يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو PDF
À propos / Télécharger Lire le document
Ce fichier au format PDF 1.5 a été envoyé sur Fichier-PDF le 21/04/2017 à 22:28, depuis l'adresse IP 197.2.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 402 fois.
Taille du document: 98 Ko (7 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
ﯾﺗﺳﺎءﻟون ﻣﺎذا ﺑﻘﻲ ﻣن ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو..؟
د.ﻋﺻﻣت ﺳﯾف اﻟدوﻟﺔ .
ﺛورة ﯾوﻟﯾو ﻣﺳﺗﻣرة وﻣﺻﯾرھﺎ ﺑﯾن اﻧﺗﺻﺎر ﺣﺎﺳم أو ھزﯾﻣﺔ ﺣﺎﺳﻣﺔ ﻣﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﺗوﻓر اﻵداة اﻟﻘوﻣﯾﺔ
اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ...
***
ﻣﻧذ ﺑﺿﻊ ﺳﻧﯾن ﻛﻠﻣﺎ اﻗﺗرﺑت ذﻛرى اﻧﻔﺟﺎر ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو ، 1952ﯾﺗﺳﺎءل اﻟﺑﻌض ﻋﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣن
ﻣﺑﺎدﺋﮭﺎ وﻣﺎذا ﺑﻘﻲ ﻣن ﻣﺿﺎﻣﯾﻧﮭﺎ وﺳﯾﺎﺳﺎت ﻗﺎدﺗﮭﺎ اﻟذﯾن ﺣﻛﻣوا ﻣﺻر وھو ﺳؤال ﻣﺗردد ﺗﺣت ﺗﺄﺛﯾر
اﻟﺣﻣﻠﺔ اﻟﺷرﺳﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻧﮭﺎ ﻗوى ﻣﺗﻌددة ﺿد اﻟﺛورة وﻗﺎﺋدھﺎ .وﻛﺎن ﺟواﺑﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺳؤال
ﺑﺈﻧﻛﺎره ﻷﻧﮫ ﻣﺻﺎدرة ﻟﻠﺟواب ،أو ﻛﻣﺎ ﯾﻘوﻟون ﻣﺻﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻣطﻠوب .ذﻟك ﻷﻧﮫ ﯾﻔﺗرض أن ﺛورة 23
ﯾوﻟﯾو 1952ﻗد اﻧﺗﮭت وﯾرﯾد ﺟواﺑﺎ ً ﻋن ﻣﻔردات اﻟﺗرﻛﺔ اﻟﺗﻲ ﺧﻠﻔﺗﮭﺎ اﻟﺛورة اﻟﻣرﺣوﻣﺔ .وﻧﺣن ﻻ
ﻧواﻓق ﻋﻠﻰ اﻟﺳؤال ﺑﺻﯾﻐﺗﮫ ھذه ،وﻧرى أن اﻟﺟواب اﻟذي ﻧﺑﺣث ﻋﻧﮫ ﯾﻘﺗﺿﻲ أوﻻ ً ﺗﺣدﯾد ﻣﺗﻰ ﺑدأت
ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو وﻣﺗﻰ اﻧﺗﮭت إذا ﻛﺎﻧت ﻗد اﻧﺗﮭت .وذﻟك ﻟﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺑﺣث ﻓﯾﮭﺎ ﻋن
اﻷﺟوﺑﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ .
ﻣن اﻟﻣؤﺳف أن اﻟﻐﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻐﺎﻟﺑﺔ ﻣﻣن ﻛﺗﺑوا أو أرﺧوا ﻟﺛورة 23ﯾوﻟﯾو ﻟم ﯾﮭﺗﻣوا ﺑﮭذا اﻟﺗﺣدﯾد .وﻛﺛﯾر
ﻣﻧﮭم ﺣﺗﻰ ﻣن ﻗﺎدﺗﮭﺎ أﻋطوا ﻟﮭﺎ ﻋﻣرا ً ﯾﻘل ﻋن ﺳﻧﺗﯾن ،وﻗد ﯾﻣﺗد إﻟﻰ ﺛﻼث ﺳﻧوات .
ﻓﺛورة 23ﯾوﻟﯾو 1952ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﺳﯾد ﺧﺎﻟد ﻣﺣﯾﻲ اﻟدﯾن أﺣد أﻋﺿﺎء ﻣﺟﻠس ﻗﺎدﺗﮭﺎ اﻧﺗﮭت ﻓﻲ
ﻣﺎرس . 1954ﻓﻔﻲ ذﻟك اﻟﺷﮭر اﻧﺣﺎز ﺧﺎﻟد ﻣﺣﯾﻲ اﻟدﯾن )ورﻓﺎﻗﮫ( إﻟﻰ ﻣﺣﻣد ﻧﺟﯾب وإﻟﻰ ﺣزب اﻟوﻓد
ﺿد اﻟﺛورة ﻣطﺎﻟﺑﺎ ً ﺑﺈﻋﻼن اﻧﺗﮭﺎﺋﮭﺎ وﻋودة اﻟﺟﯾش اﻟﻰ ﺛﻛﻧﺎﺗﮫ وﺗﺳﻠﯾم اﻟﺳﻠطﺔ إﻟﻰ ﺣزب اﻟوﻓد أو ﺣﻠف
ﻣن اﻟﻘوى اﻟﺣزﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت اﻟﺛورة ﺿد ﺳﯾﺎﺳﺎﺗﮭﺎ .ھذا اﻟﻣوﻗف ﯾﻌﻧﻲ أن ﻣﺎ ﻧﺳﻣﯾﮫ ﺛورة ﻛﺎن ﻓﻲ
ﻣﻔﮭوم ﺧﺎﻟد ﻣﺣﯾﻲ اﻟدﯾن )ورﻓﺎﻗﮫ( اﻧﻘﻼﺑﺎ ً ﻋﺳﻛرﯾﺎ ً اﺳﺗوﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺔ ﻣن اﻟﻣﻠك واﻹﻗطﺎﻋﯾﯾن ﺣﻠﻔﺎء
اﻟﻣﻠك واﻧﺗﮭت ﻣﮭﻣﺗﮫ ،ﻓﻌﻠﯾﮫ أن ﯾرد اﻟﺳﻠطﺔ إﻟﻰ أﺻﺣﺎﺑﮭﺎ اﻟﺷرﻋﯾﯾن )اﻟوﻓد ﺑﺎﻟذات( واﻟﺛورة اﻧﺗﮭت
ﻋﻧد ﻋﺑد اﻟﻠطﯾف اﻟﺑﻐدادي وآﻣﺎل اﻟدﯾن ﺣﺳﯾن وأﻧور اﻟﺳﺎدات ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻓﻲ اﻟﻣوﻗف اﻟﻣﻌﻠن ﻟﻛل ﻣﻧﮭم
ﻣﻊ ﺑدء اﻟﺗﺣول اﻻﺷﺗراﻛﻲ ﻓﻲ أواﺋل اﻟﺳﺗﯾﻧﺎت .وﺳﯾﺣﺎول أﻧور اﻟﺳﺎدات ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد أن ﯾﺻﺣﺢ ﻣﺳﺎر
اﻟﺛورة ﻛﻣﺎ ﻓﮭﻣﮭﺎ ﺑﺗﺻﻔﯾﺔ ﻛل ﻣﺎ ﺗم ﺑﻌد ذﻟك اﻟﺗﺎرﯾﺦ .
ﺑل ان اﻟﺛورة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ ﺣﺳن إﺑراھﯾم أﺣد أﻋﺿﺎء ﻣﺟﻠس ﻗﺎدﺗﮭﺎ ،اﻧﺗﮭت ﻗﺑل أن ﯾﻧﺗﮭﻲ ﺷﮭر ﯾوﻟﯾو
. 1952ﻓﻣﺎ ان ﺗم طرد ﻓﺎروق اﻟﻣﻠك ﺣﺗﻰ ﻛﺎن رأي ﺣﺳن إﺑراھﯾم اﻟذي ﺳﻣﻌﺗﮫ ﺷﺧﺻﯾﺎ ً ﻣﻧﮫ ﻋدة
ﻣرات ،ان ﻋﻠﻰ أﻋﺿﺎء ﻣﺟﻠس ﻗﯾﺎدة اﻟﺛورة اﻻﻧﺳﺣﺎب وﺗرك اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻟﺟﻣﺎل ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر .وﻛﺎن ﯾﻌﻠل
ﻣوﻗﻔﮫ ھذا ﺑﺄن اﻟﺛورة ﻟم ﺗﻘم ﻟﺗﺣﻛم وﻟﻛن ﻟﺗزﯾل اﻟﻌﻘﺑﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻣن ﺳﺑﯾل اﻟﺣﻛم ،وان أﺣدا ﻣﻧﮭم ـ ﻣﺎ
ﻋدا ﺟﻣﺎل ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻛﻣﺎ ﻗﺎل ـ ﻟم ﯾﻛن ﯾﻌرف ﺷﯾﺋﺎ ً ﻋن ﺷؤون اﻟﺣﻛم وﻟم ُﯾﻌد ﻧﻔﺳﮫ ﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎﺗﮫ .
وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋﻠﯾﮭم أن ﯾﺗوﻗﻔوا ﻋﻧد ﺣدود ﻣﺎ أﻋدوا أﻧﻔﺳﮭم ﻟﮫ وﯾﺗرﻛوا ﻟﻌﺑد اﻟﻧﺎﺻر وﺣده ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺷؤون
اﻟﺣﻛم ﺳواء اﺳﺗﻌﺎن ﺑﺄﺣد ﻣﻧﮭم أم ﻻ.
ﺑﻘﻲ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻣﻧظم ﻗوى اﻟﺛورة وﻣﺣدد ﻣﯾﻘﺎﺗﮭﺎ وﻗﺎﺋدھﺎ ﻣﻔﻛرا ً وﺣﺎﻛﻣﺎ ً ﺣﺗﻰ وﻓﺎﺗﮫ ﺑدون ﻣﻧﺎزع .ھذه
اﻟﺻﻠﺔ اﻟوﺛﯾﻘﺔ ﺑﯾن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر واﻟﺛورة ﺣﻣﻠت ﻛﺛﯾرﯾن ﻋﻠﻰ ﺗوﻗﯾت ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺛورة ﺑوﻓﺎة ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻋﺎم
. 1970وزﻛت ھذا اﻟرأي اﻟردة اﻟﺗﻲ ﻗﺎدھﺎ أﻧور اﻟﺳﺎدات ﺑﻌد وﻓﺎة ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر وإﻋﻼﻧﮫ رﺳﻣﯾﺎ ﻋﺎم
1974ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺛورة وﺗﻘرﯾره ﻣﻌﺎش ﺗﻘﺎﻋد ﻟﻛل ﻣن ﻋرﻓﮭم ﻣن “ اﻟﺿﺑﺎط اﻷﺣرار ” .
واﻟواﻗﻊ أن ﺗﺣدﯾد ﻋﻣر اﻟﺛورة ،أﯾﺔ ﺛورة ،ﯾﻛون ﺑﺎﺳﺗﻣرار آﺛﺎر اﻧﻔﺟﺎرھﺎ ،ﻓﻲ ﺗﺣرﯾك ﻣوﺟﺎت اﻟﺗطور
ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .اﻟﺛورة ﻋﻧدي ،أﯾﺔ ﺛورة ،ﻣﺛل اﻧﻔﺟﺎر ﺑرﻛﺎن ﻓﻲ ﻗﻠب ﻣﺣﯾط ﻣﺎﺋﻲ راﻛد .
ﯾﺧرج اﻟﻠﮭب ﻣن اﻟﻣﺎء ،وﺗﺗﺻﺎﻋد اﻟﺣﻣم ﻟﺗﺻﺑﺢ أرﺿﺎ ً ﻟم ﯾﻛن ﻟﮭﺎ وﺟود .وﺗﺗﻛﺎﺛر ﺳﺣب اﻟدﺧﺎن ﻓﺗﻐﯾر
اﻟﻣﻧﺎخ ،وﺗﻧطﻠق ﻣن ﻣرﻛز اﻻﻧﻔﺟﺎر ،وﻣن ذات اﻟﻣﯾﺎه اﻟراﻛدة ،ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣﺗﺗﺎﺑﻌﺔ ﻣن اﻷﻣواج اﻟﺗﻲ
ﻛﺎﻟﺟﺑﺎل ،وﺗﻣوت ﺧﻼﻟﮭﺎ أﺣﯾﺎء ،وﺗﺣﯾﺎ ﺧﻼﻟﮭﺎ أﻋﺷﺎب ﻋﻠﻰ أرض ﺑﻛر .وﻣﻊ ﻣرور اﻟوﻗت ﯾﮭدأ ﻛل
ﺷﻲء وﻟﻛن ﻻ ﺗﻌود اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻋﻠﯾﮫ أﺑدا .ﻓﻲ ﻣوﻗﻊ اﻻﻧﻔﺟﺎر ﺟﺑل ،وﻓﻲ اﻟﻣﯾﺎه اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺟزر
ﺑرﻛﺎﻧﯾﺔ ﻣﺗﻧﺎﺛرة .ﻋﺎﻣرة ﺑطﯾور وﺣﯾواﻧﺎت وأﺷﺟﺎر ﻻ ﯾﻌرف أﺣد ﻣن أﯾن أﺗت ،وﺗﺗﺄﺛر وﺗﺗﻐﯾر اﺗﺟﺎھﺎت
ﺗﯾﺎرات اﻟﻣﯾﺎه اﻟﺟوﻓﯾﺔ ،ﻟﺗﺑدأ ﺣﯾﺎة ﺟدﯾدة ﻓﻲ واﻗﻊ ﺟﻐراﻓﻲ وطوﺑوﻏراﻓﻲ ﺟدﯾد ﻓﺗﻛون اﻟﺛورة ﻗد اﻧﺗﮭت
رﺑﻣﺎ إﻟﻰ أن ﺗﺑدأ ﺛورة ﺟدﯾدة .
ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر ،إذا ﺗﻌﺎﻣﻠﻧﺎ ﻣﻊ ﺛورة ﯾوﻟﯾو ﻋﻠﻰ اﻧﮭﺎ “ ﺛورة ﻓﻲ ﻣﺣﯾط اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ،ﺳﻧﻛﺷف ﺑﺳﮭوﻟﺔ أﻧﮭﺎ
ﺷﻛل ﻣﺗﻘدم ﻣن اﻟﺻراع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﮭﺎ .واﻟﺻراع ﻟﯾس آﺣﺎدي اﻟﻘوة ،ﺑل ﻣﺗﻌدد اﻟﻘوى .
ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻣﻊ اﻟﺛورة وﺑﻌﺿﮭﺎ ﺿد اﻟﺛورة .وﯾﻛون ﻣﺗﻌﯾﻧﺎ ً ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ان ﻧﻼﺣظ اﻟﺛورة ﻓﻲ
ﺣرﻛﺗﮭﺎ وأن ﻧرﺻد ﻣﺎ ﯾطرأ ﻋﻠﻰ أھداﻓﮭﺎ ﻣن ﺗﻐﯾر أو ﺗطور ﺧﻼل اﻟﺻراع ،ﺛم ﻧﻧظر ﻟﻧرى ھل اﻧﺗﮭﻰ
اﻟﺻراع أو ﻟم ﯾﻧﺗﮫ .ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻗد اﻧﺗﮭﻰ ﺑﺳﺣق أﻋداء اﻟﺛورة ﻓﻘد اﻧﺗﺻرت اﻟﺛورة واﻧﺗﮭت ھﻲ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺎ ً
ﺑﺎﻧﺗﺻﺎرھﺎ وإذا ﻛﺎﻧت ﻗد اﻧﺗﮭت ﺑﺳﺣق ﻗوى اﻟﺛورة ﻓﻘد اﻧﮭزﻣت اﻟﺛورة واﻧﺗﮭت ھﻲ ﺑﮭزﯾﻣﺗﮭﺎ ،أﻣﺎ إذا
ﻛﺎن اﻟﺻراع ﻣﺎ ﯾزال ﻣﺳﺗﻌرا ً ،ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن أﺷﻛﺎﻟﮫ ،وﻗواه ،وﺳﺎﺣﺎﺗﮫ ﺑدون ﻧﺻر ﺣﺎﺳم أو
ھزﯾﻣﺔ ﺣﺎﺳﻣﺔ ،ﻓﺈن اﻟﺛورة ﻣﺎ ﺗزال ﻣﺷﺗﻌﻠﺔ وﻻ ﯾﺟوز ﺣﯾﻧﺋذ اﻟﺣدﯾث ﻋن “ ﺗرﻛﺗﮭﺎ “ ﻣﺎذا ﺑﻘﻲ ﻣﻧﮭﺎ
وﻣﺎذا اﻧﻘﺿﻰ .وﻟﻧﺗذﻛر أن اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت ﻓﻲ أواﺧر اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ﻟم ﺗﺳﺗﻘر ﻣﻧﺗﺻرة
إﻻ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر .وان اﻟﺛورة اﻟروﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺑدأ اﻧﻔﺟﺎرھﺎ ﻓﻲ ﻣطﻠﻊ اﻟﻘرن
اﻟﻌﺷرﯾن ﻟم ﺗﺳﺗﻘر إﻻ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد اﻟراﺑﻊ ﻣن ھذا اﻟﻘرن .
ﺑدأت ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو ، 1952ﺗﺣررﯾﺔ ،ﺗﺳﺗﮭدف ،اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وأﻋواﻧﮫ ،ﻛﻣﺎ ﯾﻘول
اﻟﻣﺑدأ اﻷول ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺳﺗﺔ .ﺛم ﻧﺳﺄل أﯾن ؟ أي ﻓﻲ أي ﻣﺣﯾط اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ؟ اﻟﺟواب :ﻓﻲ ﻣﺻر ﺑﺎﻟذات
وﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺗﺣدﯾد ،وﻗد اﺳﺗطﺎﻋت اﻟﺛورة أن ﺗﺣﻘق ھذا اﻟﻣﺑدأ ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ً ﻛﺎﻣﻼ ً ﻓﻲ ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣﺗﺻﻠﺔ ﻣن
اﻟﻣﻌﺎرك اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ واﻟﻘﺗﺎﻟﯾﺔ آﺧرھﺎ ﻣﻌرﻛﺔ اﻟﺳوﯾس ﺳﻧﺔ . 1956وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈن ﻣﻌﺎرك اﻟﺗﺣرر ﻟم ﺗﻧﺗﮫ
ﻋﺎم 1956ﺑل ﻟﻌﻠﮭﺎ ﺑدأت ﺑﻛل ﺿراوﺗﮭﺎ ﻣﻧذ ﻋﺎم ، 1956ﻟﻣﺎذا ؟
ﻷﻧﮫ ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن وﻋﻲ أو إرادة ﻗﺎدة ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو ﻓرﺿت اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻟﺗﺣرﯾر ﻣﺻر
ﻋﻠﻰ اﻟﺛورة أن ﺗﺳﺗﻣر ﺧﺎرج ﺣدود ﻣﺻر اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ إذا أرادت أن ﺗﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ ﺗﺣرﯾر ﻣﺻر .
ﻣﺻر ،أرادت اﻟﺛورة ﯾوم 23ﯾوﻟﯾو ام ﻟم ﺗرد .ﺟزء ﻣن اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،وﻗوى اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وأﻋواﻧﮫ ،
اﻟﺗﻲ أرادت اﻟﺛورة أن ﺗﻘﺿﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﺗواﺟدة ﻋﻠﻰ اﺗﺳﺎع اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ،ﻓﺈذ ﺑﺎﻟﺛورة اﻟﺗﻲ اﻛﺗﻔت
واﺣﺗﻔت ﺑﺎﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺟﻼء ﻋﺎم ، 1954ﻛﺈﻧﺟﺎز ﻟﻣﺑدﺋﮭﺎ اﻷول ﺗﺗﻌرض وﺗﺗﺻدى ﻟﻠﻐزو اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري ﺑﻌد
اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺟﻼء ﻓﻲ ﺷﻛل أﺣﻼف ﺗﺣﯾد ﺑﮭﺎ ،وﻏزو ﻣﺳﻠﺢ ﻟﻘطﺎع ﻏزة ،وﻏزو أو ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻏزو اﻗﺗﺻﺎدي
ﻣن اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ .ﺛم ﻏزو ﻋﺳﻛري اﻧﻛﻠﯾزي ﻓرﻧﺳﻲ ﺻﮭﯾوﻧﻲ ﺗﺷﺗرك ﻓﯾﮫ ﻗوى ﻛﺎﻧت
ﻣﺣﺗﺷدة ﻓﻲ ﻗواﻋد ﻋﻠﻰ اﻷرض اﻟﻌرﺑﯾﺔ .ﻓﯾطور اﻟواﻗﻊ اﻟﻘوﻣﻲ اﻟﻣﺑدأ اﻷول ﻟﻠﺛورة اﻟذي ﻛﺎن ﯾوم 23
ﯾوﻟﯾو ، 1952اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وأﻋواﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﺻر ،ﻓﯾﺻﺑﺢ ،اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وأﻋواﻧﮫ
ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ .ﻛل ھذا واﻟﺛورة ﻣﺳﺗﻣرة .ﻓﯾﻘول ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﯾوم 20ﻣﺎرس “ : 1963إﯾﮫ اﻟﻠﻲ
ﺧﻼﻧﺎ ﯾﻌﻧﻲ ﻣﻣﺛﻠﯾن ﻟﻠﻌروﺑﺔ ؟ ..اﻟﻠﻲ اﺗﻌﻣل ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﻠد )ﯾﻌﻧﻲ ﻣﺻر( ..واﻟﺛورة اﻟﻠﻲ ﻗﺎﻣت ﻓﻲ 23
ﯾوﻟﯾو ..طﻠﻌت ﺛورة ..وﻟم ﺗﻛﺗف ﺑﺄﻧﮭﺎ ﺛورة ﻣﺻرﯾﺔ إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ..اﻛﺗﺷﻔت ﺣﻘﯾﻘﺗﮭﺎ ..واﺗﺟﮭت ﻟﺗﻛون
ﺛورة ﻋرﺑﯾﺔ ” .
اﻟﺟدﯾر ﺑﺎﻻﻧﺗﺑﺎه ھﻧﺎ ،ﻣﺎ ﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﺛورة اﻛﺗﺷﻔت ﺣﻘﯾﻘﺗﮭﺎ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ؟
ﻣﻌﻧﺎه اﻷول اﻧﮫ ﻓﻲ ﯾوم 23ﯾوﻟﯾو 1952ﻟم ﺗﻛن اﻟﺛورة ﺗﻌرف أن ﺣﻘﯾﻘﺗﮭﺎ ﻋرﺑﯾﺔ ،وأﻧﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل
اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﺻر ـ ﺗﺣرﯾر ﻣﺻر ـ اﻛﺗﺷﻔت أن ﺗﺣرﯾرھﺎ ﻣﺣﺎل ﺑدون ﺗﺣرﯾر اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ﻛﻠﮫ .ﻓﻧﻘول
اﻛﺗﺷﻔت اﻟﺛورة اﺗﺳﺎع ووﺣدة ﺳﺎﺣﺎت ﻣﻌﺎرك “ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وأﻋواﻧﮫ “ ،وأن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ
اﻟﺟﻼء ﻋﺎم 1954ﻟم ﺗﻛن ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ً ﻟﻣﺑدأ اﻟﺗﺣرر ﻣن اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر ﺑل ﻛﺎﻧت أوﻟﻰ ،وأﺳﮭل ﻣﻌﺎرﻛﮫ اﻟﻣﻣﺗدة .
ﻧﺳﺄل أﻧﻔﺳﻧﺎ أو ﻧﺳﺄل اﻟﻘراء ،ھل اﻧﺗﮭت ﻣﻌﺎرك اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وأﻋواﻧﮫ ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ﻣﻧذ
ان دﻓﻌت أو ﺣرﻛت ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو ﻣوﺟﺎت اﻟﺗﺣرر اﻷوﻟﻰ ..طﺑﻌﺎ ﻟم ﺗﻧﺗﮫ ﺑل ھﻲ أﺷد ﺿراوة ..اﻟﺛورة
..أو ﻓﻠﻧﻘل ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو اﻟﺗﺣررﯾﺔ ﻟم ﺗﻧﺗﮫ ﻻ ﺑﺎﻧﺗﺻﺎر ﻛﺎﻣل وﻻ ﺑﮭزﯾﻣﺔ ﺗﺎﻣﺔ ..واذا ﻛﺎﻧت ﻗد
اﻧﺗﺻرت ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك واﻧﮭزﻣت ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك ،أو ﻛﺎن ﻗﺎﺋدھﺎ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻗد ﻏﺎب ،أو ﻛﺎن أوارھﺎ ﻗد ﺧﻣد
ﻓﻲ ﻣرﻛز اﻧﻔﺟﺎرھﺎ ،ﻓﺈن ﻣوﺟﺎت اﻟﺗﺣرر اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺗﻲ دﻓﻌت ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﻘوﻣﻲ وﻋﻠﻰ
رأﺳﮭﺎ اﻟﺛورة اﻟﻔﻠﺳطﯾﻧﯾﺔ ﻣﺎ ﺗزال ﺗﺗواﻟﻰ ،ﺗﻧﺎطﺢ اﻟﺻﺧور اﻻﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ ﺛم ﺗرﺗد ﻋﻧﮭﺎ ﻛﺎﻟﻣوج ﺗﻣﺎﻣﺎ ،
وﻟﻛن ﻣﯾﺎه اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ﻟم ﺗﻌد .إﻟﻰ اﻟرﻛود ﻣﻧذ 23ﯾوﻟﯾو 1953وﻟﻧﺎ أن ﻧطﺑق ھذا ﻋﻠﻰ
ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺳﺗﺔ ،وﻛﯾف أﺿﯾﻔت إﻟﯾﮭﺎ ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺑﻌد 1956إﻟﻰ درﺟﺔ أن ﯾﻘول ﻋﺑد
اﻟﻧﺎﺻر ﻓﻲ ﻋﺎم 1958ﺑﺄﻧﮫ ﻟم ﯾﺧﻠق اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺑل ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺧﻠﻘﺗﮫ .واﻧﮫ ﻟﯾس ھو اﻟذي ﯾﺣرﻛﮭﺎ
ﺑل ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣرﻛﮫ ،وأﻧﮭﺎ ﻟن ﺗﻧﺗﮭﻲ ﺑوﻓﺎﺗﮫ ﺑل ﺳﺗﻠد ﻏﯾره ﻋﺷرات وﻣﺋﺎت وأﻟوﻓﺎ ً ﻣن اﻟﻘوﻣﯾﯾن وﻟﻧﻧظر
ﻓﻲ اﻷرض اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻧرى ﻛﯾف أن ﺣرﻛﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗراﺟﻌﺔ ﺣﺎﻟﯾﺎ ً أﺑﻌد ﻣﺎ ﺗﻛون ﻋن اﻻﺳﺗﺳﻼم ،
ﺑل اﻧﮭﺎ ﻟﺗﺣﺗﺷد ﻧﺎﻣﯾﺔ ﻓﻲ أﺷﻛﺎل ﺷﺗﻰ ﺣول ﻣواﻗف ﺟزﺋﯾﺔ ،وﺗﻣﺎرس أﻧﻣﺎطﺎ ﻣرﺣﻠﯾﺔ ﻣن اﻟﻧﺿﺎل ،ﻓﻲ
اﻟﻘطر اﻟذي ﻛﺎن ﺧﺎﻟﯾﺎ ً ﻣن أﯾﺔ ﻗوة ﻗوﻣﯾﺔ ﯾﻘﺎم ﻟﮭﺎ أي وزن ﯾوم 23ﯾوﻟﯾو .. 1952وﻋﺷرات اﻷﻟوف
ﺑل ﻣﺋﺎت اﻷﻟوف ﻣن اﻟﻘوﻣﯾﯾن اﻟذﯾن ﺗوﻗﻊ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻣوﻟدھم ﻗد وﻟدوا ﻣن ﺑﻌده وﯾزداد اﻟﻣواﻟﯾد ﻛل
ﻋﺎم وﺗزداد ﻗوى اﻟﺛورة اﻟﻘوﻣﯾﺔ وﺗزداد اﻟﻣﻌﺎرك ﺿراوة وﻟﻛن ﺑﺄﺳﺎﻟﯾب ﺷﺗﻰ .
واﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻣﮭزوﻣﺔ أو ﻣﺗراﺟﻌﺔ ،أﻋﻧﻲ اﻟﻣوﺟﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻓﺟرﺗﮭﺎ ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو ودﻓﻌت ﺑﮭﺎ
ﻟﺗﻛﺗﺳﺢ أﻋداء اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺳورﯾﺎ واﻟﻌراق واﻟﺟزاﺋر وﺗﺣﻘق وﺣدة 1958وﺗﻧﮭزم ﻓﻲ ﻣﻌرﻛﺔ
اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﺗﺧوض ﻣﻌﺎرك اﻟﯾﻣن ..ﻣرﺗدة اﻵن وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﺗزال ﺗﺣﺎول ـ ﺑﺂﻻف اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﺣﺳوﺳﺔ
وﻏﯾر اﻟﻣﺣﺳوﺳﺔ ـ دون اﺳﺗﻘرار اﻟﺗﺟزﺋﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ .ﻓﮭل اﻧﺗﮭت ﺛورة ﯾوﻟﯾو اﻟﺗﻲ ﺑدأت إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﺛم
اﻛﺗﺷﻔت إﻧﮭﺎ ﻋرﺑﯾﺔ ؟.
***
وﻟﺳت أرﯾد أن ﻧﺄﺧذ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺳﺗﺔ وﻟﻛﻧﻲ أرﯾد أن ﻧرﻛز ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑدأ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﺛورة 23ﯾوﻟﯾو
اﻟذي ﺣﺎوﻟت ﺗﻠك اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺳﺗﺔ أن ﺗﻌﺑر ﻋﻧﮫ .أرﯾد ھذا ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣذﻛور ﻣن ﺑﯾﻧﮭﺎ ،ھذا ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ
وﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧرى ﻷن اﻟذﯾن ﯾﻌوﻧﮫ ھم ﻟؤﻟﺋك اﻟذﯾن ﻋﺎﺷوا واﻋﯾن اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺑﻘت ﺛورة
23ﯾوﻟﯾو ،وﺗﻧﺎﻗﺿﺎﺗﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت اﻟﺳﺑب اﻷول ﻟﻣﺟرد اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﺛورة ـ وأﻧﺎ ﻣﻧﮭم ـ اﻧﮫ ﻣﺑدأ
اﻟﻣﺳﺎواة .ذﻟك اﻟﻣﺑدأ اﻟذي اﺗﺧذ وﺿﻌﮫ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻓﻲ ﺷﻌﺎر اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ..ﻗﺑل ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو
. 1952ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﺑﺷر ﻣﻌدوﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺻر .ﻻ أﻋﻧﻲ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻟﻘﺎﻧون ،وﻻ اﻟﻣﺳﺎواة
ﻓﻲ ﺷروط اﻟﻌﻣل ،وﻻ اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ اﻟﻔرص ،وﻻ اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ اﻟوﺿﻊ اﻻﻗﺗﺻﺎدي ..ﻻ .أﺑدا ً ﻛل ھذا ﻗد
ﻻ ﯾؤدي اﻟﻰ ﺛورة ،أو ﻗد ﻻ ﯾﻛون “ إرادة ﷲ “ ..وﻛﺎن اﻟﺗﻣرد ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻟﻣﺳﺎواة ،وﻛﺎن ﻓردﯾﺎ ً
ﻋﺎدة ،ﯾﻌﺗﺑر ﺧروﺟﺎ ً ﺷﺎذا ً ﻣن أﻓراد ﻻ ﯾرﯾدون ان ﯾﻔﮭﻣوا أن اﻟﻌﯾن ﻻ ﺗﻌﻠوا ﻋن اﻟﺣﺎﺟب ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛﺎن
ﻣداﻧﺎ ً اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ً ﻛﺎﻧﺣراف أﺧﻼﻗﻲ ..ﻟم ﯾﻛن ﺛﻣﺔ أﻣل ،أي أﻣل ،ﻓﻲ ﺗﺻﻔﯾﺔ ھذا اﻟوﺿﻊ اﻟﻌدﻣﻲ ﺑﺎﻹﺻﻼح
..ﻓﺟﺎءت ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو ﺗﻧظم ﻣوﺟﺎﺗﮭﺎ اﻟﻘوﯾﺔ وﻋﻲ اﻟﺑﺷر اﻟراﻛد ،ﻟﯾﻠﺗﻔﺗوا ﺛم ﻟﯾدرﻛوا ،أﻧﮭم ﻛﺑﺷر
ﻣﺗﺳﺎوون ،وان اﻟﻣﺳﺎواة ھﻲ اﻟوﺿﻊ اﻟطﺑﯾﻌﻲ أو أن اﻟﻣﺳﺎواة ھﻲ ﻣﺎ أراده ﷲ ،ﻓﻌرﻓوا ﻷول ﻣرة أﻧﮭم
ﻣﻌﺗدى ﻋﻠﯾﮭم وان ﻟﮭم ﺣﻘﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎواة ﻣﻐﺗﺻﺑﺎ ً ،وﻛﺎﻧت ھذه أروع اﻟﻣوﺟﺎت اﻟﺗﻲ دﻓﻌت ﺑﮭﺎ ﺛورة 23
ﯾوﻟﯾو ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .وﻣﺎ ﻋﻠﯾﻧﺎ إﻻ أن ﻧﺗﺄﻣل اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ أي ﻣﻛﺎن ﻣن اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ
..ﺳﻧﺟد أﻧﮫ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﻣﺳﺎواة ﻟم ﺗﺗﺣﻘق ﻛواﻗﻊ اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو اﻗﺗﺻﺎدي أو ﺣﺗﻰ ﻗﺎﻧوﻧﻲ .إﻻ أﻧﮫ ﻻ
ﯾوﺟد إﻧﺳﺎن ﻋرﺑﻲ ـ ﻓﻲ ﻣﺻر ﻛﻣﺎ أﻋﻠم ﻋﻠم اﻟﯾﻘﯾن ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ـ ﯾﻌﺗرف ﺣﺗﻰ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﻧﻔﺳﮫ ،أن
ﻟﻠظﺎﻟﻣﯾن ﺣﻘﺎ ً ﻓﻲ أن ﯾظﻠﻣوه .ﻻ ﯾوﺟد إﻧﺳﺎن ﻋرﺑﻲ ﻻ ﯾﺗﺄﻟم ،وﻟو ﻛﺎن ﻋﺎﺟزا ً ﻋن اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ ،ﻷﻧﮫ
ﻣوﺿوع ﻓﻲ اﻟدرﺟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ أو ﻣﺎ دوﻧﮭﺎ ﻛﻣواطن ..أﻣﺎ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ھذا اﻟﺗطور اﻟراﺋﻊ ﻓﻲ اﻟوﻋﻲ
اﻟﺷﻌﺑﻲ ﻓﺈن دﻻﻻﺗﮫ اﻟواﺿﺣﺔ اﻟﻘوﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻧﺳب اﻟﻰ اﻟﺟﯾل اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺟدﯾد ﻣن اﻟﺗﻣرد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھو
ﻣﻔروض ﻋﻠﯾﮫ ..وھو ﯾﺗﻣرد ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن وﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺎل ﺑﺄﺳﺎﻟﯾب ﻻ ﺗﻘﻊ ﺗﺣت ﺣﺻر ،وﺳﯾظل ﻣﺗﻣردا ً
ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗرد ﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻟﻘﺎﻧون ،وﻓﻲ اﻟﻔرص وﻓﻲ اﻟﻌﻣل ،وﻓﻲ ﻋﺎﺋد اﻟﻌﻣل وﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل
ﻣﻌﮫ ﻻ ﻛﻣواطن ﻣﺣﻛوم وﻟﻛن ﻛﺷرﯾك ﻓﻲ اﻟوطن وﺣﻛﻣﮫ ..واﻟﻣﻌﺎرك ﻣن أﺟل اﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﻣﺳﺎواة
ﻣﺳﺗﻣرة ﺣﺗﻰ داﺧل اﻷﺳر ..ﻟم ﺗﻧﺗﺻر ﻧﺻرا ﺣﺎﺳﻣﺎ وﻟم ﺗﻧﮭزم ھزﯾﻣﺔ ﺗﺎﻣﺔ .ﻓﮭﻲ ﻣﺳﺗﻣرة ..
وﯾﺻﺑﺢ ﻗوﻟﻧﺎ ان ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو ..ﻣﺎ ﺗزال ﻣﺳﺗﻣرة ..واﻧﮫ ﻣن اﻟﺧطﺄ اﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻣﻧﺗﮭﯾﺔ ﻟﻠﺑدء ﻓﻲ
ﺣﺳﺎب ﻣﻔردات ﺗرﻛﺗﮭﺎ .وﻗد ﺳﺑق أن ﻛﺗﺑت ﻓﯾﻣﺎ ﻧﺷر ﺗﺣت ﻋﻧوان “ ھل ﻛﺎن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر دﯾﻛﺗﺎﺗورا ً ؟
“ .ان ﻋﺑد
اﻟﻧﺎﺻر ﻗد ﻗﺎم ﺑﺛورة ﻓﻲ 1961ﺿد ﺛورة 1952وﻟﻛن أﺳﻣﯾت ھﻧﺎك ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﮫ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻋﺎم
، 1961ﺛورة ﺗﺻﺣﯾﺣﯾﺔ ﻟﺛورة 23ﯾوﻟﯾو ،أي طورا ً ﺛورﯾﺎ ً ﻣﺗﻘدﻣﺎ ً ﻣن داﺧل اﻟﺛورة ،وھو ﻛذﻟك ﺣﯾن
ﻧﺣﺎول دراﺳﺔ ﺗطور اﻟﺛورة ذاﺗﮭﺎ ﻣن اﻟداﺧل ،وﻟﻛن ﺣﯾن ﻧدرس ﺗطور اﻟﺛورة اﻟﻣﺗطورة داﺧﻠﯾﺎ ً ،ﻋﻠﻰ
ﺿوء آﺛﺎرھﺎ اﻟﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻧﺟد أن اﻟﺛورة ﻣﺳﺗﻣرة ﻟم ﺗﻧﮭزم ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ ً وﻟم ﺗﻧﺗﺻر ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ ً
.ﺑﻘﯾت اﻋﺗراﺿﺎت ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ .ھذه اﻟرؤﯾﺔ ﺗﺗﺿﻣن ﺗﺣدﯾدا ً ﻟدور ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻓﻲ اﻟﺛورة ورﺑﻣﺎ ﺗﻘرﯾﺑﺎ ً ﺑﯾن
دوره ودور أﻧور اﻟﺳﺎدات ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻧﮭﻣﺎ ﺗوﻟﯾﺎ ﻗﯾﺎدة اﻟﺛورة اﻟﻣﺳﺗﻣرة ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻟﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾن اﻟدورﯾن
..
ھذا اﻻﻋﺗراض ﻣردود ﺑﺄﻧﮫ ﻻ ﺧﻼف ﻓﻲ أن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻣﻧظم ﻗوى اﻟﺛورة ﻗﺑل 1952وﻗﺎﺋدھﺎ اﺑﺗداء
ﻣن 23ﯾوﻟﯾو 1952ﺣﺗﻰ وﻓﺎﺗﮫ .وان أﻧور اﻟﺳﺎدات ﻗﺎﺋد اﻟﺛورة اﻟﻣﺿﺎدة ﻋﻠﻰ ﺛورة 1961
اﻟﺗﺻﺣﯾﺣﯾﺔ وھذا ﺳر اھﺗﻣﺎﻣﮫ اﻟﻛﺛﯾف ﺑﺗﺷوﯾﮫ ﺳﯾرة ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻷن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻗﺎﺋد ﺛورة 1961
ﻣﻧﻔردا ً ﻋن ﺑﺎﻗﻲ ﻗﺎدة ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو . 1952وﻣﺎ زال أﻧور اﻟﺳﺎدات ﻣﻛﺛﻔﺎ ً اھﺗﻣﺎﻣﮫ .ﺑﺎﻻرﺗداد اﻟﻰ ﻣﺎ
ﻗﺑل 1961ﺣﺗﻰ ﺟرﻓﮫ ﺗﯾﺎر اﻟردة ذاﺗﮫ ﻓﺈذا ﺑﮫ ﯾرﺗد ﺣﺗﻰ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺑل 1952ﻓﻲ ھذه اﻟﻔﺗرة ،اﻋﻧﻲ ﻓﺗرة
اﻟﺛورة اﻟﻣﺿﺎدة ﺑﻌد ﻏﯾﺎب ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ،اﻧﺗﻘﻠت ﺣرﻛﺔ وﻗﯾﺎدة ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو اﻟﻰ اﻟﺷﺎرع ﺑﻌد ان
اﺳﺗوﻟت اﻟﺛورة اﻟﻣﺿﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم .واﺳﺗﻣرت ﻗوى اﻟﺛورة ﻓﻲ ﻣواﻗﻌﮭﺎ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﺗﻧﺎﺿل ﺿد اﻟﺛورة
اﻟﻣﺿﺎدة اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ .وﻣﻊ ان ﻗوى اﻟﺛورة ﻣن اﻟﺷﺑﺎب ﻟم ﺗﻌﻣل ﻣﻊ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر أو ﺗﻌرﻓﮫ ﻋن ﻗرب ،إﻻ
أﻧﮭﺎ أﺑﻘت ﻋﻠﻰ ھوﯾﺗﮭﺎ اﻟﻣﺳﺗﻣرة ﻣﻧذ 23ﯾوﻟﯾو ﺑﺎن اﺗﺧذت ﻣن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر رﻣزا ً ﻟﺣرﻛﺗﮭﺎ وﺗﺄﻛﯾدا
ﻻﺳﺗﻣرار ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو اﻟﻧﺎﺻرﯾﺔ ..وﺗوﺣد أﻏﻠب ﺗﻠك اﻟﻘوى أو ﻛﻠﮭﺎ ﺑﯾن دﻻﻟﺔ “ اﻟﻧﺎﺻرﯾﺔ “ اﻟﺗﻲ
ﺗرﺟﻊ اﻟﻰ ﻋﺎم 1952وﺑﯾن دﻻﻟﺔ “ اﻟﻘوﻣﯾﺔ “ اﻟﺗﻲ أﻛﺳﺑت اﻟﺛورة ھوﯾﺗﮭﺎ ﻋﺎم 1956وﺑﯾن دﻻﻟﺔ “
اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ “ اﻟﺗﻲ ھﻲ ﻋﻧوان ﺛورة 1961اﻟﺗﺻﺣﯾﺣﯾﺔ ) ،اﻻﺗﺣﺎد ـ اﻟﻧظﺎم ـ اﻟﻌﻣل ( ..ان ﻛل ھذا
ﯾؤﻛد أن اﻟﺛورة ﻣﺎ ﺗزال ﻣﺳﺗﻣرة ﻟم ﺗﻧﺟز أھداﻓﮭﺎ وﻟم ﺗﺳﺗﺳﻠم ﻷﻋداﺋﮭﺎ .
***
ﺛم ﻧﺄﺗﻲ إﻟﻰ اﻻﻋﺗراض اﻟﻣﺗردّ د اﻟذي ﯾﺑﻧﻲ ﻣﻣﺎ ﯾﻧﺳﺑﮫ اﻟﻰ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻗﺑرا ً ﯾدﻓن ﻓﯾﮫ اﻟﺛورة ﺗﻣﮭﯾدا ً
ﻟﺣﺻر ﺗرﻛﺗﮭﺎ .ﯾﻧﺳﺑون إﻟﯾﮫ اﻧﮫ ﻛﺎن ﻣﻊ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﻓﻲ أول اﻟﺛورة ﺛم ﺗﻐﯾر ﺑﻌد ان ﺗﺧﻠص ﻣن رﻓﺎﻗﮫ
واﻧﻔرد ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ وأن ﺳﯾﺎﺳﺎﺗﮫ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻛرﻓض اﻷﺣﻼف اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ واﻟﺣﯾﺎد ودﻋم ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﺣرر ﻓﻲ
اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺛﺎﻟث واﺷﺗراك ﻣﺻر اﯾﺟﺎﺑﯾﺎ ً ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك اﻟﺗﺣرر اﻟﻌرﺑﻲ ﻗد ﻛﺎﻧت ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻟﺷﻌب اﻟﻣﺻري
وﻛﻠﻔﺗﮫ اﻟﻛﺛﯾر وﯾﺿرﺑون ﻣﺛﻼ ﺑﺎﻟﺣرب ﻓﻲ اﻟﯾﻣن وأن ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﺻﻧﻊ ﻣﻛﺎن “ ﻟﻠﺑطل “ ﺟﻣﺎل ﻋﺑد
اﻟﻧﺎﺻر .ان ﻣﻌرﻓﺗﻲ ﺑﺎن اﻟﺻراع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻻ ﺗﺣرﻛﮫ ﻣﺟرد اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ وﻻ ﺗﺣﺳﻣﮫ أﯾﺿﺎ ﻣﺟرد
اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻹﻗﻧﺎع ﺗﺣﻣﻠﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﻻ أﻗﯾم وزﻧﺎ ً ﻟﻣﺎ ﯾردّده أﺣد أطراف اﻟﺻراع ﺗروﯾﺟﺎ ً دﻋﺎﺋﯾﺎ ً ﻟﻣوﻗﻔﮫ .
ﻓﻠﺳت ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻌداد ﻟﻠرّ د ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻧﺳب اﻟﻰ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﺑﺎﻟطﻌن ﻋﻠﻰ وﻋﻲ ﻣن ﯾردّ دوﻧﮫ .ﺑل أزﯾد ﻓﺄﻗول
أﻧﻧﻲ ﻟﺳت ﻣﻌﻧﯾﺎ ً ﺑﺎﻟدﻓﺎع ﻋن ﺟﻣﺎل ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر اﻟﺷﺧص او اﻟﻘﺎﺋد ﻓﺎﻟرﺟل ﻓﻲ ذﻣﺔ ﷲ ..وﻟﺳت اﻓﮭم ﻣﺎ
ﯾﻧﺳب إﻟﯾﮫ إﻻ أﻧﮫ ﺳﺗﺎر ﻹﺧﻔﺎء ﻣوﻗف ﻣن ﯾﻧﺳﺑوﻧﮫ ﻣن اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﻌرﺑﻲ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺗﺣدﯾد ..وﻟﯾس
ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ ..أي أﻧﮫ ﺳﻼح ﻓﻲ ﻣﻌرﻛﺔ اﻟردة ﺿد ﻣﻌﺎرك اﻟﺛورة اﻟﺗﻲ ﻣﺎ ﺗزال ﻣﺳﺗﻣرة وﻣﻊ ذﻟك أﻗول
ان اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ أو ﻋدم ﺻﺣﺔ ﻣﺎ ﯾﻧﺳﺑوﻧﮫ إﻟﯾﮫ ﻻ ﺑد ان ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣوﺿوﻋﻲ ﻗﺑل أن ﯾﺻل
اﻟﻰ ﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻧواﯾﺎ ،ﻧواﯾﺎه أو ﻧواﯾﺎ ﻣن ﯾﺗﮭﻣوﻧﮫ ،واﻟواﻗﻊ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ اﻟذي ﺳﺑق ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر واﺳﺗﻣر
ﺑﻌده ،واﻟذي ﻟم ﯾﻛن ﻣﺗوﻗﻔﺎ ً ﻋﻠﻰ وﻋﯾﮫ أو ﻧواﯾﺎه وﻟﯾس ﻣﺗوﻗﻔﺎ ً ﻋﻠﻰ وﻋﻲ او ﻧواﯾﺎ اﻟذﯾن ﯾﮭﺎﺟﻣون
ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ..
ﯾﺗﻠﺧص ﻓﻲ اﻵﺗﻲ :
أوﻻ ً :أﻧﮫ ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻷوروﺑﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ أﺻﺑﺢ واﺿﺣﺎ ً أن ﻗوى اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر اﻻﻣﺑرﯾﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻗد
ﺗوﺣدت ﺗﺣت ﻗﯾﺎدة اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ .ﻓﻔرض ھذا اﻟواﻗﻊ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻗوى اﻟﺗﺣرر ﻣن
اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر أن ﺗﺗﻌﺎون او ﺗﺗﺣﺎﻟف إذا ﻟم ﺗﺳﺗطﻊ أن ﺗﺗوﺣد ﻟﺗﺣﻘق ﻟﻧﻔﺳﮭﺎ ﻗدرا ً ﻣن اﻟﺗوازن ﻓﻲ اﻟﻘوة .
ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻗد أدرك ھذا اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ وﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ ﻓﺗﻌﺎون وﺗﺣﺎﻟف ﻣﻊ ﻗوى اﻟﺗﺣرر اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ
،ﻓﺈﻧﮫ ﻟم ﯾﻔﻌل إﻻ أن ﻛﺳب ﺗﻌﺎون وﺗﺣﺎﻟف اﻟﻘوى اﻟﺗﺣررﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﻣﻌرﻛﺔ اﻟﺗﺣرر اﻟﻌرﺑﻲ
اﻟﺗﻲ ﻗﺎدھﺎ .وﻟم ﯾﻛن أﻣﺎﻣﮫ أي ﺧﯾﺎر آﺧر اﻻ اﻻﺳﺗﺳﻼم .ﻣن اﻟذي أﻧﻘذ ﻣﺻر ﻣن ﻣذﻟﺔ اﻻﺳﺗﺳﻼم ﻟﻠﻘوة
اﻟﺻﮭﯾوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﺻرة ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﻣﻌﺎرك اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﺳﻧﺔ 1956وﺳﻧﺔ 1967؟ إﻧﮭﺎ ﻗوى اﻟﺗﺣرر
اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎون وﺗﺣﺎﻟف ﻣﻌﮭﺎ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻓﻲ ﻣﻌﺎرﻛﮭﺎ .وﻣﺎ اﻟذي ﺣدث ﺑﻌد ان اﻧﺗﮭﻰ اﻟﺗﻌﺎون
واﻧﻔض اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻋﺎم . 1973ﺣﻘﻘت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻧﺻرا ً ﻣرﻣوﻗﺎ ً ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﻘﺗﺎل .ﺛم اﻧﻔردت
اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﺑﻣﺻر اﻟﺳﺎدات ﻓﻔرﺿت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺗﺻرﯾن ﻋﺎم 1973أن ﯾوﻗﻌوا وﺛﯾﻘﺔ
ﻛﺎﻣب دﯾﻔﯾد اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت .ﻣﻌدة ﻟﻠﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﯾﮭﺎ إﺛر ھزﯾﻣﺔ ..1967
ﺛﺎﻧﯾﺎ ً :أﻧﮫ ﻻ ﯾوﺟد ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ،وﻟم ﯾوﺟد ﻗط ﻣﻧذ ﻋﺷرة ﻗرون أو أﻛﺛر ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ اﻟﺷﻌب
اﻟﻣﺻري إﻻ ﻛﺟزء ﻣن اﻟﺷﻌب اﻟﻌرﺑﻲ )ﺗطور ﻛﺟزء ﻣن ﺷﻌب واﺣد إﻟﻰ أن أﺻﺑﺢ ﺟزءا ً ﻣن أﻣﺔ واﺣدة
ﻣﻛﺗﻣﻠﺔ اﻟﺗﻛوﯾن ﻣﻧذ ﺳﺑﻌﺔ ﻗرون ﺗﻘرﯾﺑﺎ ً( وﻗد ذﻛرت ﻣن ﻗﺑل ﻛﯾف ﺑدأت ﺛورة 23ﯾوﻟﯾو ﺑﻘﯾﺎدة ﻋﺑد
اﻟﻧﺎﺻر ﻣﺻرﯾﺔ إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﺛم اﻛﺗﺷﻔت أﻧﮭﺎ ﻋرﺑﯾﺔ )ﻗوﻣﯾﺔ( ﻟم ﯾﻛن ذاك اﺧﺗﯾﺎرا ً ﻣن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر وﻟﻛﻧﮫ ﻛﺎن
إدراﻛﺎ ﻣن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻟﻠواﻗﻊ اﻟذي اﻛﺗﺷﻔﮫ “ .وﺣدة ﻣﺻﯾر اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ “ ﻓﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ ﻛﻣﺎ ھو .
ﻣﺎ اﻟذي أﻋطﻰ ﻟدوﻟﺔ ﻣﺻر اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﻣﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺛﺎﻟث ﻣﻛﺎﻧﺔ دوﻟﯾﺔ أﻛﺛر ﺛﻘﻼ ً ﺑﻛﺛﯾر ﻣن ﻗوﺗﮭﺎ
اﻟذاﺗﯾﺔ ،ﻷن ﺛﻘل اﻷﻣﺔ ﻛﺎن ﻣﺿﺎﻓﺎ ً إﻟﻰ ﻣﯾزان ﻣﺻر اﻟدوﻟﺔ وﻛل ﻣﺎ ﻛﺳﺑﮫ اﻟﺷﻌب اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺻر ﻣن
ﻣﻛﺎﻧﺔ دوﻟﯾﺔ وإﻣﻛﺎﻧﺎت اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻗوة ﺗﺄﺛﯾر ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ،ﻣرﺟﻌﮫ إﻟﻰ أن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻛﺎن ﻗﺎﺋد
اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﺎھﯾرھﺎ وﻟم ﯾﻛن رﺋﯾس دوﻟﺔ ﻣﺻر .
ﺛﺎﻟﺛﺎ ً :إذا ﻛﺎن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻗد ﺗﺣول ﻣن ﺧﻼل ﻗﯾﺎدﺗﮫ اﻟﻰ ﺑطل ﻣﻌﺗرف ﺑﺑطوﻟﺗﮫ ﻋﺎﻟﻣﯾﺎ ً ﺣﺗﻰ ﻣن أﻋداﺋﮫ ،
ﻓﻠﯾس ﻣرﺟﻊ ذﻟك إﻟﻰ أﻧﮫ ﻓﻛر ودﺑر وﺧطط ﻟﯾﻛون ﺑطﻼ ً ،ﻣرﺟﻌﮫ إﻟﻰ أن اﻷدوار اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﮭﺎ أدوار
ﺑطوﻟﯾﺔ ،ﻟم ﺗﻛن ﻣﻌدة ﻟﮫ وﻟم ﯾﻛن ھو ﻣﻌدا ً ﻟﮭﺎ .وﻟﻛﻧﮫ ﺣﯾن واﺟﮭﮭﺎ اﻛﺗﺷف اﻵﺧرون ﻓﯾﮫ أﻧﮫ ﺑطل
ﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ ﻧوع اﻟدور اﻟذي ﻗد ﯾﻛون ﻣﻔروﺿﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر وﻟﯾس ﻗﺑوﻻ ً ﻟﻣﺎ ﯾرﯾده ﻟﻧﻔﺳﮫ .وأﺧﯾرا ً
ﻓﺈن ﻣن ﺧﺻﺎﺋص اﻟﺑطل ـ ﻋﻠﻣﯾﺎ ً ـ اﻧﮫ ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻼﺻطﻧﺎع وﻟﻛن ﯾﺳﺗدﻋﯾﮫ واﻗﻊ اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣﻌﯾن ﻓﻲ
ﻣرﺣﻠﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﯾﺻﺑﺢ ﺑطﻼ ً ..اﺻطﻧﺎع “ اﻟﺑطل “ ﻋن طرﯾق اﻻدﻋﺎء أو اﻟﻣﻐﺎﻣرة ﺗﮭرﯾﺞ وﻟم
ﯾﻛن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻣﮭرﺟﺎ ً .
راﺑﻌﺎ ً :أﻣﺎ اﻟﺷﻛوى ﻣﻣﺎ ﻋﺎﻧﻰ اﻟﺷﻌب اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺻر ﻣﻧذ ﻋﺷر ﺳﻧوات .ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺣﺟب ﻋن اﻟذاﻛرة
ﻣﺎ ﻛﺳب اﻟﺷﻌب اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺻر ﻗﺑل ﺗﻠك اﻟﺳﻧوات .ﻓﺈذا ﻻﺣظﻧﺎ أن اﻟﺷﻛوى ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ﻗد ﺑدأت ﻣﻊ
اﻟرّ دّ ة وﺻﺎﺣﺑﺗﮭﺎ .ﻓﺎﻷوﻟﻰ أن ﺗﻧﺳب أﺳﺑﺎب اﻟﺷﻛوى إﻟﻰ اﻟرّ دّ ة وﺳﯾﺎﺳﺎﺗﮭﺎ أﻣﺎ ﻧﺳﺑﺗﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺑل ذﻟك
ﻓﮭو ﻣﺟرّ د دﻋﺎﯾﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻟﺗﺑرﺋﺔ اﻟرّ دّ ة ..ﻧﺿرب ﻣﺛﻼ ً ﺣرب اﻟﯾﻣن ..ھﻲ اﻟﺣرب اﻟوﺣﯾدة اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻛﻠف
ﻣﺻر ﻣﻠﯾﻣﺎ ً واﺣدا ً ..ﻟﻘد ﺗﻠﻘت ﻣﺻر ﺑﺣﻛم ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﺗﻌوﯾﺿﺎ ً ﻛﺎﻣﻼ ً ﻋن ﺧﺳﺎﺋرھﺎ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ
ﺣرب اﻟﯾﻣن ..وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻗﯾل ﺑﻌد ﺗوﻗﯾﻊ ﻛﺎﻣب دﯾﻔﯾد ،اﻧﮫ ﻗد ﺑدأ ﻋﺻر اﻟرﺧﺎء ﻷن ﺣرب 1973ھﻲ
آﺧر اﻟﺣروب وﺳﺗوﻓر ﺣﻛوﻣﺔ ﻣﺻر ﻛل ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺑدّ ده ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎرك اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ أﺛﻣﺎﻧﺎ ﺑﺎھظﺔ
ﻟﻸﺳﻠﺣﺔ ..اﻟواﻗﻊ اﻵن أن ﻣﺻر .ﺑﻌد آﺧر اﻟﺣروب ،ﻗد أﻧﻔﻘت وﺗﻧﻔق ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻠﯾﺢ ﻗواﺗﮭﺎ اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﻓﻲ
اﻟﻌﺷر ﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة أﻛﺛر ﻣن ﻋﺷرة أﺿﻌﺎف ﻣﺎ أﻧﻔﻘﺗﮫ ﻣﻧذ أن ﻛﺎن ﻟﮭﺎ ﺟﯾش ﻣﺻري وطﻧﻲ .أي ﻣﻧذ
ﻋﺎم 1936ﻋﻠﻰ اﻷﻗل .
***
إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺛورة ﻣﺳﺗﻣرة .وھﻲ ﺛورة ﻗوﻣﯾﺔ .وﻗﺎﺋدھﺎ ﺑطل ،ﻓﻠﻣﺎذا ﻟم ﺗﻧﺗﺻر اﻟﺛورة اﻧﺗﺻﺎرا ً ﺣﺎﺳﻣﺎ ً
وﻟﻣﺎذا ﺗﺑدو اﻵن ﻣﮭزوﻣﺔ أو ﻣﺗراﺟﻌﺔ ،وھل ﯾﻣﻛن ان ﺗﻌود ﻓﺗﻧﺗﺻر ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻟوﺿﻊ اﻟﻣﺗردي اﻟذي
ﺗﻣر ﺑﮫ اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ .وﻟﻣﺎذا ﻻ ﺗﻛون ﻓﻲ طرﯾﻘﮭﺎ اﻟﻰ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﺑﺎﻟﮭزﯾﻣﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ؟ ھذا ﺳؤال ﯾﻔرض ذاﺗﮫ
ﻓﯾﻔرض ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﺟﯾب ﻋﻠﯾﮫ .
أﻣﺎ أﻧﮭﺎ ﻟم ﺗﻧﺗﺻر اﻧﺗﺻﺎرا ً ﺣﺎﺳﻣﺎ ً ﺗﺣت ﻗﯾﺎدة ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻓﻸﺳﺑﺎب ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻋدة ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ھو ﻣﺗﻌﻠق
ﺑﻘوة ﺗﻔﺟﯾرھﺎ ﯾوم 23ﯾوﻟﯾو . 1952ﻟم ﺗﻛن ﻗﯾﺎدة اﻟﺛورة وﻟم ﯾﻛن اﻟﺛوار ﻣﻠﺗﻘﯾن ﻋﻠﻰ ﻧظرﯾﺔ ﻟﺻﯾﺎﻏﺔ
اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ .ﻓﻛﺎﻧت رؤﯾﺗﮭﺎ ﻟﻠﻣﺳﺗﻘﺑل ﺗﺣدد ﻟﮭﺎ ﻣﺻر ﻣﺣﯾطﺎ ً اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ً وﺟﻼء
اﻟﻣﺣﺗﻠﯾن اﻻﻧﺟﻠﯾز ھدﻓﺎ ً ﺗﺣرﯾرﯾﺎ ً ،واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻋن اﻟطرﯾق اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ھدﻓﺎ ً ﺗﻘدﻣﯾﺎ ً .اﻟواﻗﻊ
اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻟم ﯾﻛن ﯾﻘﺑل ھذا اﻟﻘﺻور اﻟﻧظري .ﻓﻠم ﺗﻠﺑث اﻟﺛورة أن اﻛﺗﺷﻔت ان ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ
اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ،وان ﺟﻼء اﻟﻣﺣﺗﻠﯾن اﻻﻧﺟﻠﯾز ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﺗﺣررھﺎ ﻣن اﻟﻐزو اﻟﺻﮭﯾوﻧﻲ واﻷﻣرﯾﻛﻲ ،وان
اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻋن اﻟطرﯾق اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ وھم ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺻر ﻓﺗواﻟت اﻻﻧﻔﺟﺎرات اﻟﺛورﯾﺔ ﻟﺗﻧﺗﻘل ﺑﮭﺎ
ﻣن ﺛورة إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ اﻟﻰ ﺛورة ﻋرﺑﯾﺔ وﻣن ﺛورة ﺿد اﻟﻣﺣﺗل اﻟظﺎھر اﻟﻰ ﺛورة ﺿد ﻣﺣﺎوﻻت اﻻﺣﺗﻼل
اﻟﺧﻔﻲ وﻣن ﺛورة رأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻰ ﺛورة اﺷﺗراﻛﯾﺔ ﺑﺣﯾث .ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﺛورة ﻟم ﺗﻛﺗﻣل اﻧﻔﺟﺎرا ً إﻻ ﺑﻌد
ﻋﺷر ﺳﻧوات ﻣن اﻻﻧﻔﺟﺎر اﻷول ﻋﺎم 1952ﻛﺎن ﻛل اﻧﻔﺟﺎر ﺛوري ﯾﺣرك أﻣواج ﺗﻐﯾﯾر ﺗﺿﺎف اﻟﻰ
أﻣواج ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻠﻣﺎ اﻛﺗﻣﻠت اﺑﻌﺎد اﻟﺛورة واﺟﮭت ﻗوى أﻋداﺋﮭﺎ اﻟﻣﺗﺣﺎﻟﻔﯾن ﻓﮭزﻣوھﺎ ﻓﻲ ﻣﻌرﻛﺔ اﻻﻧﻔﺻﺎل .
وھزﻣوھﺎ ﻓﻲ ﻣﻌرﻛﺔ 1967وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻟم ﺗﺳﺗﺳﻠم ﺑﻌد اﻻﻧﻔﺻﺎل ﻋﺎم 1961ھﺎﺟﻣت أﻋداﺋﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﯾﻣن
وھزﻣﺗﮭم .وﺑﻌد ھزﯾﻣﺔ 1967اﺳﺗﺄﻧﻔت اﻟﻘﺗﺎل ﻓﻲ ﺣرب اﻻﺳﺗﻧزاف .
وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈن ھذه اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﻋﺎﻗت اﻧﺗﺻﺎر اﻟﺛورة ﻻ ﺗﺣﺟب اﻟﺳﺑب اﻟرﺋﯾﺳﻲ اﻟذي ﺻﺎﺣﺑﮭﺎ ﻣﻧذ
1952وﺑﻘﻲ ﻋﺎﺋﻘﺎ ﻻﻧﺗﺻﺎرھﺎ اﻟﺣﺎﺳم ﺣﺗﻰ اﻵن وھو أن اﻟﺛورة ﻟم ﺗﻣﺗﻠك ﻗط أداة ﺛورﯾﺔ ﺷﻌﺑﯾﺔ .ﻗﺑل
1963ﺗوﺣد ﺛوار 1952وﺟﮭﺎز اﻟدوﻟﺔ اﻟذي ﺗوﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﯾﮭﺎ ،وﻗﺎدوا اﻟﺛورة ﺑذﻟك اﻟﺟﮭﺎز .وﻟم
ﺗﻛن اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻣﺛل ھﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣرﯾر واﻻﺗﺣﺎد اﻟﻘوﻣﻲ واﻻﺗﺣﺎد اﻻﺷﺗراﻛﻲ اﻟﻌرﺑﻲ وﺗﻧظﯾﻣﮫ اﻟطﻠﯾﻌﻲ
اﻻ أﺟﮭزة ﺷﻌﺑﯾﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﺟﮭﺎز اﻟدوﻟﺔ وﺗﺣت ﻗﯾﺎدﺗﮫ ،أي أﻧﮭﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻟم ﺗﻛن أدوات ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺛورة ﺑل
أدوات ﺛورﯾﺔ ﻗوﻣﯾﺔ ﺷﻌﺑﯾﺔ واﻛﺗﻔت ﺑدوﻟﺗﮭﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ .
وﻓﻲ ﻋﺎم 1963ﺣﺎوﻟت اﻟﺛورة إﻧﺷﺎء ﺟﺑﮭﺔ ﻣﻊ ﺣزب اﻟﺑﻌث اﻟﻌراﻗﻲ وﺣزب اﻟﺑﻌث ﻓﻲ ﺳورﯾﺎ .
واﻟﺟﺑﮭﺔ ﺗﺣﺎﻟف وﻟﯾس أداة ﺛورﯾﺔ ﻓﻠم ﺗﻧﺟﺢ اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ .ﻓﺄﻋﻠن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر اﻟذي ﻓطن إﻟﻰ أن اﻟﺛورة
ﺗﻔﺗﻘد أداﺗﮭﺎ ان اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟواﺣدة ﻗد أﺻﺑﺣت ﺿرورة ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ،ﻛﺎن ذﻟك ﻓﻲ ﺻﯾف 1963
ﻓﺎﻧﺑرى ﺟﮭﺎز اﻟدوﻟﺔ ،دوﻟﺔ ﻣﺻر ،ﻹﻧﺷﺎء اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟواﺣدة ﻟﺗﻛون ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﮫ وﻣن أﺗﺑﺎﻋﮫ وﻓﺷﻠت
اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ .ﺣﺗﻰ إذا ﻛﺎﻧت ﻏﯾﺑﺔ اﻟﻘﺎﺋد ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻋﺎم 1970ﺗواطﺄ ﺟﮭﺎز اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘﺎﺋد
ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ اﻟرﺳﻣﯾﺔ وﺗﻧظﯾﻣﺎﺗﮭﺎ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﯾﺎر أﻧور اﻟﺳﺎدات رﺋﯾﺳﺎ ً .وﺑﻣﺟرد ﺗوﻟﯾﮫ اﻟﺳﻠطﺔ
اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﺗوﻟﻰ اﻟﻘﯾﺎدة اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗﻧظﯾم .ﻓﻠﻣﺎ اﻧﻔرد ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ دون اﻟذﯾن اﺧﺗﺎروه اﻧﻔرد ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ً ﺑﻘﯾﺎدة
اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺷﻌﺑﻲ دوﻧﮭم ﻓﻠم ﯾﺟدوا ﺗﻧظﯾﻣﺎ ﺷﻌﺑﯾﺎ ﯾداﻓﻊ ﻋﻧﮭم .وﻟم ﯾﻠﺑث أﻧور اﻟﺳﺎدات ان ﺣل اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت
ﺟﻣﯾﻌﺎ وارﺗد ﺑﺎﻟﻧظﺎم ﻛﻠﮫ اﻟﻰ اﺗﺟﺎه ﻣﺿﺎد ﻟﻠﺛورة ﻓﺎﻧﺗﻘﻠت اﻟﺛورة اﻟﻰ اﻟﺷﺎرع ﻛﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ ﻣن ﻗﺑل ،واﻟﺷﺎرع
ﺟﻣﺎھﯾر ﻻ ﺣﺻر ﻟﮭﺎ وﻟﻛن ﺑدون ﺗﻧظﯾم وﺑدون ﻗﯾﺎدة ،ﻓﺗﻛوﻧت ﺟﻣﺎﻋﺎت او ﺷﻠل ﻣن اﻟﺷﺑﺎب ﺗﺟﻣﻌﮭﺎ
اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ،واﺳﺗطﺎﻋت ﺣﺗﻰ وھﻲ ﻓﻲ ھذا اﻟﺷﻛل اﻟﺑداﺋﻲ ﻣن اﻟﺗﻧظﯾم ان ﺗزﻋﺞ اﻟﺳﺎدات وان
ﺗﺷﺗرك ﻓﻲ ﻗﯾﺎدة اﻟﺟﻣﺎھﯾر ﻣﻊ ﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻘوى ﻋﺎم 1977ھذا ﻓﻲ ﻣﺻر ،أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ
ﺧﺎرج ﻣﺻر ﻓﺈن اﻟﻣﻼﯾﯾن ﻣن اﻟﺛوار اﻟﻌرب اﻟذﯾن ﻛﺎﻧوا ﺗﺣت اﻟﻘﯾﺎدة اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ﻟﻌﺑد اﻟﻧﺎﺻر ،ﻓﻘدوا اﻟﻘﺎﺋد
ﻗﺑل أن ﯾﺗوﺣدوا ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم ﺗﺣت ﻗﯾﺎدﺗﮫ ﻓﺎﻧﻔرطوا أو ﺗﺣوﻟوا اﻟﻰ ﻣﻧظﻣﺎت ﻋدة .
وھﻛذا ﻣﺎ ﺗزال اﻟﺛورة ﻣﺳﺗﻣرة ﺑﻔﻌل ﺑؤر ﺛورﯾﺔ ﻣﺗﻔرﻗﺔ ﻧﺎﺻرﯾﺔ أو ﺗﻘول ﻋن ﻧﻔﺳﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻧﺎﺻرﯾﺔ .
وازدادت ﻋددا ً وزﺧﻣﺎ ً وﻣﻘدرة ﺑﻣﺎ اﻧﺿم إﻟﯾﮭﺎ وﯾﻧﺿم ﻣن ﻗوى اﻟﺛورة اﻟوﻟﯾدة .وﻟﻛن ﻣﺎ زال
اﻟﻧﺎﺻرﯾون ﯾﻧﺎﺿﻠون ﻓﻲ ﻛل ﻗطر ﻧﺿﺎﻻً ﻧﺷﯾطﺎ ً ﺣﻘﺎ ً .وﻟﻛﻧﮭم “ ﯾﺗﺳﻛﻌون “ ﺑﺑرود ﻋﺟﯾب ﺣول أﺳوار
اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘوﻣﻲ اﻟواﺣد ﻻ ﯾﻘﺗﺣﻣوﻧﮫ ﻟﯾﺗوﺣدوا ﻓﯾﮫ وﯾﻣﻸوا ﻓراغ اﻟﻘﯾﺎدة اﻟذي ﻻ ﯾزال ﺷﺎﻏرا ً ..رﺑﻣﺎ ﻷن
ﻛل ﻧﺎﺻري ﯾرﯾد ان ﯾﻧﺗظر ﻣﺑﺎﯾﻌﺗﮫ ﺑﺎﻟﻘﯾﺎدة ﻗﺑل أن ﯾﺻﺑﺢ ﺟزءا ً ﻣن ﻛل .رﺑﻣﺎ ﻷن وﺣدة اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘوﻣﻲ
ﻟم ﺗﺣدث ﻓﻲ ﺣﯾﺎة ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻓﯾظﻧون أﻧﮭﺎ ﺑدﻋﺔ ..رﺑﻣﺎ ﻷن ﻣﻧﮭم ﻣن ﯾﺣﻠم ﺑﺄن ﯾﺧﻠف اﻟﻧﺎﺻرﯾون ﻋﺑد
اﻟﻧﺎﺻر ﺣﺎﻛم ﻣﺻر ،أي ﯾرﺗدوا ﺑﺎﻟﺛورة اﻟﻰ ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻣﺳﺗﻐﻧﯾن ﻋن ﻣﺗﺎﻋب اﻟﻣﺣﯾط اﻟﻘوﻣﻲ .
رد اﻟﻔﻌل اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ أﻧور اﻟﺳﺎدات رﺑﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﻓﺗرة اﻟﺗردد ﻣﺎ ﺑﯾن 1970و 1973ﺗم اﺧﺗراق
وﺗﻠﻐﯾم اﻟﻘوى اﻟﻘوﻣﯾﺔ واﻟﻧﺎﺻرﯾﺔ ..ﻻ ﯾﮭم ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺳﺑب ،وﻟﻛن اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ھﻲ ان اﻟﺛورة ﻗد ﺗﺣوﻟت ﻣن
اﻟﮭﺟوم اﻟﻰ اﻟدﻓﺎع .وﻣن اﻟﺗﻘدم اﻟﻰ اﻟﺗراﺟﻊ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﺗﺿﺧم ﻗواھﺎ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ،وذﻟك ﻷﻧﮭﺎ ﻗوى
ﻣﺗﻔرﻗﺔ أﻗطﺎرا وﻣﺗﻔرﻗﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻗطر ،وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻣﺻﯾر اﻟﺛورة اﻟﻰ اﻧﺗﺻﺎر ﺣﺎﺳم أو ھزﯾﻣﺔ ﺣﺎﺳﻣﺔ
ﻣﺗوﻗف ﻋﻠﻰ أن ﺗﻣﻠك آداﺗﮭﺎ اﻟﺛورﯾﺔ اﻟواﺣدة ،ﻗوﻣﯾﺔ اﻻﻧﺗﻣﺎء ،ﺛورﯾﺔ اﻷﺳﻠوب ،وﺣدوﯾﺔ اﻟﻐﺎﯾﺔ
ﻓﺗﻧﺗﺻر ،أو ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺟردة ﻣن ھذه اﻷداة ﻓﺗﻧﮭزم ..وﻻ ﯾوﺟد ﻓﯾﻣﺎ أرى طرﯾق ﺛﺎﻟث .
وأرﺟو أﻻ ﯾظن أﺣد أن اﻟﺗﺿﺎﻣن اﻟﻌرﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟدول او اﻟﺗﺣﺎﻟف اﻟﻌرﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧظﻣﺎت
طرﯾق ﺛﺎﻟث ﯾؤدي اﻟﻰ اﻟﻧﺻر .أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻓﮭﻲ ﺑﺎﻟﺗﺿﺎﻣن ﺗﻛون أﻛﺛر ﻛﻔﺎءة ﻓﻲ
ﺣﻣﺎﯾﺔ وﺟودھﺎ ﻛدول وﻣﺻﺎﻟﺣﮭﺎ ﻛدول ..وﻟﻛن ﻻ ﺑد أن ﯾﻛون ﻣﻌروﻓﺎ ً أﻧﮭﺎ “ ﻛدول “ ھدف ﻣﺑﺎﺷر
ﻟﻠﺛورة اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻣن أﺟل دوﻟﺔ اﻟوﺣدة ،ﻷن دوﻟﺔ اﻟوﺣدة ھﻲ اﻟﺑدﯾل اﻟﺛوري ﻟﻠدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ وﻣن ھﻧﺎ ﻓﺈن
ﺗﺿﺎﻣن اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺳﯾﺟﻌﻠﮭﺎ أﻛﺛر ﻛﻔﺎءة ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ وﺟودھﺎ ﺿد اﻟﺛورة اﻟﻌرﺑﯾﺔ .أﻣﺎ اﻟﺗﺿﺎﻣن ﺑﯾن
اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻓﮭو ﻣﻔﯾد وﻻزم .وﻟﻛن ﻛﯾف ﻧﺿﻣن أﻻ ﯾﻛون ﻣﺿﺎدا أو ﻣﻌوﻗﺎ ﻟﻠﺛورة اﻟﻌرﺑﯾﺔ ؟ ..
ﺑﺄن ﻧﻛون ﺟﺑﮭﺔ ﺗﺣت ﻗﯾﺎدة اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘوﻣﻲ وھو ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن ھذا اﻟﺿﻣﺎن ﺳﯾظل ﻣﻔﺗﻘدا ً اﻟﻰ أن ﺗﻣﻠك
اﻟﺛورة ﺗﻧظﯾﻣﮭﺎ اﻟﻘوﻣﻲ .
وﻟﻛن ﻣﺎذا ﻧﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﻧﺎﺻرﯾﯾن ؟
إن ھذا ﺣدﯾث آﺧر .
ﻋﺻﻣت ﺳﯾف اﻟدوﻟﺔ
23ﯾوﻟﯾو “ ﺗﻣوز “ .1987
Documents récents du même auteur
خيول الظلام 21 novembre 2018
الخطاب العربي المعاصر 1er avril 2018
الفتنة ـ هشام جعيط 1er avril 2018
جمال عبد الناصر دراسة في اقواله 31 juillet 2017
الاسلام بين العروبة والقومية 31 juillet 2017
مشروع دراسة عن دولة العرب 26 juillet 2017
الاصل في حرية التعبير 9 juillet 2017
من أجل النصر .. دروس من الهزيمة 3 juin 2017
الصهيونية في العقل العربي 3 juin 2017
المحدّدات الموضوعية لدور مصر 2 juin 2017
المحددات الموضوعية لدور مصر 1er juin 2017
الحياد المستحيل 1er avril 2017
الحقيقة الوحيدة في حرب الخليج 31 mars 2017
اعلان الحرب العالمية الثالثة 22 mars 2017
مقياس الخطر من الوجود الاجنبي 22 mars 2017
الديمقراطية والوحدة العربية 19 mars 2017
الارادة الوطنية 12 mars 2017
الصعـــــود الــــــى القمة 12 mars 2017
أرض الوطن بين الحرب والسلام 15 février 2017
اعتاقة من أجل الوحدة 13 février 2017