القدس العدد 168 PDF
À propos / Télécharger Lire le document
Nom original: القدس العدد 168.pdf
Ce fichier au format PDF 1.5 a été envoyé sur Fichier-PDF le 02/04/2015 à 20:48, depuis l'adresse IP 197.0.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 643 fois.
Taille du document: 1.1 Mo (12 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺑﯿﻦ دﻋﺎﺗﮭﺎ وأﻋﺪاﺋﮭﺎ . (5) ..
ﺧﻼل اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ﻓﻲ ﻣﺎدة ھﺬا اﻟﻌﺪد ﺗﺬﻛﺮت ﻋﻨﻮان ﻛﺘﺎب ﻟﻠﻤﻔﻜﺮ اﻟﻘﻮﻣﻲ أﺑﻮ ﺧﻠﺪون ﺳﺎﻃﻊ اﻟﺤﺼﺮي ﻛﺘﺒﮫ ﻓﻲ ﻓﺘﺮة اﻟﺨﻤﺴﯿﻨﺎت ﻣﻦ
اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺑﻌﻨﻮان " اﻟﻌﺮوﺑﺔ ﺑﯿﻦ دﻋﺎﺗﮭﺎ وﻣﻌﺎرﺿﯿﮭﺎ ،ﻓﻮﺟﺪت ﻧﻔﺴﻲ أﻗﻊ ـ دون ﻗﺼﺪ ﻣﻨﻲ ـ ﻓﻲ اﺧﺘﯿﺎر ﻧﻔﺲ اﻟﻌﻨﻮان
ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ ..وھﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻨﻲ أﺗﺼﻔﺢ اﻟﻜﺘﺎب ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ ﺑﻌﺪ أن ﻣﺮّ ﻋﻠﻰ ﻗﺮاءﺗﮫ ﻋﺸﺮات اﻟﺴﻨﯿﻦ ..وھﻨﺎ ﺗﺒﺎدر اﻟﻰ ذھﻨﻲ ﺳﺆال ﻣﮭﻢ
:ھﻞ أن ﻃﺮح اﻷﺳﺘﺎذ ﺳﺎﻃﻊ اﻟﺤﺼﺮي ﻟﻨﻔﺲ اﻟﻔﻜﺮة ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﺼﻒ ﻗﺮن ،ﻣﻌﻨﺎه أن اﻟﻮﺣﺪة ﺗﺘﻌﺮض ﻟﻠﻔﺸﻞ ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ
اﻟﺘﺎرﯾﺦ ..؟
ﻟﯿﺲ ﺑﺎﻟﻀﺮورة ...ﻷن اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﮭﺎ اﻷﺳﺘﺎذ اﻟﺤﺼﺮي ،ﻻ ﺗﺘﺤﺪث ﻋﻦ اﻟﻔﺸﻞ ،ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﺗﺘﻨﺎول اﻟﺮّد ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﻜﻜﯿﻦ
ﻓﻲ وﺟﻮد اﻷﺳﺲ اﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻦ إن ﺗﻘﻮم ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻮﺣﺪة ،ﻣﺆﻛﺪا ﻋﻠﻰ وﺣﺪة اﻟﻮﺟﻮد واﻟﻤﺼﯿﺮ اﻟﻘﻮﻣﻲ ،ﻣﻔـﻨـّﺪا اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻷﻓﻜﺎر
اﻹﻗﻠﯿﻤﯿﺔ ،اﻟﺘﻲ وﻗﻊ ﺗﺪاوﻟﮭﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ ﻃﺮف اﻟﻜﺘﺎب ،واﻟﺸﺨﺼﯿﺎت اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ،واﻷﺣﺰاب ،ﻣﺘﺤﺪﺛﺎ ﻋﻦ ﺑﻌﺾ
اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺘﮭﺎ اﻟﺸﻌﻮب ﻓﻲ اﻟﺸﺮق واﻟﻐﺮب ﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻓﻜﺮة اﻟﻮﺣﺪة ..أﻣﺎ ﺣﺪﯾﺜﻨﺎ ﻋﻦ ﻓﺸﻞ اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻮﺣﺪوﯾﺔ ،ﻓﮭﻮ ﯾﺄﺗﻲ
ﺑﺎﻷﺳﺎس ﻓﻲ ﺳﯿﺎق ﻗﺮاءة اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺬي ﻋﺎﺷﺘﮫ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻣﻨﺬ اﻟﺨﻤﺴﯿﻨﺎت اﻟﻰ اﻵن ،وﻣﺎ راﻓﻘﮫ ﻣﻦ أﺧﻄﺎء ارﺗﻜﺒﮭﺎ أﺻﺤﺎب
اﻟﺸﺄن اﻟﻤﻌﻨﯿﯿﻦ ﻗﺒﻞ ﻏﯿﺮھﻢ ﺑﺘﺤﻘﯿﻖ ذﻟﻚ اﻟﮭﺪف ..
واﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﺎن اﻟﻔﺸﻞ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻮﺣﺪة ﻓﻲ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺑﺴﺒﺐ رﻓﺾ اﻟﻔﻜﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺸﻌﺒﻲ ..ﺑﻞ ﻋﻠﻰ
اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﻔﻜﺮة ھﻲ اﻟﺘﻲ ﺣﻘﻘﺖ أﻛﺜﺮ رواﺟﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﺠﻤﺎھﯿﺮ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﯿﻂ اﻟﻰ اﻟﺨﻠﯿﺞ ﻃﻮال ﻓﺘﺮة
اﻟﺨﻤﺴﯿﻨﺎت واﻟﺴﺘﯿﻨﺎت ..وﻟﻌﻞ اﻟﻈﺮوف اﻟﺘﻲ ﺣﻔﺖ ﺑﻘﯿﺎم وﺣﺪة 1958أﻛﺒﺮ دﻟﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ ھﺬا اﻟﻘﻮل ..
ﻓﻠﻤﺎذا ﻟﻢ ﺗﺘﺤﻘﻖ اﻟﻮﺣﺪة اذن ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻧﻀﻒ ﻗﺮن ﻣﺮت ﻋﻠﻰ وﺟﻮد اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ ..؟
ـ ﻓﻘﺪ ﺗﺄﺳﺴﺖ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻘﻮﻣﯿﯿﻦ اﻟﻌﺮب ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ .. 1948
ﺛﻢ ﻗﺎﻣﺖ ﺛﻮر 23ﯾﻮﻟﯿﻮ اﻟﻮﺣﺪوﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ ﻣﻨﺬ ﺳﻨﺔ . 1953
ـ وﺗﺄﺳﺲ ﺣﺰب اﻟﺒﻌﺚ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻻﺷﺘﺮاﻛﻲ ﻣﻨﺬ ﺑﺪاﯾﺔ اﻷرﺑﻌﯿﻨﺎت ﻟﯿﺘﻢ اﻹﻋﻼن ﻋﻨﮫ رﺳﻤﯿﺎ ﺑﻌﺪ ﺗﻮﺣﯿﺪ أﺟﻨﺤﺘﮫ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ . 1947
وﻗﺪ وﺻﻞ ﺣﺰب اﻟﺒﻌﺚ ﻓﻲ ﺳﻮرﯾﺎ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻨﺬ آذار ﻣﺎرس ، 1963ﺛﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﻗﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﺸﮭﺮ ﺳﻨﺔ .. 1968
ـ وﻗﺪ ﺗﻤﻜﻦ اﻟﻀﺒﺎط اﻷﺣﺮار ﻓﻲ ﻟﯿﺒﯿﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻨﺬ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ .. 1969
ﻓﻠﻤﺎذا ﻟﻢ ﺗﺘﻮﺣﺪ ﺗﻠﻚ اﻷﻗﻄﺎر اﻟﺘﻲ ﺣﻜﻤﮭﺎ اﻟﻘﻮﻣﯿﻮن ﻋﻠﻰ أﻗﻞ ﺗﻘﺪﯾﺮ ؟ وھﻞ ﻛﺎن اﻟﻔﺸﻞ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﯿﻖ ھﺪف اﻷﺣﺰاب اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ
وأﻧﻈﻤﺘﮭﺎ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى أرﺑﻊ ﻋﻘﻮد ،ﯾﻌﻮد ﻛﻠﮫ إﻟﻰ اﻟﻤﺆاﻣﺮات اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ..؟
ﺑﺎﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻻ ..ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻷي ﻗﻮة ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ أن ﺗﻤﻨﻊ ﻗﯿﺎم اﻟﻮﺣﺪة واﺳﺘﻤﺮارھﺎ ﺑﯿﻦ ﻗﻄﺮﯾﻦ ﻋﺮﺑﯿﯿﻦ ،ﻟﻮ ﺗﻮﻓـّﺮت اﻹرادة اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ
ﺑﯿﻦ اﻟﻘﻮى اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻃﻮال ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ..وھﻮ ﻣﺎ ﯾﺤﻤّـﻠﮭﺎ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻓﺸﻞ ﻣﺸﺮوﻋﮭﺎ ...
ﻋﮭﺪ اﷲ ﻣﺎ ﻧﺮﺣﻞ ..
وﻋﮭﺪ اﷲ ﻧﺠﻮع ﻧﻤﻮت و ﻻ ﻧﺮﺣﻞ ..
وﻋﮭﺪ اﻟﺜﻮرة واﻟﺜﻮار ..
* أﺣﺐ اﻟﻨﺎس إﻟﻲّ ﻣﻦ رﻓﻊ إﻟﻲّ ﻋﯿﻮﺑﻲ ) .ﻋﻤﺮ ﺑﻦ
اﻟﺨﻄﺎب ( .
* اﻟﺤﻖ دوﻟﺔ واﻟﺒﺎﻃﻞ ﺟﻮﻟﺔ ..
واﻟﺠﻤﺎھﯿﺮ ﻣﺎ ﻧﺮﺣﻞ ..
واﺣﻨﺎ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ ھﺎﻷرض ..
وﻋﻤﺮ اﻻرض ..
ﻋﻤﺮ اﻻرض ..
ﻣﺎ ﺑﺘﺮﺣﻞ ..
أن ﺗﺴﻌﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ إﻟﻰ ﺿﻤﺎن ﺣﻘﻮق رﻋﺎﯾﺎھﺎ اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﺪّون ﺑﺎﻵﻻف ،ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ ﻣﺘﻔﺠّﺮة وﻣﻠﻐﻮﻣﺔ
ﻣﺜﻞ اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﻠﯿﺒﯿﺔ ،ﻓﮭﺬا أﻣﺮ ﻣﻌﻘﻮل وﻣﻄﻠﻮب أﯾﻀﺎ ،ﺑﻞ ھﻮ ﻣﻦ واﺟﺐ أي ﺣﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ أي دوﻟﺔ ﺗﻌﺮف ﻗﯿﻤﺔ
ﻣﻮاﻃﻨﯿﮭﺎ وﺗﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﻟﺤﮭﻢ ..أﻣﺎ أن ﺗﻔﻜﺮ ھﺬه اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﻌﻘﻠﯿﺔ اﻟﺤﯿﺎد اﻟﻜﺎذﺑﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺴﺘﺤﯿﻞ ﺗﺤﻘﯿﻘﮭﺎ
ﻋﻠﻰ أرض اﻟﻮاﻗﻊ ،ﻓﺘﺘﻈﺎھﺮ ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺲ اﻟﻤﺴﺎﻓﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻔﺮﻗﺎء ﻓﻲ ﻟﯿﺒﯿﺎ ،ﻓﮭﺬا أﻣﺮ ﻏﯿﺮ ﻣﻌﻘﻮل وﻏﯿﺮ ﻣﻘﺒﻮل
ﺑﺎﻟﻤﺮة ..ﻻن ھﺆﻻء اﻟﻔﺮﻗﺎء ﻣﻨﮭﻢ ﻣﻦ ﯾﺴﺘﮭﺪف أﻣﻦ ﺗﻮﻧﺲ وﯾﺘﺮﺑّﺺ ﺑﺄھﻠﮭﺎ وﯾﻘﻒ ﻋﻠﻨﺎ داﻋﻤﺎ ﻟﻺرھﺎب اﻟﺬي ﺑﺎت ﯾﮭﺪّد
أﻣﻨﮭﺎ واﺳﺘﻘﺮارھﺎ ﻣﻨﺬ أرﺑﻊ ﺳﻨﻮات ..وﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ إﻻ أن ﺗﺼﻤﺖ إذا ﻛﺎﻧﺖ ﻏﯿﺮ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺟﮭﺔ اﻟﺘﺤﺪﯾﺎت ،
ﺑﺪل اﻟﺘﻀﻠﯿﻞ اﻟﺬي ﻟﻦ ﯾﺜﻨﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت ﻋﻦ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﺳﺘﮭﺪاﻓﮭﺎ ﻟﯿﺲ ﻟﺘﻮﻧﺲ ﻓﺤﺴﺐ ،ﺑﻞ ﻟﻠﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺑﺄﻛﻤﻠﮫ ..
اﻟﺘّﻘﺪﯾﻢ :
ﺗﺸﮭﺪ اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﯾﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﯿﺌﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺪھﻮر
وﻣﻦ رداءة اﻟﺨﺪﻣﺎت ﺑﻤﺎ ﯾﺆﺷّﺮ إﻟﻰ أزﻣﺔ ﺧﺎﻧﻘﺔ ﺗﻌﯿﺸﮭﺎ
ﺗﻮﻧﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮﯾﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ
واﻹﯾﻜﻮﻟﻮﺟﯿﺔ ،ﺑﺴﺒﺐ ﺗﺨﻠﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻦ اﻹﯾﻔﺎء ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﮭﺎ
ﻣﻊ ﻣﻮاﻃﻨﯿﮭﺎ ﻻرﺗﺒﺎط اﻗﺘﺼﺎدھﺎ ﺑﺎﻟﺴﻮق اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ وﻓﻖ ﺗﺒﻨﻲ
ﺗﻮﺻﯿﺎت اﻟﺒﻨﻚ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ ﻣﺎ ﻋُﺮف ﺑﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﺘﻔﻮﯾﺖ أو
اﻟﺨﺼﺨﺼﺔ ،وﻓﺘﺢ ﺳﻮق اﻻﺗﺠﺎر ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ واﻟﻌﻘﻮل
)ﺗﺴﻠﯿﻊ اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ( أﻣﺎم اﻟﺨﻮاص ﺗﺤﺖ ﺷﻌﺎرات " اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻋﻦ
ﺑﻌﺪ" و" اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻣﺪى اﻟﺤﯿﺎة " و" اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻻﻓﺘﺮاﺿﯿﺔ
" ،وﻧﺘﺞ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﺗﻔﻜﯿﻚ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ورداءة ﺧﺪﻣﺎﺗﮫ
وﺗﺮاﻛﻢ ﻣﺸﺎﻛﻠﮫ وﺗﻌﻘﯿﺪھﺎ ﻣﻊ ﻋﺠﺰ اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص ﻋﻠﻰ
ﻣﻞء اﻟﻔﺮاغ وﻗﯿﺎدة اﻟﻤﺠﺎل اﻟﺘﻌﻠﯿﻤﻲ .وﻗﺪ ﺷﮭﺪت اﻟﺴﻨﻮات
اﻟﺜﻼث اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ ﺗﺴﺎرع وﺗﯿﺮة ﺗﺮاﺟﻊ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﻤﺪرﺳﺔ
اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﻣﺘﺨﺬة أﺑﻌﺎدا ﻋﻤﯿﻘﺔ وأﺷﻜﺎﻻ أﻛﺜﺮ وﺿﻮﺣﺎ ﺟﻌﻠﺖ
" اﻟﺴﺒﻮرة ﺳﻮداء " ].. [2
ﻟﻘﺪ ﻟﺤﻖ اﻟﺘﺪھﻮر ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺘﺮﺑﻮي اﻟﺒﯿﺪاﻏﻮﺟﻲ
،ﻓﻔﻘﺪت اﻟﻤﺪرﺳﺔ ھﯿﺒﺘﮭﺎ وھُﺘﻜﺖ ﺣﺮﻣﺘﮭﺎ وآﻟﺖ ﺑﻨﺎﯾﺎﺗﮭﺎ
ﻟﻠﺴﻘﻮط ،وﺗﺂﻛﻠﺖ اﻟﺘﺠﮭﯿﺰات وﻓﺮﻏﺖ اﻟﻤﻜﺘﺒﺎت وﻏﺎﺑﺖ
اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ .وﻣﺜــّـﻞ ﻏﻠﻖ ﻣﺪارس اﻟﺘﺮﺷﯿﺢ ﺛﻢ اﻟﻤﻌﺎھﺪ اﻟﻌﻠﯿﺎ
ﻟﻠﻤﻌﻠﻤﯿﻦ ﺿﺮرا ﻓﺎدﺣﺎ ﻣﺲّ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﯿﺔ اﻟﻤﺪرﺳﯿﻦ اﻟﻤﻨﺘﺪﺑﯿﻦ
.وﺗﻜﺘﻤﻞ اﻟﺼﻮرة ﺑﺘﻮاﺗﺮ ﻗﺮارات ارﺗﺠﺎﻟﯿﺔ ﻛﻔﺮض ﻣﻘﺎرﺑﺎت
ﻏﺮﯾﺒﺔ ﻻ ﺗﺮاﻋﻲ ﺧﺼﻮﺻﯿﺔ اﻟﺬھﻨﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ،وﺗﺤﻮﯾﺮ
اﻟﺒﺮاﻣﺞ واﻟﻤﻨﺎھﺞ وﻓﻖ ﺧﯿﺎرات ﺗﻨﻤﻮﯾﺔ ﻣﺴﺘﻨﺪة إﻟﻰ أرﻗﺎم
وردﯾﺔ ﺗﺴﻮّق ﻟﺨﻄﺎب ﺳﯿﺎﺳﻲ ﯾﺒﺤﺚ ﻋﻦ ﺗﻮازﻧﮫ ،ﻣﻊ ﻣﺎ
راﻓﻖ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﺨﺒﻂ ﻇﮭﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺣﺬف اﻻﻣﺘﺤﺎﻧﺎت
اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ وزﯾﺎدة ﻓﻲ ﻣﻮاد اﻟﺘﺪرﯾﺲ وإﻗﺮار زﻣﻦ ﻣﺪرﺳﻲ
ﻣﺜﻘﻞ ﻟﻜﺎھﻞ اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ ،وﺗﻌﺮﯾﺐ ﻏﯿﺮ ﻣﻜﺘﻤﻞ وﺗﺮوﯾﺞ ﻗﯿﻢ
ﺟﺪﯾﺪة ﻛﯿّﻔﺖ ﻣﺤﺘﻮى اﻟﻨﺼﻮص واﻟﻤﺤﺎور ...
ﻟﻘﺪ ﻋﺮﻓﺖ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ أﺳﻮأ ﻓﺘﺮاﺗﮭﺎ ﻣﻨﺬ اﻟﺘﺴﻌﯿﻨﺎت
ﻓﻌﺠﺰت اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﺗﺴﻠﻂ اﻟﺴﯿﺎﺳﺎت
اﻟﻤﻤﻼة ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺄن اﻟﺘﺮﺑﻮي وﺗﺨﻠﻲ اﻟﺘﻨﻈﯿﻤﺎت اﻟﻤﺪﻧﯿﺔ
واﻟﻤﮭﻨﯿﺔ ﻋﻦ دور اﻟﺮﻗﺎﺑﺔ واﻟﺘﺪﺧﻞ ﻓﻲ "اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ".
(1ﺗﺎرﯾﺨﯿّﺔ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ :
أ( ﯾﻌﻮد ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ إﻟﻰ اﻟﻌﺼﺮ
اﻟﻘﺮﻃﺎﺟﻨﻲ ﺣﯿﺚ ﻛﺎن اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻋﻤﻮﻣﯿﺎ وﻣﮭﯿﻜﻼ إﻟﻰ ﺗﻌﻠﯿﻢ
اﺑﺘﺪاﺋﻲ وﯾﺴﻤﻰ ﺑﺎرﻗﻮﻻ " "Pergolaﻣﻨﺘﺸﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺪن
وأﯾﻀﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺮى واﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﯾﻔﯿﺔ ،أﻣﺎ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺜﺎﻧﻲ
وﯾﺴﻤﻰ ﻟﻮداس " "Ludasوﯾﺨﺺ اﻷﻃﻔﺎل ﺑﺪاﯾﺔ ﻣﻦ
…..
ﻣﻦ اﻟـ 12ﻋﺎﻣﺎ ﺣﯿﺚ ﯾﻌﻨﻰ ﺑﺘﺪرﯾﺲ ﺷﺮح اﻟﻨﺼﻮص
واﻟﻨﺤﻮ وﻧﻈﺎم اﻟﻤﻌﺎﯾﺮة )ﻣﺒﺤﺚ ﻣﻘﺎدﯾﺮ اﻷدوﯾﺔ( واﻟﻌﻠﻮم
اﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺔ واﻟﺮﯾﺎﺿﯿﺎت ...أﻣﺎ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﯿﻌﻨﻰ
ﺑﻌﻠﻢ اﻟﺒﻼﻏﺔ واﻟﺒﯿﺎن ﺿﻤﻦ ﻣﺪارس ﻣﺨﺼﺼﺔ ﻷﺑﻨﺎء
اﻟﺬوات واﻟﻨﺒﻼء ،وأﺧﯿﺮا اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ﻓﻲ
اﺧﺘﺼﺎﺻﺎت ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﻨﮭﺎ اﻵداب واﻟﻠﻐﺎت واﻟﺤﻘﻮق
واﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻰ واﻟﻄﺐ واﻟﻄﺒﯿﻌﯿﺎت ) ﻣﺎﻏﻮن اﻟﻘﺮﻃﺎﺟﻨﻲ
اﻟﺬي ﯾﻌﺪّ أب اﻟﻔﻼﺣﺔ واﻟﺬي ﺗﺮك ﻣﻮﺳﻮﻋﺔ "ﻛﺘﺎب
اﻟﻔﻼﺣﺔ" ﻓﻲ 28ﻣﺠﻠﺪا اﻋﺘﺒﺮھﺎ ﻣﺠﻠﺲ ﺷﯿﻮخ روﻣﺎ
اﻟﻤﻨﺘﺼﺮة أھﻢّ ﻏﻨﯿﻤﺔ ﺣﺮب( ..ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻗﺮﻃﺎج
ﻣﻨﺎﻓﺴﺎ ﺟﺪﯾﺎ ﻟﺠﺎﻣﻌﺘﻲ روﻣﺎ وأﺛﯿﻨﺎ ].. [3
ب( ﻛﻤﺎ اھﺘﻤﺖ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺤﻔﺼﯿﺔ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﯿﻢ وﻛﺎن ﺗﻌﻠﯿﻤﺎ
ﺗﺤﺖ إﺷﺮاف اﻟﺪوﻟﺔ ﻣﻦ ﺣﯿﺚ اﻟﻤﺤﺘﻮﯾﺎت واﻟﻔﻀﺎءات
واﻷﺟﻮر ،إذ ﻟﻢ ﺗﻤﺾ ﺳﺖ ﺳﻨﻮات ﻓﻘﻂ ﺑﻌﺪ ﺗﺄﺳﯿﺲ
دوﻟﺘﮫ ،ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻮﻟﻰ أﺑﻮ زﻛﺮﯾﺎء اﻟﺤﻔﺼﻲ ﺑﻌﺚ أول
ﻣﺪرﺳﺔ ﺳﻨﺔ 1234وھﻲ " اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺸﻤﺎﻋﯿﺔ " ][4
ﺑﺴﻮق اﻟﺸﻤﺎﻋﯿﻦ ﺛﻢ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻮﻓﯿﻘﯿﺔ ﺳﻨﺔ 1252
ﻗﺮب ﺟﺎﻣﻊ اﻟﮭﻮاء وأﺳﺴﺘﮭﺎ اﻷﻣﯿﺮة ﻋﻄﻒ زوﺟﺔ أﺑﻮ
زﻛﺮﯾﺎء ،وﻛﺎن ﻋﺪد اﻟﻤﺪارس اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻘﺒﺔ
ﻗﺪ ﺑﻠﻎ اﻟﺨﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻣﺪرﺳﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻟﻮﺣﺪھﺎ .
ت( ﻟﻘﺪ اھﺘﻤﺖ ﺳﻠﻄﺔ اﻻﺣﺘﻼل ﺑﻌﯿﺪ اﻧﺘﺼﺎﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ
ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎره وﺳﯿﻠﺔ ﻟﻨﺸﺮ ﺛﻘﺎﻓﺘﮫ ﻓﺒﻨﻰ اﻟﻤﺪارس
اﻟﻌﺼﺮﯾﺔ ﻛﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﺘﺮوﯾﺾ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻤﻌﺮﻓﻲ وﻓﺘﺤﮭﺎ
أﻣﺎم اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﯿﻦ ﺑﺎﻟﺘﻮازي ﻣﻊ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ
اﻟﺰﯾﺘﻮﻧﻲ )ﺣﻈﯿﺖ ﻗﺮﯾﺘﻲ اﻟﻤﻜﻨﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻮﺳﻂ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ
ﺑﻤﺪرﺳﺔ ﻋﺼﺮﯾﺔ ﻣﻨﺬ ،(1903وﻟﻘﺪ اﺳﺘﻔﺎد اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﻮن
ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﺼﺮي وﺗﻌﺎﻃﻮا ﻣﻌﮫ "ﻛﻐﻨﯿﻤﺔ ﺣﺮب" ﻣﺜﻠﮫ
ﻣﺜﻞ اﻟﻤﻮاﺻﻼت واﻟﺴﻜﻚ اﻟﺤﺪﯾﺪﯾﺔ واﻟﻤﺴﺎرح.
ث( اھﺘﻤﺖ دوﻟﺔ اﻻﺳﺘﻘﻼل ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻓﺄﺻﺪرت أول ﻗﺎﻧﻮن
ﯾﻨﻈﻢ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ] [5ﺑﺘﻮﻧﺲ ﺳﻨﺔ 1958وﺟﻌﻠﺖ ﻣﻦ
ﻏﺎﺋﯿﺎﺗﮫ اﻟﻀﺒﻂ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﺑﺎﻟﺘﺮﻛﯿﺰ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎء
اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ وﺗﺤﻤﯿﻞ اﻟﻤﺪرﺳﺔ " ﺗﺰﻛﯿﺔ ھﺬه
اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ " ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺣﺪدھﺎ اﻟﺸﯿﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﺜﻌﺎﻟﺒﻲ
ﻣﻨﺬ 1928ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ "l’esprit libéral du
coranاﻟﺮوح اﻟﺘﺤﺮرﯾﺔ ﻟﻠﻘﺮآن" ﻛﺎﻟﺘﺎﻟﻲ" :أن ﯾﺴﺘﻤﺪّ
اﻟﻤﺴﻠﻢ اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﻐﯿﯿﺮ ﻋﻘﻠﯿﺘﮫ وﺗﺤﻮﯾﻠﮫ إﻟﻰ
إﻧﺴﺎن ﺟﺪﯾﺮ ﺣﻘﯿﻘﺔ ﺑﮭﺬا اﻻﺳﻢ ،أي إﻧﺴﺎن ﺣﺮّ وﻣﺘﻌﻠّﻢ
وﻣﺘﺄﺛّﺮ ﺑﻜﻞّ ﻣﺎ ﻟﮫ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ واﻟﺮّﻗﻲّ واﻟﺤﻀﺎرة "
] ، [6وھﻲ ذات اﻟﻤﺒﺎدئ اﻟﺘﻲ ﻧﺺّ ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻔﺼﻞ 39
ﻣﻦ دﺳﺘﻮر ،2014وﺗﺤﺼﯿﻦ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻣﻦ " إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ
اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ اﻟﻨّﻤﻂ اﻟﺰﯾﺘﻮﻧﻲ" ﺑﺠﻌﻠﮫ ﺗﻌﻠﯿﻤﺎ ﻋﺼﺮﯾﺎ
وﻣﻮﺣّﺪا ،وﺿﻤﺎن اﺳﺘﻤﺮارﯾﺔ اﻹدارة واﻟﺪواوﯾﻦ
وﺗﺰوﯾﺪھﺎ ﺑﺎﻹﻃﺎرات اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ﺗﻌﻮﯾﻀﺎ ﻟﻸﺟﺎﻧﺐ
اﻟﻤﻐﺎدرﯾﻦ ،واﻋﺘﺒﺎر أن اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻋﺎﻣﻞ ﺗﺮقّ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
ﻓﺘﻌﺰّزت ﻣﻜﺎﻧﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﺘّﻤﺜﻼت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻟﻠﺘﻮﻧﺴﻲ .
وﻟﻘﺪ ﺗﻤﺜﻞ ھﺬا اﻻھﺘﻤﺎم ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺳﻦّ اﻟﺘﺸﺮﯾﻌﺎت
ورﺻﺪ اﻟﺘﻤﻮﯾﻼت )ﺛﻠﺚ اﻟﻤﯿﺰاﻧﯿﺔ ﯾﺨﺼﺺ ﻟﻠﺘﻌﻠﯿﻢ(
وﺿﺒﻂ اﻟﺘﻮﺟﮭﺎت اﻟﻜﺒﺮى واﻟﻤﺤﺘﻮﯾﺎت وﺑﻨﺎء
واﻟﻔﻀﺎءات ﻓﻲ ﻛﺎﻣﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﺒﻼد وﺗﺄﻣﯿﻦ ﺗﻜﻮﯾﻦ
اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ واﻷﺳﺎﺗﺬة )ﺑﻌﺚ دور ﺗﺮﺷﯿﺢ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ( ﻣﻊ
ﻗﺪرة ﺗﺸﻐﯿﻠﯿﺔ ﻋﺎﻟﯿﺔ ﻟﺨﺮﯾﺠﻲ اﻟﻤﺪارس .ھﻜﺬا ﻟﻌﺒﺖ
اﻟﺪوﻟﺔ دورا ﺗﻨﻤﻮﯾﺎ ﺷﻤﻞ ﻗﻄﺎﻋﺎت واﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
وأﻧﺸﻄﺘﮫ وﻋﻠﻰ رأﺳﮭﺎ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ.
(2ﻣﻼﻣﺢ أزﻣﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ،اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻧﻤﻮذﺟﺎ :
اﺗﺨﺬت اﻷزﻣﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﯿﺸﮭﺎ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﻈﺎھﺮ ﻣﺘﻌﺪدة ﻣﺴﺖ
اﻟﻨﺴﯿﺞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺘﻨﻤﻮي وﺗﺪھﻮر
اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻤﻌﯿﺸﻲ واﻟﺼﺤﻲ إذ ﺑﻠﻐﺖ ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻔﻘﺮ ﻣﺴﺘﻮى
ﻋﺎل ﺳﻨﺔ 2014ﺣﯿﺚ ﯾﻌﯿﺶ رﺑﻊ ﺳﻜﺎن اﻟﺒﻼد ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻦ
اﻟﻔﻘﺮ اﻟﻤﺪﻗﻊ ﻣﻨﮭﻢ % 20ﺗﺤﺖ ﺧﻂ اﻟﻔﻘﺮ ،ﻛﻤﺎ ﺗﻔﺸﺖ
ﻇﺎھﺮة اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻟﯿﺼﻞ اﻟﻌﺪد إﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﻘﺎرب 700أﻟﻒ
ﺑﻄﺎل ﺗﻤﺜﻞ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻨﮭﻢ ﺛﻼﺛﺔ أﺧﻤﺎس ﻓﻲ ﺣﯿﻦ ﺑﻠﻎ ﻋﺪد
اﻟﺒﻄﺎﻟﯿﻦ ﻣﻦ ﺣﺎﻣﻠﻲ ﺷﮭﺎدات ﺟﺎﻣﻌﯿﺔ 160أﻟﻔﺎ واﻟﻌﺪد
ﻓﻲ ﺗﺰاﯾﺪ ﺳﻨﻮﯾﺎ أﻣﺎم ﺗﺨﺮج ﻣﺎ ﯾﻘﺎرب اﻟـ 80أﻟﻔﺎ ،وﺗﺰاﯾﺪ
ﻋﺪد اﻟﻤﺘﺴﺮﺑﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻤﺪارس واﻟﻤﻌﺎھﺪ )ﺑﻠﻎ ﻋﺪدھﻢ ﺳﻨﺔ
2013ﻓﻘﻂ اﻟـ 100أﻟﻔﺎ ( ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺿﻌﻒ وﺗﯿﺮة اﻻﻧﺘﺪاب
وﺧﻠﻖ ﻣﻮاﻃﻦ ﺷﻐﻞ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ،ﻣﻊ ارﺗﻔﺎع ﺟﻨﻮﻧﻲ ﻓﻲ
اﻷﺳﻌﺎر وﺗﺪھﻮر اﻟﻤﻘﺪرة اﻟﺸﺮاﺋﯿﺔ وﺗﺮاﺧﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ
ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﺼﺤﯿﺔ واﻟﺒﺮﯾﺪﯾﺔ واﻟﺘﻌﻠﯿﻤﯿﺔ واﻟﺒﻠﺪﯾﺔ
وﺗﺨﺮﯾﺐ اﻟﺒُﻨﻰ اﻟﺘﺤﺘﯿﺔ ،وإھﻤﺎل ﺗﺎم ﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﺸﺒﺎب
واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻤﺮأة ،واﻟﺘﻐﺎﺿﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﺻﺎب اﻷﻧﻈﻤﺔ
اﻹﯾﻜﻮﻟﻮﺟﯿﺔ ﻣﻦ دﻣﺎر )ﻣﺤﻤﯿﺎت ،ﻧﻔﺎﯾﺎت ،ﺗﻠﻮث اﻟﺒﺤﺮ
واﻟﺼﺤﺮاء (..ﺗﺼﺒﺢ اﻟﺼﻮرة أﻛﺜﺮ ﺑﺆﺳﺎ ﻣﻤﺎ أدى إﻟﻰ
ﺗﻔﺸﻲ ﻇﺎھﺮة اﻟﻌﻨﻒ واﻻﻧﺤﺮاف وﺗﻌﺎﻃﻲ اﻟﻤﺨﺪرات
واﻟﺘﻔﻜﻚ اﻷﺳﺮي.
وﻟﻌﻞ ﻣﻦ أﺳﺒﺎب ﺗﺨﻠّﻲ اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﮭﺎ إزاء
ﻣﻮاﻃﻨﯿﮭﺎ ﻗﻠّﺔ ﻣﻮاردھﺎ وارﺗﺒﺎط اﻗﺘﺼﺎدھﺎ ﻛﻠﯿﺎ ﺑﺎﻟﺪواﺋﺮ
اﻟﻤﺎﻟﯿﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ ﻣﻤﺎ ﺳﺎرع ﻓﻲ وﺗﯿﺮة اﻟﺘّﺪاﯾﻦ إذ ﺑﻠﻐﺖ
اﻟﺪﯾﻮن اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﻟﻠﺴﻨﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ % 48ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﺨﺎم
وﺗﻤﺜﻞ ﻛﻠﻔﺔ ﺳﺪادھﺎ ﺳﻨﻮﯾﺎ % 18ﻣﻦ ﻣﯿﺰاﻧﯿﺔ اﻟﺪوﻟﺔ،
وﻛﻨﺘﯿﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ ،أﺟﺒﺮت اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﻓﺘﺢ اﻟﺴﻮق اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ
أﻣﺎم ﻣﻨﺘﻮﺟﺎت اﻟﺪول اﻟﻜﺒﺮى دون ﻗﯿﻮد وﻛﺬﻟﻚ ﺗﺸﺠﯿﻊ
اﻻﺳﺘﺜﻤﺎرات اﻷﺟﻨﺒﯿﺔ ﺑﺸﺮوط ﻣﺠﺤﻔﺔ ﺿﺪ ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﺪوﻟﺔ،
ﺿﻤﻦ ﻋﻼﻗﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﻣﻊ دواﺋﺮ اﻟﻤﺎل واﻷﻋﻤﺎل
اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻣﻦ "اﺳﺘﺸﺎرات إﻟﻰ ﻧﺼﺎﺋﺢ ﻓﺘﻮﺟﯿﮭﺎت ﺛﻢّ
إﻣﻼءات " ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺑﺮاﻣﺞ ﻹﻋﺎدة "ھﯿﻜﻠﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد"
وﻓﺮض ﻣﻨﻮال ﺗﻨﻤﯿﺔ ﺗﺎﺑﻊ .
وﻟﻢ ﯾﺒﻖ ﻗﻄﺎع اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻓﻲ ﻣﻨﺄى ﻋﻦ ﺗﺄﺛﯿﺮ اﻷزﻣﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ
ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻧﺲ ،إذ دﺧﻠﺖ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﺣﻘﺒﺔ
ﻣﻐﺎﯾﺮة ﻣﻊ ﻧﮭﺎﯾﺔ اﻟﺴﺒﻌﯿﻨﺎت ،ﻓﻔُﺮﺿﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻧﺲ ﺷﺮوط
ﻣﺠﺤﻔﺔ ﻣﻘﺎﺑﻞ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻗﺮوض ﻟﻌﻞ ﻣﻦ أھﻤﮭﺎ
"ﺗﺨﻔﯿﻒ ﻋﺐء اﻟﻤﺼﺎرﯾﻒ اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ" واﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻓﻲ
ﻣﻘﺪﻣﺘﮭﺎ ،اﻟﺬي ﺷﮭﺪ ﺗﺴﺎرﻋﺎ ﻓﻲ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﺮاﺟﻊ واﻟﺘﻔﻜﻚ
ﻟﯿﺒﻠﻎ أوﺟﮫ ﺑﺈﻗﺮار "ﻣﺸﺮوع ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﻐﺪ" ﻓﻲ 2002
ﺗﺤﺖ ﺷﻌﺎر "ﺗﻌﺰﯾﺰ اﻟﮭﻮﯾﺔ" ﺿﻤﻦ ﺧﺼﻮﻣﺎت ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ
ﻟﻠﻨﻈﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻣﻊ "ﻓﻜﺮ اﻹﺳﻼم اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ" ،ﻓﺤﻈﻲ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ
اﻟﺨﺎص ﺑﺘﺸﺠﯿﻌﺎت ﻛﺒﯿﺮة وزﺣﻔﺖ اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ
ﻣﺤﻤﯿﺔ ﺑﺘﺮﺳﺎﻧﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﺸﺮﯾﻌﺎت وﻣﺮوﻧﺔ ﻛﺒﯿﺮة ﻓﻲ اﻋﺘﻤﺎد
ﺷﮭﺎﺋﺪھﺎ .
رﺿﺨﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ﻟﺸﺮوط اﻟﻤﺎﻧﺤﯿﻦ وأﻋﻠﻨﺖ "ﻣﺮﺣﻠﺔ
اﻟﺘﻘﺸﻒ" ﻟﻠﺘﺨﻔﯿﻒ ﻣﻦ أﻋﺒﺎء اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ،وﺗﻢّ
ﺗﺪرﯾﺠﯿﺎ ﺗﺤﺮﯾﺮ اﻟﺴﻮق وﺧﺼﺨﺼﺔ اﻟﻤﻨﺸﺂت اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ ﺣﺘﻰ
اﻻﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ ﻣﻨﮭﺎ ،وﻓُﺘﺢ ﻗﻄﺎع اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ أﻣﺎم اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﯾﻦ
وھﻮ ﻣﺎ ﻣﺜّﻞ ﺗﺤﻮّﻻ ﻓﻲ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﺨﺎص ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺘﮫ
ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﻣﻦ دور "اﻹﺳﻨﺎد" إﻟﻰ دور"اﻟﺮّﯾﺎدة"
ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻻﺑﺘﺪاﺋﻲ ،اﻧﺠﺮّ ﻋﻨﮫ ﺗﺮاﺟﻊ ﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻓﻲ
اﻟﺘﻤﺜﻼت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ .وﺗﺰاﻣﻦ ذﻟﻚ ﻣﻊ ﻣﺮوﻧﺔ ﻓﻲ ﺷﺮوط
ﻣﻌﺎدﻟﺔ اﻟﺸﮭﺎﺋﺪ اﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ ،ﻓﻔﻘﺪت اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ
ﻣﻜﺎﻧﺘﮭﺎ ﻋﺎﻟﻤﯿﺎ ) اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﻻ ﺗﻮﺟﺪ ﺿﻤﻦ 70
ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﺈﻓﺮﯾﻘﯿﺎ وﻻ ﺿﻤﻦ اﻟـ 500ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ﻓﻲ
اﻟﻌﺎﻟﻢ ( ،وﺗﻔﺎﻗﻢ ﻓﺸﻞ اﻟﻤﺪرﺳﺔ واﺳﺘﻔﺤﻠﺖ ﻇﺎھﺮة اﻟﺘﺴﺮّب
اﻟﻤﺪرﺳﻲ ،وﺳﻘﻄﺖ ﻛﻞ اﻷوھﺎم ﺣﻮل " اﻟﺘﺸﻐﯿﻠﯿﺔ ﺑﺎرﺗﺒﺎط
(3اﻟﻤﺪﺧﻞ إﻟﻰ إﺻﻼح اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﯾﺔ :
إن اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺮاھﻦ ﻟﻠﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ﻣﺮﺗﺒﻂ وﺛﯿﻖ اﻻرﺗﺒﺎط
ﺑﺨﯿﺎرات اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ وﺑﺎﻟﺘﺤﻮﻻت
اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ ﻛﻨﺘﯿﺠﺔ ﻻرﺗﮭﺎن اﻟﻘﺮار اﻟﺴﯿﺎدي ﺑﯿﺪ
اﻟﺪواﺋﺮ اﻟﻤﺎﻧﺤﺔ ،وھﻮ وﺿﻊ اﺳﺘﻔﺤﻞ ﻣﻨﺬ ﻣﺎ ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻦ
ﻋﺸﺮﯾﺘﯿﻦ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻛﻞ إﺻﻼح ﻻ ﯾﺘﻮﺟﮫ ﻧﺤﻮ ﺗﻐﯿﯿﺮ
ﺷﺎﻣﻞ ﻟﻤﻨﻮال اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﺣﯿﺚ ﯾﺘﺒﻮّأ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
أوﻟﻮﯾﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻓﻲ اھﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﺪوﻟﺔ ،ھﻲ ﻣﺤﺎوﻻت ﻓﺎﺷﻠﺔ
واﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﻣﻘﺎرﺑﺎت وﺑﺮاﻣﺞ وھﯿﺌﺎت ﻋﻠﯿﺎ ﺗﻤﺜﯿﻠﯿﺔ ھﻮ
ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺘﺮﻗﯿﻊ اﻟﺬي ﻟﻦ ﯾﺰﯾﺪ اﻟﻤﺸﻜﻞ إﻟّﺎ ﺗﻌﻜﯿﺮا.
ﺣﯿﻦ ﯾﺘﻢ اﻟﻔﺼﻞ ﻓﻲ ﻣﻨﺎوﯾﻞ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ وﺗﺒﺠﯿﻞ اﻟﺜﺮوة
اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ،ﺳﻨﻌﺮف ﻛﯿﻒ ﻧﻀﻊ اﻟﺤﺠﺮات اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ
ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺴﻌﺎدة ﺗﻌﻀﺪه ﻣﺪرﺳﺔ ﺗﻨﻮﯾﺮﯾﺔ ﻣﺘﺄﺻﻠﺔ ﻓﻲ
ﺗﺮﺑﺘﮭﺎ ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎءﻟﺔ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ واﻟﻌﻠﻮم واﻟﻠﻐﺎت
واﻟﻔﻠﺴﻔﺔ واﻟﻔﻨﻮن واﻟﺘﺮﺑﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ واﻻﻧﺘﻤﺎء
وﻋﻠﻰ ﺗﺤﺪﯾﺪ ﻣﻮﻗﻊ اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﮭﻮض اﻻﻗﺘﺼﺎدي
واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻤﻌﺮﻓﻲ واﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻲ ذھﻨﯿﺔ
اﻟﺒﺸﺮ وﺗﻔﻜﯿﺮھﻢ وﺣﺲّ اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ ﻓﯿﮭﻢ واﻟﺘّﺠﺬّر اﻟﺘﻮاق
إﻟﻰ اﻟﺘﻨﻮﯾﺮ واﻟﺤﺪاﺛﺔ واﻻﻛﺘﻤﺎل واﻟﺤﺮﯾﺔ واﻟﻘﯿﻢ اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ
واﺣﺘﺮام اﻟﺤﯿﺎة واﻟﺒﯿﺌﺔ ،وﺗﻮﻇﯿﻒ اﻟﺜﺮوات ﻟﻺﺷﺒﺎع
واﻟﺴﻌﺎدة ﻟﻸﺟﯿﺎل اﻟﺮاھﻨﺔ واﻟﻼﺣﻘﺔ ،ﺣﯿﻨﮭﺎ ﯾﺼﺒﺢ ﯾﺴﯿﺮا
اﻟﺨﻮض ﻓﻲ ﻣﺴﺎﺋﻞ -ﻋﻠﻰ أھﻤﯿﺘﮭﺎ -ذات ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺰﻣﻦ
اﻟﻤﺪرﺳﻲ واﻟﻤﺤﺘﻮﯾﺎت واﻟﻤﻘﺎرﺑﺎت واﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﻠﻰ
اﻟﺘﺠﺎرب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ اﻟﺮاﺋﺪة ﻟﻼﺳﺘﺌﻨﺎس ﺑﮭﺎ و"ﺻﻨﺎﻋﺔ"
ﻧﻤﺎذج ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺠﻮھﺮ ﻣﻜﻮﻧﺎت اﻟﻔﻌﻞ اﻟﺘﺮﺑﻮي
واﻟﺘﻌﻠﯿﻤﻲ ﻻ ﺑﻨﻮاﺗﺠﮫ ﻛﻨﻈﺎم اﻟﺮﺳﻮب واﻋﺘﻤﺎد اﻟﻐﺮاﺑﯿﻞ
)اﻻﻣﺘﺤﺎﻧﺎت اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ( وﺗﻄﻮﯾﺮ ﻧﻈﺎم اﻟﺘﻘﯿﯿﻢ .
ﻟﻘﺪ ﺣﺎن وﻗﺖ ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻓﻠﺴﻔﺔ اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ واﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ
ﺑﻤﺎ ھﻲ ﻣﻄﻠﺐ ﺣﯿﺎﺗﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ إرﺳﺎء ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺗﻨﻮﯾﺮﯾﺔ
ﺑﮭﺪف ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﺴﻌﺎدة ،وھﺬه ﻟﮭﺎ ﺷﺮوﻃﮭﺎ :ﻣﻨﮭﺎ
اﻻﺳﺘﻘﻼل ﺑﺎﻟﻘﺮار ﺣﻮل اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ورﻓﻊ اﻟﻘﺮار اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻋﻦ
اﻟﺸﺄن اﻟﺘﺮﺑﻮي ورﻓﺾ ﺗﻮﺻﯿﺎت اﻟﺒﻨﻚ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺑﻤﺎ ﯾﻌﻨﻲ
ﺗﺨﺼﯿﺺ ﻣﯿﺰاﻧﯿﺎت ﻛﺒﯿﺮة ﻟﻠﺘﻌﻠﯿﻢ ﺑﻔﺮوﻋﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﻨﺠﺢ ﻓﻲ
أداء ﻣﮭﻤﺘﮫ ،وھﻲ ﻗﺮارات ﻣﺼﯿﺮﯾﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺣﻮارا وﻃﻨﯿﺎ
ﻋﻤﯿﻘﺎ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻣﺎ ﯾﺴﺘﺘﺒﻌﮫ ﻣﻦ ﺗﻀﺤﯿﺎت اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ
اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ ﺗﻮﻓﯿﺮ اﻟﻤﻮارد اﻟﻼزﻣﺔ ،ﺣﻮار وﻃﻨﻲ
ﯾﻀﻢّ ﻛﻞ اﻟﻤﺘﺪﺧﻠﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ وﻣﻜﻮّﻧﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺪﻧﻲ
واﻷﺣﺰاب واﻷوﻟﯿﺎء ،ﺣﻮار ﯾﻜﻮن ﻓﯿﮫ ﻟﻠﻨﻘﺎﺑﯿﯿﻦ وﻟﻼﺗﺤﺎد
اﻟﻌﺎم اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻟﻠﺸﻐﻞ دور ﻣﮭﻢ ﻓﻲ ﺻﯿﺎﻏﺔ ﻣﺸﺮوع
ﯾُﻌﺮض ﻟﻠﻨﻘﺎش اﻟﺠﺪي ..وﺻﻮﻻ إﻟﻰ ﺿﺒﻂ ﺧﻄﺘﯿﻦ
واﺣﺪة آﻧﯿﺔ ﺗﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻣﮭﻤﺔ إﯾﻘﺎف اﻟﻨﺰﯾﻒ ،واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ
ﺗﻀﻊ أﺳﺲ إﺻﻼح واع وداﺋﻢ ﻟﻌﻞ ﻣﻦ ﻣﺸﻤﻮﻻﺗﮫ اﻟﺒﺤﺚ
ﺣﻮل :
(1اﻧﺘﺪاب اﻟﻤﺪرﺳﯿﻦ ﻣﻦ ﺑﯿﻦ ﺧﺮّﯾﺠﻲ ﻛﻠﯿﺎت وﻣﻌﺎھﺪ
ﻋﻠﯿﺎ ﻟﻠﺘﺮﺑﯿﺔ واﻟﻠﻐﺎت ﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺘﻜﻮﯾﻦ واﻟﺘﻔﻘﺪ
واﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﺒﯿﺪاﻏﻮﺟﯿﺔ وﺗﻜﻮﯾﻦ اﻟﻤﻜﻮﻧﯿﻦ .
(2اﻟﻤﺤﺘﻮﯾﺎت واﻟﻜﺘﺐ اﻟﻤﺪرﺳﯿﺔ ﺑﻤﺎ ﯾﺆﺳﺲ ﻟﻤﻮاﻃﻦ ﻣﻨﻐﺮس
ﻓﻲ وﻃﻨﮫ وﻣﻨﻔﺘﺢ وﻣﺤﺐ ﻟﺒﯿﺌﺘﮫ.
(3اﻟﺰﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺳﻲ ﺑﻤﺎ ﯾﻮﻓﺮ وﻗﺘﺎ ﻣﻌﻘﻮﻻ ﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﮭﻮاﯾﺎت
وﺗﻤﺘﯿﻦ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﺎﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻟﻨﻮادي .
(4اﻟﻔﻀﺎءات اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﻠﺘﺪرﯾﺲ واﻟﻤﺮاﺟﻌﺔ واﻟﺘﻐﺬﯾﺔ
واﻟﻨﻮادي اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ واﻟﻤﺨﺎﺑﺮ واﻟﻤﻜﺘﺒﺎت .
(5إﻃﺎر اﻟﺘﺴﯿﯿﺮ اﻹداري ﻣﻦ ﻗﯿﯿﻤﯿﻦ وإدارﯾﯿﻦ وﻋﻤﻠﺔ
وھﯿﺌﺎت اﻟﺘﺄﻃﯿﺮ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺼﺤﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ.
ﻟﻘﺪ ﻋﺎﺷﺖ ﻛﻮرﯾﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﯿﺔ وﺿﻌﺎ ﺷﺒﯿﮭﺎ ﺑﻤﺎ ﻋﺎﺷﺘﮫ ﺗﻮﻧﺲ ،
ﻏﯿﺮ أﻧﮭﺎ اﺗﺨﺬت ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﻨﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ
ﻣﻮﻗﻔﺎ ﺳﯿﺎدﯾﺎ وﻃﻨﯿﺎ ﺣﯿﻦ ﻗﺮرت ﺻﺮف ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻘﺪار اﻟﻘﺮض
اﻟﺬي ﻣﻨﺤﮫ إﯾﺎھﺎ اﻟﺒﻨﻚ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ " ﺗﻄﻮﯾﺮ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ،
ﻓﺨﺼﺼﺖ أﻋﻼ اﻷﺟﻮر ﻟﻠﻤﺪرﺳﯿﻦ وھﯿﺄت اﻟﻔﻀﺎءات
واﻟﻤﻄﺎﻋﻢ وأﻣّﻨﺖ ﻧﻘﻞ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ،وﺿﺒﻄﺖ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﺻﺎرﻣﺎ ﻋﻠﻰ
اﻟﺪوام اﻟﻤﺪرﺳﻲ ووﺿﻌﺖ ﺑﺮاﻣﺞ ﺗﻌﻠﯿﻤﯿﺔ دﻗﯿﻘﺔ ﺗﺮﺗﻜﺰ ﻓﻲ
اﻟﺴﻨﻮات اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ ﺗﺪرﯾﺲ اﻟﻠﻐﺎت واﻟﺘﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﺪﻧﯿﺔ ﻓﻲ
ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻻﻧﺘﻤﺎء وﺣﺐ اﻟﻮﻃﻦ وﺛﻘﺎﻓﺔ ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن
واﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻟﺘﺸﺎرك وﻗﺒﻮل اﻵﺧﺮ ،ﻛﻤﺎ وﺿﻌﺖ ھﯿﺎﻛﻞ ﺻﺤﯿﺔ
وھﯿﺌﺎت إﻧﺼﺎت وﺧﺒﺮاء ﻋﻠﻢ ﻧﻔﺲ اﻟﻄﻔﻞ ووﻓﺮت ﻣﯿﺎدﯾﻦ
اﻟﺮﯾﺎﺿﺔ وﻧﻮادي ﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻔﻨﻮن ...ﻛﻮرﯾﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﯿﺔ اﻵن
ﺗﻐﺰو اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﻔﻀﻞ اﺳﺘﺜﻤﺎر اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺜﺮوة اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ...ﻓﻲ
ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺔ ،ﻧﺎﻟﺖ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﻗﺮﺿﺎ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻘﯿﻤﺔ ،وﻟﻜﻨﮫ
وﻇّﻒ ﻓﻲ ﺗﻤﻮﯾﻞ ﻣﺸﺎرﯾﻊ وھﻤﯿﺔ ﻣﻦ ﻧﻮع " اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ اﻟﺮﯾﻔﯿﺔ "
وﺟﺰؤه اﻷﻛﺒﺮ ﺗﻼﺷﻰ رﺷﺎوى ..
واﻟﯿﻮم ،ﺗﺪﻓﻊ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ﻣﺎ ﯾﻘﺎرب ﺧﻤﺲ ﻣﯿﺰاﻧﯿﺘﮭﺎ
ﻷداء ﺧﺪﻣﺔ اﻟﺪﯾﻦ اﻟﺨﺎرﺟﻲ وھﻮ ﻣﺎ ﯾﻔﻮق ﻧﺼﯿﺐ ﻓﺮوع
اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﺜﻼﺛﺔ ،وﺑﻌﻤﻠﯿﺔ ﺑﺴﯿﻄﺔ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺨﯿﻞ واﻗﻊ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻟﻮ
ﺗﻢ ﺗﻮﺟﯿﮫ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺒﺎﻟﻎ ﻟﻠﻘﯿﺎم ﺑﺜﻮرة ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﻓﻲ ﻗﻄﺎع اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ
ﺿﻤﻦ ﻣﺨﻄﻂ واﻗﻌﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﻋﺸﺮة ﺳﻨﻮات ،اﻷﻣﺮ اﻟﺬي
ﯾﺘﻄﻠﺐ ﻗﺮارا ﺳﯿﺎدﯾﺎ ﻣﻦ ﺳﻠﻄﺔ ﺗﺤﺘﺮم ﻣﻮاﻃﻨﯿﮭﺎ .
إن اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺘﻢ اﻟﺘﺮوﯾﺞ ﻟﮭﺎ ھﻲ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻹﻋﺎدة إﻧﺘﺎج
اﻟﻄﺎﻋﺔ وﺿﺤﺎﻟﺔ اﻟﻔﻜﺮ وﺗﻮﻓﯿﺮ اﺣﺘﯿﺎﻃﻲ ﺑﺸﺮي ﯾﺴﺘﺠﯿﺐ
ﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﻤﺎﻧﺤﯿﻦ وﻣﺨﻄﻄﺎﺗﮭﻢ وإدارة أﻋﻤﺎﻟﮭﻢ اﻟﻘﺬرة وﺗﮭﯿﺌﺔ
" أﺳﺒﺎب إﺛﺮاء أﻏﻨﯿﺎﺋﮭﻢ" وﺗﻠﺒﯿﺔ ﺣﺎﺟﯿﺎت ﺷﻌﻮﺑﮭﻢ ،
وﻣﺪرﺳﺔ ﺑﮭﺬه اﻟﻤﻼﻣﺢ ﻟﯿﺴﺖ ﻣﺪرﺳﺘﻨﺎ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﺗﻌﻨﯿﻨﺎ .
وﻋﻠﻰ اﻟﻨﻘﯿﺾ ﻣﻦ ذﻟﻚ ،ﻓﺈن ﻣﻼﻣﺢ ﻣﺪرﺳﺔ ﺗﻜﺎﻓﺆ اﻟﻔﺮص
اﻟﺸﻌﺒﯿﺔ واﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ،اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻄﻤﺢ إﻟﯿﮭﺎ ﯾﺠﺐ " أن
ﺗﻘﺪّم ﻟﻠﺸﺒﺎب ﻛﻞ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﻤﻌﺎرف واﻟﻘﺪرات اﻟﻨﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ
ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎھﻤﺔ ﻓﻲ ﺗﺤﻮﯾﻞ ھﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺎﺋﺮ"].[7
ﻓﯿﺠﺐ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء اﻟﻤﺪرﺳﺔ وﺟﻌﻠﮭﺎ ﻣﻜﺎﻧﺎ ﻧﻠﺘﻘﻲ ﻓﯿﮫ ﻛﻲ
ﻧﺘﻌﻠﻢ وﻧﻔﻜﺮ وﻧﻌﺒّﺮ وﻧﺘﺬوق اﻟﻔﻨﻮن وﻧﻜﺘﺸﻒ ﻣﻌﺎ وﺟﻮد
ﻋﻮاﻟﻢ أﺧﺮى ﻓﻲ رؤوﺳﻨﺎ وﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻨﺎ ،ﻣﺪرﺳﺔ ﺗﺆﺳﺲ
ﻟﻠﺴﻌﺎدة وﻟﻺﺷﺒﺎع وﺗﻨﺤﺎز ﻟﻠﺤﯿﺎة ،وھﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻲ
ﯾﺤﺪّد ﻣﻼﻣﺤﮭﺎ ﻓﯿﻠﯿﺐ ﻣﯿﺮﯾﻮ] " : [8اﻟﻤﮭﻢ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ
اﻟﺮاھﻦ ھﻮ ﺧﻠﻖ ﻣﺪرﺳﺔ ﺗﻜﻮن ﻓﻀﺎء ﻟﻠﺘﻔﻜﯿﺮ وﻟﺘﺠﺮﯾﺐ
ﻋﻤﻞ ﺟﻤﺎﻋﻲ ) (...ﻻ ﯾﺠﺐ أن ﺗﻘﺘﺼﺮ ﻣﮭﻤﺔ اﻟﻤﺪرﺳﺔ
ﻋﻠﻰ اﻛﺘﺴﺎب ﺟﻤﻠﺔ اﻟﻜﻔﺎﯾﺎت رﻏﻢ أھﻤﯿﺘﮭﺎ ،ﺑﻞ ﺗﻜﻤﻦ
اﻟﻤﮭﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺎذ إﻟﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ .ﻓﺒﻮاﺳﻄﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻔﻨﻲ
واﻟﻌﻠﻤﻲ واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻲ ﯾﺘﮭﯿﻜﻞ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ وﯾﻜﺘﺸﻒ ﻣﺘﻌﺔ
ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎرﻛﺔ ) (...إﻧﮭﺎ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌـﯿﺔ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﺣﻮارا
دﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺎ ﺣﻘﯿﻘﯿﺎ" .
إﻧﻨﺎ ﻻ ﻧﺴﺘﻄﯿﻊ ﺑﻨﺎء ھﺬه اﻟﻤﺪرﺳﺔ وﻓﻖ ھﺬه اﻟﺸﺮوط
اﻟﻤﺠﺤﻔﺔ واﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﻤﺘﺰاﯾﺪ واﻻرﺗﺒﺎط اﻟﻤﺘﻌﻤﻖ ﺳﻨﺔ
ﺑﻌﺪ أﺧﺮى ﺑﺘﻮﺻﯿﺎت اﻟﺒﻨﻚ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ وأواﻣﺮ اﻟﺪول اﻟﻐـﻨﯿﺔ
اﻟﻤﺎﻧﺤﺔ وﺿﻌﻒ ﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ ﻟﺴﯿﺎدﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ
ﻗﺮارھﺎ وﻋﻠﻰ ﻣﻘﺪّراﺗﮭﺎ وﺛﺮواﺗﮭﺎ وﻋﻠﻰ اﻟﺘﺨﻄﯿﻂ
ﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ أﺟﯿﺎﻟﮭﺎ.
إﻧﮫ ﻋﻠﻰ ﻧﻘﯿﺾ ھﺬه اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺜﺮوة
واﺣﺘﻜﺎر اﻟﺤﺎﺿﺮ واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ وﻣﺼﺎدرة اﻟﺤﻠﻢ ،ﻧﻘﺮأ
ﺿﺮورة إﺻﻼح اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﯾﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ
واﻟﺼﺤﯿﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ واﻟﺒﯿﺌﯿﺔ.
إنّ إﻧﻘﺎذ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ وﺗﺤﺮﯾﺮھﺎ ﻣﻦ ھﯿﻤﻨﺔ
ﻣﻘﺮرات اﻟﺠﮭﺎت اﻟﻤﺎﻧﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺟﯿﮭﮭﺎ
ﺗﺪرﯾﺠﯿﺎ ﻧﺤﻮ " ﺧﺼﺨﺼﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ" ..ھﻮ واﺟﺐ وﻃﻨﻲ
وإﻧﺴﺎﻧﻲ وﺣﯿﺎﺗﻲ ﺳﺘﺤﺎﺳﺒﻨﺎ ﻋﻠﯿﮫ اﻷﺟﯿﺎل اﻟﻘﺎدﻣﺔ...
وھﻲ دﻋﻮة ﻟﻠﻮﻋﻲ ﺑﺨﻄﻮرة اﻟﺘﺪھﻮر اﻟﻤﻤﻨﮭﺞ ﻟﻠﻤﺪرﺳﺔ
اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ وﻟﻠﺘﻌﻠﯿﻢ ﺑﻔﺮوﻋﮫ اﻟﺜﻼﺛﺔ وﻻﺳﺘﻨﺒﺎط ﻃﺮق
ﺟﺪﯾﺪة ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ ﺗﺘﺠﺎوز اﻻﻧﺘﻈﺎرﯾﺔ واﻟﻤﻄﻠﺒﯿﺔ وﺗﺤﻤﯿﻞ
اﻵﺧﺮ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ ﺗﮭﺮﺋﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ ..ﻧﻘﺎوم
ﺑﺎﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت وﺑﺘﻮﻋﯿﺔ اﻟﻤﺘﺪﺧﻠﯿﻦ وﺑﺸﺮاﻛﺔ ﺿﺮورﯾﺔ
وﺣﺎﺳﻤﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺪﻧﻲ وﺑﺎﻟﺘﺸﺠﯿﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺒﺎدرات
وﻋﻠﻰ اﻟﺒﺤﺚ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ...
ﻧﻘﺎوم ﺑﺎﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺪﯾﻢ ﺗﻌﻠﯿﻢ ﻣﻔﯿﺪ وﻋﻠﻰ ﺗﻌﺰﯾﺰ اﻟﺜﻘﺔ
ﻟﺪى اﻟﺘﻠﻤﯿﺬ وﻋﻠﻰ ﺗﻐﺬﯾﺔ اﻟﺤﻠﻢ ﻟﺪﯾﮫ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﯾﺠﺐ أن
ﯾﻜﻮن ﺟﻤﯿﻼ .
ﯾﺠﺐ أن ﻧﻌﻮد إﻟﻰ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻟﻨﻘﺮّ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﯿﺔ ﺣﺼﻮل
ﺗﻐﯿﯿﺮ ﺟﺬري ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻷﻏﻠﺒﯿﺔ اﻟﻤﺴﺤﻮﻗﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ
ﺣﻲّ واع ﻣﺤﺐ ﻟﻠﺤﯿﺎة وﻃﺎﻣﺢ ﻟﻠﺴﻌﺎدة .ﻻ ﺧﯿﺎر أﻣﺎﻣﻨﺎ
ﻏﯿﺮ أن ﻧﻘﺎومَ ﻣﺎ ﯾﺘﻢ اﻟﺘﺤﻀﯿﺮ ﻟﮫ وﻧﺮﻓﺾَ ھﺬا اﻟﻮاﻗﻊ
....
ط ﻓﻲ
اﻷﺳﻮد اﻟﻤﺒﺸّﺮ ﺑﺎﻟﺒﺆس واﻟﺘﺨﻠﻒ واﻟﺪﻣﺎر وﻧﻨﺨﺮ َ
ﺑﻨﺎء واﻗﻊ اﻷﻟﻮان أﯾﻦ ﺳﯿﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ﻟﻠﻜﻞّ ﻣﺘﻌﺔ
اﻟﺘﻌﻠّﻢ ،وﻟﻌﻠﮫ ﯾﻜﻮن ﻟﻠﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﺨﺎص دور ﯾﻠﻌﺒﮫ ﻓﻲ
اﻹﺳﻨﺎد واﻻﻧﺘﺸﺎل ..
ﻣﺮاﺟـــــــــــــﻊ:
] [1ھﺬا اﻟﻨﺺ ﻋﺒﺎرة ﻋﻦ ﻣﺤﺎﺿﺮة أﻟﻘﯿﺖ ﺧﻼل " اﻟﻨﺪوة
اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ﻹﺻﻼح اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺘﺮﺑﻮﯾﺔ" ﺑﺎﻟﺤﻤﺎﻣﺎت ﻓﻲ
26-25-24ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ 2014ﻣﻦ ﺗﻨﻈﯿﻢ ﻗﺴﻢ اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ
اﻟﻌﻤﻮﻣﯿﺔ ﺑﺎﻻﺗﺤﺎد اﻟﻌﺎم اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻟﻠﺸﻐﻞ.
] [2اﻟﺴﺒﻮرة اﻟﺴﻮداء" رؤﯾﺔ ﻧﻘﺪﯾﺔ ﻟﻤﺸﺮوع ﺧﻮﺻﺼﺔ
اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻗﺪﻣﮭﺎ اﻟﺒﻠﺠﯿﻜﯿﺎن "ﺟﯿﺮار دﯾﺴﻠﯿﺲ )ﺻﺤﻔﻲ(
وﻧﯿﻜﻮ ھﻮرت )ﻣﺪرّس( ﻓﻲ 1998ﺣﺎوﻻ ﻣﻦ ﺧﻼﻟﮭﺎ
ﺗﻘﺪﯾﻢ اﻷﺳﺒﺎب اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﻟﻤﺸﺎرﯾﻊ ﺧﻮﺻﺼﺔ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ
ﺑﻜﺸﻒ اﻷھﺪاف اﻟﺨﻔﯿﺔ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ ﻣﺸﺮوﻋﺎ ﺗﺠﺎرﯾﺎ
ﻛﻮﻧﯿﺎ ﻟﻠﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﺨﺎص ﯾﺠﺐ أن ﯾُﻔﺘﺢ ﺑﻜﻞ اﻟﻄﺮق :إن
ﺑﺎﻟﻀﻐﻮط اﻟﺪﯾﺒﻠﻮﻣﺎﺳﯿﺔ واﻟﺘﺠﺎرﯾﺔ واﻟﺮﺷﻮة واﻟﺨﻨﻖ
اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺘّﮭﺮﺋﺔ اﻟﻤﺘﻌﻤﺪة ﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ
اﻟﻌﻤﻮﻣﻲ أو ﺑﺎﻟﺴﻼح )ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ،اﻟﻌﺮاق ،أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن،
ﻟﯿﺒﯿﺎ ،ﺳﻮرﯾﺎ (..ﺗﻮﻟّﻰ ﺗﻌﺮﯾﺐ ھﺬا اﻟﻜﺘﺎب "ﻣﺤﻤﺪ
ﻋﻤﺎﻣﻲ" وﻧﺸﺮ ﺑﺪار "اﻟﺘﻘﺪم" ﻟﻠﻨﺸﺮ – ﺗﻮﻧﺲ ﺳﻨﺔ
2002
] [3ھﻨﺮي إﯾﺮﯾﻨﺎي ﻣﺎرو ،ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر
اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ 1951 ،دار ﻧﺸﺮ ﺳﻮي SEUIL
] [4ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻠﺤﺎج ﻋﻤﺮ ،ﺻﻔﺤﺎت ﻣﻦ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺘﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ
ﺗﻮﻧﺲ 2008دار دﻣﺪوم ﻟﻠﻨﺸﺮ ﺗﻮﻧﺲ ص . 48
] [5ﻗﺎﻧﻮن رﻗﻢ 118ﻟﺴﻨﺔ 1958اﻟﻤﺆرخ ﻓﻲ 4
ﻧﻮﻓﻤﺒﺮ 1958ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﯿﻢ .
] [6اﻟﺸﯿﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﺜﻌﺎﻟﺒﻲ ،روح اﻟﺘﺤﺮر ﻓﻲ
اﻟﻘﺮآن ،دار اﻟﻤﻐﺮب اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺑﯿﺮوت ،ص. 118
] " [7اﻟﺴﺒﻮرة اﻟﺴﻮداء" اﻧﻈﺮ اﻟﻤﺮﺟﻊ ). (3
] [8ﻓﯿﻠﯿﺐ ﻣﯿﺮﯾﻮ -ﺟﺮﯾﺪة ﻟﻮﻣﻮﻧﺪ 2 -ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ . 2011
] [9ﻋﻦ دراﺳﺔ ﻟﻠﺪﻛﺘﻮر ﻓﺘﺤﻲ اﻟﺸﺎﻣﺨﻲ ﺣﻮل ﻣﯿﺰاﻧﯿﺔ
. 2014
] )*( ﺷﮭﺪت ﻣﯿﺰاﻧﯿﺔ 2015ﻧﻘﺼﺎ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺒﺔ
اﻟﻤﺮﺻﻮدة ﻟﻠﺘﻌﻠﯿﻢ ﺑـ ﺣﻮاﻟﻲ % 4ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻤﯿﺰاﻧﯿﺔ
2014ﺣﯿﻨﻤﺎ اﺻﺒﺤﺖ اﻟﻨﺴﺒﺔ % 13ﻋﻮﺿﺎ ﻋﻦ 17
[ !! .. %
ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ، 2006ﻛﺎن اﻟﻌﺪد اﻟﺮﺳﻤﻲ ﻟﻠﺴﻜﺎن اﻟﻌﺮب
ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ ﻋﺎم 1948ﯾﺼﻞ
اﻟﻰ 1,413,500ﻧﺴﻤﺔ ،أي ﺣﻮاﻟﻲ % 20ﻣﻦ ﻣﻦ
ﻣﺠﻤﻮع ﺳﻜﺎن دوﻟﺔ اﻻﺣﺘﻼل ،وھﻢ ﯾﺘﻮزﻋﻮن ﻋﻠﻰ
اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ..وھﺬه ﺑﻌﺾ اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
اﻟﻜﺒﺮى اﻟﻮاﻗﻌﺔ ﺗﺤﺖ اﻻﺣﺘﻼل :
اﻟﺒﻠﺪة
ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ
اﻟﻨﺎﺻﺮة
73,600
ﻣﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﻤﺎل
رھﻂ
58,690
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺠﻨﻮﺑﯿﺔ
أم اﻟﻔﺤﻢ
52,096
ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺣﯿﻔﺎ
اﻟﻄﯿﺒﺔ
50,000
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ
ﺷﻔﺎﻋﻤﺮو
38,717
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ
ﺳﺨﻨﯿﻦ
36,232
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ
ﺑﺎﻗﮫ ﺟﺖ
34,700
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ
ﻃﻤﺮة
31,146
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ
اﻟﻄﯿﺮه
30,500
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ
اﻟﺸﺎﻏﻮر
30,000
ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺣﯿﻔﺎ
اﻟﻜﺮﻣﻞ
26,900
ﻣﻨﻄﻘﺔ ﺣﯿﻔﺎ
ﻛﻔﺮ ﻗﺎﺳﻢ
22,300
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ
ﻗﻠﻨﺴﻮه
21,100
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻮﺳﻄﻰ
ﻋﺮاﺑﺔ اﻟﺒﻄﻮف 20,000
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ
ﻛﻔﺮﻛﻨﺎ
18,800
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ
اﻟﻤﻐﺎر
19600
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ
ﻓﻲ اﻻﺳﺎس ،ﻻ ﯾﻜﻮن اﻟﺤﻮار اﻻ ﻣﻊ اﻵﺧﺮ .وﺗﺤﺪﯾﺪاً ﻣﻊ
اﻵﺧﺮ اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ .ان ھﺪف اﻟﺤﻮار ھﻮ ﺷﺮح وﺟﮭﺔ اﻟﻨﻈﺮ
وﺗﺒﯿﺎن اﻟﻤﻌﻄﯿﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﯿﮭﺎ ،وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ
اﻻﻧﻔﺘﺎح ﻋﻠﻰ اﻵﺧﺮ ﻟﻔﮭﻢ وﺟﮭﺔ ﻧﻈﺮه ﺛﻢ ﻟﻠﺘﻔﺎھﻢ ﻣﻌﮫ.
ذﻟﻚ ﺑﺎن اﻟﺘﻔﺎھﻢ ﻻ ﯾﻜﻮن ﻣﻦ دون ﻓﮭﻢ ﻣﺘﺒﺎدل .واﻟﺤﻮار
ھﻮ اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﻰ اﺳﺘﯿﻌﺎب اﻟﻤﻌﻄﯿﺎت واﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ
ﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﻄﺮﻓﯿﻦ اﻟﻤﺘﺤﺎورﯾﻦ ،ﺛﻢ اﻟﻰ ﺗﻔﺎھﻤﮭﺎ.
ﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ اﻻﺳﻼﻣﯿﺔ ،ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل اﺑﻮ اﻟﻮﻟﯿﺪ اﻟﺒﺎﺟﻲ ،أن ﻣﻦ
اﺟﺘﮭﺪ وأﺻﺎب اﻟﺤﻖ ﻓﻘﺪ اﺟﺮ أﺟﺮﯾﻦ .أﺟﺮ اﻻﺟﺘﮭﺎد وأﺟﺮ
اﻻﺻﺎﺑﺔ ﻟﻠﺤﻖ .وﻣﻦ اﺟﺘﮭﺪ وأﺧﻄﺄ ﻓﻘﺪ أﺟﺮ أﺟﺮاً واﺣﺪاً
ﻻﺟﺘﮭﺎده وﻟﻢ ﯾﺆﺛﻢ ﻋﻠﻰ "اﻟﺨﻄﺄ" .ﻧﻔﮭﻢ ﻣﻦ ذﻟﻚ ان
اﻻﺟﺘﮭﺎد ،ﻛﺄي ﻋﻤﻞ ﻓﻜﺮي اﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﻣﻔﺘﻮح ﻋﻠﻰ اﻟﺨﻄﺄ
واﻟﺼﻮاب .ﻓﮭﻮ ﻟﯿﺲ ﻣﻘﺪﺳﺎً وﻻ ﻣﻄﻠﻘﺎً وﻻ ﺛﺎﺑﺘﺎً ،ﺑﻞ ھﻮ
اﻧﺴﺎﻧﻲ ،ﻣﺤﺪود ،وﻣﺘﻐﯿﺮ.
وﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ اﻻﺳﻼﻣﯿﺔ اﯾﻀﺎً ان "رأﯾﻲ ﺻﺤﯿﺢ ﯾﺤﺘﻤﻞ
اﻟﺨﻄﺄ ،ورأي ﻏﯿﺮي ﺧﻄﺄ ﯾﺤﺘﻤﻞ اﻟﺼﻮاب" .ﻧﻔﮭﻢ ﻣﻦ
ذﻟﻚ اﯾﻀﺎً اﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﻷﺣﺪ ان ﯾﺪﻋﻲ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﻤﻄﻠﻘﺔ.
وﻟﯿﺲ ﻟﮫ ان ﯾﺨﻄﺊ اﻵﺧﺮﯾﻦ ﻟﻤﺠﺮد اﻗﺘﻨﺎﻋﮭﻢ ﺑﺮأي
ﻣﺨﺎﻟﻒ .ﻓﺎﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻧﺴﺒﯿﺔ .واﻟﺒﺤﺚ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ،ﺣﺘﻰ ﻣﻦ
وﺟﮭﺔ ﻧﻈﺮ اﻻﺧﺮ اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ،ﻃﺮﯾﻖ ﻣﺒﺎﺷﺮ ﻣﻦ ﻃﺮق
اﻟﻤﻌﺮﻓﺔ .وھﻮ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ اﺳﻤﻰ اﻧﻮاع اﻟﺤﻮار.
وﻓﻲ ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ اﻻﺳﻼﻣﯿﺔ ﻛﺬﻟﻚ ،ان اﻟﺤﻮار ﯾﺘﻄﻠﺐ اوﻻً وﻗﺒﻞ
ﻛﻞ ﺷﻲء اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﻮﺟﻮد اﻻﺧﺮ اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ،واﺣﺘﺮام ﺣﻘﮫ
ﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﺗﺒﻨﻲ رأي او ﻣﻮﻗﻒ او اﺟﺘﮭﺎد ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻓﺤﺴﺐ،
ﺑﻞ اﺣﺘﺮام ﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ ھﺬا اﻟﺮأي او اﻟﻤﻮﻗﻒ او
اﻻﺟﺘﮭﺎد ،ﺛﻢ واﺟﺒﮫ ﻓﻲ ﺗﺤﻤﻞ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ ﻣﺎ ھﻮ ﻣﻘﺘﻨﻊ ﺑﮫ.
وﻷن اﻟﺤﻮار ﯾﺤﺘﻢ وﺟﻮد اﻵﺧﺮ ،ﻓﻼ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺗﻌﺮﯾﻒ اﻵﺧﺮ.
وھﻮ ﺗﻌﺮﯾﻒ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ان ﯾﺘﻢ ﻓﻲ ﻣﻌﺰل ﻋﻦ اﻷﻧﺎ .ان ﻓﮭﻢ
اﻵﺧﺮ ،ﺛﻢ اﻟﺘﻔﺎھﻢ ﻣﻌﮫ ،ﻻ ﯾﺘﺤﻘﻘﺎن ﻣﻦ دون ان ﺗﺘﺴﻊ
اﻷﻧﺎ ﻟﮫ .وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻛﻠﻤﺎ ﺳﻤﺎ اﻻﻧﺴﺎن وﺗﺮﻓﻊ ﻋﻦ أﻧﺎﻧﯿﺘﮫ،
أوﺟﺪ ﻓﻲ ذاﺗﮫ ﻣﻜﺎﻧﺎً أرﺣﺐ ﻟﻶﺧﺮ .ان اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﻓﻲ
اﻷﻧﺎ .اﻧﮭﺎ ﺗﺘﻜﺎﻣﻞ ﻣﻊ اﻵﺧﺮ ،ﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻧﺴﺒﯿﺘﮭﺎ .وھﻲ ﻻ
ﺗﻜﺘﻤﻞ ﻓﻲ اﻃﻼﻗﯿﺘﮭﺎ اﻻ ﺑﺎﷲ .واﻟﺤﻮار ﻣﻊ اﻵﺧﺮ اﻛﺘﺸﺎف
ﻟﻸﻧﺎ وإﺿﺎءة ﺳﺎﻃﻌﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﻐـﺮ واﻟﻨﻮاﻗﺺ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺨﻠﻮ
ﻣﻨﮭﺎ ﺷﺨﺼﯿﺔ اﻧﺴﺎﻧﯿﺔ .وﻟﺬﻟﻚ ﯾﻘﻮل اﻟﻔﯿﻠﺴﻮف اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ
ﺟﺎن ﺑﻮل ﺳﺎرﺗﺮ" :اﻵﺧﺮ ھﻮ وﺳﯿﻂ ﺑﯿﻨﻲ وﺑﯿﻦ ﻧﻔﺴﻲ،
وھﻮ ﻣﻔﺘﺎح ﻟﻔﮭﻢ ذاﺗﻲ واﻻﺣﺴﺎس ﺑﻮﺟﻮدي".
اﻵﺧﺮ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻓﺮداً وﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﺟﻤﺎﻋﺔ .وﻓﻲ اﻟﺤﺎﻟﯿﻦ ،ﻗﺪ
ﯾﻜﻮن ﻣﺆﻣﻨﺎً ،وﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻛﺘﺎﺑﯿﺎً وﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻛﺎﻓﺮاً.
اﻵﺧﺮ اﻟﻤﺆﻣﻦ ھﻮ ﻟﻠﻤﺆﻣﻦ ﻛﺎﻟﺒﻨﯿﺎن اﻟﻤﺮﺻﻮص ﯾﺸﺪّ
ﺑﻌﻀﮫ ﺑﻌﻀﺎً .واﻵﺧﺮ اﻟﻜﺘﺎﺑﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻻﺳﻼﻣﻲ ھﻮ
ﻓﻲ ذﻣﺔ اﻟﻤﺴﻠﻢ * واﻟﺮﺳﻮل ﯾﻘﻮل "ﻣﻦ آذى ذﻣﯿﺎً ﻓﻘﺪ
آذاﻧﻲ" .اﻣﺎ اﻵﺧﺮ اﻟﻜﺎﻓﺮ ،ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻌﮫ ﻣﺒﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ
ﻗﺎﻋﺪة"ﻟﻜﻢ دﯾﻨﻜﻢ وﻟﻲ دﯾﻨﻲ" .وﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺤﺎﻻت ،ﻓﺎن
اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﻠﻢ واﻵﺧﺮ ﯾﺨﺘﺼﺮھﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ اﻟﺸﺮﯾﻒ
اﻟﺬي ﯾﻘﻮل ﻓﯿﮫ اﻟﺮﺳﻮل ﻣﺤﻤﺪ "اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ ﺳﻠﻢ اﻟﻨﺎس ﻣﻦ
ﯾﺪه وﻟﺴﺎﻧﮫ".
ﯾﻘﺮر اﻻﺳﻼم اﻻﺧﺘﻼف ﻛﺤﻘﯿﻘﺔ اﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ﻃﺒﯿﻌﯿﺔ ،وﯾﺘﻌﺎﻣﻞ
ﻣﻌﮭﺎ ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻻﺳﺎس} .ﯾﺎ أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس إﻧﺎ ﺧﻠﻘﻨﺎﻛﻢ ﺷﻌﻮﺑًﺎ
وﻗﺒﺎﺋﻞ ﻟﺘﻌﺎرﻓﻮا{ )ﺳﻮرة اﻟﺤﺠﺮات ،اﻵﯾﺔ .(13
ﺧﻠﻖ اﷲ اﻟﻨﺎس ﻣﺨﺘﻠﻔﯿﻦ اﺛﻨﯿﺎً واﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺎً وﺛﻘﺎﻓﯿﺎً وﻟﻐﻮﯾﺎً،
وﻟﻜﻨﮭﻢ ﻓﻲ اﻻﺳﺎس "أﻣﺔ واﺣﺪة" ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻘﺮآن
اﻟﻜﺮﯾﻢ} :ﻛﺎن اﻟﻨﺎس أﻣﺔ واﺣﺪة ﻓﺎﺧﺘﻠﻔﻮا{ )ﺳﻮرة ﯾﻮﻧﺲ.
اﻵﯾﺔ ،(19اي ان اﺧﺘﻼﻓﺎﺗﮭﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺪدھﺎ ﻻ ﺗﻠﻐﻲ اﻟﻮﺣﺪة
اﻻﻧﺴﺎﻧﯿﺔ.
ﺗﻘﻮم ھﺬه اﻟﻮﺣﺪة ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺘﻼف ،وﻟﯿﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺎﺛﻞ او
اﻟﺘﻄﺎﺑﻖ .ذﻟﻚ ان اﻻﺧﺘﻼف آﯾﺔ ﻣﻦ آﯾﺎت ﻋﻈﻤﺔ اﷲ،
وﻣﻈﮭﺮ ﻣﻦ ﻣﻈﺎھﺮ روﻋﺔ اﺑﺪاﻋﮫ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻖ .ﯾﻘﻮل اﻟﻘﺮآن
اﻟﻜﺮﯾﻢ} :وﻣﻦ آﯾﺎﺗﮫ ﺧﻠﻖ اﻟﺴﻤﺎوات واﻷرض وإﺧﺘﻼف
أﻟﺴﻨﺘﻜﻢ واﻟﻮاﻧﻜﻢ إن ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻵﯾﺎت ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﯿﻦ{ )ﺳﻮرة
اﻟﺮوم ،اﻵﯾﺔ .(22واﻟﻘﺎﻋﺪة اﻻﺳﻼﻣﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﺣﺪدھﺎ اﻟﺮﺳﻮل
ﻣﺤﻤﺪ ھﻲ ان }ﻻ ﻓﻀﻞ ﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ أﻋﺠﻤﻲ وﻻ ﻷﺑﯿﺾ
ﻋﻠﻰ أﺳﻮد إﻻ ﺑﺎﻟﺘﻘﻮى{ .وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻻﺧﺘﻼف اﻟﻌﺮﻗﻲ ﻻ
ﯾﺸﻜﻞ ﻗﺎﻋﺪة ﻷﻓﻀﻠﯿﺔ وﻻ ﻟﺪوﻧﯿﺔ .ﻓﮭﻮ اﺧﺘﻼف ﻓﻲ إﻃﺎر
اﻷﻣﺔ اﻻﻧﺴﺎﻧﯿﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ،ﯾﺤﺘﻢ اﺣﺘﺮام اﻵﺧﺮ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻋﻠﻰ
اﻟﺼﻮرة اﻟﺘﻲ ﺧﻠﻘﮫ اﷲ ﻋﻠﯿﮭﺎ.
اذا ﻛﺎن اﺣﺘﺮام اﻵﺧﺮ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻟﻮﻧﺎً وﻟﺴﺎﻧﺎً )اي اﺛﻨﯿًﺎ
وﺛﻘﺎﻓﯿ ًﺎ( ﯾﺸﻜﻞ ﻗﺎﻋﺪة ﻣﻦ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺴﻠﻮك اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻓﻲ
اﻻﺳﻼم ،ﻓﺎن اﺣﺘﺮاﻣﮫ ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻋﻘﯿﺪة واﯾﻤﺎﻧﺎً ھﻮ اﺣﺘﺮام
ﻟﻤﺒﺪأ ﺣﺮﯾﺔ اﻻﺧﺘﯿﺎر واﻟﺘﺰام ﺑﻘﺎﻋﺪة ﻋﺪم اﻻﻛﺮاه ﻓﻲ
اﻟﺪﯾﻦ.
ﻓﺎﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﯾﻘﻮل} :ﻟﻜﻞ وﺟﮭﺔ ھﻮ ﻣﻮﻟﯿﮭﺎ{ )ﺳﻮرة
اﻟﺒﻘﺮة ،اﻵﯾﺔ .(148وﻓﻲ اﺷﺎرة واﺿﺤﺔ اﻟﻰ ﺗﻌﺪد
اﻟﺘﻮﺟﮭﺎت ﯾﻘﻮل اﯾﻀﺎً} :وﻣﺎ ﺑﻌﻀﮭﻢ ﺑﺘﺎﺑﻊ ﻗﺒﻠﺔ ﺑﻌﺾ{
)ﺳﻮرة اﻟﺒﻘﺮة ،اﻵﯾﺔ .(145
ذﻟﻚ اﻧﮫ ﻣﻊ اﺧﺘﻼف اﻻﻟﺴﻦ واﻷﻟﻮان ،ﻛﺎن ﻣﻦ ﻃﺒﯿﻌﺔ
رﺣﻤﺔ اﷲ اﺧﺘﻼف اﻟﺸﺮاﺋﻊ واﻟﻤﻨﺎھﺞ ،وھﻮ ﻣﺎ اﻛﺪه اﻟﻘﺮآن
اﻟﻜﺮﯾﻢ ﺑﻘﻮﻟﮫ} :ﻟﻜﻞ ﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻨﻜﻢ ﺷﺮﻋﺔ وﻣﻨﮭﺎﺟﺎ .وﻟﻮ ﺷﺎء
اﷲ ﻟﺠﻌﻠﻜﻢ أﻣﺔ واﺣﺪة ،وﻟﻜﻦ ﻟﯿﺒﻠﻮﻛﻢ ﻓﯿﻤﺎ أﺗﺎﻛﻢ .ﻓﺎﺳﺘﺒﻘﻮا
اﻟﺨﯿﺮات إﻟﻰ اﷲ ﻣﺮﺟﻌﻜﻢ ﻓﯿﻨﺒﺌﻜﻢ ﺑﻤﺎ ﻛﻨﺘﻢ ﻓﯿﮫ ﺗﺨﺘﻠﻔﻮن{
)ﺳﻮرة اﻟﻤﺎﺋﺪة ،اﻵﯾﺔ . (48و}اﷲ ﯾﺤﻜﻢ ﺑﯿﻨﻜﻢ ﯾﻮم
اﻟﻘﯿﺎﻣﺔ ﻓﯿﻤﺎ ﻛﻨﺘﻢ ﻓﯿﮫ ﺗﺨﺘﻠﻔﻮن{ )ﺳﻮرة آل ﻋﻤﺮان ،اﻵﯾﺔ
. (141و}ﻟﻮ ﺷﺎء رﺑﻚ ﻟﺠﻌﻞ اﻟﻨﺎس أﻣﺔ واﺣﺪة وﻻ
ﯾﺰاﻟﻮن ﻣﺨﺘﻠﻔﯿﻦ إﻻ ﻣﻦ رﺣﻢ رﺑﻚ وﻟﺬﻟﻚ ﺧﻠﻘﮭﻢ{ )ﺳﻮرة
ھﻮد ،اﻵﯾﺔ .(118
أرﺳﻰ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻗﻮاﻋﺪ واﺿﺤﺔ ﻟﻼﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻵﺧﺮ
وﺑﻮﺟﮭﺔ ﻧﻈﺮه اﺟﻼء ﻟﻠﺤﻘﯿﻘﺔ ،ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ،ﺑﻞ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺔ
ذﻟﻚ ،اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻹﻟﮭﯿﺔ.
وﻓﻲ ﺷﮭﺮ آذار،
ﻣﺮّت أﻣﺎم اﻟﺒﻨﻔﺴﺞ واﻟﺒﻨﺪﻗﯿّﺔ ﺧﻤﺲ ﺑﻨﺎتٍ .
ﺳﻘﻄﻦ ﻋﻠﻰ ﺑﺎب ﻣﺪرﺳﺔٍ إﺑﺘﺪاﺋﯿﺔٍ .
ﻟﻠﻄﺒﺎﺷﯿﺮ ﻓﻮق اﻷﺻﺎﺑﻊ ﻟﻮنُ اﻟﻌﺼﺎﻓﯿﺮِ .
ﻓﻲ ﺷﮭﺮ آذار ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻨﺎ اﻷرض أﺳﺮارھﺎ ...
أُﺳﻤّﻲ اﻟﺘﺮابَ اﻣﺘﺪاداً ﻟﺮوﺣﻲ
أُﺳﻤّﻲ ﯾﺪيّ رﺻﯿﻒَ اﻟﺠﺮوح
أُﺳﻤّﻲ اﻟﺤﺼﻰ أﺟﻨﺤﺔ
أﺳﻤّﻲ اﻟﻌﺼﺎﻓﯿﺮ ﻟﻮزاً وﺗﯿﻦ
وأﺳﺘﻞّ ﻣﻦ ﺗﯿﻨﺔ اﻟﺼﺪر ﻏﺼﻨﺎً
وأﻗﺬﻓﮫُ ﻛﺎﻟﺤﺠـﺮْ
وأﻧﺴﻒُ دﺑّﺎﺑﺔَ اﻟﻔﺎﺗﺤﯿﻦ ...
وﻓﻲ ﺷﮭﺮ آذار،
ﻗﺒﻞ ﺛﻼﺛﯿﻦ ﻋﺎﻣﺎ وﺧﻤﺲ ﺣﺮوب ،
وُﻟﺪتُ ﻋﻠﻰ ﻛﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﺸﯿﺶ اﻟﻘﺒﻮر اﻟﻤﻀﻲء ..
أﺑﻲ ﻛﺎن ﻓﻲ ﻗﺒﻀﺔ اﻹﻧﺠﻠﯿﺰ .
وأﻣﻲ ﺗﺮﺑّﻲ ﺟﺪﯾﻠﺘﮭﺎ واﻣﺘﺪادي ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺸﺐ .
ﻛﻨﺖ أﺣﺐّ "ﺟﺮاح اﻟﺤﺒﯿﺐ " و أﺟﻤﻌﮭﺎ ﻓﻲ ﺟﯿﻮﺑﻲ ،
ﻓﺘﺬﺑﻞُ ﻋﻨﺪ اﻟﻈﮭﯿﺮة ،
ﻣﺮّ اﻟﺮﺻﺎص ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺮي اﻟﻠﯿﻠﻜﻲ ﻓﻠﻢ ﯾﻨﻜﺴﺮ،
ﻏﯿﺮ أنّ اﻟﺰﻣﺎن ﯾﻤﺮّ ﻋﻠﻰ ﻗﻤﺮي اﻟﻠﯿﻠﻜﻲ ﻓﯿﺴﻘﻂُ ﺳﮭﻮاً...
وﻓﻲ ﺷﮭﺮ آذار ﻧﻤﺘﺪّ ﻓﻲ اﻷرض
ﻓﻲ ﺷﮭﺮ آذار ﺗﻨﺘﺸﺮُ اﻷرض ﻓﯿﻨﺎ
ﻣﻮاﻋﯿﺪ ﻏﺎﻣﻀﺔً
واﺣﺘﻔﺎﻻً ﺑﺴﯿﻄﺎً
وﻧﻜﺘﺸﻒ اﻟﺒﺤﺮ ﺗﺤﺖ اﻟﻨﻮاﻓﺬ
واﻟﻘﻤﺮ اﻟﻠﯿﻠﻜﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮو
ﻓﻲ ﺷﮭﺮ آذار ﻧﺪﺧﻞُ أوّل ﺳﺠﻦٍ وﻧﺪﺧﻞُ أوّل ﺣﺐّ
وﺗﻨﮭﻤﺮُ اﻟﺬﻛﺮﯾﺎت ﻋﻠﻰ ﻗﺮﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺎج
وُﻟﺪﻧﺎ ھﻨﺎك وﻟﻢ ﻧﺘﺠﺎوز ﻇﻼل اﻟﺴﻔﺮﺟﻞ
ﻛﯿﻒ ﺗﻔﺮّﯾﻦ ﻣﻦ ﺳُﺒُﻠﻲ ﯾﺎ ﻇﻼل اﻟﺴﻔﺮﺟﻞ؟
ﻓﻲ ﺷﮭﺮ آذار ﻧﺪﺧﻞُ أوّل ﺣﺐﱟ
وﻧﺪﺧﻞُ أوّل ﺳﺠﻦٍ
وﺗﻨﺒﻠﺞُ اﻟﺬﻛﺮﯾﺎت ﻋﺸﺎءً ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ :
ﻗﺎل ﻟﻲ اﻟﺤﺐّ ﯾﻮﻣﺎً:
دﺧﻠﺖ إﻟﻰ اﻟﺤﻠﻢ وﺣﺪي ﻓﻀﻌﺖُ وﺿﺎع ﺑﻲ اﻟﺤﻠﻢ .
ﻗﻠﺖ ﺗﻜﺎﺛﺮْ !..
ﺗﺮ اﻟﻨﮭﺮ ﯾﻤﺸﻲ إﻟﯿﻚ ..
وﻓﻲ ﺷﮭﺮ آذار ﺗﻜﺘﺸﻒ اﻷرض أﻧﮭﺎرھﺎ ..
(3اﻟﺪورﯾﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ ودورھﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﮭﻮﯾﺔ :
ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺘﺄرﯾﺦ ﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻓﻲ دﻋﻢ اﻟﮭﻮﯾﺔ
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻣﻦ دون دراﺳﺔ
اﻟﺪورﯾﺎت اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﺪرت ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﻨﺬ ﺳﺘﯿﻨﯿﺎت
اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ وﻟﻐﺎﯾﺔ أواﺳﻂ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ .
ﻓﻘﺪ أدّت »اﻟﻤﺠﻼت اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ« ،دوراً ھﺎﻣﺎً ﻓﻲ اﻟﻮﻋﻲ
ﺑﺎﻟﮭﻮﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،واﻟﻮﻋﻲ ﺑﺎﻟﺸﻌﻮر اﻟﻮﻃﻨﻲ
ﺑﺼﻔﺔ أﺧﺺ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎر أن ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻄﺒﺎﻋﺔ واﻟﻨﺸﺮ ﺷﻜﻠﺖ
رﻛﻨﺎً أﺳﺎﺳﯿﺎً ﻣﻦ أرﻛﺎن اﻟﺒﺮاﻣﺞ اﻟﺘﺤﺪﯾﺜﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺷﻤﻠﺖ
إﺻﻼح اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ،وإﺻﻼح أﺟﮭﺰة اﻟﺪوﻟﺔ ،وﺗﻌﻠﯿﻢ اﻟﻠﻐﺎت
اﻷﺟﻨﺒﯿﺔ ،وإرﺳﺎل اﻟﺒﻌﺜﺎت اﻟﻄﻼﺑﯿﺔ ﻟﻠﺘﻌﻠﻢ ﻓﻲ أورﺑﺎ.
ﺗﺄﺗﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻓﻲ ﻃﻠﯿﻌﺔ اﻷﻗﻄﺎر اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺖ ﺗﺠﺮﺑﺔ
ﺗﺤﺪﯾﺜﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،ﺣﯿﺚ
ﺗﻢ ﺗﺄﺳﯿﺲ اﻟﻤﻄﺒﻌﺔ اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﺳﻨﺔ ،1860وأﻧﺸﺌﺖ
»اﻟﺮاﺋﺪ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ« ﺑﻘﺴﻤﯿﮭﺎ اﻟﺮﺳﻤﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌﺎم ،ﻛﻤﺎ
أﺗﺎح دﺧﻮل اﻟﻄﺒﺎﻋﺔ ﻧﺸﺮ ﻛﺘﺐ اﻟﺘﺮاث ،واﻟﻤﺆﻟﻔﺎت
اﻟﻤﺘﺮﺟﻤﺔ ﻋﻦ اﻟﻠﻐﺎت اﻷورﺑﯿﺔ ،واﻟﻜﺘﺐ اﻟﺠﺪﯾﺪة اﻟﺘﻲ
ﻧﻈﺮت ﻟﻠﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﺤﺪﯾﺜﯿﺔ ،وﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﮭﺎ ﻛﺘﺎب ﺧﯿﺮ اﻟﺪﯾﻦ
» أﻗﻮم اﻟﻤﺴﺎﻟﻚ ﻓﻲ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺣﻮال اﻟﻤﻤﺎﻟﻚ « )، (1867
وﻧﻈﺮاً ﻷن ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﻨﺸﺮ واﻟﻄﺒﺎﻋﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻓﻘﺪ اﺳﺘﻌﺎن
اﻟﻤﺼﻠﺤﻮن اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﻮن ﺑﻤﻦ ﻟﮭﻢ ﺧﺒﺮة ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﯿﺪان ﻣﻦ
ﻣﺜﻘﻔﻲ اﻟﻤﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﺜﻞ أﺣﻤﺪ ﻓﺎرس اﻟﺸﺪﯾﺎق
) (1887-1804ﺻﺎﺣﺐ اﻟﺠﻮاﺋﺐ ،وﺣﻤﺰة ﻓﺘﺢ اﷲ
اﻟﻤﺼﺮي ) ، (1918-1849واﻟﺼﺤﻔﻲ اﻟﺸﺎﻣﻲ ﻣﻨﺼﻮر
.
ﻛﺮﻟﯿﺘﻲ
ﻣﺜﻠﺖ اﻟﺪورﯾﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ ﺑﺸﺘﻰ أﻧﻮاﻋﮭﺎ :ﻣﺠﻼت ،وﺻﺤﻔﺎً
أﺳﺒﻮﻋﯿﺔ ،وﺻﻔﺤﺎت ﺛﻘﺎﻓﯿﺔ ﻓﻲ ﺟﺮاﺋﺪ ﯾﻮﻣﯿﺔ ﻣﻨﺎﺑﺮ
ﻟﺘﯿﺎرات ﺗﺠﺪﯾﺪﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف ﻧﺰﻋﺎﺗﮭﺎ ،وأﺳﮭﻤﺖ ﻓﻲ
اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،وﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن
اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ﻓﻲ ﺗﻨﺸﯿﻂ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﺎت اﻷورﺑﯿﺔ
إﻟﻰ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﺑﮭﺪف اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﻤﺎ ﺑﻠﻐﺘﮫ اﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ،وﻗﺪ أﺳﮭﻤﺖ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ ﻓﻲ ﻇﮭﻮر أﺳﻠﻮب ﺻﺤﻔﻲ
ﻣﻦ ﺟﮭﺔ ،وﺷﯿﻮع ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ وﻓﻜﺮﯾﺔ ﻓﻲ أوﺳﺎط
اﻟﻨﺨﺒﺔ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ أﺧﺮى.
ﻣﺜّﻠﺖ اﻟﺪورﯾﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻣﻌﯿﻨﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ،وﻓﻲ
ﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻷﻗﻄﺎر اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻣﻨﺎﺑﺮ ﻓﻜﺮﯾﺔ وﺳﯿﺎﺳﯿﺔ وﻃﻨﯿﺔ
ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ذاﺗﮫ ،ﺑﻞ ﻣﺜّﻠﺖ أﺣﯿﺎﻧﺎً ﻣﻠﺘﻘﻰ ﻟﻔﺌﺔ ﻣﻦ رﺟﺎل
اﻟﻨﺨﺒﺔ أدى دور اﻟﺤﺰب اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ،ﻛﺤﺎﻟﺔ ﺟﺮﯾﺪة
»اﻟﺤﺎﺿﺮة« ،اﻟﺘﻲ ﺗﺄﺳﺴﺖ ) (1911-1888ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮات
ﻣﻌﺪودات ﻣﻦ ﻓﺮض اﻟﮭﯿﻤﻨﺔ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻼد
اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ،وﻛﺎن ﻟﮭﺎ دور ﺑﻌﯿﺪ اﻟﻤﺪى ﻓﻲ ﻣﯿﻼد اﻟﺤﺮﻛﺔ
اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ،ﺣﯿﺚ ﺗﻌﺎھﺪ ﻣﺆﺳﺴﻮھﺎ ﻋﻠﻰ »ﺣﺐ
اﻟﺒﻼد ..وﺗﺼﺎﻓﺤﻮا ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻔﯿﺪ اﻟﻌﺒﺎد« ،ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﻌﺪد
اﻷول ﻣﻨﮭﺎ ..
ﯾﻘﻮل اﻟﺰﻋﯿﻢ اﻟﻤﻐﺮﺑﻲ ﻋﻼل اﻟﻔﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ »اﻟﺤﺮﻛﺎت
اﻻﺳﺘﻘﻼﻟﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ « ﻋﻦ ﻣﺆﺳﺲ
»اﻟﺤﺎﺿﺮة« ﻋﻠﻲ ﺑﻮﺷﻮﺷﺔ )» :(1917-1859أﺑﺮز
ھﺆﻻء اﻟﺸﺒﺎن ) ﯾﻌﻨﻲ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ أﺳﺴﺖ اﻟﺤﺎﺿﺮة (
،وأﻗﻮاھﻢ ﺷﺨﺼﯿﺔ ھﻮ اﻟﺴﯿﺪ ﻋﻠﻲ ﺑﻮﺷﻮﺷﺔ ﺻﺎﺣﺐ
ﺟﺮﯾﺪة اﻟﺤﺎﺿﺮة ،ﻓﺎﺳﺘﻄﺎع أن ﯾﺠﻤﻊ ﻣﻦ ﺣﻮل اﻟﺠﺮﯾﺪة
ﻛﺘﻠﺔ ﻗﻮﯾﺔ ﻣﻦ أﺻﺪﻗﺎﺋﮫ ،وﻏﯿﺮھﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺜﻘﻔﯿﻦ
اﻟﺰﯾﺘﻮﻧﯿﯿﻦ واﻟﻤﺪرﺳﯿﯿﻦ ،وﻗﺎﻣﻮا ﺑﺤﺮﻛﺔ ﻗﻮﻣﯿﺔ ودﯾﻨﯿﺔ
ﺗﺮﻣﻲ إﻟﻰ ﺗﻘﻮﯾﺔ رواﺑﻂ اﻟﻘﻄﺮ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺑﺤﺮﻛﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ
اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ « .
أﻣﺎ راﺋﺪ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﻣﻨﻈﺮھﺎ اﻟﺒﺎرز ﻓﮭﻮ اﻟﺒﺸﯿﺮ ﺻﻔﺮ
) ، (1917-1863واﻟﺬي وﺻﻒ ﺑﺄﻧﮫ أﺑﻮ اﻟﻨﮭﻀﺔ
اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﻌﺪ ﺧﯿﺮ اﻟﺪﯾﻦ ،وﻗﺪ ﺗﺄﺛﺮ ﺑﮫ زﻋﻤﺎء
ﺣﺮﻛﺔ »اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ« اﻟﺬﯾﻦ ﺗﺰﻋﻤﻮا اﻟﺤﺮﻛﺔ
اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ واﻹﺻﻼﺣﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ﻣﺜﻞ
اﻟﺰﻋﯿﻢ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﺜﻌﺎﻟﺒﻲ ) ،(1944 -1875وﻋﻠﻲ
ﺑﺎش ﺣﺎﻣﺒﮫ ) ، ( 1918-1879وأﺧﯿﮫ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﺎش
ﺣﺎﻣﺒﮫ ). ( 1920-1881
وﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﯾﺎ اﻟﻤﺤﻮرﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻟﺠﺘﮭﺎ » اﻟﺤﺎﺿﺮة « :
اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﮭﻮﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻟﻠﺒﻼد . اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ اﻟﻘﻀﺎﯾﺎ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻣﺸﺮﻗﺎًوﻣﻐـﺮﺑﺎ ً .
ﻃﺮح اﻟﺘﺴﺎؤل » :ﻟﻤﺎذا ﺗﺄﺧﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﻮن ،وﺗﻘﺪمﻏﯿﺮھﻢ«؟
اﻟﺘﻌﺮﯾﻒ ﺑﺎﻟﻤﺎﺿﻲ اﻟﺰاھﺮ ﻟﻠﺤﻀﺎرة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔﺑﺎﻋﺘﺒﺎره ﺣﺎﻓﺰاً ﻟﮭﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﺎﻟﮭﻮﯾﺔ اﻟﺤﻀﺎرﯾﺔ.
اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ﺑﯿﻦ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ واﻷﺧﺬ ﺑﺄﺳﺒﺎب اﻟﺘﻘﺪماﻟﺬي ﺗﻌﺮﻓﻮا إﻟﯿﮫ ﻋﻦ ﻛﺜﺐ ﻏﺪاة اﺗﺼﺎﻟﮭﻢ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ
ﺑﺎﻟﻨﮭﻀﺔ اﻷورﺑﯿﺔ ،وﯾﻤﺜﻞ ذﻟﻚ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻤﺤﻮرﯾﺔ اﻟﺘﻲ
ﺗﻘﻮم ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﻘﺪﻣﺔ »أﻗﻮم اﻟﻤﺴﺎﻟﻚ« ﻟﺨﯿﺮ اﻟﺪﯾﻦ.
ﻟﻢ ﺗﻜﺘﻒ »اﻟﺤﺎﺿﺮة« ﺑﺄداء دورھﺎ اﻹﻋﻼﻣﻲ اﻟﺘﻨﻮﯾﺮي،
ﺑﻞ ﺷﻜّﻠﺖ ﻧﻮاة ﻟﺤﺰب ﺳﯿﺎﺳﻲ إﺻﻼﺣﻲ ﻣﻌﺘﺪل ،وﻣﻦ ھﻨﺎ
ﺟﺎء اھﺘﻤﺎﻣﮭﺎ ﺑﺘﺄﺳﯿﺲ ﺟﻤﻌﯿﺎت أھﻠﯿﺔ ذات ﻃﺎﺑﻊ
اﻗﺘﺼﺎدي وﺛﻘﺎﻓﻲ ،وﻣﻦ أﺑﺮز ھﺬه اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت »اﻟﺠﻤﻌﯿﺔ
اﻟﺨﻠﺪوﻧﯿﺔ « اﻟﺘﻲ أﺳﺴﻮھﺎ ﻋﺎم ،1896ودﺷﻨﺖ رﺳﻤﯿﺎً
ﺳﻨﺔ 1897ﺑﻤﺤﺎﺿﺮة أﺣﺪ رواد اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻹﺻﻼﺣﯿﺔ،
وﺻﺪﯾﻖ ﺧﯿﺮ اﻟﺪﯾﻦ اﻟﺸﯿﺦ ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻮﺣﺎﺟﺐ )-1827
(1924ﺣﻮل أھﻤﯿﺔ اﻟﻌﻠﻢ واﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم ﺗﺤﺖ
ﻋﻨﻮان » وﻋﻠﻢ آدم اﻷﺳﻤﺎء ﻛﻠﮭﺎ « .
وﺗﻔﺎﻋﻠﺖ ﺟﻤﺎﻋﺔ "اﻟﺤﺎﺿﺮة" ﻣﻊ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ
واﻹﺻﻼﺣﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ،ﺣﯿﺚ ﻧﻮه ﻋﻼل
اﻟﻔﺎﺳﻲ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺮھﺎ اﻟﺒﺸﯿﺮ ﺻﻔﺮ ﻓﻲ ﺟﺮﯾﺪة
»اﻟﺤﺎﺿﺮة« ،ﻣﺪاﻓﻌﺎً ﻋﻦ اﺳﺘﻘﻼل اﻟﻤﻐﺮب اﻷﻗﺼﻰ
ووﺣﺪﺗﮫ ﺑﻌﺪ أن اﻧﻜﺸﻒ اﻟﻤﺨﻄﻂ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻻﺣﺘﻼﻟﮫ ،
….
وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﺑﻄﮭﺎ ﻋﻼﻗﺎت ﻣﺘﯿﻨﺔ ﻣﻊ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮر
اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﺸﺮت ﻣﻘﺎﻻت ﻣﺘﻌﺪدة ﻓﻲ »اﻟﺤﺎﺿﺮة«
ﺳﻨﺔ 1909ھﺎﺟﻤﺖ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺴﻠﻄﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ
إﯾﺎه ﺳﻠﻮك ﺳﯿﺎﺳﺔ ﺣﺎزﻣﺔ ﻟﻮﻗﺎﯾﺔ اﻟﻤﻐﺮب ﻣﻦ ﻣﺆاﻣﺮات
اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ،وﺑﺨﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ ﺗﻮﻗﯿﻊ ﻣﻌﺎھﺪة اﻟﺼﺪاﻗﺔ
ﻋﺎم .1904
ﻛﺎﻧﺖ "اﻟﺤﺎﺿﺮة" ﻣﺘﺄﺛﺮة إﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﯿﺪ ﺑﺘﺠﺮﺑﺔ "اﻟﻌﺮوة
اﻟﻮﺛﻘﻰ" اﻟﺘﻲ أﺻﺪرھﺎ ﺟﻤﺎل اﻟﺪﯾﻦ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ واﻟﺸﯿﺦ
ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ﻓﻲ ﺑﺎرﯾﺲ ،واﻟﺘﻲ ﻣﺜﻠﺖ ﺟﺴﺮاً ﻣﺘﯿﻨﺎً ﺑﯿﻦ
اﻟﺘﯿﺎر اﻹﺻﻼﺣﻲ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ وﺑﯿﻦ زﻋﯿﻤﻲ اﻟﺤﺮﻛﺔ
اﻹﺻﻼﺣﯿﺔ اﻟﻤﺸﺮﻗﯿﺔ ﯾﻮﻣﺌﺬ :اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ ،وﻋﺒﺪه.
ﻋﺮﻓﺖ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ،واﻟﺪورﯾﺎت ذات
اﻟﻄﺎﺑﻊ اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﺑﺼﻔﺔ أﺧﺺ ﺗﺤﻮﻻً واﺿﺤﺎً ﻓﻲ
ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ﺗﺰاﻣﻦ ﻣﻊ ﻣﯿﻼد اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ
اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ﻏﺪاة ﺗﺄﺳﯿﺲ ﺟﻤﺎﻋﺔ »اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ« ،
.....
ﻛﯿﻒ ﻧﺒﺪى آﻧﺎ ﻗﻮي
ﺗﻮﻧﺲ اﻟﻜﻞ ﺗﺒﺪى ﻗﻮﯾﺔ ..
وﺻﺪور ﻟﺴﺎن ﺣﺎﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ﺟﺮﯾﺪة »اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ«
ﻋﺎم ،1907اﻟﺘﻲ ﻣﺜﻠﺖ ﻇﺎھﺮة ﺟﺪﯾﺪة ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ
اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ،أﻻ وھﻲ ﺻﺪور ﺻﺤﻒ ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ﻧﺎﻃﻘﺔ ﺑﺎﺳﻢ
اﻷﺣﺰاب اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ،وﻛﺎن ﺟﻞ ﻣﺆﺳﺴﻲ ﺣﺮﻛﺔ »اﻟﺸﺒﺎب
اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ« ﻣﻦ ذوي اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ،وﻛﺘﺒﻮا أﺳﺎﺳﺎً
ﺑﺎﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ،وﻟﻜﻦ ﺗﺄﺛﯿﺮ اﻟﺘﯿﺎر اﻟﻌﺮوﺑﻲ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻗﺪ ﺗﻮاﺻﻞ،
وأﺑﺮز ﻣﻦ ﻣﺜّﻠﮫ ﻓﻲ ﺻﻔﻮف »اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ« اﻟﺰﻋﯿﻢ
اﻹﺻﻼﺣﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﺜﻌﺎﻟﺒﻲ ،وھﻮ ﻣﻦ ﺗﻼﻣﺬة اﻟﺸﯿﺦ
ﺳﺎﻟﻢ ﺑﻮﺣﺎﺟﺐ ،وﻣﻦ اﻟﻤﺘﺄﺛﺮﯾﻦ ﺑﺎﻟﺜﻨﺎﺋﻲ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ -ﻋﺒﺪه،
وﻗﺪ ﺑﺪأت ﺗﺠﺮﺑﺘﮫ ﻓﻲ اﻟﻤﯿﺪان اﻹﻋﻼﻣﻲ وھﻮ ﻓﻲ ﺳﻦ
اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ﻟﻤﺎ أﺻﺪر ﺟﺮﯾﺪة »ﺳﺒﯿﻞ اﻟﺮﺷﺎد« ﻋﺎم ،1895
وﻗﺪ ﻋﺮّف ﺑﺮﺳﺎﻟﺘﮭﺎ ﺑﺎﻟﺼﻔﺤﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ اﻟﻌﺪد اﻷول
) (1895/12/16ﻗﺎﺋﻼ :إﻧﮭﺎ »ﺟﺮﯾﺪة ﻋﻠﻤﯿﺔ أدﺑﯿﺔ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ
ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ« ،وﺧﺼﺺ رﻛﻨﺎً ﻣﻦ أرﻛﺎﻧﮭﺎ ﻟﻘﻀﺎﯾﺎ اﻟﻔﻨﻮن اﻷدﺑﯿﺔ
،واﻟﻌﻠﻮم اﻟﻔﻠﺴﻔﯿﺔ
.
إنﱠ اﻟﺨﻄﺮ اﻷﻛﺒﺮ اﻟﺬي ﯾﻮاﺟﮫ اﻟﻌﺮب ﺣﺎﻟﯿﺎً ھﻮ اﻧﺸﻐﺎل اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﺷﻌﻮب اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺼﺮاﻋﺎﺗﮭﺎ اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ .واﻟﺨﻄﺮ ھﻮ ﻋﻠﻰ
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻛﻠّﮭﺎ ،وﻟﯿﺲ ﺣﺼﺮاً ﻋﻠﻰ اﻷراﺿﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺘﻌﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻷزﻣﺎت .وھﺬه اﻷزﻣﺎت ھﻲ ﺗﻌﺒﯿﺮٌ ﻋﻦ ﺗﻔﺎﻋﻼت
ووﻗﺎﺋﻊ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺗﻌﯿﺸﮭﺎ وﺗﺸﮭﺪھﺎ اﻷﻣﱠﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻛﻠّﮭﺎ ،وھﻲ ﻧﺘﺎجٌ ﻃﺒﯿﻌﻲ ﻟﺘﺪﺧّﻞ أﺟﻨﺒﻲ ﯾﺤﺪث دون إرادة ﻋﺮﺑﯿﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ
ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮭﺘﮫ ،ﻓﯿﺤﺼﻞ اﻻﺳﺘﻔﺮاد اﻟﺪوﻟﻲ واﻷﺟﻨﺒﻲ ﺑﺎﻷوﻃﺎن اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﻓﻲ ﻇﻞﱢ اﺳﺘﻤﺮار اﻟﻤﺸﺮوع اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ اﻟﮭﺎدف
إﻟﻰ ﺗﻘﺴﯿﻢ اﻟﺒﻼد اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﻟﺘﻜﻮن اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﯿﮭﻮدﯾﺔ اﻷﻗﻮى ھﻲ اﻟﻤﮭﯿﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ " اﻟﺪوﯾﻼت " اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻷﺧﺮى اﻟﻤﺘﺼﺎرﻋﺔ.
ﻓﻠﻮ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﺒِﺢ ﺟﯿﻮش دول ﻋﺮﺑﯿﺔ ﺳﻠﻄﺎت أوﻃﺎﻧﮭﺎ أوﻻً ﺛﻢﱠ ﺣﻘﻮق دولٍ ﻋﺮﺑﯿﺔٍ أﺧﺮى ،وﻟﻮ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﺒِﺢ ﺣﻜﻮﻣﺎت ﻋﺮﺑﯿﺔ
ﺣﻘﻮق ﻣﻮاﻃﻨﯿﮭﺎ ،ھﻞ ﻛﺎﻧﺖ اﻷﻣﱠﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻟﺘﺼﻞ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﺤﺪﱢ ﻣﻦ اﻟﻀﻌﻒ واﻟﻌﺠﺰ واﻻﻧﻘﺴﺎم واﻻﺳﺘﺒﺎﺣﺔ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ؟.
إنّ أﺑﺮز اﻟﺘﺤﺪّﯾﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﮫ أي وﻃﻦ أو أﻣَّﺔ ﺗﺘﻤﺤﻮر ﺣﻮل ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﺤﺮّﯾﺔ ،ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﺖ "ﺣﺮّﯾﺔ اﻟﻮﻃﻦ" ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻼل
أو "ﺣﺮّﯾﺔ اﻟﻤﻮاﻃﻦ" ﻣﻦ اﻻﺳﺘﺒﺪاد اﻟﺪّاﺧﻠﻲ .ﻟﻜﻦ رﻏﻢ ﺻﺤّﺔ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ اﻟﻌﺎﻣّﺔ ،ﻓﺈنﱠ أﺳﺎس اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ
اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺮاھﻦ ھﻮ ﻏﯿﺎب اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ ﻣﻔﮭﻮم " اﻟﻮﻃﻦ " وﻋﻠﻰ ﺗﻌﺮﯾﻒ " اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ " .وﻟﻌﻞّ ﻣﺎ ﺣﺪث وﯾﺤﺪث
ﻓﻲ ﻋﺪّة دول ﻋﺮﺑﯿﺔ ﻣﻦ ﺻﺮاﻋﺎتٍ ﻋﻠﻰ " اﻟﻮﻃﻦ " وﻣﻦ اﻧﻘﺴﺎﻣﺎتٍ ﺣﺎدّة ﺑﯿﻦ "اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ" ،ﻷﻣﺜﻠﺔ ﺣﯿّﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻜﻤﻦ
اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ اﻟﺴﺎﺋﺪة اﻵن ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ .
أﯾﻀﺎً ،ﻧﺠﺪ أنﱠ ﺣﺎل اﻟﻀﻌﻒ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﻤﺘﺮاﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﺤﺪﯾﺚ ھﻮ ﺑﻨﺎء ﺗﺪرﯾﺠﻲ ،ﻗﺎم ﻋﻠﻰ اﻧﻌﺪام اﻟﺘﻮاﻓﻖ أوﻻً ﻋﻠﻰ
ﻣﻔﮭﻮم " اﻷﻣّﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ " – وھﻲ ھﻨﺎ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺗﻌﺮﯾﻒ " اﻟﻮﻃﻦ " -ﺑﻌﺪ اﻧﺘﮭﺎء ﺣﻘﺒﺔ اﻟﺴﯿﻄﺮة اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ،ﺛﻢّ ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺰﺋﺔ
اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ اﻷوروﺑﻲ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻗﯿﺎم أوﻃﺎن ﺿﻌُﻒ ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻮﻻء اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﻮاﺣﺪ واﻧﻌﺪم ﻓﯿﮭﺎ "ﻣﻔﮭﻮم اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ"
وﺳﺎد ﻓﻲ ﻣﻌﻈﻤﮭﺎ أوﺿﺎع اﻧﻘﺴﺎﻣﯿﺔ ﻃﺎﺋﻔﯿّﺔ وﻗﺒﻠﯿّﺔ ،ﻓﺎﻣﺘﺰﺟﺖ اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻣﻊ اﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎت اﻟﺪاﺧﻠﯿّﺔ ﻓﻲ
اﻷوﻃﺎن.
إنّ ﻣﻮاﺟﮭﺔ اﻻﺳﺘﺒﺪاد اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻃﻠﺐ اﻻﺳﺘﻌﺎﻧﺔ ﺑﺎﻟﺘﺪﺧّﻞ اﻟﺨﺎرﺟﻲ أو ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺴﻠّﺢ اﻟﻤﺪﻋﻮم ﻣﻌﻈﻢ
اﻷﺣﯿﺎن ﺧﺎرﺟﯿﺎً ،ﺟﻠﺐ وﯾﺠﻠﺐ اﻟﻮﯾﻼت ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﺘﻲ ﺣﺪث ﻓﯿﮭﺎ ذﻟﻚ ،ﺣﯿﺚ ﺗﻐﻠﺐ ﺣﺘﻤﺎً أوﻟﻮﯾﺎت ﻣﺼﺎﻟﺢ اﻟﻘﻮى
اﻟﺨﺎرﺟﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ،وﯾﻜﻮن ھﺬا اﻟﺘﺪﺧّﻞ أو اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺴﻠﺢ ﻧﺬﯾﺮ ﺷﺮﱟ ﺑﺼﺮاﻋﺎتٍ وﺣﺮوبٍ أھﻠﯿﺔ ،
وﺑﺎﺳﺘﯿﻼءٍ أﺟﻨﺒﻲﱟ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﺮوات اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ،وﺑﻨﺰعٍ ﻟﻠﮭﻮﯾّﺔ اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ واﻟﺤﻀﺎرﯾﺔ اﻟﺨﺎﺻّﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺒﻠﺪان .ﻟﻜﻦ
"اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ " أﯾﻀﺎً ﻣﻊ اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﻮاﺟﮭﺔ اﻟﺨﻄﺮ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ،أو ﺗﻐﻠﯿﺐ اﻟﺤﻠﻮل اﻷﻣﻨﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻠﻮل اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ،
ﯾﺪﻋﻢ ﻛﻞﱠ اﻟﻤﺒﺮّرات واﻟﺤﺠﺞ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻤﺢ ﺑﮭﺬا اﻟﺘﺪﺧّﻞ اﻷﺟﻨﺒﻲ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ أو ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ .
إنّ ﺳﻠﺒﯿّﺎت اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺮاھﻦ ﻻ ﺗﻨﺤﺼﺮ ﻓﻘﻂ ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻃﺮ اﻟﻨﺎﺟﻤﺔ ﻋﻦ ﻋﺪم إدراك اﻟﻌﺮب دروس ﺗﺎرﯾﺨﮭﻢ وأھﻤّﯿﺔ
ﻣﻮﻗﻊ أوﻃﺎﻧﮭﻢ وﺛﺮواﺗﮭﺎ ،ﺑﻞ أﯾﻀﺎً ﻓﻲ ﺳﻮء رؤﯾﺔ أﺻﺤﺎب اﻷرض اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻷﻧﻔﺴﮭﻢ وﻟﮭﻮﯾّﺘﮭﻢ وﻟﻜﯿﻔﯿّﺔ إﺻﻼح
أوﺿﺎﻋﮭﻢ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ .
وﺗﻨﺬر ﺗﺪاﻋﯿﺎت اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﻟﻤﺴﻠّﺢ ،اﻟﻤﺮاﻓﻖ اﻵن ﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺎتٍ ﺷﻌﺒﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﺑﺎﻟﺘﺤﻮّل إﻟﻰ
ﺣﺮوبٍ أھﻠﯿﺔ ﻋﺮﺑﯿﺔ ﯾﻜﻮن ﺧﺘﺎﻣﮭﺎ ﻧﺠﺎح اﻟﻤﺸﺮوع اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ﺣﺼﺮاً ،ﺣﺘّﻰ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻟﻤﺸﺎرﯾﻊ اﻟﺪوﻟﯿﺔ واﻹﻗﻠﯿﻤﯿﺔ
اﻷﺧﺮى اﻟﺮاھﻨﺔ ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ.
ھﻲ ﺛﻼﺛﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺗﺼﻨﻊ اﻵن اﻟﺤﺎﺿﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ :أوّﻟﮭﺎ وأھﻤّﮭﺎ ،اھﺘﺮاء اﻷوﺿﺎع اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ ﺑﻮﺟﮭﯿﮭﺎ اﻟﺤﺎﻛﻢ
واﻟﻤﻌﺎرض .وﺛﺎﻧﯿﮭﺎ ،اﻟﺘﺪﺧّﻞ اﻷﺟﻨﺒﻲ ﻓﻲ ﺷﺆون اﻷوﻃﺎن اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ .وﺛﺎﻟﺜﮭﺎ ،ھﻮ ﻏﯿﺎب اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻔﻜﺮي اﻟﻨﮭﻀﻮي
اﻟﺠﺎذب ﻟﺸﻌﻮب اﻷﻣﱠﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﻟﺠﯿﻠﮭﺎ اﻟﺠﺪﯾﺪ اﻟﺘﺎﺋﮫ ﺑﯿﻦ اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ واﻟﺘﻄﺮّف.
ﻟﺬﻟﻚ ﻛﺎن ﻣﮭﻤّﺎً اﺳﺘﯿﻌﺎبُ دروس ﺗﺠﺎرب ﺷﻌﻮب اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠّﮫ ،ﺑﺄنّ اﻟﻔﮭﻢ اﻟﺼﺤﯿﺢ ﻟﻤﻌﻨﻰ " اﻟﺤﺮّﯾﺔ " ھﻮ ﻓﻲ اﻟﺘﻼزم
اﻟﻤﻄﻠﻮب داﺋﻤﺎً ﺑﯿﻦ "ﺣﺮّﯾﺔ اﻟﻤﻮاﻃﻦ "و"ﺣﺮّﯾﺔ اﻟﻮﻃﻦ" ،وﺑﺄنّ إﺳﻘﺎط أيﱟ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﯾُﺴﻘﻂ ﺣﺘﻤﺎً اﻵﺧﺮ ...
" ﻟﻮ ﻓـُـﺮض اﻟﻘﺘﺎل ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ﻓﺈن ذﻟﻚ ﻟﻦ ﯾﻜﻮن ﺣﺮﺑﺎ ﻓﻲ أرض ﻏﺮﯾﺒﺔ ﺑﻞ ھﻲ واﺟﺐ ﻣﻘﺪّس ﻟﻠﺪﻓﺎع ﻋﻦ اﻟﻨﻔﺲ وﻋﻦ
اﻟﺰﻋﯿﻢ اﻟﺮاﺣﻞ ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ .
ﻣﺼﺮ " ...
Documents récents du même auteur
خيول الظلام 21 novembre 2018
الخطاب العربي المعاصر 1er avril 2018
الفتنة ـ هشام جعيط 1er avril 2018
جمال عبد الناصر دراسة في اقواله 31 juillet 2017
الاسلام بين العروبة والقومية 31 juillet 2017
مشروع دراسة عن دولة العرب 26 juillet 2017
الاصل في حرية التعبير 9 juillet 2017
من أجل النصر .. دروس من الهزيمة 3 juin 2017
الصهيونية في العقل العربي 3 juin 2017
المحدّدات الموضوعية لدور مصر 2 juin 2017
المحددات الموضوعية لدور مصر 1er juin 2017
يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو 21 avril 2017
الحياد المستحيل 1er avril 2017
الحقيقة الوحيدة في حرب الخليج 31 mars 2017
اعلان الحرب العالمية الثالثة 22 mars 2017
مقياس الخطر من الوجود الاجنبي 22 mars 2017
الديمقراطية والوحدة العربية 19 mars 2017
الارادة الوطنية 12 mars 2017
الصعـــــود الــــــى القمة 12 mars 2017
أرض الوطن بين الحرب والسلام 15 février 2017