القدس العدد 156 PDF
À propos / Télécharger Lire le document
Nom original: القدس العدد 156.pdf
Ce fichier au format PDF 1.5 a été envoyé sur Fichier-PDF le 01/01/2015 à 15:30, depuis l'adresse IP 197.1.x.x.
La présente page de téléchargement du fichier a été vue 728 fois.
Taille du document: 3.6 Mo (12 pages).
Confidentialité: fichier public
Aperçu du document
ﻣﺮﺣﻠﺔ اﻟﺜﻮرة اﻟﻨﺎﻋﻤﺔ ..
ان ﺳﯿﻄﺮة ﻧﺪاء ﺗﻮﻧﺲ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﮭﺪ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ ،داﺧﻞ ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻌﺐ
وﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻤﺮﺗﻘﺒﺔ ﺛﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ،ﯾﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﻌﻮد ـ ﻧﻈﺮﯾﺎ ـ اﻟﻰ
ﻣﺮﺑﻊ اﻟﺜﻮرة ،ﺗﺤﺖ ﺳﯿﻄـﺮة اﻟﺤﺰب اﻟﻘﺪﯾﻢ اﻟﺬي ﺳﯿﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ
اﻟﺘﻐـﻮّل ﺑﻜﻞ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ ﻣﺴﺘﻐﻼ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﺴﻂ ﻧﻔﻮذه
ﻋﻠﻰ اﻟﺪوﻟﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ..ﺣﯿﺚ ﻟﻦ ﯾﺘﻮﻗﻒ اﻷﻣﺮ ﻋﻨﺪ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﺪود ..
ﺑﻞ ﺳﯿﺴﺘﻤﺮ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺴﯿﻄـﺮة اﻟﺤﺰﺑﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮﺟﻢ اﻟﻤﻔﮭﻮم
اﻟﺘﺠﻤّﻌﻲ ﻟﻠﺸﺮﻋﯿﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺴﯿﻄﺮة اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻮزارات أوﻻ ،
ﺑﺎﺗﺒﺎع اﺳﻠﻮب اﻟﺘﻄﮭﯿﺮ واﻟﺘﻌﯿﯿﻦ داﺧﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻃﺎر ﺻﻼﺣﯿﺎت اﻟﻮزﯾﺮ
ﻻﺧﺘﯿﺎر اﻟﻔﺮﯾﻖ اﻟﺬي ﯾﻨﺎﺳﺒﮫ !! ..ﺛﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﻰ
اﻟﻮﻻﯾﺎت ﺑﺘﻌـﯿﯿـﻦ اﻟﻮﻻة اﻟﺤﺰﺑﯿﯿﻦ اﻷوﻓـﯿﺎء ،واﻟﻤﻌﺘﻤﺪﯾﻦ اﻷول
أﻣﺜﺎﻟﮭﻢ ،واﻟﻤﻨﺪوﺑﯿﻦ اﻟﺠﮭﻮﯾﯿﻦ واﻟﻤﺪﯾﺮﯾﻦ اﻟﻌﺎﻣﯿﻦ وﻛﻞ اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﻦ
اﻟﺴﺎﻣﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺴﯿﺎدﯾﺔ ﺑﺎﻟﻮﻻﯾﺔ ..وﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺴﯿﻄﺮة
ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ ﺑﺘﻌـﯿﯿﻦ اﻟﻤﻌﺘﻤﺪﯾﻦ واﻟﻌﻤﺪ ..ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻢ ـ ﻋﻦ
ﻃﺮﯾﻖ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ﻣﺮة اﺧﺮى ـ اﺳﺘﻜﻤﺎل اﻟﺴﯿﻄـﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻠﺪﯾﺎت ،ﻣﻦ
ﻃﺮف " ﻧﺪاء اﻟﺘﺠﻤﻊ " ﺑﻔﻀﻞ ﻣﺎ ﻟﺪﯾﮫ ﻣﻦ ﻣﺎل وﺧﺒـﺮة ،وﺑﻔﻀﻞ "
ﻣﺎﻛـﯿﻨـﺘﮫ " اﻟﺠﺎھـﺰة واﻟﻤﮭـﯿّـﺌﺔ ﺧﺼّﯿﺼﺎ ﻟﻤﺜﻞ ھﺬه اﻟﻤﮭﻤّﺎت ..
ﻏﯿﺮ أن اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻟﯿﺲ ھﻮ اﻟﻮﺿﻊ ﻗﺒﻞ 14ﺟﺎﻧﻔﻲ ـ ﯾﻘﻮل
اﻟﻌﺎرﻓﻮن ـ ﺣﺘﻰ وان ﻛﺎن ﻻ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﯿﺮا ﻓﻲ ﻣﻀﺎﻣﯿﻨﮫ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ
واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ،ﻷن اﻟﺪﺧﻮل ﻓﻲ اﻟﻔﻮﺿﻰ ﺑﻤﻌـﻨﻰ اﻟﺘﻤﺮّد ﻋﻠﻰ
ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪوﻟﺔ ﻗﺼﺪ إﺳﻘﺎﻃﮭﺎ ﺑﻨﻔﺲ اﻟﻜﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤّﺖ ﺑﮭﺎ ﻣﻨﺬ 17
دﯾﺴﻤﺒﺮ ، 2010ﻟﻢ ﯾﻌﺪ ﻣﻤﻜﻨﺎ ﺑﺴﺒﺐ وﺟﻮد اﻹرھﺎب اﻟﻤﺘﺄھﺐ ﺑﺎﻟﻌﺘﺎد
واﻟﺴﻼح ،ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﺪاﺧﻞ أو ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪود ..وھﻮ ﻣﺎ ﯾﺠﻌﻞ
اﻟﺘﻤﺴّﻚ وﻟﻮ ﺑﺨﯿﻂ ﻣﻦ ﺣـﺒﻞ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ـ ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮﻟﻮن ـ أﻓﻀﻞ
آﻻف اﻟﻤﺮات ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﻜﺎرﺛﻲ اﻟﺬي ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻀﯿﻊ ﻓﯿﮫ ﻛﻞ ﺷﺊ
ﺑﯿﻦ ﻋﺸﯿﺔ وﺿﺤﺎھﺎ ..وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻻ ﯾﺒﻘﻰ ـ ﻧﻈﺮﯾﺎ أﯾﻀﺎ ـ أﻣﺎم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
اﻟﻤﺪﻧﻲ واﻟﻘﻮى اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﺒﻠﺖ ﺑﺎﻟﻠﻌـﺒﺔ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ،وﺧﺎﺻﺔ
ﺗﻠﻚ اﻟﻘﻮى اﻟﺮاﻓﻀﺔ ﻟﻜﻞ ﺷﺊ ،ﺳﻮى اﻻﻧﺼﯿﺎع ﻟﻸﻣﺮ اﻟﻮاﻗﻊ ،وإﺗﺒﺎع
أﺳﺎﻟﯿﺐ اﻟﺘﻐﯿﯿﺮ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﺴﻠﻤﯿﺔ ..
ﻟﺬﻟﻚ ﺳﻨﺴﻤﻊ ﺧﻼل اﻟﻔﺘـﺮة اﻟﻘﺎدﻣﺔ ،ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن اﻟﻜﺜـﯿـﺮ ﻣﻦ
اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﯿﻦ " اﻟﺤﻜﻤﺎء " وھﻢ ﯾﻘﻮﻟﻮن " :ﯾﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﯿﻊ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ
ﻣﻊ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﺎﻷﺳﺎﻟﯿﺐ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ " اﻟﻤﺘﺤﻀﺮة " ﺗﺠﻨﺒﺎ
ﻟﻼﻧﻔﻼت واﻟﻔﻮﺿﻰ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺆدي اﻻ ﻟﻤﺎ ﻻ ﯾﺤﻤﺪ ﻋﻘﺒﺎه .. " !!..
وﺣﯿﺚ " ﻻ ﯾﻘﻮد ﺗﮭﺪﯾﺪ اﻷﻣﻦ ،وإرﺑﺎك ﻋﻤﻞ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت إﻻ إﻟﻰ
اﻟﻮﺿﻊ اﻷﺳﻮأ اﻟﺬي ﺗﺘـﺮﺻّﺪه اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻹرھﺎﺑﯿﺔ اﻟﻤﺘﺮﺑﺼﺔ ﻓﻲ
اﻟﺪاﺧﻞ واﻟﺨﺎرج "..
ﻛﻤﺎ ﺳﯿﻘﻮﻟﻮن " :ان اﻟﺼﺒﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﺤﺎﻟﯿﺔ ھﻮ ﻣﻦ ﺑﺎب
اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ،ﺣﯿﺚ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻻﺻﻼح ﺟﮭﺪا ﻃﻮﯾﻼ
وﻣﺘﻮاﺻﻼ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺒﮭﺎ ،وﺻﺒﺮا ﺟﻤﯿﻼ ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ " ..
ھﻲ اذن اﻟﺜﻮرة اﻟﻨﺎﻋﻤﺔ واﻟﻤﺘﺤﻀّﺮة ،وﺻـﻔﺔ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﻘﺎدﻣﺔ
ﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ اﻻرھﺎب !! ..
ﻃﯿﺐ .وﻣﺎذا ﻧﻔﻌﻞ اذا ﻋﺎدت ﺣﻠﯿﻤﺔ اﻟﻰ ﻋﺎدﺗﮭﺎ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ ..؟ اﻻ
ﺗﻘﺘﻀﻲ ﻣﺜﻞ ھﺬه اﻟﻮﺻﻔﺔ ﺗﺮﺟﻤﺔ ﻓﻌﻠﯿﺔ ،وﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﻟﻤﺜﻞ ﻣﻦ ﻃﺮف
اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻤﻨﺘﺨﺒﺔ ..؟ ﻧﺘﻤﻨﻰ ذﻟﻚ !! ..
ﻻ ﺗﺼﺎﻟﺢ ..
* اﻻﺳﻜﺎﻓﻲ ﯾﺼﻨﻊ اﻟﺤﺬاء ،ﻟﻜﻦ ﻣﻦ ﯾﻨﺘﻌـﻠﮫ ھﻮ
وﺣﺪه اﻟﺬي ﯾﻌـﺮف أﯾﻦ ﯾﻀﺎﯾﻘﮫ ..
) ﺣﻜﻤﺔ ﯾﻮﻧﺎﻧﯿﺔ ( .
* ﻻ ﯾﺨﻠﻮ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﻼء واﻟﺨﻮﻧﺔ ..ﻟﻜﻦ
ﻣﺼﯿﺮﻧﺎ ﻣﺮﺗﺒﻂ ﺑﻤﺼﯿﺮھﻢ ..
) د.ﻋﺼﻤﺖ ﺳﯿﻒ اﻟﺪوﻟﺔ ( .
ﻗﺎل اﻟﻄﺒﯿﺐ ﻷﺣﺪ اﻟﻤﺠﺎﻧﯿﻦ اﻟﺬي أﻧﻘﺬ زﻣﯿﻠﮫ ﻣﻦ اﻟﻐﺮق
:أﻧﺖ ﻗﻤﺖ ﺑﻌﻤﻞ راﺋﻊ ﺣﯿﻦ أﻧﻘﺬت زﻣﯿﻠﻚ ،ﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ
زﻣﯿﻠﻚ ﺷﻨﻖ ﻧﻔﺴﮫ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ..
ﻓﻘﺎل اﻟﻤﺠﻨﻮن ﻣﺼﺤّﺤﺎ :ﻻ ﯾﺎ دﻛﺘﻮر أﻧﺎ اﻟﺬي ﻋﻠﻘﺘﮫ
ﻟﯿﺠﻒ !! ..
وﻟﻮ ﺗﻮﱠﺟﻮك ﺑﺘﺎج اﻹﻣﺎرة
ﻛﯿﻒ ﺗﺨﻄﻮ ﻋﻠﻰ ﺟﺜﺔ اﺑﻦ أﺑﯿﻚَ ..؟
وﻛﯿﻒ ﺗﺼﯿﺮ اﻟﻤﻠﯿﻚَ ..
ﻋﻠﻰ أوﺟﮫِ اﻟﺒﮭﺠﺔ اﻟﻤﺴﺘﻌﺎرة ؟
ﻛﯿﻒ ﺗﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﯾﺪ ﻣﻦ ﺻﺎﻓﺤﻮك ..
ﻓﻼ ﺗﺒﺼﺮ اﻟﺪم ..
ﻓﻲ ﻛﻞ ﻛﻒ ؟
إن ﺳﮭﻤًﺎ أﺗﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺨﻠﻒ ..
ﺳﻮف ﯾﺠﯿﺌﻚ ﻣﻦ أﻟﻒ ﺧﻠﻒ
ﻓﺎﻟﺪم ـ اﻵن -ﺻﺎر وﺳﺎﻣًﺎ وﺷﺎرة
ﻻ ﺗﺼﺎﻟﺢ ،
وﻟﻮ ﺗﻮﱠﺟﻮك ﺑﺘﺎج اﻹﻣﺎرة
إن ﻋﺮﺷَﻚ :ﺳﯿﻒٌ
وﺳﯿﻔﻚ :زﯾﻒٌ
إذا ﻟﻢ ﺗﺰنْ ـ ﺑﺬؤاﺑﺘﮫ -ﻟﺤﻈﺎتِ اﻟﺸﺮف
واﺳﺘﻄﺒﺖ – اﻟﺘﺮف ..
) أﻣﻞ دﻧﻘﻞ ( .
ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻗﺎﻣﺖ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت واﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت ﻓﻲ ﻣﺪن اﻟﺠﻨﻮب
ﺑﻌﺪ اﻻﻋﻼن ﻋﻦ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت ،ذھﺐ اﻟﺒﻌﺾ ﻟﻠﺒﻨﺎء
ﻋﻠﻰ ﻧﻈﺮﯾﺔ اﻟﻤﺆاﻣﺮة ،اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮل ﺑﺄن ھﻨﺎك أﻃﺮاف
ﺗﺤﺮّك أو ﺗﺘﺤﺮّك ﻓﻲ اﻟﺨﻔﺎء ﻟﺘﻔﺠﯿﺮ اﻟﻮﺿﻊ ﻷي ﺳﺒﺐ ،
وھﻮ أﻣﺮ وارد ،ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ اﻟﻰ ﻣﺎ ﯾﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻤﺤﯿﻂ اﻟﻌﺮﺑﻲ
ﻋﻤﻮﻣﺎ ،ﺣﯿﺚ اﺗﻀﺢ ﻟﻜﻞ اﻟﻤﻼﺣﻈﯿﻦ أن ھﻨﺎك داﺋﻤﺎ ﻧﺎر
ﺗﺤﺖ ﻛﻞ دﺧﺎن ..
وﺣﯿﻨﻤﺎ أﻋﻠﻦ اﻟﺮﺋﯿﺲ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﻨﺼﻒ اﻟﻤﺮزوﻗﻲ ﻋﻦ
ﺑﻌـﺚ " ﺣﺮﻛﺔ ﺷﻌﺐ اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ " ،وھﻮ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺬي
ﻟﻢ ﺗﻨﺘﮫ ﻣﺪﺗﮫ وﻋﮭﺪﺗﮫ ،ﺣﯿﺚ ﯾﻔﺘﺮض ان ﯾﺒﻘﻰ اﻟﻰ آﺧﺮ
ﻟﺤﻈﺔ رﺋﯿﺴﺎ ﻓﻘﻂ ،ﺛﻢ رﺋﯿﺴﺎ ﻟﻜﻞ اﻟﺸﻌﺐ ﺑﻜﻞ ﻣﻮاﻃﻨﯿﮫ ،
ﻗـﯿﻞ أن اﻟﻤﺮزوﻗﻲ ﻗﺪ اﺑﺘﻠﻊ اﻟﻄﻌﻢ ووﻗﻊ ﻓﻲ اﻟﻔﺦ
اﻟﻤﻨﺼﻮب اﻟﺦ ..
ﻏﯿﺮ أن اﻟﻤﺘﺄﻣﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﺄوﯾﻼت واﻟﺘﻔﺴﯿﺮات ﺛﻢ ﻓﻲ
ﻣﺤﺎوﻻت اﻟﺘﺪارك ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﻨﺘﻤﯿﻦ اﻟﻰ اﻟﺤﻤﻠﺔ
اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﯿﺔ ﻟﻠﺮﺋﯿﺲ اﻟﻤﺆﻗﺖ ،اﻟﻘﺎﺋﻠﺔ ﺑﺄﻧﮫ ﻛﺎن ﯾﻘﺼﺪ
ﺣﺮاك " ﺷﻌﺐ اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ " ،ﯾﺪرك ﺑﺄن ھﺬا اﻟﺘﺼﺮﯾﺢ
ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﺮزوﻗﻲ ھﻮ أﻗﺮب اﻟﻰ اﻟﻌﻔﻮﯾﺔ واﻟﺤﻤﺎس
وﻗﻠﺔ اﻟﻀﺒﻂ واﻟﺘﺮﻛﯿﺰ وزﻻت اﻟﻠﺴﺎن اﻟﻤﻌﮭﻮدة ﻋﻨﺪه ..
أﻣﺎ ﻣﺎ ﺣﺪث ﻣﻦ ﺟﺎﻧﺐ اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ ﻓﮭﻮ ﻻ ﯾﺘﺠﺎوز ﻋﻤﻠﯿﺔ
رد اﻟﻔﻌﻞ اﻟﻤﻌـﺒّـﺮ ﻋﻦ ﻛـﺮه اﻟﻨﺎس ورﻓﻀﮭﻢ ﻟﻠﻌﮭﺪ
اﻟﺴﺎﺑﻖ ﺑﻜﻞ رﻣﻮزه اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ واﻟﺠﺪﯾﺪة وأوﻟﮭﻢ اﻟﺮﺋﯿﺲ
اﻟﻤﻨﺘﺨﺐ ..
وﻟﻌﻞ ﻣﺎ ﺗﻼ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺗﺼﺮﯾﺤﺎت ﻷﻃﺮاف أﺧﺮى ﻣﻌـﻨﯿﺔ
ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﺎﻟﻤﻮﺿﻮع ﯾﺆﻛﺪ ھﺬه اﻟﻔﻜﺮة ..ﻓﺎﻟﺤﺮاك اﻟﺬي
ﯾﻘﺼﺪه اﻟﺴﯿﺪ اﻟﻤﺮزوﻗﻲ ﯾﺘﻜﻮّن ﺟﺰءا ھﺎﻣﺎ ﻣﻨﮫ ﻣﻦ
ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﻨﮭﻀﺔ ،ﻟﺬﻟﻚ ﺟﺎء ﺗﺼﺮﯾﺢ ﻧﺎﺋﺐ رﺋﯿﺲ
اﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﺸﯿﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﻣﻮرو ﻣﻌـﺒّـﺮا ﻋﻦ ﻗﻄﻊ
اﻟﻄﺮﯾﻖ أﻣﺎم اﻟﺮﺋﯿﺲ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﻗﺎل ﺑﻠﮭﺠﺔ ﺣﺎدة " :ﻗﻮاﻋﺪ
اﻟﻨﮭﻀﺔ ﻟﯿﺴﺖ ﻟﻠﺒﯿﻊ " وھﻮ أﯾﻀﺎ ﻣﻦ ﺑﺎب ﺑﻌﺚ اﻟﺮﺳﺎﺋﻞ
اﻟﻤﺸﻔـﺮة ﻟﻠﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺘﻲ أﺧﺬھﺎ اﻟﺤﻤﺎس اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﻲ ،
وأﻃﺎﻟﺖ اﻟﻮﻗﻔﺔ وراء اﻟﻤﺮزوﻗﻲ ،ﻓﺨﺎف ﻋﻠﯿﮭﺎ ان
ﺗﺼﺒﺢ ﻓﻲ ﻣﮭﺐ اﻟﺮﯾﺎح ..
وﺑﻘﻄﻊ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﺎ ﯾﺠﺮي ﺗﺪﺑﯿﺮه ﺑﻠﯿﻞ ،ﻓﺄن ﺳﯿﻨﺎرﯾﻮ
اﻻﻧﻔﺼﺎل ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻏﯿﺮ وارد ﻧﻈﺮﯾﺎ ،ﻷﻧﮫ ﺑﺒﺴﺎﻃﺔ
ﯾﻔﺘﻘﺪ اﻟﻰ أي ﻣﺒﺮر واﻗﻌـﻲ ..
ﻓﮭﺬا اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺬي ھﻮ ﺷﻌﺐ ﻋﺮﺑﻲ ﻣﺴﻠﻢ ﺗﺎرﯾﺨﺎ
وﺣﻀﺎرة ،ﻻ ﺗﻘﺴّﻤﮫ اﻻ اﻟﻈﺮوف اﻟﻤﻌـﯿﺸﯿﺔ وﻗﺴﻮة
اﻟﺤﯿﺎة ﻣﺜﻠﮫ ﻣﺜﻞ أي ﺷﻌﺐ ﯾﻌـﯿﺶ ﺟﺰءا ھﺎﻣﺎ ﻣﻦ أﺑﻨﺎﺋﮫ
ـ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﻋﻘﻮد ـ ﺗﺤﺖ وﻃﺄة اﻻﺳﺘﺒﺪاد واﻻﺳﺘﻐﻼل
واﻟﺘﮭﻤﯿﺶ واﻟﻔﻘﺮ ..
وھﺬا ﻛﻠﮫ ﻻ ﯾﺨﺺ أﺑﻨﺎء اﻟﺠﻨﻮب وﺣﺪھﻢ ،ﺑﻞ ﯾُﻌﺪّ ﻗﺎﺳﻤﺎ
ﻣﺸﺘﺮﻛﺎ ﺑﯿﻦ ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ ﻣﻦ ﺷﻤﺎل ﺗﻮﻧﺲ اﻟﻰ
ﺟـﻨﻮﺑﮭﺎ ..
ﻓﺎﻟﺠﻨﻮب اﻟﺬي ﯾﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻟﺤﺮﻣﺎن واﻹﻗﺼﺎء واﻟﺤﯿﻒ
اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،ﻻ ﯾﺨﻠﻮ أﯾﻀﺎ ـ ﻛﻜﻞ اﻟﺠﮭﺎت ـ ﻣﻦ ﺟﮭﺎﺑﺬة
اﻟﻤﺎل واﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﻌـﺮوﻓﯿﻦ ﺑﺄﺳﻤﺎﺋﮭﻢ و أﺳﻤﺎء ﻋﺎﺋﻼﺗﮭﻢ
اﻟﻤﺘﺤﺎﻟﻔﯿﻦ ﻣﻊ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺳﻮاء ﻗﺒﻞ اﻟﺜﻮرة أو ﺑﻌﺪھﺎ ..
أﻣﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻮﺳﻂ واﻟﺸﻤﺎل ﻓﻘﺪ ﯾﺒﺪو اﻷﻣﺮ ﻣﺨﺘﻠﻔﺎ ﻋﻨﺪ
اﻟﺒﻌﺾ ،واﻟﻮاﻗﻊ أﻧﮫ ﻻ ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻛﺜﯿﺮا ..اذ ان ﻣﺎ ﺗﺒﺪو
ﻋﻠﯿﮫ اﻟﻤﺪن اﻟﺴﺎﺣﻠﯿﺔ ،أو اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻣﻦ ﺗﺮف ورﺧﺎء ،ھﻮ
ﻣﻈﮭﺮ ﻻ ﯾﺨﺺ ﺗﻮﻧﺲ وﺣﺪھﺎ ..ﻓﻔﻲ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﺪن اﻟﻌﺎﻟﻢ
ھﻨﺎك ﺣﯿﻮﯾﺔ وﻧﺸﺎط ﻣﺮﺗﻜﺰ ﺣﻮل اﻟﻤﻮاﻧﺊ اﻟﺒﺤﺮﯾﺔ ،
واﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺴﯿﺎﺣﯿﺔ ،واﻟﻤﻮاﻗﻊ اﻟﻄﺒﯿﻌـﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻤﯿﻞ اﻟﯿﮭﺎ
اﻟﻨﺎس ﺑﻄﺒﻌﮭﻢ ﻟﻠﺘﻤﺘﻊ ﺑﻤﺎ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ اﻋﺘﺪال اﻟﻄﻘﺲ ،
وﻟﻄﻒ اﻟﮭﻮاء ،وﺟﻤﺎل اﻟﺸﻮاﻃﺊ وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ ﻣﻐﺮﯾﺎت
ﺗﺠﻌﻠﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺎم اﻻول ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﯾﻦ وأﺻﺤﺎب
اﻟﻤﺸﺎرﯾﻊ ،اﻟﺬﯾﻦ ﻧﺠﺪ ﻣﻨﮭﻢ اﻟﻜﺜﯿﺮﯾﻦ ﻣﻦ أھﻞ اﻟﺠﻨﻮب ..
وﻣﻊ ھﺬا ،ﻓﺎن ﺗﻠﻚ اﻟﺠﮭﺎت ﻻ ﺗﺨﻠﻮ ﻣﺪﻧﮭﺎ وﻗﺮاھﺎ ﻣﻦ
اﻟﻨﺎس اﻟﻌﺎدﯾﯿﻦ اﻟﺒﺴﻄﺎء اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻌﺎﻧﻮن ﺑﺪورھﻢ ـ وھﻢ
ﯾﻌﯿﺸﻮن ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﺮﺑﻮع ـ ﻣﻤﺎ ﯾﻌـﺎﻧﯿﮫ أي ﻣﻮاﻃﻦ آﺧﺮ
ﺑﺴﯿﻂ ﻓﻲ أي ﻣﻜﺎن ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﺸﻤﺎل أو ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب ..
وﻓﻲ اﻟﻨﮭﺎﯾﺔ ،ﻓﺎن ﻛﻞ ﻋﻤﻠﯿﺎت اﻟﻌﻨﻒ واﻟﻔﻮﺿﻰ ﻟﮭﺎ
اﻧﻌﻜﺎﺳﺎت ﺧﻄﯿﺮة ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺿﻊ اﻻﻣﻨﻲ اﻟﻤﺘﻔﺠـّﺮ ،اﻻ اﻧﮭﺎ
ﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﻓﻲ ﻃﯿﺎﺗﮭﺎ ﻣﺆﺷﺮات ﺟﺪﯾﺔ ﺗﮭﺪد ﺑﺎﻟﺘﻘﺴﯿﻢ ،اذ ﻻ
ﯾﻮﺟﺪ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﺎ ﯾﺜﯿﺮ اﻟﻔﺮﻗﺔ واﻟﺘﻨﺎﻓﺮ ﺑﯿﻦ أھﻞ اﻟﺸﻤﺎل
وأھﻞ اﻟﺠﻨﻮب ﻟﯿﻔﻜﺮ ھﺆﻻء أو ھﺆﻻء ﻓﻲ اﻻﻧﻔﺼﺎل ،ﻓﻀﻼ
ﻋﻤﺎ ﯾﺘﻤﺘﻊ ﺑﮫ أھﻞ اﻟﺠﻨﻮب ﻣﻦ ﺣﺲ دﯾﻨﻲ وﻗﻮﻣﻲ ﻋﻤﯿﻖ
ﯾﺮﺑﻄﮭﻢ ﻟﯿﺲ ﺑﺘﻮﻧﺲ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﺑﺄﻣﺘﮭﻢ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﻣﺤﯿﻄﮭﻢ
اﻻﺳﻼﻣﻲ ،ﻓﻼ ﯾﻤﻜﻦ ان ﺗﺨﺎﻣﺮھﻢ ﻓﻜـﺮة اﻻﻧﻔﺼﺎل ﻟﺘﺠـﺰﺋﺔ
اﻟﻤﺠـﺰئ ﺑﺎﻻﺳﺎس ..
وھﺬا ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ اﻷﺣﺪاث اﻟﻤﻨﺘﮭـﯿﺔ ..أﻣﺎ ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ اﻻﻓﻜﺎر
اﻟﺮّاﺷﺤﺔ ﻣﻨﮭﺎ ،ﻓـﻨﺠﺪ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﮭﺎ ﻣﺸﺮوع رﺋﯿﺲ اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﺬي أﻋﻠﻦ ﻋﻦ ﺑﻌـﺜﮫ ﻓﺎﻃﻠﻖ ﻋﻠﯿﮫ " ﺣﺮﻛﺔ ﺷﻌﺐ
اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ " ..ﻓﺎﺛﺎر ﺑﺬﻟﻚ اﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﺎؤﻻت :ھﻞ ھﻮ
ﻣﺸﺮوع ﺣﺰب ﺳﯿﺎﺳﻲ ؟ أم ھﻮ ﻣﺸﺮوع ﺣﺮاك ﺷﻌـﺒﻲ ﻟﻢ
ﺗﺘـﺒﻠﻮر ﻣﻌﺎﻟﻤﮫ ﺑﻌﺪ ؟ أم ھﻲ ﻣﺠـﺮّد ﻟﺤﻈﺔ اﻧﻔﻌﺎﻟﯿﺔ
ﺳﺘـﻨـﺘﮭﻲ ﺑﺎﻧﺘﮭﺎء اﻟﺸﺤـﻨﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺮّﻛﮭﺎ ﺣﯿﻨﻤﺎ ﯾﻀﻌـﻒ
اﻻﺣﺘﻜﺎك ..؟
اذا ﻛﺎن اﻟﻤﻘﺼﻮد ھﻮ ﺣﺰب ﺳﯿﺎﺳﻲ ﻛﻤﺎ ﯾﻘﻮل اﻟﻤﺮاﻗﺒﻮن ،
ﻓﺎن اﺿﺎﻓﺔ رﻗﻢ اﻟﻰ اﻟﻤﺎﺋﺔ وﻋﺸﺮﯾﻦ ﺣﺰﺑﺎ أو أﻛﺜﺮ
اﻟﻤﻌـﺘـﺮف ﺑﮭﺎ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ،ﻟﻦ ﯾﻐـﯿّـﺮ ﻣﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ﺷﯿﺌﺎ
ﺧﺎﺻﺔ وأن اﻟﻤﻌﻨﻲ ﺑﺎﻷﻣﺮ ھﻮ ﻣﺆﺳﺲ ﺣﺰب اﻟﻤﺆﺗﻤﺮ
ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺠﻤﮭﻮرﯾﺔ اﻟﻤﻨﻘﺴﻢ ﺑﻌﺪ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت 23أﻛﺘﻮﺑﺮ
2011اﻟﻰ ارﺑﻌﺔ أﺣﺰاب ،ﺳﯿﻜﻮن ﺣﺰﺑﮫ اﻟﺠﺪﯾﺪ
ﺧﺎﻣﺴﮭﺎ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ..
ﻛﻤﺎ ان اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ " ﺣﺮﻛﺔ ﺷﻌﺐ اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ " ﻓﻲ ﺣﺪ
ذاﺗﮭﺎ ،وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻤﺎ أﺛﺎرﺗﮫ ﻣﻦ ﺟﺪل ﻓﻲ اﻻوﺳﺎط
اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ،ﻓﺎﻧﮭﺎ ﻻ ﺗﺘﻌﺪّى ـ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺘﺼﺮﯾﺢ ﺑﮭﺎ ـ
ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺘﻌﻮﯾﺾ اﻟﺘﻲ ﺟﻌﻠﺖ ﺻﺎﺣﺒﮭﺎ ﯾﺘﻤﺎھﻰ ﻋﺎﻃﻔﯿﺎ ﻣﻊ
اﻟﻤﺸﮭﺪ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﻲ اﻟﺮاﻓﺾ ﻟﻠﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ
)اﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ و اﻟﻔﺎﺋﺰة ( ..ﻓﻜﺎن اﻛﺘﺸﺎف ھﺬا اﻻﺻﺮار
واﻻﻟﺘﻔﺎف اﻟﺠﻤﺎھﯿﺮي اﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﻣﺜﯿﺮا ﻟﻠﺤﻤﺎﺳﺔ ،وﻣﻠﮭﻤﺎ
ﻟﻠﻘـﺮﯾﺤﺔ ،وﻣﺜﯿﺮا ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﺪى اﻟﻤﺘﻠﻘﻲ ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ﻓﻲ
ﺷﻜﻞ ﺗﻌﮭﺪ ﻓﻮري اﺧﺘﺎر ﻟﮫ ارﺗﺠﺎﻟﯿﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ
ﻋﻼﻗﺔ ﻟﮭﺎ ﺑﺎﻟﻤﻀﺎﻣﯿﻦ واﻟﺘﺄوﯾﻼت اﻟﺘﻲ ذھﺐ اﻟﯿﮫ
اﻟﻤﺤﻠّﻠﻮن ..
ھﻜﺬا ﻛﺎن ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻨﺘﮭﻲ اﻟﻤﻮﺿﻮع ﻋﻨﺪ ھﺬا اﻟﺤﺪ ﻟﻮﻻ
اﻗﺘﺮان اﻟﺘﺴﻤﯿﺔ اﻟﻤﺬﻛﻮرة " ﺣﺮﻛﺔ ﺷﻌﺐ اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ "
ﺑﻔﻜﺮة ذﻛﺮھﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺼﻤﺖ ﺳﯿﻒ اﻟﺪوﻟﺔ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ "
اﻻﺳﺘﺒﺪاد اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﻲ " وﻧﻘﻠﮭﺎ ﻋﻨﮫ اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻣﺎم ﻋﺒﺪ
اﻟﻔﺘﺎح ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﮫ اﻟﻘﯿّﻢ " اﻷﺧﻼق واﻟﺴﯿﺎﺳﺔ " ﻛﻤﺎ وﻗﻊ
..
ذﻛﺮھﺎ ـ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ـ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﻤﻘﺎﻻت ھﻨﺎ وھﻨﺎك
وھﺬا ھﻮ اﻟﺠﺰء اﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﻮﺿﻮع ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻋﻠﻰ ﻟﺴﺎن
اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺼﻤﺖ ﺳﯿﻒ اﻟﺪوﻟﺔ رﺣﻤﮫ اﷲ :
ﯾﻘـﺘـﺮح اﻷﺳﺘﺎذ ﺟﻮرج ﺑﻮردو ،ﻓﻲ اﻟﺠﺰء اﻟﺮاﺑﻊ ﻣﻦ
ﻣﻮﺳﻮﻋﺘﮫ اﻟﻌﻠﻮم اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ،ﺗﻘﺴﯿﻤﺎ ﺟﺪﯾﺪا وﻃﺮﯾﻔﺎ
ﻟﻠﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ .ﻓﺒﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ ﺗﻘﺴﯿﻤﮭﺎ اﻟﺘﻘﻠﯿﺪي إﻟﻰ
دﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ودﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﺷﺒﮫ ﻣﺒﺎﺷﺮة
ودﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﻧﯿﺎﺑﯿﺔ ،ﯾﻘﻮل إﻧﮭﺎ ﻧﻮﻋﺎن :دﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ
ﻣﺤﻜﻮﻣﺔ ودﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﺣﺎﻛﻤﺔ .ﯾﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ
اﻟﻤﺤﻜﻮﻣﺔ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﺗﺘﻮﻓـﺮ ﻓﯿﮫ ﻛﻞ اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺪﺳﺘﻮرﯾﺔ اﻟﺘﻲ
ﺗﺴﻤﺢ ﺑﺈﺳﻨﺎد ﻗﺮارات اﻟﺤﺎﻛﻤﯿﻦ إﻟﻰ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻤﺤﻜﻮم :
اﻟﺤﺮﯾﺔ اﻟﻔﺮدﯾﺔ واﻻﻗﺘﺮاع اﻟﺴﺮي اﻟﻌﺎم ،واﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت
اﻟﺪورﯾﺔ واﻟﻤﺠﺎﻟﺲ اﻟﻨﯿﺎﺑﯿﺔ ..إﻟﻰ آﺧﺮه ،و ﻣﻊ ذﻟﻚ ﻻ
ﺗﻜﻮن ﻗﺮارات اﻟﺤﺎﻛﻤﯿﻦ ،اﻟﻤُﺴﻨﺪة دﺳﺘﻮرﯾﺎ إﻟﻰ اﻟﺸﻌـﺐ
ﻣﻌـﺒّـﺮة ﻋﻦ اﻹرادة اﻟﺸﻌـﺒﯿﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ .
وﯾﻘﺼﺪ ﺑﺎﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ ﻧﻈﺎﻣﺎ ﺗﺘﻮﻓـﺮ ﻓـﯿﮫ ﻛﻞ
اﻷﺷﻜﺎل اﻟﺪﺳﺘﻮرﯾﺔ أﯾﻀﺎ و ﻟﻜﻨﮫ ﯾﺘﻤﯿﺰ ﺑﺄن اﻟﻘﺮارات
اﻟﺘﻲ ﯾﺼﺪرھﺎ اﻟﺤﺎﻛﻤﻮن ﻓﯿﮫ ﻣﻌـﺒّـﺮة ﻋﻦ إرادة "
اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ " .
و ﯾﺪور ﻛﻞ اﺟﺘﮭﺎد اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﻮردو ﺣﻮل اﻟﻤﺤﻮر اﻟﺬي
ﺗﻌـﺒّـﺮ ﻋﻨﮫ ھﺬه اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻷﺧﯿﺮة " اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ " ..
إذ ﻟﻠﺸﻌﺐ ،ﻋﻨﺪه دﻻﻟﺘﺎن ﺗﺘﺼﻞ ﻛﻞ ﻣﻨﮭﻤﺎ ﺑﻤﻔﮭﻮم ﻣﺘﻤﯿﺰ
ﻟﻠﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﻓﺘﻜﻮن دﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﺣﺎﻛﻤﺔ أو دﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ
ﻣﺤﻜﻮﻣﺔ ،ﺗﺒﻌﺎ ﻟﻤﺎ ﺗﻌـﻨﯿﮫ ﻛﻠﻤﺔ اﻟﺸﻌـﺐ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻧﻈﺎم .
و ﻗﺪ ﺟﺎء أﺑﺴﻂ ﻣﺎ ﻗﺪّﻣﮫ إﯾﻀﺎﺣﺎ ﻟﻔﻜـﺮﺗﮫ ﻓﻲ ﻛﺘـﺎﺑﮫ ﻋﻦ
" اﻟﺪﯾﻤﻘـﺮاﻃـﯿﺔ " .ﻓـﻨﺠﺪه ھـﻨﺎك ﯾﺘﺤﺪث ﻋﻤّﺎ ﯾﺴﻤـﯿﮫ :
" ﺷﻌـﺐ اﻟﻤﻮاﻃـﻨﯿـﻦ " و ﯾﻤﯿّـﺰه ﺑﻤﺎ ﯾﺘﻤﯿّـﺰ ﺑﮫ "
اﻟﻤﻮاﻃﻦ " ،ﻓـﯿـﻘـﻮل :إن اﻟﻤﻮاﻃﻦ ﻟﯿﺲ ھﻮ اﻟﻔـﺮد ﺑﻜﻞ
ﺧﺼﺎﺋﺼﮫ اﻟﺬاﺗﯿﺔ ﻣﻦ أﻧﺎﻧﯿﺔ و ﻃﻤﻊ وﺗﺤﯿّـﺰ ﻟﻤﺼﻠﺤﺘﮫ
اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮭﺔ اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺑﻞ ھﻮ
اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻮاﻋﻲ اﻟﻤﺘﺤﺮّر ﻣﻦ اﻻﻧﺤﯿﺎز إﻟﻰ ﻣﺼﺎﻟﺤﮫ و
ﻣﻦ ﻣﺘﺎﻋﺐ ﻇﺮوﻓﮫ اﻻﻗـﺘـﺼﺎدﯾﺔ ،اﻟﻘﺎدر داﺋﻤﺎ ﻋﻠﻰ أن
ﯾﺪﻟﻲ ﺑﺮأي ﻣﺤﺎﯾﺪ ﻓﻲ اﻟﺸﺆون اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻏﯿﺮ ﻣﺘﺄﺛﺮ ﺑﻤﺎ
ﯾﻔﻀـّـﻠﮫ ﻟﻨﻔﺴﮫ ..
إﻧﮫ ،ﺑﺎﺧﺘﺼﺎر ،ﻣﻼك ﻋﻠﻤﺎﻧﻲ ﻣﺠﺮّد ﻣﻦ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ
اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ .ﺑﻤﺠﺮد ﺗﺸﻜﯿﻞ ﺻﻮرة اﻟﻤﻮاﻃﻦ ﻋﻠﻰ ھﺬا
اﻟﻮﺟﮫ ﯾﺼﺒﺢ ﺳﮭﻼ ﺗﺤﺪﯾﺪ ﻣﻔﮭﻮم " ﺷﻌﺐ اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ " .
ﯾﻘﻮل اﻷﺳﺘﺎذ ﺑﻮردو أن اﻟﻤﻤﯿﺰ اﻷﺳﺎﺳﻲ ﻟﮭﺬا اﻟﻤﻔﮭﻮم
ھﻮ ﻏﺮﺑﺘﮫ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ .إذ أﻧﮫ
ﯾﺘﺠﺎھﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻮﺟﺪ داﺧﻞ اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﺘﻨﻮع
واﻻﻧﻘﺴﺎم و اﻟﺘﻤﯿّـﺰ و اﻟﺘﻌﺎرض ﻛﺎﻟﻤﻮﻟﺪ واﻟﻈﺮوف
اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﻤﻮارد اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ واﻷذواق واﻟﻤﻘﺪّرات .
إن " ﺷﻌﺐ اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ " ﺷﻌﺐ ﻣﻦ أﻓﺮاد ﻧﻤﻄﯿﯿﻦ .ﺷﻌﺐ
ﻣُﺴﺨﺖ ﺣﻘﯿﻘـﺘﮫ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻟﯿﻄﺎﺑﻖ ﻓﻜـﺮة ﻣﺠـﺮّدة ..
ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﮭﺔ ھﺬا اﻟﻤﻔﮭﻮم ﻟﻠﺸﻌﺐ ﯾﻮﺟﺪ ﻣﻔﮭﻮم آﺧﺮ
ﻣﻨﺎﻗﺾ ﻟﮫ .إﻧﮫ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻤﻜﻮن ﻣﻦ " اﻹﻧﺴﺎن " ﻛﻤﺎ
ھﻮ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ .وﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻻ ﯾﺘﻤﯿﺰ ﺑﺠﻮھﺮه أو ﺑﻌﻼﻗﺘﮫ
ﺑﻨﻤﻂ ﻣﺜﺎﻟﻲ وﻟﻜﻦ ﺑﺨﺼﺎﺋﺼﮫ اﻟﺘﻲ ﯾﻜﺘﺴﺒﮭﺎ ﻣﻦ وﺿﻌﮫ
اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ وﺿﻊ ﻏﯿﺮه ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ..إﻧﮫ
اﻹﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﻧﻘﺎﺑﻠﮫ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺤﯿﺎة اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ ﻛﻤﺎ
ﺗﺤﺪّده ﻣﮭﻨﺘﮫ ،وأﺳﻠﻮب ووﺳﺎﺋﻞ ﺣﯿﺎﺗﮫ ،وذوﻗﮫ ،
واﺣﺘﯿﺎﺟﺎﺗﮫ ،واﻟﻔﺮص اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ ﻟﮫ ..إﻧﮫ اﻹﻧﺴﺎن ﻓﻲ
ﻇﺮوﻓﮫ ،واﻟﺬي ﯾﻤﻜﻦ اﻟﺘﻌـﺮّف ﻋﻠﯿﮫ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ
ﻣﻼﺣﻈﺔ أﺳﻠﻮب ﺣﯿﺎﺗﮫ اﻟﻮاﻗﻌـﯿﺔ وﻟﯿﺲ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ
اﻟﺘﺄﻣﻞ اﻟﻤﯿﺘﺎﻓـﯿـﺰﯾﻘﻲ ﻓﻲ ﺟﻮھـﺮه .ھﺬا اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻮاﻗﻌﻲ
ﯾﺘﻤﯿﺰ ﺑﺨﺼﺎﺋﺺ ﻣﻨﺎﻗﻀﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﯿﺰ اﻟﻤﻮاﻃﻦ
.و ﯾﺆﺛﺮ ھﺬا اﻟﺨﻼف اﻟﺠﺬري ﺗﺄﺛﯿﺮا ﻋﻤﯿﻘﺎ ﻓﻲ ﻧﻮع
.
اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ
ﻓﻔﻲ ﺣﯿﻦ ﯾﺤﻤﻞ اﻟﻤﻮاﻃﻦ ﻓﻲ ذاﺗﮫ اﻻﻣﺘﯿﺎزات اﻟﺘﻲ
اﻛﺘﺴﺒﮭﺎ ﻣﻦ ﻃﺒﯿﻌـﺘﮫ اﻹﻧﺴﺎﻧﯿﺔ ،وﯾﺤﺎول أن ﯾﻔﺮﺿﮭﺎ
ﻋﻠﻰ اﻟﺒﯿﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮭﺎ ،ﯾﺘﻌـﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن
اﻟﻮاﻗﻌﻲ أن ﯾﺘﻮﻗﻊ ﻣﻦ اﻟﻮﺳﻂ اﻟﺬي ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫ إﺗﺎﺣﺔ
اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻻﻛﺘﺴﺎﺑﮭﺎ .ھﺬا ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ ،و ﻣﻦ ﻧﺎﺣﯿﺔ أﺧﺮى
ﺗﻌـﺘـﺒـﺮ " ﺣﺮﯾﺔ " اﻟﻤﻮاﻃـﻦ إﺣﺪى ﺧﺼﺎﺋﺼﮫ اﻟﺬاﺗـﯿـﺔ ،
ﻓﮭﻲ ﻣﺸﺮوﻃﺔ ،وﻣﯿﺘﺎﻓـﯿـﺰﯾﻘـﯿﺔ وﻟﺼﯿـﻘﺔ ﺑﮫ أﯾﻨﻤﺎ ﻛﺎن
،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﻲ ﻏﯿﺮ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ أن ﺗﻮﺟﺪ ،ﺑﻞ إﻟﻰ
اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﮭﺎ .و ھﻲ ﻻ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻨﻈﺎم اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ
اﻟﻘﺎﺋﻢ إﻻ ﻋﺪم اﻟﻤﺴﺎس ﺑﮭﺎ .
أﻣﺎ " ﺣﺮﯾﺔ " اﻹﻧﺴﺎن اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻓﮭﻲ ﻣﻔﺘـﻘـﺪة داﺋﻤﺎ
ﺑﺤﻜﻢ أن اﺣﺘﯿﺎﺟﺎﺗﮫ اﻟﻤﺘﺠﺪدة أﺑﺪا .ﻟﮭﺬا ﻧﺠﺪ أن اﻹﻧﺴﺎن
اﻟﻮاﻗﻌﻲ ،ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ اﻟﻤﻮاﻃﻦ ﺗﻤﺎﻣﺎ ،ﯾﻨﺰع إﻟﻰ اﻟﺘﺤﺮّر
ﻣﻦ أﯾﺔ ﻋﻼﻗﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺤﺮﯾﺎت
ﺷﻜﻠﯿﺔ ﻟﻢ ﯾﻜﺘﺴﺐ ﻣﻀﻤﻮﻧﮭﺎ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﺑﻌﺪ ،ﻓﮭﻮ ﻧﺰّاع
داﺋﻤﺎ إﻟﻰ اﻟﺘﻐـﯿـﯿـﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ .
ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻷﺳﺎس ﺗﻔﺘـﺮق اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﻤﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﻦ
اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ .اﻷوﻟﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺷﻌﺐ
ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ ﻓﺘﻜﻮن ﻏﺎﯾﺘﮭﺎ أن ﺗﺤﻜﻤﮫ ﺣﻜﻤﺎ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎ
ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻓﻌﻼ ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻤﺎ ﯾﺮﯾﺪه اﻟﺸﻌﺐ
اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ .أﻣﺎ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺸﻌﺐ
اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻓﺘﻜﻮن ﻏﺎﯾﺘﮭﺎ ﺧﻠﻖ ﻋﺎﻟﻢ ﺟﺪﯾﺪ .ﻋﺎﻟﻢ ﻣﺘﺤﺮّر
ﺑﺪﯾﻞ ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ،ﺗـُـﺸﺒﻊ ﻓﯿﮫ اﻻﺣﺘﯿﺎﺟﺎت اﻟﻔﻌﻠﯿﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ
.دﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﺗﻜﻮن اﻟﻘﺮارات ﻓﯿﮭﺎ ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﺘﻠﻚ
..
اﻻﺣﺘﯿﺎﺟﺎت
ﻣﻦ اﻟﻤﻤﻜﻦ أن ﻧﻘﻮل إن " اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﻤﺤﻜﻮﻣﺔ " ﻛﻤﺎ
ﻋﺮﺿﮭﺎ اﻷﺳﺘﺎذ ﺟﻮرج ﺑﻮردو ھﻲ ﻧﻤﻮذج ﻟﻤﺎ ﻧﻌـﻨﯿﮫ "
ﺑﺎﻻﺳﺘﺒﺪاد اﻟﻤﺘﺤﻀﺮ " .ﻓﮭﺎ ھﻨﺎ ﻧﻈﺎم دﯾﻘﺮاﻃﻲ ﻛﺎﻣﻞ
اﻟﺸﻜﻞ واﻟﻤﻮاﺻﻔﺎت اﻟﺘﻘـﻠﯿﺪﯾﺔ ،ﯾﺤﻜﻢ ﻓـﯿﮫ اﻟﺸﻌﺐ ﻧﻔﺴﮫ
ﺑﻨﻔﺴﮫ ،ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻲ اﻷﻣﺮ أﻧﮫ ﺷﻌـﺐ زاﺋﻒ .ﯾﻄـﺒّـﻖ ھﺬا
اﻟﻨﻈﺎم ﻋﻠﻰ ﺷﻌـﺐ ﺣﻘـﯿﻘﻲ واﻗﻌﻲ ﻣﻨﺎﻗﺾ ﻓﻲ ﺧﺼﺎﺋﺼﮫ
وﻣﺼﺎﻟﺤﮫ وإرادﺗﮫ ﻟﻠﺸﻌـﺐ اﻟﻨﻤﻄﻲ اﻟﺰاﺋﻒ .و ﻓﯿﮫ
ﺗـُﺴﻨﺪ إرادة ﻣﻮھـﻮﻣﺔ ﻟﺸﻌـﺐ زاﺋﻒ ،إﻟﻰ إرادة ﻏﺎﺋﺒﺔ
ﻟﺸﻌﺐ ﺣﻘﯿﻘﻲ ..و ﻟﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﻤﻮﺟﻮد ﺣﻘﺎ ھﻮ اﻟﺸﻌﺐ
اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ،ﻻ ﯾﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﺴﯿـﺮ أن ﻧﺘﺒـﯿّـﻦ ﻓﻲ
اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﻤﺤﻜﻮﻣﺔ أداة اﺳﺘﺒﺪاد ﺑﺎﻟﺸﻌﺐ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ
ﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺘﻮﻓـﺮ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل دﺳﺘﻮرﯾﺔ
ﻟﻠﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻤﺴﻤّﺎة دﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ .إﻧﮭﺎ إذن " اﺳﺘﺒﺪاد " .
) ﻋﺼﻤﺖ ﺳﯿﻒ اﻟﺪوﻟﺔ ـ اﻹﺳﺘﺒﺪاد اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﻲ ص( 11
.أﻣﺎ اﻟﺪﻛﺘﻮر اﻣﺎم ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﻓﯿﻘﻮل :
ﻓﻲ ﻇﻨﻲ اﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺑﺤﺚ ﻋﻦ " اﻷﺧﻼق اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ " ﯾﮭﺘﻢ
ﻓﻲ ﻧﮭﺎﯾﺘﮫ ﺑﻌﺮض ﻧﻤﺎذج ﻣﻀﯿﺌﺔ ﻋﻦ " اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﻓﻲ
اﻟﺪول اﻟﻤﺘﻘﺪﻣﺔ " ﻻ ﺑﺪ ان ﻧﻨﺎﻗﺶ ﻓﻲ اﻟﺨﺎﺗﻤﺔ ﺗﻠﻚ
اﻟﻔﻜﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﮭﺪم اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﻠﯿﺒﺮاﻟﯿﺔ ﻣﻦ اﺳﺎﺳﮭﺎ
ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ﺗﻄﺒﻘﮭﺎ ھﺬه اﻟﺪول ،وﺗـُﺼﻮّرھﺎ ﻋﻠﻰ اﻧﮭﺎ
ﺿﺮب ﻣﻦ " اﻻﺳﺘﺒﺪاد اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﻲ " .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﮭﻲ
دﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ زاﺋﻔﺔ ﻷﻧﮭﺎ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ ﺷﻌﺐ زاﺋﻒ " ﯾﺤﻜﻢ
ﻧﻔﺴﮫ ﺑﻨﻔﺴﮫ " ﻓﻲ ﺣﯿـﻦ ان اﻟﺪﯾﻤﻘـﺮاﻃـﯿﺔ اﻟﺤﻘـﯿﻘـﯿﺔ ھﻲ
اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻰ اﻟﻔﮭﻢ اﻟﺴﻠﯿﻢ ﻟﻠﺸﻌﺐ ! ..وﻣﻦ ھﻨﺎ
اﻧﻘﺴﻤﺖ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﻰ ﻧﻮﻋﯿﻦ :دﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﺣﺎﻛﻤﺔ و
دﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ﻣﺤﻜﻮﻣﺔ ،وﻓﻘﺎ ﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻰ ﻧﻮﻋﯿﻦ :
أـ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺬي ﯾﺘﺎﻟﻒ ﻣﻦ ﻣﺠﻤﻮع اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ ،وھﻢ
ﯾﺘﻤﯿﺰون ﺑﺎﻟﻐـﺮﺑﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ،
وھﺬا اﻟﻔﮭﻢ " ﻟﻠﺸﻌﺐ " ﯾﺘﺠﺎھﻞ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﻮﺟﺪ داﺧﻞ
اﻟﺠﻤﺎﻋﺔ ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﺘﻨﻮّع ،واﻻﻧﻘﺴﺎم ،واﻟﺘﻌﺎرض ،
ﻛﺎﻟﻤﻮﻟﺪ واﻟﻈﺮوف اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ واﻟﻤﻮارد اﻻﻗﺘﺼﺎدﯾﺔ
واﻻذواق ..اﻟﺦ .
ب ـ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺬي ﯾﺘﺎﻟﻒ ﻣﻦ " اﻻﻧﺴﺎن " ﻛﻤﺎ ھﻮ ﻓﻲ
اﻟﻮاﻗﻊ ،وﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻻ ﯾﺘﻤﯿﺰ اﻻﻧﺴﺎن ﺑﺠﻮھـﺮه أو
ﺑﻌﻼﻗﺘﮫ ﺑﻨﻤﻂ ﻣﺜﺎﻟﻲ .اﻧﻤﺎ ﺑﺨﺼﺎﺋﺼﮫ اﻟﺘﻲ ﯾﻜﺘﺴﺒﮭﺎ ﻣﻦ
وﺿﻌﮫ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ اﻟﺬي ﯾﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ وﺿﻊ ﻏﯿﺮه ﻣﻦ
اﻟﻨﺎس .اﻧﮫ اﻻﻧﺴﺎن اﻟﺬي ﺗﻘﺎﺑﻠﮫ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺤﯿﺎة
اﻟﯿﻮﻣﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﺤﺪده ﻣﮭﻨﺘﮫ ،و أﺳﻠﻮﺑﮫ ،ووﺳﺎﺋﻞ ﺣﯿﺎﺗﮫ
اﻟﻮاﻗﻌﯿﺔ ،وﻟﯿﺲ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺘﺎﻣﻞ اﻟﻤﯿﺘﺎﻓﯿﺰﯾﻘﻲ ﻓﻲ
ﺟﻮھﺮه .
وﯾﺆﺛﺮ ھﺬا اﻟﺨﻼف اﻟﺠﺬري ﺗﺎﺛﯿﺮا ﻋﻤﯿﻘﺎ ﻓﻲ ﻧﻮع
اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ :
ﻓﺎﻟﻤﻮاﻃﻦ ﯾﺤﻤﻞ ﻓﻲ ذاﺗﮫ اﻣﺘﯿﺎزات اﻛﺘﺴﺒﮭﺎ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﮫ
اﻧﺴﺎﻧﺎ ،أﻋﻨﻲ ﻣﻦ ﻃﺒﯿﻌﺘﮫ اﻻﻧﺴﺎﻧﯿﺔ .
أﻣﺎ اﻻﻧﺴﺎن " اﻟﻮاﻗﻌﻲ " ﻓﮭﻮ ﯾﻜﺘﺴﺒﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﻮﺳﻂ اﻟﺬي
ﯾﻌﯿﺶ ﻓﯿﮫ ،وﺑﻤﻌﻨﻰ آﺧﺮ ﻟﯿﺴﺖ ھﻨﺎك ﺣﻘﻮق ﻟﻼﻧﺴﺎن
ﺑﻤﺎ ھﻮ اﻧﺴﺎن :ﺣﻖ اﻟﺤﯿﺎة ،وﺣﻖ اﻟﺤﺮﯾﺔ وﺣﻖ اﻟﺘﻤﻠﻚ
،واﻟﻤﺴﺎواة ،واﻟﺘﻔﻜﯿـﺮ واﻟﺘﻌـﺒﯿـﺮ ﻋﻦ آراﺋﮫ ..اﻟﺦ .
ﻓﮭﺬه ﻛﻠﮭﺎ اﻓﻜﺎر " ﻣﯿﺘﺎﻓـﯿـﺰﻗﯿﺔ " ،ﻓﺎﻟﻘﻮل ﻣﺜﻼ أن
اﻟﺤﺮﯾﺔ ھﻲ أﺣﺪ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻻﻧﺴﺎﻧﯿﺔ اﻻﺳﺎﺳﯿﺔ أو أﻧﮭﺎ
" ﻣﺎھﯿﺔ " اﻻﻧﺴﺎن اذا ﻓﻘﺪھﺎ ﻓﻘﺪ اﻧﺴﺎﻧﯿﺘﮫ ﻣﻌﮭﺎ ھﻮ ﻗﻮل
" ﻣﺜﺎﻟﻲ " " ﺧﯿﺎﻟﻲ " ،ﺗﻠﻚ ھﻲ اﻟﺤﺮﯾﺔ اﻟﻤﯿﺘﺎﻓـﯿـﺰﻗﯿﺔ
اﻟﺘﻲ ﺗﻌـﺘﺒـﺮ اﻟﺤﺮﯾﺔ ﺟﺰءا ﻣﻦ ﻃﺒﯿﻌﺔ اﻻﻧﺴﺎن اﯾﻨﻤﺎ ﻛﺎن
" ..أﻣﺎ ﺣﺮﯾﺔ اﻻﻧﺴﺎن اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﻓﮭﻲ ﻣﻔـﺘـﻘﺪة داﺋﻤﺎ ﺑﺤﻜﻢ
ان اﺣﺘﯿـﺎﺟﺎﺗﮫ ﻣﺘﺠﺪّدة أﺑﺪا ..ﻟﮭﺬا ﻧﺠﺪه ﯾﻨـﺰع ﻟﻠﺘﺤـﺮّر
ﻣﻦ أي ﻋﻼﻗﺎت اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﺗﺴﻤﺢ ﻟﮫ ﺑﺎﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺤﺮﯾﺎت
ﺷﻜﻠـﯿﺔ ﻟﻢ ﯾﻜﺘﺴﺐ ﻣﻀﻤﻮﻧﮭﺎ اﻟﻮاﻗﻌﻲ ﺑﻌﺪ ،ﻓﮭﻮ ﻧﺰاع
داﺋﻤﺎ اﻟﻰ اﻟﺘﻐـﯿﯿـﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ " ..
ﻋﻠﻰ ھﺬا اﻷﺳﺎس ﺗﻔﺘﺮق اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﻤﺤﻜـﻮﻣﺔ ﻋﻦ
اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ .ﻓﺎﻷوﻟﻰ ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس
اﻟﻤﻔﮭﻮم اﻷول " اﻟﺰاﺋﻒ " ﻟﻠﺸﻌﺐ وﯾﺆدّي اﻟﻰ اﻻﺳﺘﺒﺪاد
" اﻟﻤﺘﺤﻀﺮ " :ﻧﻈﺎم دﯾﻤﻘﺮاﻃﻲ ﻛﺎﻣﻞ اﻟﺸﻜﻞ
واﻟﻤﻮاﺻﻔﺎت اﻟﺘﻘﻠﯿﺪﯾﺔ ﺣﯿﺚ ﯾﺤﻜﻢ ﻓﯿﮫ اﻟﺸﻌﺐ ﻧﻔﺴﮫ
ﺑﻨﻔﺴﮫ ،ﻟﻜـﻨﮫ " ﺷﻌـﺐ زاﺋﻒ " ذﻟﻚ ﻷن اﻟﻤﻮﺟﻮد ﺣﻘﺎ
ھﻮ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ﻻ اﻟﺸﻌـﺐ اﻟﻤﺜـﺎﻟﻲ .وﻣﻦ ﺛﻢ ﻓﺎن
ﻓﺎن اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃـﯿﺔ اﻟﻤﺤﻜﻮﻣﺔ ) أي اﻟﻠﯿﺒـﺮاﻟﯿﺔ ( ﻟﯿﺴﺖ
ﺳﻮى آداة اﺳﺘـﺒﺪاد ) ﻣﺘﺤﻀّـﺮ ( " ﺑﺎﻟﺸﻌﺐ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ " ،
وﺑﺎﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺘﻮﻓـﺮ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻦ أﺷﻜﺎل دﺳﺘﻮرﯾﺔ
ﻟﻠﻤﺎرﺳﺔ اﻟﻤﺴﻤّﺎة دﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ..
ﺛﻢ ﯾﻀﯿﻒ :اذا ﻛﺎﻧﺖ ﻋﺼﻮر اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﺒﺸﺮي ﻗﺪ ﺷﮭﺪت
اﻟﻮاﻧـﺎ ﻣﻦ اﻟﻈـﻠﻢ واﻟﻄـﻐـﯿـﺎن واﻻﺳﺘـﺒـﺪاد ،ﻓﺎن اﻟﻤﺆﻟـﻒ
) ﯾﻘﺼﺪ اﻟﺪﻛﺘﻮر ﻋﺼﻤﺖ ﺳﯿﻒ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺬي ﯾﻨﺴﺐ اﻟﯿﮫ ﻣﺎ
ﺟﺎء ﻣﻦ اﻓﻜﺎر ﺳﺎﺑﻘﺔ ( ﯾﺴﻤّﻲ ھﺬا اﻻﺳﺘﺒﺪاد اﻟﻘﺪﯾﻢ ﺑﺎﺳﻢ "
اﻻﺳﺘﺒـﺪاد اﻟﻤﺘﺨـﻠـﻒ " ﻓﮭﻮ ﻓـﺞ وواﺿﺢ ﻓﻲ ﻇـﻠﻤﮫ
وﻃﻐـﯿﺎﻧﮫ ،أﻣﺎ اﻻﺳﺘﺒـﺪاد اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻓﮭـﻮ ﻟﻮن آﺧـﺮ ﯾﺴﻤّـﯿـﮫ
" اﻻﺳﺘﺒﺪاد اﻟﻤﺘﺤﻀﺮ " .و ﻣﻦ ھﻨﺎ ﻓﮭﻮ ﯾﻘﻮل :ﻟﻘﺪ ﻛﺎن
اﻟﻤﺴﺘﺒﺪّون ﯾﻄﻮّرون أﻓﻜﺎرھﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى اﻟﺘﺎرﯾﺦ ،وﻛﺎﻧﻮا
ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﻜـﺮھـﯿـﻦ ﺑﻔﻌﻞ ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻟﺸﻌﻮب ﻟﻼﺳﺘﺒﺪاد
واﻟﺘﻄﻮّر اﻟﺤﻀﺎري اﻟﺬي اﺻﺎﺑﺘﮫ اﻟﺒﺸﺮﯾﺔ ﻓﻲ ﺟﻤﯿﻊ
اﻟﻤﺠﺎﻻت اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ واﻟﺘﻄﺒـﯿﻘـﯿﺔ " :ﻓﻜﺎن ﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﻤﺴﺘﺒﺪﯾﻦ
وﻣﻔﻜـﺮﯾﮭﻢ ،ﻓﻲ ﻛﻞ ﻋﺼﺮ ﻣﻦ أن ﯾﺴﺘـﺮوا ﻋﻮرة
اﻻﺳﺘﺒﺪاد ﺑﻨﺴﯿﺞ ﻣﻦ ﺻﻨﻊ اﻟﻌﺼﺮ ﻓﻜـﺮا أو ﻋﻠﻤﺎ أو
ﻣﻤﺎرﺳﺔ ﻷﻧﮫ أﻗﺪر ﻋﻠﻰ إﺧﻔﺎء اﻟﺴﻮءة وﺗﻀﻠﯿﻞ اﻟﺸﻌﻮب
..وﻟﻘﺪ ﻛﺎﻧﺖ " اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ " آﺧﺮ ﻣﺎ اﺧﺘﺎره اﻟﻤﺴﺘﺒﺪون
ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻌﺼﺮ ) ..اﻟﻤﺼﺪر اﻟﺴﺎﺑﻖ ( .
ﺧﻼﺻﺔ اﻟﻘﻮل :أن اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺤﻘﻮﻗﻲ ﺑﺄﻓﻜﺎره اﻟﻤﻌـﺮوﻓﺔ
ﻋﻦ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ ،وﻣﻮاﻗﻔﮫ اﻟﻤﻌﻠﻨﺔ ﻋﻦ ﺣﻘﻮق اﻻﻧﺴﺎن
ﻧﺠﺪه ﯾﺘﻤﺎھﻰ اﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ ﻣﻊ اﻟﻄﺮح اﻷﺻﻠﻲ ﻟـ " ﺷﻌﺐ
اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ " ﻛﻤﺎ ورد ذﻛـﺮه ﺑﻜﻞ ﺗﻔﺼﯿﻞ ..ﻓﮭﻮ اﻟﺬي
ﯾﺘﺼﻮّر ﺑﺄن ﻟﻠﺪﯾﻤﻘـﺮاﻃـﯿﺔ ﻣﻔﮭـﻮم ﻣﻄـﻠﻖ ،وأن ﻟﻠﺤﻘـﻮق
ﯾﺎ ﺧﺴﺎرة ﯾﺎ ﻣﺤﺴﻦ ﯾﺎ وﻟﺪي ..
اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﺟﺎﺗﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﻜﺒﺮ !! ..
ﻣﻀﺎﻣﯿﻦ ﺛﺎﺑﺘﺔ ﻓﻲ اﻟﺰﻣﺎن واﻟﻤﻜﺎن ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻧﺠﺪه ﯾﺘﺠﺎھﻞ
اﻟﻰ ﺣﺪ ﻛﺒﯿﺮ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻌـﯿﻨـﯿﺔ اﻟﺪﻗـﯿﻘﺔ اﻟﻤﻘـﺘـﺮﻧﺔ ﺑﺤﯿﺎة
اﻟﻔﺮد واﺣﺘﯿﺎﺟﺎﺗﮫ اﻟﻤﺘﺠﺪّدة أﺑﺪا ،ﻣﻊ اﻟﺘﺮﻛﯿﺰ داﺋﻤﺎ واﻟﺘﺬﻛﯿﺮ
ﺑﺎﻟﺠﻮاﻧﺐ ذات اﻟﺼﻠﺔ ﺑﻄﺒﯿﻌـﺘﮫ اﻻﻧﺴﺎﻧﯿﺔ وﺟﻮھـﺮه اﻟﺜﺎﺑﺖ
ﻓﺤﺴﺐ ..ﻓﺎﻟﺤﻘﻮق ھﻲ ﺣﻖ اﻟﻌﯿﺶ و اﻻﻗﺎﻣﺔ واﻟﺘﻨﻘﻞ واﻟﺘﻌﺒﯿﺮ
واﻟﻨﺸﺮ واﻟﻨﻘﺪ واﻟﺮﻓﺾ واﻟﺘﻈﺎھﺮ اﻟﺴﻠﻤﻲ ..اﻟﻰ آﺧﺮ ﻣﺎ ھﻮ
ﻣﺬﻛﻮر ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ ﻟﺤﻘﻮق اﻻﻧﺴﺎن ) ﺷﻌﺐ
اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ ( ..أﻣﺎ ﻛﯿﻒ ﯾﻌﯿﺶ اﻻﻧﺴﺎن ،وﻛﯿﻒ ﯾﻘﯿﻢ ﻓﻲ
ﻇﺮوف ﺗﻠﯿﻖ ﺑﻜﺮاﻣﺘﮫ ،وﻛﯿﻒ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ اﻟﺘﻨﻘﻞ ﺑﯿﺴﺮ ،وﻛﯿﻒ
ﯾﻌـﺒّـﺮ وﯾﻨﺸﺮ ،وﯾﻨﺘﻘﺪ وﯾﻌﺎرض ،ﻓـﯿﺴﻤﻌﮫ ﻛﻞ اﻟﻨﺎس ،أو
ﯾﺘﻈﺎھـﺮ وﻻ ﯾﺘﻌـﺮّض اﻟﻰ اﻟﺨﺼﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺮﺗﺐ أو اﻟﻰ اﻟﻄﺮد
اﻟﺦ ..ﻓﮭﺬا ﻛﻠﮫ ﻣﺴﻜﻮت ﻋﻨﮫ ...ﻟﺬﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺼﻌـﺐ أن ﯾﮭﺘﺪي
اﻟﻰ ﻣﻀﺎﻣﯿﻦ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﺤﻘﯿﻘـﯿﺔ ) اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﺤﺎﻛﻤﺔ (
اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﯾﯿـﺮ اﻟﻤﻠﻤﻮﺳﺔ ﻟﻠﺤﻘﻮق واﻟﺤﺮﯾﺎت ﻛﻤﺎ
ﯾﻄﺮﺣﮭﺎ واﻗﻊ اﻟﻨﺎس ) اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺤﻘﯿﻘﻲ ( ..وﻓﻲ ھﺬا اﻟﺴﯿﺎق
ﻓﺎن اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﻤﺮزوﻗﻲ ﺑﺘﺼﻮّره ﻟﮭﺬا اﻟﻄﺮح " :ﺷﻌـﺐ
اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ " ﺳﻮاء ﻋﻠﻢ ﺣﻘـﯿﻘـﺘﮫ أم ﺟﮭﻠﮭﺎ ،اﻧﻤﺎ ﯾﺆﻛﺪ اﻧﺘﻤﺎءه
اﻟﻰ داﺋـﺮة اﻻﺳﺘﺒﺪاد ،ﺣﺘﻰ وان ﻛﺎن ﻓﻲ ﺻﻮرﺗﮫ اﻟﻤﺘﺤﻀّـﺮة
..ﻓﻲ ﺣﯿﻦ ﯾﻜﻮن اﻟﻮﺟﮫ اﻵﺧﺮ ﻟﻠﻤﺸﺮوع ﻣﻌـﺒـﺮا ﻋﻦ اﻟﻨﻤﻮذج
اﻟﻤﺘﺨﻠﻒ ﻟﻠﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗـُﺤﻮّل اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ إﻟﻰ ﻣﺠـﺮد أرﻗﺎم
اﻧﺘﺨﺎﺑﯿﺔ ..وﺗﻠﻚ ھﻲ اﻟﺪﯾﻤﻘﺮاﻃﯿﺔ اﻟﻤﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻀﺎﻣﻨﺔ ـ ﻓﻘﻂ
ـ ﻟﻠﺤﻘﻮق اﻷزﻟﯿﺔ ﻛﻤﺎ ﯾﺘﺼﻮّرھﺎ اﻟﺮﺋﯿﺲ اﻟﺤﻘﻮﻗﻲ ﻟﻠﻤﻮاﻃﻦ
اﻟﻨﻤﻄﻲ اﻟﺬي ﯾﺘﺴﺎوى ـ ﻋﻨﺪه ـ ﻓﻲ ﻛﻞ اﻟﺤﻘﻮق ﻣﻊ ﺟﻤﯿﻊ
اﻟﻨﺎس ﻓﻲ أي ﻣﻜﺎن ،ﻣﻌـﺒّـﺮا ﻋﻦ ذﻟﻚ اﻟﻤﻔﮭﻮم اﻟﻤﺜﺎﻟﻲ ﻟﻠﺤﺮﯾﺔ
اﻟﺬي ﻻ ﯾﺮﺗﺒﻂ ﺑﺎﺣﺘﯿﺎﺟﺎت اﻟﻔﺮد ﻛﻤﺎ ﯾﺸﻌـﺮ ﺑﮭﺎ ﻓﻲ واﻗﻌﮫ
اﻟﺨﺎص !! ..
اﻟﺒﺮﻛﺔ ﻓﻲ وﻟﺪك ..أأأ ..اﻟﻠﻄﻒ
ﻋﻠﯿﻚ ..ﻗﺼﺪي ﻣﺰاﻟﺖ اﻟﺒﺮﻛﺔ
ﻓﯿﻚ و ﻓﯿﮫ ..
ﺗﻐﯿﯿﺮ اﻻﺳﻤﺎء اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ :
ﻟﻢ ﺗﺴﻠﻢ ﺣﺘﻰ اﻷﺳﻤﺎء اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺮﯾﺲ ..ﻓﻠﻢ ﯾﻌﺪ
ﻣﻦ ﺣﻖ أي أﺳﺮة أن ﺗﺴﻤﻲ أوﻻدھﺎ إﻻ ﺑﺄﺳﻤﺎء ﻓﺎرﺳﯿﺔ ،
وﻣﻦ ﯾﺮﻓﺾ ذﻟﻚ ﻻ ﯾﺘﻢ إﺻﺪار أي إﺛﺒﺎت ﻟﮫ وﻻ ﯾﺘﻢ
اﻻﻋﺘﺮاف ﺑﮫ ..
وﻟﻢ ﺗﻜﺘﻒ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻹﯾﺮاﻧﯿﺔ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﻞ ﺳﻌﺖ ﻟﻌﻤﻠﯿﺔ
اﻟﺘﮭﺠﯿﺮ ﻟﻠﻘﺒﺎﺋﻞ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﻤﻘﯿﻤﺔ ﻓﻲ اﻷﺣﻮاز إﻟﻰ ﻣﻨﺎﻃﻖ
اﻟﺸﻤﺎل اﻹﯾﺮاﻧﻲ واﺳﺘﺠﻼب ﺳﻜﺎن ھﺬه اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ إﻟﻰ
اﻷﺣﻮاز وإﺳﻜﺎﻧﮭﻢ ﻓﯿﮭﺎ ﻛﻤﺎ ﻣﺎرﺳﺖ ﺳﯿﺎﺳﺔ اﻟﺘﺠﻮﯾﻊ
ﻟﻠﺸﺒﺎب اﻷﺣﻮازي ﻧﺘﯿﺠﺔ اﻧﻌﺪام ﻓﺮص اﻟﻌﻤﻞ ،ﻣﻦ أﺟﻞ
إﺟﺒﺎره ﻋﻠﻰ اﻟﮭﺠﺮة ﻧﺤﻮ اﻟﺪاﺧﻞ اﻹﯾﺮاﻧﻲ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﯾﺘﻢ
إﺑﻌﺎدھﻢ ﻋﻦ وﻃﻨﮭﻢ وأھﻠﮭﻢ واﻧﺘﻤﺎؤھﻢ وﻟﯿﻨﺪﻣﺠﻮا ﻓﻲ
ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺟﺪﯾﺪة ﺑﻌﺎدات وأﻋﺮاف أﺧﺮى ،أو اﻟﮭﺠﺮة ﺧﺎرج
اﻹﻗﻠﯿﻢ وﻓﻘﺪھﻢ ﻟﮭﻮﯾﺘﮭﻢ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ارﺗﺒﺎﻃﮭﻢ
ﺑﻤﻌﯿﺸﺘﮭﻢ وھﻤﻮﻣﮭﻢ اﻟﺨﺎﺻﺔ.
ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻠﻐﺔ واﻟﮭﻮﯾﺔ اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ :
اﻋﺘﻤﺪت ﺳﯿﺎﺳﺔ اﻟﺘﻔﺮﯾﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﺤﺎرﺑﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﻓﻜﺎﻧﺖ
اﻟﻔﺎرﺳﯿﺔ ھﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻮﺣﯿﺪة اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ واﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻲ
إﯾﺮان ،ﻓﻤﻨﻌﻮا ﻋﻠﻰ أھﻞ اﻻﺣﻮاز إﺻﺪار اﻟﺼﺤﻒ
واﻟﻤﺠﻼت وأي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻤﻄﺒﻮﻋﺎت ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ..وﻗﺪ
ﻃﺎﻟﺖ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﻤﻨﻊ ﺣﺘﻰ ﻛﺘﺎﺑﺔ اﻟﻼﻓﺘﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺘﺎﺟﺮ
واﻟﺪﻛﺎﻛﺒﻦ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ..ﺣﯿﺚ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻻﯾﺮاﻧﯿﺔ
ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺦ اﻟﮭﻮﯾﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﺿﻌﺎﻓﮭﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﻮس
اﻟﻤﻮاﻃﺘﻨﯿﻦ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت ..اﻟﺘﻲ ﺗﺼﻞ اﻟﻰ ﺣﺪ
اﺳﺘﻌﻤﺎل ﻃﺮﯾﻘﺔ اﻟﺘﻔﺮﯾﺲ ﺑﺎﻟﻘﻮة ﻻﺟﺘﺜﺎث ﺷﻌـﺐ اﻷﺣﻮاز
ﻣﻦ ﺟﺬوره ،وﺗﺰﯾﯿﻒ وﻋﯿﮫ و ﺗﺎرﯾﺨﮫ ﻟﻼﻧﺪﻣﺎج ﻓﻲ
اﻟﺤﻀﺎرة اﻟﻔﺎرﺳﯿﯿﺔ ..
وﻓﻲ اﻃﺎر ﺳﯿﺎﺳﺔ اﻟﻀﻐﻂ واﻟﻌﻘﺎب اﺗﺒﻌﺖ اﻟﺴﻠﻄﺎت
اﻻﯾﺮاﻧﯿﺔ ﺳﯿﺎﺳﺔ اﻟﺘﺠﻮﯾﻊ وﻗﻄﻊ اﻻرزاق ،ﻓﻘﺎﻣﺖ ﺑﺘﺤﻮﯾﻞ
ﻣﺠﺎري اﻷﻧﮭﺎر ﻧﺤﻮ اﻟﺪاﺧﻞ اﻹﯾﺮاﻧﻲ وﺣﺮﻣﺖ اﻷراﺿﻲ
اﻷﺣﻮازﯾﺔ ﻣﻨﮭﺎ ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﺰراﻋﺔ اﻷﺣﻮازﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺮاﺟﻊ
ﻛﺒﯿﺮ وھﻲ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﺎﻃﺎت اﻟﺴﻜﺎﻧﯿﺔ اﻷﺳﺎﺳﯿﺔ ﻓﯿﮭﺎ ..ﻣﻤﺎ
ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ ﻟﻸﺣﻮازﯾﯿﻦ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل زراﻋﺔ
ﻗﺼﺐ اﻟﺴﻜﺮ ..
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻹﯾﺮاﻧﯿﺔ ﺑﺎﺳﺘﺨﺮاج اﻟﺒﺘﺮول اﻷﺣﻮازي
وﺗﺼﺪﯾﺮه واﻻﺳﺘﻔﺎدة ﻣﻦ ﻋﺎﺋﺪاﺗﮫ دون أن ﯾﻜﻮن
ﻟﻸﺣﻮازﯾﯿﻦ أي ﻣﻨﻔﻌﺔ ﻣﻨﮫ .
اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻻﺣﻮازﯾﺔ :
ﺷﮭﺪت اﻻﺣﻮاز 15اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ وﺛﻮرة أﺣﻮازﯾﺔ ﻣﻨﺬ اﻹﺣﺘﻼل
اﻻﯾﺮاﻧﻲ ﻟﮭﺎ :
1ـ ﺑﺪأت ﻣﻘﺎوﻣﺔ اﻷﺣﻮاز ﺑﻌﺪ ﻣﺮور ﺛﻼﺛﺔ أﺷﮭﺮ ﻓﻘﻂ ﻋﻠﻰ
اﺣﺘﻼل اﻷﺣﻮاز اﻟﺬي ﺗﻢ ﺑﺘﺎرﯾﺦ 20ﻧﯿﺴﺎن اﺑﺮﯾﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺎم
1925ﺣﯿﺚ وﻗﻒ ﺑﻮﺟﮫ ﺳﯿﺎﺳﺔ اﻟﺘﻔﺮﯾﺲ ﺟﻨﻮد اﻟﺸﯿﺦ
ﺧﺰﻋﻞ وﺣﺮﺳﮫ اﻟﺨﺎص ،وﻗﺎﻣﻮا ﺑﺜﻮرة ﻓﻲ 22ﯾﻮﻟﯿﻮ
1925ﺑﻘﯿﺎدة اﻟﺸﮭﯿﺪﯾﻦ )ﺷﻠﺶ ،وﺳﻠﻄﺎن ( ،وﻛﺎﻧﺖ ردًا
ﻣﻨﮭﻢ ﻷﺳﺮ ﺷﯿﺨﮭﻢ وإﻣﺎرﺗﮭﻢ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ،وﻓﻲ ھﺬه اﻟﺜﻮرة
ھﺮب أﻓﺮاد ﻣﻦ اﻟﺠﯿﺶ اﻹﯾﺮاﻧﻲ اﻟﻰ اﻟﻜﻮﯾﺖ وﺳﯿﻄﺮ اﻟﺜﻮار
ﻋﻠﻰ ﻣﺪﯾﻨﺔ اﻟﻤﺤﻤﺮة ﻟﻌﺪة أﯾﺎم .ﺛﻢ ﻗﺼﻔﺘﮭﻢ ﻣﺪﻓﻌﯿﺔ اﻟﺠﯿﺶ
اﻹﯾﺮاﻧﻲ ﺑﻼ رﺣﻤﺔ ﺑﻌﺪ أن دﻣﺮوا اﻟﺤﺎﻣﯿﺔ اﻟﻔﺎرﺳﯿﺔ ﻓﻲ
اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ .وﻋﻠﻰ أﺛﺮ ﻓﺸﻞ ھﺬه اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻷﺣﻮازﯾﺔ
واِﻧﺘﻔﺎﺿﺘﮭﺎ اﻟﺒﺎﺳﻠﺔ ﺿﺪ اﻻِﺣﺘﻼل ﺧﯿّﻢ إرھﺎب ﺷﺪﯾﺪ ﻋﻠﻰ
اﻷﺣﻮاز ،وﺑﻄﺒﯿﻌﺔ اﻟﺤﺎل أن اﻟﻔﺮق اﻟﻨﻮﻋﻲ ﺑﯿﻦ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ
واﻹرھﺎب ﯾﻜﻤﻦ ﻓﻲ ﻃﺒﯿﻌﺔ اﻟﻌﻨﻒ :ﻋﻨﻒ ﻣَﻦْ ﯾﺪاﻓﻊ ﻋﻦ
وﻃﻨﮫ واﻟﻌﻨﻒ اﻟﻤﺪاﻓﻊ ﻋﻦ اﻟﻐﺰو اﻟﮭﻤﺠﻲ اﻟﺒﺸﻊ واﻟﺠﺮاﺋﻢ
اﻟﺘﻲ ﯾﻘﻮم ﺑﮭﺎ اﻟﻤﺤﺘﻞ ﺿﺪ اﻟﺒﺸﺮ ..وھﻜﺬا ﻗﻀﺖ اﻟﺴﻠﻄﺎت
اﻟﻔﺎرﺳﯿﺔ ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﺜﻮرة ﺑﻘﺴﻮة ﻣﺘﻨﺎھـﯿﺔ وﺑﺸﺪة ،
وﺣﺎﻛﻤﺖ ﻋﺪداً ﻛﺒﯿﺮاً ﻣﻨﮭﻢ ،وأﻋـﺪﻣﺖ اﻟﻌﺸﺮات دون
ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ .وﻓﻲ اﻟﻌﺎم ﻧﻔﺴﮫ ،ﺗﺠﻤﻊ اﻟﺜﻮار اﻷﺣﻮازﯾﻮن ﻓﻲ
ﺟﺰﯾﺮة " ﺷﻠﺤﺔ" ﻓﻲ " ﺷﻂ اﻟﻌﺮب" ﺑﮭﺪف اﻟﮭﺠﻮم ﻋﻠﻰ
اﻷﺣﻮاز واﺳﺘﻌﺎدﺗﮭﺎ ،إﻻ اﻧﮫ ﺑﻄﻠﺐ اﻟﺤﺎﻛﻢ اﻟﻌﺴﻜﺮي
اﻹﯾﺮاﻧﻲ ﻓﻲ اﻷﺣﻮاز ،ھﺎﺟﻤﺖ اﻟﻘﻮات اﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺔ ھﺬا
اﻟﺘﺠﻤّﻊ ﻓﻘﻀﺖ ﻋﻠﯿﮫ .
أﻣﺎ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﻌﺸﺮة اﻟﺘﻲ ﺗﻠﺖ ھﺬه اﻟﺜﻮرة )-1929
، (1939ﻓﻘﺪ ﻋﻤﻞ ﻓﯿﮭﺎ اﻷﺣﻮازﯾﻮن ﻋﻠﻰ ﺗﺸﻜﯿﻞ ﺟﻤﻌﯿّﺔ
ﻓﻲ اﻟﻌﺮاق ﺗﺰﻋﻤﮭﺎ اﻟﺸﯿﺦ " ھﺎدي ﻛﺎﺷﻒ اﻟﻐﻄﺎء "،
ﺳﺎھﻤﺖ ﻓﻲ دﻋﻢ اﻟﻨﻀﺎل اﻷﺣﻮازي ﻓﻘﺪﻣﺖ ﻣﺬﻛﺮة إﻟﻰ "
ﻋـﺼﺒﺔ اﻷﻣﻢ " ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﻓﯿﮭﺎ ﺑﺈﺟﺮاء اﺳﺘﻔﺘﺎء ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ إذا
ﻛﺎن ﺷﻌﺐ اﻷﺣﻮاز ﯾﺮﺿﻰ اﻟﺒﻘﺎء ﺗﺤﺖ اﻻﺣﺘﻼل اﻹﯾﺮاﻧﻲ أم
اﻧﮫ ﯾﺮﯾﺪ اﻻﺳﺘﻘﻼل .
2ـ وﻗﺎد ﺑﻌﺪھﺎ اﻟﺸﯿﺦ ﻋﺒﺪ اﻟﻤﺤﺴﻦ اﻟﺨﺎﻗﺎﻧﻲ :اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ
اﻷﺣﻮازﯾﺔ اﻟﻤﺮﻣﻮﻗﺔ واﻟﻤﺤﺘﺮﻣﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻛﻞ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮﺑﻲ
اﻷﺣﻮازي ﻣﻊ ﺑﻌﺾ رﻓﺎﻗﮫ وأﻧﺼﺎره اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﺷﻌﺒﯿﺔ
ﻣﺴﻠﺤﺔ أﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﻤﺤﻤﺮة وﺗﻮﺳﻌﺖ ﻟﺘﺸﻤﻞ ﻣﺪن اﻷﺣﻮاز
اﻷﺧﺮى ﻣﻄﺎﻟﺒﯿﻦ ﺑﺎرﺟﺎع اﻟﺸﯿﺦ اﻷﻣﯿﺮ ﺧﺰﻋﻞ اﻟﺬي اُﻗﺘﯿﺪ
إﻟﻰ اﻟﺴﺠﻦ ﻓﻲ ﻃﮭﺮان أﺛﺮ ﻣﺆاﻣﺮة ﻓﺎرﺳﯿﺔ /ﺑﺮﯾﻄﺎﻧﯿﺔ
دﻧﯿﺌﺔ ،ﻣﺜﻠﻤﺎ أرﺳﻠﻮا ﺑﺮﻗﯿﺎت إﻟﻰ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺠﮭﺎت
اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺻﻤﺘﺖ إزاء ﻧﺪاء اﻻﺳﺘﻐﺎﺛﺔ وأﻏـﻤﻀﺖ
أﻋـﯿﻨﮭﺎ ﻋﻦ ﻧﺰﯾﻒ اﻟﺪم اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻟﺠﺎري ﻓﻲ اﻷﺣﻮاز
)ﻋﺮﺑﺴﺘﺎن( ،وﻗﺪ ﻧﺸﺮﺗﮭﺎ اﻟﺼﺤﻒ اﻟﻌﺮاﻗﯿﺔ ﻓﻲ ﺣﯿﻨﮭﺎ.
أﻣﺎ اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻌﺮﺑﻲ اﻷﺣﻮازي ﻧﻔﺴﮫ ﻓﻘﺪ اﻧﺘﻔﺾ ﻋﺪة
ﻣﺮات ﻏﯿﺮ ﻣﺴﺘﺴﻠﻢ ﻟﻼِﺣﺘﻼل اﻟﻐﺎﺷﻢ وﺳﯿﺎﺳﺘﮫ
اﻟﻌﻨﺼﺮﯾﺔ ﺗﺠﺎه اﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻦ ،وأﺳﺎﻟﯿﺒﮫ اﻟﻘﻤﯿﻌﺔ
اﻟﻤﺘﻮاﺻﻠﺔ ..
3ـ ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺜﻮرة اﻟﻨﻮﻋﯿﺔ واﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ ﺑﺎِﺳﻢ ﺛﻮرة اﻟﺤﻮﯾﺰة
ﻓﻲ ﻋﺎم : 1928ﺑﻘﯿﺎدة اﻟﺸﮭﯿﺪ اﻟﺒﺎرز ﻣﺤﻲ اﻟﺪﯾﻦ اﻟﺰﺋﺒﻖ
رﺋﯿﺲ ﻋﺸﺎﺋﺮ اﻟﺸﺮﻓﺔ ،واﻟﺬي ﺷﻜﻞ ﺣﻜﻮﻣﺔ داﻣﺖ ﺳﺘﺔ
أﺷﮭﺮ ،وﻻﺣﻆ اﻟﻤﺘﺎﺑﻌﻮن ﻟﻮﻗﺎﺋﻊ اﻟﺜﻮرة ،ﻣﺸﺎرﻛﺔ ﻧﺴﺎء
اﻷﺣﻮاز ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ،ﻓﻘﺎم اﻟﺠﯿﺶ اﻹﯾﺮاﻧﻲ ﺑﻤﺤﺎﺻﺮة
ﻣﺪﯾﻨﺔ اﻟﺤﻮﯾﺰة وﻣﻨﻊ وﺻﻮل اﻟﻤﺆن إﻟﯿﮭﺎ ﺛﻢ ھﺎﺟﻤﮭﺎ ﺑﻜﻞ
ﺻﻨﻮف اﻷﺳﻠﺤﺔ اﻟﻔﺘﺎﻛﺔ ﻻﺧﻤﺎد ﺗﻠﻚ اﻟﺜﻮرة واﻧﺰل اﻟﻮﯾﻞ
واﻹرھﺎب ﺑﺄھﻠﮭﺎ
أھﻮن أﻟﻒ ﻣﺮة !..
أن ﺗﺪﺧﻠﻮا اﻟﻔﯿﻞ ،ﺑﺜﻘﺐ إﺑـﺮة ..
و أن ﺗﺼﯿﺪوا اﻟﺴﻤﻚ اﻟﻤﺸﻮي ..
ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺮة .
أھﻮن أﻟﻒ ﻣﺮة !..
أن ﺗﻄﻔﺌﻮا اﻟﺸﻤﺲ ،
و أن ﺗﺤﺒﺴﻮا اﻟﺮﯾﺎح ..
أن ﺗﺸﺮﺑﻮا اﻟﺒﺤﺮ ،
و أن ﺗﻨﻄﻘﻮا اﻟﺘﻤﺴﺎح ..
أھﻮن أﻟﻒ ﻣﺮة !..
ﻣﻦ أن ﺗﻤﯿﺘﻮا ﺑﺎﺿﻄﮭﺎدﻛﻢ ،
و ﻣﯿﺾ ﻓﻜﺮة ..
و ﺗﺤﺮﻓﻮﻧﺎ ،ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻘﻨﺎ اﻟﺬي اﺧﺘﺮﻧﺎه
ﻗﯿﺪ ﺷﻌـﺮه !..
ﺗﻘﺪﯾﻢ ﻗﺎﻧﻮن إﻋﺎدة ﺗﻨﻈﯿﻢ اﻷزھﺮ :
ﺑﺪاﯾﺔ ﯾﺠﺐ اﻟﺘﺄﻛﯿﺪ أن ھﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻟﻢ ﯾﺄت ﻣﻨﻔﺼﻼً ﻋﻦ ﻋﺪة
ﺗﻄﻮرات ﺳﯿﺎﺳﯿﺔ ودﯾﻨﯿﺔ ﻗﺪﻣﺖ ﻟﮫ ـ ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ اﻟﻘﻮل ـ
وﻛﺎن أھﻤﮭﺎ اﻟﺮﻏﺒﺔ ﻓﻰ إﻋﺎدة ﺗﺮﺗﯿﺐ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻤﺼﺮى ﻣﻦ
اﻟﺪاﺧﻞ وإﻋﺎدة ﺗﻮﻇﯿﻒ دور اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﺘﻘﻠﯿﺪﯾﺔ
ﻓﻰ ﺿﻮء ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻐﯿﺮ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻰ اﻟﺘﻰ زادت ﻧﻐﻤﺘﮭﺎ ﻣﻊ
ﺑﺪاﯾﺔ اﻟﺴﺘﯿﻨﺎت وﻋﻠﯿﮫ ﻓﺈن ﻋﻤﻠﯿﺔ ﺗﻘﯿﯿﻢ ﻟﻘﺎﻧﻮن إﻋﺎدة
ﺗﻨﻈﯿﻢ اﻷزھﺮ ﯾﻨﺒﻐﻰ أن ﺗﺜﯿﺮ اﻟﻨﻘﺎط اﻟﺘﺎﻟﯿﺔ :
1ـ ﯾﻤﻜﻦ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻣﻮﻗﻒ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﯿﺎﺳﻰ اﻟﻨﺎﺻﺮى ﻣﻦ
اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﺮﺳﻤﯿﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﮫ ﻛﺎن ﺟﺰءاً ﻣﻦ
ﻣﻮﻗﻒ أﺷﻤﻞ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﺮؤﯾﺔ اﻟﻨﻈﺎم ﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﺪﯾﻦ ﺑﻘﻀﺎﯾﺎ
اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺤﯿﻮﯾﺔ واﻟﻮﻇﯿﻔﯿﺔ اﻟﺘﻰ ﯾﻘﻮم ﺑﮭﺎ ﻓﻰ ﻣﺠﺎل
اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ ،وﻣﻨﺬ ﺳﻨﻮات اﻟﺜﻮرة اﻷوﻟﻰ ﺗﺤﺪث ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ
ﻋﻦ اﻟﺪﯾﻦ ﻓﻰ ﺻﻮرة اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ واﻻﻋﺘﺪال وﻓﻰ اﻃﺎر ﻣﻦ
اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻰ ﺗﻔﺮض ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﯿﻊ اﻟﻮﻻء ﻟﻠﻨﻈﺎم واﻟﺘﻔﺎﻧﻰ
ﻓﻰ ﺧﺪﻣﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،وﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﺣﺪﯾﺚ ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻋﻦ
اﻟﺪﯾﻦ ﺣﺪﯾﺜﺎً ﻋﻦ اﻟﻌﻘﯿﺪة ﻓﻰ ذاﺗﮭﺎ ،واﻧﻤﺎ ﻓﻰ إﻃﺎر
اﻹﺻﻼح وإﺛﺎرة اﻟﺤﺲ اﻟﻮﻃﻨﻲ اﻟﺠﺪﯾﺪ ..ﻓﻔﻰ 18أﻓﺮﯾﻞ
1953ﯾﺘﺤﺪث ﻓﻰ اﻟﻤﻌﮭﺪ اﻟﺪﯾﻨﻰ ﺑﺎﻻﺳﻜﻨﺪرﯾﺔ ﻣﺬﻛﺮاً رﺟﺎل
اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺪورھﻢ ﻓﻰ اﻟﻤﺎﺿﻰ ﻓﻰ رﻓﻊ ﺷﻌﺎر اﻟﺤﺮﯾﺔ واﻟﺠﮭﺎد
ﺿﺪ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر ودﻋﺎھﻢ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺎون ﻣﻊ رﺟﺎل اﻟﺠﯿﺶ
ﻻﺳﺘﺌﻨﺎف اﻟﺠﮭﺎد ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺎل ﻣﺼﺮ ﺣﺮﯾﺘﮭﺎ واﺳﺘﻘﻼﻟﮭﺎ "
ﻓﻠﺘﻀﻌﻮا أﯾﺪﯾﻜﻢ ﻓﻰ أﯾﺪﯾﻨﺎ وﻟﻨﺠﺎھﺪ ﻣﻌﺎً ﻓﻰ ﺳﺒﯿﻞ ﺗﺤﺮﯾﺮ
ﻣﺼﺮ ﻓﺈن ﻟﻜﻢ رﺳﺎﻟﺔ ﻋﻈﻤﻰ ،أﻧﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﺴﻤﺢ ﺑﻌﺪ اﻟﯿﻮم
ﻟﻠﻔﺴﺎد ،أن ﯾﻘﻮم وﻟﻦ ﯾﺴﻤﺢ رﺟﺎل اﻟﺪﯾﻦ أن ﯾﻘﻮم ﻓﻰ
ﻣﺼﺮ ﻓﺴﺎد أو ﻃﻐﯿﺎن " وﻧﺎﺷﺪ ﻓﻰ ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت ﺗﺎﻟﯿﺔ رﺟﺎل
اﻷزھﺮ ﺧﺼﻮﺻﺎً ﺑﺎﻻﺿﻄﻼع ﺑﺪور ﺑﺎرز ﻓﻰ ﻣﺸﺮوﻋﺎت
اﻹﺻﻼح اﻟﺠﺪﯾﺪة ،ﺣﯿﺚ ﯾﻘﻮل ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻓﻰ ھﺬا اﻟﺸﺄن
" رﺳﺎﻟﺔ اﻷزھﺮ ﻟﯿﺴﺖ ﻓﻰ ﻣﺼﺮ ،وﻟﯿﺴﺖ ﻓﻰ اﻷزھﺮ ،
وإﻧﻤﺎ ﻓﻰ اﻟﻘﺮى واﻟﻨﺠﻮع واﻟﺘﺠﻤﻌﺎت ﻟﺘﻨﺼﺤﻮا وﻟﺘﺮﺷﺪوا
وھﺬه اﻟﺪﻋﻮة وھﺬا اﻹرﺷﺎد ﯾﺠﺐ أن ﯾﻜﻮن ﺑﯿﻨﻨﺎ ﺑﺪﻻ ﻣﻦ
أن ﻧﺸﻜﻮ ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻌﻤﺎر وﻻ ﯾﻤﻜﻦ أن ﻧﻠﻘﻲ اﻟﻌﺐء ﻋﻠﻰ
اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ وﺣﺪھﺎ اﻧﻤﺎ ﻧﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺟﮭﻮد رﺟﺎل اﻷزھﺮ "
ﺧﻄﺎﺑﮫ ﺑﺘﺎرﯾﺦ . 1953/4/18
2ـ ﻓﻰ اﻃﺎر ھﺬه اﻟﺮؤﯾﺔ ﻟﻌﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ،ﻛﺎن اﻷزھﺮ
وﺑﺎﻋﺘﺒﺎره أﻛﺒﺮ اﻟﻤﺆﺳﺴﺎت اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ ﻓﻰ ﻣﺼﺮ واﻟﻌﺎﻟﻢ
اﻹﺳﻼﻣﻰ ﯾﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺗﺪﺧﻞ ﻹﺻﻼﺣﮫ ﺣﺘﻰ ﯾﺘﻢ رﺑﻄﮫ
ﺑﺎﻻﺗﺠﺎھﺎت اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻓﻰ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﺑﺪأ ﺑﻌﺾ رﺟﺎل اﻟﺪﯾﻦ
اﻟﻤﻮاﻟﯿﻦ ﻟﻠﺜﻮرة ﯾﺘﺤﺪﺛﻮن ﻋﻦ ﺳﻮء اﻷﺣﻮال داﺧﻞ اﻷزھﺮ
ﻣﻦ ﺣﯿﺚ ﺑﺮاﻣﺠﮫ اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ وﻧﻈﺎﻣﮫ اﻹدارى واﻣﻜﺎﻧﺎت
اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ ﻓﯿﮫ ﻣﺜﻞ أﺣﻤﺪ ﻋﺒﺪه اﻟﺸﺮﺑﺎﺻﻰ واﻟﺪﻛﺘﻮرة ﺑﻨﺖ
اﻟﺸﺎﻃﻰء اﻟﺘﻰ ﻃﺎﻟﺒﺖ ﺑﺪﺧﻮل اﻟﻤﺮأة اﻷزھﺮ ﻃﺎﻟﺒﺔ أو
ﻣﺤﺎﺿﺮة أو ﻣﺪرﺳﺔ .وﺑﻨﺎء ﻋﻠﻰ ھﺬا ﺗﻜﻮﻧﺖ ﻋﺎم 1961
ﻟﺠﻨﺔ ﺗﻔﺮﻋﺖ ﻋﻦ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻔﻨﯿﺔ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻟﻠﻤﻘﺘﺮﺣﺎت ﻓﻰ
اﻻﺗﺤﺎد اﻟﻘﻮﻣﻰ ﺳﻤﯿﺖ ﺑﻠﺠﻨﺔ اﻟﺸﺌﻮن اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ واﻷزھﺮ ،
....
وأﻋﺪت ﺗﻘﺮﯾﺮاً ﺑﺎﻟﺘﻨﻈﯿﻤﺎت اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ وﻛﺎن ﻓﻰ ﻣﻘﺪﻣﺘﮭﺎ :
إﻋﺎدة اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ اﻹدارى اﻟﺪاﺧﻠﻲ ﻟﻸزھﺮ ﺑﺤﯿﺚ ﯾﻜﻔﻞ ﺗﻔﺮغ
ﺷﯿﺦ اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻷزھﺮ وﻋﻠﻤﺎء اﻷزھﺮ ﻟﺮﺳﺎﺋﻠﮭﻢ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ
وﺗﺨﺮﯾﺞ اﻟﻌﻠﻤﺎء وﺗﻮﺛﯿﻖ اﻟﺮواﺑﻂ اﻟﺜﻘﺎﻓﯿﺔ واﻟﻌﻠﻤﯿﺔ ﻓﻰ
اﻟﺠﺎﻣﻌﺎت واﻟﮭﯿﺌﺎت اﻟﻌﻠﻤﯿﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ واﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻷﺟﻨﺒﯿﺔ
ﻣﻦ ﺧﻼل ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻷزھﺮ وﻏﯿﺮھﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﺪﯾﻼت اﻟﺘﻰ ﺳﺒﻖ
إﯾﻀﺎﺣﮭﺎ واﻟﺘﻰ أﺗﺖ ﺑﻌﺪ ﺻﺪور اﻟﻘﺎﻧﻮن .
3ـ ﺑﯿﺪ أن ھﺬه اﻟﺘﻐﯿﺮات ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﺪون ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻓﻰ اﻟﺘﺎرﯾﺦ
اﻟﻤﺼﺮى ،ﻓﻠﻘﺪ ﺳﺒﻖ أن ﻗﺎم ﺑﻤﺎ ﯾﺸﺒﮭﮭﺎ ،ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻰ ﻓﻰ
ﺑﺪاﯾﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﺘﺎﺳﻊ ﻋﺸﺮ ،ﺣﯿﻦ اﺗﺨﺬ اﻷزھﺮ ﻛﺄداة
ﻟﻠﻮﺻﻮل إﻟﻰ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺒﺎﯾﻌﺔ ﻋﻤﺮ ﻣﻜﺮم ﻟﮫ ،ﺛﻢ
أداة ﻟﺨﺪﻣﺔ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﻌﺴﻜﺮﯾﺔ ،ﺛﻢ ﻃﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﻌﻠﻤﺎء
ﺗﺄﯾﯿﺪ ﺑﺮﻧﺎﻣﺠﮫ ﻋﻦ ﻃﺮﯾﻖ إﺻﺪار اﻟﻔﺘﺎوى وﺗﺴﻮﯾﻎ
اﻟﻘﺮارات اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﺑﺎﺳﺘﺨﺪام اﻟﺪﯾﻦ ،ورﻏﻢ أن ھﺬا
اﻟﻨﻤﻮذج ﻟﻢ ﯾﺘﻜﺮر ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻛﺎﻣﻼً ﻓﻰ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻟﻤﺼﺮى إﻻ
أﻧﻨﺎ ﻧﺠﺪ أن ﻣﻨﺼﺐ ﺷﯿﺦ اﻟﺠﺎﻣﻊ اﻷزھﺮ ﺗﻌﺮض ﻟﻌﻮاﻣﻞ
اﻟﺨﻼف اﻟﺴﯿﺎﺳﻰ واﻟﺤﺰﺑﻰ وﻧﺰﻋﺎت اﻟﻤﻠﻚ اﻟﺸﺨﺼﯿﺔ ﻗﺒﻞ
اﻟﺜﻮرة ،وﻛﺎن ﺗﻌﯿﯿﻨﮫ ﯾﺘﻢ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻠﻜﻰ ﻓﻰ ﺣﯿﻦ أن ﻣﻄﺎﻟﺐ
اﻷزھﺮﯾﯿﻦ ﻛﺎﻧﺖ أن ﯾﺘﻢ ﺑﺎﻻﻧﺘﺨﺎب وﻟﻢ ﺗﺬﻋﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ
آﻧﺬاك ﻟﻤﻄﺎﻟﺒﮭﻢ ،وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻗﺎﻧﻮن 1961ﯾﺘﻀﺢ أن
ﻋﺒﺪ اﻟﻨﺎﺻﺮ ﻛﺎن ﻗﺪ ﻗﺮر أن ﯾﺨﻀﻊ اﻷزھﺮ ﻟﺴﻠﻄﺔ
اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺑﻮﺟﮫ أﺷﻤﻞ ،ﻓﮭﻮ اﻟﺬى ﯾﻌﯿﻦ ﺷﯿﺦ اﻟﺠﺎﻣﻊ
اﻷزھﺮ ،ﻛﻤﺎ أن ﺑﺮاﻣﺞ اﻷزھﺮ وإدارﺗﮫ ﻟﯿﺲ ﻟﮭﺎ اﻻﺳﺘﻘﻼل
اﻟﻜﺎﻣﻞ ﻋﻦ ﺑﻘﯿﺔ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﺪوﻟﺔ ﺑﻞ ھﻰ
ﺟﺰء ﻣﻨﮭﺎ وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ اﻟﻨﺺ ﻓﻰ اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻟﺴﺎﺑﻖ
ﻋﻠﻰ أن ﻟﺸﯿﺦ اﻷزھﺮ اﻟﺴﻠﻄﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻓﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ
ﺑﺎﻟﺸﺌﻮن اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ إﻻ أﻧﮫ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﯿﺔ اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ ﻟﻢ ﯾﺘﺤﻘﻖ ﻟﮫ
ذﻟﻚ ،ﺣﯿﺚ ﻛﺎن وزﯾﺮ اﻷوﻗﺎف واﻷزھﺮ أو وزﯾﺮ اﻷزھﺮ
ﺻﺎﺣﺐ اﻟﻜﻠﻤﺔ اﻷوﻟﻰ ،وﻟﻢ ﯾﺤﺪث ﻓﻰ ﺗﺎرﯾﺦ اﻟﻔﺘﺮة ﺳﻮى
اﺳﺘﺜﻨﺎء واﺣﺪ ﻋﺎم 1966ﺣﯿﻦ ﻗﺮر ﻋﺒﺪ اﻟﻔﺘﺎح ﺣﺴﻦ
وزﯾﺮ ﺷﺌﻮن اﻷزھﺮ أن ﺗﻌﺮض ﺟﻤﯿﻊ اﻟﻘﺮارات واﻟﻤﺴﺎﺋﻞ
اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﺎﻷزھﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﻦ ﻣﺄﻣﻮن ﺷﯿﺦ اﻷزھﺮ آﻧﺬاك ﻗﺒﻞ
ﻋﺮﺿﮭﺎ ﻋﻠﯿﮫ .
4ـ وﻣﻘﺎﺑﻞ ھﺬه اﻟﻘﯿﻮد ﻗﺎﻣﺖ اﻟﺪوﻟﺔ ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﯾﺔ اﻟﻤﻠﻤﻮﺳﺔ
ﺑﺎﻷزھﺮ ﻓﺒﻌﺪ أن ﻛﺎﻧﺖ ﻣﯿﺰاﻧﯿﺘﮫ ﻋﺎم 1952ﻻ ﺗﺘﺠﺎوز
ﻣﻠﯿﻮﻧﺎً و 537أﻟﻒ ﺟﻨﯿﮫ إذ ﺑﮭﺎ ﺗﺼﻞ ﻋﺎم 1966إﻟﻰ 3
ﻣﻼﯾﯿﻦ و 291أﻟﻒ ﺟﻨﯿﮫ وﻛﺎن ﺑﺎﻷزھﺮ 25ﻣﻌﮭﺪًا دﯾﻨﯿﺎً
وﺻﻠﺖ ﻓﻰ ﻋﺎم 1966إﻟﻰ 37ﻣﻌﮭﺪًا .
وﻛﺎن ﺑﮫ 22.135أﻟﻒ ﻃﺎﻟﺐ وﺻﻠﻮا ﻓﻰ ﻋﺎم 1966
أﯾﻀﺎً إﻟﻰ 31.566أﻟﻒ ﻃﺎﻟﺐ ،ووﺻﻞ ﻋﺪد اﻟﻤﺒﻌﻮﺛﯿﻦ
ﻓﻰ اﻟﺨﺎرج إﻟﻰ ﺣﻮاﻟﻰ 200ﻋﺎﻟﻢ ،وﺑﻨﻰ اﻷزھﺮ ﻣﺪﯾﻨﺔ
ﻟﻠﺒﻌﻮث اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ﺑﺘﻜﺎﻟﯿﻒ ﻣﻠﯿﻮﻧﻰ ﺟﻨﯿﮫ وﻗﺪ ﯾﻜﻮن ھﺬا
اﻻﻧﻔﺎق ﻋﻠﻰ اﻷزھﺮ ﺑﮭﺬا اﻟﻘﺪر ذا ﺣﺪﯾﻦ ﻓﻘﺪ ﺗﻼﺷﺖ ﻓﻰ
ﻇﻠﮫ ﺣﺮﯾﺔ اﻷزھﺮ واﺳﺘﻘﻼﻟﮫ اﻟﺬى ﺗﻤﺘﻊ ﺑﮫ وﻗﺖ أن ﻛﺎﻧﺖ
ﻣﯿﺰاﻧﯿﺘﮫ ﻣﺴﺘﻘﻠﺔ ﻧﺴﺒﯿﺎً ﻋﻦ اﻟﺪوﻟﺔ ﻗﺒﻞ اﻟﺜﻮرة ،وأﺻﺒﺢ
رﺟﺎﻟﮫ ﻣﻮﻇﻔﯿﻦ ﻓﻰ اﻟﺪوﻟﺔ ﺣﺮﯾﺼﯿﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﻨﺎﺻﺐ
اﻟﺤﻜﻮﻣﯿﺔ اﻟﻰ درﺟﺔ اﻟﻮزﯾﺮ ،وﻛﺎن ﻋﻠﯿﮭﻢ أن ﯾﺪﻓﻌﻮا
اﻟﺜﻤﻦ ﻟﮭﺬا اﻟﺪور اﻟﺠﺪﯾﺪ ﻃﺎﻋﺔ ﻣﺴﺘﻤﺮة ،واﺟﺘﮭﺎداً دؤوﺑﺎً
ﻓﻰ اﺳﺘﺨﺮاج ﻣﺎ ﯾﻀﻔﻰ اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻮﻛﯿﺎت وﺳﯿﺎﺳﺎت
اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﺪﯾﺪ اﻟﺘﻰ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﻰ ﺗﺼﻮرﻧﺎ ﺑﻐﯿﺮ ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ اﺛﺒﺎت
ﺷﺮﻋﯿﺔ ﻷﻧﮭ ﺎ اﺳﺘﻤﺪﺗﮭﺎ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻻﻧﺠﺎزات اﻟﺤﯿﺔ
اﻟﺘﻰ أﺣﺪﺛﺘﮭﺎ اﻟﺜﻮرة ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ .
وأﯾﺎً ﻛﺎن اﻟﺘﻘﯿﯿﻢ اﻟﺬى ﯾﺴﺎق ﺑﺸﺄن اﻹﻏﺪاق اﻟﻤﺎدى ﻋﻠﻰ
....
اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ اﻷوﻟﻰ :
ھﺬه اﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ اﻟﻌﺎﻟﻤﯿﺔ اﻟﺠﺎرﯾﺔ ﻣﻊ " ﺗﻨﻈﯿﻢ /دوﻟﺔ
اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ " ﻣﻠﻔﺘﺔ وﻣﺜﯿﺮة ﺑﺂن ،وإذا ﻛﺎن ﻣﺎ
ﯾﺼﺪر ﻣﻦ ﺗﺼﺮﯾﺤﺎت وﻣﻮاﻗﻒ ﻣﻦ ﻗﺎدة ھﺬه اﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ
ﯾﻮﺣﻲ إﻟﯿﻨﺎ ﺑﺠﺪﯾﺘﮭﺎ ،ﻓﺈن اﻟﻨﻈﺮة اﻟﻤﻮﺿﻮﻋﯿﺔ ﻟﻄﺮﻓﻲ
اﻟﺼﺮاع ﯾﺠﻌﻠﻨﺎ ﻧﺸﻜﻚ ﻓﻲ ﺻﺪق وﺟﺪﯾﺔ ھﺬه اﻟﻤﻮاﺟﮭﺔ ،أو
ﻓﻲ أﻧﮭﺎ ﻣﻮاﺟﮭﺔ ﯾﺴﺘﮭﺪف ﻛﻞ ﻃﺮف ﻓﯿﮭﺎ اﻻﻧﺘﺼﺎر اﻟﻨﮭﺎﺋﻲ
ﻋﻠﻰ اﻟﻄﺮف اﻵﺧﺮ.
إن اﻟﺘﺪﻗﯿﻖ ﻓﻲ ﻣﺠﺮﯾﺎت اﻟﺼﺮاع ﺣﺘﻰ اﻵن ﯾﺮﺟﺢ وﺟﻮد
رﻏﺒﺔ ﻋﻨﺪ دول اﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻟﯿﺲ ﺑﺤﺴﻢ اﻟﺼﺮاع ﺑﺴﺮﻋﺔ،
وإﻧﻤﺎ ﺑﻤﺪ أﺟﻠﮫ ﻟﺴﻨﻮات ﻃﻮﯾﻠﺔ ،وﺑﺠﻌﻠﮫ أﻛﺜﺮ ﺗﻜﻠﻔﺔ ﻣﺎدﯾﺔ
وﺑﺸﺮﯾﺔ ،وﺑﺪﻓﻌﮫ ﻟﺘﻮﻟﯿﺪ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻋﻠﻰ أرض اﻟﺼﺮاع ﺗﻤﻨﻊ ـ
ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ أﺷﺪ ﺗﺄﺛﯿﺮا ـ ﻣﻦ ﻋﻮدة اﻷوﺿﺎع ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﻠﺪ
إﻟﻰ ﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﯿﮫ ،أي أن ﻣﻦ ﺷﺄن ھﺬه اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ اﻟﻤﻮﻟَﺪة
أن ﺗﺴﻘﻂ اﻟﻘﻮة اﻟﺠﯿﻮﺳﯿﺎﺳﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺘﻌﺖ ﺑﮭﺎ ﺳﻮرﯾﺎ ﻋﻠﻰ
ﻣﺪى ﺗﺎرﯾﺨﮭﺎ ،وﺗﺴﻘﻂ ﻛﺬﻟﻚ وﺣﺪﺗﮭﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﯿﺔ.
وﻟﻮ دﻗﻘﻨﺎ اﻟﻨﻈﺮ ﻓﻲ زاوﯾﺘﯿﻦ ﻣﻦ زواﯾﺎ اﻟﺼﺮاع اﺣﺪاھﻤﺎ
اﻟﻤﻌﺮﻛﺔ ﺣﻮل ﻋﯿﻦ اﻟﻌﺮب ،واﻟﺜﺎﻧﯿﺔ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﺗﻤﻠﻚ
ھﺬه " اﻟﺪوﻟﺔ /اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ " ﻟﺴﻼح ﻃﯿﺮان ،ووﺟﻮد ﻃﯿﺎرﯾﻦ
ﻋﺮاﻗﯿﯿﻦ ﯾﺪرﺑﻮن ﻣﻘﺎﺗﻠﯿﻦ ﻣﻨﮭﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻠﯿﻖ ﺑﮭﺬه
اﻟﻄﺎﺋﺮات ،ﻓﻠﻦ ﯾﻐﯿﺐ ﻋﻦ ﺑﺼﯿﺮﺗﻨﺎ أن ﺑﻌﺾ أوﺟﮫ ﻣﻌﺮﻛﺔ
ﻋﯿﻦ اﻟﻌﺮب ﯾﺴﺘﮭﺪف ﺗﻌﺰﯾﺰ ارﺗﺒﺎط اﻷﻛﺮاد ﺑﮭﺬه اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ
اﻟﺘﻲ ھﻲ ﺟﺰءا ﻣﻦ اﻟﻮﻃﻦ اﻟﺴﻮري ،وﺟﻌﻠﮭﺎ رﻣﺰا ﯾﻠﺘﻘﻲ
ﻋﻠﯿﮫ أﻛﺮاد ﺳﻮرﯾﺎ وﺗﺮﻛﯿﺎ واﻟﻌﺮاق ،وﺗﺮوﯾﺞ اﻹﺳﻢ اﻟﻜﺮدي
اﻟﺠﺪﯾﺪ ﻟﮭﺎ " ﻛﻮﺑﺎﻧﻲ" ،وھﻮ اﺳﻢ ﻻ وﺟﻮد ﻟﮫ ﻓﻲ ﺗﺎرﯾﺦ
ﺟﻐﺮاﻓﯿﺔ اﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ،وﻻ ﻣﻌﻨﻰ ﻟﻐﻮي أﺻﯿﻞ ﻟﮫ .وﻟﻦ ﯾﻐﯿﺐ
ﻋﻦ ﺑﺼﯿﺮﺗﻨﺎ أن اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ اﻟﻄﺎﺋﺮات إﻧﻤﺎ ﯾﻌﻜﺲ رﻏﺒﺔ
ﻓﻲ ﺗﻀﺨﯿﻢ ﻗﺪرة ھﺬه اﻟﺪوﻟﺔ /اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ ،واﺻﻄﻨﺎع إﺟﺎﺑﺎت
ﻟﻠﺘﺴﺎؤﻻت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺑﻤﻜﺎﻣﻦ وﻣﺼﺎدر اﻟﻘﻮة ﻓﯿﮭﺎ ،وھﻲ ﻣﻦ
أوﻟﻰ اﻟﺘﺴﺎؤﻻت اﻟﺘﻲ ﻃﺮﺣﺖ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﺪي ﻣﻊ ﻇﮭﻮر ھﺬه "
اﻟﺪوﻟﺔ /اﻟﺘﻨﻈﯿﻢ " وﻣﺎ ﺣﻘﻘﺘﮫ ﻣﻦ اﻧﺘﺼﺎرات.
وﯾﺒﺪو أن اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻟﺠﺪﯾﺪة ﻣﻦ اﻟﺼﺮاع ﻋﻠﻰ اﻷرض
اﻟﺴﻮرﯾﺔ ﺑﯿﻦ " دوﻟﺔ /ﺗﻨﻈﯿﻢ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ "
واﻟﺘﺤﺎﻟﻒ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺗﺴﺘﮭﺪف اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺒﻘﻰ ﻣﻦ
ﺳﻮرﯾﺎ ،وﺗﺪﻣﯿﺮ اﻟﻤﺰﯾﺪ ﻣﻦ ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﺤﻀﺎرة واﻟﺒﻨﯿﺎن ،
اﻷزھـﺮ ﺑﺈﺻﺪار ﻗﺎﻧﻮن ﺗﻨﻈـﯿﻤﮫ .،وأﯾﺎً ﻛﺎن اﻟﺘﻘـﯿﯿﻢ اﻟﺬى ﯾﺜﺄر
ﺑﺸﺄن ھﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ﻋﻠﻰ وﺟﮫ اﻟﻌﻤﻮم ﻓﺈﻧﻨﺎ ﻧﺨﻠﺺ إﻟﻰ أن
اﻟﮭﺪف اﻷﺳﺎﺳﻰ ﻟﻠﻨﻈﺎم ﻣﻦ إﺻﺪار ﻣﺜﻞ ھﺬا اﻟﻘﺎﻧﻮن ھﻮ
ﺿﺮورة أن ﺗﺘﺴﻖ ﺣﺮﻛﺔ ھﺬه اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ اﻟﮭﺎﻣﺔ ﻣﻊ
ﺗﻮﺟﮭﺎت ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻨﻤﯿﺔ ﺑﺄﺷﻜﺎﻟﮭﺎ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،أﯾﻀ ًﺎ ﺿﺮورة
أن ﺗﺘﺴﻖ ﺣﺮﻛﺘﮭﺎ ﻣﻊ رﻏﺒﺔ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﯿﺎﺳﻰ ﻓﻰ إﻋﺎدة
ﺗﺮﺗﯿﺐ اﻟﺒﯿﺖ اﻟﻤﺼﺮى ﻣﻦ اﻟﺪاﺧﻞ وﻓﻖ ﻣﻔﺎھﯿﻤﮫ اﻟﺜﻮرﯾﺔ
اﻟﺘﻰ ﺑﺪأت ﻓﻰ اﻟﺘﺒﻠﻮر ﻣﻊ اﻟﺴﻨﻮات اﻷوﻟﻰ ﻟﻠﺴﺘﯿﻨﯿﺎت .
وﺗﺸﺮﯾﺪ اﻟﻤﺰﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﻮرﯾﯿﻦ ،وزﯾﺎدة ﻋﺪد اﻟﻘﺘﻠﻰ
واﻟﻤﺼﺎﺑﯿﻦ واﻟﻤﻌﺎﻗﯿﻦ ،وﺗﻌﻤﯿﻖ اﻟﻀﻐﯿﻨﺔ ﺑﯿﻦ ﻣﻜﻮﻧﺎت
اﻟﺸﻌﺐ اﻟﺴﻮري ،وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﻨﻤﯿﺔ ﻣﻈﺎھﺮ اﻟﻔﺮﻗﺔ واﻹﻧﻘﺴﺎم
،ﺑﺤﯿﺚ ﺗﺼﺒﺢ اﻟﻌﻮدة إﻟﻰ ﺳﻮرﯾﺎ اﻟﻤﻮﺣﺪة ﺣﺪﯾﺜﺎ ﻣﻦ
ﺧﯿﺎل ،وﻓﻲ ﺧﻼل ذﻟﻚ ﻛﻠﮫ ﺗﺸﻮﯾﮫ وﺗﺨﺮﯾﺐ روح اﻟﺠﮭﺎد
اﻟﺘﻲ ﻇﮭﺮت ﺑﯿﻦ أﺑﻨﺎء ھﺬا اﻟﺸﻌﺐ دﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ ﻛﺮاﻣﺘﮫ
وﺣﻘﮫ ﻓﻲ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﻜﺮﯾﻤﺔ ،وذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل ھﺬه اﻟﺼﻮرة
اﻟﻤﻜﺮوھﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪﻣﮭﺎ "دوﻟﺔ /ﺗﻨﻈﯿﻢ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ
" ﻟﻠﺪﯾﻦ اﻹﺳﻼﻣﻲ اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻜﻔﯿـﺮ واﻟﻘﺘﻞ واﻟﺴﺒﻲ
واﻹﻛﺮاه .
واﻟﺤﻘـﯿﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺤـﺘﺎج إﻟﻰ إﺛﺒﺎت ،أن اﻟﺤﺮاك
اﻟﺜﻮري ﻓﻲ ﺳﻮرﯾﺎ اﻟﺬي اﻧﻄﻠﻖ ﻣﻨﺘﺼﻒ ﻣﺎرس 2011
ﻻ ﯾﻤﺖ ﺑﺼﻠﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ آل إﻟﯿﮫ اﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﺒﻠﺪ ،وﻻ
ﯾﻤﺖ ﺑﺼﻠﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ أﻋﻠﻨﺖ ﻋﻨﮫ واﺳﺘﮭﺪﻓﺘﮫ " دوﻟﺔ /
ﺗﻨﻈﯿﻢ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ " ،وأن ھﺬا اﻟﺤﺮاك اﻟﺜﻮري ﻗﺪ
ﺳﺮق وأﺧﺬ إﻟﻰ ﻏﯿﺮ أرﺿﮫ ،وﻣﺒﺘﻐﺎه .
اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ :ﺧﻼﻓﺔ ﻋﻠﻰ ﻏﯿﺮ ﺣﻘﯿﻘﺘﮭﺎ :
ﻻﺷﻚ أن " دوﻟﺔ /ﺗﻨﻈﯿﻢ اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﻤﻌﻠﻨﺔ " ﺗﺨﺘﺰن ﻓﻲ
داﺧﻠﮭﺎ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ اﻟﻘﻮة ،ﻟﻜﻦ ﺻﻠﺘﮭﺎ ﺑﻤﻔﮭﻮم
اﻟﺨﻼﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﺎرﯾﺦ اﻹﺳﻼﻣﻲ واھﯿﺔ ،وھﻲ وإن ﻛﺎﻧﺖ
ﺗﺘﻐﺬى ﻣﻦ رؤى ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ ﻟﮭﺬا اﻟﻤﻔﮭﻮم ،ﻓﺈﻧﮭﺎ ﺗﺘﻐﺬى
أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أﺟﻮاء اﻟﻈﻠﻢ واﻟﻘﺘﻞ واﻟﻄﺎﺋﻔﯿﺔ اﻟﺘﻲ أﺛﺎرھﺎ
اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﻮري ،وﻣﻦ اﻟﻌﺪواﻧﯿﺔ اﻟﻔﺎﺣﺸﺔ وﻏﯿﺮ
اﻟﻤﺴﺒﻮﻗﺔ اﻟﺘﻲ أﻇﮭﺮھﺎ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﺗﺠﺎه دول
إﺳﻼﻣﯿﺔ ﻓﻲ ﻣﻘﺪﻣﺘﮭﺎ اﻟﻌﺮاق وأﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎن وﻓﻠﺴﻄﯿﻦ
اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ ،ﻛﻤﺎ ﺗﺘﻐﺬى ﻣﻦ اﻟﻀﻌﻒ واﻟﺘﺒﻌﯿﺔ واﻟﺨﺬﻻن
اﻟﺘﻲ ﺑﺎت ﻋﻠﯿﮭﺎ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ ﺑﺄﺷﻜﺎﻟﮫ
اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ،واﻟﺬي ﺣﺎول أن ﯾﻐﻄﻲ ﻋﻮرة ھﺬا ﺑﺎﻹﺳﻼم
ﺗﺎرة وﺑﻔﻠﺴﻄﯿﻦ ﺗﺎرة أﺧﺮى ،ﻓﻜﺎن ﻓﻲ اﻷﻣﺮﯾﻦ ﻣﺴﺘﮭﺘﺮا
وﻣﺴﺘﻐﻼ ﺑﺄﺑﺸﻊ ﺻﻮرة ﻟﻘﻀﺎﯾﺎ ﻟﮭﺎ ﻗﺪﺳﯿﺘﮭﺎ وﻣﻜﺎﻧﺘﮭﺎ ﻓﻲ
اﻟﻀﻤﯿﺮ اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻹﺳﻼﻣﻲ.
إن ﻣﻔﮭﻮم " دوﻟﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔ " اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ وﺟﻮد ﺣﺎﻛﻢ ﻓﺮد
ﯾﺠﻤﻊ ﺑﯿﻦ ﯾﺪه ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﺴﻠﻄﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺤﻜﻢ ﺣﺮﻛﺔ
اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﺗﻔﺎﻋﻼﺗﮫ ،ﻛﻤﺜﻞ ﻣﺎ ﻛﺎن اﻷﻣﺮ ﻓﻲ أﻧﻈﻤﺔ
اﻟﺨﻼﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﺮت ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻷﻣﺔ ،ﻟﯿﺲ ﺷﺮﻋﺎ ،وﻟﯿﺲ
ﺷﯿﺌﺎ ﻣﻦ دﯾﻦ اﷲ ،وﻻ ﻣﻦ ﻋﻘﯿﺪﺗﮫ ،وإﻧﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺰءا
ﻣﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ اﻟﺤﯿﺎة اﻟﺴﯿﺎﺳﺔ اﻟﻤﺤﻠﯿﺔ واﻟﺪوﻟﯿﺔ ،وﺗﺠﺴﯿﺪا
ﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﻔﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﺑﻌﺪ أن أﺣﯿﻂ ذﻟﻚ
ﻛﻠﮫ ﺑﺒﻌﺾ ﻗﯿﻢ اﻹﺳﻼم ،زادت وﻧﻘﺼﺖ وﻓﻖ ﻛﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ،
ووﻓﻖ ﻃﺒﯿﻌﺔ اﻟﻘﻮى اﻟﻤﺴﯿﻄﺮة .
ﻛﺬﻟﻚ ﻓﺈن ﻣﻔﮭﻮم " دوﻟﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔ " اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ وﺟﻮد
دوﻟﺔ واﺣﺪة ﻟﻠﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﺟﻤﯿﻌﺎ ﻟﯿﺴﺖ أﻣﺮا ﻋﻘﺪﯾﺎ ،وﻻ
ﻓﺮﺿﺎ ﺷﺮﻋﯿﺎ ،وإﻧﻤﺎ ھﻲ ﻣﻦ ﺑﺎب اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ ،أي أن
ﺗﻮﻓﺮھﺎ ،واﻟﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ إﯾﺠﺎدھﺎ ،إﻧﻤﺎ ﯾﺴﺘـﻨﺪ إﻟﻰ ﺗﺤﻘﻖ
ﻣﺼﻠﺤﺔ ﻓﻲ إﯾﺠﺎدھﺎ ،وﯾﺪور وﺟﻮد وﻋﺪم وﺟﻮد وﺣﺪة
اﻟﺪوﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﺮ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻘﺪرھﺎ اﻹرادة اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ
اﻟﺤﺮة ﻟﻠﺸﻌﻮب اﻹﺳﻼﻣﯿﺔ ..
وﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻟﯿﺲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎ ﻣﻌﺰوﻻ ﻋﻦ ﺳﻨﻦ اﷲ ﻓﻲ
اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﺒﺸﺮي ،وﻻ ﯾﺴﺘﻄﯿﻊ ﺗﺠﺎوز ھﺬه اﻟﺴﻨﻦ ،وﻗﺪ
أﻇﮭﺮت ﺗﺠﺎرب ﻛﻞ اﻟﺸﻌﻮب دون اﺳﺘﺜﻨﺎء أن أﻗﻮى وأﻛﺜﺮ
أﺷﻜﺎل اﻻﺟﺘﻤﺎع ﺑﺎت ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻌﺼﺮ ﯾُﺒﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﻋﺪة
اﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﻘﻮﻣﻲ ،وھﻮ اﻻﻧﺘﻤﺎء اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﺮ
ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺘﺴﻌﺔ ﻣﻦ ﻋﻮاﻣﻞ اﻟﻮﺣﺪة ﺑﯿﻦ أﺑﻨﺎء اﻷﻣﺔ
اﻟﻮاﺣﺪة وأﻗﺎﻟﯿﻤﮭﺎ ،وﺗﻮﻓــّـﺮ ھﺬه اﻟﻌﻮاﻣﻞ ﯾﻤﻜّـﻦ اﻷﻣﺔ
ﻣﻦ ﺗﺤﻘﯿﻖ ﻣﺼﺎﻟﺤﮭﺎ ﻋﻠﻰ أوﺳﻊ ﻧﻄﺎق وﺑﺄﺳﺮع ﻣﺎ ﯾﻤﻜﻦ
،وﯾﻤﻜّـﻨﮭﺎ ﻣﻦ اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ اﻵﺧﺮﯾﻦ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﻛﻔﺎءة ﻣﺘﺎﺣﺔ
ﻓﻲ ھﺬا اﻷﺳﺎس اﻟﻘﻮﻣﻲ دون ان ﯾﻤﻨﻊ ﻣﻦ اﻟﺘﻄﻠﻊ واﻟﻌﻤﻞ
ﻷﺟﻞ وﺣﺪة أﻋﻠﻰ ﻣﻦ اﻟﻮﺣﺪة اﻟﻘﻮﻣﯿﺔ ،ﺷﺮﯾﻄﺔ أن ﯾﺄﺗﻲ
ھﺬا اﺳﺘـﻨﺎدا إﻟﻰ ﺗﻮﻓـّـﺮ ﻋﺎﻣﻞ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ،وﻗـﯿﻢ اﻻﻧﺴﺠﺎم
اﻻﺟـﺘﻤﺎﻋﻲ ،وأن ﯾﺘﺠﺴﺪ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻹرادة اﻟﺤﺮة
ﻟﮭﺬه اﻷﻣﻢ واﻟﺸﻌﻮب .وﻟﯿﺲ ﻓﻲ ھﺬا اﻷﺳﺎس اﻟﻘﻮﻣﻲ
ﻣﺎ ﯾﺪﻋﻮ أو ﯾﺴﻤﺢ ﺑﻨﻈﺮة ﻣﺨﺘـﻠﻔﺔ وﻣﺘﺨﻠﻔﺔ ﻟﻸﻗﻠﯿﺎت
اﻟﺪﯾﻨﯿﺔ واﻟﻘﻮﻣﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﺪ ﻓﻲ ھﺬا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،ﻓﮭﺬا
اﻷﺳﺎس اﻟﻘﻮﻣﻲ ﻟﯿﺲ ﺗﺤﺪﯾﺪا ﻋﻨﺼﺮﯾﺎ وإﻧﻤﺎ ﺗﺤﺪﯾﺪا
ﺛﻘﺎﻓـﯿﺎ ﻟﻺﺗﺠﺎه اﻟﻌﺎم ﻟﺤﺮﻛﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻟﮭﻮﯾﺘﮫ.
وإذا ﻛﻨﺎ ﻧﺆﻣﻦ ﺣﻘﺎ ﺑﺄن اﻹﺳﻼم دﯾﻦ اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،أي دﯾﻦ
ﯾﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻋﻤﻖ اﻟﻨﺴﯿﺞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ـ وھﻮ ﻛﺬﻟﻚ ﺣﻘﺎ ـ ﻓﺈﻧﮫ
ﺑﮭﺬه اﻟﻄﺒﯿﻌﺔ ﯾﻮﻓﺮ ﻗﯿﻢَ اﻧﺴﺠﺎم اﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺣﻘﯿﻘﯿﺔً ،ﻗﺎﺋﻤﺔ
ﻋﻠﻰ وﺣﺪة اﻟﻘﻮاﻧﯿﻦ واﻟﻘﯿﻢ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ،ووﺣﺪة اﻟﻘﯿﻢ
اﻟﺤﻀﺎرﯾﺔ ،وھﺬا ﻣﺎ ﯾﻮﻓــّـﺮه اﻟﺘﺸﺮﯾﻊ اﻹﺳﻼﻣﻲ ..ﻟﺬﻟﻚ
ﻓﺈﻧﮫ ﻓﻲ ﺣﺎل ﺗﻮﻓﺮ اﻟﻤﺼﻠﺤﺔ اﻟﻤﺎدﯾﺔ واﻷﻣﻨﯿﺔ ،ﻓﺈن اﻟﻜﺜﯿـﺮ
ﻣﻦ ھﺬه اﻟﺪول ﺗﺘﻮﻓــّـﺮ ﻋﻨﺪھﺎ إﻣﻜﺎﻧﯿﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ
اﻟﻤﻮﺣّﺪ ،ﺑﺄي ﺷﻜﻞ ﺗﺮﺿﺎه ﺷﻌﻮﺑﮭﺎ ،ﺑﺄﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﻮﻓــّـﺮ أو
ﯾﺘﻮﻓــّـﺮ ﻟﻠﺪول اﻷورﺑﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﻨـﺖ اﻻﺗﺤﺎد اﻷورﺑﻲ ،أو
ﻟﺪول أﻣﺮﯾﻜﺎ اﻟﻮﺳﻄﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺑﻨﺎء ﺷﻜﻞ ﻣﻮﺣّﺪ
ﻟﻠﻌﻤﻞ ﻓﯿﻤﺎ ﺑﯿﻨﮭﺎ ..وﻣﻨﺬ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ،ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأت اﻟﺪوﻟﺔ
اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﺔ ﺗﺼﻮغ ﻗﻮاﻋﺪ اﻟﺸﺮﯾﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ ﻧﺼﻮص
ﻗﺎﻧﻮﻧﯿﺔ ،ﺗﺠﺎوز ﻣﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ﻓﯿﮭﺎ ﻣﻔﮭﻮم اﻟﺠﺰﯾﺔ
واﻟﺬﻣﺔ ،وﺣﻮّﻟﮭﻤﺎ إﻟﻰ ﻣﻜﻮّن ﻣﻦ ﻣﻜﻮّﻧﺎت ﻣﻔﮭﻮم
اﻟﻤﻮاﻃﻨﺔ ،ﺑﺤﯿﺚ أﺻﺒﺢ ﺟﻤﯿﻊ ﻣﻦ ﯾﻨﺘﻤﻲ إﻟﻰ ھﺬا اﻟﻮﻃﻦ ،
وإﻟﻰ ھﺬه اﻷﻣﺔ ،أﯾﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن دﯾﻨﮫ ،وأﺻﻠﮫ ،ھﻮ ﺟﺰء ﻣﻦ
ﻣﻮاﻃﻨﻲ ھﺬا اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ،وأﻋـﺘــُﺒــﺮ اﺧﺘﻼف اﻟﺪﯾﻦ واﻟﻌـﺮق
ﻣﻦ ﻣﺰاﯾﺎ ﻣﺠﺘﻤﻌـﻨﺎ اﻟﺘﻲ ﺗـﺰﯾﺪه ﻏﻨﻰ وﻗﻮّة ..
إن ﻣﻔﮭﻮم " دوﻟﺔ اﻟﺨﻼﻓﺔ " اﻟﺘﻲ أﻋﻠﻨﮭﺎ اﻟﺒﻐﺪادي،
وﻣﻤﺎرﺳﺎﺗﮭﺎ ،واﻟﻘﯿﻢ اﻟﺘﻲ ﺑﺪأ ﯾﺒﺜﮭﺎ ﻣﺜﻞ اﻻﺳﺘﻌﺒﺎد
واﻹﻛﺮاه ﺑﺪﻋﻮى اﺳﺘﻌﺎدة ﻗـﯿﻢ إﺳﻼﻣﯿﺔ ﺟﺮى إھﻤﺎﻟﮭﺎ ،ﻻ
أﺳﺎس ﻟﮭﺎ ﻓﻲ أﺻﻮل اﻹﺳﻼم وﻗﻮاﻋﺪه وﻋﻘﺎﺋﺪه
وﺗﺸﺮﯾﻌﺎﺗﮫ اﻟﺨﺎﻟﺪة ،وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻣﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﮫ ھﺬه اﻟﺪوﻟﺔ
ﯾﻘﺪم ﻧﻤﻮذﺟﺎ ﺳﯿﺌﺎ وﺳﻠﺒﯿﺎ ﻟﻺﺳﻼم وﻧﻈﺎﻣﮫ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ
واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ،وﯾﻮﻗﻊ أﺑﻠﻎ اﻟﻀﺮر ﺑﺎﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ ودﻋﻮﺗﮭﻢ
ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ
اﻋﺘﺎدت ﻓﺼﺎﺋﻞ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﺘﺤﺮﯾﺮ أن ﺗﺤﺘﻔﻞ ﻓﻲ ﺑﺪاﯾﺔ ﻛﻞ
ﻋﺎم ﺑﺎﻟﺬﻛﺮى اﻟﺴﻨﻮﯾﺔ ﻻﻧﻄﻼق اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ .وأﺻﺒﺢ
ذﻟﻚ ﻋﺮﻓﺎً ﺑﯿﻦ ﻓﺼﺎﺋﻞ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ...وﺑﺎﻟﺮﺟﻮع إﻟﻰ ﺳﺒﺐ
اﺧﺘﯿﺎر ھﺬا اﻟﺘﺎرﯾﺦ ،اﻟﻜﻞ ﯾﻌﺮف أﻧﮭﺎ ﺗﻌﻮد ﻟﻺﻋﻼن ﻋﻦ
ﻗﯿﺎم ﺣﺮﻛﺔ ﻓﺘﺢ ﻓﻲ اﻷول ﻣﻦ ﯾﻨﺎﯾﺮ ﻟﻠﻌﺎم 1965ﻣﺘﺰاﻣﻨﺔ
ﻣﻊ اﻹﻋﻼن ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ اﻟﻔﺪاﺋﯿﺔ اﻟﺠﮭﺎدﯾﺔ اﻷوﻟﻰ اﻟﺘﻲ
أﻋﻠﻨﺖ ﻋﻨﮭﺎ اﻟﺤﺮﻛﺔ وھﻲ ﻋﻤﻠﯿﺔ ﻧﻔﻖ ﻋﯿﻠﺒﻮﻧﻰ ،ﺣﯿﺚ أن
ﺑﯿﺎن اﻟﻘﯿﺎدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻘﻮات اﻟﻌﺎﺻﻔﺔ ﻗﺪ ﺻﺪر ﻓﻲ ھﺬا
اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻣﻌﻠﻨﺎ ﺑﺄن " ﻗﻮات ﻓﺘﺢ اﻟﻀﺎرﺑﺔ ﻗﺎﻣﺖ ﻓﻲ ﻟﯿﻠﺔ
اﻟﺠﻤﻌﺔ 1964/12/13ﺑﺘﻨﻔﯿﺬ اﻟﻌﻤﻠﯿﺎت اﻟﻤﻄﻠﻮﺑﺔ ﻣﻨﮭﺎ
ﻛﺎﻣﻠﺔ ﺿﻤﻦ اﻷرض اﻟﻤﺤﺘﻠﺔ ،وﻋﺎدت ﺟﻤﯿﻌﮭﺎ إﻟﻰ
ﻣﻌﺴﻜﺮاﺗﮭﺎ ﺳﺎﻟﻤﺔ " ..وﺗﻘﻮل اﻟﻤﺼﺎدر أن أﺣﺪ
اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﯿﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ اﻟﻔﺪاﺋﯿﺔ وھﻮ أﺣﻤﺪ ﻣﻮﺳﻰ ﻗﺪ
اﺳﺘﺸﮭﺪ ﻓﻲ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻌﻮدة ﺑﻌﺪ ﺗﻨﻔﯿﺬ اﻟﻌﻤﻠﯿﺔ ،ﻋﻠﻰ أﯾﺪي
دورﯾﺔ أردﻧﯿﺔ ...وﺗﺘﺎﺑﻌﺖ ﻋﻤﻠﯿﺎت ﺣﺮﻛﺔ ﻓﺘﺢ اﻟﻔﺪاﺋﯿﺔ ،
ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ،ﻣﺆﻛﺪة ﺗﻮاﺻﻞ ﻧﮭﺞ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ ﻋﻠﻰ
ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻜﻔﺎح اﻟﻤﺴﻠﺢ اﻟﺬي اﻋﺘﺒﺮ ﺧﯿﺎرا اﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺎ
وﻃﺮﯾﻘﺎ وﺣﯿﺪا ﻟﺘﺤﺮﯾﺮ اﻷرض ﻛﺎﻣﻠﺔ دون ﺗﻔﺮﯾﻂ ﻓﻲ أي
ﺷﺒﺮ ..وﻣﻤﺎ ﯾﺬﻛﺮ ﻓﻲ ذﻟﻚ اﻟﻮﻗﺖ أن اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ ﻛﺎﻧﺖ
ﺗﺴﺘﮭﺪف ﺗﺤﺮﯾﺮ أراﺿﻲ اﻟـ 48اﻟﺘﻲ اﺣﺘﻠﮭﺎ اﻟﻌﺪو
اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﻲ وﺿﻤﮭﺎ ﺑﻤﻔﻌﻮل ﻗﺮار اﻟﺘﻘﺴﯿﻢ اﻟﺼﺎدر ﺳﻨﺔ
، 1947ﻓﻲ ﺣﯿﻦ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﺑﺎﻗﻲ اﻻﺟﺰاء ﻣﺤﺘﻠﺔ ،وھﻮ ﻣﺎ
ﯾﺠﻌﻞ اﻻﻛﺘﻔﺎء ـ اﻟﯿﻮم ـ ﺑﺘﺤﺮﯾﺮ ﺑﻌﺾ اﻷرض ﻣﺜﻞ ﻏﺰة
واﻟﻀﻔﺔ ،واﻟﺠﺮي وراء اﻟﺘﻔﺎوض ﻣﻦ أﺟﻠﮭﺎ ﻣﻘﺎﺑﻞ
اﻟﺘﺴﻠﯿﻢ ﻟﻠﻌﺪو ﺑﻤﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﻣﻦ أﺟﻠﮫ ﺣﺮﻛﺔ ﻓﺘﺢ ﻣﻦ أﺳﺎﺳﮭﺎ
ﻓﻲ ، 1965 / 1 / 1ﺗﻨﺎزﻻ ﻋﻦ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﺘﺎرﯾﺨﯿﺔ ،
وﺧﯿﺎﻧﺔ ﻟﻠﻘﺼﯿﺔ ﺑﺮﻣﺘﮭﺎ ..وﻗﺪ ﻛﺎن اﻧﻄﻼق اﻟﻜﻔﺎح اﻟﻤﺴﻠﺢ
ﺑﻌﺪ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ اﻻﻋﺪاد ،وﺗﮭﯿﺌﺔ اﻟﻈﺮوف ،واﻟﺘﺨﻄﯿﻂ ،
ﻋﻤﻼ ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﺻﻠﺔ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ وﺗﻄﻮﯾﺮھﺎ اﻟﺘﻲ ﺑﻘﯿﺖ ﻋﻠﻰ
ﻣﺪى ﻋﻘﻮد ﺗﻘﺎرع اﻻﺣﺘﻼل اﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﻲ واﻻﺣﺘﻼل
اﻟﺼﮭﯿﻮﻧﻲ اﻻﺳﻄﯿﺎﻧﻲ ﻓﻲ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ،ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ اﻧﻄـﻼﻗﺔ
ﻓـﺘﺢ ﺳﻨﻮات ﺑﻌﺪ ﻗـﯿﺎم دوﻟﺔ " اﺳﺮاﺋﯿﻞ " ﺧﻄﻮة ھﺎﻣﺔ
واﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﻜﻔﺎح اﻟﻤﺴﻠﺢ ﻛﻨﮭﺞ وﺣﯿﺪ
ﻟﻠﻤﻘﺎوﻣﺔ واﻟﺘﺤﺮﯾﺮ ..واﻟﻮاﻗﻊ ﻓﺎن ﻟﻠﻜﻔﺎح اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ
اﻟﻤﻘﺎوم ﻣﺤﻄﺎت ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺗﺠﺴﺪ ﻛﻠﮭﺎ ﻣﺴﯿﺮة اﻟﺜﻮرة
اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ اﻟﺘﻲ اﻧﻄﻠﻘﺖ ﻓﻲ اﻟﻮاﻗﻊ ﻣﻨﺬ دﺧﻮل اﻻﺣﺘﻼل
اﻟﺒﺮﯾﻄﺎﻧﻲ اﻟﻰ ﻓﻠﺴﻄـﯿﻦ ..ﻓﻤﺎذا ﻋﻦ اﻟﻌـﻤﻞ اﻟﻔﻠﺴﻄـﯿﻨﻲ...
اﻟﻤﺴﻠﺢ ،وﻋﻦ اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﺔ ﻗﺒﻞ ھﺬا اﻟﺘﺎرﯾﺦ ..؟
ﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ﺑﻤﻔﮭﻮﻣﮭﺎ اﻟﻮاﺳﻊ وﻟﯿﺪة اﻷول
ﻣﻦ ﯾﻨﺎﯾﺮ ،1965ﺑﻞ إن ذﻛﺮى اﻧﻄﻼﻗﺔ اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ
ﻛﺎن ﻗﺒﻞ اﺣﺘﻼل اﻹﻧﺠﻠﯿﺰ ﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻦ ﻋﺎم . 1918ﻓﺎﻟﺸﻌﺐ
اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ ھﺐ ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ اﻟﺘﺎرﯾﺦ ﻣﻨﺪّداً ﺑﺎﻟﻌﺪﯾﺪ ﻣﻦ اﻟﺴﯿﺎﺳﺎت
اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻘﺺ اﻟﺤﻘﻮق اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ وﺗﮭﺪد ﻣﺼﯿﺮه ،
وﻟﻘﺪ ﺧﺮج اﻟﺸﻌﺐ ﻣﻨﺪداً ﺑﻮﻋﺪ ﺑﻠﻔﻮر اﻟﻤﺸﺌﻮم ،ﺛﻢ ﻛﺎﻧﺖ
اﻟﺜﻮرات اﻟﻌﺪﯾﺪة ﻓﻲ ﻋﮭﺪ اﻹﻧﺘﺪاب اﻹﻧﺠﻠﯿﺰي ،ﻓﻜﺎﻧﺖ ھﺒﺔ
ﺳﻨﺔ 1919ﺛﻢ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺜﻮرة اﻟﻌﺎرﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺪس ﻋﺎم
1920م ،ﺛﻢ ﺛﻮرة ﯾﺎﻓﺎ ﻋﺎم 1920واﻟﺘﻲ اﺳﺘﺸﮭﺪ ﻓﯿﮭﺎ
أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻌﯿﻦ ﻓﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺎً وﻗﺘﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ أرﺑﻌﯿﻦ ﯾﮭﻮدﯾﺎً
اﯾﻀﺎً واﺳﺘﻤﺮت أﺳﺒﻮﻋﯿﻦ ،ﺛﻢ ﺛﻮرة اﻟﺒﺮاق اﻟﺘﻲ وﻗﻌﺖ ﺑﯿﻦ
اﻟﻌﺮب اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﯿﻦ أﺻﺤﺎب اﻷرض ،وﺑﯿﻦ اﻟﻤﺴﺘﻮﻃﻨﯿﻦ
واﻟﺘﻲ ﻧﺘﺞ ﻋﻨﮭﺎ ﻗﺘﻞ ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻦ اﻟﯿﮭﻮد وﺟﺮح أﻛﺜﺮ ﻣﻦ
200آﺧﺮﯾﻦ ..وﻛﺎن ذﻟﻚ ﻓﻲ ﺷﮭﺮ آذار ﻋﺎم 1929م واﻟﺘﻲ
ﻗﺎﻣﺖ ﻋﻠﻰ اﺛﺮھﺎ ﻗﻮات اﻻﺣﺘﻼل اﻹﻧﺠﻠﯿﺰي ﺑﺎﻋﺪام اﻟﺸﮭﺪاء
ﻋﻄﺎ اﻟﺰﯾﺮ ،وﻣﺤﻤﺪ ﺟﻤﺠﻮم ،وﻓﺆاد ﺣﺠﺎزي ..ﺛﻢ ﺛﻮرة
اﻟﻘﺴﺎم ﻋﺎم 1935م ،ﺛﻢ اﻹﺿﺮاب اﻟﻌﺎم اﻟﺸﮭﯿﺮ اﻟﺬي اﻣﺘﺪ
إﻟﻰ 183ﯾﻮﻣﺎ ،و ﺗﻼ ذﻟﻚ ھﺒّﺎت وﺛﻮرات ﻋﺪﯾﺪة ﻗﺎم ﺑﮭﺎ
اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻲ ﺿﺪ أﻋﺪاﺋﮫ ﺧﻼل ﺣﺮب اﻟـ 48وﺑﻌﺪھﺎ
ﻣﻘﺪﻣﺎ أروع اﻟﺒﻄﻮﻻت ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ أرﺿﮫ وﻣﻘﺪﺳﺎﺗﮫ ..
وﻟﻌﻞ ﺑﻌﺪ ھﺬه اﻟﻤﺴﯿﺮة اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ ﻣﻦ اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ،
وﻣﻦ ﺗﺎرﯾﺦ اﻧﻄﻼق اﻟﻜﻔﺎح اﻟﻤﺴﻠﺢ اﻟﺬي أﻋﻠﻨﺘﮫ ﻓﺘﺢ ﻗﺒﻞ
ﻧﺼﻒ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻵن ،ﯾﺤﻖ ﻟﻨﺎ أن ﻧﺘﺴﺎءل ﻋﻦ ﻣﺴﯿﺮة
اﻟﺜﻮرة اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﺔ ،وﻋﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﻓﺘﺢ ﻓﻲ ھﺬه اﻟﻤﺴﯿﺮة
اﻟﻄﻮﯾﻠﺔ اﻟﻤﻠﯿﺌﺔ ﺑﺎﻟﺒﻄﻮﻻت واﻻﻧﺘﺼﺎرات واﻻﻧﻜﺴﺎرات ..
ﻓﺄﯾﻦ ھﻮ ﺑﺮﻧﺎﻣﺞ ﻓﺘﺢ وﺧﯿﺎراﺗﮭﺎ اﻟﺘﻲ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺗﻤﺴﻜﺖ ﻓﯿﮭﺎ
ﺑﮭﺪﻓﮭﺎ واﺳﺘﺮاﺗﯿﺠﯿﺘﮭﺎ اﻟﺘﻲ ھﻲ ﺗﺤﺮﯾﺮ ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﺒﺤﺮ
اﻟﻰ اﻟﻨﮭﺮ ..؟ وأن ﻓﻠﺴﻄﯿﻦ ﺟﺰء ﻻ ﯾﺘﺠﺰأ ﻣﻦ اﻻﻣﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ
..؟ وأن ﻃﺮﯾﻘﮭﺎ ھﻮ ﻃﺮﯾﻖ اﻟﺒﻨﺪﻗﯿﺔ ..؟ وان ﺣﺎﺿﻨﺘﮭﺎ ھﻲ
اﻟﺠﻤﺎھﯿﺮ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﯿﻂ اﻟﻰ اﻟﺨﻠﯿﺞ ..؟ وأن ﺷﻌﺎرھﺎ
ھﻮ ﻣﺎ أﺧﺬ ﺑﺎﻟﻘﻮة ﻻ ﯾﺴﺘﺮد ﺑﻐﯿﺮ اﻟﻘﻮة ..؟ وأﻧﮫ ﻻ ﺻﻠﺢ وﻻ
اﻋﺘﺮاف وﻻ ﺗﻔﺎوض ﻣﻊ اﻟﻌﺪو اﻟﻐﺎﺻﺐ ..؟
إن اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ -وھﺬا ﻣﺎ ﯾﺠﺐ أن ﯾﻌﺮﻓﮫ اﻟﻜﻞ وﯾﻠﺘﺰم ﺑﮫ إﯾﻤﺎﻧﺎً وﯾﻘﯿﻨﺎً
ﺟﺎءت ﻟﺘﺒﻘﻰ ،وﺳﻮف ﺗﺒﻘﻰ ؛ ﺣﺘﻰ ﺗﻌﯿﺪ ﺗﺄﺳﯿﺲ وﻃﻨﮭﺎ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﻰ ،وﺣﺘﻰﺗﺘﺄﻛﺪ ﻣﻤﺎرﺳﺔ ھﺬا اﻟﻮﻃﻦ ﻟﺪوره ﺿﻤﻦ اﻟﻨﻀﺎل اﻟﺸﺎﻣﻞ ﻷﻣﺘﮫ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ .وﻟﻢ ﯾﻌﺪ
ﻓﻰ ﻣﻘﺪور أﺣﺪ أن ﯾﻘﻤﻊ اﻟﻤﻘﺎوﻣﺔ اﻟﻔﻠﺴﻄﯿﻨﯿﺔ ﻓﻀﻼً ﻋﻦ أن ﯾﺤﺎول ﺗﺼﻔـﯿﺘﮭﺎ ،
وﻟﻢ ﯾﻌﺪ ﻓﻰ ﻣﻘﺪور أﺣﺪ أن ﯾﻌﯿﺪ ﻣﺸﻜﻠﺔ اﻟﻼﺟﺌﯿﻦ إﻟﻰ ﺳﯿﺮﺗﮭﺎ اﻷوﻟﻰ -اﻟﺘﻰ
ﻃﺎل اﻹدﻋﺎء ﺑﮭﺎ -ﻛﻤﺸﻜﻠﺔ ﻻﺟﺌﯿﻦ ،أو ﻛﻤﺠﺮد ﻗﻀﯿﺔ إﻧﺴﺎﻧﯿﺔ .اﻟﻘﻀﯿﺔ
ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ أﺻﺒﺤﺖ ﻗﻀﯿﺔ ﺷﻌﺐ ﻟﮫ وﻃﻦ ..
Documents récents du même auteur
خيول الظلام 21 novembre 2018
الخطاب العربي المعاصر 1er avril 2018
الفتنة ـ هشام جعيط 1er avril 2018
جمال عبد الناصر دراسة في اقواله 31 juillet 2017
الاسلام بين العروبة والقومية 31 juillet 2017
مشروع دراسة عن دولة العرب 26 juillet 2017
الاصل في حرية التعبير 9 juillet 2017
من أجل النصر .. دروس من الهزيمة 3 juin 2017
الصهيونية في العقل العربي 3 juin 2017
المحدّدات الموضوعية لدور مصر 2 juin 2017
المحددات الموضوعية لدور مصر 1er juin 2017
يتساءلون ماذا بقي من ثورة 23 يوليو 21 avril 2017
الحياد المستحيل 1er avril 2017
الحقيقة الوحيدة في حرب الخليج 31 mars 2017
اعلان الحرب العالمية الثالثة 22 mars 2017
مقياس الخطر من الوجود الاجنبي 22 mars 2017
الديمقراطية والوحدة العربية 19 mars 2017
الارادة الوطنية 12 mars 2017
الصعـــــود الــــــى القمة 12 mars 2017
أرض الوطن بين الحرب والسلام 15 février 2017