يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو PDF


À propos / Télécharger Lire le document
Nom original: يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو.pdf

Ce fichier au format PDF 1.5 a été envoyé sur Fichier-PDF le 21/04/2017 à 22:28, depuis l'adresse IP 197.2.x.x. La présente page de téléchargement du fichier a été vue 402 fois.
Taille du document: 98 Ko (7 pages).
Confidentialité: fichier public





Aperçu du document


‫ﯾﺗﺳﺎءﻟون ﻣﺎذا ﺑﻘﻲ ﻣن ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو‪..‬؟‬
‫د‪.‬ﻋﺻﻣت ﺳﯾف اﻟدوﻟﺔ ‪.‬‬
‫ﺛورة ﯾوﻟﯾو ﻣﺳﺗﻣرة وﻣﺻﯾرھﺎ ﺑﯾن اﻧﺗﺻﺎر ﺣﺎﺳم أو ھزﯾﻣﺔ ﺣﺎﺳﻣﺔ ﻣﺗوﻗف ﻋﻠﻰ ﺗوﻓر اﻵداة اﻟﻘوﻣﯾﺔ‬
‫اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ‪...‬‬
‫***‬
‫ﻣﻧذ ﺑﺿﻊ ﺳﻧﯾن ﻛﻠﻣﺎ اﻗﺗرﺑت ذﻛرى اﻧﻔﺟﺎر ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ‪ ، 1952‬ﯾﺗﺳﺎءل اﻟﺑﻌض ﻋﻣﺎ ﺑﻘﻲ ﻣن‬
‫ﻣﺑﺎدﺋﮭﺎ وﻣﺎذا ﺑﻘﻲ ﻣن ﻣﺿﺎﻣﯾﻧﮭﺎ وﺳﯾﺎﺳﺎت ﻗﺎدﺗﮭﺎ اﻟذﯾن ﺣﻛﻣوا ﻣﺻر وھو ﺳؤال ﻣﺗردد ﺗﺣت ﺗﺄﺛﯾر‬
‫اﻟﺣﻣﻠﺔ اﻟﺷرﺳﺔ اﻟﻣﻧظﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻧﮭﺎ ﻗوى ﻣﺗﻌددة ﺿد اﻟﺛورة وﻗﺎﺋدھﺎ ‪ .‬وﻛﺎن ﺟواﺑﻧﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺳؤال‬
‫ﺑﺈﻧﻛﺎره ﻷﻧﮫ ﻣﺻﺎدرة ﻟﻠﺟواب ‪ ،‬أو ﻛﻣﺎ ﯾﻘوﻟون ﻣﺻﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻟﻣطﻠوب ‪ .‬ذﻟك ﻷﻧﮫ ﯾﻔﺗرض أن ﺛورة ‪23‬‬
‫ﯾوﻟﯾو ‪ 1952‬ﻗد اﻧﺗﮭت وﯾرﯾد ﺟواﺑﺎ ً ﻋن ﻣﻔردات اﻟﺗرﻛﺔ اﻟﺗﻲ ﺧﻠﻔﺗﮭﺎ اﻟﺛورة اﻟﻣرﺣوﻣﺔ ‪ .‬وﻧﺣن ﻻ‬
‫ﻧواﻓق ﻋﻠﻰ اﻟﺳؤال ﺑﺻﯾﻐﺗﮫ ھذه ‪ ،‬وﻧرى أن اﻟﺟواب اﻟذي ﻧﺑﺣث ﻋﻧﮫ ﯾﻘﺗﺿﻲ أوﻻ ً ﺗﺣدﯾد ﻣﺗﻰ ﺑدأت‬
‫ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو وﻣﺗﻰ اﻧﺗﮭت إذا ﻛﺎﻧت ﻗد اﻧﺗﮭت ‪ .‬وذﻟك ﻟﺗﺣدﯾد اﻟﻣﺳﺎﺣﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻧﺑﺣث ﻓﯾﮭﺎ ﻋن‬
‫اﻷﺟوﺑﺔ اﻟﺻﺣﯾﺣﺔ ‪.‬‬
‫ﻣن اﻟﻣؤﺳف أن اﻟﻐﺎﻟﺑﯾﺔ اﻟﻐﺎﻟﺑﺔ ﻣﻣن ﻛﺗﺑوا أو أرﺧوا ﻟﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ﻟم ﯾﮭﺗﻣوا ﺑﮭذا اﻟﺗﺣدﯾد ‪ .‬وﻛﺛﯾر‬
‫ﻣﻧﮭم ﺣﺗﻰ ﻣن ﻗﺎدﺗﮭﺎ أﻋطوا ﻟﮭﺎ ﻋﻣرا ً ﯾﻘل ﻋن ﺳﻧﺗﯾن ‪ ،‬وﻗد ﯾﻣﺗد إﻟﻰ ﺛﻼث ﺳﻧوات ‪.‬‬
‫ﻓﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ‪ 1952‬ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﺳﯾد ﺧﺎﻟد ﻣﺣﯾﻲ اﻟدﯾن أﺣد أﻋﺿﺎء ﻣﺟﻠس ﻗﺎدﺗﮭﺎ اﻧﺗﮭت ﻓﻲ‬
‫ﻣﺎرس ‪ . 1954‬ﻓﻔﻲ ذﻟك اﻟﺷﮭر اﻧﺣﺎز ﺧﺎﻟد ﻣﺣﯾﻲ اﻟدﯾن )ورﻓﺎﻗﮫ( إﻟﻰ ﻣﺣﻣد ﻧﺟﯾب وإﻟﻰ ﺣزب اﻟوﻓد‬
‫ﺿد اﻟﺛورة ﻣطﺎﻟﺑﺎ ً ﺑﺈﻋﻼن اﻧﺗﮭﺎﺋﮭﺎ وﻋودة اﻟﺟﯾش اﻟﻰ ﺛﻛﻧﺎﺗﮫ وﺗﺳﻠﯾم اﻟﺳﻠطﺔ إﻟﻰ ﺣزب اﻟوﻓد أو ﺣﻠف‬
‫ﻣن اﻟﻘوى اﻟﺣزﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت اﻟﺛورة ﺿد ﺳﯾﺎﺳﺎﺗﮭﺎ ‪ .‬ھذا اﻟﻣوﻗف ﯾﻌﻧﻲ أن ﻣﺎ ﻧﺳﻣﯾﮫ ﺛورة ﻛﺎن ﻓﻲ‬
‫ﻣﻔﮭوم ﺧﺎﻟد ﻣﺣﯾﻲ اﻟدﯾن )ورﻓﺎﻗﮫ( اﻧﻘﻼﺑﺎ ً ﻋﺳﻛرﯾﺎ ً اﺳﺗوﻟﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﺳﻠطﺔ ﻣن اﻟﻣﻠك واﻹﻗطﺎﻋﯾﯾن ﺣﻠﻔﺎء‬
‫اﻟﻣﻠك واﻧﺗﮭت ﻣﮭﻣﺗﮫ ‪ ،‬ﻓﻌﻠﯾﮫ أن ﯾرد اﻟﺳﻠطﺔ إﻟﻰ أﺻﺣﺎﺑﮭﺎ اﻟﺷرﻋﯾﯾن )اﻟوﻓد ﺑﺎﻟذات( واﻟﺛورة اﻧﺗﮭت‬
‫ﻋﻧد ﻋﺑد اﻟﻠطﯾف اﻟﺑﻐدادي وآﻣﺎل اﻟدﯾن ﺣﺳﯾن وأﻧور اﻟﺳﺎدات ﻋﻠﻰ ﺧﻼف ﻓﻲ اﻟﻣوﻗف اﻟﻣﻌﻠن ﻟﻛل ﻣﻧﮭم‬
‫ﻣﻊ ﺑدء اﻟﺗﺣول اﻻﺷﺗراﻛﻲ ﻓﻲ أواﺋل اﻟﺳﺗﯾﻧﺎت ‪ .‬وﺳﯾﺣﺎول أﻧور اﻟﺳﺎدات ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد أن ﯾﺻﺣﺢ ﻣﺳﺎر‬
‫اﻟﺛورة ﻛﻣﺎ ﻓﮭﻣﮭﺎ ﺑﺗﺻﻔﯾﺔ ﻛل ﻣﺎ ﺗم ﺑﻌد ذﻟك اﻟﺗﺎرﯾﺦ ‪.‬‬
‫ﺑل ان اﻟﺛورة ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ ﺣﺳن إﺑراھﯾم أﺣد أﻋﺿﺎء ﻣﺟﻠس ﻗﺎدﺗﮭﺎ ‪ ،‬اﻧﺗﮭت ﻗﺑل أن ﯾﻧﺗﮭﻲ ﺷﮭر ﯾوﻟﯾو‬
‫‪ . 1952‬ﻓﻣﺎ ان ﺗم طرد ﻓﺎروق اﻟﻣﻠك ﺣﺗﻰ ﻛﺎن رأي ﺣﺳن إﺑراھﯾم اﻟذي ﺳﻣﻌﺗﮫ ﺷﺧﺻﯾﺎ ً ﻣﻧﮫ ﻋدة‬
‫ﻣرات ‪ ،‬ان ﻋﻠﻰ أﻋﺿﺎء ﻣﺟﻠس ﻗﯾﺎدة اﻟﺛورة اﻻﻧﺳﺣﺎب وﺗرك اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻟﺟﻣﺎل ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ‪ .‬وﻛﺎن ﯾﻌﻠل‬
‫ﻣوﻗﻔﮫ ھذا ﺑﺄن اﻟﺛورة ﻟم ﺗﻘم ﻟﺗﺣﻛم وﻟﻛن ﻟﺗزﯾل اﻟﻌﻘﺑﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ ﻣن ﺳﺑﯾل اﻟﺣﻛم ‪ ،‬وان أﺣدا ﻣﻧﮭم ـ ﻣﺎ‬
‫ﻋدا ﺟﻣﺎل ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻛﻣﺎ ﻗﺎل ـ ﻟم ﯾﻛن ﯾﻌرف ﺷﯾﺋﺎ ً ﻋن ﺷؤون اﻟﺣﻛم وﻟم ُﯾﻌد ﻧﻔﺳﮫ ﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺎﺗﮫ ‪.‬‬
‫وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻋﻠﯾﮭم أن ﯾﺗوﻗﻔوا ﻋﻧد ﺣدود ﻣﺎ أﻋدوا أﻧﻔﺳﮭم ﻟﮫ وﯾﺗرﻛوا ﻟﻌﺑد اﻟﻧﺎﺻر وﺣده ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺷؤون‬
‫اﻟﺣﻛم ﺳواء اﺳﺗﻌﺎن ﺑﺄﺣد ﻣﻧﮭم أم ﻻ‪.‬‬
‫ﺑﻘﻲ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻣﻧظم ﻗوى اﻟﺛورة وﻣﺣدد ﻣﯾﻘﺎﺗﮭﺎ وﻗﺎﺋدھﺎ ﻣﻔﻛرا ً وﺣﺎﻛﻣﺎ ً ﺣﺗﻰ وﻓﺎﺗﮫ ﺑدون ﻣﻧﺎزع ‪ .‬ھذه‬
‫اﻟﺻﻠﺔ اﻟوﺛﯾﻘﺔ ﺑﯾن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر واﻟﺛورة ﺣﻣﻠت ﻛﺛﯾرﯾن ﻋﻠﻰ ﺗوﻗﯾت ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺛورة ﺑوﻓﺎة ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻋﺎم‬
‫‪ . 1970‬وزﻛت ھذا اﻟرأي اﻟردة اﻟﺗﻲ ﻗﺎدھﺎ أﻧور اﻟﺳﺎدات ﺑﻌد وﻓﺎة ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر وإﻋﻼﻧﮫ رﺳﻣﯾﺎ ﻋﺎم‬
‫‪ 1974‬ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺛورة وﺗﻘرﯾره ﻣﻌﺎش ﺗﻘﺎﻋد ﻟﻛل ﻣن ﻋرﻓﮭم ﻣن “ اﻟﺿﺑﺎط اﻷﺣرار ” ‪.‬‬

‫واﻟواﻗﻊ أن ﺗﺣدﯾد ﻋﻣر اﻟﺛورة ‪ ،‬أﯾﺔ ﺛورة ‪ ،‬ﯾﻛون ﺑﺎﺳﺗﻣرار آﺛﺎر اﻧﻔﺟﺎرھﺎ ‪ ،‬ﻓﻲ ﺗﺣرﯾك ﻣوﺟﺎت اﻟﺗطور‬
‫ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ‪ .‬اﻟﺛورة ﻋﻧدي ‪ ،‬أﯾﺔ ﺛورة ‪ ،‬ﻣﺛل اﻧﻔﺟﺎر ﺑرﻛﺎن ﻓﻲ ﻗﻠب ﻣﺣﯾط ﻣﺎﺋﻲ راﻛد ‪.‬‬
‫ﯾﺧرج اﻟﻠﮭب ﻣن اﻟﻣﺎء ‪ ،‬وﺗﺗﺻﺎﻋد اﻟﺣﻣم ﻟﺗﺻﺑﺢ أرﺿﺎ ً ﻟم ﯾﻛن ﻟﮭﺎ وﺟود ‪ .‬وﺗﺗﻛﺎﺛر ﺳﺣب اﻟدﺧﺎن ﻓﺗﻐﯾر‬
‫اﻟﻣﻧﺎخ ‪ ،‬وﺗﻧطﻠق ﻣن ﻣرﻛز اﻻﻧﻔﺟﺎر ‪ ،‬وﻣن ذات اﻟﻣﯾﺎه اﻟراﻛدة ‪ ،‬ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣﺗﺗﺎﺑﻌﺔ ﻣن اﻷﻣواج اﻟﺗﻲ‬
‫ﻛﺎﻟﺟﺑﺎل ‪ ،‬وﺗﻣوت ﺧﻼﻟﮭﺎ أﺣﯾﺎء ‪ ،‬وﺗﺣﯾﺎ ﺧﻼﻟﮭﺎ أﻋﺷﺎب ﻋﻠﻰ أرض ﺑﻛر ‪ .‬وﻣﻊ ﻣرور اﻟوﻗت ﯾﮭدأ ﻛل‬
‫ﺷﻲء وﻟﻛن ﻻ ﺗﻌود اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧت ﻋﻠﯾﮫ أﺑدا ‪ .‬ﻓﻲ ﻣوﻗﻊ اﻻﻧﻔﺟﺎر ﺟﺑل ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻣﯾﺎه اﻟﻣﺣﯾطﺔ ﺟزر‬
‫ﺑرﻛﺎﻧﯾﺔ ﻣﺗﻧﺎﺛرة ‪ .‬ﻋﺎﻣرة ﺑطﯾور وﺣﯾواﻧﺎت وأﺷﺟﺎر ﻻ ﯾﻌرف أﺣد ﻣن أﯾن أﺗت ‪ ،‬وﺗﺗﺄﺛر وﺗﺗﻐﯾر اﺗﺟﺎھﺎت‬
‫ﺗﯾﺎرات اﻟﻣﯾﺎه اﻟﺟوﻓﯾﺔ ‪ ،‬ﻟﺗﺑدأ ﺣﯾﺎة ﺟدﯾدة ﻓﻲ واﻗﻊ ﺟﻐراﻓﻲ وطوﺑوﻏراﻓﻲ ﺟدﯾد ﻓﺗﻛون اﻟﺛورة ﻗد اﻧﺗﮭت‬
‫رﺑﻣﺎ إﻟﻰ أن ﺗﺑدأ ﺛورة ﺟدﯾدة ‪.‬‬
‫ﺑﺎﺧﺗﺻﺎر ‪ ،‬إذا ﺗﻌﺎﻣﻠﻧﺎ ﻣﻊ ﺛورة ﯾوﻟﯾو ﻋﻠﻰ اﻧﮭﺎ “ ﺛورة ﻓﻲ ﻣﺣﯾط اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ‪ ،‬ﺳﻧﻛﺷف ﺑﺳﮭوﻟﺔ أﻧﮭﺎ‬
‫ﺷﻛل ﻣﺗﻘدم ﻣن اﻟﺻراع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﮭﺎ ‪ .‬واﻟﺻراع ﻟﯾس آﺣﺎدي اﻟﻘوة ‪ ،‬ﺑل ﻣﺗﻌدد اﻟﻘوى ‪.‬‬
‫ﺑﻌﺿﮭﺎ ﻣﻊ اﻟﺛورة وﺑﻌﺿﮭﺎ ﺿد اﻟﺛورة ‪ .‬وﯾﻛون ﻣﺗﻌﯾﻧﺎ ً ﻋﻠﯾﻧﺎ ﻓﻲ ھذه اﻟﺣﺎﻟﺔ ان ﻧﻼﺣظ اﻟﺛورة ﻓﻲ‬
‫ﺣرﻛﺗﮭﺎ وأن ﻧرﺻد ﻣﺎ ﯾطرأ ﻋﻠﻰ أھداﻓﮭﺎ ﻣن ﺗﻐﯾر أو ﺗطور ﺧﻼل اﻟﺻراع ‪ ،‬ﺛم ﻧﻧظر ﻟﻧرى ھل اﻧﺗﮭﻰ‬
‫اﻟﺻراع أو ﻟم ﯾﻧﺗﮫ ‪ .‬ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻗد اﻧﺗﮭﻰ ﺑﺳﺣق أﻋداء اﻟﺛورة ﻓﻘد اﻧﺗﺻرت اﻟﺛورة واﻧﺗﮭت ھﻲ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺎ ً‬
‫ﺑﺎﻧﺗﺻﺎرھﺎ وإذا ﻛﺎﻧت ﻗد اﻧﺗﮭت ﺑﺳﺣق ﻗوى اﻟﺛورة ﻓﻘد اﻧﮭزﻣت اﻟﺛورة واﻧﺗﮭت ھﻲ ﺑﮭزﯾﻣﺗﮭﺎ ‪ ،‬أﻣﺎ إذا‬
‫ﻛﺎن اﻟﺻراع ﻣﺎ ﯾزال ﻣﺳﺗﻌرا ً ‪ ،‬ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن أﺷﻛﺎﻟﮫ ‪ ،‬وﻗواه ‪ ،‬وﺳﺎﺣﺎﺗﮫ ﺑدون ﻧﺻر ﺣﺎﺳم أو‬
‫ھزﯾﻣﺔ ﺣﺎﺳﻣﺔ ‪ ،‬ﻓﺈن اﻟﺛورة ﻣﺎ ﺗزال ﻣﺷﺗﻌﻠﺔ وﻻ ﯾﺟوز ﺣﯾﻧﺋذ اﻟﺣدﯾث ﻋن “ ﺗرﻛﺗﮭﺎ “ ﻣﺎذا ﺑﻘﻲ ﻣﻧﮭﺎ‬
‫وﻣﺎذا اﻧﻘﺿﻰ ‪ .‬وﻟﻧﺗذﻛر أن اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻗﺎﻣت ﻓﻲ أواﺧر اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر ﻟم ﺗﺳﺗﻘر ﻣﻧﺗﺻرة‬
‫إﻻ ﻓﻲ اﻟﻧﺻف اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣن اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ‪ .‬وان اﻟﺛورة اﻟروﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺑدأ اﻧﻔﺟﺎرھﺎ ﻓﻲ ﻣطﻠﻊ اﻟﻘرن‬
‫اﻟﻌﺷرﯾن ﻟم ﺗﺳﺗﻘر إﻻ ﻓﻲ اﻟﻌﻘد اﻟراﺑﻊ ﻣن ھذا اﻟﻘرن ‪.‬‬
‫ﺑدأت ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ‪ ، 1952‬ﺗﺣررﯾﺔ ‪ ،‬ﺗﺳﺗﮭدف ‪ ،‬اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وأﻋواﻧﮫ ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻘول‬
‫اﻟﻣﺑدأ اﻷول ﻣن اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺳﺗﺔ ‪ .‬ﺛم ﻧﺳﺄل أﯾن ؟ أي ﻓﻲ أي ﻣﺣﯾط اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ؟ اﻟﺟواب ‪ :‬ﻓﻲ ﻣﺻر ﺑﺎﻟذات‬
‫وﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺗﺣدﯾد ‪ ،‬وﻗد اﺳﺗطﺎﻋت اﻟﺛورة أن ﺗﺣﻘق ھذا اﻟﻣﺑدأ ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ً ﻛﺎﻣﻼ ً ﻓﻲ ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻣﺗﺻﻠﺔ ﻣن‬
‫اﻟﻣﻌﺎرك اﻟﺳﻠﻣﯾﺔ واﻟﻘﺗﺎﻟﯾﺔ آﺧرھﺎ ﻣﻌرﻛﺔ اﻟﺳوﯾس ﺳﻧﺔ ‪ . 1956‬وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈن ﻣﻌﺎرك اﻟﺗﺣرر ﻟم ﺗﻧﺗﮫ‬
‫ﻋﺎم ‪ 1956‬ﺑل ﻟﻌﻠﮭﺎ ﺑدأت ﺑﻛل ﺿراوﺗﮭﺎ ﻣﻧذ ﻋﺎم ‪ ، 1956‬ﻟﻣﺎذا ؟‬
‫ﻷﻧﮫ ﺑﺻرف اﻟﻧظر ﻋن وﻋﻲ أو إرادة ﻗﺎدة ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ﻓرﺿت اﻟطﺑﯾﻌﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻟﺗﺣرﯾر ﻣﺻر‬
‫ﻋﻠﻰ اﻟﺛورة أن ﺗﺳﺗﻣر ﺧﺎرج ﺣدود ﻣﺻر اﻟﺟﻐراﻓﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ إذا أرادت أن ﺗﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ ﺗﺣرﯾر ﻣﺻر ‪.‬‬
‫ﻣﺻر ‪ ،‬أرادت اﻟﺛورة ﯾوم ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ام ﻟم ﺗرد ‪ .‬ﺟزء ﻣن اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ‪ ،‬وﻗوى اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وأﻋواﻧﮫ ‪،‬‬
‫اﻟﺗﻲ أرادت اﻟﺛورة أن ﺗﻘﺿﻲ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻣﺗواﺟدة ﻋﻠﻰ اﺗﺳﺎع اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ‪ ،‬ﻓﺈذ ﺑﺎﻟﺛورة اﻟﺗﻲ اﻛﺗﻔت‬
‫واﺣﺗﻔت ﺑﺎﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺟﻼء ﻋﺎم ‪ ، 1954‬ﻛﺈﻧﺟﺎز ﻟﻣﺑدﺋﮭﺎ اﻷول ﺗﺗﻌرض وﺗﺗﺻدى ﻟﻠﻐزو اﻻﺳﺗﻌﻣﺎري ﺑﻌد‬
‫اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ اﻟﺟﻼء ﻓﻲ ﺷﻛل أﺣﻼف ﺗﺣﯾد ﺑﮭﺎ ‪ ،‬وﻏزو ﻣﺳﻠﺢ ﻟﻘطﺎع ﻏزة ‪ ،‬وﻏزو أو ﻣﺣﺎوﻟﺔ ﻏزو اﻗﺗﺻﺎدي‬
‫ﻣن اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ‪ .‬ﺛم ﻏزو ﻋﺳﻛري اﻧﻛﻠﯾزي ﻓرﻧﺳﻲ ﺻﮭﯾوﻧﻲ ﺗﺷﺗرك ﻓﯾﮫ ﻗوى ﻛﺎﻧت‬
‫ﻣﺣﺗﺷدة ﻓﻲ ﻗواﻋد ﻋﻠﻰ اﻷرض اﻟﻌرﺑﯾﺔ ‪ .‬ﻓﯾطور اﻟواﻗﻊ اﻟﻘوﻣﻲ اﻟﻣﺑدأ اﻷول ﻟﻠﺛورة اﻟذي ﻛﺎن ﯾوم ‪23‬‬
‫ﯾوﻟﯾو ‪ ، 1952‬اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وأﻋواﻧﮫ ﻓﻲ ﻣﺻر ‪ ،‬ﻓﯾﺻﺑﺢ ‪ ،‬اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وأﻋواﻧﮫ‬
‫ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ‪ .‬ﻛل ھذا واﻟﺛورة ﻣﺳﺗﻣرة ‪ .‬ﻓﯾﻘول ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﯾوم ‪ 20‬ﻣﺎرس ‪ “ : 1963‬إﯾﮫ اﻟﻠﻲ‬
‫ﺧﻼﻧﺎ ﯾﻌﻧﻲ ﻣﻣﺛﻠﯾن ﻟﻠﻌروﺑﺔ ؟ ‪ ..‬اﻟﻠﻲ اﺗﻌﻣل ﻓﻲ ھذا اﻟﺑﻠد )ﯾﻌﻧﻲ ﻣﺻر( ‪ ..‬واﻟﺛورة اﻟﻠﻲ ﻗﺎﻣت ﻓﻲ ‪23‬‬
‫ﯾوﻟﯾو ‪ ..‬طﻠﻌت ﺛورة ‪ ..‬وﻟم ﺗﻛﺗف ﺑﺄﻧﮭﺎ ﺛورة ﻣﺻرﯾﺔ إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ‪ ..‬اﻛﺗﺷﻔت ﺣﻘﯾﻘﺗﮭﺎ ‪ ..‬واﺗﺟﮭت ﻟﺗﻛون‬
‫ﺛورة ﻋرﺑﯾﺔ ” ‪.‬‬
‫اﻟﺟدﯾر ﺑﺎﻻﻧﺗﺑﺎه ھﻧﺎ ‪ ،‬ﻣﺎ ﻣﻌﻧﻰ أن اﻟﺛورة اﻛﺗﺷﻔت ﺣﻘﯾﻘﺗﮭﺎ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ؟‬

‫ﻣﻌﻧﺎه اﻷول اﻧﮫ ﻓﻲ ﯾوم ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ‪ 1952‬ﻟم ﺗﻛن اﻟﺛورة ﺗﻌرف أن ﺣﻘﯾﻘﺗﮭﺎ ﻋرﺑﯾﺔ ‪ ،‬وأﻧﮭﺎ ﻣن ﺧﻼل‬
‫اﻟﻌﻣل ﻓﻲ ﻣﺻر ـ ﺗﺣرﯾر ﻣﺻر ـ اﻛﺗﺷﻔت أن ﺗﺣرﯾرھﺎ ﻣﺣﺎل ﺑدون ﺗﺣرﯾر اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ﻛﻠﮫ ‪ .‬ﻓﻧﻘول‬
‫اﻛﺗﺷﻔت اﻟﺛورة اﺗﺳﺎع ووﺣدة ﺳﺎﺣﺎت ﻣﻌﺎرك “ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وأﻋواﻧﮫ “ ‪ ،‬وأن اﺗﻔﺎﻗﯾﺔ‬
‫اﻟﺟﻼء ﻋﺎم ‪ 1954‬ﻟم ﺗﻛن ﺗﺣﻘﯾﻘﺎ ً ﻟﻣﺑدأ اﻟﺗﺣرر ﻣن اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر ﺑل ﻛﺎﻧت أوﻟﻰ ‪ ،‬وأﺳﮭل ﻣﻌﺎرﻛﮫ اﻟﻣﻣﺗدة ‪.‬‬
‫ﻧﺳﺄل أﻧﻔﺳﻧﺎ أو ﻧﺳﺄل اﻟﻘراء ‪ ،‬ھل اﻧﺗﮭت ﻣﻌﺎرك اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر وأﻋواﻧﮫ ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ﻣﻧذ‬
‫ان دﻓﻌت أو ﺣرﻛت ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ﻣوﺟﺎت اﻟﺗﺣرر اﻷوﻟﻰ ‪ ..‬طﺑﻌﺎ ﻟم ﺗﻧﺗﮫ ﺑل ھﻲ أﺷد ﺿراوة ‪ ..‬اﻟﺛورة‬
‫‪ ..‬أو ﻓﻠﻧﻘل ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو اﻟﺗﺣررﯾﺔ ﻟم ﺗﻧﺗﮫ ﻻ ﺑﺎﻧﺗﺻﺎر ﻛﺎﻣل وﻻ ﺑﮭزﯾﻣﺔ ﺗﺎﻣﺔ ‪ ..‬واذا ﻛﺎﻧت ﻗد‬
‫اﻧﺗﺻرت ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك واﻧﮭزﻣت ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك ‪ ،‬أو ﻛﺎن ﻗﺎﺋدھﺎ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻗد ﻏﺎب ‪ ،‬أو ﻛﺎن أوارھﺎ ﻗد ﺧﻣد‬
‫ﻓﻲ ﻣرﻛز اﻧﻔﺟﺎرھﺎ ‪ ،‬ﻓﺈن ﻣوﺟﺎت اﻟﺗﺣرر اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺗﻲ دﻓﻌت ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ اﻟﻘوﻣﻲ وﻋﻠﻰ‬
‫رأﺳﮭﺎ اﻟﺛورة اﻟﻔﻠﺳطﯾﻧﯾﺔ ﻣﺎ ﺗزال ﺗﺗواﻟﻰ ‪ ،‬ﺗﻧﺎطﺢ اﻟﺻﺧور اﻻﺳﺗﻌﻣﺎرﯾﺔ ﺛم ﺗرﺗد ﻋﻧﮭﺎ ﻛﺎﻟﻣوج ﺗﻣﺎﻣﺎ ‪،‬‬
‫وﻟﻛن ﻣﯾﺎه اﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ ﻟم ﺗﻌد ‪ .‬إﻟﻰ اﻟرﻛود ﻣﻧذ ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ‪ 1953‬وﻟﻧﺎ أن ﻧطﺑق ھذا ﻋﻠﻰ‬
‫ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺳﺗﺔ ‪ ،‬وﻛﯾف أﺿﯾﻔت إﻟﯾﮭﺎ ﻣﺑﺎدئ اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺑﻌد ‪ 1956‬إﻟﻰ درﺟﺔ أن ﯾﻘول ﻋﺑد‬
‫اﻟﻧﺎﺻر ﻓﻲ ﻋﺎم ‪ 1958‬ﺑﺄﻧﮫ ﻟم ﯾﺧﻠق اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺑل ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺧﻠﻘﺗﮫ ‪ .‬واﻧﮫ ﻟﯾس ھو اﻟذي ﯾﺣرﻛﮭﺎ‬
‫ﺑل ھﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺣرﻛﮫ ‪ ،‬وأﻧﮭﺎ ﻟن ﺗﻧﺗﮭﻲ ﺑوﻓﺎﺗﮫ ﺑل ﺳﺗﻠد ﻏﯾره ﻋﺷرات وﻣﺋﺎت وأﻟوﻓﺎ ً ﻣن اﻟﻘوﻣﯾﯾن وﻟﻧﻧظر‬
‫ﻓﻲ اﻷرض اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻟﻧرى ﻛﯾف أن ﺣرﻛﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﻣﺗراﺟﻌﺔ ﺣﺎﻟﯾﺎ ً أﺑﻌد ﻣﺎ ﺗﻛون ﻋن اﻻﺳﺗﺳﻼم ‪،‬‬
‫ﺑل اﻧﮭﺎ ﻟﺗﺣﺗﺷد ﻧﺎﻣﯾﺔ ﻓﻲ أﺷﻛﺎل ﺷﺗﻰ ﺣول ﻣواﻗف ﺟزﺋﯾﺔ ‪ ،‬وﺗﻣﺎرس أﻧﻣﺎطﺎ ﻣرﺣﻠﯾﺔ ﻣن اﻟﻧﺿﺎل ‪ ،‬ﻓﻲ‬
‫اﻟﻘطر اﻟذي ﻛﺎن ﺧﺎﻟﯾﺎ ً ﻣن أﯾﺔ ﻗوة ﻗوﻣﯾﺔ ﯾﻘﺎم ﻟﮭﺎ أي وزن ﯾوم ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ‪ .. 1952‬وﻋﺷرات اﻷﻟوف‬
‫ﺑل ﻣﺋﺎت اﻷﻟوف ﻣن اﻟﻘوﻣﯾﯾن اﻟذﯾن ﺗوﻗﻊ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻣوﻟدھم ﻗد وﻟدوا ﻣن ﺑﻌده وﯾزداد اﻟﻣواﻟﯾد ﻛل‬
‫ﻋﺎم وﺗزداد ﻗوى اﻟﺛورة اﻟﻘوﻣﯾﺔ وﺗزداد اﻟﻣﻌﺎرك ﺿراوة وﻟﻛن ﺑﺄﺳﺎﻟﯾب ﺷﺗﻰ ‪.‬‬
‫واﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻣﮭزوﻣﺔ أو ﻣﺗراﺟﻌﺔ ‪ ،‬أﻋﻧﻲ اﻟﻣوﺟﺔ اﻟﻘوﻣﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻓﺟرﺗﮭﺎ ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ودﻓﻌت ﺑﮭﺎ‬
‫ﻟﺗﻛﺗﺳﺢ أﻋداء اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺳورﯾﺎ واﻟﻌراق واﻟﺟزاﺋر وﺗﺣﻘق وﺣدة ‪ 1958‬وﺗﻧﮭزم ﻓﻲ ﻣﻌرﻛﺔ‬
‫اﻟﺣﻔﺎظ ﻋﻠﯾﮭﺎ ﻓﺗﺧوض ﻣﻌﺎرك اﻟﯾﻣن ‪ ..‬ﻣرﺗدة اﻵن وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻣﺎ ﺗزال ﺗﺣﺎول ـ ﺑﺂﻻف اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻣﺣﺳوﺳﺔ‬
‫وﻏﯾر اﻟﻣﺣﺳوﺳﺔ ـ دون اﺳﺗﻘرار اﻟﺗﺟزﺋﺔ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ‪ .‬ﻓﮭل اﻧﺗﮭت ﺛورة ﯾوﻟﯾو اﻟﺗﻲ ﺑدأت إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﺛم‬
‫اﻛﺗﺷﻔت إﻧﮭﺎ ﻋرﺑﯾﺔ ؟‪.‬‬
‫***‬
‫وﻟﺳت أرﯾد أن ﻧﺄﺧذ ﺑﺎﻗﻲ اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺳﺗﺔ وﻟﻛﻧﻲ أرﯾد أن ﻧرﻛز ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺑدأ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو‬
‫اﻟذي ﺣﺎوﻟت ﺗﻠك اﻟﻣﺑﺎدئ اﻟﺳﺗﺔ أن ﺗﻌﺑر ﻋﻧﮫ ‪ .‬أرﯾد ھذا ﻷﻧﮫ ﻏﯾر ﻣذﻛور ﻣن ﺑﯾﻧﮭﺎ ‪ ،‬ھذا ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ‬
‫وﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ أﺧرى ﻷن اﻟذﯾن ﯾﻌوﻧﮫ ھم ﻟؤﻟﺋك اﻟذﯾن ﻋﺎﺷوا واﻋﯾن اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺑﻘت ﺛورة‬
‫‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ‪ ،‬وﺗﻧﺎﻗﺿﺎﺗﮭﺎ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت اﻟﺳﺑب اﻷول ﻟﻣﺟرد اﻟﺗﻔﻛﯾر ﻓﻲ اﻟﺛورة ـ وأﻧﺎ ﻣﻧﮭم ـ اﻧﮫ ﻣﺑدأ‬
‫اﻟﻣﺳﺎواة ‪ .‬ذﻟك اﻟﻣﺑدأ اﻟذي اﺗﺧذ وﺿﻌﮫ اﻟﺻﺣﯾﺢ ﻓﻲ ﺷﻌﺎر اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ‪ ..‬ﻗﺑل ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو‬
‫‪ . 1952‬ﻛﺎﻧت اﻟﻣﺳﺎواة ﺑﯾن اﻟﺑﺷر ﻣﻌدوﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﺻر ‪ .‬ﻻ أﻋﻧﻲ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻟﻘﺎﻧون ‪ ،‬وﻻ اﻟﻣﺳﺎواة‬
‫ﻓﻲ ﺷروط اﻟﻌﻣل ‪ ،‬وﻻ اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ اﻟﻔرص ‪ ،‬وﻻ اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ اﻟوﺿﻊ اﻻﻗﺗﺻﺎدي ‪ ..‬ﻻ ‪ .‬أﺑدا ً ﻛل ھذا ﻗد‬
‫ﻻ ﯾؤدي اﻟﻰ ﺛورة ‪ ،‬أو ﻗد ﻻ ﯾﻛون “ إرادة ﷲ “ ‪ ..‬وﻛﺎن اﻟﺗﻣرد ﻋﻠﻰ ﻋدم اﻟﻣﺳﺎواة ‪ ،‬وﻛﺎن ﻓردﯾﺎ ً‬
‫ﻋﺎدة ‪ ،‬ﯾﻌﺗﺑر ﺧروﺟﺎ ً ﺷﺎذا ً ﻣن أﻓراد ﻻ ﯾرﯾدون ان ﯾﻔﮭﻣوا أن اﻟﻌﯾن ﻻ ﺗﻌﻠوا ﻋن اﻟﺣﺎﺟب ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛﺎن‬
‫ﻣداﻧﺎ ً اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ً ﻛﺎﻧﺣراف أﺧﻼﻗﻲ ‪ ..‬ﻟم ﯾﻛن ﺛﻣﺔ أﻣل ‪ ،‬أي أﻣل ‪ ،‬ﻓﻲ ﺗﺻﻔﯾﺔ ھذا اﻟوﺿﻊ اﻟﻌدﻣﻲ ﺑﺎﻹﺻﻼح‬
‫‪ ..‬ﻓﺟﺎءت ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ﺗﻧظم ﻣوﺟﺎﺗﮭﺎ اﻟﻘوﯾﺔ وﻋﻲ اﻟﺑﺷر اﻟراﻛد ‪ ،‬ﻟﯾﻠﺗﻔﺗوا ﺛم ﻟﯾدرﻛوا ‪ ،‬أﻧﮭم ﻛﺑﺷر‬
‫ﻣﺗﺳﺎوون ‪ ،‬وان اﻟﻣﺳﺎواة ھﻲ اﻟوﺿﻊ اﻟطﺑﯾﻌﻲ أو أن اﻟﻣﺳﺎواة ھﻲ ﻣﺎ أراده ﷲ ‪ ،‬ﻓﻌرﻓوا ﻷول ﻣرة أﻧﮭم‬
‫ﻣﻌﺗدى ﻋﻠﯾﮭم وان ﻟﮭم ﺣﻘﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎواة ﻣﻐﺗﺻﺑﺎ ً ‪ ،‬وﻛﺎﻧت ھذه أروع اﻟﻣوﺟﺎت اﻟﺗﻲ دﻓﻌت ﺑﮭﺎ ﺛورة ‪23‬‬
‫ﯾوﻟﯾو ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ‪ .‬وﻣﺎ ﻋﻠﯾﻧﺎ إﻻ أن ﻧﺗﺄﻣل اﻹﻧﺳﺎن اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ أي ﻣﻛﺎن ﻣن اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ‬
‫‪ ..‬ﺳﻧﺟد أﻧﮫ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن اﻟﻣﺳﺎواة ﻟم ﺗﺗﺣﻘق ﻛواﻗﻊ اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ أو اﻗﺗﺻﺎدي أو ﺣﺗﻰ ﻗﺎﻧوﻧﻲ ‪ .‬إﻻ أﻧﮫ ﻻ‬
‫ﯾوﺟد إﻧﺳﺎن ﻋرﺑﻲ ـ ﻓﻲ ﻣﺻر ﻛﻣﺎ أﻋﻠم ﻋﻠم اﻟﯾﻘﯾن ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ـ ﯾﻌﺗرف ﺣﺗﻰ ﺑﯾﻧﮫ وﺑﯾن ﻧﻔﺳﮫ ‪ ،‬أن‬

‫ﻟﻠظﺎﻟﻣﯾن ﺣﻘﺎ ً ﻓﻲ أن ﯾظﻠﻣوه ‪ .‬ﻻ ﯾوﺟد إﻧﺳﺎن ﻋرﺑﻲ ﻻ ﯾﺗﺄﻟم ‪ ،‬وﻟو ﻛﺎن ﻋﺎﺟزا ً ﻋن اﻟﻣﻘﺎوﻣﺔ ‪ ،‬ﻷﻧﮫ‬
‫ﻣوﺿوع ﻓﻲ اﻟدرﺟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ أو ﻣﺎ دوﻧﮭﺎ ﻛﻣواطن ‪ ..‬أﻣﺎ اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ھذا اﻟﺗطور اﻟراﺋﻊ ﻓﻲ اﻟوﻋﻲ‬
‫اﻟﺷﻌﺑﻲ ﻓﺈن دﻻﻻﺗﮫ اﻟواﺿﺣﺔ اﻟﻘوﯾﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﻧﺳب اﻟﻰ اﻟﺟﯾل اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺟدﯾد ﻣن اﻟﺗﻣرد ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ھو‬
‫ﻣﻔروض ﻋﻠﯾﮫ ‪ ..‬وھو ﯾﺗﻣرد ﻓﻲ ﻛل ﻣﻛﺎن وﻓﻲ ﻛل ﻣﺟﺎل ﺑﺄﺳﺎﻟﯾب ﻻ ﺗﻘﻊ ﺗﺣت ﺣﺻر ‪ ،‬وﺳﯾظل ﻣﺗﻣردا ً‬
‫ﺣﺗﻰ ﯾﺳﺗرد ﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻟﻘﺎﻧون ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻔرص وﻓﻲ اﻟﻌﻣل ‪ ،‬وﻓﻲ ﻋﺎﺋد اﻟﻌﻣل وﻓﻲ اﻟﺗﻌﺎﻣل‬
‫ﻣﻌﮫ ﻻ ﻛﻣواطن ﻣﺣﻛوم وﻟﻛن ﻛﺷرﯾك ﻓﻲ اﻟوطن وﺣﻛﻣﮫ ‪ ..‬واﻟﻣﻌﺎرك ﻣن أﺟل اﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠﻣﺳﺎواة‬
‫ﻣﺳﺗﻣرة ﺣﺗﻰ داﺧل اﻷﺳر ‪ ..‬ﻟم ﺗﻧﺗﺻر ﻧﺻرا ﺣﺎﺳﻣﺎ وﻟم ﺗﻧﮭزم ھزﯾﻣﺔ ﺗﺎﻣﺔ ‪ .‬ﻓﮭﻲ ﻣﺳﺗﻣرة ‪..‬‬
‫وﯾﺻﺑﺢ ﻗوﻟﻧﺎ ان ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ‪ ..‬ﻣﺎ ﺗزال ﻣﺳﺗﻣرة ‪ ..‬واﻧﮫ ﻣن اﻟﺧطﺄ اﻋﺗﺑﺎرھﺎ ﻣﻧﺗﮭﯾﺔ ﻟﻠﺑدء ﻓﻲ‬
‫ﺣﺳﺎب ﻣﻔردات ﺗرﻛﺗﮭﺎ ‪ .‬وﻗد ﺳﺑق أن ﻛﺗﺑت ﻓﯾﻣﺎ ﻧﺷر ﺗﺣت ﻋﻧوان “ ھل ﻛﺎن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر دﯾﻛﺗﺎﺗورا ً ؟‬
‫“ ‪ .‬ان ﻋﺑد‬
‫اﻟﻧﺎﺻر ﻗد ﻗﺎم ﺑﺛورة ﻓﻲ ‪ 1961‬ﺿد ﺛورة ‪ 1952‬وﻟﻛن أﺳﻣﯾت ھﻧﺎك ﻣﺎ ﻗﺎم ﺑﮫ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻋﺎم‬
‫‪ ، 1961‬ﺛورة ﺗﺻﺣﯾﺣﯾﺔ ﻟﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ‪ ،‬أي طورا ً ﺛورﯾﺎ ً ﻣﺗﻘدﻣﺎ ً ﻣن داﺧل اﻟﺛورة ‪ ،‬وھو ﻛذﻟك ﺣﯾن‬
‫ﻧﺣﺎول دراﺳﺔ ﺗطور اﻟﺛورة ذاﺗﮭﺎ ﻣن اﻟداﺧل ‪ ،‬وﻟﻛن ﺣﯾن ﻧدرس ﺗطور اﻟﺛورة اﻟﻣﺗطورة داﺧﻠﯾﺎ ً ‪ ،‬ﻋﻠﻰ‬
‫ﺿوء آﺛﺎرھﺎ اﻟﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻧﺟد أن اﻟﺛورة ﻣﺳﺗﻣرة ﻟم ﺗﻧﮭزم ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ ً وﻟم ﺗﻧﺗﺻر ﻧﮭﺎﺋﯾﺎ ً‬
‫‪ .‬ﺑﻘﯾت اﻋﺗراﺿﺎت ﻣﺣﺗﻣﻠﺔ ‪ .‬ھذه اﻟرؤﯾﺔ ﺗﺗﺿﻣن ﺗﺣدﯾدا ً ﻟدور ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻓﻲ اﻟﺛورة ورﺑﻣﺎ ﺗﻘرﯾﺑﺎ ً ﺑﯾن‬
‫دوره ودور أﻧور اﻟﺳﺎدات ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر اﻧﮭﻣﺎ ﺗوﻟﯾﺎ ﻗﯾﺎدة اﻟﺛورة اﻟﻣﺳﺗﻣرة ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻟﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾن اﻟدورﯾن‬
‫‪..‬‬
‫ھذا اﻻﻋﺗراض ﻣردود ﺑﺄﻧﮫ ﻻ ﺧﻼف ﻓﻲ أن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻣﻧظم ﻗوى اﻟﺛورة ﻗﺑل ‪ 1952‬وﻗﺎﺋدھﺎ اﺑﺗداء‬
‫ﻣن ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ‪ 1952‬ﺣﺗﻰ وﻓﺎﺗﮫ ‪ .‬وان أﻧور اﻟﺳﺎدات ﻗﺎﺋد اﻟﺛورة اﻟﻣﺿﺎدة ﻋﻠﻰ ﺛورة ‪1961‬‬
‫اﻟﺗﺻﺣﯾﺣﯾﺔ وھذا ﺳر اھﺗﻣﺎﻣﮫ اﻟﻛﺛﯾف ﺑﺗﺷوﯾﮫ ﺳﯾرة ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻷن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻗﺎﺋد ﺛورة ‪1961‬‬
‫ﻣﻧﻔردا ً ﻋن ﺑﺎﻗﻲ ﻗﺎدة ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ‪ . 1952‬وﻣﺎ زال أﻧور اﻟﺳﺎدات ﻣﻛﺛﻔﺎ ً اھﺗﻣﺎﻣﮫ ‪ .‬ﺑﺎﻻرﺗداد اﻟﻰ ﻣﺎ‬
‫ﻗﺑل ‪ 1961‬ﺣﺗﻰ ﺟرﻓﮫ ﺗﯾﺎر اﻟردة ذاﺗﮫ ﻓﺈذا ﺑﮫ ﯾرﺗد ﺣﺗﻰ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺑل ‪ 1952‬ﻓﻲ ھذه اﻟﻔﺗرة ‪ ،‬اﻋﻧﻲ ﻓﺗرة‬
‫اﻟﺛورة اﻟﻣﺿﺎدة ﺑﻌد ﻏﯾﺎب ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ‪ ،‬اﻧﺗﻘﻠت ﺣرﻛﺔ وﻗﯾﺎدة ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو اﻟﻰ اﻟﺷﺎرع ﺑﻌد ان‬
‫اﺳﺗوﻟت اﻟﺛورة اﻟﻣﺿﺎدة ﻋﻠﻰ اﻟﺣﻛم ‪ .‬واﺳﺗﻣرت ﻗوى اﻟﺛورة ﻓﻲ ﻣواﻗﻌﮭﺎ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﺗﻧﺎﺿل ﺿد اﻟﺛورة‬
‫اﻟﻣﺿﺎدة اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ ‪ .‬وﻣﻊ ان ﻗوى اﻟﺛورة ﻣن اﻟﺷﺑﺎب ﻟم ﺗﻌﻣل ﻣﻊ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر أو ﺗﻌرﻓﮫ ﻋن ﻗرب ‪ ،‬إﻻ‬
‫أﻧﮭﺎ أﺑﻘت ﻋﻠﻰ ھوﯾﺗﮭﺎ اﻟﻣﺳﺗﻣرة ﻣﻧذ ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ﺑﺎن اﺗﺧذت ﻣن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر رﻣزا ً ﻟﺣرﻛﺗﮭﺎ وﺗﺄﻛﯾدا‬
‫ﻻﺳﺗﻣرار ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو اﻟﻧﺎﺻرﯾﺔ ‪ ..‬وﺗوﺣد أﻏﻠب ﺗﻠك اﻟﻘوى أو ﻛﻠﮭﺎ ﺑﯾن دﻻﻟﺔ “ اﻟﻧﺎﺻرﯾﺔ “ اﻟﺗﻲ‬
‫ﺗرﺟﻊ اﻟﻰ ﻋﺎم ‪ 1952‬وﺑﯾن دﻻﻟﺔ “ اﻟﻘوﻣﯾﺔ “ اﻟﺗﻲ أﻛﺳﺑت اﻟﺛورة ھوﯾﺗﮭﺎ ﻋﺎم ‪ 1956‬وﺑﯾن دﻻﻟﺔ “‬
‫اﻻﺷﺗراﻛﯾﺔ “ اﻟﺗﻲ ھﻲ ﻋﻧوان ﺛورة ‪ 1961‬اﻟﺗﺻﺣﯾﺣﯾﺔ ‪ ) ،‬اﻻﺗﺣﺎد ـ اﻟﻧظﺎم ـ اﻟﻌﻣل ( ‪ ..‬ان ﻛل ھذا‬
‫ﯾؤﻛد أن اﻟﺛورة ﻣﺎ ﺗزال ﻣﺳﺗﻣرة ﻟم ﺗﻧﺟز أھداﻓﮭﺎ وﻟم ﺗﺳﺗﺳﻠم ﻷﻋداﺋﮭﺎ ‪.‬‬
‫***‬
‫ﺛم ﻧﺄﺗﻲ إﻟﻰ اﻻﻋﺗراض اﻟﻣﺗردّ د اﻟذي ﯾﺑﻧﻲ ﻣﻣﺎ ﯾﻧﺳﺑﮫ اﻟﻰ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻗﺑرا ً ﯾدﻓن ﻓﯾﮫ اﻟﺛورة ﺗﻣﮭﯾدا ً‬
‫ﻟﺣﺻر ﺗرﻛﺗﮭﺎ ‪ .‬ﯾﻧﺳﺑون إﻟﯾﮫ اﻧﮫ ﻛﺎن ﻣﻊ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ ﻓﻲ أول اﻟﺛورة ﺛم ﺗﻐﯾر ﺑﻌد ان ﺗﺧﻠص ﻣن رﻓﺎﻗﮫ‬
‫واﻧﻔرد ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ وأن ﺳﯾﺎﺳﺎﺗﮫ اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ ﻛرﻓض اﻷﺣﻼف اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ واﻟﺣﯾﺎد ودﻋم ﻗﺿﺎﯾﺎ اﻟﺗﺣرر ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺛﺎﻟث واﺷﺗراك ﻣﺻر اﯾﺟﺎﺑﯾﺎ ً ﻓﻲ ﻣﻌﺎرك اﻟﺗﺣرر اﻟﻌرﺑﻲ ﻗد ﻛﺎﻧت ﻋﻠﻰ ﺣﺳﺎب اﻟﺷﻌب اﻟﻣﺻري‬
‫وﻛﻠﻔﺗﮫ اﻟﻛﺛﯾر وﯾﺿرﺑون ﻣﺛﻼ ﺑﺎﻟﺣرب ﻓﻲ اﻟﯾﻣن وأن ﻏﺎﯾﺗﮭﺎ ﻛﺎﻧت ﺻﻧﻊ ﻣﻛﺎن “ ﻟﻠﺑطل “ ﺟﻣﺎل ﻋﺑد‬
‫اﻟﻧﺎﺻر ‪ .‬ان ﻣﻌرﻓﺗﻲ ﺑﺎن اﻟﺻراع اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻻ ﺗﺣرﻛﮫ ﻣﺟرد اﻟﺧﻼﻓﺎت اﻟﻔﻛرﯾﺔ وﻻ ﺗﺣﺳﻣﮫ أﯾﺿﺎ ﻣﺟرد‬
‫اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻹﻗﻧﺎع ﺗﺣﻣﻠﻧﻲ ﻋﻠﻰ أﻻ أﻗﯾم وزﻧﺎ ً ﻟﻣﺎ ﯾردّده أﺣد أطراف اﻟﺻراع ﺗروﯾﺟﺎ ً دﻋﺎﺋﯾﺎ ً ﻟﻣوﻗﻔﮫ ‪.‬‬
‫ﻓﻠﺳت ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻌداد ﻟﻠرّ د ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻧﺳب اﻟﻰ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﺑﺎﻟطﻌن ﻋﻠﻰ وﻋﻲ ﻣن ﯾردّ دوﻧﮫ ‪ .‬ﺑل أزﯾد ﻓﺄﻗول‬
‫أﻧﻧﻲ ﻟﺳت ﻣﻌﻧﯾﺎ ً ﺑﺎﻟدﻓﺎع ﻋن ﺟﻣﺎل ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر اﻟﺷﺧص او اﻟﻘﺎﺋد ﻓﺎﻟرﺟل ﻓﻲ ذﻣﺔ ﷲ ‪ ..‬وﻟﺳت اﻓﮭم ﻣﺎ‬

‫ﯾﻧﺳب إﻟﯾﮫ إﻻ أﻧﮫ ﺳﺗﺎر ﻹﺧﻔﺎء ﻣوﻗف ﻣن ﯾﻧﺳﺑوﻧﮫ ﻣن اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل اﻟﻌرﺑﻲ ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺗﺣدﯾد ‪ ..‬وﻟﯾس‬
‫ﻣن اﻟﻣﺎﺿﻲ ‪ ..‬أي أﻧﮫ ﺳﻼح ﻓﻲ ﻣﻌرﻛﺔ اﻟردة ﺿد ﻣﻌﺎرك اﻟﺛورة اﻟﺗﻲ ﻣﺎ ﺗزال ﻣﺳﺗﻣرة وﻣﻊ ذﻟك أﻗول‬
‫ان اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﺻﺣﺔ أو ﻋدم ﺻﺣﺔ ﻣﺎ ﯾﻧﺳﺑوﻧﮫ إﻟﯾﮫ ﻻ ﺑد ان ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣوﺿوﻋﻲ ﻗﺑل أن ﯾﺻل‬
‫اﻟﻰ ﻣﺣﺎﻛﻣﺔ اﻟﻧواﯾﺎ ‪ ،‬ﻧواﯾﺎه أو ﻧواﯾﺎ ﻣن ﯾﺗﮭﻣوﻧﮫ ‪ ،‬واﻟواﻗﻊ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ اﻟذي ﺳﺑق ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر واﺳﺗﻣر‬
‫ﺑﻌده ‪ ،‬واﻟذي ﻟم ﯾﻛن ﻣﺗوﻗﻔﺎ ً ﻋﻠﻰ وﻋﯾﮫ أو ﻧواﯾﺎه وﻟﯾس ﻣﺗوﻗﻔﺎ ً ﻋﻠﻰ وﻋﻲ او ﻧواﯾﺎ اﻟذﯾن ﯾﮭﺎﺟﻣون‬
‫ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ‪..‬‬
‫ﯾﺗﻠﺧص ﻓﻲ اﻵﺗﻲ ‪:‬‬
‫أوﻻ ً ‪ :‬أﻧﮫ ﺑﻌد اﻟﺣرب اﻷوروﺑﯾﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ أﺻﺑﺢ واﺿﺣﺎ ً أن ﻗوى اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر اﻻﻣﺑرﯾﺎﻟﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻗد‬
‫ﺗوﺣدت ﺗﺣت ﻗﯾﺎدة اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ‪ .‬ﻓﻔرض ھذا اﻟواﻗﻊ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻋﻠﻰ ﻗوى اﻟﺗﺣرر ﻣن‬
‫اﻻﺳﺗﻌﻣﺎر أن ﺗﺗﻌﺎون او ﺗﺗﺣﺎﻟف إذا ﻟم ﺗﺳﺗطﻊ أن ﺗﺗوﺣد ﻟﺗﺣﻘق ﻟﻧﻔﺳﮭﺎ ﻗدرا ً ﻣن اﻟﺗوازن ﻓﻲ اﻟﻘوة ‪.‬‬
‫ﻓﺈذا ﻛﺎن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻗد أدرك ھذا اﻟواﻗﻊ اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ وﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ ﻓﺗﻌﺎون وﺗﺣﺎﻟف ﻣﻊ ﻗوى اﻟﺗﺣرر اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ‬
‫‪ ،‬ﻓﺈﻧﮫ ﻟم ﯾﻔﻌل إﻻ أن ﻛﺳب ﺗﻌﺎون وﺗﺣﺎﻟف اﻟﻘوى اﻟﺗﺣررﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟم ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﻣﻌرﻛﺔ اﻟﺗﺣرر اﻟﻌرﺑﻲ‬
‫اﻟﺗﻲ ﻗﺎدھﺎ ‪ .‬وﻟم ﯾﻛن أﻣﺎﻣﮫ أي ﺧﯾﺎر آﺧر اﻻ اﻻﺳﺗﺳﻼم ‪ .‬ﻣن اﻟذي أﻧﻘذ ﻣﺻر ﻣن ﻣذﻟﺔ اﻻﺳﺗﺳﻼم ﻟﻠﻘوة‬
‫اﻟﺻﮭﯾوﻧﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﺻرة ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﻣﻌﺎرك اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ ﺳﻧﺔ ‪ 1956‬وﺳﻧﺔ ‪ 1967‬؟ إﻧﮭﺎ ﻗوى اﻟﺗﺣرر‬
‫اﻟﻌﺎﻟﻣﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎون وﺗﺣﺎﻟف ﻣﻌﮭﺎ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻓﻲ ﻣﻌﺎرﻛﮭﺎ ‪ .‬وﻣﺎ اﻟذي ﺣدث ﺑﻌد ان اﻧﺗﮭﻰ اﻟﺗﻌﺎون‬
‫واﻧﻔض اﻟﺗﺣﺎﻟف ﻋﺎم ‪ . 1973‬ﺣﻘﻘت اﻟﻌﺳﻛرﯾﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ ﻧﺻرا ً ﻣرﻣوﻗﺎ ً ﻓﻲ ﻣﯾدان اﻟﻘﺗﺎل ‪ .‬ﺛم اﻧﻔردت‬
‫اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ ﺑﻣﺻر اﻟﺳﺎدات ﻓﻔرﺿت ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻧﺗﺻرﯾن ﻋﺎم ‪ 1973‬أن ﯾوﻗﻌوا وﺛﯾﻘﺔ‬
‫ﻛﺎﻣب دﯾﻔﯾد اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ‪ .‬ﻣﻌدة ﻟﻠﺗوﻗﯾﻊ ﻋﻠﯾﮭﺎ إﺛر ھزﯾﻣﺔ ‪..1967‬‬
‫ﺛﺎﻧﯾﺎ ً ‪ :‬أﻧﮫ ﻻ ﯾوﺟد ﻓﻲ اﻟواﻗﻊ اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ‪ ،‬وﻟم ﯾوﺟد ﻗط ﻣﻧذ ﻋﺷرة ﻗرون أو أﻛﺛر ﻣﺎ ﯾﺳﻣﻰ اﻟﺷﻌب‬
‫اﻟﻣﺻري إﻻ ﻛﺟزء ﻣن اﻟﺷﻌب اﻟﻌرﺑﻲ )ﺗطور ﻛﺟزء ﻣن ﺷﻌب واﺣد إﻟﻰ أن أﺻﺑﺢ ﺟزءا ً ﻣن أﻣﺔ واﺣدة‬
‫ﻣﻛﺗﻣﻠﺔ اﻟﺗﻛوﯾن ﻣﻧذ ﺳﺑﻌﺔ ﻗرون ﺗﻘرﯾﺑﺎ ً( وﻗد ذﻛرت ﻣن ﻗﺑل ﻛﯾف ﺑدأت ﺛورة ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ﺑﻘﯾﺎدة ﻋﺑد‬
‫اﻟﻧﺎﺻر ﻣﺻرﯾﺔ إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ﺛم اﻛﺗﺷﻔت أﻧﮭﺎ ﻋرﺑﯾﺔ )ﻗوﻣﯾﺔ( ﻟم ﯾﻛن ذاك اﺧﺗﯾﺎرا ً ﻣن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر وﻟﻛﻧﮫ ﻛﺎن‬
‫إدراﻛﺎ ﻣن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻟﻠواﻗﻊ اﻟذي اﻛﺗﺷﻔﮫ ‪ “ .‬وﺣدة ﻣﺻﯾر اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ “ ﻓﺗﻌﺎﻣل ﻣﻌﮫ ﻛﻣﺎ ھو ‪.‬‬
‫ﻣﺎ اﻟذي أﻋطﻰ ﻟدوﻟﺔ ﻣﺻر اﻟﻧﺎﻣﯾﺔ اﻟﻣﻧﺗﻣﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟم اﻟﺛﺎﻟث ﻣﻛﺎﻧﺔ دوﻟﯾﺔ أﻛﺛر ﺛﻘﻼ ً ﺑﻛﺛﯾر ﻣن ﻗوﺗﮭﺎ‬
‫اﻟذاﺗﯾﺔ ‪ ،‬ﻷن ﺛﻘل اﻷﻣﺔ ﻛﺎن ﻣﺿﺎﻓﺎ ً إﻟﻰ ﻣﯾزان ﻣﺻر اﻟدوﻟﺔ وﻛل ﻣﺎ ﻛﺳﺑﮫ اﻟﺷﻌب اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺻر ﻣن‬
‫ﻣﻛﺎﻧﺔ دوﻟﯾﺔ وإﻣﻛﺎﻧﺎت اﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻗوة ﺗﺄﺛﯾر ﻋﺎﻟﻣﯾﺔ ‪ ،‬ﻣرﺟﻌﮫ إﻟﻰ أن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻛﺎن ﻗﺎﺋد‬
‫اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﻣﺛﻠﺔ ﻓﻲ ﺟﻣﺎھﯾرھﺎ وﻟم ﯾﻛن رﺋﯾس دوﻟﺔ ﻣﺻر ‪.‬‬
‫ﺛﺎﻟﺛﺎ ً ‪ :‬إذا ﻛﺎن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻗد ﺗﺣول ﻣن ﺧﻼل ﻗﯾﺎدﺗﮫ اﻟﻰ ﺑطل ﻣﻌﺗرف ﺑﺑطوﻟﺗﮫ ﻋﺎﻟﻣﯾﺎ ً ﺣﺗﻰ ﻣن أﻋداﺋﮫ ‪،‬‬
‫ﻓﻠﯾس ﻣرﺟﻊ ذﻟك إﻟﻰ أﻧﮫ ﻓﻛر ودﺑر وﺧطط ﻟﯾﻛون ﺑطﻼ ً ‪ ،‬ﻣرﺟﻌﮫ إﻟﻰ أن اﻷدوار اﻟﺗﻲ ﻗﺎم ﺑﮭﺎ أدوار‬
‫ﺑطوﻟﯾﺔ ‪ ،‬ﻟم ﺗﻛن ﻣﻌدة ﻟﮫ وﻟم ﯾﻛن ھو ﻣﻌدا ً ﻟﮭﺎ ‪ .‬وﻟﻛﻧﮫ ﺣﯾن واﺟﮭﮭﺎ اﻛﺗﺷف اﻵﺧرون ﻓﯾﮫ أﻧﮫ ﺑطل‬
‫ﻧﺳﺑﺔ إﻟﻰ ﻧوع اﻟدور اﻟذي ﻗد ﯾﻛون ﻣﻔروﺿﺎ ً ﻋﻠﻰ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر وﻟﯾس ﻗﺑوﻻ ً ﻟﻣﺎ ﯾرﯾده ﻟﻧﻔﺳﮫ ‪ .‬وأﺧﯾرا ً‬
‫ﻓﺈن ﻣن ﺧﺻﺎﺋص اﻟﺑطل ـ ﻋﻠﻣﯾﺎ ً ـ اﻧﮫ ﻏﯾر ﻗﺎﺑل ﻟﻼﺻطﻧﺎع وﻟﻛن ﯾﺳﺗدﻋﯾﮫ واﻗﻊ اﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻣﻌﯾن ﻓﻲ‬
‫ﻣرﺣﻠﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﯾﺻﺑﺢ ﺑطﻼ ً ‪ ..‬اﺻطﻧﺎع “ اﻟﺑطل “ ﻋن طرﯾق اﻻدﻋﺎء أو اﻟﻣﻐﺎﻣرة ﺗﮭرﯾﺞ وﻟم‬
‫ﯾﻛن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻣﮭرﺟﺎ ً ‪.‬‬
‫راﺑﻌﺎ ً ‪ :‬أﻣﺎ اﻟﺷﻛوى ﻣﻣﺎ ﻋﺎﻧﻰ اﻟﺷﻌب اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺻر ﻣﻧذ ﻋﺷر ﺳﻧوات ‪ .‬ﻓﺈﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺣﺟب ﻋن اﻟذاﻛرة‬
‫ﻣﺎ ﻛﺳب اﻟﺷﻌب اﻟﻌرﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺻر ﻗﺑل ﺗﻠك اﻟﺳﻧوات ‪ .‬ﻓﺈذا ﻻﺣظﻧﺎ أن اﻟﺷﻛوى ﻣن اﻟﻣﻌﺎﻧﺎة ﻗد ﺑدأت ﻣﻊ‬
‫اﻟرّ دّ ة وﺻﺎﺣﺑﺗﮭﺎ ‪ .‬ﻓﺎﻷوﻟﻰ أن ﺗﻧﺳب أﺳﺑﺎب اﻟﺷﻛوى إﻟﻰ اﻟرّ دّ ة وﺳﯾﺎﺳﺎﺗﮭﺎ أﻣﺎ ﻧﺳﺑﺗﮭﺎ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻗﺑل ذﻟك‬
‫ﻓﮭو ﻣﺟرّ د دﻋﺎﯾﺔ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ ﻟﺗﺑرﺋﺔ اﻟرّ دّ ة ‪ ..‬ﻧﺿرب ﻣﺛﻼ ً ﺣرب اﻟﯾﻣن ‪ ..‬ھﻲ اﻟﺣرب اﻟوﺣﯾدة اﻟﺗﻲ ﻟم ﺗﻛﻠف‬
‫ﻣﺻر ﻣﻠﯾﻣﺎ ً واﺣدا ً ‪ ..‬ﻟﻘد ﺗﻠﻘت ﻣﺻر ﺑﺣﻛم ﺳﯾﺎﺳﺔ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﺗﻌوﯾﺿﺎ ً ﻛﺎﻣﻼ ً ﻋن ﺧﺳﺎﺋرھﺎ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻓﻲ‬

‫ﺣرب اﻟﯾﻣن ‪ ..‬وﻓﻲ اﻟﻣﻘﺎﺑل ﻗﯾل ﺑﻌد ﺗوﻗﯾﻊ ﻛﺎﻣب دﯾﻔﯾد ‪ ،‬اﻧﮫ ﻗد ﺑدأ ﻋﺻر اﻟرﺧﺎء ﻷن ﺣرب ‪ 1973‬ھﻲ‬
‫آﺧر اﻟﺣروب وﺳﺗوﻓر ﺣﻛوﻣﺔ ﻣﺻر ﻛل ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺑدّ ده ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻓﻲ اﻟﻣﻌﺎرك اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ أﺛﻣﺎﻧﺎ ﺑﺎھظﺔ‬
‫ﻟﻸﺳﻠﺣﺔ ‪ ..‬اﻟواﻗﻊ اﻵن أن ﻣﺻر ‪ .‬ﺑﻌد آﺧر اﻟﺣروب ‪ ،‬ﻗد أﻧﻔﻘت وﺗﻧﻔق ﻋﻠﻰ ﺗﺳﻠﯾﺢ ﻗواﺗﮭﺎ اﻟﻣﺳﻠﺣﺔ ﻓﻲ‬
‫اﻟﻌﺷر ﺳﻧوات اﻷﺧﯾرة أﻛﺛر ﻣن ﻋﺷرة أﺿﻌﺎف ﻣﺎ أﻧﻔﻘﺗﮫ ﻣﻧذ أن ﻛﺎن ﻟﮭﺎ ﺟﯾش ﻣﺻري وطﻧﻲ ‪ .‬أي ﻣﻧذ‬
‫ﻋﺎم ‪ 1936‬ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ‪.‬‬
‫***‬
‫إذا ﻛﺎﻧت اﻟﺛورة ﻣﺳﺗﻣرة ‪ .‬وھﻲ ﺛورة ﻗوﻣﯾﺔ ‪ .‬وﻗﺎﺋدھﺎ ﺑطل ‪ ،‬ﻓﻠﻣﺎذا ﻟم ﺗﻧﺗﺻر اﻟﺛورة اﻧﺗﺻﺎرا ً ﺣﺎﺳﻣﺎ ً‬
‫وﻟﻣﺎذا ﺗﺑدو اﻵن ﻣﮭزوﻣﺔ أو ﻣﺗراﺟﻌﺔ ‪ ،‬وھل ﯾﻣﻛن ان ﺗﻌود ﻓﺗﻧﺗﺻر ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن اﻟوﺿﻊ اﻟﻣﺗردي اﻟذي‬
‫ﺗﻣر ﺑﮫ اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ‪ .‬وﻟﻣﺎذا ﻻ ﺗﻛون ﻓﻲ طرﯾﻘﮭﺎ اﻟﻰ اﻟﻧﮭﺎﯾﺔ ﺑﺎﻟﮭزﯾﻣﺔ اﻟﻛﺎﻣﻠﺔ ؟ ھذا ﺳؤال ﯾﻔرض ذاﺗﮫ‬
‫ﻓﯾﻔرض ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﺟﯾب ﻋﻠﯾﮫ ‪.‬‬
‫أﻣﺎ أﻧﮭﺎ ﻟم ﺗﻧﺗﺻر اﻧﺗﺻﺎرا ً ﺣﺎﺳﻣﺎ ً ﺗﺣت ﻗﯾﺎدة ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻓﻸﺳﺑﺎب ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ﻋدة ﻣﻧﮭﺎ ﻣﺎ ھو ﻣﺗﻌﻠق‬
‫ﺑﻘوة ﺗﻔﺟﯾرھﺎ ﯾوم ‪ 23‬ﯾوﻟﯾو ‪ . 1952‬ﻟم ﺗﻛن ﻗﯾﺎدة اﻟﺛورة وﻟم ﯾﻛن اﻟﺛوار ﻣﻠﺗﻘﯾن ﻋﻠﻰ ﻧظرﯾﺔ ﻟﺻﯾﺎﻏﺔ‬
‫اﻟﻣﺳﺗﻘﺑل ﻓﻲ ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ‪ .‬ﻓﻛﺎﻧت رؤﯾﺗﮭﺎ ﻟﻠﻣﺳﺗﻘﺑل ﺗﺣدد ﻟﮭﺎ ﻣﺻر ﻣﺣﯾطﺎ ً اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺎ ً وﺟﻼء‬
‫اﻟﻣﺣﺗﻠﯾن اﻻﻧﺟﻠﯾز ھدﻓﺎ ً ﺗﺣرﯾرﯾﺎ ً ‪ ،‬واﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻋن اﻟطرﯾق اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ ھدﻓﺎ ً ﺗﻘدﻣﯾﺎ ً ‪ .‬اﻟواﻗﻊ‬
‫اﻟﻣوﺿوﻋﻲ ﻟم ﯾﻛن ﯾﻘﺑل ھذا اﻟﻘﺻور اﻟﻧظري ‪ .‬ﻓﻠم ﺗﻠﺑث اﻟﺛورة أن اﻛﺗﺷﻔت ان ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‬
‫اﻷﻣﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ‪ ،‬وان ﺟﻼء اﻟﻣﺣﺗﻠﯾن اﻻﻧﺟﻠﯾز ﻻ ﯾﻌﻧﻲ ﺗﺣررھﺎ ﻣن اﻟﻐزو اﻟﺻﮭﯾوﻧﻲ واﻷﻣرﯾﻛﻲ ‪ ،‬وان‬
‫اﻟﺗﻧﻣﯾﺔ اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ ﻋن اﻟطرﯾق اﻟرأﺳﻣﺎﻟﻲ وھم ﻓﻲ ھذا اﻟﻌﺻر ﻓﺗواﻟت اﻻﻧﻔﺟﺎرات اﻟﺛورﯾﺔ ﻟﺗﻧﺗﻘل ﺑﮭﺎ‬
‫ﻣن ﺛورة إﻗﻠﯾﻣﯾﺔ اﻟﻰ ﺛورة ﻋرﺑﯾﺔ وﻣن ﺛورة ﺿد اﻟﻣﺣﺗل اﻟظﺎھر اﻟﻰ ﺛورة ﺿد ﻣﺣﺎوﻻت اﻻﺣﺗﻼل‬
‫اﻟﺧﻔﻲ وﻣن ﺛورة رأﺳﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﻰ ﺛورة اﺷﺗراﻛﯾﺔ ﺑﺣﯾث ‪ .‬ﯾﻣﻛن اﻟﻘول أن اﻟﺛورة ﻟم ﺗﻛﺗﻣل اﻧﻔﺟﺎرا ً إﻻ ﺑﻌد‬
‫ﻋﺷر ﺳﻧوات ﻣن اﻻﻧﻔﺟﺎر اﻷول ﻋﺎم ‪ 1952‬ﻛﺎن ﻛل اﻧﻔﺟﺎر ﺛوري ﯾﺣرك أﻣواج ﺗﻐﯾﯾر ﺗﺿﺎف اﻟﻰ‬
‫أﻣواج ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻠﻣﺎ اﻛﺗﻣﻠت اﺑﻌﺎد اﻟﺛورة واﺟﮭت ﻗوى أﻋداﺋﮭﺎ اﻟﻣﺗﺣﺎﻟﻔﯾن ﻓﮭزﻣوھﺎ ﻓﻲ ﻣﻌرﻛﺔ اﻻﻧﻔﺻﺎل ‪.‬‬
‫وھزﻣوھﺎ ﻓﻲ ﻣﻌرﻛﺔ ‪ 1967‬وﻟﻛﻧﮭﺎ ﻟم ﺗﺳﺗﺳﻠم ﺑﻌد اﻻﻧﻔﺻﺎل ﻋﺎم ‪ 1961‬ھﺎﺟﻣت أﻋداﺋﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﯾﻣن‬
‫وھزﻣﺗﮭم ‪ .‬وﺑﻌد ھزﯾﻣﺔ ‪ 1967‬اﺳﺗﺄﻧﻔت اﻟﻘﺗﺎل ﻓﻲ ﺣرب اﻻﺳﺗﻧزاف ‪.‬‬
‫وﻣﻊ ذﻟك ﻓﺈن ھذه اﻷﺳﺑﺎب اﻟﺗﻲ ﻋﺎﻗت اﻧﺗﺻﺎر اﻟﺛورة ﻻ ﺗﺣﺟب اﻟﺳﺑب اﻟرﺋﯾﺳﻲ اﻟذي ﺻﺎﺣﺑﮭﺎ ﻣﻧذ‬
‫‪ 1952‬وﺑﻘﻲ ﻋﺎﺋﻘﺎ ﻻﻧﺗﺻﺎرھﺎ اﻟﺣﺎﺳم ﺣﺗﻰ اﻵن وھو أن اﻟﺛورة ﻟم ﺗﻣﺗﻠك ﻗط أداة ﺛورﯾﺔ ﺷﻌﺑﯾﺔ ‪ .‬ﻗﺑل‬
‫‪ 1963‬ﺗوﺣد ﺛوار ‪ 1952‬وﺟﮭﺎز اﻟدوﻟﺔ اﻟذي ﺗوﻟﻰ اﻟﺳﻠطﺔ ﻓﯾﮭﺎ ‪ ،‬وﻗﺎدوا اﻟﺛورة ﺑذﻟك اﻟﺟﮭﺎز ‪ .‬وﻟم‬
‫ﺗﻛن اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻣﺛل ھﯾﺋﺔ اﻟﺗﺣرﯾر واﻻﺗﺣﺎد اﻟﻘوﻣﻲ واﻻﺗﺣﺎد اﻻﺷﺗراﻛﻲ اﻟﻌرﺑﻲ وﺗﻧظﯾﻣﮫ اﻟطﻠﯾﻌﻲ‬
‫اﻻ أﺟﮭزة ﺷﻌﺑﯾﺔ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﺟﮭﺎز اﻟدوﻟﺔ وﺗﺣت ﻗﯾﺎدﺗﮫ ‪ ،‬أي أﻧﮭﺎ ﺟﻣﯾﻌﺎ ﻟم ﺗﻛن أدوات ﻟﺗﺣﻘﯾق اﻟﺛورة ﺑل‬
‫أدوات ﺛورﯾﺔ ﻗوﻣﯾﺔ ﺷﻌﺑﯾﺔ واﻛﺗﻔت ﺑدوﻟﺗﮭﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ ‪.‬‬
‫وﻓﻲ ﻋﺎم ‪ 1963‬ﺣﺎوﻟت اﻟﺛورة إﻧﺷﺎء ﺟﺑﮭﺔ ﻣﻊ ﺣزب اﻟﺑﻌث اﻟﻌراﻗﻲ وﺣزب اﻟﺑﻌث ﻓﻲ ﺳورﯾﺎ ‪.‬‬
‫واﻟﺟﺑﮭﺔ ﺗﺣﺎﻟف وﻟﯾس أداة ﺛورﯾﺔ ﻓﻠم ﺗﻧﺟﺢ اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ‪ .‬ﻓﺄﻋﻠن ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر اﻟذي ﻓطن إﻟﻰ أن اﻟﺛورة‬
‫ﺗﻔﺗﻘد أداﺗﮭﺎ ان اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟواﺣدة ﻗد أﺻﺑﺣت ﺿرورة ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ ‪ ،‬ﻛﺎن ذﻟك ﻓﻲ ﺻﯾف ‪1963‬‬
‫ﻓﺎﻧﺑرى ﺟﮭﺎز اﻟدوﻟﺔ ‪ ،‬دوﻟﺔ ﻣﺻر ‪ ،‬ﻹﻧﺷﺎء اﻟﺣرﻛﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟواﺣدة ﻟﺗﻛون ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﮫ وﻣن أﺗﺑﺎﻋﮫ وﻓﺷﻠت‬
‫اﻟﻣﺣﺎوﻟﺔ ‪ .‬ﺣﺗﻰ إذا ﻛﺎﻧت ﻏﯾﺑﺔ اﻟﻘﺎﺋد ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻋﺎم ‪ 1970‬ﺗواطﺄ ﺟﮭﺎز اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘﺎﺋد‬
‫ﻟﻠﺣﻛوﻣﺔ اﻟرﺳﻣﯾﺔ وﺗﻧظﯾﻣﺎﺗﮭﺎ اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﯾﺎر أﻧور اﻟﺳﺎدات رﺋﯾﺳﺎ ً ‪ .‬وﺑﻣﺟرد ﺗوﻟﯾﮫ اﻟﺳﻠطﺔ‬
‫اﻟﺷرﻋﯾﺔ ﺗوﻟﻰ اﻟﻘﯾﺎدة اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻟﻠﺗﻧظﯾم ‪ .‬ﻓﻠﻣﺎ اﻧﻔرد ﺑﺎﻟﺳﻠطﺔ دون اﻟذﯾن اﺧﺗﺎروه اﻧﻔرد ﺗﻠﻘﺎﺋﯾﺎ ً ﺑﻘﯾﺎدة‬
‫اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﺷﻌﺑﻲ دوﻧﮭم ﻓﻠم ﯾﺟدوا ﺗﻧظﯾﻣﺎ ﺷﻌﺑﯾﺎ ﯾداﻓﻊ ﻋﻧﮭم ‪ .‬وﻟم ﯾﻠﺑث أﻧور اﻟﺳﺎدات ان ﺣل اﻟﺗﻧظﯾﻣﺎت‬
‫ﺟﻣﯾﻌﺎ وارﺗد ﺑﺎﻟﻧظﺎم ﻛﻠﮫ اﻟﻰ اﺗﺟﺎه ﻣﺿﺎد ﻟﻠﺛورة ﻓﺎﻧﺗﻘﻠت اﻟﺛورة اﻟﻰ اﻟﺷﺎرع ﻛﻣﺎ ﻗﻠﻧﺎ ﻣن ﻗﺑل ‪ ،‬واﻟﺷﺎرع‬
‫ﺟﻣﺎھﯾر ﻻ ﺣﺻر ﻟﮭﺎ وﻟﻛن ﺑدون ﺗﻧظﯾم وﺑدون ﻗﯾﺎدة ‪ ،‬ﻓﺗﻛوﻧت ﺟﻣﺎﻋﺎت او ﺷﻠل ﻣن اﻟﺷﺑﺎب ﺗﺟﻣﻌﮭﺎ‬
‫اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ ‪ ،‬واﺳﺗطﺎﻋت ﺣﺗﻰ وھﻲ ﻓﻲ ھذا اﻟﺷﻛل اﻟﺑداﺋﻲ ﻣن اﻟﺗﻧظﯾم ان ﺗزﻋﺞ اﻟﺳﺎدات وان‬

‫ﺗﺷﺗرك ﻓﻲ ﻗﯾﺎدة اﻟﺟﻣﺎھﯾر ﻣﻊ ﻏﯾرھﺎ ﻣن اﻟﻘوى ﻋﺎم ‪ 1977‬ھذا ﻓﻲ ﻣﺻر ‪ ،‬أﻣﺎ ﻓﻲ اﻟوطن اﻟﻌرﺑﻲ‬
‫ﺧﺎرج ﻣﺻر ﻓﺈن اﻟﻣﻼﯾﯾن ﻣن اﻟﺛوار اﻟﻌرب اﻟذﯾن ﻛﺎﻧوا ﺗﺣت اﻟﻘﯾﺎدة اﻟﻔﻌﻠﯾﺔ ﻟﻌﺑد اﻟﻧﺎﺻر ‪ ،‬ﻓﻘدوا اﻟﻘﺎﺋد‬
‫ﻗﺑل أن ﯾﺗوﺣدوا ﻓﻲ ﺗﻧظﯾم ﺗﺣت ﻗﯾﺎدﺗﮫ ﻓﺎﻧﻔرطوا أو ﺗﺣوﻟوا اﻟﻰ ﻣﻧظﻣﺎت ﻋدة ‪.‬‬
‫وھﻛذا ﻣﺎ ﺗزال اﻟﺛورة ﻣﺳﺗﻣرة ﺑﻔﻌل ﺑؤر ﺛورﯾﺔ ﻣﺗﻔرﻗﺔ ﻧﺎﺻرﯾﺔ أو ﺗﻘول ﻋن ﻧﻔﺳﮭﺎ أﻧﮭﺎ ﻧﺎﺻرﯾﺔ ‪.‬‬
‫وازدادت ﻋددا ً وزﺧﻣﺎ ً وﻣﻘدرة ﺑﻣﺎ اﻧﺿم إﻟﯾﮭﺎ وﯾﻧﺿم ﻣن ﻗوى اﻟﺛورة اﻟوﻟﯾدة ‪ .‬وﻟﻛن ﻣﺎ زال‬
‫اﻟﻧﺎﺻرﯾون ﯾﻧﺎﺿﻠون ﻓﻲ ﻛل ﻗطر ﻧﺿﺎﻻً ﻧﺷﯾطﺎ ً ﺣﻘﺎ ً ‪ .‬وﻟﻛﻧﮭم “ ﯾﺗﺳﻛﻌون “ ﺑﺑرود ﻋﺟﯾب ﺣول أﺳوار‬
‫اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘوﻣﻲ اﻟواﺣد ﻻ ﯾﻘﺗﺣﻣوﻧﮫ ﻟﯾﺗوﺣدوا ﻓﯾﮫ وﯾﻣﻸوا ﻓراغ اﻟﻘﯾﺎدة اﻟذي ﻻ ﯾزال ﺷﺎﻏرا ً ‪ ..‬رﺑﻣﺎ ﻷن‬
‫ﻛل ﻧﺎﺻري ﯾرﯾد ان ﯾﻧﺗظر ﻣﺑﺎﯾﻌﺗﮫ ﺑﺎﻟﻘﯾﺎدة ﻗﺑل أن ﯾﺻﺑﺢ ﺟزءا ً ﻣن ﻛل ‪ .‬رﺑﻣﺎ ﻷن وﺣدة اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘوﻣﻲ‬
‫ﻟم ﺗﺣدث ﻓﻲ ﺣﯾﺎة ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر ﻓﯾظﻧون أﻧﮭﺎ ﺑدﻋﺔ ‪ ..‬رﺑﻣﺎ ﻷن ﻣﻧﮭم ﻣن ﯾﺣﻠم ﺑﺄن ﯾﺧﻠف اﻟﻧﺎﺻرﯾون ﻋﺑد‬
‫اﻟﻧﺎﺻر ﺣﺎﻛم ﻣﺻر ‪ ،‬أي ﯾرﺗدوا ﺑﺎﻟﺛورة اﻟﻰ ﻣﺣﯾطﮭﺎ اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻣﺳﺗﻐﻧﯾن ﻋن ﻣﺗﺎﻋب اﻟﻣﺣﯾط اﻟﻘوﻣﻲ ‪.‬‬
‫رد اﻟﻔﻌل اﻹﻗﻠﯾﻣﻲ ﻹﻗﻠﯾﻣﯾﺔ أﻧور اﻟﺳﺎدات رﺑﻣﺎ ﻷﻧﮫ ﻓﻲ ﻓﺗرة اﻟﺗردد ﻣﺎ ﺑﯾن ‪ 1970‬و ‪ 1973‬ﺗم اﺧﺗراق‬
‫وﺗﻠﻐﯾم اﻟﻘوى اﻟﻘوﻣﯾﺔ واﻟﻧﺎﺻرﯾﺔ ‪ ..‬ﻻ ﯾﮭم ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺳﺑب ‪ ،‬وﻟﻛن اﻟﻧﺗﯾﺟﺔ ھﻲ ان اﻟﺛورة ﻗد ﺗﺣوﻟت ﻣن‬
‫اﻟﮭﺟوم اﻟﻰ اﻟدﻓﺎع ‪ .‬وﻣن اﻟﺗﻘدم اﻟﻰ اﻟﺗراﺟﻊ ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن ﺗﺿﺧم ﻗواھﺎ اﻟﺑﺷرﯾﺔ ‪ ،‬وذﻟك ﻷﻧﮭﺎ ﻗوى‬
‫ﻣﺗﻔرﻗﺔ أﻗطﺎرا وﻣﺗﻔرﻗﺔ ﻓﻲ ﻛل ﻗطر ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻣﺻﯾر اﻟﺛورة اﻟﻰ اﻧﺗﺻﺎر ﺣﺎﺳم أو ھزﯾﻣﺔ ﺣﺎﺳﻣﺔ‬
‫ﻣﺗوﻗف ﻋﻠﻰ أن ﺗﻣﻠك آداﺗﮭﺎ اﻟﺛورﯾﺔ اﻟواﺣدة ‪ ،‬ﻗوﻣﯾﺔ اﻻﻧﺗﻣﺎء ‪ ،‬ﺛورﯾﺔ اﻷﺳﻠوب ‪ ،‬وﺣدوﯾﺔ اﻟﻐﺎﯾﺔ‬
‫ﻓﺗﻧﺗﺻر ‪ ،‬أو ﺗﺑﻘﻰ ﻣﺟردة ﻣن ھذه اﻷداة ﻓﺗﻧﮭزم ‪ ..‬وﻻ ﯾوﺟد ﻓﯾﻣﺎ أرى طرﯾق ﺛﺎﻟث ‪.‬‬
‫وأرﺟو أﻻ ﯾظن أﺣد أن اﻟﺗﺿﺎﻣن اﻟﻌرﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟدول او اﻟﺗﺣﺎﻟف اﻟﻌرﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻧظﻣﺎت‬
‫طرﯾق ﺛﺎﻟث ﯾؤدي اﻟﻰ اﻟﻧﺻر ‪ .‬أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ اﻟﻰ اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻓﮭﻲ ﺑﺎﻟﺗﺿﺎﻣن ﺗﻛون أﻛﺛر ﻛﻔﺎءة ﻓﻲ‬
‫ﺣﻣﺎﯾﺔ وﺟودھﺎ ﻛدول وﻣﺻﺎﻟﺣﮭﺎ ﻛدول ‪ ..‬وﻟﻛن ﻻ ﺑد أن ﯾﻛون ﻣﻌروﻓﺎ ً أﻧﮭﺎ “ ﻛدول “ ھدف ﻣﺑﺎﺷر‬
‫ﻟﻠﺛورة اﻟﻘوﻣﯾﺔ ﻣن أﺟل دوﻟﺔ اﻟوﺣدة ‪ ،‬ﻷن دوﻟﺔ اﻟوﺣدة ھﻲ اﻟﺑدﯾل اﻟﺛوري ﻟﻠدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ وﻣن ھﻧﺎ ﻓﺈن‬
‫ﺗﺿﺎﻣن اﻟدول اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺳﯾﺟﻌﻠﮭﺎ أﻛﺛر ﻛﻔﺎءة ﻓﻲ ﺣﻣﺎﯾﺔ وﺟودھﺎ ﺿد اﻟﺛورة اﻟﻌرﺑﯾﺔ ‪ .‬أﻣﺎ اﻟﺗﺿﺎﻣن ﺑﯾن‬
‫اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻟﺷﻌﺑﯾﺔ ﻓﮭو ﻣﻔﯾد وﻻزم ‪ .‬وﻟﻛن ﻛﯾف ﻧﺿﻣن أﻻ ﯾﻛون ﻣﺿﺎدا أو ﻣﻌوﻗﺎ ﻟﻠﺛورة اﻟﻌرﺑﯾﺔ ؟ ‪..‬‬
‫ﺑﺄن ﻧﻛون ﺟﺑﮭﺔ ﺗﺣت ﻗﯾﺎدة اﻟﺗﻧظﯾم اﻟﻘوﻣﻲ وھو ﻣﺎ ﯾﻌﻧﻲ أن ھذا اﻟﺿﻣﺎن ﺳﯾظل ﻣﻔﺗﻘدا ً اﻟﻰ أن ﺗﻣﻠك‬
‫اﻟﺛورة ﺗﻧظﯾﻣﮭﺎ اﻟﻘوﻣﻲ ‪.‬‬
‫وﻟﻛن ﻣﺎذا ﻧﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﻧﺎﺻرﯾﯾن ؟‬
‫إن ھذا ﺣدﯾث آﺧر ‪.‬‬
‫ﻋﺻﻣت ﺳﯾف اﻟدوﻟﺔ‬
‫‪ 23‬ﯾوﻟﯾو “ ﺗﻣوز “ ‪.1987‬‬


Aperçu du document يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو.pdf - page 1/7

 
يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو.pdf - page 2/7
يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو.pdf - page 3/7
يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو.pdf - page 4/7
يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو.pdf - page 5/7
يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو.pdf - page 6/7
 










Documents récents du même auteur


خيول الظلام   21 novembre 2018
الخطاب العربي المعاصر   1er avril 2018
الفتنة ـ هشام جعيط   1er avril 2018
جمال عبد الناصر دراسة في اقواله   31 juillet 2017
الاسلام بين العروبة والقومية   31 juillet 2017
مشروع دراسة عن دولة العرب   26 juillet 2017
الاصل في حرية التعبير   9 juillet 2017
من أجل النصر .. دروس من الهزيمة   3 juin 2017
الصهيونية في العقل العربي   3 juin 2017
المحدّدات الموضوعية لدور مصر   2 juin 2017
المحددات الموضوعية لدور مصر   1er juin 2017
الحياد المستحيل   1er avril 2017
الحقيقة الوحيدة في حرب الخليج   31 mars 2017
اعلان الحرب العالمية الثالثة   22 mars 2017
مقياس الخطر من الوجود الاجنبي   22 mars 2017
الديمقراطية والوحدة العربية   19 mars 2017
الارادة الوطنية   12 mars 2017
الصعـــــود الــــــى القمة   12 mars 2017
أرض الوطن بين الحرب والسلام   15 février 2017
اعتاقة من أجل الوحدة   13 février 2017



Ce fichier a été mis en ligne par un utilisateur du site Fichier PDF. Identifiant unique du document: 00506025.
⚠️  Signaler un contenu illicite
Pour plus d'informations sur notre politique de lutte contre la diffusion illicite de contenus protégés par droit d'auteur, consultez notre page dédiée.