌﻼً وﻻ ﻣﺠﺎل ﻟﻨﻜﺮاﻧﮫ ،وﻻ ﯾﺼﺢّ اﻟﻘﻮل ﻓﻘﻂ إنّ ھﺬه
اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ھﻲ " ﺻﻨﺎﻋﺔ ﺧﺎرﺟﯿﺔ " ﯾﺘﻢّ اﻵن ﺗﻮﻇﯿﻔﮭﺎ .ﻓﺎﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻷﺳﺎس ھﻲ ﺑﻮﺟﻮد ﺑﯿﺌﺔ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻟﻨﻤﻮّ ﻣﺜﻞ ھﺬه
اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،ﺑﻐﺾّ اﻟﻨّﻈﺮ ﻋﻤّﻦ ﯾﺒﺪأ ﺑﺎﻟﺰرع وﻋﻤّﻦ ﯾﺤﺼﺪ " اﻟﺜﻤﺮات " ﻻﺣﻘﺎً .ﻓﻠﻮ ﻛﺎﻧﺖ
" اﻟﺘﺮﺑﺔ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ " ﻟﮭﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﻗﺎﺣﻠﺔ وﯾﺎﺑﺴﺔ وﻏﯿﺮ ﻣﺮوﯾّﺔ ﻣﺤﻠّﯿﺎً ،ﻟﻤﺎ أﻣﻜﻦ ﻷيّ زرعٍ ﺧﺎرﺟﻲ أن ﯾﻨﺠﺢ أو أن
ﯾﺤﺼﺪ ﺛﻤﺎر ﺷﺮّ ﻣﺎ ﯾﺰرع !.
وﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﻨﺎك ﻓﺮاغ ﻓﻜﺮي ﻟﻠﻤﻔﮭﻮم اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻟﻠﺪﯾﻦ وﻟﻠﻤﻮاﻃﻨﺔ ﻟﻤﺎ أﻣﻜﻦ اﺳﺘﻘﻄﺎب ھﺬا اﻟﺤﺠﻢ ﻣﻦ أﺗﺒﺎع ھﺬه
.
اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت
ﻓﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻣﮭﺪّدةٌ اﻵن ﺑﻤﺸﺮوﻋﯿﻦ ﯾﺨﺪﻣﺎن ﺑﻌﻀﮭﻤﺎ اﻟﺒﻌﺾ :ﻣﺸﺮوع اﻟﺘﺪوﯾﻞ اﻟﻐﺮﺑﻲ ﻷزﻣﺎت ﻋﺮﺑﯿﺔ داﺧﻠﯿﺔ،
ﺛﻢّ ﻣﺸﺮوع اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﻲ ﻷوﻃﺎن وﺷﻌﻮب اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ .وﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﮫ ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻄﺮّف اﻟﺪﯾﻨﻲ اﻟﻌﻨﻔﻲ ﯾﺴﺎھﻢ ﺑﺘﺤﻘﯿﻖ
اﻟﻤﺸﺮوﻋﯿﻦ ﻣﻌﺎً ﻓﻲ ﻇﻞّ ﻏﯿﺎب اﻟﻤﺸﺎرﯾﻊ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺘﻮﺣﯿﺪﯾﺔ .
إنّ إﻋﻼن وﺟﻮد " اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ" ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق وﺳﻮرﯾﺎ ھﻮ ﻣﻘﺪّﻣﺔ ﻋﻤﻠﯿﺔ ﻹﻧﺸﺎء دوﯾﻼت دﯾﻨﯿﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،
ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻣﻦ ﺗﻘﺴﯿﻢ ﻟﻠﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺑﻌﺪ اﺗﻔﺎﻗﯿﺔ ﺳﺎﯾﻜﺲ -ﺑﯿﻜﻮ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻣﻤّﺎ ﺳﯿﺪﻓﻊ ھﺬه اﻟﺪوﯾﻼت ،
ﻓﻲ ﺣﺎل ﻗﯿﺎﻣﮭﺎ ،إﻟﻰ اﻟﺼﺮاع ﻣﻊ ﺑﻌﻀﮭﺎ اﻟﺒﻌﺾ ،وإﻟﻰ اﻻﺳﺘﻨﺠﺎد ﺑﺎﻟﺨﺎرج ﻟﻨﺼﺮة دوﯾﻠﺔ ﻋﻠﻰ أﺧﺮى ،وإﻟﻰ إﻗﺎﻣﺔ
ﺗﺤﺎﻟﻔﺎت ﻣﻊ إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﻧﻔﺴﮭﺎ ،ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ أﯾﻀﺎً ﺧﻼل ﻓﺘﺮة اﻟﺤﺮب اﻷھﻠﯿﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿﺔ.
ﻟﻜﻦ ﻟﯿﺲ اﻟﺘﻄﺮّف ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﯾﻦ ھﻮ اﻟﻤﺴﺘﻔﯿﺪ اﻷوﺣﺪ ﻣﻦ ﺗﺸﻮﯾﮫ ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻟﺼﺮاﻋﺎت واﻟﺤﺮوب ،ﺑﻞ إنّ اﻟﻤﺴﺘﻔﯿﺪ اﻷوّل
ﻣﻨﮭﺎ ھﻮ اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﻲ اﻟﺘﻘﺴﯿﻤﻲ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،واﻟﺬي ﻛﺎن ﺣﺎﺿﺮاً ﺑﻘﻮّة ﻓﻲ اﻟﺤﺮب اﻷھﻠﯿﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿﺔ
وﺑﺈﻋﻼن " دوﻟﺔ ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺤﺮ" ﻋﺎم ،1978وﺑﺎﻟﺘﺸﺠﯿﻊ ﻋﻠﻰ "ﺣﺮب اﻟﺠﺒﻞ" ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ،1983وﻓﻲ دﻋﻢ اﻟﺠﻨﻮﺑﯿﯿﻦ
اﻟﺴﻮداﻧﯿﯿﻦ ﻟﻼﻧﻔﺼﺎل ﻋﻦ اﻟﺸﻤﺎل ،وﻓﻲ ﻣﺴﺎﻧﺪة ﻣﺸﺮوع اﻧﻔﺼﺎل اﻟﺸﻤﺎل اﻟﻜﺮدي ﻋﻦ اﻟﻌﺮاق ،وﻓﻲ ﺣﺚّ ﺻُﻨّﺎع اﻟﻘﺮار
اﻷﻣﯿﺮﻛﻲ ﻋﻠﻰ ﻏﺰو اﻟﻌﺮاق ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ،2003وﻓﻲ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺤﺎﺻﻞ اﻵن ﻟﺒﻌﺾ ﻗﻮى اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ اﻟﺴﻮرﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪود
ﻣﻊ ﺳﻮرﯾﺎ ،وﻓﻲ اﻟﺪﻋﻮة ﻟﺘﺸﻜﯿﻞ ﺟﺒﮭﺔ ﻋﺮﺑﯿﺔ – إﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺿﺪّ إﯾﺮان ،ﻛﻤﺎ ردّد ﻧﺘﻨﯿﺎھﻮ ذﻟﻚ ﻣﺮّاتٍ ﻋﺪّة ﺧﻼل
اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ .
ﻚ أﺣﺪٌ ﺑﻤﺼﻠﺤﺔ إﺳﺮاﺋﯿﻞ ودورھﺎ ﻓﻲ ﻧﻤﻮّ ﺟﻤﺎﻋﺎت اﻟﺘﻄﺮّف اﻟﺪﯾﻨﻲ وﻓﻲ وﺟﻮد دوﻟﺔ "داﻋﺶ" ؟! وأﯾﻦ
ﻓﮭﻞ ﯾﺸ ّ
اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ واﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﺼﺮاﻋﺎت واﻟﺨﻼﻓﺎت اﻟﻔﺮﻋﯿﺔ أﻣﺎم ھﺬا اﻟﺨﻄﺮ اﻟﻤﺤﺪق اﻵن ﺑﺎﻟﺠﻤﯿﻊ ؟!.
وإذا ﻟﻢ ﯾﺴﺘﻄﻊ اﻟﻌﺮب وﻗﻒ ﺧﻄﺎﯾﺎ ﺣﺮوﺑﮭﻢ وﺻﺮاﻋﺎﺗﮭﻢ اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ ،ﻓﻠﯿﺤﺴﻨﻮا ﻋﻠﻰ اﻷﻗﻞ ﺗﻮﺻﯿﻒ ھﺬه اﻟﺼﺮاﻋﺎت ﺣﺘّﻰ
ﻻ ﯾﺨﺪﻣﻮا ﻋﺪوّھﻢ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ وأﻓﺮﻋﺘﮫ اﻟﺪوﻟﯿﺔ واﻟﻤﺤﻠّﯿﺔ!.
ﻣﺎ ﻋﻨﺪﻛﺶ ﺣﻞ
ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ..؟؟
اﺟﺒﺪ روﺣﻚ ...
وﺧﻠﻲ اﻻوﻟﯿﺎء ..
ﺣﺴﻨﺎً ،ﻟﻘﺪ ُدﻣﱢﺮت اﻟﯿﻤﻦ ﻓﻤﺎذا ﺑﻌﺪ ..؟! -ﻃﻼل ﺳﻠﻤﺎن .
ﻧﺤﻦ ،إذن ،أﻣﺎم ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺳﻌﻮدﯾﺔ ﺟﺪﯾﺪة وﻟّﺪھﺎ »اﻻﻧﻘﻼب« اﻟﺬي راﻓﻖ اﻧﺘﻘﺎل اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺮاﺣﻞ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ
اﻟﻌﺰﯾﺰ … إﻟﻰ اﻟﻤﻠﻚ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ..
وإذا ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ دﺧﻮل » ﺑﯿﺖ اﻟﺴﺮ« ﻓﻲ ﻣﻤﻠﻜﺔ اﻟﺼﻤﺖ ﻓﺈن ﻣﺴﻠﺴﻞ اﻟﻘﺮارات واﻹﺟﺮاءات واﻟﺘﺼﺮﻓﺎت اﻟﺘﻲ
ﺻﺪرت ﻋﻦ » اﻟﻌﮭﺪ اﻟﺠﺪﯾﺪ« وأﺧﻄﺮھﺎ اﻟﺤﺮب ﻋﻠﻰ اﻟﯿﻤﻦ ،ﺗﺪل أﻧﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻌﺪّة ﻣﻦ ﻗﺒﻞ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟﺬﯾﻦ ﺗﻮﻟﻮا ﺳﺪّة
اﻟﺤﻜﻢ ﻗﺪ ﺑﺎﺷﺮوا ﺗﻨﻔﯿﺬھﺎ ﻓﻮراً وﺑﺴﺮﻋﺔ ﻗﯿﺎﺳﯿﺔ وﺑﻤﻨﮭﺞ اﻧﻘﻼﺑﻲ ﻛﺎن ﺟﺎھﺰاً ﯾﻨﺘﻈﺮ إﻋﻼن وﻓﺎة اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺮاﺣﻞ ﻟﻄﻲ
اﻟﺼﻔﺤﺔ وﻣﺒﺎﺷﺮة »ﻋﮭﺪھﻢ اﻟﺠﺪﯾﺪ « .
ﺑﻌﺪ اﻟﻘﺮارات اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺒﯿﺖ اﻟﺤﻜﻢ ،أي » اﻟﺴﺪﯾﺮﯾﯿﻦ« اﻟﺬﯾﻦ اﻧﺪﻓﻌﻮا ﯾﺸﻐﻠﻮن ﻣﺮﻛﺰ اﻟﻘﺮار ،ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎﻻت اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ
واﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻟﻌﺴﻜﺮﯾﺔ واﻟﺪﻋﻮﯾﺔ ) أي اﻟﻮھﺎﺑﯿﺔ ورﺟﺎﻟﮭﺎ اﻟﻌﺘﺎة ﻓﻲ ﺗﻄﺮﻓﮭﻢ ( ،ﺑﺎﺷﺮ اﻟﻌﮭﺪ اﻟﺠﺪﯾﺪ » ﺿﺒﻂ « ﻣﺠﻠﺲ
اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﯿﺠﻲ :
ھﻜﺬا ﺗﻢّ » ﺗﺄدﯾﺐ« ﻗﻄﺮ وإﻟﺰاﻣﮭﺎ ﺑﺎﺣﺘﺮام اﻟﺘﺮاﺗﺒﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺠﻢ واﻟﻘﺪرات ﺳﻮاء ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻣﻦ ﺛﻢ اﻟﺪوﻟﻲ :
»اذھﺒﻮا ﻓﺎﺷﺘﺮوا اﻟﻘﺼﻮر واﻟﻘﻼع اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ واﻟﻔﻨﺎدق ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺑﺎرﯾﺲ وﻟﻨﺪن وﻧﯿﻮﯾﻮرك ،وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺒﻨﻮك وﺷﺮﻛﺎت
اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ،واﻛﻤﻠﻮا ﺳﯿﻄﺮﺗﻜﻢ ﻋﻠﻰ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ،ﻋﺮﺑﯿﺎً ﺑﺎﻷﺳﺎس ﺛﻢ دوﻟﯿﺎً ،وﻟﻜﻦ ...ﻻ ﺗﻨﺴﻮا ﻟﺤﻈﺔ أن اﻟﻘﺮار ھﻨﺎ
ﻓﻲ اﻟﺮﯾﺎض « .
أﻣﺎ ﺳﺎﺋﺮ أﻋﻀﺎء ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺘﻌﺎون اﻟﺨﻠﯿﺠﻲ ﻓﻘﺪ اﻧﻀﺒﻄﻮا واﻟﺘﺰﻣﻮا ..
ﺛﻢ ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ اﻟﯿﻤﻦ ،وﻟﻮ ﺗﻌﺎﻇﻤﺖ اﻟﻤﻐﺎﻣﺮة :اﻟﺬرﯾﻌﺔ ﺟﺎھﺰة وﯾﻤﻜﻦ اﻟﻨﻔﺦ ﻓﻲ ﺧﻄﻮرة اﻻﺟﺘﯿﺎح اﻹﯾﺮاﻧﻲ واﻟﺘﺸﮭﯿﺮ
ﺑﺎﻟﺤﻮﺛﯿﯿﻦ )واﻟﺘﺴﻤﯿﺔ ﺗﺘﻘﺼّﺪ ﺗﺠﻨّﺐ اﺳﺘﻨﻔﺎر اﻟﺰﯾﻮد ﺟﻤﯿﻌﺎً ،وﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻋﺰل ﺗﻨﻈﯿﻢ »أﻧﺼﺎر اﷲ« ﺑﺠﻌﻠﮫ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻋﺎﺋﻠﯿﺔ(،
ﺛﻢ اﺳﺘﻤﺎﻟﺔ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺨﻠﻮﻋﯿﻦ ﻋﻦ ﺳﺪة اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب )أﯾﺎم ﻛﺎن دوﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﯿﻤﻦ( ،ﻓﻀﻼً ﻋﻦ اﺳﺘﺜﺎرة
ﻋﻤﻮم اﻟﺠﻨﻮﺑﯿﯿﻦ ﻣﻤّﻦ ﻟﻢ ﯾﺴﻠﻤﻮا ﺑﺎﺳﺘﺘﺒﺎﻋﮭﻢ ﻟﻠﺸﻤﺎﻟﯿﯿﻦ ﻓﻲ ﺻﻨﻌﺎء ،ﻣﻊ اﺳﺘﻤﺎﻟﺔ »اﻹﺧﻮان اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ« وﺑﻌﺾ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
اﻟﻤﺴﺘﻌﺪة ﻟﻨﻘﻞ اﻟﺴﻼح ﻣﻦ ﻛﺘﻒ إﻟﻰ آﺧﺮ ﺑﺎﻟﺜﻤﻦ .ﻣﻊ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ »اﻟﺨﻼﯾﺎ اﻟﻨﺎﺋﻤﺔ« اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻨﺘﻈﺮ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮك.
وﻟﻘﺪ ﺗﻢّ اﺧﺘﯿﺎر »ﺳﺎﻋﺔ اﻟﺼﻔﺮ« ﺑﺪﻗﺔ :ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻊ اﻹﻋﻼن ﻋﻦ اﻻﺗﻔﺎق اﻟﻤﺒﺪﺋﻲ ﺑﯿﻦ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ) 1+5ﺑﺎﻟﻘﯿﺎدة
اﻷﻣﯿﺮﻛﯿﺔ( وإﯾﺮان ﺣﻮل ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻘﻀﺎﯾﺎ اﻟﻌﺎﻟﻘﺔ ﺑﻌﻨﻮان اﻟﺘﺨﺼﯿﺐ اﻟﻨﻮوي ،وھﻮ اﺗﻔﺎق ﺧﻄﯿﺮ ﺟﺪاً وﯾﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎره
ﺗﮭﺪﯾﺪاً ﻟﻠﺴﻌﻮدﯾﺔ ﺑﻤﺎ ھﻮ ﺗﺠﺎوز ﻟﺮﻛﺎﺋﺰ اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻌﮭﺎ ،وﺗﺮﻛﮭﺎ وﺣﯿﺪة ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮭﺔ ﺧﻄﺮ اﻟﺘﻤﺪد اﻹﯾﺮاﻧﻲ اﻟﺬي ﺗﺮى
اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﺬھﺒﺔ أﻧﮫ ﺳﯿﺘﻤﺪد إﻟﻰ اﻟﯿﻤﻦ ،ﺑﻤﺎ ﯾﺠﻌﻞ اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ ﻣﺤﺎﺻﺮة ،وﯾﻀﺮب ھﯿﺒﺘﮭﺎ ودورھﺎ اﻟﻘﯿﺎدي ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى
اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻻ ﺳﯿﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﻛﺴﺐ ﻣﺼﺮ ،واﻧﻀﻮاء اﻟﻤﻤﺎﻟﻚ واﻹﻣﺎرات واﻟﻤﺸﯿﺨﺎت ﺗﺤﺖ ﻋﺒﺎءﺗﮭﺎ .
ﻻ ﺑﺪ إذن ،ﻣﻦ اﻟﮭﺠﻮم ،وﻟﻜﻦ ﻣﻊ اﺳﺘﺬﻛﺎر ﻧﺼﯿﺤﺔ اﻷب اﻟﻤﺆﺳﺲ اﻟﻤﻠﻚ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ،ﺑﺘﺠﻨﺐ اﻟﺘﻮﻏﻞ ﻓﻲ اﻟﯿﻤﻦ ،واﻋﺘﻤﺎد
آﻟﯿﺔ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺼﻒ اﻟﺠﻮي اﻟﻜﺜﯿﻒ وﺗﺤﺮﯾﻚ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻐﺎﺿﺒﺔ أو اﻟﻤﺤﺒﻄﺔ أو اﻟﻤﻌﺮوﺿﺔ ﻟﻠﺒﯿﻊ ،ﺧﺼﻮﺻﺎً ﺑﻌﺪ
اﺳﺘﻨﻘﺎذ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﻤﺆﻗﺖ ﻋﺒﺪ رﺑﮫ ﻣﻨﺼﻮر ھﺎدي ) وھﻮ ﺟﻨﻮﺑﻲ ( واﺻﻄﺤﺎﺑﮫ إﻟﻰ اﻟﻘﻤﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ ﺷﺮم اﻟﺸﯿﺦ
ﻻﺳﺘﺼﺮاخ ﻧﺨﻮة اﻟﻤﻠﻮك )وھﻢ ﺟﺎھﺰون( وﻣﻦ ﺗﯿﺴﺮ ﻣﻦ اﻟﺮؤﺳﺎء ) ﻓﻲ ﻏﯿﺎب اﻟﺠﺰاﺋﺮ واﻟﻌﺮاق وﺳﻮرﯾﺎ ..ﻓﻀﻼً ﻋﻦ
ﻟﯿﺒﯿﺎ ( .
ﺣﺴﻨﺎً ..ﻟﻘﺪ ﺗﻢّ ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﻓﻲ أﺳﺮع وﻗﺖ وﺑﺄرﺧﺺ اﻷﺛﻤﺎن ،وﺗﻢّ ﺗﺪﻣﯿﺮ اﻟﯿﻤﻦ ﺷﻤﺎﻻً وﺟﻨﻮﺑﺎً ،ﺑﺘﻐﻄﯿﺔ اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﯿﺔ ﻓﺎﺿﺤﺔ
ﻣﻦ ﻣﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ اﻟﺪوﻟﻲ ،ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن ﻣﻨﺪوب اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة إﻟﻰ اﻟﯿﻤﻦ ﺟﻤﺎل ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻟﻢ ﯾﺘﻌﺐ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﺮﯾﺢ أن
اﻟﺘﺴﻮﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﯿﻤﻦ ﻛﺎﻧﺖ ـ ﻗﺒﻞ »ﻋﺎﺻﻔﺔ اﻟﺤﺰم« ـ ﺷﺒﮫ ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ وﻗﺪ ﺑﻮﺷﺮ ﻓﻌﻼً ﺑﺘﻨﻔﯿﺬھﺎ ...ورﺑﻤﺎ ﻟﮭﺬا اﻟﺴﺒﺐ
»اﺳﺘﻘﯿﻞ« وﺟﻲء ﺑﻤﻮﻇﻒ أﻣﻤﻲ ﻣﻦ ﻣﻮرﯾﺘﺎﻧﯿﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﻘﻞ اﻟﺪﻣﻮي اﻟﺬي ﯾﻐﻠﻔﮫ اﻟﺬھﺐ.
ﻟﻜﻦ اﻟﺤﺮب ﻟﻤﺎ ﺗﻨﺘﮫِ ،وھﻲ ﻟﻦ ﺗﻨﺘﮭﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺮﯾﺐ ...
ﻛﻞ ﻣﺎ ﺣﺪث أن دوﻟﺔ ﻋﺮﺑﯿﺔ راﺑﻌﺔ ،ﺧﺎﻣﺴﺔ ،ﺳﺎدﺳﺔ ﻗﺪ ﺿﺮﺑﮭﺎ اﻟﺨﺮاب! وھﺬا ﻟﯿﺲ ﻧﺼﺮاً ﯾﺴﺘﺤﻖ اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﺎﻟﻌﮭﺪ
اﻟﺠﺪﯾﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﻤﻠﻜﺔ اﻟﻤﺬھﺒﺔ !
وﻟﻘﺪ اﺗﺨﺬت اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺧﻄﺎً ﺛﺎﺑﺘﺎً ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ ﻣﻨﺬ ﺑﺪأ اﻟﺪور
اﻟﺒﻄﻮﻟﻲ ﻟﻤﻨﻈﻤﺎت اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ،وﻣﻦ ھﺬا اﻟﺨﻂ ﻓﺈن اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺗﻀﻊ ﺗﺤﺖ ﺗﺼﺮف ھﺬه اﻟﻤﻨﻈﻤﺎت ﻛﻞ إﻣﻜﺎﻧﯿﺎﺗﮭﺎ ﺑﻐـﯿﺮ ﻗﯿﺪ أو ﺷﺮط ..
اﻟﺰﻋﯿﻢ اﻟﺮاﺣﻞ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ .
Documents récents du même auteur
القدس العدد 176 18 juillet 2015
القدس العدد 175 18 juillet 2015