103 PDF
À propos / Télécharger Lire le document
Nom original: 103.pdf
Ce fichier au format PDF 1.5 a été envoyé sur Fichier-PDF le 04/01/2014 à 15:26, depuis l'adresse IP 197.0.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 760 fois.
Taille du document: 2.6 Mo (7 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
اﻟﻌـﺪد
* اﻻﺛﻨﺎن 23دﯾﺴﻤﺒﺮ * 2013اﻟﻤﻮاﻓﻖ ﻟـ 20ﺻﻔـﺮ * 1435
103
اﻟﺤﺮﯾﺔ وﺣﻘﻮق اﻻﻧﺴﺎن ..
اﻟﺤﺮﯾﺔ ﻣﻄﻠﺐ اﻧﺴﺎﻧﻲ ﺿﺤّﻰ ﻣﻦ أﺟﻠﮭﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮون ،ودﻓﻊ ﻓﻲ
ﺳﺒﯿﻠﮭﺎ آﺧـﺮون ﺣﯿﺎﺗﮭﻢ ..ﻓﺼﺪق ﻣﻦ ﻗﺎل أن " :اﻟﺤﺮﯾﺔ ﺗﻔـﺘـﻚ
وﻻ ﺗﻌﻄﻰ " وأن " ﻻ ﺣﺮﯾﺔ ﺑﺪون أﺣﺮار" ..واﻟﺤﺮﯾﺔ ﺑﻜﻞ ھﺬه
اﻟﻤﻌﺎﻧﻲ ﺟﻌـﻠﺖ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋـﻨﮫ ﯾﻄـﻠﻖ ﻗﻮﻟﺘﮫ
اﻟﺸﮭـﯿـﺮة ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻦ 14ﻗﺮﻧﺎ " :ﻣﺘﻰ اﺳﺘﻌـﺒﺪﺗﻢ اﻟﻨﺎس
وﻗﺪ وﻟﺪﺗﮭﻢ أﻣﮭﺎﺗﮭﻢ أﺣﺮارا " ..
وﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎن اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ﺣﻘﻮق اﻻﻧﺴﺎن ارﺗﺒﻂ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷـﺮﻣﻨﺬ
وﺟـﻮده ﺑﺎﻟﺪﻓﺎع ﻋـﻦ اﻟﺤـﺮﯾﺎت ،وﺣﻤﺎﯾﺘﮭﺎ ﺑﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈـﺮﻋـﻦ
اﻟﺠـﻨﺲ أو اﻟـﻠـﻮن ،أو اﻟﻌـﺮق ..وھﻮ ﻣﺎ ﺟﻌـﻞ ﻓﻜـﺮة اﻟﺤﺮﯾﺔ
ﺗﺘﺤﻮل اﻟﻰ ﻣﻀﺎﻣﯿﻦ ﻋـﯿـﻨـﯿﺔ ﺗـﺘـﻮﺣّﺪ ﺣﻮﻟﮭﺎ اﻻﻧﺴﺎﻧﺴﺔ ﻛﺎﻓﺔ ،
وﺗﻌـﻤﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺼﺪي ﻷي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﻧـﺘﮭﺎﻛﺎت ..
ﻏـﯿـﺮ أن ﻟﻠﺤﺮﯾﺔ ﻣﻌـﻨﺎ آﺧﺮ ﯾﺠﻌـﻞ ﻣﻦ دﻋﺎة ﺣﻘﻮق اﻻﻧﺴﺎن ﻓﻲ
اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻤﺘﺨﻠﻔﺔ ﯾﻔﻘﺪون ﻣﺼﺪاﻗـﯿﺘﮭﻢ ،وﺗﺠﻌﻞ ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺪﻓﺎع
ﻋﻦ ﺣﻘﻮق اﻻﻧﺴﺎن رﻏﻢ أھﻤﯿﺘﮭﺎ ﻓﺎرﻏﺔ ﻣﻦ اي ﻣﻀﻤﻮن ..
وﻟﻌﻞ ﻣﺎ ﯾﺠﺮي ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﯾﻜﻮن ﻣﺜﺎﻻ ﺻﺎدﻗﺎ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ..اذ أن
اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟﺬي ﻟﻢ ﯾﻌﺪ ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﺜﻼ ﻣﻦ اﻟﻤﻀﺎﯾﻘﺎت ﺑﺴﺒﺐ اﻓﻜﺎره ،
ﯾﺼﺒﺢ ﻓﻲ ﻧﻈﺮ اﻟﻤﺪاﻓﻌـﯿـﻦ ﻋﻦ ﺣﻘﻮق اﻻﻧﺴﺎن ﺣـﺮا ..وھﻮ ﻣﺎ
ﯾﻌـﺘـﻘﺪه رﺋﯿﺲ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺮﺟﻞ اﻟﺬي ارﺗﺒﻂ اﺳﻤﮫ ﺑﺤﻘﻮق اﻻﻧﺴﺎن
ﻣﻨﺬ ﻋﻘـﻮد ..ﻛﻤﺎ ﯾﻤﺜﻞ اﻟﻤﻔﮭﻮم اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻟﻠﺤﺮﯾﺔ ﻟﺪى اﻻﺣﺰاب
اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ أﯾﻀﺎ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺮى ﻓﻲ ﺣﺮﯾﺔ اﻟﺮأي وﺣﺮﯾﺔ اﻟﺘﻌـﺒﯿﺮ ،
ﻣﻜﺴﺒﺎ ﯾﻐـﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﺪ ذاﺗﮫ ﻋﻦ اي ﻣﻄﻠﺐ آﺧـﺮ ..
ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻻ ﯾﻘﻮﻟﻮن ﻣﺜﻼ ﻣﺎ ﻗﯿﻤﺔ اﻟﺤﺮﯾﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﻦ ھﻢ ﻣﺤﺮوﻣﯿﻦ
ﻣﻦ اﻟﺸﻐﻞ ؟ اوﻻﺋﻚ اﻟﺬﯾﻦ ﻻ ﯾﻘﺪر اﻟﻜﺜﯿﺮون ﻣﻨﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓـﯿـﺮ
اﺑﺴﻂ اﻟﻤﺴﺘﻠﺰﻣﺎت اﻟﺤﯿﺎﺗﯿﺔ ،ﻓـﯿﻌـﯿﺸﻮن ﻋﺎﻟﺔ ﻋﻠﻰ ذوﯾﮭﻢ ؟ وﻣﺎ
ﻗﯿﻤﺔ اﻟﺤﺮﯾﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﻦ ھﻢ ﺑﻼ ﻣﺆوى ﻻﺋﻖ ﺑﺴﺒﺐ ﻓـﻘــﺮھﻢ
وﻋﺪم ﻗﺪرﺗﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓـﯿـﺮ ﺗﻠﻚ اﻻﺣﺘﯿﺎﺟﺎت ؟ وﻣﺎ ﻗﯿﻤﺔ اﻟﺤﺮﯾﺔ
،ﺣﺮﯾﺔ اﻟﺘﻔﻜـﯿـﺮ أو ﺣﺮﯾﺔ اﻟﺮأي واﻟﺘﻌـﺒـﯿـﺮ ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﻦ ھﻢ ﻻ
ﯾﻘﺪرون ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓـﯿـﺮ اﻟﻐﺬاء اﻟﻀﺮوري ﻻﺑﻨﺎﺋﮭﻢ اﻟﻤﺤﺘﺎﺟﯿﻦ ؟
وﻣﺎ ﻗﯿﻤﺔ اﻟﺤﺮﯾﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﻦ ھﻢ ﻻ ﯾﻘﺪرون ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﯿﺮ اﻟﺪواء
اذا ﻣﺮﺿﻮا ،أو ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓـﯿـﺮ اﻟﻐﻄﺎء اذا ﺷﻌـﺮوا ﺑﺎﻟﺒﺮد ،أوﻋﻠﻰ
ﺗﻮﻓﯿﺮ ﻣﺴﺘﻠﺰﻣﺎت اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﻨﻘﻄﻊ اﺑﻨﺎؤھﻢ ﻋﻦ اﻟﺪراﺳﺔ ..
؟ ﻣﺎ ﻗﯿﻤﺔ اﻟﺤﺮﯾﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ ھﺬا اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﯾﺠﻌـﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﻣﺸﻠﻮﻻ ﯾﺨﻮض ﻓﯿﮫ أﺑﻨﺎءه ﺻﺮاﻋﺎ ﻣﺮﯾﺮا ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺟﻮد ..؟
أﻻ ﯾﻤﺜﻞ ﻛﻞ ﻣﻄﻠﺐ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﺣﻘﺎ أﺳﺎﺳﯿﺎ ﻣﻦ ﺣﻘﻮق
اﻻﻧﺴﺎن ..؟
* اﻟﺴّﯿﺮ اﻟﻰ اﻻﻣﺎم ﯾﺒﺪأ داﺋﻤﺎ ﺑﺨﻄﻮة .
* ﺻﺪﯾﻖ ﻋﺪوي ﻋﺪوي .
***
* أﯾﮭﺎ اﻟﺴﺎھـﺮون ! أﻟﻢ ﺗﺘﻌﺒﻮا ؟
ﻣﻦ ﻣﺮاﻗﺒﺔ اﻟﻀﻮء ﻓﻲ ﻣﻠﺤﻨﺎ ..
وﻣﻦ وھﺞ اﻟﻮرد ﻓﻲ ﺟﺮﺣﻨﺎ ..
أﻟﻢ ﺗﺘﻌﺒﻮا أﯾﮭﺎ اﻟﺴﺎھﺮون ؟
واﻗﻔﻮن ھﻨﺎ ،ﻗﺎﻋﺪون ھﻨﺎ ،داﺋﻤﻮن ھﻨﺎ ،ﺧﺎﻟﺪون ھﻨﺎ ..
وﻟﻨﺎ ھﺪف واﺣﺪ ،واﺣﺪ ،واﺣﺪ :أن ﻧﻜﻮن أو ﻻ ﻧﻜﻮن ..
وﻣﻦ ﺑﻌﺪه ﻧﺤﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﻮن ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷﺴﺊ ..
) ﻣﺤﻤﺪ دروﯾﺶ ( .
***
* اﻟﻤﻌﻠﻢ :ﻋﻨﺪك ﺧﻤﺲ ﺑﺮﺗﻘﺎﻻت أﻛﻠﺘﮭﺎ .ﻣﺎذا ﺑﻘﻲ ﻟﻚ ؟
* اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ :اﻟﻘﺸﻮر ﺳﯿﺪي .
اﻟﮭـﻮﻟﻮﻛﻮﺳﺖ أو ﻣﺎ ﯾﻌـﺒّـﺮ ﻋـﻨـﮫ ﺑﺎﻟﻤﺤـﺮﻗﺔ اﻟﯿﮭـﻮدﯾﺔ ،ﻗـﺪ ﺗﮭﺠـﯿـﺮاﻟﻌـﺮب ﺳﻨﺔ 1948
ﺗﺤﺘﻮي ﻋﻠﻰ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﻌﺬﯾﺐ اﻟﯿﮭﻮد أو ﻗﺘﻠﮭﻢ وارﺗﻜﺎب
ﻣﺠـﺎزر ﺑﺸﺄﻧﮭﻢ ﺧﻼل ﺣﻘـﺒﺔ اﻟﺤﻜﻢ اﻟﻨـﺎزي ..وﻗﺪ ﯾﻜﻮن ھﺬا
ﻣﺪﻋﺎة ﻟﺘﺬﻛﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻌﺎﻧﺎة ،ﻏﯿﺮأن اﻟﻤﻐﺎﻟﻄﺔ ﺗﺒﺪأ ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﯾﺔ
ﺑﺎﺧﻔﺎء اﻟﻮﯾﻼت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض ﻟﮭﺎ اﻟﻌﺮب اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﻮن ﺣـﯿـﻦ
ﻛﺎن اﻟﯿﮭﻮد ﯾﻔﺮّون ﻣﻦ اﻟﻤﺤـﺮﻗﺔ اﻟﻨﺎزﯾﺔ ،ﻟﯿُـﺸﻌـﻠﻮا ﻣﺤﺮﻗﺔ
ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ..ﺑﻞ أن اﻟﻤﺤﺮﻗﺔ اﻟﻌـﺮﺑﯿﺔ ﻋﻠﻰ أﯾﺪي اﻟﺼﮭﺎﯾﻨﺔ
ﻗﺪ ﺑﺪأت ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻘـﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﯾﺪ ﻋﺼﺎﺑﺎت ﻻ ﺗﻘـﻞ
ﺑﺸﺎﻋﺔ ودﻣﻮﯾﺔ ﻓﻲ اﺳﺎﻟﯿﺒﮭﺎ ﻋﻦ اﻻﺳﺎﻟـﯿـﺐ اﻟﻨﺎزﯾﺔ ..وﻗﺪ ﻧﺸﺄت اﻟﻌﺼﺎﺑﺎت اﻟﺼﮭـﯿـﻮﻧﯿﺔ ﻗﺒﻞ ﻣﺠﺊ اﻟﻨﺎزﯾﺔ ﻧﻔﺴﮭﺎ ،
ﻋﻠﻰ ﯾﺪ اﻟﻤﺠـﺮﻣﯿﻦ اﻻواﺋﻞ اﻟﺬﯾﻦ ﻻ ﯾﻘـﻠﻮن ﺣﻘــﺪا وﻛـﺮاھـﯿﺔ ﻟﻼﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ﻋـﻦ ھـﺘـﻠـﺮ واﻟﻘﺎدة اﻟﻨﺎزﯾﯿﻦ ..وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ
ﻋﺼﺎﺑﺎت ﻣﺜﻞ اﻟﮭﺎﻏﺎﻧﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺸﺮﯾﻨﺎت ،واﻻرﻏﻮن وﻓﻲ اﻟﺜﻼﺛﯿﻨﺎت واﻟﺸﺘﯿـﺮن ﻓﻲ اﻻرﺑﻌـﯿﻨﺎت ،ھﻲ اﻟﻌﺼﺎﺑﺎت اﻟﺘﻲ
ﻗﺎدت اﻟﺤﻤﻼت ﺿﺪ اﻟﻌـﺮب وارﺗﻜـﺒﺖ ﺿﺪھﻢ اﺑﺸﻊ اﻟﻤﺠﺎزر ،وﻗـﺘـﻠﺖ اﻃﻔﺎﻟﮭﻢ وﻧﺴﺎءھﻢ ﻣﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻣﻌﮭﻢ ﻛﻞ اﻧﻮاع
اﻟﺘﺮوﯾﻊ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﻔﻜﺮوا ﻓﻲ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ ﺑﯿﻮﺗﮭﻢ وﻣﺰارﻋﮭﻢ ..ﻛﻤﺎ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﺼﺎﺑﺎت ﺟﻤﯿﻌﺎ ﻟﺘﻜﻮﯾﻦ اﻟﺠﯿﺶ
اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﻲ ﺑﻌﺪ ﻗﯿﺎم دوﻟﺔ اﺳﺮاﺋﯿﻞ ﺳﻨﺔ ، 1948اﻟﻤﺴﻤﺎة اﻟﻰ اﻵن ﺑﺪوﻟﺔ اﻟﻌﺼﺎﺑﺎت اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﯿﺔ ..
وﻟﻌﻞ اﺣﯿﺎء ذﻛﺮى اﻟﮭﻮﻟﻮﻛﻮﺳﺖ ﻣﻦ ﻃﺮف ﺟﮭﺎت ﯾﮭﻮدﯾﺔ ﻋﺮﺑﯿﺔ ،ﺗﺪﻋﻤﮭﺎ ﺟﮭﺎت رﺳﻤﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﺣﺪث ﺳﻨﺔ 2011ﻓﻲ
ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻻﺧﻮﯾﻦ ﺑﺎﻟﻤﻐـﺮب اﻟﺘﻲ ﺷﮭﺪت ﺗﻨﻈﯿﻢ ﻧﺪوة ﺣﻮل اﻟﻤﻮﺿﻮع ﺑﻤﺸﺎرﻛﺔ ﺟﻤﻌـﯿﺔ ﻛـﯿـﻔﻮﻧﯿﻢ اﻟﺼﮭـﯿﻮﻧﯿﺔ ﻣﻊ ﺣﻀﻮر
اﻟﻌـﺪﯾـﺪ ﻣﻦ اﻟﺠﺎﻣﻌـﯿـﯿـﻦ واﻟﺴﯿﺎﺳﯿـﯿـﻦ اﻟﺼﮭﺎﯾﻨﺔ ،ﯾﺄﺗﻲ ﻓﻲ اﻃﺎر ﺗﺮوﯾﺞ ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻟﻤﻐﺎﻟﻄﺎت ،وﺗﻀﻠﯿﻞ اﻟﺮاي اﻟﻌﺎم
اﻟﻌـــﺮﺑﻲ واﻟﺪوﻟﻲ ،اﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﺘﺴﺘﺮ ﻋﻠﻰ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﺼﮭﺎﯾﻨﺔ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻈﮭﺮون ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻛﻀﺤﺎﯾﺎ ﻣﺴﺎﻛﯿﻦ ﺗﻜﺮھﮭﻢ
اﻟﺸﻌﻮب اﻻﺧﺮى وﺗﺮﯾﺪ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﮭﻢ .. ،واﻟﺤﺎل أن ﺗﺨﻄﯿﻂ اﻟﻌﺼﺎﺑﺎت اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﯿﺔ ﻟﻼﺳﺘﯿﻄﺎن ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ﻗﺪ ﺑﺪأ
ﻣﻨﺬ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ﺣﯿﻦ ﻇﮭﺮت ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻧﻮاﯾﺎھﻢ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ 1987ﻓﻲ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺑﺎزل ﺑﺴﻮﯾﺴﺮا اﻟﺬي ﺗﻘﺮر ﻓﯿﮫ
اﺳﺘﮭﺪاف ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ﻛﻮﻃﻦ ﻗﻮﻣﻲ ﻟﻠﯿﮭﻮد ..أي ﻗﺒﻞ ﻣﺠﯿﺊ اﻟﻨﺎزﯾﺔ واﻟﻤﺤﺮﻗﺔ اﻟﯿﮭﻮدﯾﺔ ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺧﻤﺴﯿﻦ ﻋﺎم !! ..
ان اﻟﺨﻄﯿﺮ ﻓﻌﻼ ﻓﻲ ھﺬا ﻛﻠﮫ ھﻮ ﺗﻌﻮﯾﺪ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺸﺎط اﻟﯿﮭﻮدي وﻛﺴﺐ ﺗﻌﺎﻃﻔﮭﻢ ،وﺟﻠﺐ اﻟﺼﮭﺎﯾﻨﺔ ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ ﻣﻌﮭﻢ
ﻛﻤﺪﺧﻞ ﻟﻘﺒﻮل اﻟﺘﻌﺎﯾﺶ واﻟﺤﻮار وﺻﻮﻻ اﻟﻰ ﻗـﺒﻮل اﻟﺘﻄﺒﯿﻊ !! ﻓﻲ ﺣﯿﻦ ﻻ أﺣﺪ ﻣﻦ ھﺆﻻء اﻟﻌـﺮب -اﻟﻤﺘﺒﺎﻛﯿﻦ ﻋﻠﻰ
اﻟﻤﺤﺮﻗﺔ -ﯾﺬﻛﺮ ﺑﺄن ﻣﺎ ﺣﺼﻞ ﻟﻠﯿﮭﻮد ﻓﻲ أوروﺑﺎ ﻻ ﯾﺴﺘﺤﻖ ﺗﻌﻮﯾﻀﺎ ﻓﻲ ﻓـﻠﺴﻄﯿـﻦ ..وھﻢ ان ﻛﺎﻧﻮا ﻻ ﯾﺰاﻟﻮن ﻋﻠﻰ
وﻻﺋﮭﻢ ﻻوﻃﺎﻧﮭﻢ وأﻣﺘﮭﻢ ،ﯾﺠﺐ أن ﯾﻌﻠﻨﻮا ﺻﺮاﺣﺔ رﻓﻀﮭﻢ ﻟﻠﻮﺟﻮد اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﻲ ،وﯾﺪﯾﻨﻮا ﻛﻞ اﻟﻤﺠﺎزر اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﯿﺔ ﻓﻲ
ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ﻣﻨﺬ اﻟﻌﺸﺮﯾﻨﺎت ..ﻓﻀﻼ ﻋﻦ اﻟﺤﻤﻼت اﻟﻌﺴﻜﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ اﻗﺎﻣﺘﮭﺎ اﺳﺮاﺋﯿﻞ ﺣﺪﯾﺜﺎ ﺗﺤﺖ ﻋﺪة ﻣﺴﻤﯿﺎت ﻣﺜﻞ"رﯾﺎح
ﺧﺮﯾﻔﯿﺔ " ﻓﻲ 2005و" اﻟﺤﺪﯾﺪ اﻟﺒﺮﺗﻘﺎﻟﻲ" ﻓﻲ 2004و" ﺳﯿﻒ ﺟﻠﻌﺎد " ﻓﻲ 2006و" أﻣﻄﺎر اﻟﺼﯿﻒ" ﻓﻲ
2006و" اﻟﺸﺘﺎء اﻟﺴﺎﺧﻦ " ﻓﻲ 2008و" اﻟﺮﺻﺎص اﻟﻤﺼﺒﻮب " ﻓﻲ .. 2008وھﻲ اﻟﻤﺠﺎزر اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ
ﻓﺎﻗﺖ ﻓﻲ ﺑﺸﺎﻋـﺘﮭﺎ اﻟﻤﺤﺮﻗﺔ اﻟﯿﮭﻮدﯾﺔ ،ﻛﻤﺎ راح ﺿﺤﯿﺘﮭﺎ اﺿﻌﺎف ﻣﺎ ﺳﻘﻂ ﻣﻦ اﻟﯿﮭﻮد ﺧﻼل اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻨﺎزﯾﺔ ..
ﺿﺤﺎﯾﺎ ﻣﺠـﺰرة دﯾﺮ ﯾﺎﺳﯿﻦ ﺳﻨﺔ 1948
ﺟﺎﻧﺐ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﻲ ﺳﻨﺔ 1987
ﻧﻌﻢ ﺳﺠـﻞ اﻧﺎ ﻋـﺮﺑﻲ ..
اﻧﺎ اﻧﺸﻮدة اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﺤﻘﺐ .
أﻧﺎ اﻻﺑـﻘـﻰ ..
و ان ﺟﺎرت ﺻﺮوف اﻟﺪھـﺮ ﺑﺎﻟﻨّـﻮب ..
أﻧﺎ اﻷﻗـﻮى ..
ووﯾﻞ اﻟﺒﺎﻏﻲ ﻣﻦ ﻏﻀﺒﻲ ..
أﻧﺎ ﻋـﺮﺑﻲ ...
وأﻣﻲ ..اﻻﻣﺔ اﻟﻜـﺒـﺮى ..
وأنّ أﺑﻲ ..ﻋﻈـﯿـﻢ راﺳﺦ اﻟـﻨّـﺴﺐ ..
ﻧﻌﻢ ﺳﺠـﻞ أﻧﺎ ﻋـﺮﺑﻲ ..
وأﻧﻲ ان ذوى ﺟﺴﺪي ..
ﻓـﺮوﺣﻲ ﺗﺮﺗـﻘﻲ ﺑﺎﻟﻤﺠـﺪ ﻟﻠﺸﮭـﺐ ..
أﻧﺎ ﻋـﺮﺑﻲ ..ﻣﺎزاﻟﺖ ﯾﺮدّدھﺎ ..
ﻟﺴﺎن اﻟﻔﺨـﺮ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋـﻲَ اﻟﻨّـﺠـﺐ ..
ﻧﻌﻢ ﺳﺠـﻞ أﻧﺎ ﻋـﺮﺑﻲ ..
وﺣﺴﺒـﻲ أﻧﻨـﻲ ﻋـﺮﺑــﻲ ..
ﻧﺤﻦ أﻣﺔ وﺣﺪ اﻟﺰﻣﺎن ﻇﺮوﻓﮭﺎ ،ﻓﻠﮭﺎ وﺣﺪة اﻟﻠﻐﺔ ووﺣﺪة اﻻرض ووﺣﺪة اﻟﺘﺎرﯾﺦ .واﻟﺬﯾﻦ ﻻ ﯾﺪﻛﺮون ھﺬا ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ
ﻣﻌﺮﻓﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﯾﺪرﻛﻮن ﺣﺼﯿﻠﺘﮫ ﻓﯿﮭﻢ ﺷﻌﻮرا ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﻘﻮﻣﻲ .وﻋﻠﻰ اﻟﺬﯾﻦ ﻻ ﯾﺸﻌﺮون ﺑﮫ أن ﯾﻜﺘﺸﻔﻮا أﻧﻔﺴﮭﻢ ﻣﻦ
ﻏﺮﺑﺘﮭﻢ ﻓﻲ اﻻﻣﻢ اﻻﺧﺮى ،ﻓﮭﻢ ﺛﻤّﺔ ﻣﺘﻤﯿﺰون ﺑﻌﺮوﺑﺘﮭﻢ ﻋﻦ اﻻﻣﻢ ﻻ ﺗﻘﺒﻠﮭﻢ ﻻﻧﮭﻢ ﻻ ﯾﻨﺘﻤﻮن اﻟﯿﮭﺎ .ﻓﺎن ﻛﺎن ﻛﻞ ھﺬا
ﻻ ﯾﻜﻔﻲ ،ﻓﺎﻟﯿﺪﻟﻨﺎ اﻟﻤُﻨﻜﺮون اﻟﻰ اي اﻣﺔ ﯾﻨﺘﻤﻮن ،ﻓﻠﯿﺲ ﺛﻤﺔ اﻧﺴﺎن ﻣﺒﺘﻮر اﻟﺠﺬور .و اﻟﻰ أن ﯾﻌـﺜـﺮ ﻛﻞ ﻣﻨﮭﻢ ﻋﻠﻰ
ﺟﺬوره ،ﯾﮭﻤﻨﺎ -ﻧﺤﻦ اﻟﻌﺮب -أن ﻧﻌﺮف ﻋﻦ أﻣﺘﻨﺎ ﻣﺎ ﯾُﻐﻨﻲ ﻣﻌﺮﻓﺘﻨﺎ ﺑﻈﺮوﻓﻨﺎ .
دﺧﻠﺖ أﻣﺘﻨﺎ ﻃﻮر اﻟﺘﻜﻮﯾﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ارﺑﻌﺔ ﻋﺸﺮ ﻗﺮﻧﺎ .ﻓﺴﺒﻘﻨﺎ -ﻓﻲ اﻟﺰﻣﺎن -أﻏﻠﺐ أﻣﻢ اﻻرض اﻟﻰ
اﻻﺳﺘﻘﺮار وﺑﻨﺎء اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ .وﻛﺎن ﺗﻜﻮﯾﻨﻨﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻣﺘﻤﯿﺰا ﺑﺒﺪاﯾﺘﮫ ﻓﻤﯿّﺰ وﺟﻮدﻧﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻋﻦ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻻﻣﻢ .
ﻓﻔﻲ أﺣﻘﺎب ﻃﻮﯾﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﮭﺠﺮة واﻟﺼﺮاع اﺳﺘﻘﺮت ﻗﺒﺎﺋﻞ ﻣﺘﺠﺎورة ﻓﻲ رﻗﻌﺔ ﻣﻦ اﻻرض ﯾﺤﺼﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﺸﻤﺎل اﻟﺒﺤﺮ
اﻻﺑﯿﺾ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ وﺟﺒﺎل ﻃﻮروس ،وﻣﻦ اﻟﺸﺮق ھﻀﺒﺔ اﯾﺮان واﻟﺨﻠﯿﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ ،وﻣﻦ اﻟﺠﻨﻮب اﻟﻤﺤﯿﻂ اﻟﮭﻨﺪي
وھﻀﺒﺔ اﻟﺤﺒﺸﺔ واﻟﺼﺤﺮاء اﻻﻓﺮﯾﻘﯿﺔ اﻟﻜﺒﺮى ،وﻣﻦ اﻟﻐﺮب اﻟﻤﺤﯿﻂ اﻻﻃﻠﺴﻲ .وﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻘﺒﻠﯿﺔ اﻻﺻﻞ
ﻣﺘﻤﯿﺰة ﺑﻌﻀﮭﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ ﺑﻤﺎ ﯾﻤﯿﺰ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻓﻲ أول ﻋﮭﺪھﺎ ﺑﺎﻻﺳﺘﻘﺮار ﻋﻠﻰ اﻻرض ،اي ﺑﺎﻻﺻﻞ اﻟﺨﺎص واﻟﻠﻐﺔ
اﻟﺨﺎﺻﺔ وﺑﺘﺮاث ﺧﺎص ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ،واﻟﺘﻘﺎﻟﯿﺪ واﻟﻄﻮر اﻟﺤﻀﺎري .وﻋﻨﺪﻣﺎ اﺳﺘﻘﺮ ﻛﻞ ﻣﻨﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﮫ دﺧﻞ
ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺘﻜﻮﯾﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،وﻟﻮ ﻃﺎل ﺑﮭﺎ اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻟﺘﻄﻮرت اﻣﻤﺎ ﻣﺘﻤﯿﺰة .اﻻ أن اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻟﻢ ﯾﻄﻞ ﺑﺄﯾﺔ ﺟﻤﺎﻋﺔ ﻣﻨﮭﺎ
ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن أﻣﺔ ،وﻟﻢ ﯾﻄﻞ ﺑﮭﺎ ﺟﻤﯿﻌﺎ ﺣﺘﻰ ﺗﻜﻮن أﻣﻤﺎ ﻣﺘﺠﺎورة ،ﻓﻘﺪ اﺟﺘﺎﺣﺘﮭﺎ ﻣﻮﺟﺎت ﻛﺎﺳﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﻐﺰو اﻟﺨﺎرﺟﻲ ،
اﻣﺎ ﻣﻦ أواﺳﻂ آﺳﯿﺎ ،أو ﻣﻦ أواﺳﻂ اﻓﺮﯾﻘﯿﺎ ،أو ﻣﻦ اوروﺑﺎ .ﻛﻤﺎ أن ﻣﻮﺟﺎت اﻟﮭﺠﺮة اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ -اﻟﺴﻠﻤﯿﺔ و اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﺔ -
ﻟﻢ ﺗﻨﻘﻄﻊ ،ﻋﺎﺑﺮة ﺑﺠﻤﺎﻋﺔ ،وﻣﺴﺘﻘﺮة ﻓﻲ ﺟﻤﺎﻋﺔ أﺧﺮى .وﻛﺎﻧﺖ ﻓﺘﺮات اﻟﻐﺰو ﺗﻌﻄﻞ ﻧﻤﻮّھﺎ وﺗﻌﻮق ﺗﻜﻮﯾﻨﮭﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ
.و ﻣﺎ أن ﯾﻨﺤﺴﺮ اﻟﻐﺰاة أو ﯾﺴﺘﻘﺮّوا ﻟﯿﻨﺸﻂ اﻟﺘﻜﻮﯾﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﺣﺘﻰ ﺗﺪھﻤﮭﺎ -ﻛﻠﮭﺎ أوﺑﻌﻀﮭﺎ -ﻣﻮﺟﺔ ﻏﺎزﯾﺔ اﺧﺮى .
واﺳﺘﻤﺮ ھﺬا اﻟﻮﺿﻊ ﻓﺘﺮات ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻘﺮار ،ﻓﺎﻻﺿﻄﺮاب ،ﻓﺎﻟﻐﺰو ،ﻓﺎﻻﺣﺘﻼل ،ﺗﺤﺒﺲ ﻧﻤﻮ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﻋﻨﺪ دور
اﻟﺘﻜﻮﯾﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ..ﺣﺘﻰ ﻇﮭﺮ اﻻﺳﻼم ﺛﻮرة دﯾﻨﯿﺔ وﻓﻜﺮﯾﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻣﻌﺎ .
وﻓـّـﺮ اﻻﺳﻼم ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻘﺒﻠﯿﺔ اﻟﻤﺴﺘﻘﺮة ﻓﻲ وﺳﻂ ﺷﺒﮫ اﻟﺠﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ راﺑﻄﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺗﺘﺠﺎوز اﻟﺘﻤﯿﯿﺰ اﻟﻘﺒﻠﻲ ،
وﺗﻤﯿﺰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻋﻦ ﻏﯿﺮھﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺋﻠﮭﻢ ،وﻣﻦ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ اﻻﺧﺮى ،وﻟﻮ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﮭﺎ ذات اﻟﻠﻐﺔ ،أو ﻣﻦ اﺻﻞ واﺣﺪ .ﻛﺎﻧﺖ
اﻟﺴﻨﯿﻦ اﻻوﻟﻰ ﻣﻦ اﻻﺳﻼم ﺧﻠﻘﺎ ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺗﺨﻄﺖ ﺑﮫ اﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﻘﺒﻠﯿﺔ اﻟﻰ ﻃﻮر اﻛﺜﺮ ﺗﻘﺪﻣﺎ .وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن
ﺑﻨﺎء ﺗﺎرﯾﺨﮭﻢ اﻟﻤﺸﺘﺮك ،ﻓﻲ ﻣﻜﺎن ﻣﺤﺼﻮر ﻣﻦ اﻟﺠﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﻛﺎن اﻟﻤﺜﻞ اﻻﻋﻠﻰ ) اﻟﻨﻘﯿﺾ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ( اﻟﺬي
ﺣﺪده اﻻﺳﻼم ووﺣﺪھﻢ ﻋﻠﯿﮫ ،ﯾﺘﺠﺎوزھﻢ اﻟﻰ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﯿﻌﺎ ،وﯾﺘﺠﺎوز اﻟﺠﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﮫ .ﻛﺎﻧﺖ
اﻟﻈﺮوف ﻗﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﻲ ارض ﻗﻠﯿﻠﺔ ،و ﻛﺎن اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﺎﻟﻤﺎ ﻓﺴﯿﺤﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ .ﻋﻨﺪﺋﺬ ﻛﺎن اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺑﯿﻦ
ﻣﺎﺿﻲ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وﻣﺴﺘﻘﺒﻠﮭﻢ ﺣﺎدا ،وﺻﺮاﻋﮭﻤﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻋﻤﯿﻘﺎ ،ﻓﺎﺻﺒﺢ ﺣﻞ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﺑﻨﺸﺮ اﻟﺪﻋﻮة اﻟﻄﺮﯾﻖ
اﻟﻮﺣﯿﺪ اﻟﻰ ﻗﻨﺎﻋﺔ اﻟﻤﺆﻣﻦ وراﺣﺘﮫ .وﻃﺎﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ أن ﺗﺤﻞ ،ﻓﺎﻧﻄﻠﻖ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ﻣﻦ ﺣﯿﺚ
ﺑﺪأت اﻟﺪﻋﻮة ،ﯾﺒﻐﻮن أﻃﺮاف اﻻرض ،ﻟﯿﺼﻞ اﻻﺳﻼم ﺑﮭﻢ اﻟﻰ اﻟﻨﺎس ﺟﻤﯿﻌﺎ .اﻧﺪﻓﻌﻮا اﻟﻰ ﻣﺎ ﺟﺎورھﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﺎﺋﻼ
واﻗﺎﻟﯿﻢ وأﻣﻢ ،ﻏﺎﯾﺘﮭﻢ ﻧﺸﺮ اﻻﺳﻼم ،ﻻ ﺗﺮدّھﻢ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻐﺎﯾﺔ اﻟﺤﺮوب ﻓﯿﺨﻮﺿﻮﻧﮭﺎ -وھﻢ ﻗﻠﺔ -ﯾﻘﯿﻨﺎ ﻣﻨﮭﻢ ﺑﺎن
ﻏﺎﯾﺘﮭﻢ ﻣﻨﺘﺼﺮة .وﺣﯿﺚ ﻻ ﯾﻨﺘﻈﺮھﻢ اﻟﺴﻼح ﯾﻘﺪّﻣﻮن اﻟﺪﻋﻮة -ﻻ ﺷﯿﺊ ﻏﯿﺮھﺎ -ﻓﯿﮭﺘﺪي ﻣﻦ ﯾﮭﺘﺪي ،وﯾﺼﺒﺮون ﻋﻠﻰ
اﻟﺬﻣﯿﯿﻦ ،ﺗﺎرﻛﯿﻦ ﻟﮭﻢ ﻓﺮﺻﺔ اﻻﻗﺘﻨﺎع ﺧﻼل ﺻﻨﻊ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ .وﻛﻠﻤﺎ دﺧﻠﺖ ﺟﻤﺎﻋﺔ او ﻣﺠﺘﻤﻊ أو اﻗﻠﯿﻢ أو اﻣﺔ
ﻓﻲ اﻻﺳﻼم ،ﺑﺪأت ﺗﺎرﯾﺨﮭﺎ ﺑﺎﻻﺳﻼم ﺑﺪاﯾﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻧﺤﻮ ﻣﺜﻞ ﻋﻠﯿﺎ ﺟﺪﯾﺪة .ﻏﯿﺮ أن اﻻﺳﻼم ﻟﻢ ﯾﻠﻎ ﻣﺎ ﺻﻨﻌﮫ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻣﻦ
ﻗﺒﻠﮫ ،ﺑﻞ ﻃﻮره اﻟﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ أﻛﺜﺮ ﻏﻨﻰ وأﻛﺜﺮ ﺧﺼﻮﺑﺔ وأﻛﺜﺮ ﺗﻘﺪّﻣﺎ ،أي أﻛﺜﺮ ﺣﺮﯾﺔ .ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﺗﻮﻗﻒ اﻟﻤﺪ اﻻﺳﻼﻣﻲ
ﻛﺎن ﻗﺪ ﺿﻢ اﻟﯿﮫ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻲ درﺟﺔ ﺗﻄﻮر ﺗﻜﻮﯾﻨﮭﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺑﯿﻨﮭﺎ أﻣﻢ أدرﻛﮭﺎ اﻻﺳﻼم وھﻲ
ﻣﻜﺘﻤﻠﺔ اﻟﻨﻤﻮ ﻣﺜﻞ ﻓﺎرس ،وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺑﯿﻨﮭﺎ ﺟﻤﺎﻋﺎت وﻣﺠﻤﻮﻋﺎت ﻻ ﺗﺰال ﻓﻲ ﻃﻮر اﻟﺘﻜﻮﯾﻦ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻮ اﻣﻤﺎ ﻣﺘﻤﯿّﺰة ،
اﻣﺎ ﻻن اﻻﺳﺘﻘﺮار ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻗﺪ ﻃﺎل ﺑﮭﺎ اﻟﻰ اﻟﺤﺪ اﻟﺬي ﯾﺘﻢ ﺑﮫ ﺗﻜﻮﯾﻨﮭﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﻣﺜﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻘﺒﻠﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻤﻸ
ارض اﻟﺠﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،واﻣﺎ ﻻن أﻣﻤﺎ اﺧﺮى ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻔﺮض ﻋﻠﯿﮭﺎ ارادﺗﮭﺎ ،ﻓﻌﻮّﻗﺖ ﻧﻤﻮّھﺎ ،ﻓﻠﻢ ﺗﻜﺘﻤﻞ أﻣﻤﺎ ،ﻣﺜﻞ
ﻛﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻼﻣﺒﺮاﻃﻮرﯾﺔ اﻟﺮوﻣﺎﻧﯿﺔ واﻣﺒﺮاﻃﻮرﯾﺔ ﻓﺎرس ،وﻣﻨﮭﺎ أﻏﻠﺐ ﺳﻜﺎن
ﺷﻮاﻃﺊ اﻟﺒﺤﺮ اﻻﺑﯿﺾ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ وﺷﻤﺎل اﻟﺠﺰﯾﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ .وﻗﺪ ﻛﺎن اﺛﺮ اﻻﺳﻼم ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﻰ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت
ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ .
ﻓﺎﻻﻣﻢ اﻟﺘﻲ أدرﻛﮭﺎ اﻻﺳﻼم وﻗﺪ اﻛﺘﻤﻞ وﺟﻮدھﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﻛﺎن اﻻﺳﻼم ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﯿﮭﺎ اﺿﺎﻓﺔ أﻏﻨﺖ ﺗﺮﻛﯿﺒﮭﺎ اﻟﺪاﺧﻠﻲ
وأﻣﺪﺗﮭﺎ ﺑﺎﻣﻜﺎﻧﯿﺎت ﺟﺪﯾﺪة ﻟﻤﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻮر ،وﻟﻜﻨﮫ ﻟﻢ ﯾﻠﻎ ﻗﻮﻣﯿﺘﮭﺎ ﻓﻈﻠﺖ أﻣﻤﺎ ﻣﺴﻠﻤﺔ ،ﻟﮭﺎ وﺟﻮدھﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،وﻟﮭﺎ
دوﻟﺘﮭﺎ اﻟﻮاﺣﺪة ،وان ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﺑﯿﻨﮭﺎ و ﺑﯿﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت أﺧﺮى .
أﻣﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ أدرﻛﮭﺎ اﻻﺳﻼم وھﻲ ﻓﻲ ﻃﻮراﻟﺘﻜﻮﯾﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﻢ ﺗﺼﺒﺢ أﻣﻤﺎ ﺑﻌﺪ ،ﻓﻘﺪ أﻛﻤﻞ اﻻﺳﻼم ﺗﻜﻮﯾﻨﮭﺎ أﻣﺔ.
ﻟﻢ ﯾﻜﻦ اﻻﺳﻼم ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﯿﮭﺎ ﻋﻘﯿﺪة ﻓﺤﺴﺐ ،وﻻ اﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ ﻣﻘﺪرﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻄﻮر ﻓﻘﻂ ،ﺑﻞ ﻛﺎن ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ھﺬا ﻋﻨﺼﺮا
ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺗﻜﻮﯾﻨﮭﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ .ﻛﺎن ﺟﺰءا ﻣﻦ وﺟﻮدھﺎ ذاﺗﮫ .ﺗﺤﻘﻘﺖ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﻻﺳﻼم وﺣﺪة اﻻرض ،ﺛﻢ أﺧﺬت ﻋﻨﮫ ﻟﻐﺘﮭﺎ
اﻟﻮاﺣﺪة ،وﺻﻨﻌﺖ ﻓﻲ ﻇﻠﮫ ﺗﺎرﯾﺨﮭﺎ اﻟﻮاﺣﺪ ،ﻓﻲ اﺗﺠﺎه اﻟﻤﺜﻞ اﻻﻋﻠﻰ اﻟﺬي ﺣﺪده ﻟﮭﺎ ،ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﺑﮫ ﻛﻠﮫ أﻣﺔ ﻋﺮﺑﯿﺔ
واﺣﺪة .
ﺑﺘﻠﻚ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﺗﻤﯿﺰت اﻻﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻋﻦ اﻻﻣﻢ اﻻﺧﺮى اﻟﺘﻲ دﺧﻠﺘﮭﺎ اﻟﺮاﺑﻄﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﺑﻌﺪ أن أﺻﺒﺤﺖ أﻣﻤﺎ .ﻓﻜﺎن اﻟﺪﯾﻦ
ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻼﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﻣﺼﺪر وﺟﻮد ،وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻼﻣﻢ اﻻﺧﺮى ﻛﺎن اﻟﺪﯾﻦ أداة ﺗﻄﻮر .وﺑﺘﻠﻚ اﻟﺒﺪاﯾﺔ اﯾﻀﺎ ،ﻛﺎن
اﻻﺳﻼم ﻣﻤﯿﺰا ﻟﻼﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺣﺘﻰ ﻋﻦ اﻻﻣﻢ اﻻﺧﺮى داﺧﻞ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻻﺳﻼﻣﻲ اﻟﻮاﺣﺪ ،ﻻﻧﮭﺎ ﺗﻜﻮﻧﺖ ﺑﮫ أﻣﺔ .ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻛﺎن
اﻻﺳﻼم ،ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ اﻟﻰ اﻻﻣﻢ اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ اﻻﺧﺮى ،اﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ ﺗﻜﻮﯾﻨﮭﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﺬي ﺗﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻠﮫ .ﺗﻤﯿﺰت ﺑﻠﻐﺔ اﻟﻘﺮآن ﻋﻦ
اﻻﻣﺔ اﻟﻔﺎرﺳﯿﺔ واﻻﻣﺔ اﻟﺘﺮﻛﯿﺔ واﻻﻣﺔ اﻻﻓﻐﺎﻧﯿﺔ ..اﻟﺦ ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻻﺳﻼم ﯾﺸﻤﻠﮭﺎ ﺟﻤﯿﻌﺎ ﻓﻲ دوﻟﺔ واﺣﺪة .
وﺗﻤﯿﺰت ﺑﻮﺣﺪة اﻻرض اﻟﺘﻲ اﻣﺘﺪت اﻟﻰ ﺣﺪود ﻓﺎرس ،واﻟﻰ ﺣﺪود ﺗﺮﻛﯿﺎ ،واﻟﻰ ﺣﺪود اﺳﺒﺎﻧﯿﺎ ،وﺣﺼﺮﺗﮭﺎ اﻟﺼﺤﺮاء
واﻟﺒﺤﺎر ﻣﻦ اﻟﺠﮭﺎت اﻻﺧﺮى ،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻛﻞ ﺗﻠﻚ اﻻرض ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮭﺎ اﺳﺒﺎﻧﯿﺎ واﻟﺼﺤﺮاء ذاﺗﮭﺎ أﺟﺰاء ﻣﻦ دار
اﻻﺳﻼم .وﺻﻨﻌﺖ ﻣﻦ ارﺿﮭﺎ ،وﺑﻠﻐﺘﮭﺎ ،أﻧﻤﺎﻃﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﻜﺮ واﻟﻤﺬاھﺐ واﻟﺘﻘﺎﻟﯿﺪ واﻟﺤﻀﺎرة ،ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮاﺛﺎ ﻋﺮﺑﯿﺎ ﺧﺎﻟﺼﺎ
،ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎن اﻻﺳﻼم ﯾﻄﺒﻊ ﺣﻀﺎرات ﻗﻮﻣﯿﺔ ﻋﺪﯾﺪة ﺑﻄﺎﺑﻊ ﻣﻤﯿﺰ ،وﺳﻨﺮى اﺛﺮ ﻛﻞ ھﺬا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻔﻜﻚ دوﻟﺔ
اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﯿﺴﻔﺮ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻻﺳﻼﻣﻲ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻻﻣﻢ اﻟﺘﻲ داﺧﻠﮭﺎ اﺿﺎﻓﺔ اﻟﻰ وﺟﻮدھﺎ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،وھﻲ ﻛﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ أﻣﻤﺎ
ﻣﺘﻤﯿﺰة ﺑﻮﺣﺪة اﻻرض ووﺣﺪة اﻟﻠﻐﺔ ووﺣﺪة اﻟﺘﺎرﯾﺦ ووﺣﺪة اﻟﻤﺼﯿﺮ ،وﻟﻜﻨﮫ ﻻ ﯾﺴﻔﺮ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻤﺎﻋﺖ واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت
اﻟﺘﻲ دﺧﻠﮭﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ ﻃﻮر اﻟﺘﻜﻮﯾﻦ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،وھﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﯿﮫ ،ﺑﻞ ﻧﺠﺪھﺎ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻧﺖ أﻣﺔ ﻋﺮﺑﯿﺔ واﺣﺪة
ﻓﻲ ﻇﻠﮫ ..
ﻟﻢ ﯾﺆﻟﻒ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ اﻟﺨﻄﺎب رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﮫ ﻛﺘﺎﺑﺎ ﯾﺘﺤﺪث ﻓﯿﮫ ﻋﻦ ﻧﻈﺮﯾﺘﮫ و ﻣﺬھﺒﮫ ﻓﻲ اﻟﻌﺪل اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس ،
وﻟﻜﻨﮫ ﺗﺮك ﻟﻨﺎ ﻓﻲ ﺻﻔﺤﺎت اﻟﺘﺮاث ﻛﻠﻤﺎت ﻣﺘﻨﺎﺛﺮة ،ﻋـﺒّـﺮ ﺑﮭﺎ ﻋﻦ آراﺋﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،واﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺎت اﻟﻤﺘﻌﺪدة
،ﻧﺴﺘﻄﯿﻊ ان ﻧﺴﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﮭﺎ ،اذا ﻧﺤﻦ ﺗﺄﻣﻠﻨﺎھﺎ ورﺑﻄﻨﺎھﺎ ﺑﻤﻼﺑﺴﺎﺗﮭﺎ وﻣﻨﺎﺳﺒﺎﺗﮭﺎ ،ﻣﺬھﺐ ھﺬا اﻟﺨﻠﯿﻔﺔ اﻟﻌﻈﯿﻢ ﻓﻲ
اﻟﻌﺪل ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس ..
ﻓﮭﻮ ﯾﻜﺘﺐ اﻟﻰ اﺣﺪ وﻻﺗﮫ -اﺑﻮ ﻣﻮﺳﻰ اﻻﺷﻌـﺮي -ﻛﺘﺎﺑﺎ ﯾﻌﻠﻢ ﻣﻨﮫ اﻧﮫ ﻗﺪ ﺣﺪد ﻟﻘﯿﺎم اﻟﻌﺪل ﺑﯿﻦ اﻟﻨﺎس وﺳﯿﺎدﺗﮫ ﻓﻲ
ﻣﺠﺘﻤﻌﮭﻢ ﺣﺪا أدﻧﻰ ھﻮ اﻧﺼﺎﻓﮭﻢ ﻓﻲ أﻣﺮﯾﻦ :
اﻻول :اﻟﺤﻜﻢ .أي اﻟﻘﻀﺎء وﻓﺼﻞ اﻟﻤﻨﺎزﻋﺎت .
واﻟﺜﺎﻧﻲ :ﻗﺴﻤﺔ اﻟﻌﻄﺎء واﻟﻤﺎل ،وﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﮭﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻟﻤﺎدي ﻣﻦ ﺷﺆون اﻟﻤﻌﺎش واﻻﻗﺘﺼﺎد ..
ﯾﻜﺘﺐ ﻋﻤﺮ ﻻﺑﻲ ﻣﻮﺳﻰ اﻻﺷﻌـﺮي ،ﻣﺤﺪدا اﻟﺤﺪ اﻻدﻧﻰ واﻟﻀﺮوري ،اﻟﺬي ﻻ ﻏﻨﻰ ﻟﻼﻧﺴﺎن واﻟﻤﻮاﻃﻦ ﻋﻨﮫ ،ﻣﻦ
اﻟﻌﺪل ،ﻓﯿﻘﻮل " :وﺑﺤﺴﺐ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﻀﻌﯿﻒ ﻣﻦ اﻟﻌﺪل أن ﯾُﻨﺼﻒ ﻓﻲ اﻟﺤﻜﻢ واﻟﻘﺴﻤﺔ "
وھﻨﺎ ﻧﻌﻠﻢ ان اﻟﻌﺪل ﻋﻨﺪ ﻋﻤﺮ ﻻ ﯾﻘﻒ ﻋﻨﺪ اﻻﻧﺼﺎف اﻟﻤﻌـﻨﻮي واﻟﻘﻀﺎﺋﻲ واﻻداري ،ﻣﻤﺎ ﺗﺴﻤﯿﮫ ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﺪﺳﺎﺗﯿﺮ
اﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ﺑﺎﻟﻤﺴﺎواة أﻣﺎم اﻟﻘﺎﻧﻮن ،وﺗﻘﻒ ﻋﻨﺪه ﻻ ﺗﺘﺠﺎوزه اﻟﻰ ﻣﺎ ﻋﺪاه ﻣﻦ ﺻﻨﻮف اﻟﻌﺪل و اﻟﻤﺴﺎواة ..وذﻟﻚ أن
ﻋﻤﺮ ﯾﻤﺘﺪ ﺑﮭﺬا اﻟﻌﺪل -ﺑﻞ وﯾﺮاه ﻧﻄﺎق اﻟﺤﺪ اﻻدﻧﻰ ﻣﻨﮫ -اﻟﻰ اﻻﻧﺼﺎف ﻓﻲ ﻗﺴﻤﺔ اﻟﺜﺮوة واﻟﻤﺎل /..د.ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻤﺎرة .
ﻟﻢ ﺗﻜـﻦ ﺗﺴﻤـﯿـﺔ اﻟﺨـﻠﯿـﺞ اﻟﻌـﺮﺑـﻲ ﻣﺼﺎدﻓﺔ ،أو ﻣﺠــﺮد
ادﻋﺎء ،ﺑﻞ ﻻن ﺷﻌـﺒﺎ ﻋﺮﺑﯿﺎ ﺑﺄﻛﻤﻠﮫ ﯾﻌﯿﺶ ﻋﻠﻰ اﻟﻀﻔﺔ
اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﻟﻤﯿﺎه اﻟﺨﻠﯿﺞ ،ھﻮ ﺷﻌﺐ اﻻﺣﻮاز ،اﻟﺬي ﯾﺘﻌﺮض
ﻟﻼﺣﺘﻼل واﻟﺘﻔﺮﯾﺲ ،ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ .. 1925
وﻗﺪ اﺳﺘﻘـﺮت ﻗﺒﺎﺋﻞ ﻋﺮﺑﯿﺔ ﻛﺜﯿـﺮة ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻻﺳﻼم
ﻋﻠﻰ ﺗﻠﻚ اﻻرض ﻣﻨﮭﺎ ﺑﻨـﻮ رﺑﯿﻌـﺔ وﺑﻨﻮ ﺑﻜـﺮ ،وﺑﻨﻮ ﻣﺎﻟـﻚ وﺑﻨﻮ ﺗﻤﯿﻢ ،وﺑﻨﻮ ﻟﺨـﻢ وﺗﻐﻠﺐ ،اﻟﻰ أن ﺟﺎءت اﻟﻔﺘﻮﺣﺎت
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻻﺳﻼﻣﯿﺔ ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ اﻻﺣﻮاز ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻮﻻﯾﺔ اﻟﺒﺼﺮة ..
ﺗﻌﺮﺿﺖ اﻻﺣﻮاز ﻟﻼﻃﻤﺎع اﻟﻔﺎرﺳﯿﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﺛﺮواﺗﮭﺎ اﻟﻨﻔﻄﯿﺔ واﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ اﻻﺧﺮى ،وﺑﺴﺒﺐ أراﺿﯿﮭﺎ اﻟﺨﺼﺒﺔ ،وﻣﻮﻗﻌﮭﺎ
اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ اﻟﻤﻄﻞ ﻋﻠﻰ ﻃﻮل ﻣﯿﺎه اﻟﺨﻠﯿﺞ ..ﻟﺬﻟﻚ ﺷﺪّدت اﯾﺮان ﻋﻠﻰ أھﻠﮭﺎ ﺑﺎﻟﻘﻤﻊ واﻟﺘﻨﻜﯿﻞ واﻟﺘﻌﺬﯾﺐ واﻻﻋﺪاﻣﺎت ،
ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﺧﻀﺎﻋﮭﻢ ..ﻛﻤﺎ اﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻣﻌﮭﻢ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻟﻄﻤﺲ ھﻮﯾﺘﮭﻢ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ ﻣﺜﻞ ﻣﻨﻊ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،
وﺗﻐﯿﯿﺮ اﺳﻤﺎء اﻟﻤﺪن واﻟﻘﺮى واﻟﺸﻮارع اﻟﻰ ﺟﺎﻧﺐ ﻓﺮض اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺎرﺳﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴّﻜﺎن ،واﺟﺒﺎرھﻢ ﻋﻠﻰ
ﺗﻐـﯿﯿـﺮﻋﺎداﺗﮭﻢ ،وﺣﺘﻰ ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﮭﻢ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ..
واﻟﻮاﻗﻊ ﻓﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺤﺎوﻻت ﻗﺪ ﺑﺎءت أﻏﻠﺒﮭﺎ ﺑﺎﻟﻔﺸﻞ وﻟﻢ ﺗﺜﻦ ﺳﻜﺎن اﻻﺣﻮاز ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻤﻮد ﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻻﺣﺘﻼل ﻣﻦ ﺧﻼل
اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ ھﻮﯾﺘﮭﻢ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻻﺳﻼﻣﯿﺔ ،وﺧﻮض ﻧﻀﺎﻻﺗﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ واﻟﺨﺎرج ،رﻏﻢ ﻣﺎ ﯾﺒﺪﯾﮫ اﻟﻌﺮب ﻣﻦ ﺗﺠﺎھﻞ
ﻟﻘﻀﯿﺘﮭﻢ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻘﻞ ﻓﻲ أھﻤﯿﺘﮭﺎ ﻋﻦ ﻗﻀﯿﺔ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ..
Documents récents du même auteur
خيول الظلام 21 novembre 2018
الخطاب العربي المعاصر 1er avril 2018
الفتنة ـ هشام جعيط 1er avril 2018
جمال عبد الناصر دراسة في اقواله 31 juillet 2017
الاسلام بين العروبة والقومية 31 juillet 2017
مشروع دراسة عن دولة العرب 26 juillet 2017
الاصل في حرية التعبير 9 juillet 2017
من أجل النصر .. دروس من الهزيمة 3 juin 2017
الصهيونية في العقل العربي 3 juin 2017
المحدّدات الموضوعية لدور مصر 2 juin 2017
المحددات الموضوعية لدور مصر 1er juin 2017
يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو 21 avril 2017
الحياد المستحيل 1er avril 2017
الحقيقة الوحيدة في حرب الخليج 31 mars 2017
اعلان الحرب العالمية الثالثة 22 mars 2017
مقياس الخطر من الوجود الاجنبي 22 mars 2017
الديمقراطية والوحدة العربية 19 mars 2017
الارادة الوطنية 12 mars 2017
الصعـــــود الــــــى القمة 12 mars 2017
أرض الوطن بين الحرب والسلام 15 février 2017