القدس العدد 164 PDF
À propos / Télécharger Lire le document
Nom original: القدس العدد 164.pdf
Ce fichier au format PDF 1.5 a été envoyé sur Fichier-PDF le 01/03/2015 à 23:59, depuis l'adresse IP 41.226.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 634 fois.
Taille du document: 1.6 Mo (12 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺑﯿﻦ دﻋﺎﺗﮭﺎ وأﻋﺪاﺋﮭﺎ . (1) ..
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺎ ﻓﻲ 22ﺷﺒﺎط 1958
ﻣﺠﺮّد ﻟﺤﻈﺔ ﺗﺎرﯾﺨﯿﺔ ﻋﺎﺑﺮة ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻌﺮب ،أو ردّة ﻓﻌﻞ
اﻧﻔﻌﺎﻟﯿﺔ ﻋﻠﻰ أﺣﺪاث ﻋﺎرﺿﺔ ﻋﺎﺷﺘﮭﺎ اﻷﻣﺔ ..وﻻ ھﻲ ﻣﺠﺮّد
ﺻﺪﻓﺔ ﻣﺠﮭﻮﻟﺔ ﺳﺎﻗﺘﮭﺎ اﻷﻗﺪار دون ﺳﺎﺑﻖ اﻋﻼم ..ﺑﻞ ھﻲ ﻓﻲ
واﻗﻊ اﻷﻣﺮ وﻟﯿﺪة واﻗﻊ ﺗﺎرﯾﺨﻲ ﻋﺎﺷﺘﮫ اﻻﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى
ﻗﺮون ﻣﺘﻌﺎﻗﺒﺔ ،وﻟّﺪ ﺣﺎﺟﺔ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ اﻟﻰ اﻟﻮﺣﺪة ﻛﺄﺳﻠﻮب وﺣﯿﺪ
ﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ اﻟﺘﺤﺪﯾﺎت واﻻﺧﻄﺎر اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪاھﻢ اﻷﻣﺔ ﻣﻨﺬ ﻧﮭﺎﯾﺔ
اﻻﻟﻔﯿﺔ اﻷوﻟﻰ ..ﺛﻢ اﺳﺘﻤﺮّت ﺑﺄﺷﻜﺎل ﻣﺘﻌﺪّدة ،وﻟﻢ ﺗﻨﻘﻄﻊ اﻟﻰ
ﺣﺪود ﺗﻠﻚ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ اﻟﻔﺎﺻﻠﺔ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ..
ﻛﻤﺎ وﻟـّـﺪت اﻟﺘﺠﺎرب واﻟﻤﻌﺎﻧﺎة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ اﻟﺘﻲ ﻋﺎﺷﺘﮭﺎ
اﻻﻣﺔ وھﻲ ﺗﻘﺎوم دﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ وﺟﻮدھﺎ ،ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻋﻤﯿﻘﺔ ﺑﻮﺣﺪة
اﻟﮭﺪف واﻟﻤﺼﯿﺮ اﻟﻤﺸﺘﺮك ..وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﯿﺮ اﻟﻰ اﻟﻮﺣﺪة ﻋﻠﻰ ﻣﺮ
اﻟﻌﺼﻮر ﻛﻠﻤﺎ داھﻤﺘﮭﺎ اﻷﺧﻄﺎر ،اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺴﺘﻄﻊ أن ﺗﺮدّھﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ
ﻣﺮّة اﻻ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﺗﻜﻮن ﻗﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻓﺮض اﻟﻮﺣﺪة وﻟﻮ ﺟﺰﺋﯿﺎ ﺑﯿﻦ
ﺑﻌﺾ اﻗﻄﺎرھﺎ ..وﻗﺪ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻲ أﻋﻠﺐ اﻷﺣﯿﺎن وﺣﺪة ﻣﺼﺮ
وﺳﻮرﯾﺎ ﻣﺤﻮرا رﺋﯿﺴﯿﺎ ﻟﮭﺎ ..
ﻏﯿﺮ ان ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﺘﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﻌﻨﻲ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﻨﻔﻂ واﻟﺜﺮوات
اﻟﻄﺎﺋﻠﺔ ،ﺳﺤﺐ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻻﻣﺘﯿﺎزات ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻌﺎﺋﻼت اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ
ﻓﻲ ﻛﻞ اﻷﻗﻄﺎر اﻟﻐـﻨﯿﺔ ﺑﻌﺪ أن ﺻﺎرت ﺗﺴﺘﺤﻮذ ﻋﻠﻰ اﻟﺜﺮوة
واﻟﺴﻠﻄﺔ ،ﻓﻜﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻘﻮى أن ﺗﻜﻮن ﻣﻦ أﻟﺪّ أﻋﺪاﺋﮭﺎ ..ﻛﻤﺎ
ﻛﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻟﮭﺎ ان ﺗﺴﺘﻘﻮي ﺑﺎﻷﺟﻨﺒﻲ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻣﺘﯿﺎزاﺗﮭﺎ ،وھﻮ
ﻣﺎ ﯾﺴﺘﻮﺟﺐ اﻗﺘﺴﺎم اﻟﺜﻮرة ﻣﻊ ﻣﻦ ﯾﺤﻤﯿﮭﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ ،وﻣﻮاﺟﮭﺔ
ﻛﻞ ﻣﻦ ﯾﺪﻋﻮ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﻔﻜﺮة ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ...
وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﻤﺴﺘﻔﯿﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺠﺰﺋﺔ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﺧﻼل اﻟﻨﺼﻒ
اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ،أﻃﺮاف ﻣﺘﻌﺪّدة أھﻤﮭﺎ اﻟﺪول اﻟﻨﻔﻄﯿﺔ
واﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ واﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﯿﺔ اﻟﻨﺎﺷﺌﺔ ..وﻛﺎن ﺟﻤﺎل
ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ وﺟﻤﮭﻮرﯾﺔ ﻣﺼﺮ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ ﻃﻠﯿﻌﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﺪاﻋﯿﺔ
اﻟﻰ اﻟﻮﺣﺪة ﻛﺸﺮط أﺳﺎﺳﻲ ﻟﺒﻨﺎء ﻧﮭﻀﺔ ﻋﺮﺑﯿﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ..وھﻜﺬا
ﻛﺎن اﻟﺘﻨﺎﻓﺲ واﻟﺼﺮاع ﻋﻠﻰ أﺷﺪه ﺑﯿﻦ ﻣﻦ ﯾﺪﻋﻮ ﻟﮭﺎ وﯾﻌـﻤﻞ ﻋﻠﻰ
ﺗﺤﻘﯿﻘﮭﺎ ﺑﻜﻞ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺸﺮﯾﻔﺔ اﻟﻤﻤﻜﻨﺔ ،وﺑﯿﻦ ﻣﻦ ﯾﻌﺎرﺿﮭﺎ
وﯾﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ إﻓﺸﺎﻟﮭﺎ ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﯾﮫ ﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ ﻏﯿﺮ ﺷﺮﯾﻔﺔ ..ﻓﻜﺎﻧﺖ
اﻟﻐﻠﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ﻷﻋﺪاء اﻟﻤﺸﺮوع اﻟﻮﺣﺪوي اﻟﺬﯾﻦ ﻟﻢ ﯾﺮﺿﮭﻢ
اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﺣﺪ اﻻﻧﻔﺼﺎل ،ﺑﻞ اﺳﺘﻤﺮ ﻋﻤﻠﮭﻢ اﻟﺘﺨﺮﯾﺒﻲ داﺧﻞ
اﻷﻣﺔ ﺣﺘﻰ أوﺻﻠﻮھﺎ ﻟﻤﺎ ھﻲ ﻋﻠﯿﮫ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺮاھﻦ ﻣﻦ ﻓﺮﻗﺔ
وﺻﺮاﻋﺎت ﻃﺎﺋﻔﯿﺔ وﺗﻔﻜّـﻚ ..ﯾﺤﻮل دون إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻟﺴﻌﻲ ﻻﻧﺠﺎز
أي ﻋﻤﻞ وﺣﺪوي ﻣﻦ ﺟﺪﯾﺪ ...
* اﺟﻠﺲ ﺣﯿﺚ ﯾُﺆْﺧَﺬُ ﺑﯿﺪك وَﺗُﺒَﺮُّ وﻻ ﺗﺠﻠﺲ ﺣﯿﺚ ﯾﺆﺧﺬ
ﺑﺮﺟﻠﻚ وﺗُﺠَﺮُّ
* اﻹﻧﺴﺎن ﻣﺨﯿﺮ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﻌﻠﻢ ،ﻣﺴﯿّﺮ ﻓﯿﻤﺎ ﻻ ﯾﻌﻠﻢ ،ﻓﮭﻮ
ﯾﺰداد ﺣﺮﯾﺔ ﻛﻠﻤﺎ ازداد ﻋﻠﻤﺎً ..
ﺗﻘﺪوا
ﺗﻘﺪﻣﻮا
ﺣﺮاﻣﻜﻢ ﻣﺤﻠﻞ
ﺣﻼﻟﻜﻢ ﻣﺤﺮم
ﺗﻘﺪﻣﻮا ﺑﺸﮭﻮة اﻟﻘﺘﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺘﻠﻜﻢ
وﺻﻮّﺑﻮا ﺑﺪﻗﺔ ﻻ ﺗﺮﺣﻤﻮا
وﺳﺪّدوا ﻟﻠﺮّﺣﻢ
ان ﻧﻄﻔﺔ ﻣﻦ دﻣﻨﺎ ﺗﻀﻄﺮم
ﺗﻘﺪﻣﻮا ﻛﯿﻒ اﺷﺘﮭﯿﺘﻢ
واﻗﺘﻠﻮا
ﻗﺎﺗﻠﻜﻢ ﻣﺒﺮّأ
ﻗﺘﯿﻠﻨﺎ ﻣﺘﮭﻢ
وﻟﻢ ﯾﺰل رب اﻟﺠﻨﻮد ﻗﺎﺋﻤﺎ وﺳﺎھﺮا
وﻟﻢ ﯾﺰل ﻗﺎﺿﻲ اﻟﻘﻀﺎة اﻟﻤﺠﺮم
) ﺳﻤﯿﺢ اﻟﻘﺎﺳﻢ (
اﻻم ﻻﺑﻨﮭﺎ اﻟﻤﺠﻨﻮن :ھﯿﺎ ﯾﺎوﻟﺪي ﻧﻌﻮد اﻟﻰ اﻟﻤﻨﺰل ..
اﻻﺑﻦ :ﻻ ﯾﺎ أﻣﻲ ،اﻟﻨﺎس ھﻨﺎك ﯾﺴﺨﺮون ﻣﻨﻲ !! ..
اﻷم :ﻻ ﻋﻠﯿﻚ ،رﺑﻤﺎ ﺗﺮاھﻢ ﯾﻀﺤﻜﻮن ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻷول ،وﻟﻜﻦ ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺜﺎﻧﻲ ﺳﯿﻨﻘﺺ اھﺘﻤﺎﻣﮭﻢ ،وﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ
ﺳﯿﺘﻌﻮّدون وﯾﻨﺘﮭﻲ ﻛﻞ ﺷﺊ ..
اﻻﺑﻦ :ﺣﺴﻨﺎ ،ﻧﻌﻮد ﻓﻲ اﻟﯿﻮم اﻟﺜﺎﻟﺚ اذن !! ..
اﻟﯿﻮم - 22ﻓﺒﺮاﯾﺮ -ﺗﻄﻞ ﻋﻠﯿﻨﺎ اﻟﺬﻛﺮى اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ
واﻟﺨﻤﺴﻮن ﻹﻋﻼن اﻟﻮﺣﺪة وﻗﯿﺎم اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
اﻟﻤﺘﺤﺪة ..ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﺘﻰ ﻟﻢ ﺗﺪم إﻻ ﻟﺜﻼﺛﺔ أﻋﻮام
وﻧﺼﻒ اﻟﻌﺎم ) ﻣﻦ 22ﻓﺒﺮاﯾﺮ 1958وﺣﺘﻰ 28
ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ .. (1961ﻓﻤﺎ اﻟﺬى ﺑﺎﻟﻀﺒﻂ ﺟﺮى ؟ ﻛﯿﻒ وﻟﺪت
اﻟﻔﻜﺮة ..وﻣﺘﻰ ؟ ﻣﺎ اﻟﺨﻄﻮات اﻟﺘﻨﻔﯿﺬﯾﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﻢ اﺗﺨﺎذھﺎ
؟ ﻛﯿﻒ ﻛﺎﻧﺖ ردود اﻟﻔﻌﻞ ،ﺳﻮاء ﺑﯿﻦ اﻷﻃﺮاف اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،أو ﻓﻰ اﻟﻐﺮب ،وﻓﻰ اﻟﻮﻻﯾﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺗﺤﺪﯾﺪا
؟ ﻣﺎ ﺗﺄﺛﯿﺮ اﻷزﻣﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿﺔ ﺣﯿﻨﺌﺬ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺣﺪة ؟ وﻣﺎ
ﺣﻜﺎﯾﺔ اﻷزﻣﺔ ﺑﯿﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ وﺧﺮوﺷﻮف ؟ ..ﺛﻢ ﻣﺎ
ﺗﺄﺛﯿﺮ اﻷزﻣﺎت اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻟﺪوﻟﯿﺔ ﻋﻠﻰ دوﻟﺔ اﻟﻮﺣﺪة ؛
ﻛﺄزﻣﺎت اﻟﻜﻮﻧﻐﻮ ،وﻛﻮﺑﺎ ،واﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ،وأزﻣﺔ
ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻌﺮاق ﺿﻢ اﻟﻜﻮﯾﺖ ..وأﺧﯿﺮا ..ﻛﯿﻒ ﺗﻢ اﻻﻧﻔﺼﺎل
؟ .ﺗﻠﻚ وﻏﯿﺮھﺎ ..أﺳﺌﻠﺔ ﺗﺠﯿﺐ ﻋﻨﮭﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ھﺪى ﻋﺒﺪ
اﻟﻨﺎﺻﺮ أﺳﺘﺎذة اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ،ﻣﻦ ﺧﻼل ﻏﻮص ﻓﻰ
اﻟﻮﺛﺎﺋﻖ .وﻗﺪ أرﺳﻠﺖ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ھﺪى ﻗﺮاءﺗﮭﺎ ﻟﺘﺠﺮﺑﺔ
اﻟﻮﺣﺪة إﻟﻰ » اﻷھﺮام « ..وھﺎ ﻧﺤﻦ ﻧﻘﺪم ﻓﻰ ھﺬا اﻟﻤﻠﻒ
ﺗﻠﺨﯿﺼﺎ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺮؤﯾﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﻘﻊ ﻓﻰ ﺧﻤﺴﺔ ﻓﺼﻮل ،واﻟﺘﻰ
اﻋﺘﻤﺪت ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ھﺪى ﻋﻠﻰ ﺧﻄﺐ اﻟﺰﻋﯿﻢ ﺟﻤﺎل
ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﻰ ھﺬه اﻟﻔﺘﺮة ،واﻟﺨﻄﺎﺑﺎت اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ ﺑﯿﻨﮫ
وﺑﯿﻦ زﻋﻤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻗﺎدﺗﮫ .وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻰ ﺗﻠﻘﺎھﺎ
وأرﺳﻠﮭﺎ اﻟﺮﺋﯿﺲ ،وﻣﺤﺎﺿﺮ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء
اﻟﻤﺼﺮى ..وﻏﯿﺮھﺎ ..ﻓﮭﯿّﺎ إﻟﻰ اﻟﻤﻠﻒ :
اﻟﺴﻮرﯾﻮن ﻃﻠﺒﻮھﺎ ..وﻧﺎﺻﺮ اﺳﺘﺠﺎب ..
ﻓﻰ اﻟﻔﺼﻞ اﻷول ﻣﻦ أوراق اﻟﺪﻛﺘﻮرة ھﺪى ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ،
واﻟﺬى ﺣﻤﻞ ﻋﻨﻮان » ﻗﯿﺎم اﻟﻮﺣﺪة وﺗﺪاﻋﯿﺎﺗﮭﺎ « ،
ﺗﺴﺘﻌﺮض اﺟﺘﻤﺎع ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء اﻟﻤﺼﺮى ،اﻟﺬى رأﺳﮫ
ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﯾﻮم 19أﻛﺘﻮﺑﺮ ، 1961أى ﺑﻌﺪ اﻻﻧﻔﺼﺎل
ﺑﻌﺸﺮﯾﻦ ﯾﻮﻣﺎ ،وﺷﺮح ﻧﺎﺻﺮ ﻓﯿﮫ ﻛﯿﻒ ﻛﺎﻧﺖ ﺑﺸﺎﺋﺮ
اﻟﻮﺣﺪة .
ﻗﺎل ﻧﺎﺻﺮ إﻧﮫ ﻓﻮﺟﻰء -ﻓﻰ 14ﯾﻨﺎﯾﺮ ) 1958وﻛﺎن
آﻧﺬاك ﻓﻰ اﻷﻗﺼﺮ ﺑﺮﻓﻘﺔ رﺋﯿﺲ أﻧﺪوﻧﯿﺴﯿﺎ أﺣﻤﺪ
ﺳﻮﻛﺎرﻧﻮ( ﺑﻮﺻﻮل ﻃﺎﺋﺮة ﺳﻮرﯾﺔ إﻟﻰ ﻣﻄﺎر اﻟﻘﺎھﺮة
وﻋﻠﻰ ﻣﺘﻨﮭﺎ 20ﺿﺎﺑﻄﺎ ﺳﻮرﯾﺎ .وﻗﺪ اﻟﺘﻘﻰ اﻟﻀﺒﺎط
ﺑﺎﻟﻤﺸﯿﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﺤﻜﯿﻢ ﻋﺎﻣﺮ ،وأﺧﻄﺮوه ﺑﺄن ﺳﻮرﯾﺎ ﻓﻰ
ﺧﻄﺮ ،وﺗﻘﺎﺑﻠﮭﺎ ﻛﺎرﺛﺔ ،وھﻨﺎك ﻣﺨﺎوف ﻣﻦ أن ﯾﻨﻘﺾ
اﻟﺸﯿﻮﻋﯿﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻢ ﻓﻰ دﻣﺸﻖ ..ورأوا أن اﻟﺤﻞ ھﻮ
إﺗﻤﺎم اﻟﻮﺣﺪة ﻣﻊ ﻣﺼﺮ .
وﻓﻰ اﻟﯿﻮم اﻟﺘﺎﻟﻰ ﻗﺎﺑﻠﮭﻢ ﻧﺎﺻﺮ .ورﻏﻢ أﻧﮫ أﺑﻠﻐﮭﻢ ﺑﺄﻧﮫ ﻟﻦ
ﯾﻘﺒﻞ إﻗﺎﻣﺔ وﺣﺪة ﺑﮭﺬه اﻟﺴﺮﻋﺔ ﻷن اﻟﻮﺣﺪة ﯾﺠﺐ أﻻ
ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻋﺎﻃﻔﻰ ،وأﻧﮭﺎ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ 5ﺳﻨﻮات ،
إﻻ أﻧﮭﻢ أﺻﺮوا وﻗﺎﻟﻮا ﻟﮫ إن ﺳﻮرﯾﺎ ﺳﺘﻀﯿﻊ ،ﻓﮭﻞ
ﺳﻮرﯾﺎ ﻻ ﺗﮭﻤّـﻚ ؟ ..وﺑﻌﺪھﺎ ﺑﻌﺸﺮة أﯾﺎم ﺣﻀﺮ اﻟﺮﺋﯿﺲ
اﻟﺴﻮرى ﺷﻜﺮى اﻟﻘﻮﺗﻠﻰ ﻓﻰ 26ﯾﻨﺎﯾﺮ ،وﺗﻢ اﻟﺘﻮﻗﯿﻊ ﻋﻠﻰ
ﻃﻠﺐ اﻟﻮﺣﺪة ﺑﯿﻦ اﻟﺮﺋﯿﺴﯿﻦ ..ﺛﻢ أﻋﻠﻨﺖ اﻟﻮﺣﺪة رﺳﻤﯿﺎ
ﻓﻰ ﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﯿﻮم ﻗﺒﻞ 57ﺳﻨﺔ .
اﻟﺴﻮرﯾﻮن ﻃﻠﺒﻮھﺎ ..وﻧﺎﺻﺮ اﺳﺘﺠﺎب ..
وﻣﻦ ھﺬا اﻟﻌﺮض ﻟﻜﻼم ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ..ﯾﺘﻀﺢ ﻟﻨﺎ أن ﻋﺒﺪ
اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻛﺎن ﯾﺮى ﺿﺮورة اﻟﺘﺮوى واﻟﺘﺪرج ﻹﺗﻤﺎم اﻟﻮﺣﺪة
..إﻻ أن اﻟﺴﻮرﯾﯿﻦ ھﻢ اﻟﺬﯾﻦ دﻓﻌﻮه دﻓﻌﺎ إﻟﯿﮭﺎ .ﻓﻠـﻨـﻘـﺮأ
ﻣﻌﺎ ﻣﺎ ﻗﺎﻟﮫ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﻰ اﺟﺘﻤﺎع ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء ..
ﻗﺎل » :اﻟﺠﯿﺶ واﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﯾﻄﻠﺒﺎن اﻟﻮﺣﺪة ،وﻧﺤﻦ ﻓﻰ
ﻣﺼﺮ ﺗﺰﻋﻤﻨﺎ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻧﻄﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﻮﺣﺪة
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺛﻢ ﻧﺮﻓﻀﮭﺎ ﺣﯿﻦ ﺗﻌﺮض ﻋﻠﯿﻨﺎ ؟ إن ﺣﺠﺔ ھﺆﻻء
ﻓﻰ ﻃﻠﺐ اﻟﻮﺣﺪة أﻧﮭﺎ إذا ﻟﻢ ﺗﺘﻢ ﻓﺴﻮف ﺗﻀﯿﻊ ﺳﻮرﯾﺎ« .
وﺗﺄﺧﺬﻧﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ھﺪى ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ إﻟﻰ ﻋﻨﻮان
ﻓﺮﻋﻰ ﯾﻘﻮل » :ﺑﺪأت اﻟﻮﺣﺪة ..وﻇﮭﺮ اﻟﺘﺂﻣﺮ «..ﻓﺘﻘﻮل
إن اﻟﻮﺣﺪة ﻓﺮﺿﺖ ﻣﻦ اﻟﺠﯿﺶ اﻟﺴﻮرى ..وﻗﺪ ﺑﺪأت
اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻤﻮﺟﻮدة -اﻟﺘﻰ ﻃﻠﺒﺖ اﻟﻮﺣﺪة -ﻛﻞ ﻣﻨﮭﺎ ﯾﺮﯾﺪ
اﺳﺘﺨﺪام اﻟﻮﺣﺪة ﻟﺘﺤﻘﯿﻖ ھﺪﻓﮫ ؛ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﯿﻮن واﻟﺒﻌﺜﯿﻮن
ورﺟﺎل اﻟﺠﯿﺶ ..إﻻ أن اﻟﺮﺋﯿﺲ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ رﻓﺾ أن
ﺗﻜﻮن اﻟﻮﺣﺪة ﻣﻄﻤﻌﺎ أو ﻣﻐﻨﻤﺎ ﻷى ﻛﺎن ؛ ﻓﻤﺼﺮ ﻟﮭﺎ
ﻣﺒﺎدىء ﺗﺴﯿﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ.
ﻟﻘﺪ اﻧﻜﺸﻔﺖ إذن اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﻤﻀﺎدة ﻟﻠﻮﺣﺪة ..وھﻰ :
/ 1اﻟﺪول اﻟﻐﺮﺑﯿﺔ اﻟﺘﻰ أﻗﺎﻣﺖ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﮭﺎﺷﻤﻰ ﺑﯿﻦ
اﻟﻌﺮاق واﻷردن ﻓﻰ ﻓﺒﺮاﯾﺮ 58ﻟﻠﻮﻗﻮف ﻓﻰ وﺟﮫ اﻻﺗﺤﺎد
اﻟﻤﺼﺮى اﻟﺴﻮرى .
/ 2اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻓﻰ ﺳﻮرﯾﺎ ﻛﺎﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﯿﺔ واﻷﻗﻠﯿﺎت
؛ ﻛﺎﻟﺘﺮﻛﻤﺎن واﻷﻛﺮاد وﻏﯿﺮھﻢ .
/ 3اﻟﻤﻌﺴﻜﺮ اﻟﺸﺮﻗﻰ واﻟﺸﯿﻮﻋﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ .
/ 4اﻟﺮﺟﻌـﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ .
ﺛﻢ ﺣﺎوﻟﺖ واﺷﻨﻄﻦ اﺳﺘﻤﺎﻟﺔ ﻧﺎﺻﺮ !..
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻤﻮﻗﻒ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻰ ،ﻓﺈﻧﮫ ﻛﺎن ﻣﻦ اﻟﻄﺒﯿﻌﻰ
أن ﺗﻌﺎدى إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﻣﺸﺮوع اﻟﻮﺣﺪة ﺑﯿﻦ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺎ .
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﺗﻌﻠﻢ -ﺑﻜﻼم ﻗﺎدﺗﮭﺎ -أن وﺣﺪة اﻟﻌﺮب
ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ أن ﺗﻤﻜﻨﮭﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺼﺪى ﻟﮭﺎ ؛ وﻗﺎل ﺑﻦ ﺟﻮرﯾﻮن
إن اﻻﺗﻔﺎﻗﯿﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﯾﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺎ ﺳﺘﺠﻌﻞ
إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﻛﺎﻟﺠﻮزة ﻓﻰ ﻛﺴﺎرة اﻟﺒﻨﺪق ! .
وھﻜﺬا اﻓﺘﻌﻠﺖ إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﺗﮭﺪﯾﺪا ﻟﻠﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
اﻟﻤﺘﺤﺪة ،ﺑﻌﺪ ﺳﻨﺔ واﺣﺪة ﻣﻦ اﻟﻮﺣﺪة ،وﺗﻌﻠﻠﺖ ﺑﻨﺸﺎط
اﻟﻔﺪاﺋﯿﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪود ﻣﻊ ﺳﻮرﯾﺎ ،وﻗﺎﻣﺖ ﺑﺤﺸﺪ ﻗﻮاﺗﮭﺎ
..ﻓﺄﻣﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﺑﺤﺸﺪ اﻟﻘﻮات اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ ﻓﻰ ﺳﯿﻨﺎء ..
وﻣﻦ ﺛﻢ ﻧﺠﺢ ﻓﻰ إﻧﮭﺎء اﻟﺘﮭﺪﯾﺪ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻰ ..وأﯾﻀﺎ
أﺛﺎرت إﺳﺮاﺋﯿﻞ ﻣﺸﻜﻠﺔ ﺣﻮل ﻣﺮور ﺳﻔﻨﮭﺎ ﻓﻰ ﻗﻨﺎة
اﻟﺴﻮﯾﺲ ،واﻓﺘﻌﻠﺖ ﺣﺎدث اﻟﺴﻔﯿﻨﺔ اﻟﺪاﻧﻤﺮﻛﯿﺔ » إﻧﺠﮫ
ﺗﻮﻓﺖ « ..إﻻ أن ھﺬه اﻟﻠﻌﺒﺔ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺔ ﻟﻢ ﺗﻔﻠﺢ أﯾﻀﺎ .
ورﻓﻀﺘﮭﺎ اﻷردن أﯾﻀﺎ !..
وﻓﻰ اﻷردن ،اﻋﺘﺒﺮ اﻟﻤﻠﻚ ﺣﺴﯿﻦ أن اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة (
اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ) ﺗﺸﻜﻞ ﺗﮭﺪﯾﺪا ﺧﻄﯿﺮا ،ﻟﯿﺲ
ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ اﻷردن وﻟﺒﻨﺎن ،وإﻧﻤﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ
ﻛﻠﮫ .وﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر ﺑﺎدر اﻟﻤﻠﻚ ﺣﺴﯿﻦ ﺑﻄﺮح ﻓﻜﺮة إﻗﺎﻣﺔ
ﺗﻨﻈﯿﻢ ﻣﻦ دول ﻋﺮﺑﯿﺔ أﺧﺮى؛ اﻟﺴﻌﻮدﯾﺔ واﻟﻌﺮاق وﻟﺒﻨﺎن
واﻷردن .وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﻢ اﻹﻋﻼن -ﻓﻰ ﻋﻤّﺎن ﻓﻰ 14ﻓﺒﺮاﯾﺮ
- 1958ﻋﻦ إﻧﺸﺎء اﻻﺗﺤﺎد اﻟﻌﺮﺑﻰ ،ﺑﯿﻦ اﻟﻌﺮاق
واﻷردن .
وھﻨﺎ ﻗﺪ ﯾﻜﻮن ﻻﻓـﺘﺎ اﻟﺘﺬﻛﯿﺮ ﺑﻤﻮﻗﻒ اﻟﺮﺋﯿﺲ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ
ﻣﻦ ھﺬا اﻻﺗﺤﺎد ،ﺣﯿﺚ رﺣﺐ ﺑﮫ ،وأرﺳﻞ ﺑﺮﻗﯿﺔ ﺗﮭﻨﺌﺔ
إﻟﻰ اﻟﻤﻠﻚ ﻓﯿﺼﻞ ..وأﻛﺪ ﻧﺎﺻﺮ أن أى اﺗﺤﺎد ﻋﺮﺑﻰ
ﺳﯿﻜﻮن ﻗﻮة ﻟﻜﻞ اﻟﻌـﺮب .
ﺛﻢ دﺧﻠﺖ اﻟﻘﻮات اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ إﻟﻰ ﺑﯿﺮوت !..
ﺗﺄﺧﺬﻧﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ھﺪى ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ -ﻓﻰ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻰ ﻣﻦ
ﻗﺮاءﺗﮭﺎ ﺗﺪاﻋﯿﺎت إﻋﻼن اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ اﻟﺴﻮرﯾﺔ -إﻟﻰ
واﺣﺪة ﻣﻦ أﺧﻄﺮ اﻷزﻣﺎت اﻟﺘﻰ ﻣﺮّت ﺑﺎﻟﻌﺮب ﻓﻰ ھﺬا
اﻟﻮﻗﺖ ؛ وھﻰ اﻷزﻣﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿﺔ ،ﻓﺘﻘﻮل إن ﻛﻤﯿﻞ ﺷﻤﻌﻮن
رﺋﯿﺲ اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﯿﺔ ﺣﯿﻨﺌﺬ ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﻘﻠﻖ ﻣﻦ ﺗﺄﺛﯿﺮ
ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺣﺪة ﻋﻠﻰ ﺳﻜﺎن ﻟﺒﻨﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ،ﻓﻄﻠﺐ ﻣﻦ
اﻟﻮﻻﯾﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ﺗﺤﺮﯾﻚ وﺣﺪات ﻣﻦ اﻷﺳﻄﻮل اﻷﻣﺮﯾﻜﻰ
إﻟﻰ ﺷﺮق اﻟﺒﺤﺮ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ .وﻟﻢ ﯾﻜﺘﻒ ﺷﻤﻌﻮن ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻞ
ﺣﺎول أن ﯾﻌﺎد اﻧﺘﺨﺎﺑﮫ ﻣﺪة رﺋﺎﺳﯿﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ،وھﻮ اﻷﻣﺮ
اﻟﺬى ﯾﺨﺎﻟﻒ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻰ ،إﻻ أن واﺷﻨﻄﻦ ﺗﺤﻔﻈﺖ
ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎوﻻت ﺗﻌﺪﯾﻞ اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻰ ﻟﺘﻤﻜﯿﻦ ﺷﻤﻌﻮن
ﻣﻦ ﻏﺮﺿﮫ.
وﺑﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﺤﺎل ،ﺗﺤﺮﻛﺖ اﻟﻘﻮى اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ﻓﻰ ﻟﺒﻨﺎن
ﻹﻓﺸﺎل ﺧﻄﺔ ﺷﻤﻌﻮن ..واﺟﺘﻤﻌﺖ اﻟﻤﻌﺎرﺿﺔ ..وﻃﺎﻟﺒﺖ
ﺑﻀﺮورة اﺳﺘﻘﺎﻟﺘﮫ ..ﻓﻄﺎﻟﺐ ﺷﻤﻌﻮن أﻣﺮﯾﻜﺎ ﺑﺎﻟﺘﺪﺧﻞ
اﻟﻌﺴﻜﺮى ،ﻓﻤﻀﺖ ﻓﻰ ﺧﻄﺔ ﻋﺴﻜﺮﯾﺔ ﺳﺮﯾﺔ ﺗﮭﺪف إﻟﻰ
اﻟﺘﺪﺧﻞ ﻣﻊ اﻟﺠﯿﺶ اﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﻰ ﻓﻰ ﻟﺒﻨﺎن ..واﺗﻀﺢ ﻟﻠﺠﻤﯿﻊ
أن اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ ھﻰ اﻟﺘﻰ ﺗﻮﺟﮫ ﻛﻞ ھﺬا اﻟﺘﺨﻄﯿﻂ .
وﻗﺪ اﻧﺘﮭﻰ اﻷﻣﺮ ﺑﺘﺮاﺟﻊ ﻛﻤﯿﻞ ﺷﻤﻌﻮن ﻋﻦ ﺗﻌﺪﯾﻞ
اﻟﺪﺳﺘﻮر .
ﻏﯿﺮ أﻧﮫ وﻗﻌﺖ ﻣﻔﺎﺟﺄة ﻣﻦ اﻟﻌﯿﺎر اﻟﺜﻘﯿﻞ ﻟﻠﻐﺮب وﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ،
وھﻰ ﻗﯿﺎم ﺛﻮرة اﻟﻌﺮاق ﻓﻰ 14ﯾﻮﻟﯿﻮ 1958اﻟﺘﻰ ﻗﺘﻞ
ﻓﯿﮭﺎ اﻟﻤﻠﻚ اﻟﻌﺮاﻗﻰ ﻓﯿﺼﻞ اﻟﺜﺎﻧﻰ ،ووﻟﻰ ﻋﮭﺪه ،وﻧﻮرى
اﻟﺴﻌﯿﺪ ،وﻓﺎﺿﻞ اﻟﺠﻤﺎﻟﻰ ،وﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺌﻮﻟﯿﻦ اﻟﻌﺮاﻗﯿﯿﻦ
ﻓﻰ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ ..ﻓﺎﻧﻘﻠﺒﺖ اﻟﻤﻮازﯾﻦ ﻓﻰ اﻟﺸﺮق اﻷوﺳﻂ .
ﻟﻘﺪ ﺑﺪا ﻣﻨﺬ اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷوﻟﻰ أن ھﺬه اﻟﺜﻮرة ﻣﻌﺎدﯾﺔ ﻟﻠﻐﺮب ،
وﻣﻮاﻟﯿﺔ ﻟﻌﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﻰ ﺗﻮﺟﮭﺎﺗﮭﺎ ..وﻣﻦ ﺛﻢ ﻛﺎن ﻋﻠﻰ
أﻣﺮﯾﻜﺎ أن ﺗﺴﺎرع ﺑﺎﻟﺘﺪﺧﻞ .
ﻟﻘﺪ ﻗﺎل أﯾﺰﻧﮭﺎور أﻣﺎم ﻗﺎدة اﻟﻜﻮﻧﺠﺮس إن ﻣﺎ ﯾﺤﺪث ﻓﻰ
ﻟﺒﻨﺎن ھﻮ ﺣﺮب أھﻠﯿﺔ ﯾﺜﯿﺮھﺎ ﻧﺎﺻﺮ ،وأن اﻟﻮﻻﯾﺎت
اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻻ ﺗﺴﺘﻄﯿﻊ ﺿﻤﺎن ﺣﺮﯾﺔ ﻟﺒﻨﺎن إذا ﻟﻢ ﺗﺘﺪﺧﻞ ..
وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ وﺻﻠﺖ اﻟﻘﻮات اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ إﻟﻰ ﺑﯿﺮوت ﻓﻰ 16
ﯾﻮﻟﯿﻮ .. 1958وﻗﺪ ﺗﻠﻘﻰ اﻟﺮﺋﯿﺲ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ أﻧﺒﺎء
اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺮاﻗﯿﺔ واﻟﻐﺰو اﻷﻣﺮﯾﻜﻰ ﻟﺒﯿﺮوت وھﻮ ﻋﻠﻰ ﻣﺘﻦ
اﻟﺴﻔﯿﻨﺔ اﻟﺤﺮﯾﺔ وﻣﻌﮫ أﺳﺮﺗﮫ وھﻮ ﻋﺎﺋﺪ ﻣﻦ ﺑﺮﯾﻮﻧﻰ
ﺑﯿﻮﻏﻮﺳﻼﻓﯿﺎ ،ﻓﺄﺻﺪر أواﻣﺮه ﺑﺈﻋﻼن اﻟﺘﻌـﺒﺌﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻰ
اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،ﻛﻤﺎ اﻋﺘﺮف ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﺪﯾﺪ
ﻓﻰ ﺑﻐﺪاد .وﺑﻌﺪ 4أﯾﺎم ﻣﻦ ﺛﻮرة اﻟﻌﺮاق ،أﻋﻠﻦ ﻧﺎﺻﺮ
ﻓﻰ ﺧﻄﺎب أﻟﻘﺎه ﻓﻰ دﻣﺸﻖ » :إﻧﻨﺎ ﻧﺴﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﯾﺴﺎﻟﻤﻨﺎ ..
وﻧﻌﺎدى ﻣﻦ ﯾﻌﺎدﯾﻨﺎ ..وإن ﻋﺎدوﻧﺎ ﻓﺈﻧﻨﺎ ﺳﻨﻘﺎﺗﻞ ﺣﺘﻰ آﺧﺮ
ﻗﻄﺮة ﻓﻰ دﻣﺎﺋﻨﺎ ..ھﺬا ھﻮ ﺳﺒﯿﻠﻨﺎ ..وھﺬا ھﻮ ﺷﻌﺎرﻧﺎ«.
ﺛﻢ ﻛﺎﻧﺖ اﻷزﻣﺔ ﻣﻊ ﺧﺮوﺷﻮف !..
وﻓﻰ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ ،وﻓﻰ 28ﺻﻔﺤﺔ -ﻧﻘﺮأ ﻣﻊ
اﻟﺪﻛﺘﻮرة ھﺪى ﺗﻔﺎﺻﯿﻞ اﻷزﻣﺔ ﺑﯿﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ورﺋﯿﺲ
اﻟﻮزراء اﻟﺴﻮﻓﯿﺘﻰ ﻓﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﺧﺮوﺷﻮف .ﺗﻘﻮل :
إن اﻷزﻣﺔ ﺑﺪأت ﻋﻨﺪﻣﺎ ھﺎﺟﻢ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﺤﺰب اﻟﺸﯿﻮﻋﻰ
اﻟﺴﻮرى ،ﻓﻰ ﺧﻄﺎﺑﮫ اﻟﺠﻤﺎھﯿﺮى ،ﻓﻰ ﻋﯿﺪ اﻟﻨﺼﺮ ﺑﺒﻮر
ﺳﻌﯿﺪ ،ﻓﻰ 23دﯾﺴﻤﺒﺮ ) 1958أى ﺑﻌﺪ ﻋﺸﺮة
ﺷﮭﻮر ﻣﻦ ﻗﯿﺎم اﻟﻮﺣﺪة( ،وﻗﺎل إن ھﺬا اﻟﺤﺰب ﯾﻌﻤﻞ
ﺿﺪ اﻟﻮﺣﺪة واﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ .ﻛﺎن ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﯾﺮى
أن اﻟﺸﯿﻮﻋﯿﯿﻦ ﻓﻰ ﺳﻮرﯾﺎ ﯾﺘﺒﻌﻮن ﺳﯿﺎﺳﺔ ﻣﻌﺎدﯾﺔ
ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺔ ﻓﻰ اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ،ﺳﻮاء ﻓﻰ
اﻹﻗﻠﯿﻢ اﻟﺸﻤﺎﻟﻰ ) ﻣﺼﺮ ( أو ﻓﻰ اﻟﺠﻨﻮﺑﻰ )ﺳﻮرﯾﺎ ( ،
وﺑﺪأوا ﯾﻌﻤﻠﻮن ﺑﺨﻄﺔ ﻣﻮﺣﺪة ﺿﺪ اﻟﻮﺣﺪة .وﻛﺎﻧﺖ
ھﻨﺎك اﺗﺼﺎﻻت ﺑﯿﻦ ﺷﯿﻮﻋـﯿﻰ ﺳﻮرﯾﺎ وﻣﺼﺮ واﻟﻌﺮاق
واﻷردن .وﻗﺪ اﺗﺨﺬ ﻧﺎﺻﺮ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻹﺟﺮاءات ﺿﺪ
اﻟﺸﯿﻮﻋﯿﯿﻦ ﻓﻰ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺎ ؛ ﻣﻨﮭﺎ اﻋﺘﻘﺎل اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ
اﻟﻨﺸﯿﻄﺔ ﺑﻤﺼﺮ ،وإﺧﺮاج اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ اﻟﺸﯿﻮﻋﯿﺔ ﻣﻦ
اﻟﻨﻘﺎﺑﺎت ،واﻋﺘﻘﺎل ﻋﻨﺎﺻﺮھﻢ ﺑﺎﻟﺮﯾﻒ .
اﻟﺬي ﻋﺎﺗﺐ ﻓﯿﮫ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﻗﻔﮫ ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ
اﻟﻜﻮﺑﯿﺔ ..وأﯾﻀﺎ رد ﻧﺎﺻﺮ ﻋﻠﻰ ﻛـﻨـﺪى ..وﻃﺒﻌﺎ ﻣﺎ
ﻛﺎﻧﺖ واﺷﻨﻄﻦ ﻟﺘﻨﺴﻰ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻟﻌﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﺿﺪھﺎ
ﻓﻰ ﻛﻮﺑﺎ !..
وأﻣﺎ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ،ﻓﻤﻌﻠﻮم ﻟﻠﺠﻤﯿﻊ
أن ﺛﻮرة اﻟﻤﺼﺮﯾﯿﻦ ﻓﻰ 23ﯾﻮﻟﯿﻮ ﺗﺒﻨﺖ ﻗﻀﯿﺔ اﻟﺸﻌﺐ
اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻰ ،وھﻮ اﻷﻣﺮ اﻟﺬى ﻣﺎ ﻛﺎن ﻟﻠﻐﺮب ،وﻻ
ﻟﻠﻮﻻﯾﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة ،أن ﯾﺴﺎﻣﺤﺎ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﻠﯿﮫ ..
وﻣﻦ ﺛﻢ ﻛﺎن اﻟﺘﻜـﺘﻞ ﺿﺪ ﻣﺼﺮ ﻹﻓﺸﺎل اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ
اﻟﻮﺣﺪوﯾﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺎ .ﻓﺈذا اﻧﺘﻘﻠﻨﺎ إﻟﻰ أزﻣﺔ
ﻣﺤﺎوﻟﺔ اﻟﻌﺮاق ﺿﻢ اﻟﻜﻮﯾﺖ ﻓﻰ ﻋﺎم 1961ﻓﺴﻨﺠﺪ أن
اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة ﻛﺎﻧﺖ ﺿﺪ ھﺬا اﻟﻀﻢ ﻣﻨﺬ
اﻟﺒﺪاﯾﺔ ،وأﺻﺪرت ﺑﯿﺎﻧﺎ أﻛﺪت ﻓﯿﮫ أﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﻘﺒﻞ ﻣﻨﻄﻖ
اﻟﻀﻢ ،وأﻧﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻌﺪاد ﻟﺒﺬل ﻛﻞ ﺟﮭﺪھﺎ ﻟﺘﺄﯾﯿﺪ
ﻣﻨﻄﻖ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﺸﺎﻣﻠﺔ ..واﻟﻤﮭﻢ أن ﻣﻮﻗﻒ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ
ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻘﻀﯿﺔ ﻛﺎن ﺑﻤﻨﺰﻟﺔ ﺗﻨﺒﯿﮫ ﺟﺪﯾﺪ ﻟﻘﻮى اﻟﻐﺮب
ﺑﺄن ﻧﺎﺻﺮ ﻻ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺴﻜﻮت ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﯾﻤﺜﻠﮫ ﻓﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ..ودﻓﻌﺖ اﻟﻮﺣﺪة ﺑﯿﻦ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺎ اﻟﺜﻤﻦ !..
اﻷزﻣﺎت اﻟﺪوﻟﯿﺔ ..ﻋﻘﺒﺔ ﻓﻰ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻮﺣﺪة ..
ﺗﺄﺧﺬﻧﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ھﺪى ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﻓﻰ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺮاﺑﻊ
ﻣﻦ رؤﯾﺘﮭﺎ -اﻟﺬى ﺣﻤﻞ ﻋﻨﻮان دوﻟﺔ اﻟﻮﺣﺪة واﻷزﻣﺎت
واﻟﻘﻀﺎﯾﺎ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻟﺪوﻟﯿﺔ -إﻟﻰ ﻋﻮاﻣﻞ أﺧﺮى ﺧﺎرﺟﯿﺔ
ﺳﺎﻋﺪت ﻋﻠﻰ إﻧﮭﺎء ھﺬه اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻟﻮﺣﺪوﯾﺔ اﻟﺮاﺋﺪة ؛
وﻣﻦ ﺑﯿﻨﮭﺎ أزﻣﺎت اﻟﻜﻮﻧﻐﻮ ،وﻛﻮﺑﺎ ،واﻟﻜﻮﯾﺖ ،
وﺗﺪاﻋﯿﺎت ﺗﻄﻮراﻟﻘﻀﯿﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ..ﻓـﺘـﻘـﻮل :إﻧﮫ
ﺑﺸﺄن أزﻣﺔ اﻟﻜﻮﻧﻐﻮ ،ﻓﺈن ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻛﺎن ﻗﺪ أﻋﻠﻦ ﻣﻨﺬ
اﻟﯿﻮم اﻷول ﻟﺜﻮرة 23ﯾﻮﻟﯿﻮ ،أن ﻣﺼﺮ ﺗﺆﯾﺪ ﺣﻘﻮق
إﻓﺮﯾﻘﯿﺎ وﺷﻌﻮﺑﮭﺎ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻻﺳﺘﻘﻼل .وﻣﻦ ھﺬا
اﻟﻤﻨﻄﻠﻖ أﻋﻠﻦ ﻧﺎﺻﺮ ﺗﺄﯾﯿﺪ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻤﺼﺮى ﻟﺸﻌﺐ
اﻟﻜﻮﻧﻐﻮ وﺣﻘﮫ ﻓﻰ اﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﻘﺪ
أﯾﺪت ﻣﺼﺮ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺸﺮﻋﻰ ﺑﺎﺗﺮﯾﺲ ﻟﻮﻣﻮﻣﺒﺎ ﻓﻰ
ﻣﻮاﺟﮭﺔ اﻟﺮﺋﯿﺲ ﻣﻮﯾﺲ ﺗﺸﻮﻣﺒﻰ اﻟﻤﺪﻋﻮم ﻣﻦ اﻟﻐﺮب .
ﻏﯿﺮ أن ﺗﺸﻮﻣﺒﻰ ﻗﺘﻞ ﻟﻮﻣﻮﻣﺒﺎ ﺑﻨﻔﺴﮫ ،ﻓﺎﻧﻔﺠﺮت ﺛﻮرة
اﻟﺸﻌـﺐ ھﻨﺎك ..وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺼﺮ ﻣﻊ اﻟﺸﻌﺐ ..
وﻓﻰ ھﺬا اﻟﺴﯿﺎق ﺗﺴﺘﻌـﺮض اﻟﺪﻛﺘﻮرة ھﺪى اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ
اﻟﻤﺘﺒﺎدﻟﺔ ﺑﯿﻦ ﻧﺎﺻﺮ واﻟﺮﺋﯿﺲ ﻛـﻨﺪي ﺣﻮل اﻷزﻣﺔ .
وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺎ ﺟﺮى ﻓﻰ ﻛﻮﺑﺎ ..ﻓﻘﺪ أﯾّﺪ اﻟﺮﺋﯿﺲ ﻧﺎﺻﺮ
ﺛﻮرة ﻓﯿﺪﯾﻞ ﻛﺎﺳﺘﺮو ﻓﻰ ﻣﻮاﺟﮭﺔ اﻹﻣﺒﺮﯾﺎﻟﯿﺔ اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ ..
واﻟﺘﻘﻰ ﻧﺎﺻﺮ ﻛﺎﺳﺘﺮو ﻣﺮﺗﯿﻦ ﻓﻰ ﻧﯿﻮﯾﻮرك ،ﻋﻠﻰ
ھﺎﻣﺶ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت اﻟﺠﻤﻌﯿﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻤﻨﻈﻤﺔ اﻟﺪوﻟﯿﺔ ﺳﻨﺔ
، 1960وﺻﺮح ﻛﺎﺳﺘﺮو آﻧﺬاك ﺑﺄن ﻧﺎﺻﺮ ﻛﺎن ﻣﺼﺪر
ﻗﻮة روﺣﯿﺔ وأدﺑﯿﺔ ﻟﺮﺟﺎﻟﮫ ،وﺑﺄﻧﮫ اﺳﺘﻤﺪ ﻛﺜﯿﺮا ﻣﻦ
ﺷﺠﺎﻋﺘﮫ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﯾﻘﺔ اﻟﺘﻰ ﺻﻤﺪت ﺑﮭﺎ ﻣﺼﺮ ﻓﻰ وﺟﮫ
اﻟﻌﺪوان اﻟﺜﻼﺛﻰ ؛ اﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﻰ اﻟﻔﺮﻧﺴﻰ اﻹﺳﺮاﺋﯿﻠﻰ ،
.
1956
ﻓﻰ
ﻣﺼﺮ
ﻋﻠﻰ
وھﻨﺎ ﺗﺴﺘﻌﺮض اﻟﺪﻛﺘﻮرة ھﺪى ﺧﻄﺎب اﻟﺮﺋﯿﺲ ﻛـﻨـﺪي
ى
ﺛﻢ ﻛﺎن اﻻﻧﻔﺼﺎل !..
ﻓﻰ اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺨﺎﻣﺲ واﻟﺨﺘﺎﻣﻰ ﻟﺪراﺳﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮرة ھﺪى
ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﻮﺣﺪة ﺑﯿﻦ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺎ -
اﻟﺬى ﺟﺎء ﺑﻌﻨﻮان » ﻣﺆاﻣﺮة اﻻﻧﻔﺼﺎل« -ﺗﺴﺘﻌﺮض
ﻛﯿﻒ اﻧﺘﮭﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺣﺪة ،وﺗﻔﺎﺻﯿﻞ اﻻﻧﻔﺼﺎل ..وﺗﻌﻮد
ﺑﻨﺎ إﻟﻰ ﻓﺠﺮ 28ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ 1961ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻤﺮدت
ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻀﺒﺎط اﻟﺴﻮرﯾﯿﻦ ﻓﻰ ﻣﻌﺴﻜﺮ ﻗﻄﻨﺔ ﻗﺮب
دﻣﺸﻖ .وﻗﺪ اﻧﺘﻘﻞ ﻧﺎﺻﺮ إﻟﻰ دار اﻹذاﻋﺔ اﻟﻤﺼﺮﯾﺔ ..
وﺗﺤﺪث ﻟﻠﺸﻌﺐ ﻓﻘﺎل »:ﻣﺎ ھﻮ ﻣﻮﻗﻔﻨﺎ اﻵن ؟ إﻧﻨﺎ ﻧﺮﯾﺪ
ﺗﺠﻨﺐ ﺳﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء ..اﻟﯿﻮم أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻷﺳﻰ ،ﻷﻧﻰ ﻻ
أﺗﺼﻮر أن ﺗﺴﻔﻚ دﻣﺎء اﻟﻌﺮب ﺑﯿﺪ اﻟﻌﺮب ..ﻟﻜﻨﻨﻰ ﻓﻰ
اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﮫ أﻗﻮل ﺳﺘﺒﻘﻰ اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﺘﺤﺪة
ﻃﻠﯿﻌﺔ اﻟﻜﻔﺎح اﻟﻌﺮﺑﻰ « .
إﻻ أن ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ -ﺑﻌﺪ أن ﺳﯿﻄﺮت ﻗﻮات اﻻﻧﻔﺼﺎل
ﻋﻠﻰ ﺣﻠﺐ واﻟﻼذﻗﯿﺔ -راح ﯾﺸﺮح ﻟﻠﺸﻌﺐ أن اﻟﻤﻮﻗﻒ
ﻛﺎن ﯾﺴﺘﺪﻋﻰ اﻟﺘﻔﻜﯿﺮ ؛ ھﻞ ﯾﺴﻔﻚ اﻟﺪم اﻟﻌﺮﺑﻰ ﺑﯿﺪ
اﻟﻌﺮﺑﻰ؟ ھﻞ ﯾﺘﻘﺎﺗﻞ اﻟﻌﺮﺑﻰ ﻣﻊ اﻟﻌﺮﺑﻰ ..؟ وﻟﻤﺼﻠﺤﺔ
ﻣﻦ ﻧﺴﻔﻚ اﻟﺪﻣﺎء وھﻨﺎك أﻋﺪاء ﯾﺘﺮﺑﺼﻮن ..؟ وﻓﻰ
ﺧﻄﺎب آﺧﺮ ﻗﺎل » :ھﻨﺎك ﻣﻦ ﯾﻘﻮل وھﻞ ﻧﺤﻦ ﻃﻠﺒﻨﺎ
اﻟﻮﺣﺪة ..؟ ھﻢ اﻟﺬﯾﻦ ﻃﻠﺒﻮا اﻟﻮﺣﺪة ،وھﺬا ﺣﻘﯿﻘﻰ،
وﻟﻜﻨﻨّﺎ أﻣﺔ ﻋﺮﺑﯿﺔ واﺣﺪة ..وھﻞ ﻧﺤﻦ ﻧﺎدﻣﻮن ﻋﻠﻰ ﻛﻞ
ﻣﺎ ﻓﻌﻠﻨﺎه ؟ أﺑﺪا ..ﻟﻢ ﻧﻨﺪم ﻷﻧﻨﺎ اﺳﺘﺠﺒﻨﺎ إﻟﻰ ﺿﻤﯿﺮﻧﺎ ،
إﻟﻰ ﻋﺮوﺑﺘﻨﺎ ،إﻟﻰ روﺣﻨﺎ ..وﻟﻜﻦ أﺟﺪ ﻣﻦ واﺟﺒﻰ ﻓﻰ
ھﺬه اﻟﻠﺤﻈﺎت أن أرﻓﻊ ﺻﻮﺗﻰ ﻣﺤﺬرا ؛ إن ھﺬه
اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ ﯾﺠﺐ أن ﺗﺒﻘﻰ داﺋﻤﺎ ﻗﻠﻌﺔ ﻟﻠﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،
وﺳﻨﺪا ﻟﻠﺤﺮﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ..إن اﻟﻮﺣﺪة إرادة ﺷﻌﺒﯿﺔ ،وﻟﻦ
أرﺿﻰ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﻰ ﺑﺄن أﺣﻮّل اﻟﻮﺣﺪة إﻟﻰ ﻋﻤﻠﯿﺔ
ﻋﺴﻜﺮﯾﺔ . « ..
ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح ﺑﺪأت ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺟﺪﯾﺪة ﻣﻦ ﺣﺮب اﻷﻋﺼﺎب.
ﺟﺎءﻧﻲ أﺣﺪ اﻟﺠﺎوﯾﺸﯿﺔ ﯾﻘﻮل :ان ﺳﯿﺎرة ﻣﺪرﻋﺔ ،ﻣﻦ
ﺳﯿﺎرات اﻟﻌﺪو ،واﻗﻔﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﺧﺎرج ﻣﻮاﻗﻌﻨﺎ ،راﻓﻌﺔ
راﯾﺔ ﺑﯿﻀﺎء وﻋﻠﯿﮭﺎ ﻣﯿﻜﺮوﻓﻮن ﯾﺼﺮخ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﮫ :
»ﺿﺎﺑﻂ إﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ﯾﻄﻠﺐ ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺿﺎﺑﻂ ﻣﺼﺮي « .
ورﻛﺒﺖ ﺳﯿﺎرة ﺟﯿﺐ وﻃﺮت إﻟﻰ ھﺬا اﻟﻤﻮﻗﻊ .وإذ اﻟﺴﯿﺎرة
واﻗﻔﺔ ﺣﯿﺚ ﺳﻤﻌﺖ واﻟﺮاﯾﺔ اﻟﺒﯿﻀﺎء ﺗﺮﻓﺮف ﻓﻮﻗﮭﺎ،
واﻟﻤﯿﻜﺮوﻓﻮن ﻣﺎ زال ﯾﺼﯿﺢ » :ﺿﺎﺑﻂ إﺳﺮاﺋﯿﻠﻲ ﯾﻄﻠﺐ
ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺿﺎﺑﻂ ﻣﺼﺮي « .
واﻧﻄﻠﻘﺖ ﺑﺎﻟﺠﯿﺐ ﺑﺄﻗﺼﻰ ﺳﺮﻋﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻓﻲ
اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ اﻟﺤﺮام ﺑﯿﻨﻨﺎ وﺑﯿﻦ اﻟﻌﺪو ﻓﻲ اﺗﺠﺎه اﻟﻤﺪرﻋﺔ اﻟﺘﻲ
ﺗﺮﻓﻊ اﻟﻌﻠﻢ اﻷﺑﯿﺾ وﺗﻄﻠﺐ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﺻﻮﺗﮭﺎ ﺿﺎﺑﻄﺎً ﻣﺼﺮﯾﺎً
ﻟﻜﻲ ﯾﻘﺎﺑﻞ ﺿﺎﺑﻄﺎً إﺳﺮاﺋﯿﻠﯿﺎً .
ﻛﺎن اﻟﺠﻮ ﻏﺮﯾﺒﺎً ﻣﺜﯿﺮاً .وﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﺎﻋﺮي وأﻧﺎ ﻣﻨﻄﻠﻖ
ﺑﺴﯿﺎرة اﻟﺠﯿﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻣﺘﺒﺎﯾﻨﺔ .
ھﺎ ھﻲ إﺣﺪى ﻣﺪرﻋﺎت اﻟﻌﺪو أﻣﺎﻣﻨﺎ ﺗﻄﻠﺐ واﺣﺪاً ﻣﻨﺎ .
وھﺎ أﻧﺎ ﻣﻨﻄﻠﻖ إﻟﯿﮭﺎ ﻷﻗﺎﺑﻞ أﺣﺪ اﻟﻀﺒﺎط اﻟﺬﯾﻦ ﻛﻨﺖ أﺟﺎھﺪ
ﻟﻘﺘﻠﮭﻢ .وﻛﺎن ھﻮ أﯾﻀﺎً ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺘﮫ ﯾﺠﺎھﺪ ﻟﻘﺘﻠﻲ .
وﻛﺎن ﻣﻮﻗﻔﻨﺎ ﻛﻤﺎ أﻋﻠﻢ :ﺣﺼﺎر ﻛﺎﻣﻞ ،وﻧﺎر ﻻ ﺗﮭﺪأ،
ودﺑﺎﺑﺎت وﻃﯿﺎرات وﻣﻨﺸﻮرات أﯾﻀﺎً .
وﻛﺎن اﻟﺼﻤﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻛﺎﻣﻼً إﻻ دوي ﻣﺤﺮك اﻟﺠﯿﺐ.
وأوﻗﻔﺖ ﺳﯿﺎرة اﻟﺠﯿﺐ ﻓﻲ ﺣﺬاء ﻣﺪرﻋﺔ اﻟﻌﺪو ﻣﻼﺻﻘﺔ.
وأﻃﻞ راﻛﺒﮭﺎ ﻣﻦ ﺿﺒﺎط اﻟﻌﺪو ﻋﻠﯿﻨﺎ وﻓﻲ ﻋﯿﻮﻧﮭﻢ دھﺸﺔ،
ﺛﻢ اﺳﺘﺠﻤﻊ واﺣﺪ ﻣﻨﮭﻢ ﻛﺒﺮﯾﺎءه وﺷﺪ رأﺳﮫ ﻓﻲ ﻋﻨﺠﮭﯿﺔ
ﻣﻜﺸﻮﻓﺔ وﻗﺎل ﺑﺎﻻﻧﻜﻠﯿﺰﯾﺔ « :أﻧﺎ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪ اﻟﺸﺨﺼﻲ
ﻟﻠﻘﺎﺋﺪ اﻟﻌﺎم ﻟﮭﺬا اﻟﻘﻄﺎع .وأﻧﺎ ﻣﻜﻠﻒ ﺑﺄن اﺷﺮح ﻟﻜﻢ
ﻣﻮﻗﻔﻜﻢ .اﻧﻜﻢ ﻣﺤﺎﺻﺮون ﻣﻦ ﻛﻞ ﻧﺎﺣﯿﺔ .وﻧﺤﻦ ﻧﻄﻠﺐ
إﻟﯿﻜﻢ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ « .
وﻗﻠﺖ ﻟﮫ ﻓﻲ ھﺪوء ،ﻓﻘﺪ ﻧﺰﻟﺖ ﻋﻠﻰ أﻋﺼﺎﺑﻲ ﺳﻜﯿﻨﺔ
...
ﻏﺮﯾﺒﺔ » :أﻣﺎ اﻟﻤﻮﻗﻒ ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻌﺮﻓﮫ ﺟﯿﺪاً ...وﻟﻜﻦ
اﻻﺳﺘﺴﻼم ﻟﻦ ﯾﺤﺪث« .
ﺛﻢ ﻗﻠﺖ ﻣﻦ دون ان ﺗﺨﺘﻠﺞ ﻓﻲ ﺻﻮﺗﻲ ﻧﺒﺮة » :ﻧﺤﻦ ھﻨﺎ
ﻧﺪاﻓﻊ ﻋﻦ ﺷﺮف ﺟﯿﺸﻨﺎ « .
وﺑﺪأ ﯾﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻟﻌﺒﺮﯾﺔ وأﺣﺪ ﻣﺮاﻓﻘﯿﮫ ﯾﺘﺮﺟﻢ ...ﺛﻢ ﻋﺎد ﯾﺘﻜﻠﻢ
ﺑﺎﻻﻧﻜﻠﯿﺰﯾﺔ .ﺛﻢ ﺗﻨﺎزل ﻋﻦ ﻛﺒﺮﯾﺎﺋﮫ وﺑﺪأ ﯾﺘﻜﻠﻢ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
وھﻮ ﯾﺸﺮح ﻟﻨﺎ اﻟﻤﻮﻗﻒ ﺣﻮﻟﻨﺎ .
وﻗﻠﺖ ﻟﮫ :اﻧﻚ ﺗﺤﺎول ﻋﺒﺜﺎً ،وﻧﺤﻦ ﻧﺮﻓﺾ اﻻﺳﺘﺴﻼم .
وﺣﻤﻠﻖ ﻓﻲﱠ وﻗﺎل ﻓﻲ اﺳﺘﻨﻜﺎر :أﻻ ﺗﺮﺟﻊ إﻟﻰ ﻗﺎﺋﺪك
وﺗﺴﺄﻟﮫ .
وﻗﻠﺖ ﻟﮫ :ھﺬا ﻣﻮﺿﻮع ﻟﯿﺲ ﻓﯿﮫ ﻣﺠﺎل ﻟﻠﺴﺆال .
وﺣﻤﻠﻖ ﻓﻲﱠ ...وﺳﺎد اﻟﺼﻤﺖ ﺑﻌﺾ اﻟﻮﻗﺖ وھﻮ ﯾﻨﻈﺮ
إﻟﯿﻨﺎ ،وﻧﺤﻦ ﻧﻨﻈﺮ إﻟﯿﮭﻢ ،وﻓﺠﺄة أﺣﺴﺴﺖ ان ﻗﻨﺎع
اﻟﻜﺒﺮﯾﺎء اﻟﻤﺼﻨﻮع ﻋﻠﻰ وﺟﮭﮫ ﻛﻠﮫ ﯾﺮﺗﻔﻊ ،وﻗﺎل ﻓﻲ
ﺻﻮت ﺧﺎﻓﺖ ﻣﺆدب :ﻟﻨﺎ ﻃﻠﺐ إﻧﺴﺎﻧﻲ ﻋﻨﺪﻛﻢ .ﻗﻠﺖ :ﻣﺎ
ھﻮ .
ﻗﺎل :ﻧﺮﯾﺪ ان ﻧﺴﺤﺐ ﻗﺘﻼﻧﺎ ﻋﻨﺪﻛﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ
...أﻧﺖ ﺗﻌﺮف أن أھﻞ اﻟﻘﺘﻠﻰ ﯾﺤﺒﻮن اﻻﺣﺘﻔﺎل ﺑﺪﻓﻦ
أﺑﻨﺎﺋﮭﻢ ﻓﮭﻞ ﺗﻤﺎﻧﻌﻮن .
وﻧﻈﺮت ،وﺻﻮﺗﮫ اﻟﺨﺎﻓﺖ اﻟﻤﺆدب ﯾﺜﯿﺮ ﻓﻲ أﻋﻤﺎﻗﻲ
ﺷﻌﻮراً ﻏﺮﯾﺒﺎً ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ واﻟﺮﺿﻰ .ﻧﺤﻦ ﻧﻮاﻓﻖ ﻟﻜﻢ ﻋﻠﻰ
ھﺬا اﻟﻄﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎﻧﻲ .
وﺣﯿﻦ ﻋﺪﻧﺎ إﻟﻰ ﻣﻮاﻗﻌﻨﺎ ﻣﺮة أﺧﺮى ﻋﺒﺮ اﻟﻄﺮﯾﻖ ،ﻛﺎﻧﺖ
ﺳﯿﺎرة اﻟﺠﯿﺐ اﻟﺼﻐﯿﺮة اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻧﻀﺞ ﺑﺎﻟﻀﺤﻚ
واﻟﻤﺮح .ﻛﻨﺎ ﻧﻘﺎرن ﺑﯿﻦ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ وﻧﮭﺎﯾﺘﮭﺎ .
اﻟﻌﻨﺠﮭﯿﺔ واﻟﻜﺒﺮﯾﺎء ﻋﻨﺪ ﻃﻠﺐ اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ واﻷدب واﻟﺤﯿﺎء
ﻋﻨﺪ ﻃﻠﺐ ﺟﺜﺚ اﻟﻘﺘﻠﻰ .
ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻨﯿﻦ ھﯿﻜﻞ ) ﺗﻘﺪﯾﻢ ( ،ﯾﻮﻣﯿﺎت ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﻦ
ﺣﺮب ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ،ﺑﺎرﯾﺲ :اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ .١٩٧٨
اﻟﻔﻜﺮ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ اﻻﺳﻼﻣﻰ اﻟﻤﻌﺎﺻﺮ ﺑﯿﻦ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ
ﻟﻠﺪﯾﻦ واﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻟﻠﺴﯿﺎﺳﺔ ) . ( 2
د.ﺻﺒﺮي ﻣﺤﻤﺪ ﺧﻠﯿﻞ .
أوﻻ :اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻟﻠﺪﯾﻦ :اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻟﻠﺪﯾﻦ
ھﻮ ﻣﺬھﺐ ﻣﻌﯿﻦ ﻓﻲ ﺗﻔﺴﯿﺮ ﻃﺒﯿﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﺪﯾﻦ
واﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ،ﯾﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺗﺄﻛﯿﺪ واﺛﺒﺎت اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ،وﻟﻜﻨﮫ
ﯾﺘﻄﺮف ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺘﺄﻛﯿﺪ واﻹﺛﺒﺎت ،إﻟﻰ درﺟﮫ ﺗﺠﻌﻞ اﻟﻌﻼﻗﺔ
ﺑﯿﻨﮭﻤﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻄﺎﺑﻖ و ﺧﻠﻂ ،وﻟﯿﺴﺖ ﻋﻼﻗﺔ ارﺗﺒﺎط ووﺣﺪه
،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﺴﺎوى ﺑﯿﻦ اﻟﺪﯾﻦ واﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﺪرﺟﺔ ،وﻗﺪ
ﯾﺘﻄﺮف ﻓﯿﺠﻌﻞ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻋﻠﻲ درﺟﮫ ﻣﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﺣﯿﻦ ﯾﺠﻌﻞ
اﻟﻐﺎﯾﺔ ھﻲ اﻟﺪوﻟﺔ – اﻟﺴﻠﻄﺔ ،واﻟﻮﺳﯿﻠﺔ ھﻲ اﻟﺪﯾﻦ ،
وﻣﺮﺟﻊ ھﺬا اﻟﺘﻄﺮف ﻓﻲ اﻟﺘﺄﻛﯿﺪ واﻹﺛﺒﺎت أن ھﺬا اﻟﻤﺬھﺐ
إﻧﻤﺎ ﻇﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺼﻮر اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ
واﻟﻤﻌﺎﺻﺮة ،ﻛﺮد ﻓﻌﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻠﯿﺒﺮاﻟﯿﺔ ،واﻟﺘﻲ ﺑﺎﺳﺘﻨﺎدھﺎ
إﻟﻰ اﻟﻌﻠﻤﺎﻧﯿﺔ ﻧﻔﺖ وأﻟﻐﺖ اى ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻠﺪﯾﻦ ﺑﺎﻟﺴﯿﺎﺳﺔ .
ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻹﺳﻼم اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ :وﻗﺪ اﺳﺘﺨﺪم اﻟﺒﻌﺾ ﻣﺼﻄﻠﺢ
اﻹﺳﻼم اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻟﻠﺘﻌﺒﯿﺮ ﻋﻦ ھﺬا اﻟﻤﺬھﺐ ،ﻟﻜﻦ – وﻛﻤﺎ
أﺷﺎر اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﺎﺣﺜﯿﻦ – ھﻨﺎك اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻻﺷﻜﺎﻟﯿﺎت
اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﮭﺬا اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ ،ﻓﮭﻮ ﯾﻮﺣﻰ ﺑﺄﻧﮫ ﻟﯿﺲ ﺛﻤﺔ إﺳﻼم
واﺣﺪ ،وان ھﻨﺎك إﺳﻼم ﺳﯿﺎﺳﻲ وأﺧﺮ ﻏﯿﺮ ﺳﯿﺎﺳﻲ ،
ﻓﻀﻼ ﻋﻦ ﻧﺴﺒﮫ اﻷﺻﻞ ) اﻹﺳﻼم ( إﻟﻰ اﻟﻔﺮع ) اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ
( .ﻟﺬا ﻧﻔﻀﻞ اﺳﺘﺨﺪام ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻟﻠﺪﯾﻦ
وﻟﯿﺲ ﻣﺼﻄﻠﺢ اﻹﺳﻼم اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ،ﻣﻊ ﻣﻼﺣﻈﮫ أن
اﻟﻤﺼﻄﻠﺢ اﻷﺧﯿﺮ ﯾﺼﺪق ﻓﻲ وﺻﻒ اﺣﺪ اﻷﺧﻄﺎء اﻟﺘﻲ وﻗﻊ
ﻓﯿﮭﺎ اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻟﻠﺪﯾﻦ وھﻰ ﻧﺴﺒﮫ اﻷﺻﻞ ) اﻹﺳﻼم
( إﻟﻰ اﻟﻔﺮع ) اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ( وﻟﯿﺲ اﻟﻌﻜﺲ .
اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﻣﺬھﺐ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ :وﯾﺴﺘﻨﺪ ھﺬا اﻟﻤﺬھﺐ إﻟﻰ
اﻓﺘﺮاض ﻣﻀﻤﻮﻧﮫ أن اﻻﻣﺎﻣﮫ -اﻟﺴﻠﻄﺔ -ھﻲ أﺻﻞ ﻣﻦ
أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ،وھﻮ ﺑﮭﺬا ﯾﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﻣﺬھﺐ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ ،
اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ أن اﻻﻣﺎﻣﮫ ﻓﺮع ﻣﻦ ﻓﺮوع اﻟﺪﯾﻦ ،وﻟﯿﺲ ﻣﻦ
أﺻﻮﻟﮫ ) ﻛﻤﺎ ﯾﺮى اﻟﻤﺬھﺐ اﻟﺸﯿﻌﻲ ( ﯾﻘﻮل اﻹﯾﺠﻲ ) وھﻲ
ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﻔﺮوع ،وإﻧّﻤﺎ ذﻛﺮﻧﺎھﺎ ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم ﺗﺄﺳﯿّﺎً
ﺑﻤﻦ ﻗﺒﻠﻨﺎ … ( )اﻟﻤﻮاﻗﻒ :ص ) ، 395وﯾﻘﻮل اﻹﻣﺎم
اﻟﻐﺰاﻟﻲ ) اﻋﻠﻢ أنّ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ اﻹﻣﺎﻣﺔ أﯾﻀﺎً ﻟﯿﺲ ﻣﻦ
اﻟﻤﮭﻤﺎت ،وﻟﯿﺲ أﯾﻀﺎً ﻣﻦ ﻓﻦّ اﻟﻤﻌﻘﻮﻻت ،ﺑﻞ ﻣﻦ
اﻟﻔﻘﮭﯿﺎت …( )اﻻﻗﺘﺼﺎد ﻓﻲ اﻻﻋﺘﻘﺎد :ص (234
ﯾﻘﻮل اﻵﻣﺪي ) واﻋﻠﻢ أنّ اﻟﻜﻼم ﻓﻲ اﻹﻣﺎﻣﺔ ﻟﯿﺲ ﻣﻦ
أُﺻﻮل اﻟﺪﯾﺎﻧﺎت ،وﻻ ﻣﻦ اﻷُﻣﻮر اﻟﻼﺑﺪِّﯾَّﺎت ،ﺑﺤﯿﺚ ﻻ ﯾﺴﻊ
اﻟﻤﻜﻠَّﻒ اﻹﻋﺮاض ﻋﻨﮭﺎ واﻟﺠﮭﻞ ﺑﮭﺎ … ( )ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻤﺮام
ﻓﻲ ﻋﻠﻢ اﻟﻜﻼم :ص ، (363وﯾﻘﻮل اﻟﺘﻔﺘﺎزاﻧﻲ ) ﻻ ﻧﺰاع
ﻓﻲ أنّ ﻣﺒﺎﺣﺚ اﻹﻣﺎﻣﺔ ،ﺑﻌﻠﻢ اﻟﻔﺮوع أَﻟﯿﻖ …( )ﺷﺮح
اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ :ج ،2ص . ( 271
اﻟﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮع وﺿﻮاﺑﻄﮫ :ﻛﻤﺎ أن ﻣﺬھﺐ
اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﯾﻠﺰم ﻣﻨﮫ ،ﺟﻤﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ اﻟﺘﻲ
ﺗﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮع وﺿﻮاﺑﻄﮫ ،وﻣﻦ ھﺬه اﻟﻤﻔﺎھﯿﻢ:
اﻟﺘﻔﺮق ﻓﻰ اﻟﺪﯾﻦ :ﯾﻠﺰم ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﺬھﺐ اﺑﺎﺣﮫ اﻻﺧﺘﻼف “
اﻟﺘﻌﺪد ”ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ،وھﻮ ﻣﺎ ﯾﺘﻨﺎﻗﺾ ﻣﻊ ﻣﺎ
ﻗﺮرﺗﮫ اﻟﻨﺼﻮص ،ﻣﻦ اﻟﻨﮭﻰ ﻋﻦ اﻻﺧﺘﻼف ،ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى
أﺻﻮل اﻟﺪﯾﻦ ،اﻟﺘﻰ ﻣﺼﺪرھﺎ اﻟﻨﺼﻮص اﻟﯿﻘﯿﻨﯿﺔ اﻟﻮرود
اﻟﻘﻄﻌﯿﺔ اﻟﺪﻻﻟﺔ :ﯾﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ ) وَﻻ ﺗَﻜُﻮﻧُﻮا ﻣِﻦَ اﻟْﻤُﺸْ ِﺮﻛِﯿﻦَ ~
ﻣِﻦَ اﻟَّﺬِﯾﻦَ ﻓَﺮَّﻗُﻮا دِﯾﻨَﮭُﻢْ وَﻛَﺎﻧُﻮا ﺷِﯿَﻌﺎً ﻛُﻞُّ ﺣِﺰْبٍ ﺑِﻤَﺎ َﻟﺪَﯾْ ِﮭﻢْ
ﻓَﺮِﺣُﻮنَ( ) آل ﻋﻤﺮان :اﻵﯾﺔ ). ( 104
اﺣﺘﻜﺎر اﻟﺪﯾﻦ :ﻛﻤﺎ ﯾﻠﺰم ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﺬھﺐ اﺣﺘﻜﺎر ﻓﺌﺔ اﻟﺘﺤﺪث
ﺑﺎﺳﻢ اﻟﺪﯾﻦ ،وھﻮ ﻣﺎ ﯾﺨﺎﻟﻒ إﻗﺮار اﻹﺳﻼم ﻟﻠﺘﻌﺪد
واﻻﺧﺘﻼف ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻔﺮوع ،ﯾﻘﻮل اﺑﻦ ﻣﻔﻠﺢ ) ﻻ إﻧﻜﺎر
ﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﺟﺘﮭﺪ ﻓﯿﻤﺎ ﯾﺴﻮغ ﻣﻨﮫ ﺧﻼف ﻓﻲ اﻟﻔﺮوع(]اﻵداب
اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ . [ 186/1
ﺗﻜﻔﯿﺮ اﻟﻤﺨﺎﻟﻒ :ﻛﻤﺎ ﯾﻠﺰم ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﺬھﺐ ﺗﻜﻔﯿﺮ اﻟﻤﺨﺎﻟﻒ
ﻓﻲ اﻟﻤﺬھﺐ ،وھﻮ ﻣﺎ ﯾﺘﻌﺎرض ﻣﻊ ورود اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ
اﻟﻨﺼﻮص اﻟﺘﻲ ﺗﻔﯿﺪ اﻟﻨﮭﻰ ﻋﻦ ﺗﻜﻔﯿﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ :ﻗﺎل ﺗﻌﺎﻟﻰ
) وﻻ ﺗﻘﻮﻟﻮا ﻟﻤﻦ أﻟﻘﻰ إﻟﯿﻜﻢ اﻟﺴﻠﻢ ﻟﺴﺖ ﻣﺆﻣﻨ ًﺎ ﺗﺒﻐﻮن
ﻋﺮض اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺪﻧﯿﺎ ( .
اﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻟﻠﺪﯾﻦ :ﻛﻤﺎ ﯾﻠﺰم ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﺬھﺐ
اﻻﺳﺘﻐﻼل اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﻟﻠﺪﯾﻦ ،واﻟﺬي ﯾﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺟﻌﻞ اﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣﻦ
اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ھﻲ اﻟﺪوﻟﺔ – اﻟﺴﻠﻄﺔ ،واﻟﻮﺳﯿﻠﺔ ھﻲ
اﻟﺪﯾﻦ “،ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ﺟﻌﻞ اﻟﺪﯾﻦ ھﻮ اﻷﺻﻞ واﻟﺴﯿﺎﺳﺔ ھﻲ
اﻟﻔﺮع“ ،وھﻮ ﺷﻜﻞ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل اﻻﺗﺠﺎر ﺑﺎﻟﺪﯾﻦ اﻟﺬي ورد
اﻟﻨﮭﻰ ﻋﻨﮫ ﻓﻰ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻮص ﻛﻘﻮﻟﮫ ﺗﻌﺎﻟﻰ ) :وﻻ
ﺗﺸﺘﺮوا ﺑﺂﯾﺎﺗﻲ ﺛﻤﻨﺎ ﻗﻠﯿﻼ وﻣﻦ ﻟﻢ ﯾﺤﻜﻢ ﺑﻤﺎ أﻧﺰل اﷲ ﻓﺄوﻟﺌﻚ
ھﻢ اﻟﻜﺎﻓﺮون()اﻟﻤﺎﺋﺪة.( 44:
ادﻋﺎء اﻟﻌﺼﻤﺔ :ﻛﻤﺎ ﯾﻠﺰم ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﺬھﺐ اﻋﺘﺒﺎر ان ھﻨﺎك
أﺷﺨﺎص ﻣﻌﺼﻮﻣﯿﻦ ﻋﻦ اﻟﺨﻄﺄ،وﻻ ﻋﺼﻤﮫ ﻷﺣﺪ ﺑﻌﺪ اﻷﻧﺒﯿﺎء
،واﻟﻘﻮل ﺑﺬﻟﻚ ﯾﻌﻨﻰ اﻟﻤﺴﺎواة ﺑﯿﻨﮭﻢ وﺑﯿﻦ اﻷﻧﺒﯿﺎء واﻟﺮﺳﻞ
ﻓﻲ اﻟﺪرﺟﺔ.
اﻟﺘﻌﺼﺐ اﻟﻤﺬھﺒﻲ :ﻛﻤﺎ ﯾﻠﺰم ﻣﻦ ھﺬا اﻟﻤﺬھﺐ اﻟﺘﻌﺼﺐ
اﻟﻤﺬھﺒﻲ اﻟﺬي ذﻣﮫ ﻋﻠﻤﺎء أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ ،ﯾﻘﻮل اﺑﻦ اﻟﻘ ِﯿّﻢ )
وأﻣﺎ اﻟﻤﺘﻌﺼِّﺐ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ ﻗﻮلَ ﻣﺘﺒﻮﻋﮫ ﻋﯿﺎرًا ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺘﺎب
واﻟﺴُّﻨﺔ وأﻗﻮالِ اﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ،ﯾﺰِﻧُﮭﺎ ﺑﮫ ،ﻓﻤﺎ واﻓﻖ ﻗﻮل
ﻣﺘﺒﻮﻋﮫ ﻣﻨﮭﺎ ﻗﺒِﻠَﮫ ،وﻣﺎ ﺧﺎﻟﻔﮫ ردَّه ،ﻓﮭﺬا إﻟﻰ اﻟﺬمِّ واﻟﻌﻘﺎب
أﻗﺮب ﻣﻨﮫ إﻟﻰ اﻷﺟﺮ واﻟﺼَّﻮاب ؛ وإن ﻗﺎل ـ وھﻮ اﻟﻮاﻗﻊ : -
اﺗَّﺒﻌﺘﮫ وﻗﻠَّﺪﺗﮫ ،وﻻ أدري أﻋﻠﻰ ﺻﻮابٍ ھﻮ أم ....
ﻻ؟ ﻓﺎﻟﻌُﮭْﺪة ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎﺋﻞ ،وأﻧﺎ ﺣﺎكٍ ﻷﻗﻮاﻟﮫ ،ﻗﯿﻞ ﻟﮫ :ﻓﮭﻞ
ﺗﺘﺨﻠَّﺺ ﺑﮭﺬا ﻣﻦ اﷲ ﻋﻨﺪ اﻟﺴُّﺆال ﻟﻚ ﻋﻤَّﺎ ﺣﻜﻤﺖ ﺑﮫ ﺑﯿﻦ
ﻋﺒﺎد اﷲ ،وأﻓﺘﯿﺘﮭﻢ ﺑﮫ ؟ ﻓﻮاﷲ إن ﻟﻠﺤُﻜَّﺎم واﻟﻤﻔﺘﯿﻦ ﻟﻤﻮﻗﻔًﺎ
ﻟﻠﺴﺆال ﻻ ﯾﺘﺨﻠﺺ ﻓﯿﮫ إﻻَّ ﻣَﻦ ﻋﺮف اﻟﺤﻖ ،وﺣﻜﻢ ﺑﮫ،
وأﻓﺘﻰ ﺑﮫ ،وأﻣﺎ ﻣﻦ ﻋﺪاھﻤﺎ ﻓﺴﯿَﻌﻠﻢ ﻋﻨﺪ اﻧﻜﺸﺎف اﻟﺤﺎل أﻧﮫ
ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﺷﻲء ()إﻋﻼم اﻟﻤﻮﻗِّﻌﯿﻦ“ . ( 232 /2
ﺛﺎﻧﯿﺎ :اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻟﻠﺴﯿﺎﺳﺔ)اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ( :أﻣﺎ
اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ اﻟﺪﯾﻨﻲ ﻟﻠﺴﯿﺎﺳﺔ ) اﻟﺬي ﻋﺒﺮ ﻋﻨﮫ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﺑﻤﺼﻄﻠﺢ
اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ( ﻓﯿﺠﻌﻞ اﻟﺪﯾﻦ ھﻮ اﻷﺻﻞ – واﻟﺴﯿﺎﺳﺔ
ھﻲ اﻟﻔﺮع ،اى أن ﯾﻜﻮن اﻟﺪﯾﻦ “ ﻣﻤﺜﻼ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺻﺪه
وﺿﻮاﺑﻄﮫ “ ﻟﻠﺴﯿﺎﺳﺔ ﺑﻤﺜﺎﺑﺔ اﻟﻜﻞ ﻟﻠﺠﺰء ،ﯾﺤﺪه ﻓﯿﻜﻤﻠﮫ
وﻟﻜﻦ ﻻ ﯾﻠﻐﯿﮫ ،و ﯾﻘﻮم ھﺬا اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﺒﺎر أن
اﻻﻣﺎﻣﮫ ﻓﺮع ﻣﻦ ﻓﺮوع اﻟﺪﯾﻦ وﻟﯿﺲ أﺻﻞ ﻣﻦ أﺻﻮﻟﮫ ،
وھﻮ ﺑﮭﺬا ﯾﺘﺴﻖ ﻣﻊ ﻣﺬھﺐ أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ ﻓﻲ اﻻﻣﺎﻣﮫ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ
ذﻛﺮه .
وﻃﺒﻘﺎ ﻟﮭﺬا اﻟﺘﻔﺴﯿﺮ ﻓﺎن اﻟﻨﺸﺎط اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ﯾﻨﺒﻐﻰ أن ﯾﻠﺘﺰم
ﺑﺠﻤﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﻀﻮاﺑﻂ اﻟﺘﻲ ﺗﮭﺪف إﻟﻰ ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻛﺒﺮ ﻗﺪر ﻣﻤﻜﻦ
ﻣﻦ اﻻﺗﺴﺎق ﺑﯿﻨﮫ وﺑﯿﻦ ﻣﻘﺎﺻﺪ اﻟﺸﺮع وﺿﻮاﺑﻄﮫ ،وﻣﻦ
ھﺬه اﻟﻤﻘﺎﺻﺪ واﻟﻀﻮاﺑﻂ :
اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ﻣﺎ ﯾﺤﻘﻖ ﻣﺼﻠﺤﮫ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﺮد
ﻓﯿﮫ ﻧﺺ :ﻣﻦ ھﺬه اﻟﻀﻮاﺑﻂ ﻣﺎ ﻗﺮره ﻋﻠﻤﺎء أھﻞ اﻟﺴﻨﺔ
ﻣﻦ أن اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ھﻲ ﻣﺎ ﻛﻞ ﯾﺤﻘﻖ ﻣﺼﻠﺤﮫ
اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ وﻟﻮ ﻟﻢ ﯾﺮد ﻓﯿﮫ ﻧﺺ ،ﯾﻘﻮل اﺑْﻦُ ﻋَﻘِﯿﻞٍ ) اﻟﺴِّﯿَﺎﺳَﺔُ
ﻣَﺎ ﻛَﺎنَ ﻓِﻌْﻼً ﯾَﻜُﻮنُ ﻣَﻌَﮫُ اﻟﻨَّﺎسُ أَﻗْﺮَبَ إﻟَﻰ اﻟﺼَّﻠَﺎحِ ،وَأَﺑْﻌَﺪَ ﻋَﻦْ
اﻟْﻔَﺴَﺎدِ ،وَإِنْ ﻟَﻢْ ﯾَﻀَﻌْﮫُ اﻟﺮَّﺳُﻮلُ ﺻَﻠَّﻰ اﷲُ ﻋَﻠَﯿْﮫِ وَﺳَﻠَّﻢَ ،وﻻ
....
ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﻮﺣﺪة ﻛﺎن
أﻛﺒﺮ ﺣﻠﻢ ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻲ ..
ﻧَﺰَلَ ﺑِﮫِ وَﺣْﻲٌ ، (.وﯾﻘﻮل اﺑﻦ اﻟﻘﯿﻢ ) إِنَّ اﷲَ ﺳُﺒْﺤَﺎﻧَﮫُ أَرْﺳَ َﻞ
رُﺳُﻠَﮫُ ،وَأَﻧْﺰَلَ ﻛُﺘُﺒَﮫُ ،ﻟِﯿَﻘُﻮمَ اﻟﻨَّﺎسُ ﺑِﺎﻟْﻘِﺴْﻂِ ،وَھُﻮَ اﻟْ َﻌﺪْلُ
اﻟَّﺬِي ﻗَﺎﻣَﺖْ ﺑِﮫِ اﻟْﺄَرْضُ وَاﻟﺴَّﻤَﻮَاتُ ﻓَﺈِذَا ﻇَﮭَﺮَتْ أَﻣَﺎرَاتُ اﻟْ َﻌﺪْلِ
وَأَﺳْﻔَ َﺮ وَﺟْﮭُﮫُ ﺑِﺄَيْ ﻃَﺮِﯾﻖٍ ﻛَﺎنَ ،ﻓَﺜَﻢَّ ﺷَﺮْعُ اﷲِ َودِﯾﻨُﮫُ…(
)اﻷﺣﻜﺎم اﻟﺴﻠﻄﺎﻧﯿﺔ ،أﺑﻲ ﯾﻌﻠﻰ اﻟﻔﺮاء ( .
ﻻ ﻛﮭﻨﻮت ﻓﻰ اﻹﺳﻼم :واﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ) اﻟﺘﻲ ﻋﺒﺮ ﻋﻨﮭﺎ
اﻟﻘﺮان ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف واﻟﻨﮭﻰ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ( ،ﻓﻲ اﻟﻔﻜﺮ
اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ اﻻﺳﻼﻣﻰ ،ﻣﺨﻮﻟﮫ ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻻﺳﺘﺨﻼف اﻟﻌﺎم
ﻟﺠﻤﺎﻋﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ (ﻛﻨﺘﻢ ﺧﯿﺮ أﻣﮫ أﺧﺮﺟﺖ ﻟﻠﻨﺎس ﺗﺄﻣﺮون
ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف وﺗﻨﮭﻮن ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ( ،أﻣﺎ اى ﺟﻤﺎﻋﮫ ﻣﻦ
اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﮭﻲ ﻣﻜﻠﻔﮫ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف او اﻟﻨﮭﻰ ﻋﻦ
اﻟﻤﻨﻜﺮ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﺘﺨﺼﺺ ،وﻟﯿﺲ اﻻﻧﻔﺮاد ﻛﻤﺎ ﻓﻰ ﻗﻮﻟﮫ
ﺗﻌﺎﻟﻰ)وﻟﺘﻜﻦ ﻣﻨﻜﻢ أﻣﺔ ﯾﺪﻋﻮن إﻟﻰ اﻟﺨﯿﺮ وﯾﺄﻣﺮون
ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف وﯾﻨﮭﻮن ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ ()آل ﻋﻤﺮان ، (104 :
ﻓﻠﯿﺲ ﻓﻲ اﻹﺳﻼم رﺟﺎل دﯾﻦ وﻟﻜﻦ ﺑﮫ ﻋﻠﻤﺎء دﯾﻦ .وھﺬا
ﯾﻌﻨﻰ رﻓﺾ اﻟﺘﺼﻮر اﻻﺳﻼﻣﻰ ﻟﻠﻜﮭﻨﻮﺗﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻰ إﺳﻨﺎد
اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ )و اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ( إﻟﻰ ﻓﺮد أو ﻓﺌﺔ ،ﯾﻨﻔﺮد أو
ﺗﻨﻔﺮد ﺑﮭﺎ دون اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ) رﺟﺎل اﻟﺪﯾﻦ ( .ﯾﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ
)واﺗﺨﺬوا أﺣﺒﺎرھﻢ ورھﺒﺎﻧﮭﻢ أرﺑﺎﺑﺎ ﻣﻦ دون اﷲ ( ،
اﻷﻛﺜﺮون ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺴﺮﯾﻦ ﻗﺎﻟﻮا ﻟﯿﺲ اﻟﻤﺮاد ﻣﻦ اﻷرﺑﺎب أﻧﮭﻢ
اﻋﺘﻘﺪوا أﻧﮭﻢ آﻟﮭﺔ اﻟﻌﺎﻟﻢ ،ﺑﻞ اﻟﻤﺮاد أﻧﮭﻢ أﻃﺎﻋﻮھﻢ ﻓﻲ
أواﻣﺮھﻢ وﻧﻮاھﯿﮭﻢ .
ھﺬا أﻛﺒﺮ اﻧﺘﺼﺎر
ﻟﻠﻌﺮب ﺟﻤﯿﻌﺎ ..
اﻟﺤﺎﻛﻢ ﯾﻀﺮب ﺑﺎﻟﻄﺒﻠﺔ
وﺟﻤﯿﻊ وزارات اﻻﻋﻼم ﺗﺪق ﻋﻠﻰ ذات اﻟﻄﺒﻠﺔ
وﺟﻤﯿﻊ وﻛﺎﻻت اﻻﻧﺒﺎء
ﺗﻀﺨﻢ اﯾﻘﺎع اﻟﻄﺒﻠﺔ
واﻟﺼﺤﻒ اﻟﻜﺒﺮى واﻟﺼﻐﺮى
ﺗﻌﻤﻞ أﯾﻀﺎ راﻗﺼﺔ ﻓﻲ ﻣﻠﮭﻰ ﺗﻤﻠﻜﮫ اﻟﺪوﻟﺔ
ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﺻﻮت ﻓﻲ اﻟﻤﻮﺳﯿﻘﻰ اردأ ﻣﻦ ﺻﻮت اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﻄﺮب اﻟﺮﺳﻤﻲ ﯾﺒﺎع ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮﺑﺎت
ﻣﺜﻞ اﻟﺴﺮدﯾﻦ وﻣﺜﻞ اﻟﺸﺎي وﻣﺜﻞ ﺣﺒﻮب اﻟﺤﻤﻞ
وﻣﺜﻞ ﺣﺒﻮب اﻟﻀﻐﻂ ...وﻣﺜﻞ ﻏﯿﺎر اﻟﺴﯿﺎرات
اﻟﻄﺮب اﻟﺮﺳﻤﻲ ﯾﺒﺚ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﻤﻮﺟﺎت
وﻛﻼم اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺑﺮّاق ﺟﺪا ﻛﺜﯿﺎب اﻟﺮاﻗﺼﺎت
ﻻ اﺣﺪ ﯾﻨﺠﻮ ﻣﻦ وﺻﻔﺎت اﻟﺤﻜﻢ
وأدوﯾﺔ اﻟﺴﻠﻄﺔ
ﻓﺜﻼث ﻣﻼﻋﻖ ﻗﺒﻞ اﻻﻛﻞ ..
وﺛﻼث ﻣﻼﻋﻖ ﻗﺒﻞ ﺻﻼة اﻟﻈﮭﺮ ..
وﺛﻼث ﻣﻼﻋﻖ ﺑﻌﺪ ﺻﻼة اﻟﻌﺼﺮ
وﺛﻼث ﻣﻼﻋﻖ ﻗﺒﻞ ﻣﺮاﺳﯿﻢ اﻟﺘﺸﯿﻊ
وﻗﺒﻞ دﺧﻮل اﻟﻘﺒﺮ
ھﻞ ﺛﻤﺔ ﻗﮭﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻛﮭﺬا اﻟﻘﮭﺮ
اﻟﻄﺒﻠﺔ ﺗﺨﺘﺮق اﻻﻋﺼﺎب
ﻓﯿﺎ رﺑﻲ اﻟﮭﻤﻨﺎ اﻟﺼﺒﺮ
اﻟﺪوﻟﺔ ﺗﺤﺴﻦ ﺗﺄﻟﯿﻒ اﻟﻜﻠﻤﺎت
وﺗﺠﯿﺪ اﻟﻨﺼﺐ ،ﺗﺠﯿﺪ اﻟﻜﺴﺮ ،ﺗﺠﯿﺪ اﻟﺠﺮ ،
ﺗﺠﯿﺪ اﺳﺘﻌﺮاض اﻟﻌﻀﻼت
ﻻﯾﻮﺟﺪ ﺷﻌﺮ أردأ ﻣﻦ ﺷﻌﺮ اﻟﺪوﻟﺔ
ﻻ ﯾﻮﺟﺪ ﻛﺬب أذﻛﻰ ﻣﻦ ﻛﺬب اﻟﺪوﻟﺔ ..
ﺻﺤﻒ ،أﺧﺒﺎر ..ﺗﻌﻠﯿﻘﺎت ..
ﺧُﻮَذ ﻻ ﻣﻌﺔ ﺗﺤﺖ اﻟﺸﻤﺲ
ﻧﺠﻮم ﺗﺒﺮق ﻓﻲ اﻷﻛﺘﺎف
ﺑﻨﺎدق ﻛﺎذﺑﺔ اﻟﻄﻠﻘﺎت ..
وﻃﻦ ﻣﺸﻨﻮق ﻓﻮق ﺣﺒﺎل اﻷﻧﺘﯿﻨﺎت
وﻃﻦ ﻻ ﯾﻌﺮف ﻣﻦ ﺗﻘﻨﯿﺔ اﻟﺤﺮب ﺳﻮى اﻟﻜﻠﻤﺎت ..
وﻃﻦ ﻣﺎزال ﯾﺸﯿﻊ ﻧﺸﯿﺪ اﻟﻨﺼﺮ ﻋﻠﻰ اﻷﻣﻮات ..
ﺑﺪأت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻣﻊ ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﻘﺮن
اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ ﻓﻲ أوﺳﺎط اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ اﻟﻤﺘﻌﻠﻢ ﺗﻌﻠﯿﻤﺎً ﻋﺮﺑﯿﺎً
إﺳﻼﻣﯿﺎً ،ﻓﻔﻲ 1907ﺑﺪأ اﻟﻤﺴﺘﻌﻤﺮ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ ﻓﻲ ﻇﻞ
راﺑﻄﺔ اﻟﺤﻤﺎﯾﺔ ﺳﯿﺎﺳﺔ اﻟﺘﺠﻨﯿﺲ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ،ﻓﺪﻓﻊ ﺑﺎﻟﯿﮭﻮد
اﻟﻤﻐﺎرﺑﺔ إﻟﻰ اﻟﻤﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺎﻟﺠﻨﺴﯿﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ،وھﻲ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ
اﻟﺘﻲ ﻗﺎوﻣﮭﺎ اﻟﺰﻋﯿﻢ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻋﻠﻲ ﺑﺎش ﺣﺎﻣﺒﮫ وﺟﻤﺎﻋﺔ
ﺗﻮﻧﺲ اﻟﻔﺘﺎة ،ﻣﻤﺎ ﻛﺎن اﻧﻄﻼﻗﺎً ﻟﻠﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ
ﻟﻠﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ واﻟﺤﺮص ﻋﻠﻰ
اﻟﺠﻨﺴﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ).(10
ورﻛّﺰت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺘﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻗﻮف
ﺿﺪ اﻹدارة اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮة وﺿﺪّ ﺗﻮﻟﻲ اﻟﻤﻮﻇﻔﯿﻦ
اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﯿﻦ ﻟﻠﻤﻨﺎﺻﺐ اﻟﻘﯿﺎدﯾﺔ اﻟﮭﺎﻣﺔ .وﺗﻤﺜﻠﺖ أھﻢ اﻟﻘﯿﺎدات
اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﺸﯿﺦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺴﻨﻮﺳﻲ وﻣﻦ
ﺑﻌﺪه ﻓﻲ ﺑﺸﯿﺮ ﺻﻔﺮ اﻟﺬي اﻋﺘﺒﺮ أﺑﺎ اﻟﻨﮭﻀﺔ اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ﻓﻲ
ﺗﻮﻧﺲ.
ﺗﻌﺪ ﺗﻮﻧﺲ أﻛﺜﺮ ﺑﻠﺪان ﺷﻤﺎل إﻓﺮﯾﻘﯿﺎ ﺗﺄﺛﺮاً ﺑﺎﻟﺘﯿﺎرات اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ
ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ﻟﺬا ﺗﺄﺛﺮت اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ
ﻓﻲ ﻧﺸﺄﺗﮭﺎ اﻷوﻟﻰ ﺑﯿﻦ اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺑﺎﻟﺤﺮﻛﺔ
اﻹﺻﻼﺣﯿﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮق واﻟﺘﻲ ﺗﺰﻋﻤﮭﺎ
ﺟﻤﺎل اﻟﺪﯾﻦ اﻷﻓﻐﺎﻧﻲ واﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪه ،اﻟﺬي زار ﺗﻮﻧﺲ
واﻟﺘﻘﻰ ﺑﺄھﻞ اﻟﻔﻜﺮ ﻓﯿﮭﺎ ،وﺗﻠﻤﯿﺬه رﺷﯿﺪ رﺿﺎ .
ﯾﻀﺎف إﻟﻰ اﻟﺘﯿﺎرات اﻟﻤﺸﺮﻗﯿﺔ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ ،ﺗﺄﺛﺮ اﻟﺤﺮﻛﺔ
اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﺑﺎﻟﻤﺮاﻛﺰ اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﯾﻘﺔ ﻓﻲ
ﺗﻮﻧﺲ وأھﻤﮭﺎ ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﺰﯾﺘﻮﻧﺔ واﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺼﺎدﻗﯿﺔ اﻟﺘﻲ
ﻛﺎن ﻗﺪ أﺳﺴﮭﺎ اﻟﻮزﯾﺮ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ اﻟﻤﺼﻠﺢ ﺧﯿﺮ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺎﺷﺎ
ﻋﺎم 1874ﻟﺘﺪرﯾﺲ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺣﺘﻰ
ﺗﺤﺘﻔﻆ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ ﺑﻤﻜﺎﻧﺘﮭﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮭﺔ اﻟﻐﺰو اﻟﻠﻐﻮي
اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ.
ﻛﺬﻟﻚ ﻋﻤﻞ ھﺬا اﻟﻮزﯾﺮ ﻋﻠﻰ إﺻﻼح أﺣﻮال اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻓﻲ ﺟﺎﻣﻊ
اﻟﺰﯾﺘﻮﻧﺔ وأﻧﺸﺄ اﻟﻤﻜﺘﺒﺎت اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﺷﺠﻊ ﺣﺮﻛﺔ اﻟﻄﺒﺎﻋﺔ
واﻟﻨﺸﺮ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ أﻧﺤﺎء ﺗﻮﻧﺲ ﻓﻲ أواﺧﺮ اﻟﻘﺮن
ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺎﺿﻲ ). (11
وﺗﺨﺮج ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺼﺎدﻗﯿﺔ روّاد اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ
اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ وﻋﻠﻰ رأﺳﮭﻢ ﺑﺸﯿﺮ ﺻﻔﺮ وﻋﻠﻲ ﺑﺎش ﺣﺎﻣﯿﮫ
وﻋﻠﻲ ﺑﻮﺷﻮﺷﺔ اﻟﺬي أﺳّﺲ ﺟﺮﯾﺪة اﻟﺤﺎﺿﺮة ،ﻣﻠﺘﻘﻰ
ﻟﻠﻮﻃﻨﯿﯿﻦ ﻣﻦ ﻣﺜﻘﻔﻲ اﻟﺰﯾﺘﻮﻧﺔ واﻟﺼﺎدﻗﯿﺔ ،اﻟﺬﯾﻦ أﻗﺎﻣﻮا
ﺣﺮﻛﺔ ﻗﻮﻣﯿﺔ دﯾﻨﯿﺔ ﺗﺴﺘﮭﺪف ﺗﻘﻮﯾﺔ رواﺑﻂ ﺗﻮﻧﺲ ﺑﺤﺮﻛﺔ
اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ .ﺛﻢّ أﺳّﺲ ﺑﺸﯿﺮ
ﺻﻔﺮ -اﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﺸﺮﻓﺎً ﻋﻠﻰ اﻷوﻗﺎف -اﻟﻤﺪرﺳﺔ
اﻟﺨﻠﺪوﻧﯿﺔ )إﺣﯿﺎءً ﻟﺬﻛﺮى اﻟﻤﺆرخ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺸﮭﯿﺮ اﺑﻦ
ﺧﻠﺪون( ﻋﺎم 1896ﻟﯿﻮاﺻﻞ اﻟﻤﮭﻤﺔ اﻟﺘﻲ أﻧﺸﺌﺖ ﻣﻦ
أﺟﻠﮭﺎ ﻣﺪرﺳﺔ اﻟﺼﺎدﻗﯿﺔ.
ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻤﺒﻜﺮة ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﻛﺎن
اﻟﮭﺪف اﻷﻛﺒﺮ ﻟﻠﺰﻋﻤﺎء اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﯿﻦ ھﻮاﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ
اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﺪﯾﻦ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ رﺑﻂ
ﺗﻮﻧﺲ
ﺗﻮﻧﺲ ﺑﺄﻓﻜﺎر اﻻﻣﺘﺰاج ﻣﺎ ﺑﯿﻦ اﻟﻌﺮوﺑﺔ وﻣﺒﺎدﺋﮭﺎ واﻹﺳﻼم
وﻗﯿﻤﮫ.
ﺛﻢ ﺗﺄﺳﺲ ﺣﺰب ﺗﻮﻧﺲ اﻟﻔﺘﺎة ﻋﺎم 1908ﺑﻘﯿﺎدة ﻋﻠﻲ ﺑﺎش
ﺣﺎﻣﯿﮫ ﺑﺘﺄﺛﯿﺮ ﻣﻦ ﺣﺰب ﺗﺮﻛﯿﺎ اﻟﻔﺘﺎة واﻟﺤﺰب اﻟﻮﻃﻨﻲ
اﻟﻤﺼﺮي ﻓﻲ ﻋﮭﺪ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻛﺎﻣﻞ .وﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ
ﻟﻘﯿﺎم ﺣﺰب ﺗﻮﻧﺲ اﻟﻔﺘﺎة ھﻮ ﺳﯿﺎﺳﺔ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ﻓﻲ
ﺗﺠﻨﯿﺲ اﻟﯿﮭﻮد اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﯿﻦ .ودﻋﺎ اﻟﺤﺰب إﻟﻰ إﺣﯿﺎء ﻓﻜﺮة
اﻟﺪﺳﺘﻮر اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺸﺮوع ﺧﯿﺮ اﻟﺪﯾﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮري
اﻟﺼﺎدر ﻋﺎم .1867وﺑﺎﻧﻀﻤﺎم ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﺜﻌﺎﻟﺒﻲ إﻟﻰ
ھﺬه اﻟﺤﺮﻛﺔ ﻋﺎم 1909وﺗﺮﺟﻤﺘﮫ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻟﺼﺤﯿﻔﺘﮭﺎ
اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ اﺳﺘﻤﺮ ﻃﺎﺑﻊ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ
ﯾﺮﻛﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ.
إﻻ أن اﻟﺠﺪل اﻟﻌﻠﻨﻲ اﻟﻔﻜﺮي ﺣﻮل اﻟﺘﻌﺮﯾﺐ ﺳﺮﻋﺎن ﻣﺎ ﻇﮭﺮ
واﺣﺘﺪم ﺑﯿﻦ أﺟﻨﺤﺔ اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ .وﺷﮭﺪت
ﺗﻮﻧﺲ ﻗﺒﯿﻞ اﻟﺤﺮب اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ اﻷوﻟﻰ ﺻﺮاﻋﺎً ﻓﻜﺮﯾﺎً ﺟﻤﺎھﯿﺮﯾ ًﺎ
ﺷﺎرﻛﺖ ﻓﯿﮫ ﻓﺌﺎت واﺳﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب ،ﻟﻠﻤﻔﺎﺿﻠﺔ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ
ﻣﺸﺮوﻋﯿﻦ ﻣﺘﻀﺎدﯾﻦ ﺣﻀﺎرﯾﺎً وﺛﻘﺎﻓﯿﺎً واﻗﺘﺼﺎدﯾﺎً وﻛﺎﻧﺖ
ﻗﻀﯿﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ھﻲ ﻣﺤﻮر اﻟﺼﺮاع). (12
ذﻟﻚ أن ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﺗﻮﻧﺲ اﻟﻔﺘﺎة اﻟﺘﻲ ﺿﻤﺖ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﻣﺘﺨﺮﺟﺔ
ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺼﺎدﻗﯿﺔ أو ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎھﺪ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ اﻟﻤﺴﺘﺤﺪﺛﺔ
،داﻓﻌﺖ ﻋﻦ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ،ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرھﺎ ﻟﻐﺔ اﻟﺤﻀﺎرة
اﻟﺤﺪﯾﺜﺔ ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺿﺮورة اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﮭﺎ ﻟﻐﺔ أﺳﺎﺳﯿﺔ
ورﺳﻤﯿﺔ ﻟﻨﮭﻀﺔ اﻟﺒﻼد اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ .
ﻛﺬﻟﻚ اﻋﺘﺒﺮت ھﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﻨﻤﻂ اﻟﻌﺼﺮي اﻷوروﺑﻲ
ﻟﻠﺤﯿﺎة ھﻮ ھﺪﻓﮭﺎ اﻹﺻﻼﺣﻲ ﻣﻊ إﻗﺎﻣﺔ ﻣﺠﺘﻤﻊ رأﺳﻤﺎﻟﻲ
ﻟﯿﺒﺮاﻟﻲ واﻻﻋﺘﺮاف ﺑﺎﻟﺤﻤﺎﯾﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ واﻋﺘﺒﺎر ﻣﺸﺎرﻛﺔ
اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﯿﻦ ﻓﻲ ﺷﺆون اﻟﺪوﻟﺔ ھﻮ اﻟﮭﺪف اﻷول ﻟﻤﻄﺎﻟﯿﺒﮭﻢ
اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ .وداﻓﻊ ھﺬا اﻟﻔﺮﯾﻖ وﻋﻠﻰ رأﺳﮫ ﻋﻠﻲ ﺑﺎش ﺣﺎﻣﯿﮫ
ﻋﻦ وﺟﻮد " اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ " واﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ
اﻻزدواﺟﯿﺔ اﻟﻠﻐﻮﯾﺔ ﺣﯿﺚ ﺗﻜﻮن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ھﻲ ﻟﻐﺔ اﻟﻌﻠﻢ
واﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﺑﯿﻨﻤﺎ ﺗُﺪرس اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻟﻐﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ ﻓﺤﺴﺐ.
وأﻋﻠﻦ ﻋﻠﻲ ﺑﺎش ﺣﺎﻣﺒﮫ ﺷﻌﺎر" :ﯾﺠﺐ أن ﯾﻜﻮن اﻟﺘﺜﻘﯿﻒ
ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ وأن ﯾﻜﻮن اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ "). (13
ورأى أن ﻟﻐﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد واﻹدارة ﯾﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ
وأن ھﺪف اﻹﺻﻼح ھﻮ ﺗﺤﻘﯿﻖ "اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ"
وﻧﻤﻮذﺟﮭﺎ ھﻮ اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ اﻟﺮأﺳﻤﺎﻟﻲ اﻟﻐﺮﺑﻲ.
أﻣﺎ اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟﺬي داﻓﻊ ﻋﻦ ﻋﺮوﺑﺔ ﺗﻮﻧﺲ ﻓﻘﺪ ﺗﺄﻟﻒ
ﻣﻦ ﻋﺪة ﻋﻨﺎﺻﺮ وﻃﻨﯿﺔ ﻣﻨﺸﻘﺔ ﻋﻦ ﺣﺮﻛﺔ ﺗﻮﻧﺲ اﻟﻔﺘﺎة
وﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ ﺧﯿﺮ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺼﻄﻔﻰ وﺑﻌﺾ ﺧﺮﯾﺠﻲ ﺟﺎﻣﻌﺔ
اﻟﺰﯾﺘﻮﻧﺔ واﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺨﻠﺪوﻧﯿﺔ واﻋﺘﺒﺮ ھﺆﻻء أن اﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻻ ﺑﺪّ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻠﻐﺔ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﺮاﺣﻞ
اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻋﻠﻰ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ﻟﻐﺔ أﺟﻨﺒﯿﺔ ﺛﺎﻧﻮﯾﺔ ﻓﻲ
ﻣﺪارس ﺗﻮﻧﺲ .
ودﻋﺎ ھﺬا اﻟﻔﺮﯾﻖ إﻟﻰ اﻟﺘﺄﻛﯿﺪ ﻋﻠﻰ اﻷﺻﺎﻟﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻓﻲ ﻧﻄﺎق اﻻرﺗﺒﺎط ﺑﺒﻼد
........
اﻟﻤﺸﺮق اﻟﻌﺮﺑﻲ ورﻓﺾ اﻟﺴﯿﻄﺮة اﻟﺤﻀﺎرﯾﺔ اﻷوروﺑﯿﺔ
ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻧﺲ .وﻃﺎﻟﺒﺖ ھﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﻤﺪرﺳﺔ ﻣﻌﺮّﺑﺔ
ﺗﻤﺎﻣﺎً.
وﺑﺎدر ﺧﯿﺮ اﷲ ﺑﻦ ﻣﺼﻄﻔﻰ ﻓﻌﻼً إﻟﻰ إﻧﺸﺎء ھﺬه اﻟﻤﺪرﺳﺔ
اﻻﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ اﻟﻤﻌﺮّﺑﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎً واﺳﺘﻮرد ﻟﮭﺎ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺪراﺳﯿﺔ ﻣﻦ
ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺔ أﺳﺎﺳﺎً وﻗﺎﻣﺖ ھﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ ﺑﺄول
إﺿﺮاب ﺳﯿﺎﺳﻲ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻋﺎم 1911وﻛﺎن ﻣﻌﻘﻠﮫ ھﻮ
ﺟﺎﻣﻊ اﻟﺰﯾﺘﻮﻧﺔ .
ﻧﺨﻠﺺ إﻟﻰ أن اﻟﺘﻌﺮﯾﺐ ﻛﺎن أھﻢ ﻣﻄﻠﺐ ﻟﮭﺬه اﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺔ
ﻓﻲ ﻧﻄﺎق اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﻤﺒﻜﺮة ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ)).14
ﺛﻢ ﺗﺄﺳﺲ ﻋﺎم 1919اﻟﺤﺰب اﻟﺪﺳﺘﻮري )اﻟﻘﺪﯾﻢ( ،وھﻮ
أول ﺣﺮﻛﺔ ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ﺣﺰﺑﯿﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻟﺤﻤﺎﯾﺔ
ﻓﻄﺎﻟﺐ ﺑﺴﯿﺎدة اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ
وإداراﺗﮭﺎ .ﻛﻤﺎ ﺟﺎء اﻟﺤﺰب اﻟﺪﺳﺘﻮري )اﻟﺠﺪﯾﺪ( ﻟﯿﺆﻛﺪ
ﺿﺮورة إﺣﻼل اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ ﻣﺤﻞ اﻟﻠﻐﺔ
اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ .وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﺘﻌﺮﯾﺐ ﻣﻦ أﺑﺮز ﺷﻌﺎرات ﻧﻘﺎﺑﺔ
اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ وﻣﻄﺎﻟﺒﮭﺎ ﻗﺒﻞ اﻻﺳﺘﻘﻼل).(15
اﻟﮭﻮاﻣﺶ :
) اﻟﻌﻘﺎد ،اﻟﻤﻐﺮب اﻟﻌﺮﺑﻲ ،اﻟﺠﺰاﺋﺮ ،ﺗﻮﻧﺲ ،اﻟﻤﻐﺮب
اﻷﻗﺼﻰ ،ص. 318
)(11د.ﻧﺎزﻟﻲ ﻣﻌﻮض أﺣﻤﺪ ،ﻣﺼﺪر ﺳﺎﺑﻖ ،ص.78-76
)(12ھﺸﺎم ﺑﻮ ﻗﻤﺮة) ،ﺗﻌﻘﯿﺐ (2ﻓﻲ ﻛﺘﺎب ﻣﺤﻤﺪ اﻟﮭﺎدي
اﻟﺸﺮﯾﻒ) ،ﻣﻨﺎﻗﺸﺎت( ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺮﯾﺐ ودوره ﻓﻲ ﺗﺪﻋﯿﻢ اﻟﻮﺟﻮد
اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﻲ ،ص. 105
)(13ھﺸﺎم ﺑﻮﻗﻤﺮة )ﺗﻌﻘﯿﺐ (3اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.176
)(14ھﺸﺎم ﺑﻮﻗﻤﺮة )ﺗﻌﻘﯿﺐ (2اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ،ص.106
)(15ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻋﺎﺷﻮري ،ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻟﺘﻘﻮﯾﻢ ﺗﺠﺮﺑﺔ اﻟﺘﻌﺮﯾﺐ
ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ،اﻟﺘﻌﺮﯾﺐ ودوره ﻓﻲ ﺗﺪﻋﯿﻢ اﻟﻮﺟﻮد اﻟﻌﺮﺑﻲ
واﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﻣﺮﻛﺰ دراﺳﺎت اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ
ﻣﺆﻟﻔﯿﻦ ،ﻃﺒﻌﺔ أوﻟﻰ أﯾﺎر /ﻣﺎي ،1982ص.251-250
أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻣﻠﯿﻮﻧﻲ ﻻﺟﺊ ﺳﻮري :ﻣﺄﺳﺎة ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ وﻣﻌﺎﻧﺎة ﻓﻲ ﺑﺮد اﻟﺸﺘﺎء ..ﻣﻦ ﻗﺴﻮة اﻟﺤﺮب اﻟﻰ ﻗﺴﻮة اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ..
.
اﻟﯿﻮم ﺗﻤﺮ ذﻛﺮى ﯾﻮم ﻋﻈﯿﻢ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ اﻷﻣﺔ ،ﺣﯿﻦ ﻗﺎﻣﺖ
ﻗﺒﻞ 57ﻋﺎﻣﺎً دوﻟﺔ اﻟﻮﺣﺪة ﺑﯿﻦ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺎ ،وﻣﺎ
أﺣﻮﺟﻨﺎ اﻟﯿﻮم ﻟﻠﺘﺬﻛﺮ واﻟﺪرس ﻓﻲ وﻗﺖ ﺗﺘﻌﺮض ﻓﯿﮫ اﻷﻣﺔ
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻷﺷﺪ اﻟﻤﺨﺎﻃﺮ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺨﮭﺎ اﻟﺤﺪﯾﺚ .رﺑﻤﺎ ﺗﻜﻮن
ھﺬه اﻟﻮﺣﺪة اﻟﮭﺎﺋﻠﺔ ﻗﺪ ﺳﻘﻄﺖ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮات ،وﻟﻜﻨﮭﺎ ﺳﺘﺒﻘﻰ
ﻓﻲ ذاﻛﺮة اﻷﻣﺔ ﻋﻨﻮاﻧﺎً ﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ أﻋﻈﻢ ﻓﺘﺮات اﻟﻨﻀﺎل
اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺤﺮر ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻼل اﻟﺬي ﻛﺎن وﻣﺎزال
راﺑﻀﺎً ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻢ اﻷرض اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﻘﺪم
واﻟﻨﮭﻀﺔ ﺗﺤﺖ راﯾﺔ ﻋﺮﺑﯿﺔ واﺣﺪة وﺟﮭﺪ ﻋﺮﺑﻲ ﻣﺸﺘﺮك ..
ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻗﺪ اﺷﺘﻌﻠﺖ ﺑﻌﺪ ﺣﺮب اﻟﺴﻮﯾﺲ
وﻛﺎﻧﺖ ﻣﻮﺟﺔ اﻟﺘﺤﺮر اﻟﺘﻲ اﺟﺘﺎﺣﺖ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ واﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺜﺎﻟﺚ
ﻛﻠﮫ ﺗﺴﺘﻠﮭﻢ ﻛﻔﺎح ﺷﻌﺐ ﻣﺼﺮ وﻧﻀﺎل ﺷﻌﺐ اﻟﺠﺰاﺋﺮ وﺑﺎﻗﻲ
اﻟﺸﻌﻮب اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﺗﺘﺼﺎﻋﺪ ﯾﻮﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﯾﻮم ..
وﻛﺎن اﻟﻤﺪ اﻟﻘﻮﻣﻲ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﯾﺼﻞ إﻟﻰ ﻣﺪاه ﺑﻌﺪ أن أدرك
ﻋﻤﻖ اﻟﺮواﺑﻂ ﺑﯿﻦ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﺣﺠﻢ اﻟﺘﺂﻣﺮ ﻋﻠﯿﮭﺎ
واﻷﻃﻤﺎع ﻓﻲ ﺛﺮواﺗﮭﺎ ،وﻛﺎﻧﺖ أﻣﯿﺮﻛﺎ ﺗﺴﻌﻰ ﻟﻮراﺛﺔ
اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر اﻟﻘﺪﯾﻢ ،وﺗﺮﯾﺪ اﻟﮭﯿﻤﻨﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﻻﺳﺘﺨﺪاﻣﮭﺎ
ﻓﻲ ﺣﺮﺑﮭﺎ اﻟﺒﺎردة ﺿﺪ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﺴﻮﻓﯿﯿﺘﻲ ..
وﻛﺎن اﻟﻤﺨﻄﻂ ﻗﺮﯾﺒﺎً ﻣﻤﺎ ﻧﺮاه اﻟﯿﻮم ،ﺣﯿﺚ ﯾﺮاد ﺗﻔﺘﯿﺖ
اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﺑﻘﺎﺋﮫ رھﻦ اﻟﻨﻔﻮذ اﻟﺨﺎرﺟﻲ ..وﻓﻲ ھﺬه
اﻟﻈﺮوف ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻮﺣﺪة ﺑﯿﻦ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺎ ورﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﯾﻜﻦ
اﻟﺘﻮﻗﯿﺖ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎً ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻤﺼﺮ ،وﻗﺪ ﺣﺎول ﺟﻤﺎل ﻋﺒﺪ
اﻟﻨﺎﺻﺮ إﻋﻄﺎء ﻓﺮﺻﺔ ﻟﻠﺘﻤﮭﯿﺪ ﻗﺒﻞ اﻟﻮﺣﺪة أو اﺧﺘﯿﺎر ﻧﻮع
ﻣﻦ اﻻﺗﺤﺎد اﻟﻔﯿﺪراﻟﻲ ،وﻟﻜﻦ ،ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺨﻄﺮ ﻋﻠﻰ
ﺳﻮرﯾﺎ ﻻ ﯾﺤﺘﻤﻞ ذﻟﻚ ..
وﻛﺎﻧﺖ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﻘﺎدة اﻟﺴﻮرﯾﯿﻦ اﻟﺬﯾﻦ ذھﺒﻮا إﻟﻰ اﻟﻘﺎھﺮة
ﯾﻮﻣﮭﺎ :إﻧﮫ إﻣﺎ اﻟﻮﺣﺪة وإﻣﺎ ﺿﯿﺎع ﺳﻮرﯾﺎ .ﺣﯿﺚ ﻛﺎﻧﺖ
اﻟﺠﯿﻮش اﻟﺘﺮﻛﯿﺔ ﺗﻘﻒ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪود وﺗﮭﺪد ﺑﺎﺟﺘﯿﺎح ﺳﻮرﯾﺎ
وإﺳﻘﺎط اﻟﺤﻜﻢ ﻓـﯿﮭﺎ ،وﺿﻢ أﺟﺰاء أﺧﺮى ﻣﻦ أراﺿﯿﮭﺎ
ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﺳﺒﻖ اﻻﺳﺘﯿﻼء ﻋﻠﯿﮫ !! ..
وﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺗﺮﻛﯿﺎ ﺗﺘﺼﺮف وﺣﺪھﺎ ..ﺑﻞ ﻛﺎن وراءھﺎ ﻗﺮار
واﺷﻨﻄﻦ ودول اﻟﻐﺮب اﻟﺤﻠﯿﻔﺔ ﻟﮭﺎ ودﻋﻢ اﻟﻨﺎﺗﻮ واﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻣﻊ
إﯾﺮان واﻟﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ إﺳﺮاﺋﯿﻞ ..وﻣﻦ ھﻨﺎ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻮﺣﺪة
ﯾﻮﻣﮭﺎ ﺗﺤﻘﯿﻘﺎً ﻟﺤﻠﻢ ﻋﺮﺑﻲ ﻓﻘﻂ ،وﻟﻜﻨﮭﺎ ﻛﺎﻧﺖ رداً ﻋﻠﻰ
ﻣﺆاﻣﺮة ..وﻗﺪ ﻛﺎن اﻟﻤﻨﻄﻖ ﻧﻔﺴﮫ اﻟﺬي ﻗﺎد إﻟﻰ اﻟﻮﺣﺪة
ﯾﻮﻣﮭﺎ ،ھﻮ اﻟﺬي ﻗﺎد ﻣﺼﺮ ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻣﯿﻦ ﻷن ﺗﺮﺳﻞ ﻗﻮات
رﻣﺰﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻜﻮﯾﺖ اﻟﺸﻘﯿﻖ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻌﺮض ﻓﻮر اﺳﺘﻘﻼﻟﮫ
ﻟﺘﮭﺪﯾﺪ ﻋﺒﺪ اﻟﻜﺮﯾﻢ ﻗﺎﺳﻢ ﺑﺎﻟﻐﺰو ..
ﻟﻢ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﻣﺼﺮ ﻗﺮاراً دوﻟﯿﺎً وﻻ إذﻧﺎً ﻣﻦ واﺷﻨﻄﻦ أو ﻏﯿﺮھﺎ
واﻟﻌﻮاﺻﻢ اﻟﻜﺒﺮى وﻟﻢ ﺗﺘﺮك اﻟﻮﺣﺪة ﻣﺠﺎﻻً ﻟﻠﻌﺒﺚ ..ﻓﮭﻲ
ﻋﻨﺪھﺎ ـ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء ـ إرادة ﺷﻌﻮب وﻟﯿﺴﺖ ﻣﻐﺎﻣﺮات
ﻟﻠﺤﻜﺎم .واﻟﻤﻨﻄﻖ ﻧﻔﺴﮫ ھﻮ اﻟﺬي ﺣﻜﻢ ﺗﺼﺮف ﻣﺼﺮ ﻓﻲ ھﺬه
اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻤﮭﻤّﺔ ،اﻟﺘﻲ ﺷﮭﺪت ﻛﻔﺎح اﻷﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﺗﺤﺮّرھﺎ
ﻣﻦ اﻟﻤﺤﯿﻂ إﻟﻰ اﻟﺨﻠﯿﺞ ،ﻓﻮﻗﻔﺖ ﻣﺼﺮ ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻦ ﻋﺮوﺑﺘﮭﺎ
وﺗﺴﺎﻧﺪ ﻛﻔﺎﺣﮭﺎ ﺿﺪ اﺣﺘﻼل ﻛﺎن ﻻﺑﺪ أن ﯾﺮﺣﻞ ..
وﺿﺪ أﻃﻤﺎع إﻗﻠﯿﻤﯿﺔ ودوﻟﯿﺔ ﻛﺎﻧﺖ وﻣﺎزاﻟﺖ ﺗﺤﺎول ﻗﻄﻊ
اﻟﻄﺮﯾﻖ ﻋﻠﻰ وﺣﺪة اﻟﻌﺮب وﺗﻘﺪﻣﮭﻢ ..وﻛﺎﻧﺖ وﻣﺎزاﻟﺖ
ﻛﺎرھﺔ ﻟﻌﺮوﺑﺔ اﻟﺨﻠﯿﺞ ووﺣﺪة أﺑﻨﺎﺋﮫ .وھﺬا اﻟﻤﻨﻄﻖ ﻧﻔﺴﮫ
ھﻮ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ أﻗﻄﺎره وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ
وﺣﺪھﺎ ﯾﺮﻓﺾ ھﺰﯾﻤﺔ 67وﯾﺪرك أن اﻷﻋﺪاء ﯾﺮﯾﺪوﻧﮭﺎ
ﻃﺮﯾﻘﺎً ﻟﻮﺿﻊ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ ﻛﻠﮫ ﺗﺤﺖ ﻧﻔﻮذھﻢ .
وﻣﻦ ھﻨﺎ ﻛﺎن ﺗﺤﺎﻟﻒ أﻛﺘﻮﺑﺮ ﺑﯿﻦ ﻣﺼﺮ وﺳﻮرﯾﺎ ودول
اﻟﺨﻠﯿﺞ ،وﺑﺎﻗﻲ اﻟﺪول اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺠﺰاﺋﺮ واﻟﻤﻐﺮب ﺣﺘﻰ
اﻟﻌﺮاق ،وﻛﺎن اﺳﺘﺨﺪام ﺳﻼح اﻟﻨﻔﻂ ﻓﻲ ﻣﺴﺎﻧﺪة اﻟﺠﮭﺪ
اﻟﺤﺮﺑﻲ ،واﻟﺤﺪﯾﺚ ﯾﻄﻮل ﻋﻤﺎ وﻗﻊ ﺑﻌﺪ ﺣﺮﺑﻨﺎ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻓﻲ
،1973وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﯾﮭﻤﻨﺎ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﺠﺎل أﻧﻨﺎ ﺷﮭﺪﻧﺎ أرﺑﻌﯿﻦ
ﻋﺎﻣﺎً ﻣﻦ ﺗﺮاﺟﻊ اﻟﻔﻜﺮة اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ واﻟﺠﮭﺪ اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻟﻤﺸﺘﺮك … وﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻧﺠﺎح اﻟﻘﻮى اﻟﻤﻌﺎدﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺪﻣﯿﺮ
دول ﻋﺮﺑﯿﺔ وﻓﻲ إﺷﺎﻋﺔ اﻟﻔﻮﺿﻰ ﻓﻲ أﻧﺤﺎء اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻲ
وﺗﺤﻮﯾﻞ ﺟﺰء ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻨﮫ إﻟﻰ ﺳﺎﺣﺔ ﻟﺠﻤﺎﻋﺎت اﻹرھﺎب
اﻟﻤﺪﻋﻮﻣﺔ ﻣﻦ ﻗﻮى دوﻟﯿﺔ وإﻗﻠﯿﻤﯿﺔ أو ﻣﻦ ذﯾﻮﻟﮭﺎ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
ﻟﻸﺳﻒ اﻟﺸﺪﯾﺪ !!..
" ....إن اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ھﻰ اﻟﺪّرع اﻟﺬى ﯾﺤﻤﻰ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﻌﺮﺑﻰ ﻣﻦ ﻣﺆاﻣﺮات اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر .و ھﻰ
اﻟﺴﻼح اﻟﺮﺋﯿﺴﻰ اﻟﺬى ﻣﻜّـﻨﻨﺎ ﻣﻦ ھﺰﯾﻤﺔ اﻟﻌﺪوان اﻟﺜﻼﺛﻰ اﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﻰ -اﻟﻔﺮﻧﺴﻰ -اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﻰ ﻋﻠﻰ
ﻣﺼﺮﻓﻲ ﺳﻨﺔ . 56ھﺬا اﻟﻌﺪوان اﻟﺬى ﻛﺎن ﯾﮭﺪف إﻟﻰ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻟﻜﻨﮫ ﻗﻮّاھﺎ
وأﺷﻌﻠﮭﺎ و ﻣﻜّﻨﮭﺎ.
إن اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺘﻰ اﺷﺘﻌﻠﺖ اﻟﯿﻮم ،واﻟﺘﻰ آﻣﻦ ﺑﮭﺎ ﻛﻞ ﻋﺮﺑﻰ ﺣﺮ ،ھﻰ اﻟﺴﻼح اﻟﺬى ﺳﻨﺤﺎرب
ﺑﮫ داﺋﻤﺎً اﻟﻌﺪوان ،وﺳﻨﺤﺎرب ﺑﮫ داﺋﻤﺎً اﻟﺴﯿﻄﺮة اﻷﺟﻨﺒﯿﺔ ،وﺳﻨﺤﺎرب ﺑﮫ آﻣﺎل اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﯿﺔ ﻓﻰ
اﻟﺘﻮﺳّﻊ واﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺮب .
Documents récents du même auteur
خيول الظلام 21 novembre 2018
الخطاب العربي المعاصر 1er avril 2018
الفتنة ـ هشام جعيط 1er avril 2018
جمال عبد الناصر دراسة في اقواله 31 juillet 2017
الاسلام بين العروبة والقومية 31 juillet 2017
مشروع دراسة عن دولة العرب 26 juillet 2017
الاصل في حرية التعبير 9 juillet 2017
من أجل النصر .. دروس من الهزيمة 3 juin 2017
الصهيونية في العقل العربي 3 juin 2017
المحدّدات الموضوعية لدور مصر 2 juin 2017
المحددات الموضوعية لدور مصر 1er juin 2017
يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو 21 avril 2017
الحياد المستحيل 1er avril 2017
الحقيقة الوحيدة في حرب الخليج 31 mars 2017
اعلان الحرب العالمية الثالثة 22 mars 2017
مقياس الخطر من الوجود الاجنبي 22 mars 2017
الديمقراطية والوحدة العربية 19 mars 2017
الارادة الوطنية 12 mars 2017
الصعـــــود الــــــى القمة 12 mars 2017
أرض الوطن بين الحرب والسلام 15 février 2017