القدس العدد 139 PDF
À propos / Télécharger Lire le document
Nom original: القدس العدد 139.pdf
Ce fichier au format PDF 1.5 a été envoyé sur Fichier-PDF le 04/10/2014 à 22:46, depuis l'adresse IP 197.1.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 536 fois.
Taille du document: 2.9 Mo (10 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت واﻟﻨﺎس (3) ..
ﻻ ﺷﻚ أن اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﻘﺎدﻣﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻋﯿﻮب ﺳﻮاء
ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺘﺼﻠﺔ ﺑﺎﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﯿﺔ أو ﺑﺎﻟﺴﻠﺒﯿﺎت واﻟﺘﺠﺎوزات
اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﺘﺨﻠﻒ دﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺎ ،ﺗﻤﺜﻞ
ﻓﺮﺻﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻌﺎﻣﺔ اﻟﻨﺎس ﻟﺘﻐـﯿﯿﺮ ﻇﺮوﻓﮭﻢ وﺗﺤﺴﯿﻦ
أوﺿﺎﻋﮭﻢ اﻟﻤﺘﺮدﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻌﺪ اﻟﻔﺸﻞ اﻟﺬي وﻗﻌﺖ ﻓﯿﮫ أﺣﺰاب
اﻟﺘﺮوﯾﻜﺎ ﻣﻨﺬ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت 23اﻛﺘﻮﺑﺮ 2011ﺑﻌﺪ أن ﻛﺮﺳﺖ
اﻻﻧﻘﺴﺎم اﻟﺤﺎد داﺧﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ اﺳﺎس اﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﺤﺰﺑﻲ
ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب اﻻﻧﺘﻤﺎء ﻟﻠﻮﻃﻦ ،وھﻮ ﻣﺎ اﻓﺮز ﺗﻠﻚ اﻟﺼﺮاﻋﺎت
اﻟﻌـﻨﯿﻔﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﺘﮭﺖ ﻓﻲ آﺧﺮ اﻟﻤﻄﺎف اﻟﻰ ﻓﺮض اﻟﺘﺴﻮﯾﺔ ﺑﯿﻦ
اﻷﺣﺰاب اﻟﻤﺘﻜﺎﻟﺒﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﺟﮭﺔ وﻣﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻔﺴﺎد
اﻟﺘﻲ ﯾﻘﻮدھﺎ رﻣﻮز اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺒﺎﺋﺪ ورؤوس اﻻﻣﻮال اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﮫ
ﻣﻦ ﺟﮭﺔ أﺧﺮى ..ﻏﯿﺮ أن ﺗﺤﻘﻖ ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻟﻔﺮﺻﺔ ﺳﯿﻈﻞ
رھﻦ اھﺘﺪاء اﻟﻨﺎﺧﺒﯿﻦ اﻟﻰ اﺧﺘﯿﺎر اﻷﺻﻠﺢ اذا ﻛﺎن ھﻨﺎك
اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت دﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﻓﻌﻼ ..
اﻻ أن اﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﻮاﺋﻢ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﯿﺔ ﯾﺪرك ﺑﺴﮭﻮﻟﺔ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ
اﻟﺨﺎرﻃﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺳﺘﻜﻮن ﻟﺼﺎﻟﺢ
اﻟﻘﻮى اﻟﻤﺘﻨﻔﺬة ﺳﻮاء ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺘﻤﯿﻦ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﻟﺮأس اﻟﻤﺎل اﻟﻔﺎﺳﺪ
أو ﻣﻦ اﻷﻃﺮاف اﻟﻤﺪﻋﻮﻣﺔ ﺑﺎﻟﻤﺎل اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ اﻟﻤﺘﺪﻓﻖ ﻋﻠﻰ
أﺣﺰاب ﺑﻌﯿﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ رأﺳﮭﺎ اﻷﺣﺰاب اﻟﺘﺠﻤﻌـﯿﺔ وﺣﺮﻛﺔ اﻟﻨﮭﻀﺔ
..وﻟﻌﻞ ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻏﯿﺮ ﺧﺎﻓﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺜﯿﺮﯾﻦ ،ﺣﯿﺚ
ﯾﺒﺪو أن ﻧﺴﺒﺔ ھﺎﻣﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﻄﻠﯿﻦ واﻟﻤﮭﻤﺸﯿﻦ ﻻ ﺗﻤﺜﻞ
اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﮭﻢ ﺷﯿﺌﺎ وﻻ ﺗﺤﺮك ﻟﮭﻢ ﺳﺎﻛﻨﺎ ،وھﻢ اﻟﺬﯾﻦ
أﺻﺎﺑﮭﻢ اﻟﯿﺄس واﻻﺣﺒﺎط ﺣﯿﻨﻤﺎ ﺗﺠﺎھﻠﺘﮭﻢ اﻷﺣﺰاب اﻟﻔﺎﺋﺰة ﻓﻲ
اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻓﻠﻢ ﺗﻔﻜﺮ ﻓﻲ ﻣﺸﺎﻛﻠﮭﻢ ،وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻣﺆھﻠﺔ
أﺻﻼ ﻟﻔﮭﻤﮭﺎ ،ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﺣﻠﮭﺎ ﺣﻼ ﺻﺤﯿﺤﺎ ﯾﻨﮭﻲ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮭﻢ
اﻟﻤﺴﺘﻤﺮّة ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ واﻟﺼﺮاع ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺒﻘﺎء ..
ﻟﺬﻟﻚ ﻓﺎن اﻟﻜﺜﯿﺮﯾﻦ ﻣﻦ أﺑﻨﺎء اﻟﺸﻌﺐ وﺷﺒﺎب اﻟﺜﻮرة اﻟﺬﯾﻦ
ﻋﻠﻘﻮا آﻣﺎﻻ ﻛﺒﯿﺮة ﻋﻠﻰ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ،ﻓﺨﺬﻟﺘﮭﻢ اﻻﺣﺰاب
واﻟﻨﺨﺐ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﻤﺘﺎﺟﺮة ﺑﻘﻀﺎﯾﺎھﻢ ،ﯾﻌﺘﻘﺪون اﻧﮭﻢ أﻛﺜﺮ
ذﻛﺎء وﻓﻄﻨﺔ ﻣﻦ ھﺆﻻء ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻻ ﯾﺜﻘﻮن ﻓﻲ اﻗﻮاﻟﮭﻢ ووﻋﻮدھﻢ
وﺑﺮاﻣﺠﮭﻢ اﻟﻮھﻤﯿﺔ ،ﻓﻼ ﯾﺬھﺐ ﺑﻌﻀﮭﻢ اﻟﻰ اﻟﺘﺴﺠﯿﻞ ،ﺛﻢ
ﯾﻘﺎﻃﻌﻮن اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﻘﺎﻃﻌﺔ ﺣﺎﺳﻤﺔ ..ﺑﯿﻨﻤﺎ ﯾﺮى ﺑﻌﻀﮭﻢ
اﻵﺧﺮ أن اﻟﺤﻞ ﯾﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﯾﻦ ﻗﻮاﺋﻢ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﮭﻢ
ﻣﺮاھﻨﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﺻﻮات اﻟﻔﺌﺎت اﻟﺸﺒﺎﺑﯿﺔ اﻟﻐﯿﺮ ﻣﺘﺤﻤﺴﺔ ﻟﻠﻘﻮاﺋﻢ
اﻟﺤﺰﺑﯿﺔ ..اﻻ أن اﺳﻠﻮب اﻟﻤﻘﺎﻃﻌﺔ ،واﻟﻠﺠﻮء اﻟﻰ اﻟﻘﻮاﺋﻢ
اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ،ﻻ ﯾﺨﺪم ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﺒﺪو اﻻ اﻻﺣﺰاب اﻟﻜﺒﯿﺮة اﻟﺘﻲ ﻻ
ﺗﺘﺄﺛﺮ ﻛﺜﯿﺮا ﺑﻤﻘﺎﻃﻌﺔ ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻟﻔﺌﺎت ﻟﻼﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻤﻠﻚ
ﻗﺎﻋﺪدﺗﮭﺎ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﯿﺔ اﻟﻜﺎﻓﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻤﻜﻨﮭﺎ ﻣﻦ ﻧﯿﻞ ﺗﺮﺷﺤﮭﺎ ،
ﻓﻲ ﺣﯿﻦ ﺗﺒﻘﻰ اﻻﺣﺰاب اﻟﺼﻐﯿﺮة واﻟﻘﻮاﺋﻢ اﻟﻤﺴﺘﻘﻠﺔ ﺗﺘﺼﺎرع
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺒﻘـّﻰ ﻣﻦ اﻻﺻﻮات ..وھﻲ ﻣﻌﻀﻠﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ ﺳﺘﻈﻞ ﺗﻠﻚ
اﻟﻔﺌﺎت اﻟﻤﮭﻤﺸﺔ واﻻﺣﺰاب اﻟﺮاﻓﻀﺔ ﻟﻠﻤﺎل اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ
ﻣﻨﮭﺎ اﻟﻰ أﺟﻞ ﻏﯿﺮ ﻣﺤﺪود ..
واﻵن ﺟﺎؤوا ﻣﻦ وراء اﻟﺒﺤﺮِ…
ﺣﺘﻰ ﯾﺸﺮﺑُﻮا ﺑﺘﺮوﻟﻨﺎ…
* اﻟﺘﻘﻠﯿﻞ ﻣﻦ اﻟﻀﺎر ﺧﯿﺮ ﻣﻦ اﻻﻛﺜﺎر ﻣﻦ اﻟﻨﺎﻓﻊ .
* ﺣﺴﻦ اﻟﺨﻠﻖ ﺷﺊ ھﯿّﻦ :وﺟﮫ ﺑﺸﻮش و ﻗﻮل ﻟﯿّﻦ .
وﯾﺒﺪّدوا أﻣﻮاﻟﻨﺎ…
وﯾُﻠﻮّﺛﻮا أﻓﻜﺎرﻧﺎ…
وﯾُﺼﺪﱢروا ﻋُﮭﺮاً اﻟﻰ أوﻻدﻧﺎ…
وﻛﺄﻧﻨﺎ ﻋﺮبٌ ھﻨﻮدُ
) ﻧﺰار ﻗﺒﺎﻧﻲ ( .
اﺗﻔﻖ ﺛﻼث ﻣﺠﺎﻧﯿﻦ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻗﺔ اﻟﺒﻨﻚ ،ﻓﻘﺎﻣﻮا ﺗﻮزﯾﻊ اﻷدوار :
اﻷول ﯾﻜﺴﺮ اﻟﺒﺎب واﻟﺨﺰﻧﺔ ،واﻟﺜﺎﻧﻲ ﯾﺴﺮق اﻷﻣﻮال اﻟﻤﻮﺟﻮدة ،واﻟﺜﺎﻟﺚ ﯾﻌﻠﻢ اﻟﺸﺮﻃﺔ !! ..
ﻗﺒﻞ ﻇﮭﻮر »اﻟﻘﺎﻋﺪة« ،وﺗﻔﺮﻋﺎﺗﮭﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮة ﻣﺜﻞ
»داﻋﺶ« و»ﺟﺒﮭﺔ اﻟﻨﺼﺮة« وﺳﻮاھﺎ ،ﻛﺎﻧﺖ ﺣﺮﻛﺔ
اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺤﺴﺎﺳﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺗﺒﺪو ﻣﻨﺬ
اﻧﮭﯿﺎر اﻻﻣﺒﺮاﻃﻮرﯾﺔ اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﻛﺄﻧﮭﺎ ﺗﺴﯿﺮ ﻗﺪﻣﺎ ،وﻟﻜﻦ
ﺑﺨﻄﻮات ﺷﺪﯾﺪة اﻟﺒﻂء واﻟﻜﺴﻞ ،اﻟﻰ درﺟﺔ ان اﻟﺘﺎرﯾﺦ
ﻛﺎن ﯾﺒﺪو ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺎت ﻣﻌﯿﻨﺔ ،وﻛﺄﻧﮫ ﻣﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ اﻟﺴﯿﺮ.
ﻟﻜﻦ اﻻﻧﻔﺠﺎر اﻻﺧﯿﺮ ﻟﺤﺮﻛﺔ »داﻋﺶ« ،ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ
ﺳﻮرﯾﺎ واﻟﻌﺮاق ،وﺻﻮﻻ اﻟﻰ ﺣﺪود ﻟﺒﻨﺎن اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ ،ﺑﺪا
ﻓﺠﺄة وﻛﺄن اﻟﺘﺎرﯾﺦ أﺧﺬ ﯾﺴﯿﺮ اﻟﻰ اﻟﻮراء ،وﺑﺴﺮﻋﺔ
ﺷﺪﯾﺪة ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻠﺤﻈﺎت .
اﻟﺬروة اﻟﻌﺎﻟﯿﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻰ اﻟﻮراء ،ﺗﺠﺴﺪت
ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺻﻞ ،وﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﻧﯿﻨﻮى اﻟﻌﺮاﻗﯿﺔ ،ﺣﯿﺚ أﻓﻠﺘﺖ
ﺣﺮﻛﺔ »داﻋﺶ« ﻣﻦ ﻋﻘﺎﻟﮭﺎ ،ﻹﺟﺮاء ﻋﻤﻠﯿﺔ ﺗﻄﮭﯿﺮ
ﻋﺮﻗﻲ ﺟﻤﺎﻋﻲ وﺷﺎﻣﻞ ﻟﻜﻞ اﻻﻗﻠﯿﺎت ﻣﻦ ﺳﻜﺎن اﻟﺒﻼد
اﻻﺻﻠﯿﯿﻦ ،ﻣﻦ ﻣﺴﯿﺤﯿﯿﻦ واﯾﺰﯾﺪﯾﯿﻦ .ﺛﻢ اﺳﺘﻜﻤﻠﺖ
»داﻋﺶ« ھﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺴﺮﯾﻌﺔ ﺑﺎﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﻰ اﻟﻮراء ،
ﻓﻲ ﻣﺠﺰرة ﻓﻲ اﻻراﺿﻲ اﻟﺴﻮرﯾﺔ ،راح ﺿﺤﯿﺘﮭﺎ ﻣﺌﺎت
ﻣﻦ أﻓﺮاد ﻋﺸﯿﺮة ﺗﻌﺘﻨﻖ اﻹﺳﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬھﺐ اﻟﺴﻨﻲ .
اﻧﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ إذاً ﺣﺮﻛﺔ ﻋﻨﺼﺮﯾﺔ دﯾﻨﯿﺔ ،ﺗﻀﻊ ﻓﻲ ﺧﺎﻧﺔ
اﻻﻋﺪاء ﻓﻘﻂ ،ﻣﻌﺘﻨﻘﻲ اﻟﺪﯾﺎﻧﺎت اﻻﺧﺮى ،اﻧﮭﺎ ﺣﺮﻛﺔ
ھﻤﺠﯿﺔ ﺗﻐﻄﻲ ھﻤﺠﯿﺘﮭﺎ ﺑﺪﻋﺎوى دﯾﻨﯿﺔ ﻣﺰورة وﻣﻔﺘﻌﻠﺔ
،ﻹﺟﺮاء ﺗﻄﮭﯿﺮ ﻋﺮﻗﻲ وﺣﺸﻲ ،ﻟﻜﻞ اﻟﻤﻜﻮﻧﺎت ﻓﻲ
اﻟﻔﺴﯿﻔﺴﺎء اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻻﻏﻨﻰ
ﺣﻀﺎرﯾﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ اﻟﺪﯾﻦ ،وﺑﻐﺾ
اﻟﻨﻈﺮ ﺣﺘﻰ ﻋﻦ اﻟﻤﺬھﺐ ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﻧﻔﺴﮫ .
ان ﻓﮭﻢ ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة اﻟﺴﺮﻃﺎﻧﯿﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻓﻲ ﻧﮭﺶ
ﺟﺴﺪ اﻟﺘﺮﻛﯿﺒﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ اﻟﻐﻨﯿﺔ ﻟﻠﻤﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻻ
ﯾﺠﻮز ان ﯾﻨﺤﺼﺮ ﻓﻲ زاوﯾﺔ اﻻدﻋﺎءات اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﻤﺰﯾﻔﺔ
ﻟﮭﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ ،اﻧﮭﺎ ﻟﯿﺴﺖ ﺣﺎﻟﺔ دﯾﻨﯿﺔ ،ﻻ ﻗﺪﯾﻤﺔ وﻻ
ﺟﺪﯾﺪة ،اﻧﮭﺎ ﺣﺮﻛﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ ﻗﺮوﻧﺎ
4ﺷﺮوط ﺑﺎش ﺗﺘﺪﺧﻠﻮ اﻟﻨﮭﻀﺔ :
اﻟﺴﻤﻊ واﻟﻄﺎﻋﺔ ،ودﻓﻊ اﻟﻤﺎل ،
واﺣﺘﻜﺎراﻟﺪﯾﻦ ،واﻟﻮﻻء ﻟﻠﺠﻤﺎﻋﺔ ..
ﻋﺪﯾﺪة اﻟﻰ اﻟﻮراء ،ﺗﺮﯾﺪ اﻻرﺗﺪاد ﺑﮭﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ
اﻟﻰ ﻋﺼﻮر ،ﻣﺎ ﻗﺒﻞ ﻇﮭﻮر اﻟﺪﯾﺎﻧﺎت اﻟﺴﻤﺎوﯾﺔ اﻟﺜﻼث .
وﻻ ﯾﺠﻮز ان ﯾﻐﯿﺐ ﻋﻦ أذھﺎﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﺘﺄﻣﻞ اﻟﻌﻤﯿﻖ ﻓﻲ
ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة اﻟﻮﺣﺸﯿﺔ اﻟﮭﻤﺠﯿﺔ ،ذﻟﻚ اﻟﺘﺰاﻣﻦ واﻟﺘﻮاﻓﻖ
اﻟﺰﻣﻨﻲ ﻓﻲ ﻇﮭﻮر ﺑﺪاﯾﺎﺗﮭﺎ اﻻوﻟﻰ ﻓﻲ أﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن ،ﻋﻨﺪﻣﺎ
اﻧﺪﻓﻌﺖ اﻟﻤﺨﺎﺑﺮات اﻟﻤﺮﻛﺰﯾﺔ اﻻﻣﯿﺮﻛﯿﺔ ﺑﻌﺒﺚ ﺗﺎرﯾﺨﻲ
وأﺧﻼﻗﻲ ﻻ ﻣﺜﯿﻞ ﻟﮫ ،اﻟﻰ ﻧﺒﺶ أﻋﻤﻖ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺟﺬور
اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻣﻦ ﺣﺎﻻت اﻟﺘﻌﺼﺐ اﻟﺪﯾﻨﻲ ،ﻟﺘﻮﻇﻔﯿﮫ ﻓﻲ ﻣﺤﺎرﺑﺔ
اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻟﻼﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﯿﺎﺗﻲ ،ﻓﻲ اﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن .واذا
ﻛﺎن اﻟﮭﺪف اﻻﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﻲ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﯿﺔ ھﻮ دﻋﻢ
اﺳﺮاﺋﯿﻞ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺤﻮل اﻟﻰ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻮﺣﯿﺪة اﻟﻤﺘﻤﺎﺳﻜﺔ ﻓﻲ
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺤﻜﻢ ﺑﻤﺼﯿﺮ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻜﯿﺎﻧﺎت
اﻟﻤﻔﻜﻜﺔ ﺣﻮﻟﮭﺎ ،ﻓﻠﯿﺲ أﺳﺮع ﻣﻦ ﺗﺤﺮك »داﻋﺶ« ﻓﻲ
ﺳﻮرﯾﺎ واﻟﻌﺮاق ،ﻟﻠﻮﺻﻮل ﺑﺎﻻوﺿﺎع ﻣﻦ ﺣﻮل اﻟﻜﯿﺎن
اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﻲ ،اﻟﻰ ذروة اﻟﺘﻔﻜﻚ واﻟﺘﺨﻠﻒ واﻻﻧﺤﺪار ﻗﺮوﻧﺎ
ﻛﺎﻣﻠﺔ اﻟﻰ اﻟﻮراء .
ﻟﻘﺪ ﻛﺸﻒ اﻻﻧﺪﻓﺎع اﻟﮭﻤﺠﻲ ﻟـ »داﻋﺶ« ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺻﻞ
وﻓﻲ ﺳﻮرﯾﺎ أﻣﺎم ﻋﯿﻮﻧﻨﺎ ،ﻛﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻨﻜﺸﻒ ﻓﻲ أي ﯾﻮم
ﺳﺎﺑﻖ ،ذﻟﻚ اﻟﻐﻨﻰ اﻟﻼﻣﺘﻨﺎھﻲ ﻟﻔﺴﯿﻔﺴﺎء اﻟﺘﻨﻮع ﻓﻲ
اﻟﺘﺮﻛﯿـﺒﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﻌـﺮﻗﯿﺔ واﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﺸﺮق
اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻓﺈذا أﺿﻔﻨﺎ اﻟﻰ ذﻟﻚ ﻣﺼﺮ وﺗﺮﻛﯿﺒﺘﮭﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ
اﻟﻐـﻨﯿﺔ ﻣﻦ ﻋﻨﺼﺮي اﻷﻗﺒﺎط واﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،ﺛﻢ ﺑﻠﺪان
اﻟﻤﻐـﺮب اﻟﻌـﺮﺑﻲ اﻟﻤﻜﻮﻧﺔ ﻣﻦ ﻣﺰﯾﺞ ﺣﻀﺎري ﻧﺎدر ﻣﻦ
اﻟﻌﺮب واﻻﻣﺎزﯾﻎ ،ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻋﻨﺪﺋﺬ ﺳﻨﻜﺘﺸﻒ ھﻮل اﻻﻧﺪﻓﺎع
اﻟﮭﻤﺠﻲ اﻟﺬي اﻧﻄﻠﻘﺖ ﺑﮫ »داﻋﺶ« ،ﻓﯿﻤﺎ ﻟﻮ اﺳﺘﻤﺮ ﻓﻲ
اﻧﺪﻓﺎﻋﮫ ،ﺑﻼ ﻗﻮة ﺗﻘﻒ ﻓﻲ وﺟﮭﮫ .
اﻧﮭﺎ أﺷﺒﮫ ﺑﺼﺪﻣﺔ ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ﺗﺮﯾﺪ ،ﻟﻮ ﻧﺠﺤﺖ ،ﻟﯿﺲ ﻓﻘﻂ
ان ﺗﻮﻗﻒ ﺗﻘﺪم اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﺒﻄﻲء ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ
اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﻞ ﺗﺤﻮﯾﻞ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ھﻨﺎ اﻟﻰ ﺣﺮﻛﺔ ارﺗﺪادﯾﺔ
،ﺗﻌﻮد ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻘﮭﻘﺮى اﻟﻰ اﻟﺨﻠﻒ ﻛﻠﻤﺎ ﻣﺮ اﻟﺰم .
ﺟِﺌْﺘُﻢْ إِذَنْ ..
ﻓَﻠْﯿَﺨْﺮُجِ اﻟْﻘَﺘْﻠَﻰ إِﻟَﻰ اﻟﺸﱠﻮَارِعْ
وَﻟْﯿَﺨْﺮُجِ اﻵﺑَﺎءُ وَاﻷَﺑْﻨَﺎءُ ..
ﻟِﻠﺸﱠﻮَارِعْ
وَﻟْﺘَﺨْﺮُجِ اﻷَﻗْﻼَمُ وَاﻟﺪﱠﻓَﺎﺗِﺮُ اﻟْﺒَﯿْﻀَﺎءُ
وَاﻷَﺻَﺎﺑِﻊْ
وَﻟْﺘَﺨْﺮُجِ اﻟْﻤَﻜَﺎﺣِﻞْ
وَﺧُﺼَﻞُ اﻟﻨﱠﻌْـﻨَﺎعِ وَاﻟْﺠَﺪَاﺋِـﻞْ
وَﻟْﺘَﺨْﺮُجِ اﻷَﻓْﻜَﺎرُ
وَاﻷَﺷْﻌَﺎرُ وَاﻵرَاءُ
وَاﻟْﻔَﺼَﺎﺋِﻞْ
وَﻟْﯿَﺨْﺮُجِ اﻟْﻤُﻨَﻈﱢﺮُ اﻟْﻤُﺒَﺸﱢﺮُ اﻟْﻤُﻘَﺎﺗِﻞْ
وَﻟْﺘَﺨْﺮُجِ اﻷَﺣْﻼَمُ ﻣِﻦْ ﻛَﺎﺑُﻮﺳِﮭَﺎ
وَﻟْﺘَﺨْﺮُجِ اﻷَﻟْﻔَﺎظُ ﻣِﻦْ ﻗَﺎﻣُﻮﺳِﮭَﺎ
وَﻟْﺘَﺨْﺮُجِ اﻟْﺒُﯿُﻮتُ وَاﻟْﻮَرْﺷَﺎتُ
واﻟْﻤَﺰَارعْ ....
وَﻟْﺘَﺨْﺮُجِ اﻷَدْﯾَﺎنُ
وَاﻟﺸﱠﺮَاﺋِﻊْ
وَﻟْﺘَﺨْﺮُجِ اﻷَﺷْﯿَﺎءُ
وَاﻷَﺳْﻤَﺎءُ وَاﻷَﻟْﻘَﺎبْ
وَﻟْﯿَﺨْﺮُجِ اﻟْﺤُﺐﱡ
ﻋَﻠَﻰ أَﺟْﻨِﺤَﺔِ اﻟﻀﱠﻐِﯿﻨَﮫْ
أَﺑْﯿَﺾَ ﻓِﻲ أَزِﻗﱠﺔِ اﻟْﻤُﺨَـﯿﱠﻢْ
أَﺳْﻮَدَ ﻓِﻲ ﻛُﻮﻓـِﯿﱠﺔِ اﻟْﻤُﻠَﺜـﱠـﻢْ
أَﺧْﻀَﺮَ ﻓِﻲ ﺣَﺎرَاﺗِﻨَﺎ اﻟْﺤَﺰِﯾﻨَﮫْ
أَﺣْﻤَﺮَ ﻓِﻲ اﻧْﺘِﻔَﺎﺿَﺔِ اﻟْﻘَـﺮْﯾَﺔِ وَاﻟْﻤَﺪِﯾﻨَﮫْ
وَﻟْﺘَﺨْﺮُجِ اﻷُھْﺰُوﺟَﺔُ اﻟﺸﱠﻌْــﺒِﯿﱠﮫْ
وَﻟْﺘَﺨْﺮُجِ اﻟْﻘَﻀِﯿﱠﮫْ ...
وﯾﻘﺪ ﯾﺼﻞ اﻻﻣﺮ ﺑﻌﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ اﻟﻰ ﺣﺪ اﻟﺼﻮﻓـﯿﺔ
اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﯾﺼﻮر اﻟﻮﺣﺪة ﺑﺄﻧﮭﺎ ﻗﺪر اﻷﻣﺔ اﻟﺬي ﻻ
ﻓﻜﺎك ﻣﻨﮫ ،ﻓﻼ ﻏﺎﻟﺐ ﻟﻤﺸﯿﺌﺔ اﻷﻗﺪار ،ﺣﯿﺚ ﻛﺎﻧﺖ
اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺗﺒﺪع وﺳﺎﺋﻞ ﻣﻘﺎوﻣﺘﮭﺎ ﻟﻸﺧﻄﺎر اﻟﺪاھﻤﺔ ،
ﻓﺘﻜﻮن اﻟﻮﺣﺪة ھﻲ اﻟﺤﻞ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ أزﻣﺎﺗﮭﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺮّ
اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻷﻧﮭﺎ اﻟﺴﺒﯿﻞ اﻟﻮﺣﯿﺪ اﻟﻰ اﻟﻮﻗﻮة ،ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل
ﻓﻲ ﺧﻄﺎﺑﮫ أﻣﺎم ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻌﺐ ﻓﻲ 5ﺷﺒﺎط /ﻓﯿﻔﺮي
1958ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ اﻋﻼن اﻟﻮﺣﺪة ﺑﯿﻦ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺎ :
" ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﻜﻔﺎح ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻮﺣﺪة ھﻮ ﻧﻔﺴﮫ اﻟﻜﻔﺎح ﻣﻦ
أﺟﻞ اﻟﻘﻮة ..ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﯿﺎة ..وﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺘﻼزم ﺑﯿﻦ
اﻟﻘﻮة واﻟﻮﺣﺪة أﺑﺮز ﻣﻌﺎﻟﻢ ﺗﺎرﯾﺦ أﻣﺘﻨﺎ ؛ ﻓﻤﺎ ﻣﻦ ﻣﺮة
ﺗﺤﻘﻘﺖ اﻟﻮﺣﺪة إﻻ ﺗﺒﻌـﺘﮭﺎ اﻟﻘﻮة ..وﻣﺎ ﻣﻦ ﻣﺮة ﺗﻮﻓﺮت
اﻟﻘﻮة إﻻ وﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﺣﺪة ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻃﺒﯿﻌـﯿﺔ ﻟﮭﺎ ..وﻟﯿﺲ
ﻣﺤﺾ ﺻﺪﻓﺔ أن إﺷﺎﻋﺔ اﻟﻔﺮﻗﺔ وإﻗﺎﻣﺔ اﻟﺤﺪود
واﻟﺤﻮاﺟﺰ ﻛﺎن أول ﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﮫ ﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﺮﯾﺪ أن ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻓﻰ
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ وﯾﺴﯿﻄﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﺤﺾ ﺻﺪﻓﺔ
أن ﻣﺤﺎوﻻت اﻟﻮﺣﺪة ﻓﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻟﻢ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻣﻨﺬ أرﺑﻌﺔ
آﻻف ﺳﻨﺔ ﻃﻠﺒﺎً ﻟﻠﻘﻮة ﺑﻞ ﻃﻠﺒﺎً -ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ -ﻟﻠﺤﯿﺎة ...
وﻟﻘﺪ ﻛﺎن أﺳﻠﻮب اﻟﺴﻌﻰ إﻟﻰ اﻟﻮﺣﺪة ﯾﺘﺸﻜﻞ ﺑﺎﻟﻌﺼﺮ
اﻟﺬى ﺗﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫ ﻛﻞ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﺤﻘﯿﻘﮭﺎ ،وﻟﻜﻦ اﻟﮭﺪف ﻇﻞ
داﺋﻤﺎً ﻻ ﯾﺘﻐﯿﺮ ،وﺑﻘﯿﺖ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻓﻰ ﻛﻞ وﻗﺖ ھﻰ ھﺬه
اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﺘﻰ ﻧﻌﯿﺸﮭﺎ اﻵن ..ﻟﻘﺪ اﺗﺤﺪت اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺤﻜﻢ
اﻟﺴﻼح ﯾﻮم ﻛﺎن اﻟﺴﻼح ھﻮ وﺳﯿﻠﮫ اﻟﺘﻌﺒﯿﺮ ﻓﻰ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ
اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺒﺸﺮﯾﺔ ،واﺗﺤﺪت اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﯿﻘﯿﻦ اﻟﻨﺒﻮات ﺣﯿﻦ
ﺑﺪأت رﺳﺎﻻت اﻟﺴﻤﺎء ﺗﻨﺰل إﻟﻰ اﻷرض ﻟﺘﮭﺪى اﻟﻨﺎس ،
واﺗﺤﺪت اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺴﻠﻄﺎن اﻟﻌﻘﯿﺪة ﺣﯿﻦ اﻧﺪﻓﻌﺖ راﯾﺎت
اﻹﺳﻼم ﺗﺤﻤﻞ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺴﻤﺎء اﻟﺠﺪﯾﺪة ،وﺗﺆﻛﺪ ﻣﺎ
ﺳﺒﻘﮭﺎ ﻣﻦ رﺳﺎﻻت ،وﺗﻘﻮل ﻛﻠﻤﺔ اﷲ اﻷﺧﯿﺮة ﻓﻰ
دﻋﻮة ﻋﺒﺎده إﻟﻰ اﻟﺤﻖ .واﺗﺤﺪت اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺘﻔﺎﻋﻞ
ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻓﻰ أﻣﺔ ﻋﺮﺑﯿﺔ واﺣﺪة ؛ واﺗﺤﺪت
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ ﯾﻮم ﺟﺮت اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﺣﺪھﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻟﺴﺎن
،واﺗﺤﺪت اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺗﺤﺖ داﻓﻊ اﻟﺴﻼﻣﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ ﯾﻮم
واﺟﮭﺖ اﺳﺘﻌﻤﺎر أوروﺑﺎ ﯾﺘﻘﺪم ﻣﻨﮭﺎ ﻣﺤﺎوﻻً أن ﯾﺮﻓﻊ
اﻟﺼﻠﯿﺐ ﻟﯿﺴﺘﺮ ﻣﻄﺎﻣﻌﮫ وراء ﻗﻨﺎع ﻣﻦ اﻟﻤﺴﯿﺤﯿﺔ،
وﻛﺎن ﻣﻌﻨﻰ اﻟﻮﺣﺪة ﻗﺎﻃﻌﺎً ﻓﻰ دﻻﻟﺘﮫ ﺣﯿﻦ اﺷﺘﺮﻛﺖ
اﻟﻤﺴﯿﺤﯿﺔ ﻓﻰ اﻟﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻰ ﻓﻰ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺼﻠﯿﺒﯿﯿﻦ
ﺟﻨﺒﺎً إﻟﻰ ﺟﻨﺐ ﻣﻊ ﺟﺤﺎﻓﻞ اﻹﺳﻼم ...واﺗﺤﺪت اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ
ﺑﺎﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻰ اﻟﻌﺬاب ﯾﻮم ﺣﻠﺖ ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻏﺎرات اﻟﻐﺰو
اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﻰ ،وأﺳﺪﻟﺖ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﮭﺎ أﺳﺘﺎر اﻟﺠﮭﻞ ﺗﻌﻮق
ﺗﻘﺪﻣﮭﺎ وﺗﻤﻨﻌﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﮭﻀﺔ ﻓﻰ
ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬى ﺑﺪأ ﻓﯿﮫ ﻋﺼﺮ اﻟﻨﮭﻀﺔ ﻓﻰ أوروﺑﺎ .
ﺑﻞ إن اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﺗﺤﺪت ﻓﯿﻤﺎ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻟﮫ ﻓﻰ ﻛﻞ ﻧﻮاﺣـﯿﮭﺎ
ﻣﻦ ﺳﯿﻄـﺮة اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻋﻠﯿﮭﺎ ،ﺛﻢ ﻛﺎن اﺗﺤﺎدھﺎ ﻓﻰ
اﻟﺜﻮرة ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﺑﻜﻞ أﺷﻜﺎﻟﮫ وﻣﻘﺎوﻣﺘﮫ ﻓﻰ
ﺗﻌﺪد ﺻﻮره ..وﻣﻊ اﻟﻮﺣﺪة ﻓﻰ اﻟﺜﻮرة ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﺣﺪة
ﻓﻰ اﻟﺘﻀﺤﯿﺎت ؛ ﻓﺈن اﻟﻤﺸﺎﻧﻖ اﻟﺘﻰ ﻧﺼﺒﮭﺎ ﺟﻤﺎل ﺑﺎﺷﺎ
ﻣﺼﺮ .....
ﻓﻰ دﻣﺸﻖ ﻋﺎﺻﻤﺔ ﺳﻮرﯾﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﯿﺮاً ﻋﻦ
اﻟﻤﺸﺎﻧﻖ اﻟﺘﻰ ﻧﺼﺒﮭﺎ "اﻟﻠﻮرد ﻛﺮوﻣﺮ" ﻓﻰ دﻧﺸﻮاى ھﻨﺎ
.
ﻓﻰ ﻣﺼﺮ ....
وﻟﻘﺪ ﻛﺎن ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﻣﺪھﺸﺎً وﻟﻜﻨﮫ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ اﻟﺼﺪف
؛ ﻟﻘﺪ ﻣﮭﺪت ﻋﻮاﻣﻞ ﻛﺜﯿﺮة وﻛﺒﯿﺮة ،ﻧﺒﯿﻠﺔ وﻋﻤﯿﻘﺔ ﻟﮭﺬا
اﻟﺬى رﺑﻂ ﺑﯿﻦ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺎ ؛ ﻣﮭﺪت اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ وﻣﮭﺪ
اﻟﺘﺎرﯾﺦ وﻣﮭﺪ اﻟﺪم وﻣﮭﺪت اﻟﻠﻐﺔ ،ﻣﮭﺪت اﻷدﯾﺎن وﻣﮭﺪت
اﻟﻌﻘﺎﺋﺪ ،ﻣﮭﺪت اﻟﺴﻼﻣﺔ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ وﻣﮭﺪت اﻟﺤﺮﯾﺔ ،
ﻛﺬﻟﻚ اﺷﺘﺮﻛﺖ ﻓﻰ اﻟﺘﻤﮭﯿﺪ ﻟﮫ ﺗﺠﺎرب ﻣﻦ اﻷﻟﻢ واﻟﻌﺬاب
....ھﻜﺬا ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﺣﺪة ھﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ،وﻛﺎن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﺪا
اﻟﻮﺣﺪة اﺻﻄﻨﺎﻋﺎ ً ،وھﻜﺬا ﻛﺎن واﺿﺤﺎً أﻧﮫ إذا ﺗﺮﻛﺖ
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺗﺴﺘﻮﺣﻰ ﻃﺒﯿﺘﻌﮭﺎ ،وﺗﺴﺘﻠﮭﻢ ﻣﺸﺎﻋﺮھﺎ ،
وﺗﺴﺘﻤﻊ إﻟﻰ دﻗﺎت ﻗﻠﺒﮭﺎ ،ﻓﺈن اﺗﺠﺎھﮭﺎ إﻟﻰ اﻟﻮﺣﺪة ﯾﺼﺒﺢ
ﻻ رﯾﺐ ﻓﯿﮫ وﻻ ﻣﻨﺎص ﻣﻨﮫ " ...
وھﻜﺬا اﻛﺘﺸﻒ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﺑﺴﮭﻮﻟﺔ اﻟﺒﻌﺪ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻓﻲ أﻣﻦ
ﻣﺼﺮ واﺳﺘﻘﺮارھﺎ ،وﺑﻘﻲ ﯾﺘﺼﺮف ﻃﻮال ﺣﯿﺎﺗﮫ ﻋﻠﻰ
اﺳﺎس ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺣﺪة :وﺣﺪة اﻟﺠﻐـﺮاﻓﯿﺎ ووﺣﺪة اﻟﺘﺎرﯾﺦ ،
ﻛﺎﻃﺎر ﻟﻠﻮﻋﺎء اﻟﺬي أﺻﺒﺢ ﺑﺎﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺤﯿﺔ واﻟﺠﮭﺪ
اﻟﺨﻼق ﯾﻔﯿﺾ ﺑﺘﻠﻚ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺮاﺋﺪة ﻟﻠﻤﺸﺮوع اﻟﺤﻀﺎري
اﻟﺬي ﻣﺜﻞ ﻓﯿﮫ وﻋﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ اﻟﺮاﺳﺦ واﻟﻌﻤﯿﻖ ﺑﺎﻟﺘﺎرﯾﺦ
واﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﺤﻀﺎري واﻟﺪﯾﻨﻲ ﺣﺠﺮ اﻷﺳﺎس ..وھﻮ ﻣﺎ
اﺳﮭﻢ ﻓﻌﻼ ﻓﻲ ﺗﺤﻮﯾﻞ ﺳﯿﺎﺳﺎﺗﮫ اﻟﻰ ﻣﮭﻤﺎت ﻛﺒﯿﺮة ﻻ ﺗﺨﺺ
ﻣﺼﺮ وﺣﺪھﺎ ﺑﻞ ﺗﮭﻢ أﻣﺔ ﺑﺄﻛﻤﻠﮭﺎ ﺟﻤﻌﮭﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ
ﺣﯿﻨﻤﺎ أﺣﺲ وأدرك أن وﺣﺪﺗﮭﺎ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ وﺣﺪة ﻣﺸﺎﻛﻠﮭﺎ
وﻣﺼﯿـﺮھﺎ ،ﻣﺪرﻛﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺪور اﻟﺮﯾﺎدي ﻟﻤﺼﺮ
اﻟﺬي ﺣﻮﻟﮭﺎ اﻟﻰ ﻗﺎﻋﺪة ﻣﺘﻘﺪﻣﺔ ﻟﻠﻨﻀﺎل اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى
ﻋﻘﺪﯾﻦ ﻛﺎﻣﻠﯿﻦ ..
وﻣﺜﻠﻤﺎ ﯾﻈﮭﺮ ھﺬا اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻌﻤﯿﻖ ﺑﻮﺣﺪة اﻟﻮﺟﻮد واﻟﻤﺼﯿﺮ
اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻓﻲ ﺧﻄﺒﮫ ﯾﻈﮭﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺗﺼﺮﯾﺤﺎﺗﮫ ﻟﻠﺼﺤﻔﯿﯿﻦ
ﺣﯿﺚ ﯾﻘﻮل ﻓﻲ ﺗﺼﺮﯾﺢ ﻟﻼذاﻋﺔ اﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺔ ﺑﺘﺎرﯾﺦ 28
ﯾﻨﺎﯾﺮ 1959ﻓﻲ ﺳﯿﺎق رده ﻋﻠﻰ اﻧﺘﻘﺎد ﺳﯿﺎﺳﺔ ﻣﺼﺮ ﺗﺠﺎه
ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ :
" إﻧﻨﺎ ﻧﺆﯾﺪ ﺣﻖ ﺗﻘﺮﯾﺮ اﻟﻤﺼﯿﺮ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻧﻘﺪر ﻋﻠﯿﮫ ،
وﺻﻮﺗﻨﺎ داﺋﻤﺎً ﯾﺘﺠﺎوب ﻣﻊ ﻛﻞ ﻧﺪاء ﻟﻼﺳﺘﻘﻼل .وﻧﺤﻦ ﻻ
ﻧﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﻧﻔﺼﻞ أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻋﻦ ﻣﺸﺎﻛﻞ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﺤﯿﻂ
ﺑﻨﺎ ،ﺑﻞ وﻻ ﻧﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﻧﻘﻒ ﻣﻮﻗﻔﺎً ﻣﺤﺎﯾﺪاً ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﺮى
إﺧﻮاﻧﺎً ﻟﻨﺎ ﯾﺨﻮﺿﻮن ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺣﯿﺎة .وإﻧﻰ ﻷدھﺶ ﻣﺜﻼً ﻣﻦ
اﻟﺬﯾﻦ ﺗﺮﺗﻔﻊ أﺻﻮاﺗﮭﻢ ﻓﻰ ﻟﻨﺪن ھﺬه اﻷﯾﺎم ﯾﻠﻮﻣﻮن ﻧﺎﺻﺮ
ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻓﻰ ﻋﺪن ،وﯾﻨﺴﻮن أن اﻟﻠﻮم اﻟﺤﻘﯿﻘﻰ ﯾﺠﺐ
أن ﯾﻮﺟﮫ إﻟﻰ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﺘﻰ ﺳﺒﺒﺖ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻓﻰ ﻋﺪن " ..
ﺛﻢ ﯾﻀﯿﻒ ﻣﻮﺿﺤﺎ أن ﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﮫ ﻣﺼﺮ ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ
أو ﻓﻲ اﻻﻋﻼم ،ھﻮ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﺒﺪأ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﺊ :
" إن ﺳﯿﺎﺳﺘﻨﺎ ﻛﻤﺎ ﻗﻠﺖ ھﻰ اﻟﺘﻀﺎﻣﻦ ﻣﻊ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻌﺮب ،
وﻟﯿﺲ ھﺪﻓـﻨﺎ ﻓﻰ اﻟﺨﻠﯿﺞ أن ﻧﻘﻮم ﺑﺪﻋﺎﯾﺎت ﺿﺪ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ ،
،وإﻧﻤﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﺆﯾﺪ ﻣﺒﺎدئ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﮭﺎ ؛ ﻧﺤﻦ ﻧﺆﯾﺪ اﻻﺳﺘﻘﻼل
وﺗﻘـﺮﯾـﺮ اﻟﻤﺼﯿـﺮ ،وﻧﺤﻦ ﻧﻨﺎﺻﺮ ﻛﻔـﺎح اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻌـﺮﺑﯿـﺔ
ﻣﻦ أﺟﻞ اﺳﺘﻘﻼﻟﮭﺎ ،وﻻ أﻇﻦ أن أﺣﺪاً ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻄﻠﺐ ﻣﻨﺎ
أن ﻧﺘﻨﻜـﺮ ﻟﻤﺒﺎدﺋﻨﺎ ،وﻋﻠﻰ ھﺬا ﻓﻤﻦ اﻟﻄﺒﯿﻌﻰ أن ﺗﻜﻮن
أﻗﻮاﻟﻨﺎ ﻓﻰ إذاﻋﺘﻨﺎ أو ﻓﻰ ﺻﺤﻔﻨﺎ اﻧﻌﻜﺎﺳﺎً ﺻﺎدﻗﺎً ﻟﻠﻤﺒﺎدئ
اﻟﺘﻰ ﻧﺆﻣﻦ ﺑﮭﺎ " ..
وﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﮫ ﺑﮭﺎ ﻟﻠﺼﺤﯿﻔﺔ اﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺔ
ﯾﻮم 26آذار /ﻣﺎرس 1956ﯾﺆﻛﺪ اﻟﺰﻋﯿﻢ اﻟﺮاﺣﻞ ﻋﻠﻰ
اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻌﻀﻮﯾﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﺼﺮ واﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﻣﻨﺘﻘﺪا
اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺔ :
" إن ﺳﯿﺎﺳﺔ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﺘﺆدى إﻟﻰ ﺗﻔﺮﯾﻖ اﻟﺪول
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻋـﺰل ﻣﺼﺮ ﻋﻨﮭﺎ ﻓﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وﻛﺎﻧﺖ
ﺗﻀﻦ ﻋﻠﯿﻨﺎ ﺑﺎﻟﺴﻼح ،ﻓﻰ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬى ﯾﺠﺮى ﻓﯿﮫ ﺗﺴﻠﯿﺢ
إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﻋﻠﻰ ﻗﺪم وﺳﺎق ...وﻣﻌﻨﻰ ھﺬا أن اﻟﻔﺮﺻﺔ
اﻟﻌﻈﯿﻤﺔ اﻟﺘﻰ أﺗﺎﺣﮭﺎ ﺗﻮﻗﯿﻊ اﻻﺗﻔﺎق اﻟﻤﺼﺮى -اﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﻰ
ﻓﻰ أﻛﺘﻮﺑﺮ ﻣﻦ ﻋﺎم 1954ﻟﺘﻮﻃﯿﺪ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﯿﻦ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ
واﻟﻌـﺮب ﻟﻢ ﯾﻨﺘـﻔﻊ ﺑﮭﺎ ﻓﻰ ﺷﻰء ،وﻛﺎن ھﻨﺎك ﺷﺒﮫ ھﺪﻧﺔ
ﻗﺼﯿﺮة ،ﻟﻢ ﺗﻠﺒﺚ ﺑﻌﺪھﺎ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ أن اﻧﻐﻤﺮت ﻓﻰ ﻣﺸﺮوع
ﺣﻠﻒ ﺑﻐﺪاد ،اﻟﺬى ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻌﻠﻢ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ أﻧﻨﺎ ﻧﺮى ﻓﯿﮫ
ﺗﮭﺪﯾﺪاً ﻟﻤﺼﺎﻟﺤﻨﺎ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ ؛ إذ أﻧﮫ ﯾﮭﺪف إﻟﻰ ﺗﺠﻤﯿﻌﮭﺎ
ﻛﻤﻨﻄﻘﺔ ﻧﻔﻮذ ﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ " ..
ﺛﻢ ﯾﻀﯿﻒ ﻣﺘﺤﺪﯾﺎ ﻛﻞ ﺳﯿﺎﺳﺎت ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ :
" ھﺬه اﻟﻨﻈﺮة إﻟﻰ اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﺪاﺧﻠﻰ ھﻰ ﻧﻮاة ﺳﯿﺎﺳﺘﻰ،
وھﻰ ﺗﺒﺪو ﻟﻰ أﺑﻠﻎ أھﻤﯿﺔ ﻣﻦ ﺧﻄﺮ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ اﻟﺘﻰ
ﺗﻘﯿﻢ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ ﻧﻈﺎم دﻓﺎﻋﮭﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﻨﮫ " ..
وﻗﺪ ﻋﺒﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ﻣﻜﺮرا ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ
ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ ﻟﻠﺘﺄﻛﯿﺪ ﻋﻠﻰ أھﻤﯿﺔ اﻟﺮﻓﺾ واﻟﺘﺤﺪي
ﻓﻲ ﻧﻔﺲ اﻟﻮﻗﺖ " :اﻟﻌﺮب ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮن اﻵن أن ﯾﻘﺒﻠﻮا
أن ﯾﻜﻮﻧﻮا ذﯾﻼً ﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ ،أو أن ﺗﻤﻠﻰ ﻋﻠﯿﮭﻢ
ﺳﯿﺎﺳﺘﮭﻢ ﻣﻦ ﻟﻨﺪن ،ﻓﮭﺬا أﻣﺮ ﻟﻢ ﯾﻌﻮدوا ﯾﺴﺘﻄﯿﻌﻮن
ﻗﺒﻮﻟﮫ .وﯾﺠﺐ أن ﯾﻌﻠﻢ ﻋﻠﻢ اﻟﯿﻘﯿﻦ أن أى ﻧﻈﺎم دﻓﺎﻋﻰ
ﯾﻔﺮض ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ،ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﻟﮫ أﯾﺔ ﻗﯿﻤﺔ إذا اﻧﮭﺎرت
اﻟﺠﺒﮭﺔ اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ ؛ ﻓﺎﻟﺠﺒﮭﺔ اﻟﺪاﺧﻠﯿﺔ ھﻰ اﻟﺘﻰ ﺳﺘﺤﻤﻰ
اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﻟﻠﻌﺮب .وھﺬا ھﻮ اﻟﺴﺒﺐ ﻓﻰ أﻧﮫ ﯾﺠﺐ
أن ﯾﻜﻮن ﻟﻠﻌﺮب ھﯿﺌﺘﮭﻢ اﻹﻗﻠﯿﻤﯿﺔ ،ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻀﻤﺎن
اﻟﺠﻤﺎﻋﻰ ،ﺑﺪون إﺷﺮاك أﯾﺔ دوﻟﺔ ﻓﻰ ﻧﻈﺎم آﺧﺮ ﺗﺤﺖ
وﻟﻌﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺒﺪﯾﮫ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ
ﺳﯿﻄﺮة أﺟﻨﺒﯿﺔ "..
ﻣﻦ ﺗﺤﺪٍّ ﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻈﺮوف ،وﻣﺎ أﺑﺪاه ﻣﻦ ﺗﺤﺪٍّ
أﻛﺒﺮ ﻟﻠﻐـﺮب ﻋﻤﻮﻣﺎ ﺣﯿﻨﻤﺎ رﻓﺾ وﻗﺎوم وﺟﻮدھﻢ
اﻟﻌﺴﻜﺮي ﻓﻲ ﻣﺼﺮ واﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﺣﯿﻨﻤﺎ ﺣﺎرب
ﻣﺴﻌﺎھﻢ ﻻﻗﺎﻣﺔ اﻻﺣﻼف ،وﺣﯿﻨﻤﺎ ﻗﺎم ﺑﻜﺴﺮ اﻟﺤﺼﺎر
اﻟﻤﻀﺮوب ﻋﻠﻰ اﻻﺳﻠﺤﺔ وأﺧﯿﺮا ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻗﺎم ﺑﺘﺄﻣﯿﻢ ﺷﺮﻛﺔ
ﻗﻨﺎة اﻟﺴﻮﯾﺲ ،ھﻮ ﻣﺎ أدى ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ اﻟﻰ ﻗﯿﺎم اﻟﻌﺪوان
اﻟﺜﻼﺛﻲ ﻓﻲ 29أﻛﺘﻮﺑﺮ .. 1956
ﯾﻘﻮل ﻓﻲ ﺧﻄﺎب ﺗﺄﻣﯿﻢ ﻗﻨﺎة اﻟﺴﻮﯾﺲ ﯾﻮم 26ﯾﻮﯾﻠﯿﻮ
،1956وھﻮ ﯾـﺮد ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻄـﻖ اﻻﺳﺘﺴﻼم واﻟﻤﮭﺎدﻧـــﺔ
وﻗﺒﻮل اﻟﺘﺒﻌـﯿﺔ اﻟﺬي ﯾﺮدده ﺑﻌﺾ اﻟﻌﺮب " :ﻗﺎﻣﺖ ﺛﻮرة
ﻟﯿﮫ ؟! اﻟﺸﻌﺐ ﻗﺎﺗﻞ ﻟﯿﮫ ؟! اﻟﺸﻌﺐ ﻛﺎﻓﺢ ﻟﯿﮫ ؟! اﻟﻨﺎس اﻟﻠﻰ
ﻣﺎﺗﻮا ﻣﻨﻨﺎ ﺳﻨﺔ 19وﺳﻨﺔ ، 36وﻗﺒﻞ ﻛﺪه ﻋﻠﻰ ﻣﺮ
اﻟﺴﻨﯿﻦ ،ھﻞ ﻛﺎﻧﻮا ﺑﯿﻘﺎﺗﻠﻮا وﯾﻤﻮﺗﻮا ﻋﻠﺸﺎن ﺑﺮﺿﮫ اﻷﺧﺮ
ﻧﺒﻘﻰ ﺗﺎﺑﻌـﯿﻦ ﻧﺎﺧﺪ أواﻣﺮﻧﺎ ﻣﻦ أى ﺑﻠﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﻼد ؟!
ﻋﺎﯾﺰﯾﻦ ﻣﻨﻨﺎ ان اﺣﻨﺎ ﻧﺴﻤﻊ أواﻣﺮھﻢ ..ﻃﺒﻌﺎً ﻧﺴﻤﻊ
أواﻣﺮھﻢ ﺑﺨﺼﻮص إﺳﺮاﺋﯿﻞ ..ﯾﻘﻮل ﻟﻚ :إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﺣﻘﯿﻘﺔ
واﻗﻌﺔ ﻛﻤﺎ ھﻰ اﻵن ،ﻃﻠﺒﺎت إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﯾﺠﺐ أن ﺗﻠﺒﻰ ،
ﺣﺪود إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﻣﻮﺟﻮدة ..
ﺑﺘﻘﻮل ﻟﮭﻢ وأھﻞ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ؟!
ﯾﻘﻮل ﻟﻚ دا ﻣﻮﺿﻮع ﻧﺒﻘﻰ ﻧﺘﻜﻠﻢ ﻓﯿﮫ ﺑﻌﺪﯾﻦ ..ﻣﻮﺿﻮع
ﯾﻌﻨﻰ ﻣﺆﺟﻞ !! ..
ﻃﺐ دول ﻋـﺮب زﯾﻨﺎ ..؟!
ﻋﺮب ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ اﻟﻠﻰ ﺷﺮدوا ،ﺣﻘﻮق ﺷﻌﺐ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ؟ ﯾﻘﻮل
ﻟﻚ :ﻧﺪﻓﻊ ﻟﮭﻢ ﺷﻮﯾﺔ ﻓﻠﻮس !! ..
ﻣﺶ ﻛﻞ واﺣﺪ ﯾﺒﯿﻊ ﺑﻠﺪه ﺑﺎﻟﻔﻠﻮس ..
ﯾﻤﻜﻦ اﻧﺘﻢ ﺑﻠﺪﻛﻢ ﺑﻘﻰ ﻟﮭﺎ 100ﺳﻨﺔ أو 200ﺳﻨﺔ ﺑﺲ ،
ﻋﻤﺮھﺎ ﺻﻐـﯿﺮ ﻣﺎﻟﮭﺎش ﺗﺎرﯾﺦ ﻃﻮﯾﻞ ..ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ دى ﺑﻠﺪ
ﻗﺪﯾﻤﺔ ﻟﮭﺎ آﻻف اﻟﺴﻨﯿﻦ ..اﺣﻨﺎ ﺑﻨﻌـﺘـﺰ ﺑﺄرﺿﻨﺎ وﺑﻨﻌـﺘـﺰ
ﺑﮭﺬه اﻟﻌـﺮوﺑﺔ وﺑﻨﻌـﺘـﺰ ﺑﻮﻃﻨﺎ ..وﻃﻦ اﻟﻮاﺣﺪ ﻓﯿﻨﺎ وأرﺿﮫ
ﻻ ﺗﻘﺪر ﺑﺜﻤﻦ وﻻ ﺗﻘﺪر ﺑﻤﺎل ..
واﻟﻮاﻗﻊ ان اﻟﻤﺘﺘﺒﻊ ﻻﻗﻮال ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﯾﻜﺘﺸﻒ ﺑﺴﮭﻮﻟﺔ
أن اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻋﻨﺪه ھﻮ اﻟﺤﺎﻛﻢ ،وﻟﯿﺲ اﻟﺒﺎﻗﻲ اﻻ
ﺗﻔﺎﺻﯿﻞ و ﺗﻔﺮﻋﺎت ..ﯾﻘﻮل ﻓﻲ ﻛﻠﻤﺔ ﻟﮫ أﻣﺎم ﻣﺆﺗﻤﺮ
اﻟﻌﻤﺎل اﻟﻌـﺮب ﺑﺎﻟﻘﺎھﺮة ﺑﺘﺎرﯾﺦ 29ﯾﻨﺎﯾﺮ " : 1969إن
اﻷرﺿﯿﺔ اﻷﺻﻠﯿﺔ وراء اﻟﺼﺮاع اﻟﻌﺮﺑﻰ -اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻰ ،
ھﻰ ﻓﻰ اﻟﻮاﻗﻊ وﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﺪﻗﺔ أرﺿﯿﺔ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﺑﯿﻦ
اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺮاﻏﺒﺔ ﻓﻰ اﻟﺘﺤﺮر اﻟﺴﯿﺎﺳﻰ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻰ ،
وﺑﯿﻦ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﺮاﻏﺐ ﻓﻰ اﻟﺴﯿﻄﺮة وﻓﻰ ﻣﻮاﺻﻠﺔ
اﻻﺳﺘﻐﻼل .وﻓﯿﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎن ﺳﻼح اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﺿﺪ
اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ھﻮ ﺳﻼح اﻟﺘﻤﺰﯾﻖ ،وﺑﻌﺪ ﺣﺮﺑﯿﻦ ﻋﺎﻟﻤﯿﺘﯿﻦ
وﻣﻊ ﺗﻌﺎﻇﻢ اﻹﯾﻤﺎن ﺑﺎﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﻓﻠﻘﺪ ﻟﺠﺄ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر
إﻟﻰ إﺿﺎﻓﺔ ﺳﻼح اﻟﺘﺨﻮﯾﻒ إﻟﻰ ﺳﻼح اﻟﺘﻤﺰﯾﻖ ،وﻛﺎن أن
اﺳﺘﻐﻞ ﻓﻰ ذﻟﻚ اﻟﺪﻋﺎوى اﻷﺳﻄﻮرﯾﺔ ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﯿﺔ ،
وھﻜﺬا ﺳﻠﻢ وﻃﻦ ﻣﻦ أوﻃﺎن اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻏﻨﯿﻤﺔ
ﻣﺴﺘﺒﺎﺣﺔ ﻟﻠﻌﻨﺼﺮﯾﺔ اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﯿﺔ اﻟﻤﺪﺟﺠﺔ ﺑﺎﻟﺴﻼح ؛ ﻟﻜﻰ
ﯾﺘﻢ ﺗﻜﺮﯾﺲ ﺗﻤﺰﯾﻖ اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻟﯿﺘﺤﻘﻖ ﺗﺨﻮﯾﻔﮭﺎ
ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ،ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ إﯾﺠﺎد ﻗﺎﻋﺪة ﻓﻰ ﻗﻠﺒﮭﺎ ﻟﺘﮭﺪﯾﺪھﺎ ،
ﻓﻀﻼً ﻋﻤﺎ ﯾﺘﺒﻊ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﺳﺘﻨﺰاف ﻛﻞ إﻣﻜﺎﻧﯿﺎت اﻟﻘﻮة
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻓﻰ ﺻﺮاع ﻣﺤﻜﻮم ﻓﯿﮫ ﺗﺎرﯾﺨﯿﺎ ً ...إن اﻷﻣﺔ
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻟﻢ ﺗﻐـﺘﺼﺐ وﻃﻨﺎً ﻟﺸﻌﺐ آﺧﺮ ،وإﻧﻤﺎ ﻛﺎن وﻃﻦ أﺣﺪ
ﺷﻌﻮﺑﮭﺎ ،وھﻮ ﺷﻌﺐ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ھﻮ اﻟﺬى ﺗﻌﺮض
ﻟﻼﻏﺘﺼﺎب ،واﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻟﻢ ﺗﺤﺘﻞ ﺑﺎﻟﻘﻮة اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ،
وﺑﺎﻟﻌﺪوان أرﺿﺎً ﻟﺪوﻟﺔ أﺧﺮى ،وإﻧﻤﺎ ﺗﻮﺟﺪ اﻵن أراض
ﻣﻦ ﺛﻼث دول ﻋﺮﺑﯿﺔ أﻋﻀﺎء ﻓﻰ اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺗﺤﺖ
اﻻﺣﺘﻼل اﻟﻌﺴﻜﺮى ﻹﺳﺮاﺋﯿﻞ اﻟﻤﺪﻋﻤﺔ ﺑﻘﻮى اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر"..
دوﻻرا ھﻮ ﺛﻤﻦ اﻟﻤﺮور ﻋﺒﺮ اﻟﺤﺪود اﻟﺘﺮﻛﯿﺔ ﻣﻊ ﺳﻮرﯾﺎ
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺤﺪود اﻟﺘﺮﻛﯿﺔ اﻟﺴﻮرﯾﺔ ﻟﻔﺘﺮة ﺗﻘﺎرب اﻟﺜﻼث
ﺳﻨﻮات واﻟﺘﻲ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺘﻌﺮف ﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﻦ اﻷﺳﻼك اﻟﺸﺎﺋﻜﺔ
اﻟﺘﻲ ﯾﺼﻞ ﻋﻠﻮھﺎ إﻟﻰ اﻟﺨﺼﺮ ﻓﻘﻂ ،وﺗﺨﻠﻮ ﻣﻦ أﺑﺮاج
اﻟﻤﺮاﻗﺒﺔ ،ھﻲ اﻟﻘﻨﺎة اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﺔ ﻟﻌﺒﻮر اﻷﺳﻠﺤﺔ
واﻟﻤﻘﺎﺗﻠﯿﻦ اﻷﺟﺎﻧﺐ اﻟﻰ ﺳﻮرﯾﺎ ،وﻛﺎن أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺳﺘﺨﺪم
ھﺬه اﻟﺤﺪود ھﻢ أﻋﻀﺎء ﻓﻲ اﻟﺠﯿﺶ اﻟﺴﻮري اﻟﺤﺮ
اﻟﻤﺘﻤﺮﻛﺰﯾﻦ أﺳﺎﺳﺎً ﻓﻲ ﺗﺮﻛﯿﺎ ..
وﻓﻲ اﻟﻔﺘﺮة اﻷﺧﯿﺮة أﺻﺒﺤﺖ ھﺬه اﻟﺤﺪود ﻣﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺄﻧﮭﺎ
اﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺴﺮﯾﻊ ﻟﻠﻤﺴﻠﺤﯿﻦ ،واﻟﻄﺮﯾﻖ اﻟﺴﮭﻞ ﻟﻤﺮور
ھﺆﻻء ﻟﻼﻧﻀﻤﺎم إﻟﻰ اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻣﺜﻞ داﻋﺶ
اﻟﺘﻲ ﺗﺴﯿﻄﺮ اﻵن ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﺣﺎت واﺳﻌﺔ إﻟﻰ اﻟﺠﻨﻮب ﻣﻦ
اﻟﺤﺪود اﻟﺘﺮﻛﯿﺔ ،وﻛﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ أﺟﺰاء ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﻌﺮاق
..وﺣﺴﺐ ﻣﻘﺎﺑﻼت أﺟﺮﯾﺖ ﻣﻊ ﻻﺟﺌﯿﻦ وﻣﻘﺎﺗﻠﯿﻦ
ﯾﺘﻌﺎﻓﻮن ﻣﻦ ﺟﺮاﺣﮭﻢ ﻓﻲ ﻣﺴﺘﺸﻔﯿﺎت ﺗﺮﻛﯿﺔ وﻣﻊ
ﻣﮭﺮﺑﯿﻦ ﻋﻤﻠﻮا ﻟﻔﺘﺮات ﻃﻮﯾﻠﺔ ﻓﻲ ﺳﻮق ﺳﻮداء ﻟﻨﻘﻞ
اﻟﻨﺎس ﺟﯿﺌﺔ وذھﺎﺑﺎ ﻋﺒﺮ اﻟﺤﺪو ،ﻓﺎن اﻟﺜﻤﻦ ھﻮ 25
دوﻻراً ،وذﻟﻚ ﺣﺴﺐ أﻗﻮال ﺛﻼﺛﺔ رﺟﺎل ﻣﻦ اﻟﺬﯾﻦ
ﯾﻘﺪﻣﻮن ﺧﺪﻣﺎﺗﮭﻢ ﻟﻠﺘﮭﺮﯾﺐ ،ﻣﻊ ﺿﻤﺎن ﺣﻤﻞ ﻛﻤﯿﺎت
ﻛﺒﯿﺮة ﻣﻦ اﻟﺘﺠﮭﯿﺰات وﻋﺪم وﺟﻮد ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﻔﺘﯿﺶ ﻋﺒﺮ
اﻟﺤﺪود .وﻛﺎن ھﺬا اﻟﻤﺒﻠﻎ ھﻮ ﻣﺎ وﺻﻞ إﻟﯿﮫ ﺑﻌﺪ أن ﻛﺎن
10دوﻻرات ..
وﻗﺪ ﺳﻤﺢ ـ إﺑﻘﺎء ھﺬه اﻟﺤﺪود ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ واﻟﺘﺴﺎھﻞ ﻣﻊ
ﻣﺮور اﻟﻤﻘﺎﺗﻠﯿﻦ اﻟﻤﺴﻠﺤﯿﻦ ـ ﻟﻠﺮﺋﯿﺲ اﻟﺘﺮﻛﻲ رﺟﺐ ﻃﯿﺐ
إردوﻏﺎن ﺑﻠﻌﺐ دور ھﺎﺋﻞ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺼﺮاع اﻻﻗﻠﯿﻤﻲ .
واﻵن ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﮫ ﺗﻨﻈﯿﻢ داﻋﺶ ھﻮ ھﺰﯾﻤﺔ اﻟﻤﻠﯿﺸﯿﺎت
اﻟﺘﻲ ﺳﺎﻧﺪﺗﮭﺎ ﺗﺮﻛﯿﺎ وأﺧﺬت 49ﻣﻦ اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﯿﯿﻦ
اﻷﺗﺮاك رھﺎﺋﻦ ﻓﻲ ﻣﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﻮﺻﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ..
وﻗﺪ ﺑﻘﯿﺖ اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﻌﺎﺑﺮة ﻟﻠﺤﺪود ﻣﺰدھﺮة ﻟﻠﻐﺎﯾﺔ ،
ﻓﻤﺜﻼً ،ﻓﻲ ﯾﻮم 2ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ ،ﻛﺎﻧﺖ ھﻨﺎك 2800ﺷﺎﺣﻨﺔ،
أﻏﻠﺒﮭﺎ ﻣﺤﻤﻞ ﺑﺎﻹﺳﻤﻨﺖ واﻟﺤﺪﯾﺪ ،ﻣﺘﻮﻗﻔﺔ وھﻲ ﺗﻨﺘﻈﺮ
ﻓﻲ ﻣﻌـﺒـﺮ رﯾﺤﺎﻧﻠﻲ .وﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﻟﻲ ،ﻛﺎﻧﺖ ھﻨﺎك
500ﺷﺎﺣﻨﺔ أﺧﺮى ﻣﺘﻮﻗﻔﺔ ﻋﻨﺪ ﻣﻌـﺒـﺮ ﻛﯿﻠﯿﺲ ،اﻟﺬي
ﯾﺒﻌﺪ ﻣﺴﺎﻓﺔ 3ﺳﺎﻋﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﯿﺎدة ﻋﻦ اﻟﻤﻌـﺒـﺮ اﻷول .
وﻛﺎن ﻗﺪ ﺳُﻤﺢ ﻟﮭﺬ اﻟﺸﺎﺣﻨﺎت ﺑﺎﻟﺪﺧﻮل إﻟﻰ ﻣﻨﻄﻘﺔ
اﻟﺠﻤﺎرك اﻟﺘﺮﻛﯿﺔ ،ﺣﯿﺚ ﻛﺎن ﻋﺎﻣﻠﻮن ﯾﻘﻮﻣﻮن ﺑﺘﻨﺰﯾﻞ
أﻛﯿﺎس ﻣﻦ اﻹﺳﻤﻨﺖ وﻗﻀﺒﺎن اﻟﺤﺪﯾﺪ وﯾﺤﻤﻠﻮﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ
ﻇﮭﺮ ﺷﺎﺣﻨﺎت ﺳﻮرﯾﺔ...
وﻗﺎل رﺟﻞ ﯾﻌﻤﻞ ﻟﺪى ﺷﺮﻛﺔ ﻛﺎن ﺷﻌﺎرھﺎ ﻇﺎھﺮا ﻋﻠﻰ
أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﺛﻨﺘﻲ ﻋﺸﺮة ﺷﺎﺣﻨﺔ ﻣﻨﺘﻈﺮة ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻌـﺒـﺮ ،إﻧﮫ
ﯾﺘﻢ دﻓﻊ ﺛﻤﻦ ھﺬه اﻟﺸﺤﻨﺎت ﻧﻘﺪاً ..وﻗﺪ ﻃﻠﺐ ھﺬا اﻟﺮﺟﻞ
ﻋﺪم ذﻛﺮ اﺳﻤﮫ ،ﻛﻤﺎ أﺷﺎر إﻟﻰ ﻋﺪم رﻏﺒﺘﮫ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ
ﺻﻮره وھﻮ ﯾﻘﻮم ﺑﺄﻋﻤﺎل ﻏﯿﺮ ﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺔ ..
ﻛﻤﺎ ﺗﺘﺪﻓﻖ ھﺬه اﻟﺘﺠﺎرة اﻟﺴﺮﯾﺔ ﻓﻲ اﻻﺗﺠﺎه اﻟﻤﻌﺎﻛﺲ ،
وﻛﺬﻟﻚ ﯾﺠﺮي ﺑﯿﻊ اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ اﻟﺴﻮق اﻟﺴﻮداء ،ﺣﯿﺚ
ﯾﻜﻮن ﺗﻢ ﻏﻠﯿﮫ ﺑﺒﻂء وﺟﻤﻌﮫ ﻓﻲ ﺑﺮاﻣﯿﻞ ﺑﻼﺳﺘﯿﻜﯿﺔ وﻟﯿﺘﻢ
ﺗﮭﺮﯾﺒﮫ ﻋﺒﺮ اﻟﺤﺪود أو ﯾﺮﺳﻞ إﻟﻰ ﺗﺮﻛﯿﺎ ﻋﺒﺮ ﺷﺒﻜﺔ
أﻧﺎﺑﯿﺐ ﻣﻮﺟﻮدة ﺗﺤﺖ اﻷرض ..
وﻗﺎل اﻟﻤﺴﺆول اﻟﻜﺒﯿﺮ ﻓﻲ اﻟﺸﺮﻃﺔ :إن اﻟﺒﻨﺰﯾﻦ ﻛﺎن ﯾﺒﺎع
ﻓﻲ ﺳﻮق اﻟﻨﻔﻂ اﻟﺴﻮداء ﺑﺤﻮاﻟﻲ ﺛُﻠﺚ ﺛﻤﻨﮫ ﻓﻲ ﻣﺤﻄﺎت
اﻟﻮﻗﻮد ،وﻛﺎن ﯾﻘﺪم ﺣﻮاﻟﻲ 1.5ﻣﻠﯿﻮن دوﻻر ﻟﻠﻤﻠﯿﺸﯿﺎت
ﻓﻲ ﺳﻮرﯾﺎ ..
وﻗﺎل ﺳﻨﺎن أوﻟﺠـﯿﻦ ،وھﻮ دﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻲ ﺳﺎﺑﻖ " :ﻟﻢ
ﺗﺠﺪ ﺗﺮﻛﯿﺎ اھﺘﻤﺎﻣﺎً ﯾﺬﻛﺮ ﺣﻮل ﻛﯿﻔﯿﺔ اﺳﺘﺨﺪام ﺣﺪودھﺎ
وﻣﺴﺎﻋﺪاﺗﮭﺎ اﻟﻌﺴﻜﺮﯾﺔ ﻓﻲ ﺳﻮرﯾﺎ ،وھﻲ ﻣﺴﺘﻤﺮة ﻓﻲ
ﻣﺴﺎﻧﺪﺗﮭﺎ ﻟﻠﻤﺠﻤﻮﻋﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﯾﺔ اﻟﻤﻨﺎھﻀﺔ ﻟﻸﺳﺪ .وﻗﺪ
ﻏﻀّﺖ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺘﺮﻛﯿﺔ اﻟﻄﺮف ﻋﻦ اﻟﻤﺮور ﻋﺒﺮ
ﺣﺪودھﺎ ،وﺳﻤﺤﺖ ﻟﻜﻞ أﻃﯿﺎف اﻟﻤﺴﻠﺤﯿـﻦ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام
اﻷراﺿﻲ اﻟﺘﺮﻛـﯿﺔ ﻛﻘﺎﻋﺪة ﻟﻮﺟﺴﺘﯿﺔ ﻟﮭﺎ " ...
) ﺳﯿﻠﺠﺎن ﺣﺎج أوﻏﻠﻮ (
ﻋﻈﻤﺎء اﻟﺨﻤﺴﯿﻨﺎت واﻟﺴﺘﯿﻨﺎت :ﺟﻮزﯾﻒ ﺑﺮوز ﺗﯿﺘﻮ ) ﯾﻮﻏﺴﻼﻓﯿﺎ ( ،أﺣﻤﺪ ﺳﻮﻛﺎرﻧﻮ ) اﻧﺪوﻧﯿﺴﯿﺎ ( ،اﻟﺰﻋﯿﻢ ﺟﻤﺎل
ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ) ﻣﺼﺮ ( ،ﻧﻜﺮوﻣﺎ ) ﻏﺎﻧﺎ ( ،ﺟﻮاھﺮ ﻻل ﻧﮭﺮو ) اﻟﮭﻨﺪ ( ..
ھﻨﺎك ﻣﻘﻮﻟﺔٌ ﺗﺘﻜﺮّر ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ ،ﺗﺤﺎول رﺑﻂ
اﻟﻈﺎھﺮة اﻹرھﺎﺑﯿﺔ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ اﻵن ﺑﺎﺳﻢ ﻋﺪة ﺟﻤﺎﻋﺎت "
إﺳﻼﻣﯿﺔ " ﺑﺎﻟﺪﯾﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻧﻔﺴﮫ ،أو ﺑﺄﺳﺒﺎب ﻣﺤﺪّدة
ﻓﻘﻂ ﺑﻐﯿﺎب اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
واﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،وﺑﺎﻟﻔﻘﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ أﯾﻀﺎً ،وﺑﺎﻧﻌﺪام ﻓﺮص
اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت .
ﺑﯿﻨﻤﺎ ﻧﺠﺪ ﻣﻘﻮﻟﺔً أﺧﺮى ،ﻣﺼﺎدرھﺎ ﻋﺮﺑﯿﺔ وإﺳﻼﻣﯿﺔ ،
ﺗﻌﯿﺪ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮھﺎ ﻟﻈﺎھﺮة اﻟﺘﻄﺮّف اﻟﻌﻨﻔﻲ ،إﻟﻰ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ
اﻟﻐﺮب وﺳﯿﺎﺳﺎﺗﮫ ﻛﺴﺒﺐٍ ﯾﺪﻓﻊ ھﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ
ﻻﺳﺘﺨﺪام أﺳﻠﻮب اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺴﻠّﺢ ﺿﺪّ اﻟﻤﺪﻧﯿﯿﻦ واﻷﺑﺮﯾﺎء ،
وﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻨﻔﯿﺬ أﺟﻨﺪﺗﮭﺎ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ واﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ.
وﻓﻲ اﻟﻤﻘﻮﻟﺘﯿﻦ إﺟﺤﺎفٌ ﻟﻜﺎﻣﻞ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ ،وﻗﺼﻮر ﻋﻦ
اﻟﺮؤﯾﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ﻟﻠﻮاﻗﻊ .
ﻓﺎﻟﻤﻘﻮﻟﺔ اﻷوﻟﻰ " اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ " ﺗﺤﺎول أن ﺗﻨﻔﻲ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ
اﻟﻐﺮب ﻋﻦ " ﻇﺎھﺮة اﻹرھﺎب " وﺗﻌﯿﺪ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻓﻘﻂ إﻟﻰ
أوﺿﺎع داﺧﻠﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،ﺑﻞ إﻧّﮭﺎ ﻻ
ﺗﺸﯿﺮ إﻟﻰ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺘﮭﺎ ﺣﺘّﻰ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺠﺎﻧﺐ " اﻟﺪاﺧﻠﻲ"
ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺣﻘﯿﻘﺔ ھﺬا اﻷﻣﺮ ﻋﻤﻠﯿﺎً ﻣﻨﺬ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﻘﺮن
اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ،وﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﮫ اﻟﺪول اﻻﺳﺘﻌﻤﺎرﯾﺔ اﻷوروﺑﯿﺔ ﺛﻢّ
أﻣﯿﺮﻛﺎ ﻣﻦ إﻋﺪاد ورﻋﺎﯾﺔ ﻟﮭﺬا اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﺪاﺧﻠﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ
واﻹﺳﻼﻣﻲ ،وﻓﻲ ﻛﻞّ ﻣﺠﺎﻻﺗﮫ اﻟﺠﻐﺮاﻓﯿﺔ واﻟﺪﺳﺘﻮرﯾﺔ
واﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ ،إﺿﺎﻓﺔً إﻟﻰ اﻟﺪﻋﻢ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺤﺪود
ﻟﻨﺸﻮء اﻟﺪوﻟﺔ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ وﺣﺮوﺑﮭﺎ اﻟﻌﺪواﻧﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮب
واﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ .
ﺛﻢّ ﻛﯿﻒ ﯾﻔﺴّﺮ أﺻﺤﺎب ھﺬه اﻟﻤﻘﻮﻟﺔ " اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ " ﻣﺎ ﺣﺪث
ﻓﻲ ﻋﺪّة وﻻﯾﺎت أﻣﯿﺮﻛﯿﺔ ﻣﻦ أﻋﻤﺎل إرھﺎﺑﯿﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﺧﻠﻔﮭﺎ
ﺟﻤﺎﻋﺎت إرھﺎﺑﯿﺔ أﻣﯿﺮﻛﯿﺔ ،ﻏﯿﺮ ﻋﺮﺑﯿﺔ وﻏﯿﺮ إﺳﻼﻣﯿﺔ ،
رﻏﻢ وﺟﻮد اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﻓﻲ أﻣﯿﺮﻛﺎ ؟! وھﻞ ﯾﻤﻜﻦ وﺳﻢ
ھﺬه اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻹرھﺎﺑﯿﺔ ﺑﺎﻧﺘﻤﺎءات دﯾﻨﯿﺔ أو " وﻻﯾﺘﯿﺔ
" أو ﻋﺮﻗﯿﺔ ؟!
وﻛﯿﻒ ﯾﻔﺴّﺮ اﻷوروﺑﯿﻮن ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﺤﺪث ﻓﻲ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ
وﻓﺮﻧﺴﺎ وأﻟﻤﺎﻧﯿﺎ واﻟﯿﺎﺑﺎن وأﺳﺒﺎﻧﯿﺎ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﯿﺎت إرھﺎﺑﯿﺔ
ﯾﻘﻮم ﺑﮭﺎ أﺗﺒﺎع ﻟﺠﻤﺎﻋﺎتٍ ﻣﺘﻄﺮّﻓﺔ ،وﺑﻌﻀﮭﺎ ﻛﺎن ﯾﻤﺎرس
اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺴﻠّﺢ ﺑﺄﺳﻤﺎء دﯾﻨﯿﺔ ،أو ﺑﻄﺎﺑﻊ "وﻃﻨﻲ ﺗﺤﺮّري"
ﻣﺜﻞ " اﻟﺠﯿﺶ اﻟﺠﻤﮭﻮري اﻷﯾﺮﻟﻨﺪي" ﻓﻲ ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺎ
وﺟﻤﺎﻋﺎت " اﻟﺒﺎﺳﻚ " ﻓﻲ أﺳﺒﺎﻧﯿﺎ ؟!
أﻣّﺎ اﻟﻤﻘﻮﻟﺔ اﻷﺧﺮى " اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ " ،ﻓﮭﻲ أﯾﻀﺎً ﺗﺤﺎول
اﻟﺘﻤﻠّﺺ ﻣﻦ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺬات اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻋﻦ
ﺑﺮوز ﻇﺎھﺮة اﻟﺘﻄﺮّف و" اﻹرھﺎب " ،وﺗﺮﻓﺾ اﻻﻋﺘﺮاف
ﺑﺎﻷزﻣﺎت اﻟﻔﻜـﺮﯾﺔ واﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋـﯿﺔ واﻻﻗـﺘـﺼﺎدﯾﺔ
اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت.
ﻓﻤﺎ ﯾﺤﺪث اﻵن ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق وﺳﻮرﯾﺎ وﻟﯿﺒﯿﺎ واﻟﯿﻤﻦ ،وﻣﺎ
ﺣﺪث ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن وﻣﺼﺮ واﻟﺠﺰاﺋﺮ واﻟﺴﻮدان ،وﻓﻲ ﻋﺪّة
ﺑﻠﺪان ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ،ﻣﻦ أﻋﻤﺎل إﺟﺮام وﻋﻨﻒ دﻣﻮي ﺑﺎﺳﻢ
اﻹﺳﻼم ،ﺿﺪّ ﻣﻮاﻃﻨﯿﯿﻦ ﻣﺴﯿﺤﯿﯿﻦ وﻣﺴﻠﻤﯿﻦ ،ھﻮ ﻧﻮعٌ
ﻣﻦ اﻟﺠﺮاﺋﻢ اﻟﺘﻲ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ ﺗﺒﺮﯾﺮھﺎ وﻻ ﯾﺠﻮز اﻟﺴﻜﻮت
ﻋﻨﮭﺎ ،ﺣﯿﺚ اﻟﺴﻜﻮت ﻋﻦ ھﺬه اﻷﻋﻤﺎل ھﻮ ﺗﺸﺠﯿﻊٌ ﻟﮭﺎ
وﻟﻮ ﻋﻦ ﻏﯿﺮ ﻗﺼﺪ .
ﻓﺎﻟﻘﺘﻞ اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ﻟﻨﺎسٍ أﺑﺮﯾﺎء ھﻮ أﻣﺮٌ ﻣﺨﺎﻟﻒ ﻟﻜﻞﱢ
اﻟﺸﺮاﺋﻊ اﻟﺴﻤﺎوﯾﺔ واﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ،وھﻮ ﯾﺘﻜﺮّر رﻏﻢ ذﻟﻚ ﻓﻲ
أﻛﺜﺮ ﻣﻦ زﻣﺎن وﻣﻜﺎن ،وﻻ ﻧﺮاه ﯾﺘﺮاﺟﻊ أو ﯾﻨﺤﺴﺮ ،وﻓﻲ
ذﻟﻚ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻔﻜﺮ اﻟﻤﺸﺠّﻊ ﻟﻤﺜﻞ ھﺬه اﻷﺳﺎﻟﯿﺐ
.
اﻹﺟﺮاﻣﯿﺔ
وﺗﺰداد اﻟﻤﺄﺳﺎة اﺳﺘﻔﺤﺎﻻً ﺣﯿﻨﻤﺎ ﯾﻌﻄﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺤﻠّﻠﯿﻦ
اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﯿﻦ اﻷﻋﺬار ﻟﮭﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت وﻷﻋﻤﺎﻟﮭﺎ ،أو ﺗﺒﺮﯾﺮاً
ﻟﮭﺎ ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﻌﺮاض اﻷزﻣﺎت اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ،
وﻛﺄنّ اﻟﺤﺮام ﯾﺼﺒﺢ ﺣﻼﻻً ﻟﻤﺠﺮّد وﺟﻮد ﻣﺸﺎﻛﻞ اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ
أو ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﻜﺎن أو ذاك .ﻓﻘﺘﻞ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺮﯾﺌﺔ
ھﻮ ﺟﺮﯾﻤﺔ ﺑﻜﻞﱢ اﻟﻤﻌﺎﯾﯿﺮ ،ﻣﮭﻤﺎ ارﺗﺪى اﻟﻔﺎﻋﻞ اﻟﻤﺠﺮم ﻣﻦ
ﻋﺒﺎءات دﯾﻨﯿﺔ أو ﻃﺎﺋﻔﯿﺔ أو وﻃﻨﯿﺔ.
إنّ اﺗﺴﺎع داﺋﺮة اﻟﻌﻨﻒ اﻟﺪﻣﻮي ﺑﺎﺳﻢ اﻹﺳﻼم أﺻﺒﺢ
ﻇﺎھﺮةً ﺧﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻹﺳﻼم ﻧﻔﺴﮫ ،وﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ وﻛﺎﻓّﺔ
اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﯾﻌﯿﺸﻮن ﻓﯿﮭﺎ .وھﺬا أﻣﺮ ﯾﻀﻊ ﻋﻠﻤﺎء
اﻟﺪﯾﻦ أوﻻً أﻣﺎم ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﮭﺮوب ﻣﻨﮭﺎ ،ﻓﮭﻢ إﻣّﺎ
ﻓﺎﺷﻠﻮن ﻋﺎﺟﺰون ﻋﻦ ﺗﺮﺷﯿﺪ اﻟﺴﺒﯿﻞ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻓﻲ ھﺬه
اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ،أو أﻧّﮭﻢ ﻣﺸﺠّﻌﻮن ﻟﻤﺜﻞ ھﺬه اﻷﺳﺎﻟﯿﺐ .وﻓﻲ
اﻟﺤﺎﻟﺘﯿﻦ ،ﻓﺎﻟﻤﺼﯿﺒﺔ ﻛﺒﺮى ﻛﺒﺮى .ﻛﺬﻟﻚ ھﻲ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﻏﯿﺎب
اﻟﻤﺮﺟﻌﯿﺎت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﺠﻤﻊ اﻟﻨﺎس ﻋﻠﯿﮭﺎ،
وﺗﺤﻮّل اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ إﻟﻰ ﺗﺠﺎرة راﺑﺤﺔ ﯾﻤﺎرﺳﮭﺎ اﻟﺒﻌﺾ
زوراً وﺑﮭﺘﺎﻧﺎً .
ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺢ اﻟﻌﻨﻒ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﯾﻦ أو اﻟﻤﺬھﺐ ﻇﺎھﺮة ﺑﻼ
ﺿﻮاﺑﻂ ،وھﺬا ﻧﺮاه ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﺗﺴﻌﻰ ﻟﻠﺘﻐﯿﯿﺮ ،ﻟﻜﻦ
أﻣﻮر ھﺬه اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت ﺗﺴﯿﺮ ﻣﻦ ﺳﻲء إﻟﻰ أﺳﻮأ .ﻓﺎﻟﺘﻐﯿﯿﺮ
اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺴﻠّﺢ وﻗﺘﻞ اﻟﻨﺎس اﻟﻌﺸﻮاﺋﻲ ﯾﺆدي
ﺣﺘﻤﺎً إﻟﻰ ﺗﻔﻜّﻚ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت واﻷوﻃﺎن ،وإﻟﻰ ﺻﺮاﻋﺎت
أھﻠﯿﺔ دﻣﻮﯾﺔ ﻧﺮى ﻧﺘﺎﺋﺠﮭﺎ اﻵن ﻓﻲ ﻣﺸﺮق اﻷﻣّﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
وﻓﻲ ﻣﻐـﺮﺑﮭﺎ .
إنّ اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮدٍ ﻃﻮﯾﻠﺔ
ﻣﻦ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺧﻠﻂ أﻣﯿﺮﻛﺎ وإﺳﺮاﺋﯿﻞ ،ودول اﻟﻐﺮب ﻋﻤﻮﻣﺎً ،
ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﺣﻖﱢ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻤﺸﺮوع ﺿﺪّ اﻻﺣﺘﻼل وﺑﯿﻦ أﺳﻠﻮب
اﻹرھﺎب اﻟﻤﻨﺒﻮذ ﺿﺪّ اﻟﻤﺪﻧﯿﯿﻦ أﯾّﺎً ﻛﺎﻧﻮا .وھﺎھﻲ ﻣﻤﺎرﺳﺎت
وأﻓﻜﺎر ﺑﻌﺾ اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻤﺴﻠّﺤﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺄﺳﻤﺎء ﻋﺮﺑﯿﺔ
وإﺳﻼﻣﯿﺔ ،ﺗﺨﺪم ھﺬا اﻟﺨﻠﻂ واﻟﻐﺎﯾﺎت اﻟﻤﺮﺟﻮّة ﻣﻨﮫ.
ﻟﺬﻟﻚ ،ﻓﺈنّ اﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﻤﺒﺪﺋﻲ اﻟﺮاﻓﺾ ﻟﮭﺬه اﻷﺳﺎﻟﯿﺐ أﯾﻨﻤﺎ
ﻛﺎن ھﻮ اﻟﻤﻄﻠﻮب اﻵن ،ﻻ اﻻﻛﺘﻔﺎء ﺑﺎﻹداﻧﺔ اﻟﻨﺴﺒﯿﺔ ﻓﻘﻂ
ﺗﺒﻌﺎً ﻻﺧﺘﻼف اﻟﻤﻜﺎن واﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ...
إنّ ھﺬه اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻌـﻨﻔـﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت
اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﺗﻌﯿﺶ ﻋﻠﻰ ﺣﺼﺎد ﺧﻄﺎﯾﺎ اﻵﺧﺮﯾﻦ ،وﺗﺤﺎول
ﺗﺒﺮﯾﺮ أﺳﺎﻟﯿﺒﮭﺎ ﺑﻤﺎ ارﺗﻜﺒﮫ اﻵﺧﺮون ﻣﻦ ﺣﻜّﺎم ﻓﻲ
اﻟﺪاﺧﻞ أو ﻣﺘﺪﺧّﻠﻮن ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج ،إﻻ أﻧّﮭﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ إﻧّﻤﺎ
ھﻲ ﺗﺨﺪم أﯾﻀﺎً اﻟﻄﺮف اﻟﺬي ﺗﺪّﻋﻲ ھﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت
ﺑﺄﻧّﮭﺎ ﺗﺤﺎرﺑﮫ وﺗﺴﺘﮭﺪﻓﮫ .
إنّ اﻟﺘﻄﺮّف ﯾﻐﺬّي ﺑﻌﻀﮫ اﻟﺒﻌﺾ اﻵﺧﺮ ،رﻏﻢ اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ
ﻓﻲ اﻟﺸﻌﺎرات وﻓﻲ اﻷھﺪاف .ﻓﮭﺬه ھﻲ ﻣﺤﺼّﻠﺔ
اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻤﺎﺿﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺮّت ﻋﻠﻰ أﺣﺪاث ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ
2001ﻓﻲ أﻣﯿﺮﻛﺎ ،ﺛﻢّ ﻋﻠﻰ ﺣﺮب إدارة ﺑﻮش ﻋﻠﻰ
اﻹرھﺎب .
ﺑﻞ إنّ ﻧﺸﺄة ھﺬه اﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻟﻌـﻨﻔـﯿﺔ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺄﺳﻤﺎء
إﺳﻼﻣﯿﺔ ھﻲ أﺻﻼً ﻧﺸﺄة ﻣﺸﺒﻮھﺔ وﻟﺪت ﻓﻲ رﺣﻢ
اﻟﻤﺨﺎﺑﺮات اﻷﻣﯿﺮﻛﯿﺔ ﺧﻼل ﺣﻘﺒﺔ اﻟﺼﺮاع اﻷﻣﯿﺮﻛﻲ ﻣﻊ
اﻟﻘﻄﺐ اﻟﺸﯿﻮﻋﻲ ،ﻛﻤﺎ ھﻲ ﺗﺨﺪم اﻵن ﺑﺎﻟﻜﺎﻣﻞ
اﻟﻤﺸﺮوع اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ﺑﺎﻟﻤﻨﻄﻘﺔ .
ﻓﻠﻸﺳﻒ ،ھﻨﺎك ﻋﺮبٌ وﻣﺴﻠﻤﻮن ﯾﻘﻮﻣﻮن ﺣﺎﻟﯿﺎً ﺑﺨﻮض
" ﻣﻌﺎرك إﺳﺮاﺋﯿﻠﯿّﺔ " ،وھﻢ ﯾﺤﻘّﻘﻮن ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻨﺪرج ﻓﻲ
ﺧﺎﻧﺔ "اﻟﻤﺸﺎرﯾﻊ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿّﺔ" ﻟﻠﻤﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﺗﻘﺴﯿﻢ
ﻃﺎﺋﻔﻲ وﻣﺬھﺒﻲ وﻋﺮﻗﻲ ﯾﮭﺪم وﺣﺪة اﻟﻜﯿﺎﻧﺎت اﻟﻮﻃﻨﯿّﺔ ،
وﯾﻘﯿﻢ ﺣﻮاﺟﺰ دم ﺑﯿﻦ أﺑﻨﺎء اﻷﻣّﺔ اﻟﻮاﺣﺪة ﻟﺼﺎﻟﺢ ﻓﺌﺎتٍ
ﺗﺴﺘﻔﯿﺪ ﻣﻦ ﻓﺘﺎت اﻷوﻃﺎن ،ﻓﺘﻘﯿﻢ دوﯾﻼﺗﮭﺎ اﻟﻔﺌﻮﯾّﺔ
اﻟﺨﺎﺻّﺔ وﻟﻮ ﻋﻠﻰ ﺑﺤﺮٍ ﻣﻦ اﻟﺪّﻣﺎء .أﻟﯿﺲ ھﻮ ﻣﺸﺮوع
إﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ﺗﻔﺘﯿﺖ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿّﺔ إﻟﻰ دوﯾﻼت ﻣﺘﻨﺎﺣﺮة
؟ أﻣﺎ ھﻲ ﻣﺼﻠﺤﺔ إﺳﺮاﺋﯿﻠﯿّﺔ ﻛﺎﻣﻠﺔ ﻧﺘﺎج ﻣﺎ ﺟﺮى وﻣﺎ
زال ﯾﺠﺮي اﻵن ﻓﻲ ﻋﺪّة دول ﻋﺮﺑﯿﺔ ﻣﻦ ھﺪمٍ ﻟﻮﺣﺪﺗﮭﺎ
اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ وﻣﻦ ﺗﮭﻤﯿﺶٍ ﻟﻠﻘﻀﯿﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ؟ !.
ﻋﻘﺐ ﺳﻘﻮط اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﯿﯿﺘﻲ واﻧﮭﯿﺎر اﻟﻨﻈﺎم
اﻟﺸﯿﻮﻋﻲ ﻓﻲ أﻟﻤﺎﻧﯿﺎ اﻟﺸﺮﻗﯿﺔ ،ﺗﺒﯿﱠﻦ أنﱠ رﺋﯿﺲ
اﻻﺳﺘﺨﺒﺎرات ﻓﯿﮭﺎ واﺳﻤﮫ )ﻣﺎرﻛﻮس ووﻟﻒ( ﻛﺎن
ﻋﻤﯿﻼً ﻣﺰدوﺟﺎً ﻣﻊ إﺳﺮاﺋﯿﻞ ،وھﻮ اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﺸﺮف
ﻋﻠﻰ ﺗـﺪرﯾـﺐ وﺗـﻮﺟـﯿـﮫ ﻛـﻮادر ﻓﻲ ﻣﻨـﻈـﻤـﺎتٍ ﻋـﺮﺑـﯿـﺔ
ﺷﯿـﻮﻋﯿﺔ ﻗـﺎم ﺑﻌـﻀﮭﺎ ﺑﻌﻤﻠـﯿﺎت ﺧﻄـﻒ ﻃﺎﺋـﺮا ٍ
ت
ﻣﺪﻧـﯿـﺔ وﺗﻔﺠﯿﺮاتٍ ﺣﺪﺛﺖ ﻓﻲ ﻣﺪنٍ أوروﺑﯿﺔ !.
ﻓﻤﺎذا ﯾﻤﻨﻊ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻤﺨﺎﺑﺮات اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ ﻗﺪ ﺟﻨﱠﺪت
أﯾﻀﺎً ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻼء اﻟﻤﺰدوﺟﯿﻦ ) ﻣﺜﻞ ﺣﺎﻟﺔ
ﻣﺎرﻛﻮس ووﻟﻒ ( ﻣﻦ اﻟﺸﯿﺸﺎن وﺻﻮﻻً إﻟﻰ ﻧﯿﺠﯿﺮﯾﺎ
ﻟﺘﺄﺳﯿﺲ أو ﻟﺘﺪرﯾﺐ وﺗﻮﺟﯿﮫ ﺣﺮﻛﺎت أو ﻣﻨﻈﻤﺎت ﺗﺤﻤﻞ
أﺳﻤﺎء " إﺳﻼﻣﯿﺔ " ،ﺗﻤﺎﺷﯿﺎً ﻣﻊ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ اﻟﺤﺮب
اﻟﺒﺎردة وﺑﺪء اﻟﺼﺮاع ﺑﯿﻦ اﻟﻐﺮب و " اﻟﻌﺪو اﻹﺳﻼﻣﻲ"
اﻟﺠﺪﯾﺪ اﻟﻤﺼﻄﻨﻊ ؟!.
ﻓﺈذا ﻛﺎﻧﺖ إﺳﺮاﺋﯿﻞ وأﺟﮭﺰﺗﮭﺎ اﻷﻣﻨﯿﺔ ﺗﺘﺴﻠّﻞ إﻟﻰ أھﻢّ
اﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ واﻷﻣﻨﯿﺔ ﻓﻲ دول ﻛﺒﺮى وﻣﻨﮭﺎ
اﻟﺤﻠﯿﻒ اﻷﻛﺒﺮ ﻟﮭﺎ أﻣﯿﺮﻛﺎ ،ﻓﻠِﻢَ ﻻ ﺗﻔﻌﻞ ذﻟﻚ ﻣﻊ أﻋﺪاﺋﮭﺎ
اﻟﻤﺤﯿﻄﯿﻦ ﺑﮭﺎ ؟
ﻧﻌﻢ ،ھﻨﺎك ﺑﻼ ﺷﻚ ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ " ﻏﺮﺑﯿﺔ " وأﻣﯿﺮﻛﯿﺔ
وإﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ ﻋﻦ ﺑﺮوز ﻇﺎھﺮة اﻹرھﺎب ﺑﺄﺳﻤﺎء "
إﺳﻼﻣﯿﺔ " ،ﻟﻜﻦّ ذﻟﻚ ﻋﻨﺼﺮ واﺣﺪ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻋﻨﺎﺻﺮ
أﺳﮭﻤﺖ ﻓﻲ ﺗﻜﻮﯾﻦ واﻧﺘﺸﺎر ھﺬه اﻟﻈﺎھﺮة .
وﻟﻌﻞّ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻷھﻢّ واﻷﺳﺎس ﻓﻲ وﺟﻮد وﻧﻤﻮ ﻇﺎھﺮة
اﻟﻌﻨﻒ ﺑﺎﺳﻢ اﻹﺳﻼم ھﻮ اﻟﻌﺎﻣﻞ اﻟﻔﻜﺮي /اﻟﻌَﻘَﺪي ﺣﯿﺚ
ﺗﺘﻮارث أﺟﯿﺎل ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﻌـﺮﺑﯿﺔ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ
ﻣﺠﻤﻮﻋﺔً ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻟﺴﻠﺒﯿﺔ اﻟﺨﺎﻃﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻌﺎرض
ﻣﻊ أﺻﻮل اﻟﺪﻋﻮة اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ،وﻣﻊ ﺧﻼﺻﺔ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ
اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﺮاﺣﻠﮭﺎ اﻷوﻟﻰ .
ھﻲ ﻛﺬﻟﻚ أزﻣﺔ ﻓﻜﺮﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺴﺒّﺒﺎت ﻇﺎھﺮة اﻟﺘﻄﺮّف
اﻟﻤﺴﻠّﺢ ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﯾﻦ ،ﺣﯿﻨﻤﺎ ﺗﻀﻌﻒ اﻻﻧﺘﻤﺎءات
اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ وﺗﺴﻮد ﺑﺪﻻً ﻣﻨﮭﺎ ھﻮﯾّﺎت ﻓﺌﻮﯾﺔ ﺑﻤﻀﺎﻣﯿﻦ
ﻃﺎﺋﻔﯿﺔ وﻣﺬھﺒﯿﺔ ﺿﯿﻘﺔ .وﻟﻌﻞّ ﺑﺮوز ﻇﺎھﺮة " اﻟﺘﯿّﺎر
اﻹﺳﻼﻣﻲ " ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮫ ﻣﻦ ﻏﺚﱟ وﺳﻤﯿﻦ ،وﺻﺎﻟﺢٍ وﻃﺎﻟﺢ
،ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ اﻟﺜﻤﺎﻧﯿﻨﺎت ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ ،ﻣﺎ ﻛﺎن
ﻟﯿﺤﺪث ﺑﮭﺬا اﻟﺸﻜﻞ ﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ھﻨﺎك ﻓﻲ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺣﺎﻟﺔ ﺿﻌﻒٍ ﻟﻠﮭﻮﯾّﺔ اﻟﻌـﺮوﺑﯿﺔ وﻏﯿﺎب ﻛﺒﯿﺮ
ﻟﺪور اﻟﻤﺮﺟﻌـﯿﺔ اﻟﻌـﺮﺑﯿﺔ اﻟـﺮاﺋـﺪة ..
...وﻇﻞ ﯾﻜﺘﺐ وﯾﻜﺘﺐ وﯾﻜﺖ ..ﺗﻤﺮ ﺑﮫ اﻟﮭﺰاﺋﻢ ﻓﻼ ﯾﮭﺘﺰ
ﯾﻘﯿﻨﮫ ،وﻻ ﯾﺮﺗﺒﻚ ﺗﻔﻜﯿﺮه وﻻ ﯾﺘﻌﺐ ﻗﻠﻤﮫ ،ذﻟﻚ اﻟﻌﻜﺎري
اﻟﻌﺠﻮز اﻟﺬي اﻧﻄﻮى ﻋﻠﻰ آﻣﺎﻟﮫ ﻓﻲ اﻟﺒﻌﯿﺪ ،ﻣﺴﻠﺤﺎً ﺑﺈﯾﻤﺎﻧﮫ
..أن ھﺬه اﻷﻣﺔ اﻟﻤﻨﺪاﺣﺔ أرﺿﮭﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺤﯿﻂ واﻟﺨﻠﯿﺞ ھﻲ
أﻣﺔ واﺣﺪة ،ﻋﻠﻰ اﺧﺘﻼف ﻋﻨﺎﺻﺮھﺎ وﺑﯿﺌﺎﺗﮭﺎ وﻣﻨﺎﺧﺎﺗﮭﺎ،
وﺣﺘﻰ " ﻋﻨﺎﺻﺮھﺎ " ﻟﻤﻦ ﯾﺮوّج ﻟﻠﻜﯿﺎﻧﺎت ﻣﺘﻜﺌﺎً ﻋﻠﻰ
اﺧﺘﻼف اﻟﻤﻨﺎﺑﺖ واﻟﻠﮭﺠﺎت اﻟﺘﻲ ﻋﻤﻞ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻋﻠﻰ
ﺗﺤﻮﯾﻠﮭﺎ إﻟﻰ ﻟﻐﺎت ﺑﺄﺑﺠﺪﯾﺔ ﻣﺒﺘﺪﻋﺔ ﺑﻤﺰﯾﺞ ﻏﺮﯾﺐ ﺗﻘﺘﺤﻢ
ﻓﯿﮫ ﻟﻐﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤِﺮ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺔ ﻟﻠﻘﺮآن اﻟﻜﺮﯾﻢ
.
ﻟﻜﻦ ﻧﺪﯾﻢ اﻟﺒﯿﻄﺎر ،اﻟﻤﺘﺤﺪر ﻣﻦ ﻋﻜﺎر ﻓﻲ ﺷﻤﺎل ﻟﺒﻨﺎن،
ﻷﺳﺮة ﻣﺴﯿﺤﯿﺔ اﻟﺪﯾﻦ ﻋﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﻨﺒﺖ ،واﻟﺬي ھﺎﺟﺮ ﻣﺒﻜﺮاً
ﺛﻢ اﺳﺘﻘﺮ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ أﻧﺤﺎء أﻣﯿﺮﻛﺎ اﻟﺸﻤﺎﻟﯿﺔ ،ﻃﺎﻟﺒﺎً ﺛﻢ
ﻣﺪرّﺳﺎً ﻓﻲ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺟﺎﻣﻌﺔ ،ﻛﺎن ﯾﻜﺘﺸﻒ ﻋﺒﺮ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﮫ ،
ﻛﻤﺎ ﻋﺒﺮ دراﺳﺎﺗﮫ ﺛﻢ ﻗﺮاءاﺗﮫ ،ﻣﺎ ﯾﺜﺒﺖ ﯾﻘﯿﻨﮫ ﻓﻲ وﺣﺪة
اﻷﻣﺔ .
رﺑﻤﺎ ﻷن وﻋﻲ ﻧﺪﯾﻢ اﻟﺒﯿﻄﺎر ﻗﺪ ﺗﻔﺘّﺢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ
اﻟﻨﺎﺻﺮﯾﺔ اﻟﺘﻲ ﺳﺮّﻋﺖ ﻓﻲ إﻧﮭﺎء اﻟﻌﺼﺮ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎري ..أو
رﺑﻤﺎ ﻷﻧﮭﺎ ﺑﻠﻮرت اﻟﻮﻋﻲ اﻟﻘﻮﻣﻲ وأﻛﺪت ﻟﮫ ﺻﺤﺔ
ﻣﻨﻄﻠﻘﺎﺗﮫ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ وھﻮ ﯾﺮى اﻷﻣﺔ ﺗﺴﺘﻔﯿﻖ إﻟﻰ ﺣﻘﺎﺋﻘﮭﺎ
اﻷﺻﻠﯿﺔ ﻋﺒﺮ وﺣﺪة اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ووﺣﺪة اﻟﻄﻤﻮﺣﺎت ،ﺑﻌﺪﻣﺎ
وﺟﺪت اﻟﻘﯿﺎدة اﻟﻤﺆھﻠﺔ واﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺠﺴﯿﺪ أﺣﻼﻣﮭﺎ ﻓﻲ
وﻗﺎﺋﻊ ﻣﺎدﯾﺔ ﺻﻠﺒﺔ ،أﺑﺴﻂ ﻣﻈﺎھﺮھﺎ اﻧﺪﻓﺎع اﻟﻤﻼﯾﯿﻦ إﻟﻰ
اﻟﺸﻮارع ﻣﺮددة اﻟﮭﺘﺎﻓﺎت ذاﺗﮭﺎ راﻓﻌﺔ رؤوﺳﮭﺎ ﺑﺎﻟﻌـﺰة
ﺑﻌﺪﻣﺎ اﻣﺘﻸت اﻟﺼﺪور ﺑﺰﺧﻢ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺠﺎز ..
ﻣﻦ ﻣﻮاﺟﮭﺔ اﻟﻌﺪوان اﻟﺜﻼﺛﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ، 1956إﻟﻰ
اﻻﻧﺪﻓﺎع ﻧﺤﻮ وﺣﺪة اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺎﻧﺪﻣﺎج ﺳﻮرﯾﺎ وﻣﺼﺮ ﻓﻲ
اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺗﺤﺖ ﻗﯿﺎدة ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ،
ﻓﺈﻟﻰ ﺛﻮرة 14ﺗﻤﻮز ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ،ﻓﺈﻟﻰ ﺳﻘﻮط ﺣﻠﻒ ﺑﻐﺪاد ،
ﻓﺈﻟﻰ اﻧﺘﺼﺎر اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺿﺪ ﻛﻤﯿﻞ ﺷﻤﻌﻮن واﻧﺪﻓﺎﻋﮫ ﻧﺤﻮ
اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﺎﻟﻤﺸﺎرﯾﻊ اﻟﻤﺠﺪدة ﻟﻼﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻘﺪﯾﻢ ﺗﺤﺖ اﻟﺮاﯾﺔ
اﻷﻣﯿﺮﻛﯿﺔ :ﻛﺎن ﻧﺪﯾﻢ اﻟﺒﯿﻄﺎر ﯾﻤﺘﻠﺊ إﯾﻤﺎﻧﺎً ﺑﺴﻼﻣﺔ ﺗﻔﻜﯿﺮه
وﺻﺤﺔ اﺳﺘـﻨﺘـﺎﺟﺎﺗـﮫ ...إن اﻷﻣﺔ واﺣﺪة ﺑﺘﺎرﯾﺨﮭﺎ وﺛﻘﺎﻓـﺘﮭﺎ
وﻣﻌـﺘـﻘﺪاﺗﮭﺎ اﻟﺪﯾـﻨـﯿﺔ ﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﻠﻢ واﻟﻤﺴﯿﺤﻲ ﻣﺘﻰ
اﺗﺼﻞ اﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﮭﻮﯾﺔ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ ،وﻻ ﻓﺮق ﺑﯿﻦ ﻣﺸﺮﻗﻲ
وﻣﻐﺮﺑﻲ إﻻ ﺑﻤﻘﺪار ﻣﺎ ﯾﻨﺘﺸﺮ اﻟﻮﻋﻲ ﺑﻮﺣﺪة اﻷھﺪاف
واﻟﻄﻤﻮح إﻟﻰ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ أﻓﻀﻞ ﺑﺎﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر،
ﺳﯿﺎﺳﯿﺎً وﺛﻘﺎﻓﯿﺎً واﻗﺘﺼﺎدﯾﺎً ،واﺳﺘﻌﺎدة اﻟﺮوح واﻟﮭﻮﯾﺔ
وﺗﺄﻛﯿﺪ اﻟﻘﺪرة ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺠﺎز ..وﺣﯿﻦ اﻧﺘﺼﺮت اﻻﻧﻔﺼﺎﻟﯿﺔ
اﻹﻗﻠﯿﻤﯿﺔ ﻓﺄﺳﻘﻄﺖ دوﻟﺔ اﻟﻮﺣﺪة ) اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
اﻟﻤﺘﺤﺪة ( ﻛﺎن ﻟﻨﺪﯾﻢ اﻟﺒﯿﻄﺎر ﻣﻮﻗﻒ ﻣﺤﺪد :ﻛﺎن ﻋﻠﻰ
ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ أن ﯾﻘﺎﺗﻞ ﻻﺳﺘﻨﻘﺎذ اﻟﻮﺣﺪة ،واﻓﺘﺮض
أﻧﮫ ﻟﻮ ﺟﺎء إﻟﻰ ﺣﻠﺐ اﻟﺘﻲ ﻗﺎوﻣﺖ اﻻﻧﻔﺼﺎﻟﯿﯿﻦ ﻟﻜﺎن
اﻟﺴﻮرﯾﻮن ﻗﺪ اﻟﺘﻔﻮا ﺣﻮﻟﮫ واﺳﺘﻨﻘﺬوا اﻟﻮﺣﺪة ودوﻟﺘﮭﺎ .
اﻟﻮﺣﺪة ،ﺛﻢ اﻟﻮﺣﺪة ،ﺛﻢ اﻟﻮﺣﺪة ...ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﺣﺪة ﻓﻲ رأﯾﮫ
ﺷﺮﻃﺎً ﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﺣﻀﻮر اﻷﻣﺔ ،وﻟﺼﯿﺎﻧﺔ وﺟﺪاﻧﮭﺎ ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ
ﻓﮭﻲ ﺗﺴﺘﺤﻖ أن ﻧﻘﺎﺗﻞ ﻣﻦ أﺟﻠﮭﺎ ودﻓﺎﻋ ًﺎ ﻋﻨﮭﺎ.
ﻟﯿﺴﺖ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ أن ﻧﺼﻒ ﻧﺪﯾﻢ اﻟﺒﯿﻄﺎر ﺑﺎﻟﻔﺎرس ،ﺑﻞ ھﻮ
ﻃﻠﯿﻌﺔ ﻣﻘﺎﺗﻠﺔ ﺑﻔﻜﺮه وﻗﻠﻤﮫ ﻟﺘﺄﻛﯿﺪ وﺣﺪة اﻷﻣﺔ ﺑﺴﻼح
اﻟﻔﻜﺮ .وﻟﻘﺪ ﻛﺘﺐ ﻛﺜﯿﺮاً :دراﺳﺎت وأﺑﺤﺎﺛﺎً ﺟﺪﯾﺔ وﺑﺮوح
ﻋﻠﻤﯿﺔ ،وﺑﺈﯾﻤﺎن ﻋﻤﯿﻖ ﻻ ﯾﺘﺴﺮّب إﻟﯿﮫ اﻟﺸﻚ .
ﻧﺸﺮ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻤﺠﺎﻻت اﻟﻤﺘﺨﺼﺼﺔ ،ﺛﻢ وﺳّﻊ ﻧﻈﺮﯾﺘﮫ
ﺑﻤﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ واﻟﻤﻘﺎرﻧﺎت ﻣﻊ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻣﻢ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ
ﺗﻔﺘﻘﺪ وﺣﺪﺗﮭﺎ ﻧﺘﯿﺠﺔ ﻇﺮوف ﺿﺎﻏﻄﺔ ﺧﺎرﺟﯿﺔ واﻧﻘﺴﺎﻣﺎت
داﺧﻠﯿﺔ ﻟﺒﻌﻀﮭﺎ ﺟﺬور دﯾﻨﯿﺔ أو ﻃﺎﺋﻔﯿﺔ وُﻇّﻔﺖ ﻓﻲ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ
.وﻛﺄي ﻣﻨﺎﺿﻞ ﻣﺆﻣﻦ ،ﻣﺨﻠﺺ ﻟﻘﻀﯿﺘﮫ ،ﻓﻘﺪ ﻗﺎﺗﻞ اﻟﯿﺄس
ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻗﺎﺗﻞ ﺿﻐﻮط اﻷﻣﺮ اﻟﻮاﻗﻊ ..ﺛﻢ ارﺗﻔﻊ ﻣﻦ اﻟﺮھﺎن
ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎدة واﻷﺣﺰاب اﻟﺘﻲ أﺧﺬﺗﮭﺎ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﻌﯿﺪاً ﻋﻦ
ﺷﻌﺎراﺗﮭﺎ واﻧﺘﮭﻰ ﻣﻨﺎﺿﻠﻮھﺎ ﻃﻼّب ﺣﻜﻢ وﻟﻮ ﻋﺒﺮ
اﻟﺘﻀﺤﯿﺔ ﺑﺎﻟﻘﻀﯿﺔ ،إﻟﻰ اﻟﺮھﺎن ﻋﻠﻰ وﻻدة ﺣﺮﻛﺔ ﻗﻮﻣﯿﺔ
ﺟﺪﯾﺪة ﺗﺴﺘﻮﻋﺐ ﺷﺮوط اﻟﻨﺠﺎح ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ.
ﻟﻘﺪ ﻋﺎش ﻣﺆﻣﻨﺎً ﺑﻘﻀﯿﺘﮫ ،ﻣﻄﮭﺮاً ﻣﻦ ﺷﺒﮭﺔ اﻟﻐﺮض،
ﻣﺘﺠﺎوزاً ﺣﺪود اﻟﻄﻮاﺋﻒ أو اﻟﺘﻄﻠّﻊ إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ أو إﻟﻰ
اﻟﺸﮭﺮة .
راھﺐ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌـﺮﺑﯿﺔ وﻗﺪّﯾﺲ اﻷﻣﺔ اﻟﻌـﺮﺑﯿﺔ ﻋﺎش إﯾﻤﺎﻧﮫ
ﺣﺘﻰ ﯾﻮﻣﮫ اﻷﺧﯿـﺮ ..
إن اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻗﺪ أﺛﺒﺘﺖ أن ﻻ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﻠﻌﻤﻼء ،وﻛﻠﻨﺎ ﻗﺪ رأﯾﻨﺎ ﻣﺎ ھﻮ ﻣﺼﯿﺮ اﻟﻌﻤﻼء ،وﻣﺎ ھﻮ ﻣﺼﯿﺮ أﻋﻮان اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر .
ﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﻌﻤﻼء أن ﯾﺤﯿﻮا إﻻ ﻓﻰ ﻇﻞ ﻣﺪاﻓﻊ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ،وﻣﺪاﻓﻊ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ﻋﺠﺰت داﺋﻤﺎً -أﯾﮭﺎ اﻹﺧﻮة -ﻋﻦ ﺣﻤﺎﯾﺔ
اﻟﻌﻤﻼء ،ﺑﻞ إﻧﮭﺎ ﻋﺠﺰت ﻓﻰ أوﻗﺎت ﻛﺜﯿﺮة ﻋﻦ أن ﺗﺤﻤﻰ ﻧﻔﺴﮭﺎ ...
Documents récents du même auteur
خيول الظلام 21 novembre 2018
الخطاب العربي المعاصر 1er avril 2018
الفتنة ـ هشام جعيط 1er avril 2018
جمال عبد الناصر دراسة في اقواله 31 juillet 2017
الاسلام بين العروبة والقومية 31 juillet 2017
مشروع دراسة عن دولة العرب 26 juillet 2017
الاصل في حرية التعبير 9 juillet 2017
من أجل النصر .. دروس من الهزيمة 3 juin 2017
الصهيونية في العقل العربي 3 juin 2017
المحدّدات الموضوعية لدور مصر 2 juin 2017
المحددات الموضوعية لدور مصر 1er juin 2017
يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو 21 avril 2017
الحياد المستحيل 1er avril 2017
الحقيقة الوحيدة في حرب الخليج 31 mars 2017
اعلان الحرب العالمية الثالثة 22 mars 2017
مقياس الخطر من الوجود الاجنبي 22 mars 2017
الديمقراطية والوحدة العربية 19 mars 2017
الارادة الوطنية 12 mars 2017
الصعـــــود الــــــى القمة 12 mars 2017
أرض الوطن بين الحرب والسلام 15 février 2017